- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28455
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
المدهش القسم الثاني في ذكر المواعظ - الفصل من ( 81- 90)
السبت 15 أكتوبر 2011 - 12:53
؟الفصل الحادي والثمانون
يا من أنفاسه عليه معدودة وأبواب التقى في وجهه مسدودة، وأعماله بالرياء والنفاق مردودة، غير أن محبة التفريط معه مولودة:
حياتك أنفاس تعد فكلما ... مضى نفس منها انتقصت به جزءا
فتصبح في نقص وتمسي بمثله ... أمالك معقول تحس به رزءا
يمينك ما يحييك في كل ساعة ... ويحدوك حاد ما يريد بك الهزءا
كم أسرعت فيما يؤذي دينك ودأبت؟ كم خرقت ثوب إيمانك وما رأبت؟ كم فرقت شعب قلبك وما شعبت؟ كم فاتك من خير وما اكتأبت؟ يا كاسب الخطايا بئس ما كسبت، جمعت جملة من حسناتك ثم اغتبت، وحصن دينك ثلمت لما ثلبت، وأنت الذي بددت ما حلبت، إن لاح لك أخوك عبته وإن لاحى سببته.
يا عقرب الأذى كم لدغت؟ كم لسبت؟ تعلم أن مولاك يراك وما تأدبت؟ تؤثر ما يفنى على ما يبقى ما أصبت، تصبح تائباً فإذا أمسيت كذبت، تمشي مع اليقين فإذا قاربت انقلبت، تعمر ما لا يبقى وما يبقى خربت، تأنس بالدنيا وغرورها وقد جربت كأنك بك في القبر تبكي ما كسبت، لقد حسبت حساباً كثيراً وهذا ما حسبت.
يا وادي الشيح كيف يقال لو أعشبت؟ يا هذا أكثر الأنعام عليك، كف كف فضول الدنيا عنك إذا رأيت سربال الدنيا قد تقلص، فاعلم أنه قد لطف بك لأن المنعم لم يقلصه عليك بخلاً أن يتمزق لكن رفقاً بالماشي أن يتعثر، أحرم عن الحرام بنزع مخيط الهوى لعل جذب القدر يقارن ضعف كسبك:
إن المقادير إذا ساعدت ... ألحقت العاجز بالحازم
يا تائهاً في فلات الغفلات، اعل بأقدام الذهن نشز الفكر تلح لك البلد، تركب البحار في طلب الدنيا فإذا أمرت بخير، قلت إن وفقني، أصم الله سمع الهوى فما يسمع إلا ما يريد.
يا ملولاً كلما ... ثقف بالعذل التوى
عنتا تطلب في ... فالوذج الهوى نوى
ما أحسن قولك، وما أقبح فعلك، كم يشكو حزيران؟ نطقك من كانون عزمك، ويحك، بادر در الأرباح ما دام ينثر، فسينادي عن قليل " يا سماء أقلعي " أتحسب تحصيل المعالي سهلاً؟ نيل سهيل أسهل من أدلج في ليل الصبر فات المكاس، يا من يتعب في التعبد ولا يجد له لذة، أنت بعد في سواد البلد اخرج إلى البادية تجد نسيم نجد، الاعتبار عندنا بالأعمال القلبية، غلبت حرارات الخوف قلب داود فصار كفه كيراً " وألنَّا له الحديد " وقويت روحانية محمد فنبع الماء من بين أصابعه:
لولا مدامع عشاق ولوعتهم ... لبان في الناس عز الماء والنار
فكل نار فمن أنفاسهم قدحت ... وكل ماء فمن طرف لهم جار
أيها المصلي طهر سرك قبل الطهور، وفتش على قلبك الضائع قبل الشروع، حضور القلب أول منزل فإذا نزلته انتقلت إلى بادية العمل، فإذا انتقلت عنها أنخت بباب المناجى، وأول قرى ضيف اليقظة كشف الحجاب لعين القلب، وكيف يطمع في دخول مكة منقطع قبل الكوفة، همك في الصلاة متشبث، وقلبك بمساكنة الهوى متلوث، ومن كان متلطخاً بالأقذار لا يغلف، ادخل دار الخلوة لمن تناجي واحضر قلبك لفهم ما تتلو ففي خلوات التلاوة تزف أبكار المعاني، إذا كانت مشاهدة مخلوق يوم " اُخرُج عليهِنّ " استغرقت إحساس الناظرات " فقطَّعنَ أيديَهُنّ " فكيف بالباب علقت؟ فعقلت على الباب؟
يا من أنفاسه عليه معدودة وأبواب التقى في وجهه مسدودة، وأعماله بالرياء والنفاق مردودة، غير أن محبة التفريط معه مولودة:
حياتك أنفاس تعد فكلما ... مضى نفس منها انتقصت به جزءا
فتصبح في نقص وتمسي بمثله ... أمالك معقول تحس به رزءا
يمينك ما يحييك في كل ساعة ... ويحدوك حاد ما يريد بك الهزءا
كم أسرعت فيما يؤذي دينك ودأبت؟ كم خرقت ثوب إيمانك وما رأبت؟ كم فرقت شعب قلبك وما شعبت؟ كم فاتك من خير وما اكتأبت؟ يا كاسب الخطايا بئس ما كسبت، جمعت جملة من حسناتك ثم اغتبت، وحصن دينك ثلمت لما ثلبت، وأنت الذي بددت ما حلبت، إن لاح لك أخوك عبته وإن لاحى سببته.
يا عقرب الأذى كم لدغت؟ كم لسبت؟ تعلم أن مولاك يراك وما تأدبت؟ تؤثر ما يفنى على ما يبقى ما أصبت، تصبح تائباً فإذا أمسيت كذبت، تمشي مع اليقين فإذا قاربت انقلبت، تعمر ما لا يبقى وما يبقى خربت، تأنس بالدنيا وغرورها وقد جربت كأنك بك في القبر تبكي ما كسبت، لقد حسبت حساباً كثيراً وهذا ما حسبت.
يا وادي الشيح كيف يقال لو أعشبت؟ يا هذا أكثر الأنعام عليك، كف كف فضول الدنيا عنك إذا رأيت سربال الدنيا قد تقلص، فاعلم أنه قد لطف بك لأن المنعم لم يقلصه عليك بخلاً أن يتمزق لكن رفقاً بالماشي أن يتعثر، أحرم عن الحرام بنزع مخيط الهوى لعل جذب القدر يقارن ضعف كسبك:
إن المقادير إذا ساعدت ... ألحقت العاجز بالحازم
يا تائهاً في فلات الغفلات، اعل بأقدام الذهن نشز الفكر تلح لك البلد، تركب البحار في طلب الدنيا فإذا أمرت بخير، قلت إن وفقني، أصم الله سمع الهوى فما يسمع إلا ما يريد.
يا ملولاً كلما ... ثقف بالعذل التوى
عنتا تطلب في ... فالوذج الهوى نوى
ما أحسن قولك، وما أقبح فعلك، كم يشكو حزيران؟ نطقك من كانون عزمك، ويحك، بادر در الأرباح ما دام ينثر، فسينادي عن قليل " يا سماء أقلعي " أتحسب تحصيل المعالي سهلاً؟ نيل سهيل أسهل من أدلج في ليل الصبر فات المكاس، يا من يتعب في التعبد ولا يجد له لذة، أنت بعد في سواد البلد اخرج إلى البادية تجد نسيم نجد، الاعتبار عندنا بالأعمال القلبية، غلبت حرارات الخوف قلب داود فصار كفه كيراً " وألنَّا له الحديد " وقويت روحانية محمد فنبع الماء من بين أصابعه:
لولا مدامع عشاق ولوعتهم ... لبان في الناس عز الماء والنار
فكل نار فمن أنفاسهم قدحت ... وكل ماء فمن طرف لهم جار
أيها المصلي طهر سرك قبل الطهور، وفتش على قلبك الضائع قبل الشروع، حضور القلب أول منزل فإذا نزلته انتقلت إلى بادية العمل، فإذا انتقلت عنها أنخت بباب المناجى، وأول قرى ضيف اليقظة كشف الحجاب لعين القلب، وكيف يطمع في دخول مكة منقطع قبل الكوفة، همك في الصلاة متشبث، وقلبك بمساكنة الهوى متلوث، ومن كان متلطخاً بالأقذار لا يغلف، ادخل دار الخلوة لمن تناجي واحضر قلبك لفهم ما تتلو ففي خلوات التلاوة تزف أبكار المعاني، إذا كانت مشاهدة مخلوق يوم " اُخرُج عليهِنّ " استغرقت إحساس الناظرات " فقطَّعنَ أيديَهُنّ " فكيف بالباب علقت؟ فعقلت على الباب؟
لها بوجهك نور تستدل به ... ومن نوالك في أعقابها حاد
لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد
لو أحببت المخدوم لحضر قلبك في الخدمة، ويحك، هذا الحديد يعشق المغناطيس فكيف ما التفت التفت، إن كنت ما رأيت هذا الحجر فانظر إلى الحرابى تواجه الشمس، فكيف مالت قابلتها.
للشريف الرضي:
وإني إذا اصطكت رقاب مطيكم ... وثَوَّر حادٍ بالرفاقِ عجول
أخالف بين الراحتين على الحشى ... وأنظرُ أنّى مُلتم فأميل
قيل لعامر بن عبد قيس أما تسهو في صلاتك؟ قال: أو حديث أحب إلي من القرآن حتى أشتغل به، هيهات! مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس. كان مسلم بن يسار لا يلتفت في صلاته ولقد انهدمت ناحية من المسجد فزع لها أهل السوق فما التفت. وكان إذا دخل منزله سكت أهل بيته فإذا قام يصلي تكلموا وضحكوا علماً منهم أن قلبه مشغول، وكان يقول في مناجاته: إلهي، متى ألقاك وأنت عني راضي؟
إذا اشتغل اللاهون عنك بشغلهم ... جعلت اشتغالي فيك يا منتهى شغلي
فمن لي بأن ألقاك في ساعة الرضا ... ومن لي بان ألقاك والكل لي من لي
كان الفضيل يقول أفرح بالليل لمناجاة ربي وأكره النهار للقاء الخلق.
الموت ولا فراق من أهواه ... هذي كبدي تذوب من ذكراه
ما أشوقني له متى ألقاه ... ما مقصودي من المنى إلا هو
كان أبو يزيد يقول: وددت أن الله تعالى جعل حساب الخلق علي، قيل لماذا؟ قال: لعله يقول في خلال ذلك يا عبدي فأقول: لبيك، ثم ليصنع بي ما شاء.
هل الطرف يعطي نظرة من حبيبه ... أم القلب يلقى روحة من وجيبه
وهل لليالي عطفة بعد نفرة ... تعود فيلهى ناظر عن غروبه
أحنُّ إلى نور اللوى في بطاحه ... وأظمأ إلى ريا اللوى في هبوبه
وذاك الحمى يغدو عليلاً نسيمه ... ويمسي صحيحاً ماؤه في قليبه
هو الشوق مدلول على مقتل الفتى ... إذا لم يعد قلباً بلقيا حبيبه
يا واقفاً في صلاته بجسده والقلب غايب، ما يصلح ما بذلته من التعبد مهراً للجنة فكيف ثمناً للجنة، رأت فأرة جملاً فأعجبها فجرت خطامه فتبعها فلما وصل إلى باب بيتها وقف ونادى بلسان الحال: إما أن تتخذي داراً يليق بمحبوبك أو محبوباً يليق بدارك، خذ من هذه إشارة إما أن تصلي صلاة تليق بمعبودك أو تتخذ معبوداً يليق بصلاتك.
الفصل الثاني والثمانون
عجباً لمن رأى فعل الموت بصحبه ثم ينسى قرب نحبه، واستبداله ضيق المكان بعد رحبه من لم ينتبه بوكزه فسينتبه بسحبه:
ما لبني الدنيا غدوا ... أهل ضلال وغمه
بصيرهم من جهله ... كأنه حلف كمه
أنت مقيم سائر ... فلا تقل لم ولمه
ولا تكلم أحدا ... في غير بر كلمه
فكل معطى مهل ... أوقاته منصرمه
ولا تدوم للفتى ... شؤونه المنتظمه
يأتي على الأرض مدى ... وما عليها نسمه
ضاق رحب العمر عن ... حاجاتنا المزدحمه
أين الأقران وأين سلكوا؟ تالله لقد فنوا وهلكوا ، اجتمع الأضداد في الألحاد واشتركوا، وخانهم حبل الأمل بعدما امتسكوا، ونوقشوا على ما خلفوا وتركوا وصار غاية الأماني أن لو تركوا، تالله لقد سعد من تدبر وسلم من الأذى من تصبر، وهلك مؤثر الحرى وأدبر فكأنكم بالفراق يا ركاب المعبر، يا نائماً في لهوه وما نام الحافظ لاحظ نور الهدى فلا حظ إلا للاحظ، ولا تغتر ببرد العيش فزمان الحساب قائظ، يا مدبراً أمر دنياه ينسى أخراه فخفف النداء اللافظ، وعجائب الدهر تغني عن وعظ كل واعظ، يا من رأينا يد التفريط قد ولعت به فأتينا للومه ولعتبه أما مصير السلف نذير الخلف، أما مهد الطفل عنونا اللحد. يا من لمع له سارب الأمل فبدد ماء الاحتياط أتراك ما علمت أن الأماني قمار. مد نهر الهوى وقلبك على الشاطئ، فمر به صم مسح اليقظة فصممت على الزلل أكل الزمان " وهم بها " أما تقع في يوم " واستعصم " الورع عن الذنوب، يوجب قوة قلبية.
لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد
لو أحببت المخدوم لحضر قلبك في الخدمة، ويحك، هذا الحديد يعشق المغناطيس فكيف ما التفت التفت، إن كنت ما رأيت هذا الحجر فانظر إلى الحرابى تواجه الشمس، فكيف مالت قابلتها.
للشريف الرضي:
وإني إذا اصطكت رقاب مطيكم ... وثَوَّر حادٍ بالرفاقِ عجول
أخالف بين الراحتين على الحشى ... وأنظرُ أنّى مُلتم فأميل
قيل لعامر بن عبد قيس أما تسهو في صلاتك؟ قال: أو حديث أحب إلي من القرآن حتى أشتغل به، هيهات! مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس. كان مسلم بن يسار لا يلتفت في صلاته ولقد انهدمت ناحية من المسجد فزع لها أهل السوق فما التفت. وكان إذا دخل منزله سكت أهل بيته فإذا قام يصلي تكلموا وضحكوا علماً منهم أن قلبه مشغول، وكان يقول في مناجاته: إلهي، متى ألقاك وأنت عني راضي؟
إذا اشتغل اللاهون عنك بشغلهم ... جعلت اشتغالي فيك يا منتهى شغلي
فمن لي بأن ألقاك في ساعة الرضا ... ومن لي بان ألقاك والكل لي من لي
كان الفضيل يقول أفرح بالليل لمناجاة ربي وأكره النهار للقاء الخلق.
الموت ولا فراق من أهواه ... هذي كبدي تذوب من ذكراه
ما أشوقني له متى ألقاه ... ما مقصودي من المنى إلا هو
كان أبو يزيد يقول: وددت أن الله تعالى جعل حساب الخلق علي، قيل لماذا؟ قال: لعله يقول في خلال ذلك يا عبدي فأقول: لبيك، ثم ليصنع بي ما شاء.
هل الطرف يعطي نظرة من حبيبه ... أم القلب يلقى روحة من وجيبه
وهل لليالي عطفة بعد نفرة ... تعود فيلهى ناظر عن غروبه
أحنُّ إلى نور اللوى في بطاحه ... وأظمأ إلى ريا اللوى في هبوبه
وذاك الحمى يغدو عليلاً نسيمه ... ويمسي صحيحاً ماؤه في قليبه
هو الشوق مدلول على مقتل الفتى ... إذا لم يعد قلباً بلقيا حبيبه
يا واقفاً في صلاته بجسده والقلب غايب، ما يصلح ما بذلته من التعبد مهراً للجنة فكيف ثمناً للجنة، رأت فأرة جملاً فأعجبها فجرت خطامه فتبعها فلما وصل إلى باب بيتها وقف ونادى بلسان الحال: إما أن تتخذي داراً يليق بمحبوبك أو محبوباً يليق بدارك، خذ من هذه إشارة إما أن تصلي صلاة تليق بمعبودك أو تتخذ معبوداً يليق بصلاتك.
الفصل الثاني والثمانون
عجباً لمن رأى فعل الموت بصحبه ثم ينسى قرب نحبه، واستبداله ضيق المكان بعد رحبه من لم ينتبه بوكزه فسينتبه بسحبه:
ما لبني الدنيا غدوا ... أهل ضلال وغمه
بصيرهم من جهله ... كأنه حلف كمه
أنت مقيم سائر ... فلا تقل لم ولمه
ولا تكلم أحدا ... في غير بر كلمه
فكل معطى مهل ... أوقاته منصرمه
ولا تدوم للفتى ... شؤونه المنتظمه
يأتي على الأرض مدى ... وما عليها نسمه
ضاق رحب العمر عن ... حاجاتنا المزدحمه
أين الأقران وأين سلكوا؟ تالله لقد فنوا وهلكوا ، اجتمع الأضداد في الألحاد واشتركوا، وخانهم حبل الأمل بعدما امتسكوا، ونوقشوا على ما خلفوا وتركوا وصار غاية الأماني أن لو تركوا، تالله لقد سعد من تدبر وسلم من الأذى من تصبر، وهلك مؤثر الحرى وأدبر فكأنكم بالفراق يا ركاب المعبر، يا نائماً في لهوه وما نام الحافظ لاحظ نور الهدى فلا حظ إلا للاحظ، ولا تغتر ببرد العيش فزمان الحساب قائظ، يا مدبراً أمر دنياه ينسى أخراه فخفف النداء اللافظ، وعجائب الدهر تغني عن وعظ كل واعظ، يا من رأينا يد التفريط قد ولعت به فأتينا للومه ولعتبه أما مصير السلف نذير الخلف، أما مهد الطفل عنونا اللحد. يا من لمع له سارب الأمل فبدد ماء الاحتياط أتراك ما علمت أن الأماني قمار. مد نهر الهوى وقلبك على الشاطئ، فمر به صم مسح اليقظة فصممت على الزلل أكل الزمان " وهم بها " أما تقع في يوم " واستعصم " الورع عن الذنوب، يوجب قوة قلبية.
قال بعض السلف: ارتكبت صغيرة فغضب علي قلبي فلم يرجع إلي إلا بعد سنة، أخواني: إطلاق البصر سيف يقع في الضارب:
يا للرجال لنظرة سفكت دماً ... ولحادث لم ألفه مستسلما
وأرى السهام تؤم من يرمي بها ... فعلام سهم اللحظ يصمي من رمى
المحرمات حرم ونظر المملوك إلى حرم المالك، من أقبح الخيانة، يا بني آدم تلمحوا تأثير " وعصى " لقمة أثرت إن عثرت، فعرى المكتسي ونزل العالي وبكى الضاحك، وقام المترفه يخدم نفسه فاشتد بكاؤه فنزل جبريل يسليه فزاد برؤيته وجده. للشريف الرضي:
رأى على الغور وميضاً فاشتاق ... ما أجلب البرق لماء الآماقْ
ما للوميض والفؤاد الخفَّاقْ ... قد ذاق من بين الخليط ما ذاقْ
داء غارمٍ ما له من إفراقْ ... قد كَلَّ آسيهِ وقد ملَّ الراقْ
قلبي وطرفي من جوى وإملاق ... في غرق ما ينقضي وإحراقْ
يا ناقَ أداك المؤدي يا ناقْ ... ماذا المقام والفؤاد قد تاقْ
هل حاجة المأسور إلا الإطلاق
كان آدم كلما عاين الملائكة تصعد إلى السماء وجناحه قد قص زاد قلقه.
وأصبحت كالبازي المنتف ريشه ... يرى حسرات كلما طار طائرا
يرى خارقات الجو يخرقن في الهوى ... فيذكر ريشاً من جناحيه وافرا
وقد كان دهراً في الرياض منعماً ... على كل ما يهوى من الصيد قادرا
إلى أن أصابته من الدهر نكبة ... فأصبح مقصوص الجناحين حاسرا
أعظم البلايا تردد الركب إلى بلد الحبيب يودعون عند فراقهم الزمن:
ولم يبق عندي للهوى غير أنني ... إذا الركب مروا بي على الدار أشهق
كانت الملائكة إذا نزلت إليه، استنشق ريح الوصال من ثياب الواصلين وتعرف أخبار الديار من نسمات القاصدين:
خبراني عن العقيق خبيراً ... أنتما بالعقيق أحدث عهدا
يا ناقضي العهود دوموا على البكاء فمن أشبه أباه فما ظلم.
كانت عابدة من أحسن النساء عيناً فأخذت في البكاء فقيل لها: تذهب عيناك، فقالت: إن يكن لي عند الله خير فسيبدلني خيراً منهما وإن تكن الأخرى فوالله لا أحزن عليهما.
للمتنبي:
قد علّمَ البينُ منا البينَ أجفانا ... تدمَى وألفَ في ذا القلب أحزانا
قد أشفق من دمعي على بصري ... فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
تُهدي البوارق أخلافَ المياه لكم ... وللمحبِّ من التذكار نيرانا
من سعى إلى جناب العز بأقدام المسكنة، ووقف بباب الكرم على أخمص المسألة، ووصف ندمه على الذنب بعبارة الذل لم يعد بالخيبة.
ملكتم قلبي فما ... لي عنكم مصرف
فودكم منه مكا ... ن كبدي أو الطف
فلا برى وجدي بكم ... ولا أفاق الشغف
لست وإن اعرضتم ... أيأس من أن تعطفوا
وصبر يعقوب معي ... حتى يعود يوسف
يا معاشر المذنبين اسمعوا وصيتي، إذا قمتم من المجلس فادخلوا دار الخلوة وشاوروا نصيح الذكر وحاسبوا شريك الخيانة وتلمحوا تفريط التواني في بضاعة العمر، ويكفي ما قد مضى فليحذر العور الحجر، إذا نفى خاطر المذكر من ذل هوى، وصفى معين معنى كلامه من كدر طمع، انكشف الغشاء عن عينه فرأى بالفطنة موضع قطنة مرهم العافية فربى حشائش الحكم وركب فيها معاجين الشفاء ففتحت سدد الكسل واستفرغت أخلاط الشواغل، فأما مجتلب الدنيا بنطقه فإنه كلما حفر قليب قلبه فأمعن، لاستنباط معنى، طم الطمع إذا صدر العلم من عامل به كان كالعربية ينطق بها البدوي، وأحلى أبيات الشعر ما خرج عن أبيات الشعر جمعت بين الكتاب والسنة ففتحا لي هذه المغاني فهي تنادي السامعين: ولدت من نكاح لا من سفاح، ومن جمع بين الجهل والبدعة هذى الهذيان فكلامه في مرتبة ابن زانية، إذا فتحت الوردة عينها رأت الشوك حولها فلتصبر على مجاورته قليلاً فوحدها تجتني وتقبل، واعجباً لألفاظي وعملها بطل السحر عندها كل المذكرين رجالة وأنا فارس أخرج إلى المعاني في كمين فأصيدها لا بأحبولة إذا حضرت ملكت العيون، وإذا غبت استرهنت القلوب.
للمهيار:
يا للرجال لنظرة سفكت دماً ... ولحادث لم ألفه مستسلما
وأرى السهام تؤم من يرمي بها ... فعلام سهم اللحظ يصمي من رمى
المحرمات حرم ونظر المملوك إلى حرم المالك، من أقبح الخيانة، يا بني آدم تلمحوا تأثير " وعصى " لقمة أثرت إن عثرت، فعرى المكتسي ونزل العالي وبكى الضاحك، وقام المترفه يخدم نفسه فاشتد بكاؤه فنزل جبريل يسليه فزاد برؤيته وجده. للشريف الرضي:
رأى على الغور وميضاً فاشتاق ... ما أجلب البرق لماء الآماقْ
ما للوميض والفؤاد الخفَّاقْ ... قد ذاق من بين الخليط ما ذاقْ
داء غارمٍ ما له من إفراقْ ... قد كَلَّ آسيهِ وقد ملَّ الراقْ
قلبي وطرفي من جوى وإملاق ... في غرق ما ينقضي وإحراقْ
يا ناقَ أداك المؤدي يا ناقْ ... ماذا المقام والفؤاد قد تاقْ
هل حاجة المأسور إلا الإطلاق
كان آدم كلما عاين الملائكة تصعد إلى السماء وجناحه قد قص زاد قلقه.
وأصبحت كالبازي المنتف ريشه ... يرى حسرات كلما طار طائرا
يرى خارقات الجو يخرقن في الهوى ... فيذكر ريشاً من جناحيه وافرا
وقد كان دهراً في الرياض منعماً ... على كل ما يهوى من الصيد قادرا
إلى أن أصابته من الدهر نكبة ... فأصبح مقصوص الجناحين حاسرا
أعظم البلايا تردد الركب إلى بلد الحبيب يودعون عند فراقهم الزمن:
ولم يبق عندي للهوى غير أنني ... إذا الركب مروا بي على الدار أشهق
كانت الملائكة إذا نزلت إليه، استنشق ريح الوصال من ثياب الواصلين وتعرف أخبار الديار من نسمات القاصدين:
خبراني عن العقيق خبيراً ... أنتما بالعقيق أحدث عهدا
يا ناقضي العهود دوموا على البكاء فمن أشبه أباه فما ظلم.
كانت عابدة من أحسن النساء عيناً فأخذت في البكاء فقيل لها: تذهب عيناك، فقالت: إن يكن لي عند الله خير فسيبدلني خيراً منهما وإن تكن الأخرى فوالله لا أحزن عليهما.
للمتنبي:
قد علّمَ البينُ منا البينَ أجفانا ... تدمَى وألفَ في ذا القلب أحزانا
قد أشفق من دمعي على بصري ... فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
تُهدي البوارق أخلافَ المياه لكم ... وللمحبِّ من التذكار نيرانا
من سعى إلى جناب العز بأقدام المسكنة، ووقف بباب الكرم على أخمص المسألة، ووصف ندمه على الذنب بعبارة الذل لم يعد بالخيبة.
ملكتم قلبي فما ... لي عنكم مصرف
فودكم منه مكا ... ن كبدي أو الطف
فلا برى وجدي بكم ... ولا أفاق الشغف
لست وإن اعرضتم ... أيأس من أن تعطفوا
وصبر يعقوب معي ... حتى يعود يوسف
يا معاشر المذنبين اسمعوا وصيتي، إذا قمتم من المجلس فادخلوا دار الخلوة وشاوروا نصيح الذكر وحاسبوا شريك الخيانة وتلمحوا تفريط التواني في بضاعة العمر، ويكفي ما قد مضى فليحذر العور الحجر، إذا نفى خاطر المذكر من ذل هوى، وصفى معين معنى كلامه من كدر طمع، انكشف الغشاء عن عينه فرأى بالفطنة موضع قطنة مرهم العافية فربى حشائش الحكم وركب فيها معاجين الشفاء ففتحت سدد الكسل واستفرغت أخلاط الشواغل، فأما مجتلب الدنيا بنطقه فإنه كلما حفر قليب قلبه فأمعن، لاستنباط معنى، طم الطمع إذا صدر العلم من عامل به كان كالعربية ينطق بها البدوي، وأحلى أبيات الشعر ما خرج عن أبيات الشعر جمعت بين الكتاب والسنة ففتحا لي هذه المغاني فهي تنادي السامعين: ولدت من نكاح لا من سفاح، ومن جمع بين الجهل والبدعة هذى الهذيان فكلامه في مرتبة ابن زانية، إذا فتحت الوردة عينها رأت الشوك حولها فلتصبر على مجاورته قليلاً فوحدها تجتني وتقبل، واعجباً لألفاظي وعملها بطل السحر عندها كل المذكرين رجالة وأنا فارس أخرج إلى المعاني في كمين فأصيدها لا بأحبولة إذا حضرت ملكت العيون، وإذا غبت استرهنت القلوب.
للمهيار:
طرفُ نجدية وظرفُ عراقي ... أي كاس يديرها أيّ ساق
سنحت والقلوبْ مطلقةٌ ترعى ... وثابت وكلها في وثاق
لم تزل تخدع العيونَ إلى أن ... عَلَقَتْ دمعةً على كل مآق.
الفصل الثالث والثمانون
إخواني: أعجب العجائب أن النقاد يخافون دخول البهرج في أموالهم والمبهرج آمن، هذا الصديق يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد، وهذا عمر، يقول: يا حذيفة هل أنا منهم؟ والمخلط على بساط الأمن:
الناسكون يحاذرو ... ن وما بسيِّئةٍ ألمّوا
كانوا إذا راموا كلاماً ... مطلقاً خطموا وزموا
إن قيلت الفحشاء أو ... ظهرت عموا عنها وصموا
فمضوا وجاء معاشر ... بالمنكرات طموا وطموا
ففم لطعم فاغر ... ويدٌ على مالٍ تضمُّ
عدلوا عن الحسن الجميل ... وللخنا عمدوا وأموا
وإذا هم أعيتهم ... شنعاؤهم كذبوا وأموا
فالصدر يغلي بالهوا ... جس مثل ما يغلي المحم
لله درّ أقوام شغلهم حب مولاهم عن لذات دنياهم، اسمع حديثهم إن كنت ما تراهم، خوفهم قد أزعج وأقلق، وحذرهم قد أتلف وأحرق، وحادي جدهم مجد لا يترفق، كلما رأى طول الطريق نص وأعنق، وكيف يحسن الفتور؟ وأوقات السلامة تسرق دموعهم في أنهار الخدود تجري وتتدفق، يشتاقون إلى الحبيب إليهم أشوق، يا حسنهم في الدجى ونورهم قد أشرق، والحياء فائض والرأس قد أطرق، والأسير يتلظى ويترجى أن يعتق، إذا جاء الليل تغالب النوم والسهر، والخوف والشوق في مقدم عسكر اليقظة والكسل والتاني في كتيبة الغفلة، فإذا حمل الصبر حمل على القيام فانهزمت جنود الفتور، فما يطلع الفجر إلا وقد قسمت السهمان، سفر الليل، لا يطيقه إلا مضمر المجاعة، النحائب في الأول وحاملات الزاد في الأخير، قام المتهجدون على أقدام الجد تحت ستر الدجى يبكون على زمان ضاع في غير الوصال:
سقوا بمياه أعينهم ... هناك الضال والرندا
يا نفاس كبرق في ... أنين يشبه الرعدا
إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق، لما امتلأت أسماعهم بمعاتبة كذب من ادعى محبتي فإذا جن الليل نام عني، حلفت أجفانهم على جفاء النوم.
إن كان رضاكم في سهري ... فسلام الله على وسني
ما زالت مطايا السهر تذرع بيد الدجى، وعيون آمالها لا ترى إلا المنزل، وحادي العزم يقول في إنشاده: يا رجال الليل جدوا إلى أن نم النسيم بالفجر. فقام الصارخ ينعي الظلام فلما هم الليل بالرحيل، تشبثوا بذيل السحر.
فاستوقف العيس لي فإن علي ... خلب فؤادي تشد أرحلها
إن دثرت دارها فما دثرت ... منازل في القلوب تنزلها
قال علي بن بكار، منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر، لو قمت في السحر لرأيت طريق العباد قد غص بالزحام، لو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون:
بانوا وخلفت أبكي في ديارهم ... قل للديار سقاك الرائح الغادي
وقل لأظعانهم حييت من ظعن ... وقل لواديهم حييت من واد
يا بعيداً عنهم يا من ليس منهم أليس لك نية في لحاقهم؟ أسرج كميتك، واجرر زمامك، يقف بك على المرعى، يا من يستهول أحال القوم تنقل في المراقي تعل. قال أبو يزيد: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك.
للمتنبي:
ما زلتُ أُضحكُ إبلي كلما نظرت ... إلى من اختضبت أخفافها بدمي
من اقتضى بسوي الهندي حاجته ... أجاب كل سؤال عن هل بلم
قال أبو يزيد: كنت اثنتي عشرة سنة حداد نفسي، وخمسين سنة مرآة قلبي، ولقد أحببت الله حتى أبغضت نفسي.
للخفاجي:
ثورها ناشطة عقالها ... قد ملأت من بدنها جلالها
فلم تزل أشواقه تسوقها ... حتى رمت من الوجي رحالها
ما ذا على الناقة من غرامة ... لو أنه أنصف أو رثى لها
أراد أن تشرب ماء حاجر ... أريها تطلب أم كلالها
إن لها على القلوب ذمة ... لأنها قد عرفت بلبالها
سنحت والقلوبْ مطلقةٌ ترعى ... وثابت وكلها في وثاق
لم تزل تخدع العيونَ إلى أن ... عَلَقَتْ دمعةً على كل مآق.
الفصل الثالث والثمانون
إخواني: أعجب العجائب أن النقاد يخافون دخول البهرج في أموالهم والمبهرج آمن، هذا الصديق يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد، وهذا عمر، يقول: يا حذيفة هل أنا منهم؟ والمخلط على بساط الأمن:
الناسكون يحاذرو ... ن وما بسيِّئةٍ ألمّوا
كانوا إذا راموا كلاماً ... مطلقاً خطموا وزموا
إن قيلت الفحشاء أو ... ظهرت عموا عنها وصموا
فمضوا وجاء معاشر ... بالمنكرات طموا وطموا
ففم لطعم فاغر ... ويدٌ على مالٍ تضمُّ
عدلوا عن الحسن الجميل ... وللخنا عمدوا وأموا
وإذا هم أعيتهم ... شنعاؤهم كذبوا وأموا
فالصدر يغلي بالهوا ... جس مثل ما يغلي المحم
لله درّ أقوام شغلهم حب مولاهم عن لذات دنياهم، اسمع حديثهم إن كنت ما تراهم، خوفهم قد أزعج وأقلق، وحذرهم قد أتلف وأحرق، وحادي جدهم مجد لا يترفق، كلما رأى طول الطريق نص وأعنق، وكيف يحسن الفتور؟ وأوقات السلامة تسرق دموعهم في أنهار الخدود تجري وتتدفق، يشتاقون إلى الحبيب إليهم أشوق، يا حسنهم في الدجى ونورهم قد أشرق، والحياء فائض والرأس قد أطرق، والأسير يتلظى ويترجى أن يعتق، إذا جاء الليل تغالب النوم والسهر، والخوف والشوق في مقدم عسكر اليقظة والكسل والتاني في كتيبة الغفلة، فإذا حمل الصبر حمل على القيام فانهزمت جنود الفتور، فما يطلع الفجر إلا وقد قسمت السهمان، سفر الليل، لا يطيقه إلا مضمر المجاعة، النحائب في الأول وحاملات الزاد في الأخير، قام المتهجدون على أقدام الجد تحت ستر الدجى يبكون على زمان ضاع في غير الوصال:
سقوا بمياه أعينهم ... هناك الضال والرندا
يا نفاس كبرق في ... أنين يشبه الرعدا
إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق، لما امتلأت أسماعهم بمعاتبة كذب من ادعى محبتي فإذا جن الليل نام عني، حلفت أجفانهم على جفاء النوم.
إن كان رضاكم في سهري ... فسلام الله على وسني
ما زالت مطايا السهر تذرع بيد الدجى، وعيون آمالها لا ترى إلا المنزل، وحادي العزم يقول في إنشاده: يا رجال الليل جدوا إلى أن نم النسيم بالفجر. فقام الصارخ ينعي الظلام فلما هم الليل بالرحيل، تشبثوا بذيل السحر.
فاستوقف العيس لي فإن علي ... خلب فؤادي تشد أرحلها
إن دثرت دارها فما دثرت ... منازل في القلوب تنزلها
قال علي بن بكار، منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر، لو قمت في السحر لرأيت طريق العباد قد غص بالزحام، لو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون:
بانوا وخلفت أبكي في ديارهم ... قل للديار سقاك الرائح الغادي
وقل لأظعانهم حييت من ظعن ... وقل لواديهم حييت من واد
يا بعيداً عنهم يا من ليس منهم أليس لك نية في لحاقهم؟ أسرج كميتك، واجرر زمامك، يقف بك على المرعى، يا من يستهول أحال القوم تنقل في المراقي تعل. قال أبو يزيد: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك.
للمتنبي:
ما زلتُ أُضحكُ إبلي كلما نظرت ... إلى من اختضبت أخفافها بدمي
من اقتضى بسوي الهندي حاجته ... أجاب كل سؤال عن هل بلم
قال أبو يزيد: كنت اثنتي عشرة سنة حداد نفسي، وخمسين سنة مرآة قلبي، ولقد أحببت الله حتى أبغضت نفسي.
للخفاجي:
ثورها ناشطة عقالها ... قد ملأت من بدنها جلالها
فلم تزل أشواقه تسوقها ... حتى رمت من الوجي رحالها
ما ذا على الناقة من غرامة ... لو أنه أنصف أو رثى لها
أراد أن تشرب ماء حاجر ... أريها تطلب أم كلالها
إن لها على القلوب ذمة ... لأنها قد عرفت بلبالها
كانت لها على الصبا تحية ... أعجلها السائق أن تنالها
وامتدت الفلاة دون خطوها ... كأنها قد كرهت زوالها
فعللوها بحديث حاجر ... ولتصنع الفلاة ما بدا لها
الفصل الرابع والثمانون
إخواني: دنا رحيلكم وقد بان سبيلكم وسيهجركم خليلكم، وقد نصحكم دليلكم:
يا مقيمين ارحلوا للذهاب ... بشفير القبور حط الركاب
نعموا الأوجه الحسان ... فما صونكموها إلا لعفر التراب
والبسوا ناعم الثياب ففي ... الحفرة تعرون عن جميع الثياب
قد نعتك الأيام نعياً صحيحاً ... بفراق الإخوان والأصحاب
تذكر يا من جنى ركوب الجنازة، وتصور ما من مأوى في طول المفازة، ودع الدنيا مودعاً للحلاوة والمزازة، أرقم من قلبك ذكر الجزاء على جزازة، كم ظالم تعدى وجار فما رعى الأهل ولا الجار حل به الموت فحل الأزرار، وأدبر عن الأوامر فأحاط به الأدبار، ودار عليه بالدوائر فأخرجه من الدار، وخلا بعمله " ثاني اثنين " ولكن لا " في الغار " فانتبهوا فإنما هي جنة أو نار.
تعلقت بآمال ... طوال أي آمال
وأقبلت على الدنيا ... ملحاً أي إقبال
فيا هذا تجهر لفر ... اق الأهل والمال
فلا بد من الموت ... على حال من الحال
يا من يحدثه الأمل فيستمع ويخوفه الأجل فلا يرتدع، وصل الصالحون إلى المنى يا منقطع، وجوزوا على صبرهم أي والله لم يضع، تلمح العواقب فتلمحها للعقل وضع، كأنه ما جاع قط من شبع إذا تلاقحت غروس المجاهدة تلاحقت ثمار المدائح:
أفلح قومٌ إذا دعوا وثبوا ... لا يحسبون الأخطار إن ركبوا
سارون لا يسألون ما فعل ... الفجر ولا كيف مالت الشهب
عودهم هجرهم مطالبة ... الراحة أن يظفروا بما طلبوا
أشراف الأوصال أوصاف الأشراف، سادات العادات عادات السادات، أحرار الشيم شيم الأحرار، أقدموا على الفضائل وتأخرت وقدموا الأهم وأخرت، الشجاع يلبس القلب على الدرع، والجبان يلبس الدرع على القلب.
للمتنبي:
وتكادُ الظُّبا لما عوّدوها ... تنتضي نفسها إلى الأعناق
وإذا أشفق الفوارسُ من وقع ... القنا أشفقوا من الإشفاق
ومعالٍ لو ادّعاها سواهم ... لزمته جناية السُّرّاق
لوح للقوم فأجابوا وكرر الصياح بك وما تلتفت، إذا سمعوا موعظة غرست في قلوبهم نخيل العزائم ونبات عزمك عند الزواجر كنبات الكشوثا كم بين ثالثة الأثافي وسادسة الأصابع. بع باعاً من عيشك بفتر من حياتهم؟ لو صدق عزمك قذفتك ديار الكسل إلى بيداء الطلب، كان سلمان أعجمياً فلما سمع بنبي عربي صار بدوي القلب.
للمهيار:
ولقد أحن إلى زرود وطينتي ... من غير ما فطرت عليه زرودُ
ويشوقني عجف الحجاز وقد ضفا ... ريفُ العراق وظلُّه الممدودُ
ويَطربُ الشادي وليس يهزني ... وينال مني السائقُ الغرّيدُ
أين وصفك من هذه الأوصاف؟ أين شجرة الزيتون من شجر الصفصاف؟ صعد القوم ونزلت وجدّوا في الجد وهزلت.
شم العرانين في أنافهم أنف ... من القبيح وفي أعناقهم صيد
إن تلقهم تلق منهم في مجالسهم ... قوماً إذا سئلوا جادوا بما وجدوا
نالوا السماء وحطوا من نفوسهم ... إن الكرام إذا انحطوا فقد صعدوا
إن بينك وبين القوم كما بين اليقظة والنوم، أين مسك من حماة؟ وبخور من بخار؟ وصفوة من قذى؟
دخلوا على عابد فقالوا له: لو رفقت بنفسك فقال: من الرفق أتيت. اسمع يا كسلان كانوا في طلب العلا يجتهدون ولا يرضون بدون، على انهم يعانون فيما يعانون القوم مع الحق حاضرون، عن الخلق غائبون، فقولوا لعاذليهم لمن تعذلون.
للمهيار:
كَثرَ فيكِ اللومُ ... فأين سمعي منهمُ
قلبي واللوم عليكِ ... منجدٌ ومتهمُ
قالوا سهرتَ والعيونُ ... الساهراتُ نُوَّمُ
وليس من جسمك ... إلاّ جلدةٌ وأعظمُ
وامتدت الفلاة دون خطوها ... كأنها قد كرهت زوالها
فعللوها بحديث حاجر ... ولتصنع الفلاة ما بدا لها
الفصل الرابع والثمانون
إخواني: دنا رحيلكم وقد بان سبيلكم وسيهجركم خليلكم، وقد نصحكم دليلكم:
يا مقيمين ارحلوا للذهاب ... بشفير القبور حط الركاب
نعموا الأوجه الحسان ... فما صونكموها إلا لعفر التراب
والبسوا ناعم الثياب ففي ... الحفرة تعرون عن جميع الثياب
قد نعتك الأيام نعياً صحيحاً ... بفراق الإخوان والأصحاب
تذكر يا من جنى ركوب الجنازة، وتصور ما من مأوى في طول المفازة، ودع الدنيا مودعاً للحلاوة والمزازة، أرقم من قلبك ذكر الجزاء على جزازة، كم ظالم تعدى وجار فما رعى الأهل ولا الجار حل به الموت فحل الأزرار، وأدبر عن الأوامر فأحاط به الأدبار، ودار عليه بالدوائر فأخرجه من الدار، وخلا بعمله " ثاني اثنين " ولكن لا " في الغار " فانتبهوا فإنما هي جنة أو نار.
تعلقت بآمال ... طوال أي آمال
وأقبلت على الدنيا ... ملحاً أي إقبال
فيا هذا تجهر لفر ... اق الأهل والمال
فلا بد من الموت ... على حال من الحال
يا من يحدثه الأمل فيستمع ويخوفه الأجل فلا يرتدع، وصل الصالحون إلى المنى يا منقطع، وجوزوا على صبرهم أي والله لم يضع، تلمح العواقب فتلمحها للعقل وضع، كأنه ما جاع قط من شبع إذا تلاقحت غروس المجاهدة تلاحقت ثمار المدائح:
أفلح قومٌ إذا دعوا وثبوا ... لا يحسبون الأخطار إن ركبوا
سارون لا يسألون ما فعل ... الفجر ولا كيف مالت الشهب
عودهم هجرهم مطالبة ... الراحة أن يظفروا بما طلبوا
أشراف الأوصال أوصاف الأشراف، سادات العادات عادات السادات، أحرار الشيم شيم الأحرار، أقدموا على الفضائل وتأخرت وقدموا الأهم وأخرت، الشجاع يلبس القلب على الدرع، والجبان يلبس الدرع على القلب.
للمتنبي:
وتكادُ الظُّبا لما عوّدوها ... تنتضي نفسها إلى الأعناق
وإذا أشفق الفوارسُ من وقع ... القنا أشفقوا من الإشفاق
ومعالٍ لو ادّعاها سواهم ... لزمته جناية السُّرّاق
لوح للقوم فأجابوا وكرر الصياح بك وما تلتفت، إذا سمعوا موعظة غرست في قلوبهم نخيل العزائم ونبات عزمك عند الزواجر كنبات الكشوثا كم بين ثالثة الأثافي وسادسة الأصابع. بع باعاً من عيشك بفتر من حياتهم؟ لو صدق عزمك قذفتك ديار الكسل إلى بيداء الطلب، كان سلمان أعجمياً فلما سمع بنبي عربي صار بدوي القلب.
للمهيار:
ولقد أحن إلى زرود وطينتي ... من غير ما فطرت عليه زرودُ
ويشوقني عجف الحجاز وقد ضفا ... ريفُ العراق وظلُّه الممدودُ
ويَطربُ الشادي وليس يهزني ... وينال مني السائقُ الغرّيدُ
أين وصفك من هذه الأوصاف؟ أين شجرة الزيتون من شجر الصفصاف؟ صعد القوم ونزلت وجدّوا في الجد وهزلت.
شم العرانين في أنافهم أنف ... من القبيح وفي أعناقهم صيد
إن تلقهم تلق منهم في مجالسهم ... قوماً إذا سئلوا جادوا بما وجدوا
نالوا السماء وحطوا من نفوسهم ... إن الكرام إذا انحطوا فقد صعدوا
إن بينك وبين القوم كما بين اليقظة والنوم، أين مسك من حماة؟ وبخور من بخار؟ وصفوة من قذى؟
دخلوا على عابد فقالوا له: لو رفقت بنفسك فقال: من الرفق أتيت. اسمع يا كسلان كانوا في طلب العلا يجتهدون ولا يرضون بدون، على انهم يعانون فيما يعانون القوم مع الحق حاضرون، عن الخلق غائبون، فقولوا لعاذليهم لمن تعذلون.
للمهيار:
كَثرَ فيكِ اللومُ ... فأين سمعي منهمُ
قلبي واللوم عليكِ ... منجدٌ ومتهمُ
قالوا سهرتَ والعيونُ ... الساهراتُ نُوَّمُ
وليس من جسمك ... إلاّ جلدةٌ وأعظمُ
وما عليهم سهري ... ولا رُقادي لهمُ
وهل سماتُ الحبِّ ... إلاّ سهرٌ وسقمُ
خذ أنت في شأنكَ ... يا دمعي وخلي عنهم
كان بشر لا ينام الليل ويقول أخاف أن يأتي أمر وأنا نائم:
رقد الُّمّارُ وأرّقه ... همٌّ للبين يردده
فبكاه النجمُ ورقَّ له ... مما يرعاه ويرصده
وغداً يقضي أو بعد غدٍ ... هل من نظرٍ يتزوّده
يهوى المشتاق لقاءكم ... وصروف الدهر تقيده
بقي بشر خمسين سنة يشتهي شهوة، فما صفا له درهم، وبضائع أعماركم كلها منفقة في الشهوات من الشبهات، أبشروا بطول المرض يا مخلطين:
وا ويلاه من ضياع كل العمر ... قد مرَّ جميعه بمر الهجر
ضاعت حيلي وضلَّ عني صبري ... يا قوم عجزت من تلافي أمري
يا من فاتوه وتخلف بل ثراهم من دمع الأسف.
دع شأنَ عينيكَ يا حزين وشأنَها ... وضع اليدين على الحشا وتململ
هذا وإن فراقهم ولقل ما ... يُغني وقوفك ساعة في المنزل
جز بنادي المحبة وناد بالقوم تراهم كالفراش تحت النيران.
للشريف الرضيّ:
يا دارُ من قتلَ الهوى بعدي ... وجدوا ولا مثلَ الذي عندي
لو حرّكتْ ذاكَ الرّمادّ يدٌ ... لرأت بقايا الجمر والوَقدِ
تشتد عليهم نار الخوف فيشرفون على التلف، لولا نسيم بذكراهم يروحني، ينبسطون انبساط المحب، ثم ينقبضون انقباض الخائف، هذا اللينوفر ينشر أجنحة الطرب في الدجى، فإذا أحس بالفجر جمع نفسه واستحى من فارط فإذا طلعت الشمس نكس رأسه في الماء خجلاً من انبساطه:
أباسطه على جزع ... كشرب الطائر الفزع
رأى ماءً فأطمعه ... وخاف عواقب الطمع
فصادف فرصة فدنا ... ولم يلتذ بالجرع
كلما جاء كلامي صعد، كلما زادت الوقود فاحت ريح العود، أفيكم مستنشق؟ أو كلّكم مزكوم؟ إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن، باح مجنون عامر بهواه.
وما بحت حتى استنطق الشوق أدمعي ... وأذكرني عهد الحمى المتقادم
أتجدون يا إخواني ما أجد من ريح النسيم؟
ألا يا نسيم الريح مالك كلما ... تجاوزت ميلاً زاد نشرك طيبا
أظن سليمى خبرت بسقامنا ... فأعطتك ريّاها فجئت طبيبا
الفصل الخامس والثمانون
يا من كل يوم يقدم إلى القبر فارط، لا تغتر بالسلامة فربما قبض الباسط، انهض للنجاة بقلب حاضر وجأش رابط، قبل أن يلقيك على بساط العجز خابط، ونفس النفس تخرج من سم إبرة خائط.
قل للمؤمل إن الموت في أثرك ... وليس يخفى عليك الأمر من نظرك
فيمن مضى لك إن فكرت معتبر ... ومن يمت كل يوم فهو من نذرك
دارٌ تسافر عنها من غدٍ سفراً ... فلا تؤب إذا سافرت من سفرك
تضحي غداً سمراً للذاكرين كما ... صار الذين مضوا بالأمس من سمرك
إخل بنفسك في دار المعاتبة، واحضرها دستور المحاسبة وارفع عليها سوط المعاقبة وإن لم تفعل خسرت في العاقبة:
خلقت جسماً ثرياً ثم زرت ثرى ... فصرت خطاً وطالت مدة فمحى
قف بالمنازل من عادٍ وغيرهم ... فما ترى ثم من شخصٍ ولا شبح
كلٌّ مُجازى بما أسداهُ من حسن ... وسيء فاهجر السوء آت وانتزح
لقد وعظك أمس واليوم وأنت من سنة إلى نوم ، أين العشائر؟ أين القوم؟ اشتراهم البلى بلا سوم، لا فطر عندهم ولا صوم، بلى بلابل العتاب واللوم هذا رشاش الموج ينذر بالعوم ويخبر بالحادثات أشمامها والروم.
اغتنم صفو الليالي ... إنما العيش اختلاس
تلبس الدهر ولكن ... متعة ذاك اللباس
وهل سماتُ الحبِّ ... إلاّ سهرٌ وسقمُ
خذ أنت في شأنكَ ... يا دمعي وخلي عنهم
كان بشر لا ينام الليل ويقول أخاف أن يأتي أمر وأنا نائم:
رقد الُّمّارُ وأرّقه ... همٌّ للبين يردده
فبكاه النجمُ ورقَّ له ... مما يرعاه ويرصده
وغداً يقضي أو بعد غدٍ ... هل من نظرٍ يتزوّده
يهوى المشتاق لقاءكم ... وصروف الدهر تقيده
بقي بشر خمسين سنة يشتهي شهوة، فما صفا له درهم، وبضائع أعماركم كلها منفقة في الشهوات من الشبهات، أبشروا بطول المرض يا مخلطين:
وا ويلاه من ضياع كل العمر ... قد مرَّ جميعه بمر الهجر
ضاعت حيلي وضلَّ عني صبري ... يا قوم عجزت من تلافي أمري
يا من فاتوه وتخلف بل ثراهم من دمع الأسف.
دع شأنَ عينيكَ يا حزين وشأنَها ... وضع اليدين على الحشا وتململ
هذا وإن فراقهم ولقل ما ... يُغني وقوفك ساعة في المنزل
جز بنادي المحبة وناد بالقوم تراهم كالفراش تحت النيران.
للشريف الرضيّ:
يا دارُ من قتلَ الهوى بعدي ... وجدوا ولا مثلَ الذي عندي
لو حرّكتْ ذاكَ الرّمادّ يدٌ ... لرأت بقايا الجمر والوَقدِ
تشتد عليهم نار الخوف فيشرفون على التلف، لولا نسيم بذكراهم يروحني، ينبسطون انبساط المحب، ثم ينقبضون انقباض الخائف، هذا اللينوفر ينشر أجنحة الطرب في الدجى، فإذا أحس بالفجر جمع نفسه واستحى من فارط فإذا طلعت الشمس نكس رأسه في الماء خجلاً من انبساطه:
أباسطه على جزع ... كشرب الطائر الفزع
رأى ماءً فأطمعه ... وخاف عواقب الطمع
فصادف فرصة فدنا ... ولم يلتذ بالجرع
كلما جاء كلامي صعد، كلما زادت الوقود فاحت ريح العود، أفيكم مستنشق؟ أو كلّكم مزكوم؟ إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن، باح مجنون عامر بهواه.
وما بحت حتى استنطق الشوق أدمعي ... وأذكرني عهد الحمى المتقادم
أتجدون يا إخواني ما أجد من ريح النسيم؟
ألا يا نسيم الريح مالك كلما ... تجاوزت ميلاً زاد نشرك طيبا
أظن سليمى خبرت بسقامنا ... فأعطتك ريّاها فجئت طبيبا
الفصل الخامس والثمانون
يا من كل يوم يقدم إلى القبر فارط، لا تغتر بالسلامة فربما قبض الباسط، انهض للنجاة بقلب حاضر وجأش رابط، قبل أن يلقيك على بساط العجز خابط، ونفس النفس تخرج من سم إبرة خائط.
قل للمؤمل إن الموت في أثرك ... وليس يخفى عليك الأمر من نظرك
فيمن مضى لك إن فكرت معتبر ... ومن يمت كل يوم فهو من نذرك
دارٌ تسافر عنها من غدٍ سفراً ... فلا تؤب إذا سافرت من سفرك
تضحي غداً سمراً للذاكرين كما ... صار الذين مضوا بالأمس من سمرك
إخل بنفسك في دار المعاتبة، واحضرها دستور المحاسبة وارفع عليها سوط المعاقبة وإن لم تفعل خسرت في العاقبة:
خلقت جسماً ثرياً ثم زرت ثرى ... فصرت خطاً وطالت مدة فمحى
قف بالمنازل من عادٍ وغيرهم ... فما ترى ثم من شخصٍ ولا شبح
كلٌّ مُجازى بما أسداهُ من حسن ... وسيء فاهجر السوء آت وانتزح
لقد وعظك أمس واليوم وأنت من سنة إلى نوم ، أين العشائر؟ أين القوم؟ اشتراهم البلى بلا سوم، لا فطر عندهم ولا صوم، بلى بلابل العتاب واللوم هذا رشاش الموج ينذر بالعوم ويخبر بالحادثات أشمامها والروم.
اغتنم صفو الليالي ... إنما العيش اختلاس
تلبس الدهر ولكن ... متعة ذاك اللباس
يا جامع الحطام ولا يدري ما جنى، كلما نقض الواعظ أصلاً من حرصك بنا، بادر الفوت فإن الموت قد دنا، هذا يشير القبول: إياك عني النثار كثير فما هذا الوقوف والونى؟ أمدد يد الصدق وقد نلت المنى، هذه الخيف وهاتيك منى، أما تهزك هذه المواعظ؟ أيها المهزوز أما يوقظك الصريح؟ ولا المرموز أما كل وقت عود الهلاك؟ مغموز أما كل ساعة غصن؟ مقطوع ومحزوز، أما تراهم بين مدفوع وموكوز كل أفعالك إذا تأملت ما لا يجوز، أين أرباب القصور؟ أين أصحاب الكنوز؟ هلك القوم وضاع المكنوز وحيز في حفرة البلى من كان للمال يحوز، بينا تغرهم الإناءة وقعت النواة في الكوز أين كسرى أين قصير أين فيروز؟ عروا عن الأكفان وما كانوا يرضون الخزوز، وأبرز الموت أوجهاً عز عليها البروز، وساوى بين العرب والعجم والنبط والخوز، ونسخ بحسرات الرحيل لذات النيروز، وكشف لهم نقاب الدنيا فإذا المعشوقة عجوز، ما رضيت إلا قتلهم وكم تدللت بالنشوز، لقد أذاقتهم برد كانون الأول فأذاهم في تموز، وإنما قصدت غرورهم لتقتلهم في كالوز.
واعجباً، بحر الوجود قد جمع الفنون: العلماء جوهره، والعباد عنبره، والتجار حيتانه والأشرار تماسيحه والجهال على رأسه كالزبد، فيا من يجري به على هواه وهو عليه كالقفيا قف يا قفيا، كم تحضر مجلساً وكم تتردد؟ وكم تخوف عقبى الذنوب وكم تهدد؟ يا من لا يلين لواعظ وإن شدد، يا راحلاً عن قريب ما عليها مخلد، تلمح قبرك لا قصرك المشيد وتعلم أن المطلق إذا شاء قيد، أترى تقع في شركي؟ فإني جئت أتصيد، يا من يسأل عن مراتب الصالحين مالك ولها؟ تساوم في راحلة وما تملك ثمن نعل تجمع من جوانب الحافات خبازى وتريد أن تطعم أخضر، تطلب سهماً من الغنيمة وما رأيت الحرب بعينك.
يحاول نيل المجد والسيف مغمد ... ويأمل إدراك العلى وهو نائم
البلايا تظهر جواهر الرجال، وما أسرع ما يفتضح المدعي.
تنام عيناك وتشكو الهوى ... لو كنت صباً لم تكن نائما
رأى فقير في طريق مكة امرأة فتبعها فقالت: مالك؟ فقال: قد سلب حبك قلبي. قالت: فلو رأيت أختي؟ فالتفت فلم ير أحداً. فقالت: أيها الكاذب في دعواه، لو صدقت ما التفت:
والله لو علمت روحي بمن علقت ... قامت على رأسها فضلاً عن القدم
إذا كنت تشتغل اليوم عنا بسوداء فكيف تذكرنا إذا أعطيناك الحور؟ يا مؤثراً ما يفنى على ما يبقى هذا رأى طبعك هلا استشرت عقلك لتسمع أصح النصائح، من كان دليله البوم كان مأواه الخراب، ويحك، اعزم على مجنون هواك بعزيمة فرب شيطان هاب الذكر، تلمح غب الخطايا لعله يكف الكف، لا تحتقرن يسير الطاعات فالذود إلى الذود إبل، وربما احتبج إلى عويد منبوذ، لا تحتقرن يسير الذنب فإن العشب الضعيف يفتل منه الحبل القوي فيختنق به الجمل المغتلم أو ما نفذت في سدسبا؟ حيلة جرد من عرف شرف الحياة اغتنمها، من علم أرباح الطاعات لزمها، العمر ثوب ما كف، والأنفاس تستل الطاقات، كم قد غرقت في سيف سوف، سفينة نفس.
يا هذا، أنت أجير وعليك عمل فإذا انقضى الشغل فالبس ثياب الراحة، قال رجل لعامر بن عبد قيس: كلمني فقال: أمسك الشمس. دخلوا على الجنيد عند الموت وهو يصلي فقيل له في هذا الوقت؟ فقال الآن تطوى صحيفتي:
حثوا المطى فهذه نجد ... بلغ المدى وتجاوز الحد
يا حبذا نجد وساكنه ... لو كان ينفع حبذا نجد
يا ديار الأحباب أين السكان؟ يا منازل العارفين أين القطان؟ يا أطلال الوجد أين؟ أين البنيان؟
تعاهدتك العهاد يا طلل ... خبر عن الظاعنين ما فعلوا
فقال ألا اتبعتهم أبدا ... إن نزلوا منزلاً وإن رحلوا
تركت أيدي النوى تقودهم ... وجئتني عن حديثهم تسل
رحل القوم يا متخلف وسبقوك بالعزائم يا مسوف، فقف على الآثار وقوف متلهف، وصح بالدمع سر يا متوقف.
للشريف الرضي:
يا قلب جدد كمدا ... فموعد البين غدا
لم أر فرقاً بعدهم ... بين الفراق والردى
يا زفرةً هيجها ... حاد من الغور حدا
أرعى الحُمول ناظراً ... أو أُلزم القلبَ يدا
وأطرد الطرف على ... آثارهم ما انطردا
واعجباً، بحر الوجود قد جمع الفنون: العلماء جوهره، والعباد عنبره، والتجار حيتانه والأشرار تماسيحه والجهال على رأسه كالزبد، فيا من يجري به على هواه وهو عليه كالقفيا قف يا قفيا، كم تحضر مجلساً وكم تتردد؟ وكم تخوف عقبى الذنوب وكم تهدد؟ يا من لا يلين لواعظ وإن شدد، يا راحلاً عن قريب ما عليها مخلد، تلمح قبرك لا قصرك المشيد وتعلم أن المطلق إذا شاء قيد، أترى تقع في شركي؟ فإني جئت أتصيد، يا من يسأل عن مراتب الصالحين مالك ولها؟ تساوم في راحلة وما تملك ثمن نعل تجمع من جوانب الحافات خبازى وتريد أن تطعم أخضر، تطلب سهماً من الغنيمة وما رأيت الحرب بعينك.
يحاول نيل المجد والسيف مغمد ... ويأمل إدراك العلى وهو نائم
البلايا تظهر جواهر الرجال، وما أسرع ما يفتضح المدعي.
تنام عيناك وتشكو الهوى ... لو كنت صباً لم تكن نائما
رأى فقير في طريق مكة امرأة فتبعها فقالت: مالك؟ فقال: قد سلب حبك قلبي. قالت: فلو رأيت أختي؟ فالتفت فلم ير أحداً. فقالت: أيها الكاذب في دعواه، لو صدقت ما التفت:
والله لو علمت روحي بمن علقت ... قامت على رأسها فضلاً عن القدم
إذا كنت تشتغل اليوم عنا بسوداء فكيف تذكرنا إذا أعطيناك الحور؟ يا مؤثراً ما يفنى على ما يبقى هذا رأى طبعك هلا استشرت عقلك لتسمع أصح النصائح، من كان دليله البوم كان مأواه الخراب، ويحك، اعزم على مجنون هواك بعزيمة فرب شيطان هاب الذكر، تلمح غب الخطايا لعله يكف الكف، لا تحتقرن يسير الطاعات فالذود إلى الذود إبل، وربما احتبج إلى عويد منبوذ، لا تحتقرن يسير الذنب فإن العشب الضعيف يفتل منه الحبل القوي فيختنق به الجمل المغتلم أو ما نفذت في سدسبا؟ حيلة جرد من عرف شرف الحياة اغتنمها، من علم أرباح الطاعات لزمها، العمر ثوب ما كف، والأنفاس تستل الطاقات، كم قد غرقت في سيف سوف، سفينة نفس.
يا هذا، أنت أجير وعليك عمل فإذا انقضى الشغل فالبس ثياب الراحة، قال رجل لعامر بن عبد قيس: كلمني فقال: أمسك الشمس. دخلوا على الجنيد عند الموت وهو يصلي فقيل له في هذا الوقت؟ فقال الآن تطوى صحيفتي:
حثوا المطى فهذه نجد ... بلغ المدى وتجاوز الحد
يا حبذا نجد وساكنه ... لو كان ينفع حبذا نجد
يا ديار الأحباب أين السكان؟ يا منازل العارفين أين القطان؟ يا أطلال الوجد أين؟ أين البنيان؟
تعاهدتك العهاد يا طلل ... خبر عن الظاعنين ما فعلوا
فقال ألا اتبعتهم أبدا ... إن نزلوا منزلاً وإن رحلوا
تركت أيدي النوى تقودهم ... وجئتني عن حديثهم تسل
رحل القوم يا متخلف وسبقوك بالعزائم يا مسوف، فقف على الآثار وقوف متلهف، وصح بالدمع سر يا متوقف.
للشريف الرضي:
يا قلب جدد كمدا ... فموعد البين غدا
لم أر فرقاً بعدهم ... بين الفراق والردى
يا زفرةً هيجها ... حاد من الغور حدا
أرعى الحُمول ناظراً ... أو أُلزم القلبَ يدا
وأطرد الطرف على ... آثارهم ما انطردا
مذ أوقدوا بأضلعي ... حر الجوى ما بردا
ومذ إذا أبوا ماء عيني ... للأسى ما جمدا
كنتُ أداوي كبدي ... لو تركوا لي كبدا
الفصل السادس والثمانون
أخواني: المفروح به من الدنيا هو المحزون عليه، وبقدر الالتذاذ يكون التأسف، ومن فعل ما شاء لقي ما ساء.
مال ما كان المنى ما آلما ... صار ما أوصلته قد صارما
بينما أضحك مسروراً به ... سال ماء العين إذا ما سالما
الدنيا فلاة فلا تأمن الفلاة، بل تيقن أنها مارستان بلا، ولا تسكن إليها وإن أظهرت لك الولا، على أنها تخفض من علا، فلينظر الإنسان يمنة فهل يرى إلاّ محنة؟ ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة؟ أما الربع العامر فقد درس وأما أسد الممات ففرس وأما الراكب فكبت به الفرس وأما الفصيح فاستبدل الخرس وأما الحكيم فما نفعه إن احترس، ساروا في ظلام ظلمهم ما عندهم قبس ووقفت سفينة نجاتهم لأن البحر يبس، وانقلبت دول النفوس كلها في نفس وجاء منكر بآخر نبأ، ونكير بأول عبس أفلا يقوم لنجاته؟ من طال ما جلس.
آه، لنفس رفلت من الغفلة في أثوابها فثوى بها الأمر إلى عدم ثوابها، آه لعيون أغشاها الأمل فسرى بها إلى سرابها، آه، لقلوب قلبها الهوى عن القرآن إلى أربابها فربا بها، آه لمرضى علم الطبيب قدر ما بها، وقد رمى بها، لأبي العتاهية:
يا نفس ما هو إلا صبر أيام ... كأن مدتها أضغاث أحلامِ
يا نفس جوزي عن الدنيا مبادرة ... وخل بها فإن العيش قدامي
يا مغرورين بحبة الفخ ناسين خنق الشرك، تذكروا فوات الملتقط مع حصول الذبح " فلا تغرَّنَّكُم الحياة الدنيا " الحذر الحذر من صياد يسبق الطير إلى مهابطه بفخاخ مختلفة الحيل، قدروا أنكم لا ترون خيط فخة، أما تشاهدون ذبائحه؟ في خيط " كما أخرج أبَوَيْكُم من الجنة " .
للشريف الرضي:
يا قلب كيف علقت في أشراكهم ... ولقد عهدتك تفلت الأشراكا
لا تشكون إلى وجدا بعدها ... هذا الذي جرَّتْ عليك يداكا
ألا يصبر طائر الهوى عن حبة مجهولة العاقبة، وإنما هي ساعة ويصل إلى برج أمنه. وفيه حبات:
فإن حننت للحمى وطيبه ... فبالغضا ماء وروضات أخر
واعجباً أن يكون حامل الكتاب من الطير أقوى عزيمة منك، لعل وضعك على غير الاعتدال، الخلق يدل على الخلق، لا تكون الروح الصافية إلا في بدن معتدل ولا الهمة الوافية إلا لنفس نفيسة، لا يصلح لحمل الرسائل إلا الطير الأخضر أو الأنمر، لأنه إذا كان أبيض، كان كالغلام الصقلاني، والصقلاني فطير خام لم ينضج في محل الحمل، وإذا كان الطائر أسود دل على مجاوزة حد النضج إلى الاحتراق، فإن اعتدل اللون دل على نفاسة النفس وشرف الهمة، فحينئذٍ يعرف الطائر سر الجناح فيقول بلسان الحال: عرفوني الطريق بتدريج ثم حمّلوني ما شئتم، فإذا أدرج فعرف حمل فحمل فصابر الغربة. ولازم بطون الأودية وسار مع الفرات أو دجلة فإن خفيت الطريق تنسم الرياح وتلمح قرص الشمس وتراه مع شدة جوعه يحذر الحب الملقى خوفاً من دفينة فخ، يوجب تعرقل الجناح وتضييع المحمول فإذا بلغ الرسالة، أطلق نفسه في أغراضها داخل البرج.
فيا حاملي كتب الأمانة إلى عبادان العبد أكثركم على غير الجادة وما يستدل منكم من قد راقه حب حب فنزل ناسياً ما حمل فارتهن بفخ قد نفخ فذبح، ومنكم من بان لتعرقل جناحه، وما قصده الذابح بعد فلا الحبة حصّلت ولا الرسالة وصلت.
قطاة غرها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح
فلا في أغيل نالت ما تمنت ... ولا في الصباح كان لها براح
لو صابرتم مشقة الطريق لانتهى السفر، فتوطنتم مستريحين في جنات عدن، فيا مهملين النظر في العواقب سلفوا وقت الرخص فما يؤمن تغير السعر، سلسلوا سباع الألسن فإن انحلت افترستكم، لا ترموا بأسهم العيون ففيكم تقع، رب راعي مقلة أهملها فأغير على السرح، من رأى الحقائق رأى عين غض طرفه عن الدارين، لو حضرتم حضرة القدس لعقبتم بنشر الأنس.
اطلبوا لأنفسكم ... مثل ما وجدت أنا
قد وجدت لي سكنا ... ليس في هواه عنا
إن بعدت قربتي ... أو قربت منه دنا
ومذ إذا أبوا ماء عيني ... للأسى ما جمدا
كنتُ أداوي كبدي ... لو تركوا لي كبدا
الفصل السادس والثمانون
أخواني: المفروح به من الدنيا هو المحزون عليه، وبقدر الالتذاذ يكون التأسف، ومن فعل ما شاء لقي ما ساء.
مال ما كان المنى ما آلما ... صار ما أوصلته قد صارما
بينما أضحك مسروراً به ... سال ماء العين إذا ما سالما
الدنيا فلاة فلا تأمن الفلاة، بل تيقن أنها مارستان بلا، ولا تسكن إليها وإن أظهرت لك الولا، على أنها تخفض من علا، فلينظر الإنسان يمنة فهل يرى إلاّ محنة؟ ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة؟ أما الربع العامر فقد درس وأما أسد الممات ففرس وأما الراكب فكبت به الفرس وأما الفصيح فاستبدل الخرس وأما الحكيم فما نفعه إن احترس، ساروا في ظلام ظلمهم ما عندهم قبس ووقفت سفينة نجاتهم لأن البحر يبس، وانقلبت دول النفوس كلها في نفس وجاء منكر بآخر نبأ، ونكير بأول عبس أفلا يقوم لنجاته؟ من طال ما جلس.
آه، لنفس رفلت من الغفلة في أثوابها فثوى بها الأمر إلى عدم ثوابها، آه لعيون أغشاها الأمل فسرى بها إلى سرابها، آه، لقلوب قلبها الهوى عن القرآن إلى أربابها فربا بها، آه لمرضى علم الطبيب قدر ما بها، وقد رمى بها، لأبي العتاهية:
يا نفس ما هو إلا صبر أيام ... كأن مدتها أضغاث أحلامِ
يا نفس جوزي عن الدنيا مبادرة ... وخل بها فإن العيش قدامي
يا مغرورين بحبة الفخ ناسين خنق الشرك، تذكروا فوات الملتقط مع حصول الذبح " فلا تغرَّنَّكُم الحياة الدنيا " الحذر الحذر من صياد يسبق الطير إلى مهابطه بفخاخ مختلفة الحيل، قدروا أنكم لا ترون خيط فخة، أما تشاهدون ذبائحه؟ في خيط " كما أخرج أبَوَيْكُم من الجنة " .
للشريف الرضي:
يا قلب كيف علقت في أشراكهم ... ولقد عهدتك تفلت الأشراكا
لا تشكون إلى وجدا بعدها ... هذا الذي جرَّتْ عليك يداكا
ألا يصبر طائر الهوى عن حبة مجهولة العاقبة، وإنما هي ساعة ويصل إلى برج أمنه. وفيه حبات:
فإن حننت للحمى وطيبه ... فبالغضا ماء وروضات أخر
واعجباً أن يكون حامل الكتاب من الطير أقوى عزيمة منك، لعل وضعك على غير الاعتدال، الخلق يدل على الخلق، لا تكون الروح الصافية إلا في بدن معتدل ولا الهمة الوافية إلا لنفس نفيسة، لا يصلح لحمل الرسائل إلا الطير الأخضر أو الأنمر، لأنه إذا كان أبيض، كان كالغلام الصقلاني، والصقلاني فطير خام لم ينضج في محل الحمل، وإذا كان الطائر أسود دل على مجاوزة حد النضج إلى الاحتراق، فإن اعتدل اللون دل على نفاسة النفس وشرف الهمة، فحينئذٍ يعرف الطائر سر الجناح فيقول بلسان الحال: عرفوني الطريق بتدريج ثم حمّلوني ما شئتم، فإذا أدرج فعرف حمل فحمل فصابر الغربة. ولازم بطون الأودية وسار مع الفرات أو دجلة فإن خفيت الطريق تنسم الرياح وتلمح قرص الشمس وتراه مع شدة جوعه يحذر الحب الملقى خوفاً من دفينة فخ، يوجب تعرقل الجناح وتضييع المحمول فإذا بلغ الرسالة، أطلق نفسه في أغراضها داخل البرج.
فيا حاملي كتب الأمانة إلى عبادان العبد أكثركم على غير الجادة وما يستدل منكم من قد راقه حب حب فنزل ناسياً ما حمل فارتهن بفخ قد نفخ فذبح، ومنكم من بان لتعرقل جناحه، وما قصده الذابح بعد فلا الحبة حصّلت ولا الرسالة وصلت.
قطاة غرها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح
فلا في أغيل نالت ما تمنت ... ولا في الصباح كان لها براح
لو صابرتم مشقة الطريق لانتهى السفر، فتوطنتم مستريحين في جنات عدن، فيا مهملين النظر في العواقب سلفوا وقت الرخص فما يؤمن تغير السعر، سلسلوا سباع الألسن فإن انحلت افترستكم، لا ترموا بأسهم العيون ففيكم تقع، رب راعي مقلة أهملها فأغير على السرح، من رأى الحقائق رأى عين غض طرفه عن الدارين، لو حضرتم حضرة القدس لعقبتم بنشر الأنس.
اطلبوا لأنفسكم ... مثل ما وجدت أنا
قد وجدت لي سكنا ... ليس في هواه عنا
إن بعدت قربتي ... أو قربت منه دنا
يا هذا اعرف قدر لطفنا بك وحفظنا لك، إنما نهيناك عن المعاصي صيانة لك لا لحاجتنا إلى امتناعك، لما عرفتنا بالعقل حرمنا الخمر لأنها تستره، ومثل يوسف لا يخبأ، يا متناولاً للمسكر لا تفعل يكفيك سكر جهلك فلا تجمع بين خليطين، اجعل مراقبتك لمن لا تغيب عنه، وشكرك لمن تعنيك نعمه، وطاعتك لمن لا ترجو خيراً إلا منه، وبكائك على قدر ما فاتك منه، وارفع إليه يد الذل في طلب حوائج القلب تأتي وما تشعر.
يا هذا عندك بضائع نفيسة دموع ودماء، وأنفاس وحركات وكلمات ونظرات فلا تبذلها فيما لا قدر له، أيصلح أن تبكي لفقد ما لا يبقى؟ أو تتنفس أسفاً على ما يفنى، أو تبذل مهجة لصورة عن قليل تمحى أو تتكلم في حصول ما يشين ويتوى، واعجباً. من مجنون بلا ليلى ويحك دمعة فيك تطفي غضبنا، وقطرة من دم في الشهادة تمحو زللك، ونفس أسف ينسف ما سلف وخطوات في رضانا تغسل الخطيّات، وتسبيحة تغرس لك أشجار الخلد ونظرة بعبرة تثمر الزهد في الفاني ولكن تصحيح النقد شرط في العقد سلع " وإني لغفار " لا تباع إلا بدينار " لمن تاب " إذا كان خارجاً من سبيكة " وآمن " عن سكة " وعمل صالحاً " من دار ضرب " ثم اهتدى " .
يا هذا: لو استشعرت زرمانقة الزهد تحت مطرف " رب أشعث أغبر " وسحت في بادية " يدفعون " لأفضنا عليك خلع " إذا رأوا ذكر الله " يا هذا إن لم تقدر على كثرة العمل فقف على باب الطلب تعرض بجذبة من جذبات الحق ففي لحظة أفلح السحرة.
لا تجزعن من كل خطب عرا ... ولا ترى الأعداء ما تشمت
يا قوم بالصبر ينال المنى ... إذا لقيتم فئة فاثبتوا
طريق الوصول صعبة وفي رجلك ضعف، ويحك دم على السلوك تصل، أول النخلة السحوق فسيلة، بداية الآدمي الشريف مضغة، ثمن المعالي جد الطلب والفتور داء مزمن، بلد الرياضة سحيق " لم تكونوا بالغيه إلا بشقِّ الأنفس " سحابة الصيف أثبت من قولك والخط على الماء أبقى من عهدك.
من السلوة في عين ... يك آيات وآثار
أراها منك بالذهن ... وفي الألباب أبصار
إذا ما برد القلب ... فما تسخنه النار
يا هذا، إذا حضر قلبك فنسيم الريح يذكرك، وإن غاب فمائة ألف نبي لا يوصلون التذكرة إليك، تالله لقد ألمعنا المعنى وما ألزمنا الزمنى.
ولي بألف باب قد عرفت سبيله ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب
الفصل السابع والثمانون
يا من يرحل في كل لحظة عن الدنيا مرحلة، وكتابه قد حوى حتى قدر خردلة، كن كيف شئت؟ فبين يديك الحساب والزللة، يا عجباً من غفلة مؤمن بالجزاء والمسئلة أيقين بالنجاة؟ أم غرور وبله.
تبنى وتجمع والآثار تندرس ... وتأمل اللبث والأرواح تختلسُ
ذا اللب فكر فما في الخلد من طمع ... لا بد ما ينتهي أمر وينعكسُ
أين الملوك وأبناء الملوك ومن ... كانوا إذا الناس قاموا هيبة جلسوا
ومن سيوفهم في كل معترك ... تخشى ودونهم الحجاب والحرس
أضحوا بمهلكة في وسط معركة موتى ... وماشى الورى من فوقهم يطس
وعمهم حدث وضمهم جدث ... باتوا وهم جثث في الرمس قد حبسوا
كأنهم قط ما كانوا ولا خلقوا ... ومات ذكرهم بين الورى ونسوا
والله لو نظرت عيناك ما صنعتْ ... يد البلى بهم والدود يفترس
من أوجه ناظرات حار ناظرها ... في رونق الحسن منها كيف تنطمس
وأعظم باليات ما بها رمق ... وليس تبقى لهذا وهي تنتهس
والسن ناطقات زانها أدب ... ما شانها شانها بالآفة الخرس
ثلتهم السن للدهر فاغرة ... فاها فاها لهم إذ بالردى وكسوا
عروا عن الوشي لما ألبسوا حللاً ... من الرغام على أجسادهم وكسوا
حتام يا ذا النهي لا ترعوي سفهاً ... ودمع عينك لا يهمي وينبجس
يا هذا عندك بضائع نفيسة دموع ودماء، وأنفاس وحركات وكلمات ونظرات فلا تبذلها فيما لا قدر له، أيصلح أن تبكي لفقد ما لا يبقى؟ أو تتنفس أسفاً على ما يفنى، أو تبذل مهجة لصورة عن قليل تمحى أو تتكلم في حصول ما يشين ويتوى، واعجباً. من مجنون بلا ليلى ويحك دمعة فيك تطفي غضبنا، وقطرة من دم في الشهادة تمحو زللك، ونفس أسف ينسف ما سلف وخطوات في رضانا تغسل الخطيّات، وتسبيحة تغرس لك أشجار الخلد ونظرة بعبرة تثمر الزهد في الفاني ولكن تصحيح النقد شرط في العقد سلع " وإني لغفار " لا تباع إلا بدينار " لمن تاب " إذا كان خارجاً من سبيكة " وآمن " عن سكة " وعمل صالحاً " من دار ضرب " ثم اهتدى " .
يا هذا: لو استشعرت زرمانقة الزهد تحت مطرف " رب أشعث أغبر " وسحت في بادية " يدفعون " لأفضنا عليك خلع " إذا رأوا ذكر الله " يا هذا إن لم تقدر على كثرة العمل فقف على باب الطلب تعرض بجذبة من جذبات الحق ففي لحظة أفلح السحرة.
لا تجزعن من كل خطب عرا ... ولا ترى الأعداء ما تشمت
يا قوم بالصبر ينال المنى ... إذا لقيتم فئة فاثبتوا
طريق الوصول صعبة وفي رجلك ضعف، ويحك دم على السلوك تصل، أول النخلة السحوق فسيلة، بداية الآدمي الشريف مضغة، ثمن المعالي جد الطلب والفتور داء مزمن، بلد الرياضة سحيق " لم تكونوا بالغيه إلا بشقِّ الأنفس " سحابة الصيف أثبت من قولك والخط على الماء أبقى من عهدك.
من السلوة في عين ... يك آيات وآثار
أراها منك بالذهن ... وفي الألباب أبصار
إذا ما برد القلب ... فما تسخنه النار
يا هذا، إذا حضر قلبك فنسيم الريح يذكرك، وإن غاب فمائة ألف نبي لا يوصلون التذكرة إليك، تالله لقد ألمعنا المعنى وما ألزمنا الزمنى.
ولي بألف باب قد عرفت سبيله ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب
الفصل السابع والثمانون
يا من يرحل في كل لحظة عن الدنيا مرحلة، وكتابه قد حوى حتى قدر خردلة، كن كيف شئت؟ فبين يديك الحساب والزللة، يا عجباً من غفلة مؤمن بالجزاء والمسئلة أيقين بالنجاة؟ أم غرور وبله.
تبنى وتجمع والآثار تندرس ... وتأمل اللبث والأرواح تختلسُ
ذا اللب فكر فما في الخلد من طمع ... لا بد ما ينتهي أمر وينعكسُ
أين الملوك وأبناء الملوك ومن ... كانوا إذا الناس قاموا هيبة جلسوا
ومن سيوفهم في كل معترك ... تخشى ودونهم الحجاب والحرس
أضحوا بمهلكة في وسط معركة موتى ... وماشى الورى من فوقهم يطس
وعمهم حدث وضمهم جدث ... باتوا وهم جثث في الرمس قد حبسوا
كأنهم قط ما كانوا ولا خلقوا ... ومات ذكرهم بين الورى ونسوا
والله لو نظرت عيناك ما صنعتْ ... يد البلى بهم والدود يفترس
من أوجه ناظرات حار ناظرها ... في رونق الحسن منها كيف تنطمس
وأعظم باليات ما بها رمق ... وليس تبقى لهذا وهي تنتهس
والسن ناطقات زانها أدب ... ما شانها شانها بالآفة الخرس
ثلتهم السن للدهر فاغرة ... فاها فاها لهم إذ بالردى وكسوا
عروا عن الوشي لما ألبسوا حللاً ... من الرغام على أجسادهم وكسوا
حتام يا ذا النهي لا ترعوي سفهاً ... ودمع عينك لا يهمي وينبجس
أيها المطمئن إلى الدنيا وهي تطلبه بدخل، قد مرضت عين بصيرته فيها، فما ينفع الكحل، يتبختر في رياضها وما يصبح إلا في الوحل، انتبه للرحيل. ثم اشدد الرحل، واستبدل خصب المراب. عن قحل المحل، وتأمر على نفسك. فللنخلل فحل.
اترك الشر ولا تأمن بشر ... وتواضع إنما أنت بشر
هذه الأجسام ترب هامد ... فمن الجهل افتخار وأشر
جسد من أربع يلحظها سبعة ... من فوقها في إثني عشر
في حياة كخيال طارق ... شغل الفكر وخلاك ومر
تالله لقد كشفت الغير ما انسدل، فلم يبق مراء ولا جدل، هذا حمام الحمام قد هدل، فكم صرخ صوته وكم جدل، يا جائرين احذروا ممن إذا قضى عدل، واعلموا أن الآخرة ليس منها بدل، هذا هو الصواب، لو أن المزاج اعتدل، يا من عمره كزمان الورد، التقط واعتصر لا في زور، يا شمس العصر على القصر، قد بلغ مركبك ساحل الأجل، ووقف بعيرك. على ثنية الوداع، وقاربت شمس عمرك الطفل، وبقي من ضوء الأجل. شفق، فاستدرك باقي الشعاع. قبل غروب الشمس.
أُيُنفَق العمرُ في الدنيا مجازفةً ... والمال يُنفق فيها بالموازين
البدار البدار. قبل الفوت، الحذار الحذار. قبل الموت، ما في المقابر من دفين. إلا وهو متألم من سوف.
يا هذا متى تبت بلسانك، وما حللت عقد الإصرار من قلبك، لم تصح التوبة، كما لو سكنت الأمراض بغتة من غير استفراغ، فإن المرض على حاله.
يا هذا: إذا لم يتحقق قصدُ القلب. لم يؤثر النطق باللفظ، إن المكره على اليمين. لا تنعقد يمينه. " إنما الأعمال بالنيّات " وقلبه كله مع الهوى، " إن في البدن لمضغة. إذا صلحَتْ صلح البدن، وإذا فسدَتْ فسد البدن، ألا وهي القلب " أكثر الأمراض. أمراض الهوى، وأكثر القتلى بسيفه، أرباب الهوى، أطفال في حجور العادات وإن شابوا، انحدرت عزيمتك. في جريان نهر الهوى، فاصبر صبر مداد. لعلك تردها.
ويحك. انتبه لإصلاح عيوبك، لعل المشتري يرضى، تالله. إن المشتري ما يحب بطء زحل، اكفف ثوب الكلام بالصمت. وإلا تنسل، اطف حراق الهوى. وإلا عمل، ارفق بزجاج العمر. فما ينشعب إذ انكسر.
واعجباً، الظاهر غير طاهر، والباطن باطل، الأمل بخار فاسد، الرعونة علة صعبة، منام المنى أضغاث، رائد الآمال كذوب، مرعى المشتهي هشيم، العجز شريك الحرمان، التفريط مضارب الكسل، ديجور الجهل معتم، سؤر الهوى مغرق، روض اللهو وبى، غدير اللذات غدر.
ظللتُ أكرُّ عليه الرقى ... وتأبى عريكته أن تلينا
كم قد لمتك وما نفع، كم قد نصبت لك شركاً وما تقع، قفل قلبك رومي. ما يقع عليه فش.
يا هذا: المجاهدة حرب. لا يصلح لها إلا بطل، متى تغير من جنود عزمك على الإنابة قلب واحد، لم أمن قلب الهزيمة عليك.
وإذا كان في الأنابيب خلفٌ ... وقع الطيش في رؤس الصعاد
أيها المريد. تلطّف بنفسك في الرياضة تصل، مشي القطا بدبير، ومشي العصفور نقزان، العنكبوت الفطن ينسج في زاوية، والمغفل ينسج على وجه الأرض، كن قيماً على جوارحك، وفِّها الحظوظ، واستوف منها الحقوق، أما ترى حاضن البيض يقلبه بمنقاره، لتأخذ كل بيضة حظها من الحضن، ثم أكثر ساعات الحضن على الأنثى، لاشتغال الذكر بالكسب، فإذا صار البيض فراخاً كان أكثر الزق على الأب، " فلا يُخرجَنَّكُما من الجنة فتشقى " ما لقيت حواء عشر ما لقي آدم، لأنها وإن شاركته في العلم بفقد صورة النعيم، فهو منفرد عنها بملاحظة المعنى، بعد عز " اسجدوا لآدم " يقبض جبريل على ناصيته للإخراج، والمدنف يقول ارفق بي:
يا سابق البكرات استبق فضلتها ... على الغوير فظهر الفكر معقور
كان يتوقف في خروجه لو ترك، ويتشبث بذيل لو نفع، ولسان الأسى، يصيح بمن أسا:
تزود من الماء النقاخ فلن ترى ... بوادي الغضا ماءاً أنقاخاً ولا بردا
ونل من نسيم البان والرند نفحة ... فهيهات واد ينبت البان والرندا
وكر إلى نجد بطرفك إنه ... متى تسر لا تنظر عقيقاً ولا نجدا
ما زال مذ نزل، يرفع قصص الغصص، على أيدي أنفاس الأسف، فتصعد بها صعداء اللهف:
ألا يا نسيم الريح من أرض بابل ... تحمل إلى أهل الحجاز سلامي
اترك الشر ولا تأمن بشر ... وتواضع إنما أنت بشر
هذه الأجسام ترب هامد ... فمن الجهل افتخار وأشر
جسد من أربع يلحظها سبعة ... من فوقها في إثني عشر
في حياة كخيال طارق ... شغل الفكر وخلاك ومر
تالله لقد كشفت الغير ما انسدل، فلم يبق مراء ولا جدل، هذا حمام الحمام قد هدل، فكم صرخ صوته وكم جدل، يا جائرين احذروا ممن إذا قضى عدل، واعلموا أن الآخرة ليس منها بدل، هذا هو الصواب، لو أن المزاج اعتدل، يا من عمره كزمان الورد، التقط واعتصر لا في زور، يا شمس العصر على القصر، قد بلغ مركبك ساحل الأجل، ووقف بعيرك. على ثنية الوداع، وقاربت شمس عمرك الطفل، وبقي من ضوء الأجل. شفق، فاستدرك باقي الشعاع. قبل غروب الشمس.
أُيُنفَق العمرُ في الدنيا مجازفةً ... والمال يُنفق فيها بالموازين
البدار البدار. قبل الفوت، الحذار الحذار. قبل الموت، ما في المقابر من دفين. إلا وهو متألم من سوف.
يا هذا متى تبت بلسانك، وما حللت عقد الإصرار من قلبك، لم تصح التوبة، كما لو سكنت الأمراض بغتة من غير استفراغ، فإن المرض على حاله.
يا هذا: إذا لم يتحقق قصدُ القلب. لم يؤثر النطق باللفظ، إن المكره على اليمين. لا تنعقد يمينه. " إنما الأعمال بالنيّات " وقلبه كله مع الهوى، " إن في البدن لمضغة. إذا صلحَتْ صلح البدن، وإذا فسدَتْ فسد البدن، ألا وهي القلب " أكثر الأمراض. أمراض الهوى، وأكثر القتلى بسيفه، أرباب الهوى، أطفال في حجور العادات وإن شابوا، انحدرت عزيمتك. في جريان نهر الهوى، فاصبر صبر مداد. لعلك تردها.
ويحك. انتبه لإصلاح عيوبك، لعل المشتري يرضى، تالله. إن المشتري ما يحب بطء زحل، اكفف ثوب الكلام بالصمت. وإلا تنسل، اطف حراق الهوى. وإلا عمل، ارفق بزجاج العمر. فما ينشعب إذ انكسر.
واعجباً، الظاهر غير طاهر، والباطن باطل، الأمل بخار فاسد، الرعونة علة صعبة، منام المنى أضغاث، رائد الآمال كذوب، مرعى المشتهي هشيم، العجز شريك الحرمان، التفريط مضارب الكسل، ديجور الجهل معتم، سؤر الهوى مغرق، روض اللهو وبى، غدير اللذات غدر.
ظللتُ أكرُّ عليه الرقى ... وتأبى عريكته أن تلينا
كم قد لمتك وما نفع، كم قد نصبت لك شركاً وما تقع، قفل قلبك رومي. ما يقع عليه فش.
يا هذا: المجاهدة حرب. لا يصلح لها إلا بطل، متى تغير من جنود عزمك على الإنابة قلب واحد، لم أمن قلب الهزيمة عليك.
وإذا كان في الأنابيب خلفٌ ... وقع الطيش في رؤس الصعاد
أيها المريد. تلطّف بنفسك في الرياضة تصل، مشي القطا بدبير، ومشي العصفور نقزان، العنكبوت الفطن ينسج في زاوية، والمغفل ينسج على وجه الأرض، كن قيماً على جوارحك، وفِّها الحظوظ، واستوف منها الحقوق، أما ترى حاضن البيض يقلبه بمنقاره، لتأخذ كل بيضة حظها من الحضن، ثم أكثر ساعات الحضن على الأنثى، لاشتغال الذكر بالكسب، فإذا صار البيض فراخاً كان أكثر الزق على الأب، " فلا يُخرجَنَّكُما من الجنة فتشقى " ما لقيت حواء عشر ما لقي آدم، لأنها وإن شاركته في العلم بفقد صورة النعيم، فهو منفرد عنها بملاحظة المعنى، بعد عز " اسجدوا لآدم " يقبض جبريل على ناصيته للإخراج، والمدنف يقول ارفق بي:
يا سابق البكرات استبق فضلتها ... على الغوير فظهر الفكر معقور
كان يتوقف في خروجه لو ترك، ويتشبث بذيل لو نفع، ولسان الأسى، يصيح بمن أسا:
تزود من الماء النقاخ فلن ترى ... بوادي الغضا ماءاً أنقاخاً ولا بردا
ونل من نسيم البان والرند نفحة ... فهيهات واد ينبت البان والرندا
وكر إلى نجد بطرفك إنه ... متى تسر لا تنظر عقيقاً ولا نجدا
ما زال مذ نزل، يرفع قصص الغصص، على أيدي أنفاس الأسف، فتصعد بها صعداء اللهف:
ألا يا نسيم الريح من أرض بابل ... تحمل إلى أهل الحجاز سلامي
وإني لأهوى أن أكون بأرضهم ... على أنني منها استفدت سقامي
واعجباً من فاق آدم، بلا معين على الحزن، هوام الأرض لا تفهم ما يقول، وملائكة السماء عندها بقايا " أتجعل " فهو في كربة، وحيد بدار غربة:
ألا راحم من آل ليلى فأشتكي ... غرامي حتى يكل لسانيا
الفصل الثامن والثمانون
أخواني: أيام العافية غنيمة باردة، وأوقات السلامة لا تشبهها فائدة، فتناول ما دامت لديك المائدة، فليست الساعات الذاهبات بعائدة.
مضى أمسك الماضي شهيداً معدلا ... واتبعه يوم عليك شهيد
فإن تك بالأمس اقترفت إساءة ... فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد ... لعل غداً يأتي وأنت فقيد
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت ... حميمك فاعلم أنها ستعود
كأنكم بالقيامة قد قامت، وبالنفس الأمارة بالسوء، قد لامت، وانفتحت عيون. طال ما نامت، وتحيرت قلوب العصاة وهامت.
غداً توفى النفوس ما كسبت ... ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ... وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
شبكة الحساب ضيقة الأعين. لا يعبرها شيء، وكيل المطالبة خصم ألد، أينطق بأقل عذرك بين يدي سحبان المناقشة، كلا أيقن بالسجن، يا هذا، إنك لم تزل في حبس، فأول الحبوس صلب الأب، والثاني بطن الأم، والثالث القماط، والرابع المكتب، والخامس الكد على العيال، والسادس الموت، والسابع القبر فإن وقعت في الثامن. نسيت مرارة كل حبس.
يا هذا، ادخل حبس التقوى باختيارك أياماً. ليحصل لك الإطلاق في الأغراض على الدوام، ولا تؤثرن إطلاق نفسك فيما تحب، فإنه يؤثر حبس الأبد في النار، إلى متى تسجن عقلك في مطمورة هواك؟ أو يحبس طاوس في ناووس؟ ويحك. تفكر فيما بين يديك، وقد هان الصبر عليك، لما خفيت العواقب على المتقين، فزعوا إلى القلق، وأكثروا من البكاء، فعذلهم من يشفق عليهم، وما يدري العاذل، إن العذل على حمل الحزن علاوة.
قيل لبعض العباد: لم تبكي؟ قال: إذا لم أبك فما أصنع؟
ما كان يقرأ واش سطر كتماني ... لو أن دمعي لم ينطقْ بتبيانِ
ماء ولكنه ذوب النفوس وهلْ ... ماء تولّده من حر نيرانِ
ليت النوى إذ سقتني سُمَّ أسودها ... سدت سبيل امرئ في الحب يلحان
قد قلتُ بالجزع لما أنكر واجزعي ... ما أبعد الصبر ممن شوقه دانِ
عجنا على الربع نستسقي له مطراً ... وفاض دمعي فأرواه وأظماني
قوي حصر الخوف فاشتد كرب القوم، فكل ما هب نسيم من الرجاء ولوا وجوههم شطره:
يا طرباً لنفحةٍ نجديةٍ ... اعدل حرَّ القلب باستبرادها
وما الصبا ريحي لولا أنها ... إذا جرتْ مرَّتْ على بدلاها
عبارة النسيم لا يفهمها إلا الأحباب. وحديث البروق. لا يروق إلا للمشتاق:
ومرنح فَطَنَ النسيمُ بوجده ... غروى له خبر العذيب معرضا
العارف غائب عند ذكر الدنيا، وحاضر عند ذكر الأخرى وطائش عند ذكر الحبيب، يحضر المجلس موثقاً بقيود الهم، فإذا ذكر الحبيب قطع الوجد السلاسل، إن مداراة قيس تمكن، ولكن لا عند ذكر ليلى. للخفاجي:
رمتْ بالحمى أبصارها مطمئنةً ... فلما بدتْ نجدٌ وهبت جنوبها
بخلنا عليها بالبرى فتقطعتْ ... وقل لنجد لو تفرت قلوبها
لو برزت ليلى ليلاً، لصار الظلام عند قيس، أوضح من ضحى:
إذا ما ونت نادى بها الشوق فانبرت ... تجد ومن نادى به الشوق أسرعا
من سمع ذكر الحبيب. ولم يثر قلبه عن مستقره فهو مدع.
للمهيار:
إذا ذُكر المحبوب عند مُحبه ... ترنّح نشوانٌ وجن طروبُ
إذا قيل مي لما يسعى لذكرها ... خباء ولم يحبس بكاي رقيبُ
كلامي صحيح المزاج، خفيف الروح، أنا صايغ صانع، بابلي لفظي يبلبل، أنا ماشطة القوم، أنا لسان الوقت:
فكأنَّ قِساً في عكاظ يخطب ... وكأنَّ ليلى الأخيلية تندب
وكثير عزة يوم بين يطنب ... وابن المقفع في اليتيمة يُسهِبُ
واعجباً من فاق آدم، بلا معين على الحزن، هوام الأرض لا تفهم ما يقول، وملائكة السماء عندها بقايا " أتجعل " فهو في كربة، وحيد بدار غربة:
ألا راحم من آل ليلى فأشتكي ... غرامي حتى يكل لسانيا
الفصل الثامن والثمانون
أخواني: أيام العافية غنيمة باردة، وأوقات السلامة لا تشبهها فائدة، فتناول ما دامت لديك المائدة، فليست الساعات الذاهبات بعائدة.
مضى أمسك الماضي شهيداً معدلا ... واتبعه يوم عليك شهيد
فإن تك بالأمس اقترفت إساءة ... فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد ... لعل غداً يأتي وأنت فقيد
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت ... حميمك فاعلم أنها ستعود
كأنكم بالقيامة قد قامت، وبالنفس الأمارة بالسوء، قد لامت، وانفتحت عيون. طال ما نامت، وتحيرت قلوب العصاة وهامت.
غداً توفى النفوس ما كسبت ... ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ... وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
شبكة الحساب ضيقة الأعين. لا يعبرها شيء، وكيل المطالبة خصم ألد، أينطق بأقل عذرك بين يدي سحبان المناقشة، كلا أيقن بالسجن، يا هذا، إنك لم تزل في حبس، فأول الحبوس صلب الأب، والثاني بطن الأم، والثالث القماط، والرابع المكتب، والخامس الكد على العيال، والسادس الموت، والسابع القبر فإن وقعت في الثامن. نسيت مرارة كل حبس.
يا هذا، ادخل حبس التقوى باختيارك أياماً. ليحصل لك الإطلاق في الأغراض على الدوام، ولا تؤثرن إطلاق نفسك فيما تحب، فإنه يؤثر حبس الأبد في النار، إلى متى تسجن عقلك في مطمورة هواك؟ أو يحبس طاوس في ناووس؟ ويحك. تفكر فيما بين يديك، وقد هان الصبر عليك، لما خفيت العواقب على المتقين، فزعوا إلى القلق، وأكثروا من البكاء، فعذلهم من يشفق عليهم، وما يدري العاذل، إن العذل على حمل الحزن علاوة.
قيل لبعض العباد: لم تبكي؟ قال: إذا لم أبك فما أصنع؟
ما كان يقرأ واش سطر كتماني ... لو أن دمعي لم ينطقْ بتبيانِ
ماء ولكنه ذوب النفوس وهلْ ... ماء تولّده من حر نيرانِ
ليت النوى إذ سقتني سُمَّ أسودها ... سدت سبيل امرئ في الحب يلحان
قد قلتُ بالجزع لما أنكر واجزعي ... ما أبعد الصبر ممن شوقه دانِ
عجنا على الربع نستسقي له مطراً ... وفاض دمعي فأرواه وأظماني
قوي حصر الخوف فاشتد كرب القوم، فكل ما هب نسيم من الرجاء ولوا وجوههم شطره:
يا طرباً لنفحةٍ نجديةٍ ... اعدل حرَّ القلب باستبرادها
وما الصبا ريحي لولا أنها ... إذا جرتْ مرَّتْ على بدلاها
عبارة النسيم لا يفهمها إلا الأحباب. وحديث البروق. لا يروق إلا للمشتاق:
ومرنح فَطَنَ النسيمُ بوجده ... غروى له خبر العذيب معرضا
العارف غائب عند ذكر الدنيا، وحاضر عند ذكر الأخرى وطائش عند ذكر الحبيب، يحضر المجلس موثقاً بقيود الهم، فإذا ذكر الحبيب قطع الوجد السلاسل، إن مداراة قيس تمكن، ولكن لا عند ذكر ليلى. للخفاجي:
رمتْ بالحمى أبصارها مطمئنةً ... فلما بدتْ نجدٌ وهبت جنوبها
بخلنا عليها بالبرى فتقطعتْ ... وقل لنجد لو تفرت قلوبها
لو برزت ليلى ليلاً، لصار الظلام عند قيس، أوضح من ضحى:
إذا ما ونت نادى بها الشوق فانبرت ... تجد ومن نادى به الشوق أسرعا
من سمع ذكر الحبيب. ولم يثر قلبه عن مستقره فهو مدع.
للمهيار:
إذا ذُكر المحبوب عند مُحبه ... ترنّح نشوانٌ وجن طروبُ
إذا قيل مي لما يسعى لذكرها ... خباء ولم يحبس بكاي رقيبُ
كلامي صحيح المزاج، خفيف الروح، أنا صايغ صانع، بابلي لفظي يبلبل، أنا ماشطة القوم، أنا لسان الوقت:
فكأنَّ قِساً في عكاظ يخطب ... وكأنَّ ليلى الأخيلية تندب
وكثير عزة يوم بين يطنب ... وابن المقفع في اليتيمة يُسهِبُ
أنا طبيب لبيب. أمزج التحذير بالتشويق للعاملين، وأجعل كأس التخويف. صرفاً للغافلين، وأجتهد في التلطف. جهدي بالعارفين، الخام يعجب البدوي، وأما الحضري فدق مصر، الأدوية الحادة. تؤذي الأبدان النحيفة، الزاهد ملاح الشط، والعارف ناتاني المركب. الزاهد مقتب، والعارف في محمل، نفس الزاهد تسير به، وقلب العارف يطير به، العارف حال في الرحمة، غريب في الوطن، خلوته بمعروفه طوره، متى تقاضاه الشوق. حضر لا عن ميعاد، إذا وطى بساط الإنبساط. قال " أرني " فإذا سمع صاعقة الهيبة. قال " تبت إليك "
ويأبى الجور أن أسر الهوى ... إذا امتلأ القلب فاض اللسان
إذا رأيتم ناطقاً بالحكمة قد طرب، فاعذروه، وإنه قد صدر ولم تردوا بعد، العالم المحقق. قد اعتصر من كروم المعارف، خندر يس المعاني، فشرب منها حتى غلب، فإذا عربد بالطرب. فلم يعذره الصاحي. أمر ساقي النطق. أن يدور بكأس اللفظ. على أرباب الألباب فإذا القوم. نشاوى من الثمل، فيصبح حينئذٍ مواقف " تراود فتاها " " فذلكُنَّ الذي لُمْتُنَّني فيه " عبرناكم يا منقطعين، وعلينا أن نرد، لا بد للأمير أن يقف للساقة، عودوا إلى أوكار الكسل، فنحن على نية دخول الفلاة، اسمعوا وصايانا. يا مودعين، إذا جن الليل، فسيروا في بوادي الدجى، وأنيخوا بوادي الذل، واجلسوا في كسر الانكسار، فإذا فتح الباب للواصلين، دونكم فاهجموا هجوم الكذابين وابسطوا كف :وتصدق علينا " لعل هاتف القبول يقول " لا تثريب عليكم اليوم " .
وإذا جئتم ثنيات اللوى ... فلجوا ربع الحمى في خطري
وصفوا شوقي إلى سكانه ... واذكروا ما عندكم من خبري
واحنيني نحو أيام مضت ... بالحمى لم أقض منكم وطري
كلما اشتقت تمنيتكم ... ضاع عمري بالمنى واعمري
الفصل التاسع والثمانون
آه لنفس أقبلت على العدو وقبلت، وبادرت إلى ما يؤذيها من الخطايا وعجلت، من لها إذا سئلت عن قبيحها؟ فخجلت، وسل عليها سيف العتاب. فقتلت.
ما لنفسي عن معادي غفلت ... أتراها نسيت ما فعلتْ
أيها المغرور في لهو الهوى ... كل نفس سترى ما علمتْ
أفٍ للدنيا فكم تخدعنا ... كم عزيز في هواها خذلتْ
رُبَّ ريح لأناس عصفت ... ثم ما إن لبثت أن سكنتْ
فكذاك الدهر في تصريفه ... قدمٌ زلت وأخرى ثبتت
أين من أصبح في غفلته ... في سرور ومرادات خلتْ
أصبحت آماله قد خيبت ... وديار لهوه قد خربتْ
جُز على الدار بقلبٍ حاضرٍ ... ثم قل يا دار ماذا فعلت
أوجه كانت بدوراً طلعاً ... وشموساً طال ما قد أشرقت
قالت الدار تفانوا ومضوا ... وكذا كل مقيم إن ثبت
عاينوا أفعالهم في تربهم ... فسل الأجداث عما استودعت
إنما الدنيا كظل زائل ... أو كأحلام منام ذهبت
يا من هو في هوة الهوى قد هوى، كم مسلوب بكف النوى عما نوى، أين المستقر عيشه؟ أدركه التوى فالتوى، أين الجبار الذي إذا علق بالشوى شوى، أين شبعان اللذات أدركه الطوى لما طوى ليته لما ذهب بالأصل، تيقظ للفرع، فارعوى، إلى متى خلف ووعد الدنيا كله خلف.
يا متعباً نفسه بالحرص، والقدر ما يتغير، الراضي صرفه، كم غرقت سفينة مهجة في لجة حرص، الطمع يخنق العصفور قبل الفخ، لما قنعت العنكبوت بزاوية البيت، سيق لها الحريص وهو الذباب، فصار قوتاً لها، وصوت به لسان العبرة. رب ساع لقاعد، ترسل قلبك مع كل مطلوب من الهوى، ثم تبعث وراه وقت الصلاة ولا يلقاه الرسول، فتصلي بلا قلب.
خلفتَ قلبكَ في الأظعان إذ نزلت ... بالملزمين زمان النفر بالنفرِ
ورحتَ تطلب في أرض العراق ضحى ... ما ضاع عند منى فاعجب لذا الخبر
لما طرقنا النقي كان الفؤاد معي ... فضل عني بين الضال والسمرِ
يا أرجل العيس تُهنيكِ الرمال فما ... أغدو بوجدي غداً إلا على الأثرِ
ويأبى الجور أن أسر الهوى ... إذا امتلأ القلب فاض اللسان
إذا رأيتم ناطقاً بالحكمة قد طرب، فاعذروه، وإنه قد صدر ولم تردوا بعد، العالم المحقق. قد اعتصر من كروم المعارف، خندر يس المعاني، فشرب منها حتى غلب، فإذا عربد بالطرب. فلم يعذره الصاحي. أمر ساقي النطق. أن يدور بكأس اللفظ. على أرباب الألباب فإذا القوم. نشاوى من الثمل، فيصبح حينئذٍ مواقف " تراود فتاها " " فذلكُنَّ الذي لُمْتُنَّني فيه " عبرناكم يا منقطعين، وعلينا أن نرد، لا بد للأمير أن يقف للساقة، عودوا إلى أوكار الكسل، فنحن على نية دخول الفلاة، اسمعوا وصايانا. يا مودعين، إذا جن الليل، فسيروا في بوادي الدجى، وأنيخوا بوادي الذل، واجلسوا في كسر الانكسار، فإذا فتح الباب للواصلين، دونكم فاهجموا هجوم الكذابين وابسطوا كف :وتصدق علينا " لعل هاتف القبول يقول " لا تثريب عليكم اليوم " .
وإذا جئتم ثنيات اللوى ... فلجوا ربع الحمى في خطري
وصفوا شوقي إلى سكانه ... واذكروا ما عندكم من خبري
واحنيني نحو أيام مضت ... بالحمى لم أقض منكم وطري
كلما اشتقت تمنيتكم ... ضاع عمري بالمنى واعمري
الفصل التاسع والثمانون
آه لنفس أقبلت على العدو وقبلت، وبادرت إلى ما يؤذيها من الخطايا وعجلت، من لها إذا سئلت عن قبيحها؟ فخجلت، وسل عليها سيف العتاب. فقتلت.
ما لنفسي عن معادي غفلت ... أتراها نسيت ما فعلتْ
أيها المغرور في لهو الهوى ... كل نفس سترى ما علمتْ
أفٍ للدنيا فكم تخدعنا ... كم عزيز في هواها خذلتْ
رُبَّ ريح لأناس عصفت ... ثم ما إن لبثت أن سكنتْ
فكذاك الدهر في تصريفه ... قدمٌ زلت وأخرى ثبتت
أين من أصبح في غفلته ... في سرور ومرادات خلتْ
أصبحت آماله قد خيبت ... وديار لهوه قد خربتْ
جُز على الدار بقلبٍ حاضرٍ ... ثم قل يا دار ماذا فعلت
أوجه كانت بدوراً طلعاً ... وشموساً طال ما قد أشرقت
قالت الدار تفانوا ومضوا ... وكذا كل مقيم إن ثبت
عاينوا أفعالهم في تربهم ... فسل الأجداث عما استودعت
إنما الدنيا كظل زائل ... أو كأحلام منام ذهبت
يا من هو في هوة الهوى قد هوى، كم مسلوب بكف النوى عما نوى، أين المستقر عيشه؟ أدركه التوى فالتوى، أين الجبار الذي إذا علق بالشوى شوى، أين شبعان اللذات أدركه الطوى لما طوى ليته لما ذهب بالأصل، تيقظ للفرع، فارعوى، إلى متى خلف ووعد الدنيا كله خلف.
يا متعباً نفسه بالحرص، والقدر ما يتغير، الراضي صرفه، كم غرقت سفينة مهجة في لجة حرص، الطمع يخنق العصفور قبل الفخ، لما قنعت العنكبوت بزاوية البيت، سيق لها الحريص وهو الذباب، فصار قوتاً لها، وصوت به لسان العبرة. رب ساع لقاعد، ترسل قلبك مع كل مطلوب من الهوى، ثم تبعث وراه وقت الصلاة ولا يلقاه الرسول، فتصلي بلا قلب.
خلفتَ قلبكَ في الأظعان إذ نزلت ... بالملزمين زمان النفر بالنفرِ
ورحتَ تطلب في أرض العراق ضحى ... ما ضاع عند منى فاعجب لذا الخبر
لما طرقنا النقي كان الفؤاد معي ... فضل عني بين الضال والسمرِ
يا أرجل العيس تُهنيكِ الرمال فما ... أغدو بوجدي غداً إلا على الأثرِ
على تفصيل الأمور والجمل، ما يرضى للقبر، بهذا العمل، يا من قد حمل الخطايا، وبئس ما حمل، أفي سكر أنت أم في نمل؟ لو علمت أن مكاوي الحديد، قد أحميت للسمل، لم تفرق من ا
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى