- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28455
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
المدهش القسم الثاني في ذكر المواعظ - الفصل من ( 71- 80)
السبت 15 أكتوبر 2011, 20:49
الفصل الحادي والسبعون
إخواني: ألا ناظر لنفسه قبل الموت، ألا مستدرك زاد رمسه؟ قبل الفوت، ألا مزدجر بواعظ أمسه؟ فقد أسمعه الصوت.
ما ضرَّ عبدٌ نفسه ... قبل خروج نفسه
هل يومه أو غده ... إلا نظير أمسه
وعلَّه يلقى الرّدى ... قبل غروب شمسه
كم مدلجٍ مهجرٍ ... يسعى لبعل عرسه
وأكيس الناس امرؤٌ ... جدّ ليوم رمسه
إخواني: ألا ناظر لنفسه قبل الموت، ألا مستدرك زاد رمسه؟ قبل الفوت، ألا مزدجر بواعظ أمسه؟ فقد أسمعه الصوت.
ما ضرَّ عبدٌ نفسه ... قبل خروج نفسه
هل يومه أو غده ... إلا نظير أمسه
وعلَّه يلقى الرّدى ... قبل غروب شمسه
كم مدلجٍ مهجرٍ ... يسعى لبعل عرسه
وأكيس الناس امرؤٌ ... جدّ ليوم رمسه
إخواني: حبال الآمال رثاث، وساحر الهوى نفاث، والأماني على الحقيقة أضغاث، والمال المدخر رزق الوارث، عجباً لأجسام ذكور وعقول إناث، إلام لرواح في الهوى والتغليس؟ وحتام السعي في صحبة إبليس؟ وكم بهرجة في العمل وكم تدليس؟ أين الأقران هل لهم من حسيس؟ أما تعلم أنهم ندموا على إيثار الخسيس، تالله لقد ودوا طلاق الدنيا قبل المسيس، لقد أسمعك الموت وعيدك، وكأنك به قد ضعضع مشيدك، وأخلى منك دارك، وملأ بك بيدَك، لقد أمرضك الهوى وفي عزمه أن يزيدك، هل لذت لذة الدنيا فصفت هل عافت؟ إلا وعافت وعفت هل تبعت عرضاً؟ وقفت فوقفت هل أرشفت شفة من رضابها؟ فشفت بينا محبها يناجيها بألفاظ المنى، خفت ما بلغ المراد منها إلا من صد عنها والتفت.
عين المنية يفضي غير مطرفة ... وطرف مطلوبها مذ كان وسنان
جهلاً تمكن منه حين مولده ... فالمرء صاح ولبُّ المرء سكران
كم نرمي هدف سمعك برشق كلام، كم نلدغ أصل قلبك بحمة ملام، لا تنفع الرياضة إلا في نجيب، لو سقي الحنظل بماء السكر لن يخرج حلواً، شجر الأثل وإن دام الماء تحته لم يثمر، سحاب الهدى قد طبق بيد الأكوان، وأظن أرض قلبك سبخاً إنما يغلب هذا على ظني لبعد صلاحك وقد يستحيل الخمر خلاًّ، كم تحضر المجلس وتخرج وما علقت بشيء ويحك، هذا البنفسج يطرح في الشيرح فيعبق به طول السنة وكذلك الورد في الأشنان.
ومن البليّة عذلُ من لا يرعوي ... عن غيّه وخطاب من لا يفهم
ويحك، إلى كم تعدو خلف موكب الهوى وما تربح إلاّ الغبار، دع حبل الرعونة من يد التمسك فإنه لا مرة له، ما قتل أحد بأحد من سيف سيوفي، ومواهب الأعمار مسترجعة بالأنفاس حتى تستوفي، ألست نقضت عهد " ألست " بعد عقد عقده فكيف حل لك الحل؟
بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الوصل إلا ما رجعتم إلى الوصل
نحن لك على الوفاء ما زلنا، وأنت ما ثبت يومين.
لكثير:
وكنّا ارتقينا في صعودٍ من الهوى ... فلما علوناه ثبت وزلت
وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا ... فلما توافينا شددت وحلّت
واعجباً، تنبه الحيوانات بالليل فتصوت وأنت غافل ويحك إذا فتحت عينيك في الدجى فصح بقلبك.
قم بنا يا أخي لما نتمنّى ... واطرد النوم بالعزيمة عنا
قم فقد صاحت الديوك ونادت ... لا تكون الديوك أطرب منا
إخواني: مصيبتنا في التفريط واحدة وأهل الأحزان أهل.
إنّا ليجمعُنا البكاء وكلُّنا ... نبكي على شجنٍ من الأشجان
مجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا على فوات مطلوبه، وهذا لإعراض محبوبه.
يتشاكى الواجدون جوىً ... واحداً والوجد ألوانُ
يا نائح الفكر نضد، يا نادب الحزن عدّد، يا لائم النفس شدِّد، يا رامي القلب سدِّد، يا جامع الدَّمع بدِّد، يا مطرب السر ردِّد.
للمهيار:
نشدتُك يا بانة الأجرع ... متى رفعَ الحيُّ من لعلع
وهل مرَّ قلبي في التابعين ... أم حار ضعفاً فلم يتبع
رأيت له بين تلك القلوب ... إذا اشتبهت أنة الموجع
أدر يا نديمي كأس الحديث ... فكأسي بعدهُمُ مدمعي
يا مقيّداً عن السير بقيود الشواغل أيطمع في لحاق الطير مقصوص القوادم؟ صوت في الأسحار بالسائرين لعل عطفاً ينعطف إليك في عطفة رحمة، فقد ترق الساعة لأهل الفاقة.
للمهيار:
ردوا لنا يوماً ولو ساعةً ... على الغضا من عيشنا الزائلِ
لي ذلة السائلِ ما بينكم ... فلا تفتكم عزة الباذل
سل الليل عن الأحباب فعنده الخبر، خلا الفكر بالقلب في بيت التلاوة فجرت أوصاف الحبيب فنهض قلق الشوق يضرب بطون الرواحل لينهر السهر فلا وجه لنوم القوم.
للخفاجي:
أترى طيفكم لما سرى ... أخذ النوم وأعطى السهرا
لا نلوم الليل بل نعذره ... إنما طوله من قصرا
يا عيوناً بالغضا راقدة ... حرم الله عليكن الكرى
لو عدلتن تساهمنا جوى ... مثل ما كنا اشتركنا نظرا
حبذا فيك حديث باطن ... فطن الدمع به فانتشرا
عين المنية يفضي غير مطرفة ... وطرف مطلوبها مذ كان وسنان
جهلاً تمكن منه حين مولده ... فالمرء صاح ولبُّ المرء سكران
كم نرمي هدف سمعك برشق كلام، كم نلدغ أصل قلبك بحمة ملام، لا تنفع الرياضة إلا في نجيب، لو سقي الحنظل بماء السكر لن يخرج حلواً، شجر الأثل وإن دام الماء تحته لم يثمر، سحاب الهدى قد طبق بيد الأكوان، وأظن أرض قلبك سبخاً إنما يغلب هذا على ظني لبعد صلاحك وقد يستحيل الخمر خلاًّ، كم تحضر المجلس وتخرج وما علقت بشيء ويحك، هذا البنفسج يطرح في الشيرح فيعبق به طول السنة وكذلك الورد في الأشنان.
ومن البليّة عذلُ من لا يرعوي ... عن غيّه وخطاب من لا يفهم
ويحك، إلى كم تعدو خلف موكب الهوى وما تربح إلاّ الغبار، دع حبل الرعونة من يد التمسك فإنه لا مرة له، ما قتل أحد بأحد من سيف سيوفي، ومواهب الأعمار مسترجعة بالأنفاس حتى تستوفي، ألست نقضت عهد " ألست " بعد عقد عقده فكيف حل لك الحل؟
بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الوصل إلا ما رجعتم إلى الوصل
نحن لك على الوفاء ما زلنا، وأنت ما ثبت يومين.
لكثير:
وكنّا ارتقينا في صعودٍ من الهوى ... فلما علوناه ثبت وزلت
وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا ... فلما توافينا شددت وحلّت
واعجباً، تنبه الحيوانات بالليل فتصوت وأنت غافل ويحك إذا فتحت عينيك في الدجى فصح بقلبك.
قم بنا يا أخي لما نتمنّى ... واطرد النوم بالعزيمة عنا
قم فقد صاحت الديوك ونادت ... لا تكون الديوك أطرب منا
إخواني: مصيبتنا في التفريط واحدة وأهل الأحزان أهل.
إنّا ليجمعُنا البكاء وكلُّنا ... نبكي على شجنٍ من الأشجان
مجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا على فوات مطلوبه، وهذا لإعراض محبوبه.
يتشاكى الواجدون جوىً ... واحداً والوجد ألوانُ
يا نائح الفكر نضد، يا نادب الحزن عدّد، يا لائم النفس شدِّد، يا رامي القلب سدِّد، يا جامع الدَّمع بدِّد، يا مطرب السر ردِّد.
للمهيار:
نشدتُك يا بانة الأجرع ... متى رفعَ الحيُّ من لعلع
وهل مرَّ قلبي في التابعين ... أم حار ضعفاً فلم يتبع
رأيت له بين تلك القلوب ... إذا اشتبهت أنة الموجع
أدر يا نديمي كأس الحديث ... فكأسي بعدهُمُ مدمعي
يا مقيّداً عن السير بقيود الشواغل أيطمع في لحاق الطير مقصوص القوادم؟ صوت في الأسحار بالسائرين لعل عطفاً ينعطف إليك في عطفة رحمة، فقد ترق الساعة لأهل الفاقة.
للمهيار:
ردوا لنا يوماً ولو ساعةً ... على الغضا من عيشنا الزائلِ
لي ذلة السائلِ ما بينكم ... فلا تفتكم عزة الباذل
سل الليل عن الأحباب فعنده الخبر، خلا الفكر بالقلب في بيت التلاوة فجرت أوصاف الحبيب فنهض قلق الشوق يضرب بطون الرواحل لينهر السهر فلا وجه لنوم القوم.
للخفاجي:
أترى طيفكم لما سرى ... أخذ النوم وأعطى السهرا
لا نلوم الليل بل نعذره ... إنما طوله من قصرا
يا عيوناً بالغضا راقدة ... حرم الله عليكن الكرى
لو عدلتن تساهمنا جوى ... مثل ما كنا اشتركنا نظرا
حبذا فيك حديث باطن ... فطن الدمع به فانتشرا
من لم يكن له مثل تقواهم لم يعلم ما الذي أبكاهم. من لم يشاهد جمال يوسف لم يعلم ما الذي ألم قلب يعقوب.
من لم يبت والحب حشو فؤاده ... لم يدر كيف تفتت الأكباد
لو دمت على سلوك البادية طابت لك ريح الشيح.
تقر لعيني أن أرى رملة الحمى ... إذا ما بدت يوماً لعيني قلالها
ولست وإن أحببت من يسكن الغضا ... بأول راجٍ حاجة لا ينالها
الفصل الثاني والسبعون
يا من كانت له معنا معاملة، وطالت بيننا وبينه المواصلة ثم اختار الهجر والفاصلة إن، لم يكن جميل فلتكن مجاملة، تفكر تعرف قدر ما فاتك وابك لذنب حرمك الفوز وأفاتك، اسكب دموع أسفك فرب دم بالأسى سفك واندب أطلال مألفك لعلك تغاث في موقفك.
للمهيار:
تظنُّ ليالينا عوَّدا ... على العهد من برقتي ثهمدا
ويا صاحبي أين وجه الصباح؟ ... وأين غدٌ؟ صِف لعيني غدا
وخلف الضلوع زفيرٌ أبى ... وقد برد الليل أن يبردا
خليليّ، لي حاجةٌ ما أخفَّ ... لرامة لو حملتْ مُسعِدا
أريد لأكتم وابن الأراك ... يفضحها كلما غردا
أحب وإن أخصب الحاضرون ... ببادية الرمل أن أخلُدا
أرى كبدي قُسِّمتْ شعبتين ... مع الشوق غور أو أنجدا
تمناك عيني وقلبي يراك ... بشوقي حاشاك أن تُفقدا
أللهم نور دنيانا بنور من توفيقك، واقطع أيامنا في الاتصال بك وانظم شتاتنا في سلك طاعتك، فأنت أعلم بتلفيق المقترف، اللهم قوِّ منن أطفال التوبة بلبان الصبر، ارفق بمرضى الهوى في مارستان البلاء، افتح مسام الأفهام لقبول ما ينفع، سلم سيارة الأفكار من قاطع طريق، احرس طلائع المجاهدة من خديعة كمين، احفظ شجعان العزائم من شر هزيمة، وقّع على قصص الإنابة بقلم العفو، لا تسلط جاهل الطبع على عالم القلب، لا تبدل نعيم عيش الروح بجحيم حر النفس، لا تمت حي العلم في حي الجهل أخرجنا إلى نور اليقين من هذا الظلام، لا تجعلنا ممن رأى الصبح فنام، لا تؤاخذنا بقدر ذنوبنا، فإنك قلت: " ولا تنسوُا الفضل بينكم " واعجباً لمن عرفك ثم أحب غيرك ولمن سمع مناديك ثم تأخر عنك.
حرام على العيش ما دمت غضبانا ... وما لم يعد عني رضاك كما كانا
فأحسن فإني قد أسأت ولم تزل ... تعودني عند الإساءة غفرانا
إلهي، لا تعذب نفساً قد عذبها الخوف منك، ولا تخرس لساناً كل ما يروي عنك، ولا تقذ بصراً طالما يبكي لك، ولا تخيب رجاءاً هو منوط بك، إلهي، ضع في ضعفي قوة من منك، ودع في كفي كفى عن غيرك، ارحم عبرة تترقرق على ما فاتها منك، برد كبداً تحترق على بعدها عنك.
للشريف الرضي:
أشكو إليك مدامعا تَكِفُ ... بعد النوى وجوانحاً تَجِفُ
ما كان أسرع ما نبا زمنٌ ... وتكدرتْ من وُدّنا نُطَفُ
حبلٌ، غدا بأكفنا طَرَفٌ ... منه وفي أيدي النوى طرفُ
لهفي على ذاك الزمان وهلْ ... يثني زماناً ماضياً لَهَفُ
واأسفي لمنقطع دون الركب متأخر عن لحاق الصحب يعد الساعات في متى ولعل ويخلو يفكر في عسى وهل.
لقيس المجنون:
أعد الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهراً لا أعد اللياليا
وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالليل خاليا
يميناً إذا كانت يمينا وإن تكن ... شمالاً ينازعني الهوى عن شماليا
ألا يا حمامي بطن نعمان هجتما ... على الهوى لما تغنيتما ليا
وأبكيتماني وسط صحبي ولم أكن ... أبالي بدمع العين لو كنت خاليا
ذكت نار شوقي في فؤادي فأصبحت ... لها وهج مستضرم في فؤاديا
خليلي ما أرجو من العيش بعدما ... أرى حاجتي تشرى ولا تشتري ليا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن أن تلاقيا
أيها المتخلف في أعقاب الواصلين استغث بهم، علّق على قطارهم فلعل جملك يصل.
يا صاح والصاحب لا يدعى به ... إلا إذا لج الغرام واعتدى
من لم يبت والحب حشو فؤاده ... لم يدر كيف تفتت الأكباد
لو دمت على سلوك البادية طابت لك ريح الشيح.
تقر لعيني أن أرى رملة الحمى ... إذا ما بدت يوماً لعيني قلالها
ولست وإن أحببت من يسكن الغضا ... بأول راجٍ حاجة لا ينالها
الفصل الثاني والسبعون
يا من كانت له معنا معاملة، وطالت بيننا وبينه المواصلة ثم اختار الهجر والفاصلة إن، لم يكن جميل فلتكن مجاملة، تفكر تعرف قدر ما فاتك وابك لذنب حرمك الفوز وأفاتك، اسكب دموع أسفك فرب دم بالأسى سفك واندب أطلال مألفك لعلك تغاث في موقفك.
للمهيار:
تظنُّ ليالينا عوَّدا ... على العهد من برقتي ثهمدا
ويا صاحبي أين وجه الصباح؟ ... وأين غدٌ؟ صِف لعيني غدا
وخلف الضلوع زفيرٌ أبى ... وقد برد الليل أن يبردا
خليليّ، لي حاجةٌ ما أخفَّ ... لرامة لو حملتْ مُسعِدا
أريد لأكتم وابن الأراك ... يفضحها كلما غردا
أحب وإن أخصب الحاضرون ... ببادية الرمل أن أخلُدا
أرى كبدي قُسِّمتْ شعبتين ... مع الشوق غور أو أنجدا
تمناك عيني وقلبي يراك ... بشوقي حاشاك أن تُفقدا
أللهم نور دنيانا بنور من توفيقك، واقطع أيامنا في الاتصال بك وانظم شتاتنا في سلك طاعتك، فأنت أعلم بتلفيق المقترف، اللهم قوِّ منن أطفال التوبة بلبان الصبر، ارفق بمرضى الهوى في مارستان البلاء، افتح مسام الأفهام لقبول ما ينفع، سلم سيارة الأفكار من قاطع طريق، احرس طلائع المجاهدة من خديعة كمين، احفظ شجعان العزائم من شر هزيمة، وقّع على قصص الإنابة بقلم العفو، لا تسلط جاهل الطبع على عالم القلب، لا تبدل نعيم عيش الروح بجحيم حر النفس، لا تمت حي العلم في حي الجهل أخرجنا إلى نور اليقين من هذا الظلام، لا تجعلنا ممن رأى الصبح فنام، لا تؤاخذنا بقدر ذنوبنا، فإنك قلت: " ولا تنسوُا الفضل بينكم " واعجباً لمن عرفك ثم أحب غيرك ولمن سمع مناديك ثم تأخر عنك.
حرام على العيش ما دمت غضبانا ... وما لم يعد عني رضاك كما كانا
فأحسن فإني قد أسأت ولم تزل ... تعودني عند الإساءة غفرانا
إلهي، لا تعذب نفساً قد عذبها الخوف منك، ولا تخرس لساناً كل ما يروي عنك، ولا تقذ بصراً طالما يبكي لك، ولا تخيب رجاءاً هو منوط بك، إلهي، ضع في ضعفي قوة من منك، ودع في كفي كفى عن غيرك، ارحم عبرة تترقرق على ما فاتها منك، برد كبداً تحترق على بعدها عنك.
للشريف الرضي:
أشكو إليك مدامعا تَكِفُ ... بعد النوى وجوانحاً تَجِفُ
ما كان أسرع ما نبا زمنٌ ... وتكدرتْ من وُدّنا نُطَفُ
حبلٌ، غدا بأكفنا طَرَفٌ ... منه وفي أيدي النوى طرفُ
لهفي على ذاك الزمان وهلْ ... يثني زماناً ماضياً لَهَفُ
واأسفي لمنقطع دون الركب متأخر عن لحاق الصحب يعد الساعات في متى ولعل ويخلو يفكر في عسى وهل.
لقيس المجنون:
أعد الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهراً لا أعد اللياليا
وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالليل خاليا
يميناً إذا كانت يمينا وإن تكن ... شمالاً ينازعني الهوى عن شماليا
ألا يا حمامي بطن نعمان هجتما ... على الهوى لما تغنيتما ليا
وأبكيتماني وسط صحبي ولم أكن ... أبالي بدمع العين لو كنت خاليا
ذكت نار شوقي في فؤادي فأصبحت ... لها وهج مستضرم في فؤاديا
خليلي ما أرجو من العيش بعدما ... أرى حاجتي تشرى ولا تشتري ليا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن أن تلاقيا
أيها المتخلف في أعقاب الواصلين استغث بهم، علّق على قطارهم فلعل جملك يصل.
يا صاح والصاحب لا يدعى به ... إلا إذا لج الغرام واعتدى
خذ بيدي من سطوة البين فما ... أظن أن البين أبقى لي يدا
أين ليالينا القصار بالحمى ... واكبداً على الحمى واكبدا
يا من قد مضت له ليالي مناجاة ثم طبق الدستور، وقطع المعاملة، اندب زمان الوصل لعل حالاً حال يعود.
للمهيار:
يا ليلتي بحاجر ... إن عاد ماضٍ فارجعي
بتنا على الأحقاف ... تنهال بكل مضجع
قالوا الصباح فانتبه ... فقال لي الطيف اسمع
فقمت مخلوطاً أظن ... البازل ابن الربع
حيران طرفي دائرٌ ... أطلب ما ليس معي
أرضى بأخبار الرياح ... والبروق اللُّمَّعِ
وأين من برق الحمى ... شائمة بلعلع
أفرشني الجمرَ وقال: ... إن أردت فاهجع
ذكر الوصال في زمان الهجر تلف، خصوصاً إذا لم يكن للحبيب خلف. قال ابن مسروق: كنت أمشي مع الجنيد في بعض دروب بغداد، فسمع منشداً يقول:
منازل كنت تهواها وتألفها ... أيام أنت على الأيام منصور
فبكى الجنيد بكاءاً شديداً وقال ما أطيب منازلة الإلفة والأنس، وأوحش مقامات المخالفة لا أزال أحن إلى أول بدء إرادتي وجدة سعيي.
للمهيار:
يا ليلتي بذات الشيح والضال ... ومنبت البان من نعمان عودا لي
ويا مرابع أطلالي بذي سلم ... لهفي على ما مضى من عصرك الخالي
ويا مآرب نفسي والذين هم ... بالوصل والهجر أعلالي وأبلالي
قد كان قلبي بكم مأوى السرور فمذ ... نا يتم صار مأوى كل بلبال
فلو شربت بعمري ساعة سلفت ... من عيشتي معكم ما كان بالغالي
مالي أعلل نفسي بالوقوف على ... منازل أقفرت منكم وأطلال
من لي بكتمان ما ألقاه من ألم ... وظاهري معرب عن باطن الحال
قالوا تشاغل عنا واصطفى بدلاً ... منا وذلك فعل الخائن السالي
وكيف أشغل قلبي عن محبتكم ... بغير ذكركم يا كل أشغالي
الفصل الثالث والسبعون
واشوقاه إلى أرباب الإخلاص واتوقاه إلى رؤية تلك الأشخاص، إني لأحضر ذكركم فأغيب وإن وقتي بتذكركم ليطيب.
للشريف الرضي:
إذا هزنا الشوق اضطربنا لهزِّهِ ... على شُعَبِ الرحل اضطراب الأراقم
فمن صبوات تستقيم بمائل ... ومن أريحياتٍ تهب بنائم
وأستشرف الأعلام حتى يدلني ... على طيبها مر الرياح النواسم
وما أنسم الأرواح إلا لأنها ... تهب على تلك الربى والمعالمِ
الإخلاص مسك مصون في مسك القلب تنبه ريحه على حامله، العمل صورة والإخلاص روح، المخلص يعد طاعته لاحتقاره لها عرضاً وقلم القبول قد أثبتها في الجوهر خالصاً، الإخلاص اليسير كثير ووجود عمل الرياء عدم قراضة الأماني لا تقف، وصحيح الشبه مردود، خليج صاف أنفع من بحر كدر، إذا لم تخلص فلا تتعب لا يكسر الجوز بالعهن، أتحدو وما لك بعير؟ أتمد القوس وما لها وتر؟ أتتجشأ من غير شبع؟ واعجباً من وحشي بلا جبل كم بذل نفسه مراء؟ لتمدحه الخلق. فذهبت والمدح ولو بذلها للحق لبقيت والذكر، عمل المرائي بصلة كلها قشور، المرائي يحشو جراب العمل رملاً فيثقله ولا ينفعه، ريح الرياء جيفة تتحاماها مسام القلوب، وما يخفى على المرائي على مسانح الفطن، لما أخذ دود القز ينسج أقبلت العنكبوت تتشبه وقالت: لك نسج ولي نسج، فقالت دودة القز: ولكن نسجي أردية الملوك ونسجك شبكة للذباب وعند مس النسيجين يبين الفرق.
إذا اشتبكت دموع في خدود ... تبين من بكى ممن تباكا
شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة وشجرة الدبا تصعد في أسبوعين فتقول لشجرة الصنوبر إن الطريق التي قطعتها في ثلاثين سنة قد قطعتها في أسبوعين، فيقال لي شجرة ولك شجرة فتجيبها: مهلاً إلى أن تهب ريح الخريف، قال الدب للآدمي: أنت تمشي على رجلين وأنا أيضاً، فقال الآدمي: ولكن صدمة تردك إلى أربع وكم أصدم وأنا منتصف.
أين ليالينا القصار بالحمى ... واكبداً على الحمى واكبدا
يا من قد مضت له ليالي مناجاة ثم طبق الدستور، وقطع المعاملة، اندب زمان الوصل لعل حالاً حال يعود.
للمهيار:
يا ليلتي بحاجر ... إن عاد ماضٍ فارجعي
بتنا على الأحقاف ... تنهال بكل مضجع
قالوا الصباح فانتبه ... فقال لي الطيف اسمع
فقمت مخلوطاً أظن ... البازل ابن الربع
حيران طرفي دائرٌ ... أطلب ما ليس معي
أرضى بأخبار الرياح ... والبروق اللُّمَّعِ
وأين من برق الحمى ... شائمة بلعلع
أفرشني الجمرَ وقال: ... إن أردت فاهجع
ذكر الوصال في زمان الهجر تلف، خصوصاً إذا لم يكن للحبيب خلف. قال ابن مسروق: كنت أمشي مع الجنيد في بعض دروب بغداد، فسمع منشداً يقول:
منازل كنت تهواها وتألفها ... أيام أنت على الأيام منصور
فبكى الجنيد بكاءاً شديداً وقال ما أطيب منازلة الإلفة والأنس، وأوحش مقامات المخالفة لا أزال أحن إلى أول بدء إرادتي وجدة سعيي.
للمهيار:
يا ليلتي بذات الشيح والضال ... ومنبت البان من نعمان عودا لي
ويا مرابع أطلالي بذي سلم ... لهفي على ما مضى من عصرك الخالي
ويا مآرب نفسي والذين هم ... بالوصل والهجر أعلالي وأبلالي
قد كان قلبي بكم مأوى السرور فمذ ... نا يتم صار مأوى كل بلبال
فلو شربت بعمري ساعة سلفت ... من عيشتي معكم ما كان بالغالي
مالي أعلل نفسي بالوقوف على ... منازل أقفرت منكم وأطلال
من لي بكتمان ما ألقاه من ألم ... وظاهري معرب عن باطن الحال
قالوا تشاغل عنا واصطفى بدلاً ... منا وذلك فعل الخائن السالي
وكيف أشغل قلبي عن محبتكم ... بغير ذكركم يا كل أشغالي
الفصل الثالث والسبعون
واشوقاه إلى أرباب الإخلاص واتوقاه إلى رؤية تلك الأشخاص، إني لأحضر ذكركم فأغيب وإن وقتي بتذكركم ليطيب.
للشريف الرضي:
إذا هزنا الشوق اضطربنا لهزِّهِ ... على شُعَبِ الرحل اضطراب الأراقم
فمن صبوات تستقيم بمائل ... ومن أريحياتٍ تهب بنائم
وأستشرف الأعلام حتى يدلني ... على طيبها مر الرياح النواسم
وما أنسم الأرواح إلا لأنها ... تهب على تلك الربى والمعالمِ
الإخلاص مسك مصون في مسك القلب تنبه ريحه على حامله، العمل صورة والإخلاص روح، المخلص يعد طاعته لاحتقاره لها عرضاً وقلم القبول قد أثبتها في الجوهر خالصاً، الإخلاص اليسير كثير ووجود عمل الرياء عدم قراضة الأماني لا تقف، وصحيح الشبه مردود، خليج صاف أنفع من بحر كدر، إذا لم تخلص فلا تتعب لا يكسر الجوز بالعهن، أتحدو وما لك بعير؟ أتمد القوس وما لها وتر؟ أتتجشأ من غير شبع؟ واعجباً من وحشي بلا جبل كم بذل نفسه مراء؟ لتمدحه الخلق. فذهبت والمدح ولو بذلها للحق لبقيت والذكر، عمل المرائي بصلة كلها قشور، المرائي يحشو جراب العمل رملاً فيثقله ولا ينفعه، ريح الرياء جيفة تتحاماها مسام القلوب، وما يخفى على المرائي على مسانح الفطن، لما أخذ دود القز ينسج أقبلت العنكبوت تتشبه وقالت: لك نسج ولي نسج، فقالت دودة القز: ولكن نسجي أردية الملوك ونسجك شبكة للذباب وعند مس النسيجين يبين الفرق.
إذا اشتبكت دموع في خدود ... تبين من بكى ممن تباكا
شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة وشجرة الدبا تصعد في أسبوعين فتقول لشجرة الصنوبر إن الطريق التي قطعتها في ثلاثين سنة قد قطعتها في أسبوعين، فيقال لي شجرة ولك شجرة فتجيبها: مهلاً إلى أن تهب ريح الخريف، قال الدب للآدمي: أنت تمشي على رجلين وأنا أيضاً، فقال الآدمي: ولكن صدمة تردك إلى أربع وكم أصدم وأنا منتصف.
كان الأشياخ في قديم الزمان أصحاب قدم والمريدون أصحاب ألم فذهب القدم والألم، كان المريد يسئل عن غصة والشيخ يعرف القصة فاليوم لا غصة ولا قصة، كان الزهد في بواطن القلوب، فصار في ظواهر الثياب، كان الزهد حرقة فصار اليوم خرقة، ويحك صوف قلبك لا جسمك، وأصلح نيتك لا مرقعتك، غير زيك أيها المرائي فهو يصيح خذوني، تحملن السيف وما تحسن القتال سيف ودرع لزمن هتكة، ولمقعد فضيحة، البهرج يتبين عند الحك إذا كان العلوي ثابت النسب لم يحتج إلى ضفيرتين ولا يصير المخنث تركياً بلبس القباء، ولا المرائي ولياً بلبس العباء، هذه من النكت الخفايا وفي الزوايا خبايا. واعجباً ما للدواعي إلى الدعاوي، الباطن ينطق لما علم الصالحون خطر البيات، أدلجوا بأحمال الأعمال في ليل الكتم، كان البكاء إذا غلب أيوب قال ما أشد الزكام.
هبيني أستر البلوى ... أليس الدمع يفضحني
لساني فيك أملكه ... ودمع العين يملكني
صام داود بن أبي هند أربعين سنة لم يعلم به أحد، كان يأخذ غداه ويخرج إلى الدكان فيتصدق به في الطريق فيظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت ويظن أهله أنه قد أكل في السوق.
لجابر الجرمي:
ومستخبر عن سر ليلى رددته ... فأصبح في ليلى بغير يقين
يقولون خبرنا فأنت أمينها ... وما أنا إن أخبرتهم بأمين
كان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك، فإذا جاء الليل أخذ في البكاء والعويل.
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا ... لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهم بالليل جامع
كان خوفهم من الرياء يوجب مدافعة النهار، فإذا خلوا بالحبيب لم يصبر المشوق.
أحن بأطراف النهار صبابة ... وبالليل يدعوني الهوى فأجيب
لو قدروا على استدامة الكتمان ما أذاعوا وكم يقدر المشتاق أن يكتم الوجدا، إذا جن الليل وظلامه، ثار سجن المحب وسقامه، ورمى الوجد فأصابت سهامه، واستطلق مزاد العين فأنهل سجامه، وطال بالحزين قعوده وقيامه.
كم بذكراك ولوعي ... يا جوى بين الضلوع
هجع العاذل لكن ... من لعيني بالهجوع
هي في شغل عن النوم ... بمرفض الدموع
أتغني بك في الحي ... كورقاء سجوع
لو أبصرت طلائع الصديقين في أوائل القوم أو شاهدت ساقة المستغفرين في أواخر الركب، أو سمعت استغاثة المحبين في وسط الليل.
من رأى البرق بنجد إذ ترآى ... سلب النوم وأهدى البرحاءا
فاض فيضاً كجفوني ماؤه ... والتظى وهناً كأنفاسي التظاءا
نام سمار الدجى عن ساهر ... اتخذ الهم سميراً والبكاءا
أسعدته أدمع تفضحه ... فإذا ما أحسن الدمع أساءا
إذا رأيتم حزيناً فارحموه، وإذا شاهدتم قلقاً فاعذروه. وإذا رأيتم باكياً فوافقوه.
الدمع يخون كل كاتم ... والحب يحلل العزائم
القلب بحبكم لديغ ... ما أقلقني من الأراقم
والوجد يغالب المقاوي ... والسالم فيه من يسالم
هذا ولعين في هواكم ... سلمت لكم فما أخاصم
سالت بكم دموع عيني ... والدمع بمقلتي يزاحم
أبكي أثر الحبيب كرها ... والحزن تهيجه المعالم
يا مانع مقلتي كراها ... مر الليل ولست نائم
قد صمت عن الهوى لأحظى ... في الحب لكم بأجر صائم
هل يبذل وردكم لظام ... حيران على الورود حائم
ناحت فزجرتها حمام ... ما لي تزعجني الحمائم
يرقبن إلى ذرى غضون ... أنى تحملك القوائم
تبكين وما شجاك شوق ... شكواك إذا من العظائم
إن كنت صدقت فاسعديني ... لا نسمع لومة اللوائم
طارت وبقيت في ضماني ... لا أبرح والزعيم غارم
الفصل الرابع والسبعون
هبيني أستر البلوى ... أليس الدمع يفضحني
لساني فيك أملكه ... ودمع العين يملكني
صام داود بن أبي هند أربعين سنة لم يعلم به أحد، كان يأخذ غداه ويخرج إلى الدكان فيتصدق به في الطريق فيظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت ويظن أهله أنه قد أكل في السوق.
لجابر الجرمي:
ومستخبر عن سر ليلى رددته ... فأصبح في ليلى بغير يقين
يقولون خبرنا فأنت أمينها ... وما أنا إن أخبرتهم بأمين
كان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك، فإذا جاء الليل أخذ في البكاء والعويل.
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا ... لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهم بالليل جامع
كان خوفهم من الرياء يوجب مدافعة النهار، فإذا خلوا بالحبيب لم يصبر المشوق.
أحن بأطراف النهار صبابة ... وبالليل يدعوني الهوى فأجيب
لو قدروا على استدامة الكتمان ما أذاعوا وكم يقدر المشتاق أن يكتم الوجدا، إذا جن الليل وظلامه، ثار سجن المحب وسقامه، ورمى الوجد فأصابت سهامه، واستطلق مزاد العين فأنهل سجامه، وطال بالحزين قعوده وقيامه.
كم بذكراك ولوعي ... يا جوى بين الضلوع
هجع العاذل لكن ... من لعيني بالهجوع
هي في شغل عن النوم ... بمرفض الدموع
أتغني بك في الحي ... كورقاء سجوع
لو أبصرت طلائع الصديقين في أوائل القوم أو شاهدت ساقة المستغفرين في أواخر الركب، أو سمعت استغاثة المحبين في وسط الليل.
من رأى البرق بنجد إذ ترآى ... سلب النوم وأهدى البرحاءا
فاض فيضاً كجفوني ماؤه ... والتظى وهناً كأنفاسي التظاءا
نام سمار الدجى عن ساهر ... اتخذ الهم سميراً والبكاءا
أسعدته أدمع تفضحه ... فإذا ما أحسن الدمع أساءا
إذا رأيتم حزيناً فارحموه، وإذا شاهدتم قلقاً فاعذروه. وإذا رأيتم باكياً فوافقوه.
الدمع يخون كل كاتم ... والحب يحلل العزائم
القلب بحبكم لديغ ... ما أقلقني من الأراقم
والوجد يغالب المقاوي ... والسالم فيه من يسالم
هذا ولعين في هواكم ... سلمت لكم فما أخاصم
سالت بكم دموع عيني ... والدمع بمقلتي يزاحم
أبكي أثر الحبيب كرها ... والحزن تهيجه المعالم
يا مانع مقلتي كراها ... مر الليل ولست نائم
قد صمت عن الهوى لأحظى ... في الحب لكم بأجر صائم
هل يبذل وردكم لظام ... حيران على الورود حائم
ناحت فزجرتها حمام ... ما لي تزعجني الحمائم
يرقبن إلى ذرى غضون ... أنى تحملك القوائم
تبكين وما شجاك شوق ... شكواك إذا من العظائم
إن كنت صدقت فاسعديني ... لا نسمع لومة اللوائم
طارت وبقيت في ضماني ... لا أبرح والزعيم غارم
الفصل الرابع والسبعون
أخواني: سار المتقون ورجعنا ووصلوا وانقطعنا، وأجابوا الداعي وامتنعنا، ونجوا من الإشراك ووقعنا، تعالوا ننظر في آثارهم وندرس دارس أخبارهم ونبكي على التفريط ما نابنا، ونندب ما لحقنا، وأصابنا.
للمصنف:
ودعوا يوم النوى واستقلوا ... ليت شعري بعدها أين حلوا
يا نسيم الريح بلغ إليهم ... أن عقدي معهم لا يحل
لي من الريح الشمال انتهال ... فإذا هبت سحيراً فعل
عرضوا قلبي لسقم طويل ... باطن يظهر منه الأقل
لو بكت عيني على قدر وجدي ... صار واديهم دماً لا يحل
سافر القوم على رواحل الصدق، فقطعوا أرض الصبر حتى وقعوا برياض الأنس، فعقبت قلوبهم بنشر القرب وتعطرت بنسيم الوصل، فعادت سكرى من صرف سلاف الوجد وعربدت على عالم الجسم، فكلما ربا الحب ذاب.
خذي بيدي ثم ارفعي الثوب فانظري ... ضنا جسدي لكنني أتكتم
حمائم أرواحهم مسجونة في أقفاص أشباحهم، تصوت لشجو شوقها وتقلق لضيق حبسها.
للمهيار:
بالغور دارٌ وبنجد هوى ... يا لهف من غار بمن أنجدا
يا حبذا الذكرى وإن أسهرتْ ... بعدك والدمع وإن أو مدا
البكاء دأبهم والدمع شرابهم والجوع طعامهم والصمت كلامهم فلو رأيتهم وعذالهم وقد زادوا بالعذل أثقالهم.
سلمت مما عناني فاستهنت به ... لا يعرف الشجو إلا كل ذي شجن
شتان بين خلي مطلق وشج ... في ربقة الحب كالمصفود في قرن
أمسيت تشهب باد من ضنى جسدي ... بداخل من جوى في القلب مكتمن
إن كان يوجب ضري رحمتي فرضي ... بسوء حالي وحل للضنى بدني
منحتك القلب لا أبغي به ثمنا ... إلا رضاك ووافقري إلى الثمن
أعندك من حديثهم خبر؟ ألك في طريقهم أثر؟ لخالد الكاتب:
رقدت ولم ترث للمساهر ... وليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقاد ... ما فعل الدمع بالناظر
نازلهم الخوف فصاروا ولهين، وفاجأهم الفكر فعادوا متحيرين، وجن عليهم الليل فرآهم ساهرين، وهبت رياح الأسحار فمالوا مستغفرين، فإذا رجعوا وقت الفجر بالأجر نادى منادي الهجر يا خيبة النائمين.
ولما وقفنا والرسائل بيننا ... دموع نهاها الوجدان تتوقفا
ذكرنا الليالي بالعتيق وظلها ... الأنيق فقطعن القلوب تأسفا
جليت أوصاف الحبيب في حلية الكمال فقاموا على أقدام الشوق يسبحون في فلوات الوجد فلو رأيتموهم لقلتم مجانين، هيهات من لا يعرف مناسك الحج، نسب المحرمين إلى الخبل، الناس يضحكون وهم يبكون، ويفرحون وهم يحزنون، وينامون وهم يسهرون.
تركت ليلى أمد من نفسي ... واأسفي للفراق واأسفي
لما تمكنت المعرفة من قلوبهم أثرت شدة الخوف، فارتفع ضجيج الوجد.
رأى الصديق طائراً فقال: طوبى لك يا طائر، تقع على الشجر. وتأكل من الثمر ولا حساب عليك، ليتني كنت مثلك، وقال عمر: ليتني كنت تبنة، ليت أمي لم تلدني. وقال ابن مسعود: وددت أني إذا مت لا أبعث. وقال عمران ابن حصين: ليتني كنت رماداً. وقال أبو الدرداء: ليتني كنت شجرة تعضد، وقالت عائشة: ليتني كنت نسياً منسيا.
ودخلوا على عطاء السلمي وحوله بلل، فظنوه قد توضأ فقالت عجوز في داره: هذه دموعه.
لصردر:
كلُّ سحابٍ أمطرتْ أرضكم ... حاملةٌ للماء من أدمعي
وكل ريحٍ زعزعت تُربكم ... فإنها الزفرة من أضلعي
أتاهم من الله وعيد وقذهم، فباتوا على حرق، وأكلوا على تنغيص فنومهم نوم الغرقى، وأكلهم أكل المرضى، عجزت أبدانهم عما حملت قلوبهم " فمنهم من قضى نحبه ومن من ينتظر " .
قال فرقد: دخلت بيت المقدس خمسمائة عذراء لباسهن الصوف والمسوح، فتذاكرن ثواب الله وعقابه فمتن جميعاً في مقام واحد.
قال أبو طارق شهدت ثلاثين رجلاً دخلوا مجالس الذكر يمشون بأرجلهم صحاحاً إلى المجلس، وأجوافهم والله قرحة، فلما سمعوا الذكر انصدعت قلوبهم.
قصوا على حديث من قتل الهوى ... إن التآسي روح كل حزين
للمصنف:
ودعوا يوم النوى واستقلوا ... ليت شعري بعدها أين حلوا
يا نسيم الريح بلغ إليهم ... أن عقدي معهم لا يحل
لي من الريح الشمال انتهال ... فإذا هبت سحيراً فعل
عرضوا قلبي لسقم طويل ... باطن يظهر منه الأقل
لو بكت عيني على قدر وجدي ... صار واديهم دماً لا يحل
سافر القوم على رواحل الصدق، فقطعوا أرض الصبر حتى وقعوا برياض الأنس، فعقبت قلوبهم بنشر القرب وتعطرت بنسيم الوصل، فعادت سكرى من صرف سلاف الوجد وعربدت على عالم الجسم، فكلما ربا الحب ذاب.
خذي بيدي ثم ارفعي الثوب فانظري ... ضنا جسدي لكنني أتكتم
حمائم أرواحهم مسجونة في أقفاص أشباحهم، تصوت لشجو شوقها وتقلق لضيق حبسها.
للمهيار:
بالغور دارٌ وبنجد هوى ... يا لهف من غار بمن أنجدا
يا حبذا الذكرى وإن أسهرتْ ... بعدك والدمع وإن أو مدا
البكاء دأبهم والدمع شرابهم والجوع طعامهم والصمت كلامهم فلو رأيتهم وعذالهم وقد زادوا بالعذل أثقالهم.
سلمت مما عناني فاستهنت به ... لا يعرف الشجو إلا كل ذي شجن
شتان بين خلي مطلق وشج ... في ربقة الحب كالمصفود في قرن
أمسيت تشهب باد من ضنى جسدي ... بداخل من جوى في القلب مكتمن
إن كان يوجب ضري رحمتي فرضي ... بسوء حالي وحل للضنى بدني
منحتك القلب لا أبغي به ثمنا ... إلا رضاك ووافقري إلى الثمن
أعندك من حديثهم خبر؟ ألك في طريقهم أثر؟ لخالد الكاتب:
رقدت ولم ترث للمساهر ... وليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقاد ... ما فعل الدمع بالناظر
نازلهم الخوف فصاروا ولهين، وفاجأهم الفكر فعادوا متحيرين، وجن عليهم الليل فرآهم ساهرين، وهبت رياح الأسحار فمالوا مستغفرين، فإذا رجعوا وقت الفجر بالأجر نادى منادي الهجر يا خيبة النائمين.
ولما وقفنا والرسائل بيننا ... دموع نهاها الوجدان تتوقفا
ذكرنا الليالي بالعتيق وظلها ... الأنيق فقطعن القلوب تأسفا
جليت أوصاف الحبيب في حلية الكمال فقاموا على أقدام الشوق يسبحون في فلوات الوجد فلو رأيتموهم لقلتم مجانين، هيهات من لا يعرف مناسك الحج، نسب المحرمين إلى الخبل، الناس يضحكون وهم يبكون، ويفرحون وهم يحزنون، وينامون وهم يسهرون.
تركت ليلى أمد من نفسي ... واأسفي للفراق واأسفي
لما تمكنت المعرفة من قلوبهم أثرت شدة الخوف، فارتفع ضجيج الوجد.
رأى الصديق طائراً فقال: طوبى لك يا طائر، تقع على الشجر. وتأكل من الثمر ولا حساب عليك، ليتني كنت مثلك، وقال عمر: ليتني كنت تبنة، ليت أمي لم تلدني. وقال ابن مسعود: وددت أني إذا مت لا أبعث. وقال عمران ابن حصين: ليتني كنت رماداً. وقال أبو الدرداء: ليتني كنت شجرة تعضد، وقالت عائشة: ليتني كنت نسياً منسيا.
ودخلوا على عطاء السلمي وحوله بلل، فظنوه قد توضأ فقالت عجوز في داره: هذه دموعه.
لصردر:
كلُّ سحابٍ أمطرتْ أرضكم ... حاملةٌ للماء من أدمعي
وكل ريحٍ زعزعت تُربكم ... فإنها الزفرة من أضلعي
أتاهم من الله وعيد وقذهم، فباتوا على حرق، وأكلوا على تنغيص فنومهم نوم الغرقى، وأكلهم أكل المرضى، عجزت أبدانهم عما حملت قلوبهم " فمنهم من قضى نحبه ومن من ينتظر " .
قال فرقد: دخلت بيت المقدس خمسمائة عذراء لباسهن الصوف والمسوح، فتذاكرن ثواب الله وعقابه فمتن جميعاً في مقام واحد.
قال أبو طارق شهدت ثلاثين رجلاً دخلوا مجالس الذكر يمشون بأرجلهم صحاحاً إلى المجلس، وأجوافهم والله قرحة، فلما سمعوا الذكر انصدعت قلوبهم.
قصوا على حديث من قتل الهوى ... إن التآسي روح كل حزين
قال عبد الواحد بن زيد لو رأيت الحسن، لقلت قد بث عليه حزن الخلائق، ولو رأيت يزيد الرقاشي لقلت مثكل، أقبل ولد يزيد يوماً يعاتبه على كثرة بكائه، فجعل يصرخ ويبكي حتى غشي عليه. فقالت أمه يا بني ما أردت بهذا؟ فقال: إنما أردت أن أهون عليه.
صحة الشوق أحدثت علة الصبر ... وبعد المزار زاد السهادا
كم عذول عليكم رام إصلاحي ... فكان الصلاح منه فسادا
كلما زاد عذله زاد وجدي ... فكلانا في أمره قد تمادى
من لقلب أصليتموه لظى الجمر ... وجنب أفرشتموه القتادا
المحب إن تذكر الربع حن وإن تفكر في البعد أن، وإن جن عليه الليل أظهر ما أجن، قطع رضاع الوصال فلم يتهن.
للمصنف:
يا بريق الحي حرمت المناما ... فانقضى الليل سهاداً وقياما
أترى ما قد أرى يا صاحبي ... كيف والشوق بروحي يترامى
يا سقى الله حماهم مزنة ... حلبت أشطرها أيدي النعامى
يا نسيم الريح بلغ وأعد ... أن نفسي مع أنفاس الخزامى
آه لو عاد زماني بهم ... عند جرعاء الحمى عوداً لماما
يا ليالينا بذي الأثل ارجعي ... أسفاً لو أنه يشفي النداما
يا صاحبي بلغوا إن جزتم ... بنقي الرمل عن الجسم السلاما
إن قلبي يوم طفنا باللوى ... ورحلنا عنه بالوجد أقاما
يا غرامي إن شدت ورق وهل ... علم الورق سوى وجدي الغراما
قلقي في حرقي من أرقي ... يرتقي بل ينتقي مني العظاما
طربي في كربي من حربي ... رجع الماء بواديهم حراما
لو جرت عيني على قدر الأسى ... رجع الماء بواديهم حراما
الفصل الخامس والسبعون
أخواني: الخلوة مهر بكر الفكر وسلم معراج الهمة، حريم العزلة مصون من عيب غيث عبث، إذا خلت دار الخلوة عن الصور تفرغ القلب لملاحظة المعاني.
أوحشتني خلواتي ... بك من كل أنيس
وتفردت فعاينتك ... بالغيب جليسي
ودعاني الوجد والحب ... إلى المعنى النفيس
فبدا لي أن مهر الحب ... أنفاس النفوس
فكتبت العهد للحب ... على طرس الرسيس
يا هذا، إذا رُزقت يقظة فصنها في بيت عزلة، فإن أيدي المعاشرة نهابة، احذر معاشرة الجهال فإن الطبع لص، لا تصادقن فاسقاً، فإن من خان أول منعم عليه لا يفي لك، يا أفراخ التوبة لازموا أوكار الخلوة فإن هر الهوى صيود، إياك والتقرب من طرف الوكر والخروج من بيت العزلة حتى يتكامل نبات الخوافي وإلا كنت رزق الصائد، الأنس بالأنس ربق، المخالطة توجب التخليط وأيسر تأثيرها تشتيت الهم.
أقل ما في سقوط الذئب في غنم ... إن لم يصب بعضها أن ينفز الغنم
قطع العلائق أصل الأصول، فرغ لي بيتاً أسكنه، إن الطائر إذا كان زاقاً لم يرسل في كتاب، تأملوا إلى الفرس إذا قدم إلى الماء الصافي كيف يضرب بيديه فيه حتى يتكدر، أتدرون لم؟ لأنه يرى صورة نفسه في الماء الصافي وصورة غيره فيكدره حتى لا تتبين فيه الصور فيتهنى بالشرب، لا يظهر في خلوة المتيقظ إلا الحق، كان أويس يهرب من الناس فيقولون مجنون، وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه حلية حلته فقوي توق عمر وكان في كل عام يسأل عنه أهل اليمن.
ألا أيها الركب اليمانون عرجوا ... علينا فدق أمسى هوانا يمانيا
نسائلكم هل سال نعمان بعدنا ... وحب إلينا بطن نعمان واديا
لما كانت آخر حجة حجها عمر قام على أبي قيس فنادى بأعلى صوته أفيكم أويس؟ للشريف الرضي:
وإني للشوق من بعدهم ... أراعي الجنوب رواحاً ومغدى
وأفرح من نحو أوطانهم ... بغيث يُجلجل برقاً ورعدا
إذا طلع الركب يممتهم ... أحيي الوجوه كهولاً ومُرْدا
وأسألهم عن عقيق الحمى ... وعن أرض نجدٍ ومن حل نجدا
نشدتكم الله فليُخبرنَّ ... من كان أقرب بالرمل عهدا
صحة الشوق أحدثت علة الصبر ... وبعد المزار زاد السهادا
كم عذول عليكم رام إصلاحي ... فكان الصلاح منه فسادا
كلما زاد عذله زاد وجدي ... فكلانا في أمره قد تمادى
من لقلب أصليتموه لظى الجمر ... وجنب أفرشتموه القتادا
المحب إن تذكر الربع حن وإن تفكر في البعد أن، وإن جن عليه الليل أظهر ما أجن، قطع رضاع الوصال فلم يتهن.
للمصنف:
يا بريق الحي حرمت المناما ... فانقضى الليل سهاداً وقياما
أترى ما قد أرى يا صاحبي ... كيف والشوق بروحي يترامى
يا سقى الله حماهم مزنة ... حلبت أشطرها أيدي النعامى
يا نسيم الريح بلغ وأعد ... أن نفسي مع أنفاس الخزامى
آه لو عاد زماني بهم ... عند جرعاء الحمى عوداً لماما
يا ليالينا بذي الأثل ارجعي ... أسفاً لو أنه يشفي النداما
يا صاحبي بلغوا إن جزتم ... بنقي الرمل عن الجسم السلاما
إن قلبي يوم طفنا باللوى ... ورحلنا عنه بالوجد أقاما
يا غرامي إن شدت ورق وهل ... علم الورق سوى وجدي الغراما
قلقي في حرقي من أرقي ... يرتقي بل ينتقي مني العظاما
طربي في كربي من حربي ... رجع الماء بواديهم حراما
لو جرت عيني على قدر الأسى ... رجع الماء بواديهم حراما
الفصل الخامس والسبعون
أخواني: الخلوة مهر بكر الفكر وسلم معراج الهمة، حريم العزلة مصون من عيب غيث عبث، إذا خلت دار الخلوة عن الصور تفرغ القلب لملاحظة المعاني.
أوحشتني خلواتي ... بك من كل أنيس
وتفردت فعاينتك ... بالغيب جليسي
ودعاني الوجد والحب ... إلى المعنى النفيس
فبدا لي أن مهر الحب ... أنفاس النفوس
فكتبت العهد للحب ... على طرس الرسيس
يا هذا، إذا رُزقت يقظة فصنها في بيت عزلة، فإن أيدي المعاشرة نهابة، احذر معاشرة الجهال فإن الطبع لص، لا تصادقن فاسقاً، فإن من خان أول منعم عليه لا يفي لك، يا أفراخ التوبة لازموا أوكار الخلوة فإن هر الهوى صيود، إياك والتقرب من طرف الوكر والخروج من بيت العزلة حتى يتكامل نبات الخوافي وإلا كنت رزق الصائد، الأنس بالأنس ربق، المخالطة توجب التخليط وأيسر تأثيرها تشتيت الهم.
أقل ما في سقوط الذئب في غنم ... إن لم يصب بعضها أن ينفز الغنم
قطع العلائق أصل الأصول، فرغ لي بيتاً أسكنه، إن الطائر إذا كان زاقاً لم يرسل في كتاب، تأملوا إلى الفرس إذا قدم إلى الماء الصافي كيف يضرب بيديه فيه حتى يتكدر، أتدرون لم؟ لأنه يرى صورة نفسه في الماء الصافي وصورة غيره فيكدره حتى لا تتبين فيه الصور فيتهنى بالشرب، لا يظهر في خلوة المتيقظ إلا الحق، كان أويس يهرب من الناس فيقولون مجنون، وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه حلية حلته فقوي توق عمر وكان في كل عام يسأل عنه أهل اليمن.
ألا أيها الركب اليمانون عرجوا ... علينا فدق أمسى هوانا يمانيا
نسائلكم هل سال نعمان بعدنا ... وحب إلينا بطن نعمان واديا
لما كانت آخر حجة حجها عمر قام على أبي قيس فنادى بأعلى صوته أفيكم أويس؟ للشريف الرضي:
وإني للشوق من بعدهم ... أراعي الجنوب رواحاً ومغدى
وأفرح من نحو أوطانهم ... بغيث يُجلجل برقاً ورعدا
إذا طلع الركب يممتهم ... أحيي الوجوه كهولاً ومُرْدا
وأسألهم عن عقيق الحمى ... وعن أرض نجدٍ ومن حل نجدا
نشدتكم الله فليُخبرنَّ ... من كان أقرب بالرمل عهدا
هل الدار بالجزع مأهولةٌ ... أنار الربيع عليها وأسدى
وهل جلب الغيث أخلاقه ... على محضرٍ من زرود ومبدا؟
كان أويس يأتي المزابل إذا جاع فأتاها يوماً فنبح عليه كلب فقال يا كلب لا تؤذ من لا يؤذيك، كل مما يليك، وآكل مما يليني فإن دخلت الجنة فأنا خير منك، وإن دخلت النار فأنت خير مني.
ذل الفتى في الحب مكرمة ... وخضوعه لحبيبه شرف
كان الصبيان يرمونه بالحجارة، والعقلاء عند نفوسهم يقولون مجنون والمحبة تنهاه أن يفسر ما استعجم.
أبثهم وجدي وهم بي أعلم ... وأرجو شفائي منهم وهم هم
وكم كدت من شوق أبين من هم ... ويمنعني من ذاك خوفي منهم
وكم عذلوني فيهم غير مرة ... فقلت لهم والله بالصدق أعلم
إذا كان قلبي موثقاً في حبالكم ... وجسمي لديكم كيف أفهم عنكم
فإن شئتم أن تعدلوا فتوصلوا ... إلى أن يعود القلب ثم تكلموا
صاحب أهل الدين وصافهم، واستفد من أخلاقهم وأوصافهم، واسكن معهم بالتأدب في دارهم وإن عاتبوك فاصبر ودارهم، إن لم يكن لك مكنة البذر ولم تطق مراعاة الزرع فقف في رفقة " وإذا حضر القسمة أولوا القُربى " أنت في وقت الغنائم نائم، وقلبك في شهوات البهائم هائم، إن صدقت في طلابهم فانهض وبادر، ولا تستصعب طريقهم. فالمعين قادر. تعرض لمن أعطاهم وسل فمولاك مولاهم، رب كنز وقع به فقير، ورب فضل فاز به صغير، علم الخضر ما خفي على موسى، وكشف لسليمان ما غطي عن داود.
يا هذا، لا تحتقر نفسك فالتائب حبيب، والمنكسر مستقيم، إقرارك بالإفلاس غنى، اعترافك بالخطأ إصابة، تنكيس رأسك بالندم رفعة، عرضت سلعة العبودية في سوق البيع فبذلت الملائكة نقد " ونحن نُسبِّح " فقيل ما تؤثر سكة دراهمكم، فإن عجب الضارب بسرعة الضرب أوجب طمساً في النقش فقال آدم: ما عندي إلا فلوس إفلاس، نقشها " ربنا ظلمنا أنفسنا " فقيل هذا الذي ينفق على خزانة الخاص، أنين المذنبين أحب إلينا من زجل المسبحين.
واستعذبوا ماء الجفون فعذبوا ... الأسرار حتى درت الآماق
يا معاشر المذنبين إن كان يأجوج الطبع، ومأجوج الهوى، قد عاثوا في أرض قلوبكم " فأعينوني بقوةٍ أجعلْ بينكم وبينهم ردما " اجمعوا لي عزائم قوية تشابه زبر الحديد، وتفكروا في خطاياكم لتثور صعداء الأسف فلا أحتاج أن أقول " انفخوا " شيدوا بنيان العزائم بهجر المألوف، ليستحجر البناء فنستغني أن نفرغ عليه قطرا، هكذا بناء الأولياء قبلكم، فجاء الأعداء " فما استطاعوا أن يظهروه " .
ليس عزماً ما مرض المرء فيه ... ليس هماً ما عاق عنه الظلام
الجد جد فما تحتمل الطريق الفتور، ضاقت أيام الموسم، فجعجعوا بالإبل كذا أسيد الضبي إذا عوتب في كثرة بكائه يقول: كيف لا أبكي وأنا أموت غداً؟ والله لا أبكين فإن أدركت بالبكاء خيرا، فمن الله علي وإن كانت الأخرى فما بكائي في جنب ما ألقاه؟ كانت عابدة لا تنام من الليل إلا يسيراً فعوتبت في ذلك فقالت: كفى بطول الرقدة في القبور رقادا.
أيها العذال لا تعذلوا ... إنما العذل لمن يقبل
وأرى ليلي لا ينقضي ... طال ليلي والهوى أطول
تزوج رباح القيسي امرأة فرأته نائماً طول الليل فقالت: ليت شعري من غرني بك يا رباح؟
يا عقيق الحمى حمى الله مغناك ... وروى ثراك من مزن دمع
من لصب يشوقه لامح البرق ... فيرتاح قلبه للجزع
يا خليلي ما أنت لي بخليل ... ورفيق إن لم تقف بالربع
هذه طريقهم فأين السالك؟ هذه صفاتهم فأين الطالب؟
هذي المنازل والعقيق ... فأين سلمى والخيام
لم يبق مذ صاحوا النوى ... لميتم فيها مقام
الفصل السادس والسبعون
أيها المقصر عن طلب المزاد، كيف تدرك المعالي بغير اجتهاد؟ أين أهل السهر من أهل الرقاد؟ أين الراغبون في الهوى من الزهاد؟ رحل المتيقظون مستظهرين بكثرة الزاد كل جواد لهم يعرف الجواد فساروا فزاروا والكسلان عاد.
للشريف الرضي:
يا قلبِ ما أنت من نجدٍ وساكنِهِ ... خلَّفتَ نجداً وراء المدلج الساري
وهل جلب الغيث أخلاقه ... على محضرٍ من زرود ومبدا؟
كان أويس يأتي المزابل إذا جاع فأتاها يوماً فنبح عليه كلب فقال يا كلب لا تؤذ من لا يؤذيك، كل مما يليك، وآكل مما يليني فإن دخلت الجنة فأنا خير منك، وإن دخلت النار فأنت خير مني.
ذل الفتى في الحب مكرمة ... وخضوعه لحبيبه شرف
كان الصبيان يرمونه بالحجارة، والعقلاء عند نفوسهم يقولون مجنون والمحبة تنهاه أن يفسر ما استعجم.
أبثهم وجدي وهم بي أعلم ... وأرجو شفائي منهم وهم هم
وكم كدت من شوق أبين من هم ... ويمنعني من ذاك خوفي منهم
وكم عذلوني فيهم غير مرة ... فقلت لهم والله بالصدق أعلم
إذا كان قلبي موثقاً في حبالكم ... وجسمي لديكم كيف أفهم عنكم
فإن شئتم أن تعدلوا فتوصلوا ... إلى أن يعود القلب ثم تكلموا
صاحب أهل الدين وصافهم، واستفد من أخلاقهم وأوصافهم، واسكن معهم بالتأدب في دارهم وإن عاتبوك فاصبر ودارهم، إن لم يكن لك مكنة البذر ولم تطق مراعاة الزرع فقف في رفقة " وإذا حضر القسمة أولوا القُربى " أنت في وقت الغنائم نائم، وقلبك في شهوات البهائم هائم، إن صدقت في طلابهم فانهض وبادر، ولا تستصعب طريقهم. فالمعين قادر. تعرض لمن أعطاهم وسل فمولاك مولاهم، رب كنز وقع به فقير، ورب فضل فاز به صغير، علم الخضر ما خفي على موسى، وكشف لسليمان ما غطي عن داود.
يا هذا، لا تحتقر نفسك فالتائب حبيب، والمنكسر مستقيم، إقرارك بالإفلاس غنى، اعترافك بالخطأ إصابة، تنكيس رأسك بالندم رفعة، عرضت سلعة العبودية في سوق البيع فبذلت الملائكة نقد " ونحن نُسبِّح " فقيل ما تؤثر سكة دراهمكم، فإن عجب الضارب بسرعة الضرب أوجب طمساً في النقش فقال آدم: ما عندي إلا فلوس إفلاس، نقشها " ربنا ظلمنا أنفسنا " فقيل هذا الذي ينفق على خزانة الخاص، أنين المذنبين أحب إلينا من زجل المسبحين.
واستعذبوا ماء الجفون فعذبوا ... الأسرار حتى درت الآماق
يا معاشر المذنبين إن كان يأجوج الطبع، ومأجوج الهوى، قد عاثوا في أرض قلوبكم " فأعينوني بقوةٍ أجعلْ بينكم وبينهم ردما " اجمعوا لي عزائم قوية تشابه زبر الحديد، وتفكروا في خطاياكم لتثور صعداء الأسف فلا أحتاج أن أقول " انفخوا " شيدوا بنيان العزائم بهجر المألوف، ليستحجر البناء فنستغني أن نفرغ عليه قطرا، هكذا بناء الأولياء قبلكم، فجاء الأعداء " فما استطاعوا أن يظهروه " .
ليس عزماً ما مرض المرء فيه ... ليس هماً ما عاق عنه الظلام
الجد جد فما تحتمل الطريق الفتور، ضاقت أيام الموسم، فجعجعوا بالإبل كذا أسيد الضبي إذا عوتب في كثرة بكائه يقول: كيف لا أبكي وأنا أموت غداً؟ والله لا أبكين فإن أدركت بالبكاء خيرا، فمن الله علي وإن كانت الأخرى فما بكائي في جنب ما ألقاه؟ كانت عابدة لا تنام من الليل إلا يسيراً فعوتبت في ذلك فقالت: كفى بطول الرقدة في القبور رقادا.
أيها العذال لا تعذلوا ... إنما العذل لمن يقبل
وأرى ليلي لا ينقضي ... طال ليلي والهوى أطول
تزوج رباح القيسي امرأة فرأته نائماً طول الليل فقالت: ليت شعري من غرني بك يا رباح؟
يا عقيق الحمى حمى الله مغناك ... وروى ثراك من مزن دمع
من لصب يشوقه لامح البرق ... فيرتاح قلبه للجزع
يا خليلي ما أنت لي بخليل ... ورفيق إن لم تقف بالربع
هذه طريقهم فأين السالك؟ هذه صفاتهم فأين الطالب؟
هذي المنازل والعقيق ... فأين سلمى والخيام
لم يبق مذ صاحوا النوى ... لميتم فيها مقام
الفصل السادس والسبعون
أيها المقصر عن طلب المزاد، كيف تدرك المعالي بغير اجتهاد؟ أين أهل السهر من أهل الرقاد؟ أين الراغبون في الهوى من الزهاد؟ رحل المتيقظون مستظهرين بكثرة الزاد كل جواد لهم يعرف الجواد فساروا فزاروا والكسلان عاد.
للشريف الرضي:
يا قلبِ ما أنت من نجدٍ وساكنِهِ ... خلَّفتَ نجداً وراء المدلج الساري
أهفو إلى الركب تعلو لي ركائبهم ... من الحمى في أُسَيحاق وإطمار
تفوحُ أرواحُ نجدٍ من ثيابهم ... عند القدوم لقرب العهد بالدار
يا راكبان قفا لي فاقضيا وطري ... وحدثاني عن نجد بأخبار
هل رُوِّضَتْ قاعة الوعساء أم مطرت ... خميلةُ الطاح ذات البان والغاري
أم هل أبيتُ ودارٌ عند كاظمةٍ ... داري وسمّار ذاك الحي سماري
فلم يزالا إلى أن نَمَّ بي نفَسي ... وحدّثَ الركبَ عني مدمعي الجار
لما صفت خلوات الدجى، نودي آذن الوصول أقم فلاناً وأنم فلاناً خرجت بالأسماء الجرائد، وفاز الأحباب بالفوائد، قال أحمد بن أبي الحواري: قلت لامرأتي رابعة وقد قامت من أول الليل قد رأينا أبا سليمان وتعبدنا معه، ما رأينا من يقوم من أول الليل. فقالت: سبحان الله مثلك يقول هذا؟ أما أقوم إذا نوديت . للمتنبي:
تقولين ما في الناس مثلك وامق ... جدي مثل من أحببته تجدي مثلي
ذريني أنل ما لا ينال من العلى ... فصعب العلى في الصعب والسهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة ... ولا بد دون الشهد من غبر النحل
لما دارت كؤوس النوم على أفواه العيون، فسكرت بالشراب الألباب فطرحت الأجساد على فراش " يَتَوَقَّى " صاحت فصاحة الحب بالمحب: كل مسكر حرام، فلما نفخ في صور الإيقاظ في أبان " وَيُرْسِلُ الأُخرى " قام أموات النوم وقد رحل سفر الوصال. فلم يروا إلا آثار القرب في مناخ الأحباب وأثا في " تتجافى " ستر القوم قيامهم بالليل فستر جزاءهم أن يطلع عليه الغير " فلا تعلمُ نفسٌ " فلو عانيتهم وقد دارت كؤوس المناجاة بين مزاهر التلاوة فأسكرت قلب الواجد، ورقمت في صحائف الوجبات تعرفهم " بسيماهم " .
وتمشت في مفاصلهم ... كتمشي البرء في السقم
اشتهر بقيام الليل كله، وصلاة الفجر بوضوء العشاء، سعيد بن المسيب وصفوان سليم ومحمد بن المنكدر المدنيون وفضيل ووهب المكيان طاوس ووهب اليمانيان والربيع بن خيثم والحكم الكوفيان وأبو سليمان الداراني وأبو جابر الفارسيان وسليمان التيمي ومالك بن دينار ويزيد الرقاشي وحبيب العجمي ويحيى البكائي وكهمس ورابعة البصريون.
قالت أم عمرو بن المنكدر: يا بني أشتهي أراك نائماً: فقال يا أماه إن الليل ليرد علي فيهولني فينقضي عني وما قضيت منه مأربي. وصحب رجل رجلاً شهرين فما رآه نائماً فقال مالك: لا تنام؟ فقال: إن عجائب القرآن أطرن نومي ما أخرج من أعجوبة إلا وقعت في أخرى.
لا تلحه إن كنت من سجرائه ... عذل المحب يزيد في إغرائه
ودع الهوى يقضي عليه بحكمه ... ما شاء فهو مسلم لقضائه
فشقاؤه فيما يراه نعيمه ... ونعيمه في ذاك عين شقائه
كحلت مآقيه بطول سهاده ... وحنت أضالعه على برحائه
دنف ببابل جسمه وفؤاده ... بالخيف واعجباً لطول بقائه
قال سفيان إن لله ريحاً تسمى الصبحية، مخزونة تحت العرش تهب عند الأسحار فتحمل الأنين والاستغفار.
للمهيار:
يا نسيم الريح من كاظمةٍ ... شد ما هِجت الأسا والبُرحا
الصبا إن كان لابد الصّبا ... إنها كانت لقلبي أروحا
أذكرونا ذكرنا عهدكُمُ ... ربَّ ذكرى قرَّبَت من نزحا
وارحموا صبّاً إذا غنّى بكم ... شربَ الدَّمع وعافَ القدَحا
يا طويل النوم فاتتك مدحة " تتجافى " وحرمت منحة " والمستغفرين " ولست من أهل عتاب فإذا جنة الليل نام عني، ليس في ليل الهجر منام ومتى رأيت محباً ينام؟ للمتنبي:
فإن نهاري ليلةٌ مدلهمَّةٌ ... على مقلة من فقدكم في غياهب
بعيدةِ ما بين الجفون كأنما ... عقدتم أهالي كلِّ هدبٍ بحاجب
ثورت في الليل الحداة وعكمت أحمال الأعمال وسارت رفقة المتهجدين وترنم كل ذي صوت بشجو، وأنت في الرقدة الأولى بعد.
لم يخل مرجان دمع من عقيق دم ... شوق بلا عبرة ساق بلا قدم
يا هذا، كيف تطبق السهر مع الشبع؟ كيف تزاحم أهل العزائم بمناكب الكسل:
تفوحُ أرواحُ نجدٍ من ثيابهم ... عند القدوم لقرب العهد بالدار
يا راكبان قفا لي فاقضيا وطري ... وحدثاني عن نجد بأخبار
هل رُوِّضَتْ قاعة الوعساء أم مطرت ... خميلةُ الطاح ذات البان والغاري
أم هل أبيتُ ودارٌ عند كاظمةٍ ... داري وسمّار ذاك الحي سماري
فلم يزالا إلى أن نَمَّ بي نفَسي ... وحدّثَ الركبَ عني مدمعي الجار
لما صفت خلوات الدجى، نودي آذن الوصول أقم فلاناً وأنم فلاناً خرجت بالأسماء الجرائد، وفاز الأحباب بالفوائد، قال أحمد بن أبي الحواري: قلت لامرأتي رابعة وقد قامت من أول الليل قد رأينا أبا سليمان وتعبدنا معه، ما رأينا من يقوم من أول الليل. فقالت: سبحان الله مثلك يقول هذا؟ أما أقوم إذا نوديت . للمتنبي:
تقولين ما في الناس مثلك وامق ... جدي مثل من أحببته تجدي مثلي
ذريني أنل ما لا ينال من العلى ... فصعب العلى في الصعب والسهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة ... ولا بد دون الشهد من غبر النحل
لما دارت كؤوس النوم على أفواه العيون، فسكرت بالشراب الألباب فطرحت الأجساد على فراش " يَتَوَقَّى " صاحت فصاحة الحب بالمحب: كل مسكر حرام، فلما نفخ في صور الإيقاظ في أبان " وَيُرْسِلُ الأُخرى " قام أموات النوم وقد رحل سفر الوصال. فلم يروا إلا آثار القرب في مناخ الأحباب وأثا في " تتجافى " ستر القوم قيامهم بالليل فستر جزاءهم أن يطلع عليه الغير " فلا تعلمُ نفسٌ " فلو عانيتهم وقد دارت كؤوس المناجاة بين مزاهر التلاوة فأسكرت قلب الواجد، ورقمت في صحائف الوجبات تعرفهم " بسيماهم " .
وتمشت في مفاصلهم ... كتمشي البرء في السقم
اشتهر بقيام الليل كله، وصلاة الفجر بوضوء العشاء، سعيد بن المسيب وصفوان سليم ومحمد بن المنكدر المدنيون وفضيل ووهب المكيان طاوس ووهب اليمانيان والربيع بن خيثم والحكم الكوفيان وأبو سليمان الداراني وأبو جابر الفارسيان وسليمان التيمي ومالك بن دينار ويزيد الرقاشي وحبيب العجمي ويحيى البكائي وكهمس ورابعة البصريون.
قالت أم عمرو بن المنكدر: يا بني أشتهي أراك نائماً: فقال يا أماه إن الليل ليرد علي فيهولني فينقضي عني وما قضيت منه مأربي. وصحب رجل رجلاً شهرين فما رآه نائماً فقال مالك: لا تنام؟ فقال: إن عجائب القرآن أطرن نومي ما أخرج من أعجوبة إلا وقعت في أخرى.
لا تلحه إن كنت من سجرائه ... عذل المحب يزيد في إغرائه
ودع الهوى يقضي عليه بحكمه ... ما شاء فهو مسلم لقضائه
فشقاؤه فيما يراه نعيمه ... ونعيمه في ذاك عين شقائه
كحلت مآقيه بطول سهاده ... وحنت أضالعه على برحائه
دنف ببابل جسمه وفؤاده ... بالخيف واعجباً لطول بقائه
قال سفيان إن لله ريحاً تسمى الصبحية، مخزونة تحت العرش تهب عند الأسحار فتحمل الأنين والاستغفار.
للمهيار:
يا نسيم الريح من كاظمةٍ ... شد ما هِجت الأسا والبُرحا
الصبا إن كان لابد الصّبا ... إنها كانت لقلبي أروحا
أذكرونا ذكرنا عهدكُمُ ... ربَّ ذكرى قرَّبَت من نزحا
وارحموا صبّاً إذا غنّى بكم ... شربَ الدَّمع وعافَ القدَحا
يا طويل النوم فاتتك مدحة " تتجافى " وحرمت منحة " والمستغفرين " ولست من أهل عتاب فإذا جنة الليل نام عني، ليس في ليل الهجر منام ومتى رأيت محباً ينام؟ للمتنبي:
فإن نهاري ليلةٌ مدلهمَّةٌ ... على مقلة من فقدكم في غياهب
بعيدةِ ما بين الجفون كأنما ... عقدتم أهالي كلِّ هدبٍ بحاجب
ثورت في الليل الحداة وعكمت أحمال الأعمال وسارت رفقة المتهجدين وترنم كل ذي صوت بشجو، وأنت في الرقدة الأولى بعد.
لم يخل مرجان دمع من عقيق دم ... شوق بلا عبرة ساق بلا قدم
يا هذا، كيف تطبق السهر مع الشبع؟ كيف تزاحم أهل العزائم بمناكب الكسل:
دع الهوى لأناسٍ يعرفون به ... قد مارسوا الحب حتى لان أصعبه
بلوت نفسك فيما لست تخبره ... والشيء صعبٌ على من لا يجربه
فاقن اصطباراً وإن لم تستطع جلداً ... فرب مدرك أمر عز مطلبه
أحنو الضلوع على قلب يحيرني ... في كل يوم ويعييني تقلبه
تناوح الريح من نجد يهيجه ... ولا مع البرق من نعمان يطربه
الفصل السابع والسبعون
إذا هبت رياح المواعظ أثارت من قلوب المتيقظين غيم الغم على ما سلف، وساقته إلى بلد الطبع المنحرف برعد الوعيد وبرق الخشية، فتترقى دموع الأحزان من بحر قعر القلب إلى أوج الرأس فتسيل في ميازيب الشئون على سطوح الوجنات فإذا أعشب السر اهتز فرحاً بالإنابة.
محت بعدكم تلك العيونُ دموعَها ... فهل من عيون بعدها نستعيرها
رحلنا وفي سر الفؤاد ضمائرٌ ... إذا هب نجدي الصبا يستثيرها
أتنسى رياض الغَورِ بعد فراقها ... وقد أخذ الميثاق منك غديرَها
يجعده مر الشمال وتارة ... يغازله كر الصبا ومرورها
الأهل إلى شم الخزامى وعرعر ... وشيح بوادي الأثل أرض نسيرها
ألا أيها الركب العراقي بلّغوا ... رسالة محزونٍ خواه سطورها
إذا كتبت أنفاسه بعض وجدها ... على صفحة الذكرى محاه زفيرها
ترفق رفيقي هل بدت نار أرضهم ... أم الوجد يذكي ناره ويثيرها
أعد ذكرهم فهو الشفاء وربما ... شفى النفس أمر ثم عاد يضيرها
ألا أين أزمان الوصال التي خلت ... خلا ما حلا منها وجاء مريرها
سقى الله أيّاماً مضت وليالياً ... تضوع رياها وفاح عبيرها
من تفكّر في تفريطه أنَّ، ومن تذكر أيام وصله حنّ، من سمع صوت الحمام ظنه لحسن الصوت، كلا بل لذكر ما مر من العيش، إذا نظر الأسير إلى نفسه في ضيق القد ولم يقدر على ضك القيد قطع حزنه حيازيم القلب فنفسه بالأسف في آخر نفس.
تهيم إذا ريح الصبا نسمت لها ... وتبكي إذا الورقاء في الغصن غنت
إذا جذب الصبح اللثام تأوهت ... وإن نشر الليل الجناح أرنت
كان داود يؤتى بالإناء ناقصاً فلا يشربه حتى يتمه بالدموع.
يا ساقي القوم إن دارت علي فلا ... تمزج فإني بدمعي مازج كأسي
كان في خد عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء وكان في وجه ابن عباس كالشراكين الباليين من الدمع.
للمهيار:
ألا من لعين من بكاها على الحمى ... تجف ضروع المزن وهي حلوب
بكت وغدير الحي طام وأصبحت ... عليه العطاش الحائمات تلوب
وما كنت أدري أن عيناً ركية ... ولا أن ماء الماقيين شروب
كان الحسن يبكي حتى يرحم، وكان الفضيل بن عياض يبكي في النوم حتى ينتبه أهل الدار ببكائه. وكان عطاء يبكي في غرفة له حتى تجري دموعه في الميزاب، فقطرت يوماً إلى الطريق على بعض المارين فصاح يا أهل الدار: أماؤكم طاهر؟ فصاح عطاء: اغسله فإنه دمع من عصا الله.
وممن لبه مع غيره كيف حاله ... ومن سره في جفنه كيف يكتم
وقالوا لعطاء السلمي: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي أن أبكي حتى لا أقد أن أبكي.
وإن شفائي عبرة مهراقة ... فهل عند رسم دارس من معول
كان أشعث الحداني وحبيب العجمي يتزاوران فيبكيان طول النهار وكان حزام وسهيل وعبد الواحد كل واحد في بيت يتجاوبون بالبكاء.
للخفاجي:
ركب هوى تجاذبوا حديثه ... فاترعوا من الغرام أكؤسا
واسبلوا من الجفون أدمعاً ... ظننتها ماءً وكانت أنفسا
لقد سمعت في الرحال أنَّةً ... أظنها نشطة وجد حبسا
بلوت نفسك فيما لست تخبره ... والشيء صعبٌ على من لا يجربه
فاقن اصطباراً وإن لم تستطع جلداً ... فرب مدرك أمر عز مطلبه
أحنو الضلوع على قلب يحيرني ... في كل يوم ويعييني تقلبه
تناوح الريح من نجد يهيجه ... ولا مع البرق من نعمان يطربه
الفصل السابع والسبعون
إذا هبت رياح المواعظ أثارت من قلوب المتيقظين غيم الغم على ما سلف، وساقته إلى بلد الطبع المنحرف برعد الوعيد وبرق الخشية، فتترقى دموع الأحزان من بحر قعر القلب إلى أوج الرأس فتسيل في ميازيب الشئون على سطوح الوجنات فإذا أعشب السر اهتز فرحاً بالإنابة.
محت بعدكم تلك العيونُ دموعَها ... فهل من عيون بعدها نستعيرها
رحلنا وفي سر الفؤاد ضمائرٌ ... إذا هب نجدي الصبا يستثيرها
أتنسى رياض الغَورِ بعد فراقها ... وقد أخذ الميثاق منك غديرَها
يجعده مر الشمال وتارة ... يغازله كر الصبا ومرورها
الأهل إلى شم الخزامى وعرعر ... وشيح بوادي الأثل أرض نسيرها
ألا أيها الركب العراقي بلّغوا ... رسالة محزونٍ خواه سطورها
إذا كتبت أنفاسه بعض وجدها ... على صفحة الذكرى محاه زفيرها
ترفق رفيقي هل بدت نار أرضهم ... أم الوجد يذكي ناره ويثيرها
أعد ذكرهم فهو الشفاء وربما ... شفى النفس أمر ثم عاد يضيرها
ألا أين أزمان الوصال التي خلت ... خلا ما حلا منها وجاء مريرها
سقى الله أيّاماً مضت وليالياً ... تضوع رياها وفاح عبيرها
من تفكّر في تفريطه أنَّ، ومن تذكر أيام وصله حنّ، من سمع صوت الحمام ظنه لحسن الصوت، كلا بل لذكر ما مر من العيش، إذا نظر الأسير إلى نفسه في ضيق القد ولم يقدر على ضك القيد قطع حزنه حيازيم القلب فنفسه بالأسف في آخر نفس.
تهيم إذا ريح الصبا نسمت لها ... وتبكي إذا الورقاء في الغصن غنت
إذا جذب الصبح اللثام تأوهت ... وإن نشر الليل الجناح أرنت
كان داود يؤتى بالإناء ناقصاً فلا يشربه حتى يتمه بالدموع.
يا ساقي القوم إن دارت علي فلا ... تمزج فإني بدمعي مازج كأسي
كان في خد عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء وكان في وجه ابن عباس كالشراكين الباليين من الدمع.
للمهيار:
ألا من لعين من بكاها على الحمى ... تجف ضروع المزن وهي حلوب
بكت وغدير الحي طام وأصبحت ... عليه العطاش الحائمات تلوب
وما كنت أدري أن عيناً ركية ... ولا أن ماء الماقيين شروب
كان الحسن يبكي حتى يرحم، وكان الفضيل بن عياض يبكي في النوم حتى ينتبه أهل الدار ببكائه. وكان عطاء يبكي في غرفة له حتى تجري دموعه في الميزاب، فقطرت يوماً إلى الطريق على بعض المارين فصاح يا أهل الدار: أماؤكم طاهر؟ فصاح عطاء: اغسله فإنه دمع من عصا الله.
وممن لبه مع غيره كيف حاله ... ومن سره في جفنه كيف يكتم
وقالوا لعطاء السلمي: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي أن أبكي حتى لا أقد أن أبكي.
وإن شفائي عبرة مهراقة ... فهل عند رسم دارس من معول
كان أشعث الحداني وحبيب العجمي يتزاوران فيبكيان طول النهار وكان حزام وسهيل وعبد الواحد كل واحد في بيت يتجاوبون بالبكاء.
للخفاجي:
ركب هوى تجاذبوا حديثه ... فاترعوا من الغرام أكؤسا
واسبلوا من الجفون أدمعاً ... ظننتها ماءً وكانت أنفسا
لقد سمعت في الرحال أنَّةً ... أظنها نشطة وجد حبسا
البكاء موكل بعيون الخائفين كلما همت بفتح طرف لتنظر إلى طرف من طرف الدنيا طرفته دمعة، قال عليه السلام: " عينان لا تمسّهما النار، عين بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله " . قال الحسن: لو بكي عبد من خشية الله لرحم من حوله ولو كانوا عشرين ألفاً. وقيل لثابت البناني عالج عينيك ولا تبك. فقال: أي خير في عين لا تبكي.
لصردر:
إذا لم أفز منكم بوعدٍ ونظرةٍ ... إليكم فما نفعي بسمعي وناظري
متى غنت الورقاءُ كانت مدامتي ... دموعي وزفراتي حنين مزاهري
البكاء لأجل الذنوب مقام المريد، والبكاء على المحبوب مقام العارف.
روحي إليك بكلها قد أجمعت ... لو كان فيك هلاكها ما أقلعت
تبكي عليك بكلها عن كلها ... حتى يقال من البكاء تقطعت
فانظر إليها نظرة بتعطفٍ ... فلطالما متعتها فتمتعت
إخواني: حر الخوف صيف الذوبان وبرودة الرجاء شتاء الغفلة. ومن لطف به كان زمانه كله فصلا:
عين تسر إذا رأتك وأختها ... تبكي لطول تباعدٍ وفراق
فاحفظ لواحدة دوام سرورها ... وعِد التي أبكيتها بتلاق
سبحان من روح أرواح الخائفين بريح الرجاء الضعيف، إذا لم يتلاف تلف لا بد للمكروب من نسيم بارد:
بالله يا ريح الشمال ... إذا عزمت على الهبوب
فتحملي شكوى المحب ... المستهام إلى الحبيب
قرب الضنى من مهجتي ... لما بعدت عن الطبيب
وقفت عتبة الغلام ليلة على ساحل البحر إلى الصباح يقول: إن تعذبني فإني لك محب، وإن ترحمني فإني لك محب. يا قومنا المحب مع بذل روحه يرتاح إلى المنى وإلى لعل لأنه لا يرى ما بذل، يصلح ثمناً لما طلب:
بقلبي منهم علق ... ودمعي فيهم علق
وبي من حبهم حرق ... لها الأحشاء تحترق
وما تركوا سوى رمقي ... فليتهم له رمقوا
كان عبد الواحد يقول لعتبة: أرفق بنفسك فيبكي ويقول: إنما أبكي على تقصيري.
قالوا تصبر فما هذا الجنون بهم ... فقلت يا قوم ليس القلب من قبلي
واعجباً، أو يقدر المحب على التصرف في قلبه؟ كلا دين المحب الجبر. لأبي الشيص الخزاعي:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حباً لذكرك فليلمني اللوم
دخلوا على رابعة فقالت: لقد طالت عليَّ الأيام بالشوق إلى لقاء الله تعالى: ودخلوا عليها مرة أخرى فقالوا: أتشتاقين إليه؟ فقالت: هو حاضر معي. قالوا: يا رابعة هذا ضد الأول، أجابت بلسان الحال: هكذا تحير المحب.
ومن عجب أني أحن إليهم ... وأسأل عنهم من أرى وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ... ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
إذا بدت رابعة في القيمة مختمرة وقعت لهيبة خمارها طيالسة العلماء، كان سفيان يتأدب لرابعة كان هو صاحب مخزن العلم فتردد إلى القهرمانة لأن لها دخولاً أكثر منه رحل الملاك وبقي المدعون، أترى أي طريق سلكوا؟ نحن ملكنا والقوم ملكوا.
للشريف الرضي، وللمهيار:
يا صاحبَيْ رَحْلي قِفا ... فسائلا لي الدِّمَنا
وامطرا دمعكما ... ذاك الكثيب الأيمنا
ما الدار عندي سكن ... إذا عدمت السكنا
كان فؤادي وهمُ ... فظعنوا فظَعِنا
مُنىً لعيني أن ترى ... تلك الثلاث من منى
ويوم سلع لم يكن ... يومي بسلع هينا
ويوم ذي البان ... تبايعنا فحزتُ الغبنا
كان الغرام المشترى ... وكان قلبي الثمنا
وبارق أشيمه ... كالطرف أغضى ورنا
ذكرني الأحباب ... والذكرى تهيج الحزنا
من بطن مر والسرى ... تؤام عسفان بنا
وبالعراق وطرى يا ... بعد ما لاح لنا
؟؟الفصل الثامن والسبعون
المحب يتعلق بكل شيء ويهيم في كل واد، على القلق يمشي وعلى الحرق يمسي:
لصردر:
إذا لم أفز منكم بوعدٍ ونظرةٍ ... إليكم فما نفعي بسمعي وناظري
متى غنت الورقاءُ كانت مدامتي ... دموعي وزفراتي حنين مزاهري
البكاء لأجل الذنوب مقام المريد، والبكاء على المحبوب مقام العارف.
روحي إليك بكلها قد أجمعت ... لو كان فيك هلاكها ما أقلعت
تبكي عليك بكلها عن كلها ... حتى يقال من البكاء تقطعت
فانظر إليها نظرة بتعطفٍ ... فلطالما متعتها فتمتعت
إخواني: حر الخوف صيف الذوبان وبرودة الرجاء شتاء الغفلة. ومن لطف به كان زمانه كله فصلا:
عين تسر إذا رأتك وأختها ... تبكي لطول تباعدٍ وفراق
فاحفظ لواحدة دوام سرورها ... وعِد التي أبكيتها بتلاق
سبحان من روح أرواح الخائفين بريح الرجاء الضعيف، إذا لم يتلاف تلف لا بد للمكروب من نسيم بارد:
بالله يا ريح الشمال ... إذا عزمت على الهبوب
فتحملي شكوى المحب ... المستهام إلى الحبيب
قرب الضنى من مهجتي ... لما بعدت عن الطبيب
وقفت عتبة الغلام ليلة على ساحل البحر إلى الصباح يقول: إن تعذبني فإني لك محب، وإن ترحمني فإني لك محب. يا قومنا المحب مع بذل روحه يرتاح إلى المنى وإلى لعل لأنه لا يرى ما بذل، يصلح ثمناً لما طلب:
بقلبي منهم علق ... ودمعي فيهم علق
وبي من حبهم حرق ... لها الأحشاء تحترق
وما تركوا سوى رمقي ... فليتهم له رمقوا
كان عبد الواحد يقول لعتبة: أرفق بنفسك فيبكي ويقول: إنما أبكي على تقصيري.
قالوا تصبر فما هذا الجنون بهم ... فقلت يا قوم ليس القلب من قبلي
واعجباً، أو يقدر المحب على التصرف في قلبه؟ كلا دين المحب الجبر. لأبي الشيص الخزاعي:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حباً لذكرك فليلمني اللوم
دخلوا على رابعة فقالت: لقد طالت عليَّ الأيام بالشوق إلى لقاء الله تعالى: ودخلوا عليها مرة أخرى فقالوا: أتشتاقين إليه؟ فقالت: هو حاضر معي. قالوا: يا رابعة هذا ضد الأول، أجابت بلسان الحال: هكذا تحير المحب.
ومن عجب أني أحن إليهم ... وأسأل عنهم من أرى وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ... ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
إذا بدت رابعة في القيمة مختمرة وقعت لهيبة خمارها طيالسة العلماء، كان سفيان يتأدب لرابعة كان هو صاحب مخزن العلم فتردد إلى القهرمانة لأن لها دخولاً أكثر منه رحل الملاك وبقي المدعون، أترى أي طريق سلكوا؟ نحن ملكنا والقوم ملكوا.
للشريف الرضي، وللمهيار:
يا صاحبَيْ رَحْلي قِفا ... فسائلا لي الدِّمَنا
وامطرا دمعكما ... ذاك الكثيب الأيمنا
ما الدار عندي سكن ... إذا عدمت السكنا
كان فؤادي وهمُ ... فظعنوا فظَعِنا
مُنىً لعيني أن ترى ... تلك الثلاث من منى
ويوم سلع لم يكن ... يومي بسلع هينا
ويوم ذي البان ... تبايعنا فحزتُ الغبنا
كان الغرام المشترى ... وكان قلبي الثمنا
وبارق أشيمه ... كالطرف أغضى ورنا
ذكرني الأحباب ... والذكرى تهيج الحزنا
من بطن مر والسرى ... تؤام عسفان بنا
وبالعراق وطرى يا ... بعد ما لاح لنا
؟؟الفصل الثامن والسبعون
المحب يتعلق بكل شيء ويهيم في كل واد، على القلق يمشي وعلى الحرق يمسي:
بقيت على الأطلال من بعدكم ملقى ... أهيم بكمُ غرباً وأطلبكم شرقا
وأسأل أنفاس الرياح إذا جرت ... يمانية عنكم وأستنبؤ البرقا
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى حراء ويبدو إلى التلاع. مقاساة الخلق ظلمة، والحبيب لا يتجلى إلا في خلوة.
وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس في السر خاليا
المحب مقتول بلا سيف ملقى في منى المنى لا عند الخيف، إذا سمع صوت منشد قد غرد خلع لجام الصبر وتشرد.
ولما غرد الحادي ... وسار القوم في الوادي
وراح القلب يتبعهم ... بلا ماء ولا زاد
رأيت قتيل بينهم ... صريعاً ما له فاد
أول علامات المحبة دموع العين وأوسطها قلق القلب ونهايتها احتراقه.
لقيس ذريح:
هل الحب إلا زفرة بعد زفرة ... وحر على الأجساد ليس له برد
وفيض دموع تستهل إذا بدا ... لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو
قال ذو النون: لقيت امرأة متعبدة فوعظتني فبكيت فقالت: لم تبكي؟ قلت لها: أو العارف لا يبكي؟ قالت: إذا بكى استراح ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.
لا وحبيك لا أصافح ... بالدمع مدمعا
من بكى شجوه استراح ... وإن كان موجعا
كبدي في هواك ... أهون من أن تقطعا
لم تدع سورة الضنى ... فيَّ للسقم موضعا
المحبة نزالة وقوتها المهج. كانت أضلاع عمر بن عبد العزيز تعد، وكان جسد سرى كالشن. وقف أبو يزيد في المحراب فكبر فتقعقعت عظامه.
وإني لتعروني لذكراك روعة ... لها بين جلدي والعظام دبيب
فما هو إلا أن أراها فجأة ... فأبهت حتى لا أكاد أجيب
إذا رأيت محباً ولم تدر لمن؟ فضع يدك على نبضه. وسم كل من تظنه المحبوب، فإن النبض لا ينزعج إلا عند ذكره " إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم " .
للمهيار:
ألا فتى يسأل قلبي ماله ... ينزو إذا برق الحمى بداله
فهب يرجو خبراً من الحمى ... يسنده عنه فما روى له
أراد نجداً معه فانتقضت ... إرادة هاجت له بلباله
وانتسم الريح الصبا ومن له ... بنفحة من الصبا طوبى له
المحب في قلق لا سكون، والعجب أنه يتكلف الثبات.
الوجد يحركه والليل يقلقه ... والصبر يسكته والحب ينطقه
ويستر الحال عمن ليس يعذره ... وكيف يستره والدمع يسبقه
المحب مبالغ في كتمان وجده، غير أن الدمع نمام.
آفة السر من جفو ... ن دوام دوامع
كيف يخفى من الدمو ... ع الهوامى الهوامع
كان أكثر القوم، إذا جائه البكاء دافعه، اتقاء اللاحي له، فيغلبه فلا حيلة له.
للمتنبي:
حاشى الرقيب فخانته ضمائره ... وغيَّض الدمع فأنهلت بوادره
وكاتم الحب يوم البين مفتضح ... وصاحب الوجد لا تخفى سرائره
إذا أقلقه الحب ضج، وإذا أرقه الشوق عج، وكلما حبس دمعه ثج، وإذا استوحش من الخلق هج، فالهموم تنوبه من كل فج، حشيت قلوب القوم بالغموم، حشو الورد في قوارير الزور، وكلما التهبت نار الحذر جرت عيون الدمع في جداول العيون فرشت على الخدود ماء، ما ماء الورد عنده بطيب.
لأبي المعتز:
أسر القلب فأمسى لديه ... فهو يشكوه ويشكو إليه
عذب الأحباب بالهجر حيناً ... فهم يبكون بين يديه
واعجباً لضعف بدن العارف كم يحمل؟ وآسفا لقلب المحب كم يصبر.
نعم تحمل الأشواق والعيس ظلع ... ويمشي الهوى والناقلات قعود
ما أقوى جلد جلد القلب على نار الحب، كأنه قد ألبس ريش السمندل على أنه لا بد من لذع يبين أثره في صعود الصعداء دلالة تدل على الحريق، اشتط اللهيب فشاطت القلوب لولا أن القوم على شواطي بحر الدموع نزول.
للشريف الرضي:
خذي حديثك في نفس من النفس ... وَجْدُ المَشوق المُعَنَّى غير ملتبس
الماء في ناظري والنار في كبدي ... إن شئتِ فاغترفي أو شئت فاقتبسي
وأسأل أنفاس الرياح إذا جرت ... يمانية عنكم وأستنبؤ البرقا
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى حراء ويبدو إلى التلاع. مقاساة الخلق ظلمة، والحبيب لا يتجلى إلا في خلوة.
وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس في السر خاليا
المحب مقتول بلا سيف ملقى في منى المنى لا عند الخيف، إذا سمع صوت منشد قد غرد خلع لجام الصبر وتشرد.
ولما غرد الحادي ... وسار القوم في الوادي
وراح القلب يتبعهم ... بلا ماء ولا زاد
رأيت قتيل بينهم ... صريعاً ما له فاد
أول علامات المحبة دموع العين وأوسطها قلق القلب ونهايتها احتراقه.
لقيس ذريح:
هل الحب إلا زفرة بعد زفرة ... وحر على الأجساد ليس له برد
وفيض دموع تستهل إذا بدا ... لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو
قال ذو النون: لقيت امرأة متعبدة فوعظتني فبكيت فقالت: لم تبكي؟ قلت لها: أو العارف لا يبكي؟ قالت: إذا بكى استراح ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.
لا وحبيك لا أصافح ... بالدمع مدمعا
من بكى شجوه استراح ... وإن كان موجعا
كبدي في هواك ... أهون من أن تقطعا
لم تدع سورة الضنى ... فيَّ للسقم موضعا
المحبة نزالة وقوتها المهج. كانت أضلاع عمر بن عبد العزيز تعد، وكان جسد سرى كالشن. وقف أبو يزيد في المحراب فكبر فتقعقعت عظامه.
وإني لتعروني لذكراك روعة ... لها بين جلدي والعظام دبيب
فما هو إلا أن أراها فجأة ... فأبهت حتى لا أكاد أجيب
إذا رأيت محباً ولم تدر لمن؟ فضع يدك على نبضه. وسم كل من تظنه المحبوب، فإن النبض لا ينزعج إلا عند ذكره " إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم " .
للمهيار:
ألا فتى يسأل قلبي ماله ... ينزو إذا برق الحمى بداله
فهب يرجو خبراً من الحمى ... يسنده عنه فما روى له
أراد نجداً معه فانتقضت ... إرادة هاجت له بلباله
وانتسم الريح الصبا ومن له ... بنفحة من الصبا طوبى له
المحب في قلق لا سكون، والعجب أنه يتكلف الثبات.
الوجد يحركه والليل يقلقه ... والصبر يسكته والحب ينطقه
ويستر الحال عمن ليس يعذره ... وكيف يستره والدمع يسبقه
المحب مبالغ في كتمان وجده، غير أن الدمع نمام.
آفة السر من جفو ... ن دوام دوامع
كيف يخفى من الدمو ... ع الهوامى الهوامع
كان أكثر القوم، إذا جائه البكاء دافعه، اتقاء اللاحي له، فيغلبه فلا حيلة له.
للمتنبي:
حاشى الرقيب فخانته ضمائره ... وغيَّض الدمع فأنهلت بوادره
وكاتم الحب يوم البين مفتضح ... وصاحب الوجد لا تخفى سرائره
إذا أقلقه الحب ضج، وإذا أرقه الشوق عج، وكلما حبس دمعه ثج، وإذا استوحش من الخلق هج، فالهموم تنوبه من كل فج، حشيت قلوب القوم بالغموم، حشو الورد في قوارير الزور، وكلما التهبت نار الحذر جرت عيون الدمع في جداول العيون فرشت على الخدود ماء، ما ماء الورد عنده بطيب.
لأبي المعتز:
أسر القلب فأمسى لديه ... فهو يشكوه ويشكو إليه
عذب الأحباب بالهجر حيناً ... فهم يبكون بين يديه
واعجباً لضعف بدن العارف كم يحمل؟ وآسفا لقلب المحب كم يصبر.
نعم تحمل الأشواق والعيس ظلع ... ويمشي الهوى والناقلات قعود
ما أقوى جلد جلد القلب على نار الحب، كأنه قد ألبس ريش السمندل على أنه لا بد من لذع يبين أثره في صعود الصعداء دلالة تدل على الحريق، اشتط اللهيب فشاطت القلوب لولا أن القوم على شواطي بحر الدموع نزول.
للشريف الرضي:
خذي حديثك في نفس من النفس ... وَجْدُ المَشوق المُعَنَّى غير ملتبس
الماء في ناظري والنار في كبدي ... إن شئتِ فاغترفي أو شئت فاقتبسي
أشد ما على المحب من مقاساة الحب سماع اللوم، واعجباً من خلي يعذل ذا شجا ويحك خل شأنه وشانه.
فيا حبهم زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
لما أسلم سعد بن أبي وقاص قالت له أمه: والله لا آكل ولا أشرب ولا يظللني سقف بيت حتى تكفر بمحمد. فقال: اسمعي يا أماه، والله لو كان لك مائة نفس فخرجت واحدة بعد واحدة لم أكفر بمحمد. ويحها ما خبرت خبر المحبة؟ متى وقع السلو في حب صادق؟ للمتنبي:
عذل العواذل حول قلبي التائه ... وهوى الأحبة منه في سودائه
القلب أعلم يا عذول بدائه ... وأحق منك بجفنه وبمائه
فومن أحب لأعصينك في الهوى ... قسماً به وبحسنه وبهائه
أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة فيه من أعدائه
لا تعذل المشتاق في أشواقه ... حتى تكون حشاك في أحشائه
واعجباً لعاذل في حب ما ذاقه، وآمر بهجر حبيب ما شاقه.
وماذا على مفرد بالعراق ... تذكر بالرمل عهداً فحنا
وإني لكل شج عاذر ... إذا ناح من طرب أو تغنى
كانت أم الربيع بن خيثم إذا رأت قلقه بالليل. قالت: يا بني لعلك قتلت قتيلاً فيقول يا أماه قتلت نفسي، قيل لعابد كان ينتحب: إنك تفسد على المصلين صلاتهم بارتفاع صوتك. فقال: إن حزن القيامة أورثني دموعاً غزارا، فأنا أستريح إلى ذرفها أحيانا.
مهلاً عذول صليت نار جوانحي ... وغرقت في تيار دمعي المسيل
هذي حشاي لديك فانظر هل ترى ... قلباً فإن صادفت قلباً فاعذل
غاية العاذلين إيصال اللوم إلى الأسماع، فأما القلوب فلا سبيل إليها.
سيان إن لاموا وإن عذروا ... ما لي عن الأحباب مصطبر
لا غرو إن أغرى بحبهم ... إذ ليس لي في غيرهم وطر
لا بد لي منهم وإن تركوا ... قلبي بنار الهجر يستعر
وعلي أن أرضى بما صنعوا ... وأطيعهم في كل ما أمروا
لو رأيت المحب يهرب من العذل إلى فلوات الخلوات، فإذا ناوله الوجد كأس الدموع اقترح عليه غناء الحمائم.
ذكر الأحباب والوطنا ... والصبا والألف والسكنا
فبكى شجواً وحق له ... مدنف بالشوق حلف ضنى
أبعدت مرمى به رجمت ... من خراسان به اليمنا
من لمشتاق تميله ... ذات سجع ميلت فننا
لم تعرض في الحنين بمن ... مسعد إلا وقلت أنا
لك يا ورقاء أسوة من ... لم تذيقي طرفه الوسنا
بك أنسي مثل أنسك بي ... فتعالى نبد ما كمنا
نتشاكى ما نجن إذا ... بحت شكوى صحت واحزنا
أنا لا أنت البعيد هوى ... أنا لا أنت الغريب هنا
أنا فرد يا حمام وها ... أنت والألف القرين ثنا
اسرحا رأد النهار معاً ... واسكنا جنح الدجى غصنا
وابكيا يا جارتي لما ... لعبت أيدي الفراق بنا
أين قلبي ما صنعت به ... ما أرى صدري له وطنا
كان يوم النفر وهو معي ... فأبى أن يصحب البدنا
أبه حادي الرفاق حدا ... أم له داعي الفراق عنى
؟؟الفصل التاسع والسبعون
يا هذا: قد سمعت أخبار المتقين فسر في سربهم، وقد عرفت جدهم فتناول من شربهم، ثم سل من أعانهم يعنك، فما كان بهم.
لابن هندو:
لا يؤيسنك من مجد تباعدهُ ... فإن للمجد تدريجاً وترتيبا
إن القناة التي شاهدت رفعتها ... تنمي وتنبت أنبوباً فأنبوبا
استغنى القوم بطبيبهم عن مدح خطيبهم فاسلك طريقهم تكن رفيقهم.
لابن الرومي:
وسائل عنهم ماذا يقدمهم ... فقلت فضل به عن غيرهم بانوا
صانوا النفوس عن الفحشاء وابتذلوا ... منهن في سبل العلياء ما صانوا
المنعمون وما منوا على أحد ... يوماً بنعمي ولو منوا لما مانوا
قوم يعزون إن كانت مغالبة ... حتى إذا قدرت أيديهم هانوا
فيا حبهم زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
لما أسلم سعد بن أبي وقاص قالت له أمه: والله لا آكل ولا أشرب ولا يظللني سقف بيت حتى تكفر بمحمد. فقال: اسمعي يا أماه، والله لو كان لك مائة نفس فخرجت واحدة بعد واحدة لم أكفر بمحمد. ويحها ما خبرت خبر المحبة؟ متى وقع السلو في حب صادق؟ للمتنبي:
عذل العواذل حول قلبي التائه ... وهوى الأحبة منه في سودائه
القلب أعلم يا عذول بدائه ... وأحق منك بجفنه وبمائه
فومن أحب لأعصينك في الهوى ... قسماً به وبحسنه وبهائه
أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة فيه من أعدائه
لا تعذل المشتاق في أشواقه ... حتى تكون حشاك في أحشائه
واعجباً لعاذل في حب ما ذاقه، وآمر بهجر حبيب ما شاقه.
وماذا على مفرد بالعراق ... تذكر بالرمل عهداً فحنا
وإني لكل شج عاذر ... إذا ناح من طرب أو تغنى
كانت أم الربيع بن خيثم إذا رأت قلقه بالليل. قالت: يا بني لعلك قتلت قتيلاً فيقول يا أماه قتلت نفسي، قيل لعابد كان ينتحب: إنك تفسد على المصلين صلاتهم بارتفاع صوتك. فقال: إن حزن القيامة أورثني دموعاً غزارا، فأنا أستريح إلى ذرفها أحيانا.
مهلاً عذول صليت نار جوانحي ... وغرقت في تيار دمعي المسيل
هذي حشاي لديك فانظر هل ترى ... قلباً فإن صادفت قلباً فاعذل
غاية العاذلين إيصال اللوم إلى الأسماع، فأما القلوب فلا سبيل إليها.
سيان إن لاموا وإن عذروا ... ما لي عن الأحباب مصطبر
لا غرو إن أغرى بحبهم ... إذ ليس لي في غيرهم وطر
لا بد لي منهم وإن تركوا ... قلبي بنار الهجر يستعر
وعلي أن أرضى بما صنعوا ... وأطيعهم في كل ما أمروا
لو رأيت المحب يهرب من العذل إلى فلوات الخلوات، فإذا ناوله الوجد كأس الدموع اقترح عليه غناء الحمائم.
ذكر الأحباب والوطنا ... والصبا والألف والسكنا
فبكى شجواً وحق له ... مدنف بالشوق حلف ضنى
أبعدت مرمى به رجمت ... من خراسان به اليمنا
من لمشتاق تميله ... ذات سجع ميلت فننا
لم تعرض في الحنين بمن ... مسعد إلا وقلت أنا
لك يا ورقاء أسوة من ... لم تذيقي طرفه الوسنا
بك أنسي مثل أنسك بي ... فتعالى نبد ما كمنا
نتشاكى ما نجن إذا ... بحت شكوى صحت واحزنا
أنا لا أنت البعيد هوى ... أنا لا أنت الغريب هنا
أنا فرد يا حمام وها ... أنت والألف القرين ثنا
اسرحا رأد النهار معاً ... واسكنا جنح الدجى غصنا
وابكيا يا جارتي لما ... لعبت أيدي الفراق بنا
أين قلبي ما صنعت به ... ما أرى صدري له وطنا
كان يوم النفر وهو معي ... فأبى أن يصحب البدنا
أبه حادي الرفاق حدا ... أم له داعي الفراق عنى
؟؟الفصل التاسع والسبعون
يا هذا: قد سمعت أخبار المتقين فسر في سربهم، وقد عرفت جدهم فتناول من شربهم، ثم سل من أعانهم يعنك، فما كان بهم.
لابن هندو:
لا يؤيسنك من مجد تباعدهُ ... فإن للمجد تدريجاً وترتيبا
إن القناة التي شاهدت رفعتها ... تنمي وتنبت أنبوباً فأنبوبا
استغنى القوم بطبيبهم عن مدح خطيبهم فاسلك طريقهم تكن رفيقهم.
لابن الرومي:
وسائل عنهم ماذا يقدمهم ... فقلت فضل به عن غيرهم بانوا
صانوا النفوس عن الفحشاء وابتذلوا ... منهن في سبل العلياء ما صانوا
المنعمون وما منوا على أحد ... يوماً بنعمي ولو منوا لما مانوا
قوم يعزون إن كانت مغالبة ... حتى إذا قدرت أيديهم هانوا
أطار خوف النار نومهم وأطال ذكر العطش الأكبر صومهم يحسبهم الناظر مرضى الأبدان وإنما بهم سقام الأحزان.
مكتئب ذو كبد حرى ... تبكي عليه مقلة عبرى
يرفع يمناه إلى ربه ... يشكو وفوق الكبد اليسرى
يبقى إذا حدثته باهتاً ... ونفسه مما به سكرى
تحسبه مستمعاً ناصتاً ... وقلبه في أمة أخرى
إذا ذكروا العفو طاب العيش، وإذا تصوروا العذاب جاء الطيش.
أمد بإحدى مقلتي إذا بدت ... إليها وبالأخرى أراعي رقيبها
وقد غفل الواشي ولم يدر أنني ... أخذت لعيني من حبيبي نصيبها
قال صالح المري: كان عطاء السلمي قد اجتهد حتى انقطع، فصنعت له شربة سويق فلم يشرب. فقال: إني والله كلما هممت بشربها ذكرت قوله تعالى " وطعاماً ذا غُصَّة " فلم أقدر، فقلت: أنا في واد وأنت
مكتئب ذو كبد حرى ... تبكي عليه مقلة عبرى
يرفع يمناه إلى ربه ... يشكو وفوق الكبد اليسرى
يبقى إذا حدثته باهتاً ... ونفسه مما به سكرى
تحسبه مستمعاً ناصتاً ... وقلبه في أمة أخرى
إذا ذكروا العفو طاب العيش، وإذا تصوروا العذاب جاء الطيش.
أمد بإحدى مقلتي إذا بدت ... إليها وبالأخرى أراعي رقيبها
وقد غفل الواشي ولم يدر أنني ... أخذت لعيني من حبيبي نصيبها
قال صالح المري: كان عطاء السلمي قد اجتهد حتى انقطع، فصنعت له شربة سويق فلم يشرب. فقال: إني والله كلما هممت بشربها ذكرت قوله تعالى " وطعاماً ذا غُصَّة " فلم أقدر، فقلت: أنا في واد وأنت
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى