منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
حمدي عبد الجليل
حمدي عبد الجليل
المشرف العام
المشرف العام
ذكر عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28462
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
المدهش في ذكر المواعظ - الفصل من ( 11 - 20 ) 1393418480781

المدهش في ذكر المواعظ - الفصل من ( 11 - 20 ) 140

المدهش في ذكر المواعظ - الفصل من ( 11 - 20 ) Empty المدهش في ذكر المواعظ - الفصل من ( 11 - 20 )

السبت 15 أكتوبر 2011, 20:21
الفصل الحادي عشر
في قصة أيوب عليه السلام
جُمع لأيوب بين كثرة المال وحسن الأعمال، فملا مدحُه بالوفاق الآفاق، فأثارت تلك الآثار حسداً من إبليس قد تقادم منذ آدم، فقال: يا رب أن سلطني عليه، ألقيته في الفتنة، فألفيته في الفئة المفتونين، فقيل: قد سلطناك على ماله من مال، فمال إلى جميع عفاريته، ففرقهم في تمزيق ماله، وتولى هو رَمْيَ بيته على بنيه، ثم أتى في صورة معلمهم يعلمه، فرأى ذلك لا يؤلمه، أنصت العدو ليسمع عربدة السكر، فإذا أيوب يتلو آيات الشكر، فصاح بلسان حسده، سلطني على جسده، فسلطه وقد سبقه الصبر، فتقطع الجسم وداد: وما تقطع رسم الوداد، فأخرجه أهل قريته، لقرح قرحه إلى قرواح كناسة، فرموه كسيراً كالكسرة وكساء كساده عندهم أعلى عندنا من أغلى كسوة كسرى، فلم يزل ما نزل به حتى بدا حجابُ بطنه، وكان يبصر عظامه ومعاه معاً.
للمهيار:
ما اختص مني السقام جارحة ... كل جهاتي أغراض منتبل
إذا لحاظي لجسمي امتعضت ... من الضنا قال قلبي احتمل
فدام هذا البلاء عليه سنين، وفِدام الصمت عن الشكوى على فيه تبين، ولم يبق غير اللسان للذكر، والقلب للفكر، فلو أصغى إلى نطق حاله سمع فهم، أو سأله عن وجده رب قلب لسمع من الذماء الذما يناجي به الحق.
للشريف الرضي:
محا بعدكم تلك العيون بكاؤها ... وغالَ بكم تلك الأضالع غولُها
فمن ناظرٍ لم تبقَ إلا دموعهُ ... ومن مهجةٍ لم يبق إلا غليلها
دعوا لي قلباً بالغرام أذيبه ... عليكم وعينا في الطلول أجيلها
فلما كع إبليس، لقي زوجته في صورة متطبب، فقال: عندي دواؤه، بشرط أن يقول بشفتيه شفيتني. فجاءت تدب، وقد أنساها طول البلاء تدبر المعنى، فأخبرت من قد خبر عدو العدو، فغضب المؤدب على تلميذ ما يقوم بطول الصحبة، فحلف لئن شفي، ليجلدنها مئة، فبينا المرء يكابد المر، مر به صديقان له، فقالا: لو علم الله من هذا خيراً، ما بلغ به هذا الأمر، فما شد على سمعه أشد من ذلك، فخر على عتبة " ولا تُشْمِت " واستغاث بلفظ " مَسَّنيَ " وصاح بإدلال " لو أقسم " فجاء بجبريل برسالة " اركض " وليس العجب لو ركض جبريل إنما العجب أن يركض العليل، فركضت خيل النعم عند ركضته فردت، وما غار الماء ما أغير عليه من نعمته، فنسي بنسيم العافية، ما ألمَّ من ألم، وردت يد المنة، كل ما مر منه وذهب، وكان نثار الرضا على واديه، بعد أن جرى وادي جرادى من ذهب، وأقبلت زوجته، وعليه يمين ضربها، وما كان يحسن في مقابلة صبرها، فأقبل لسان الوحي يتلو فتوى الرحمة، ويراعي ما سبق من مراعاة رحمة " وخذ بيدك ضِغثاً " تالله ما ضره ما أكل من جسده الدود، لما اختال في ثوب مودود، وأصبح مصطحباً شراب السرور، من جود الجود، فرنت قيان الفرح، إذ غنت السنة المدح لا يعود، وفاح عبير الثناء فزاد نشره على كل عود " إنَّا وجدناه صابراً نعم العبد " .
الفصل الثاني عشر
في قصة شعيب عليه السلام




لما رأى شعيب شعب شعاب قومه قد امتلأت بالجور، صعد منبر التذكير بالإنعام، ولكن بين الأنعام، فخوّفهم من قحم قحل القحط في إشارة " إني أراكم بخير " فتلقوه باستهزاء " أصلواتك " ومدوا نحوه باع النخوة " لنخرجنك " وتعللوا بحجة " ما نفقه " وانتهوا إلى عتو " فأسقِط علينا " فلما اسمهر ظلام ظلمهم، اسحنكك ليل إدبارهم، واسلنطح نهار هلاكهم، فحقحق إليهم ما حق عليهم من محقهم، فأضل على ظلل ضلالهم " عذاب الظلّة " فارتجت أرجاء بيوتهم، برج الرجفة، وشدت عليهم شدة الحر، فهربوا إلى البر، فإذا سحابة تسحب ذيل برد البرد، فتنادوا هلموا إلى راحة الروح، فلما تم اجتماعهم في قصر الحصر، وظنوا أنها من حر وقتهم وَقَتْهم، نزلت بهم نار فأحرقتهم، فساروا إلى جهنم في أسر أدبارهم، وسار بعد بعدهم في إدبارهم، نذير التحذير من تبديرهم، وعابهم في عقاب عقابهم " ألا بُعداً لمدين " فليحذر العصاة مثل أفعى أفعالهم، وليتق أعمى البصيرة شبه أعمالهم، وليخف المطففون من أخذ التطفيف في مكيالهم، وليسمعوا نذير العبرة، فقد أوحى إليهم بشرح أعمالهم.
الفصل الثالث عشر
في ذكر بداية موسى عليه السلام
كانت الكهنة أخبرت فرعون بوجود موسى، فأطلق الموسى في ذبح الأطفال، فلما اتهمت أم موسى بالوضع، أوضع الحرس إلى بيتها بالطلب، فأدركها عند العلم الدهش، فألقته في التنور إلقاء الحطب، فلما عادت فرأته قد سلم شاهدت في ضمن ما صنعت أثر " واصطنعتك " فكانت سلامته من النار نقداً لأجل احتمل لأجله وعداً لنجاة يوم أليم، لما سعت بتابوته إلى البحر، ارتعشت يد التسليم فأمسكها، فصاح شجاع الشجاعة بملء فيه: أن اقذفيه فيه، فصدرت بعد إلقائه بصدر قد لوى به لواعج الاشتياق، لا يعلم قدر ما به، إلا من قد رمي به، فتلقاها بالبشر بشير " إنّا رادُّوه " فلم تزل أمواج اليم، تيمم به مسالك القدر، إلى أن خبت به خيل النيل، فشرعت في تناوله مشرعة دار فرعون، فألقته في برية " فالتقطه " فلما فتحوا التابوت أسفر عن مسافر على نجيب النجابة، قد جعل زاده في مزود " ولتُصنع " ووشح قلادة الحب قد رصعت بدر " وألقيتُ " فقام فرعون على أقدام الإقدام على قتله، فخرجت آسية من كمين أتباعه، تنطق عن لسان " سبقت لهم " وتنادي في مخدع خديعة الحرب " قرة عين لي ولك " وتجمع في كلامها ما هو فرد في لغة الغدر " عسى أن ينفعنا " فلم يزل فرعون في أغباش غرور يذبح، حتى طلع غرر صبح " ونريد أن نمنّ " فلما قص شوق أمه جناح صبرها، قالت لأخته " قصيه فبَصُرَت به " في حريم " وحرّمنا " فدنت فدندنت حول حلة الحيلة، بحول " هل أدلكم " فلما حفظت باب المكر، بحارس " يكفلونه لكم " دخل طفيلي الوجد من باب " وهم له ناصحون " فجاءت بأمها يؤمها دليل الطرب، فكادت إذ حضرت تحضر في ميدان " لتبدي به " فكبحها لجام " لولا أن ربطنا " فخافت لسان جهرها لما خافت، فسل من أيديهم إلى سلم تسليمها، فقر في حجر " كي تقر عينها " وترنمت بلابل الوصال فأخرست بلابل الفراق.
فربي موسى في ربى فرعون، ونمى بين نمارقه، إلى أن آن أوان مشاجرته، فجرى القدر بقتل القبطي، ليكون سبباً في سر سير " ولما توجّه " فسعى على أرجاء رجاء " عسى ربي " فتزود مزود " ولما ورد " فتجمع شمل الصهر بواسطة " إنَّ أبي " فبقي ضمان الوفاء إلى أمانة " فلما قضى موسى الأجل " فتلمح معنى " قال لأهله امكثوا " فيبدو في بادية الحيرة أنيس " إني آنست " فترامى كف الطمع إلى مرامي " لعلِّي آتيكم " فأطل على طلل الطلب أقدام " فلما أتاها " فتلقط ثمار التكلم من غير كلفة " وهزي " تساقط من جني جنات التجلي " إني أنا الله " .
الفصل الرابع عشر
في تكليم الله عز وجل موسى
عليه السلام
لما خرج موسى بأهله من مدينة مدين، انطلق طلق الطلق بزوجته فما زال يكادح المقادح فلم تور، لأن عروس نار الطور لما همت بالتجلي، نوديت النيران بلسان الغيرة من المشاركة " غضى " فقام على أقدام التحيرة، فهتف به أنيس " آنس " فأنس:
يا حار إن الركب قد حاروا ... فاذهب تجسس لمن النارُ
تبدو وتخبو إن خبت وقفوا ... وإن أضاءت لهم ساروا
فشمر موسى عن ساق القصد وساق، فلما أتى النادي " نودي " فحين ذاق لذة التكليم، جرح قلبه نصل الشوق، فلم يداوه إلا طبيب " وواعدنا " .




ليالينا بذي الأثلاث عودي ... ليورق في ربى الأثلاث عودي
فإن نسيم ذاك الشيح أذكى ... لديَّ من انتشاقي نشر عودِ
وإن حديثكم في القلب أحلى ... وأغيب نغمة من صوت عودِ
فبعث في حرب فرعون، فلم يزل مشغولاً بالجهاد، إلى أن قبر القتيل في لحد اليم، فطلب قومه كتاباً يضبط شاردهم ويرد نادهم، فأمره الله أن يصوم ثلاثين ليلة، نهاره وليله فأمسك على مسك الإمساك بكف الكف في الوصال، فدام فِدامُ فيه عن مطمع المطعم، فقيد فقيد قوت الوقت، فصار في قيء ذكر الوعد، فما انقضت الليالي حتى انقضت ظهر البصر، فقام لتراى جلال الوفاء بالأمر، فلاح في مطلع فلاح القصد، فبادر يسعى على أقدام الحب، إلى زيادة ربع الحب، فكاد يقله قلقلة الوجد، فوجد الهواء متغير الريح، في عرضة الفم، فصاح به فصيح لسان الحزم من وراء رأي العزم: يا موسى غير أثراً لازم، فتناول مضغة من النبات فمضغها، فقيل له: أيها الصائم عن أمرنا، لم أفطرت برأيك؟ فقال: وجدت لفمي خَلوفاً، وما أردت بفعلي خلافاً، فقيل: ما علمت أن فور فورة الخلوف من قدر الإمساك، أطيب عندنا من فارة فارة المسك، إنا لننظر إلى قصد الفاعل لا إلى صورة الفعل، الدم نجس مجتنب، لكنه في حق الشهيد شهي " زملوهم بكلومهم ودمائهم " فرجع موسى عاكفاً على معتكف كف كفه " فتم ميقات ربه " وأحضر حظيرة القدس، فنسي الأنس، مما آنس من الأنس:
فكل شيء رآه ظنه قدحاً ... وكل شخص رآه ظنه الساقي
فلما دارت في دائرة دار الحب كؤوس للقرب، وسمع النداء وسط النادي بلا واسطة، وسيط له من وسيط أقداح المنى في المناجاة بلا وسيط، طاب له شراب الوصال من أوطاب الخطاب، في أواني سماع الكلام، فناداه توق شوقه:
أوان أنت في هذا الأوان ... عن الراح المروق في الأواني
رأى على الغور وميضاً فاشتاق، ما أجلب البرق لدمع الأماق فصاح لسان الوجد " أرني " فرد شارد شحذان الشوق على الطوى بطوق " لن تراني " إلا أن جزع الفطام سكن شعله بتعلة " ولكن " فلما تجلى جل جلاله للجبل مر، فخر موسى في بحر الصعق فرقاً، فرقي فرقه ذروة " سبحانك تبت إليك " ما انبسط موسى يقول أرني إلا ببسط، سلني ولو ملح عجينك، ولو تركه مع رعيه الغنم في شعب شعيب لما جال في ظنه ذلك الطمع، ولكنه استدعاه بالنداء، وآنسه بالتقريب، وباسطه بالتكليم.
فلما عاين الحيرة ... حادى جملي حارا
كان موسى يطوف في بني إسرائيل، ويقول من يحمّلني رسالة إلى ربي؟ ما كان مراده إلا أن يطول الحديث مع الحبيب:
فقلت له رد الحديث الذي انقضى ... وذكراك من ذاك الحديث أريدُ
يحدد تذكار الحديث مودتي ... فذكرك عندي والحديث جديدُ
أناشده ألا أعاد حديثه ... كأني بطيء الفهم حين يعيدُ
مات موسى قتيل شوق " أرني " فلما جاز عليه نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، ردده في الصلوات، ليسعد برؤية من قد رأى:
وإني لآتي أرضكم لا لحاجة ... لعلي أراكم أو أرى من يراكم
إن تشق عيني فطالما سعدت ... عين رسولي وفاز بالنظر
وكلما جاءني الرسول لهم ... رددت شوقاً في طرفه نظري
تظهر في طرفه محاسنهم ... قد أثرت فيه أحسن الأثرِ
خذ مقلتي يا رسول عارية ... فانظر بها واحتكم على بصري
؟الفصل الخامس عشر
في قصة الخضر عليه السلام




لما علا شرف الكليم بالتكليم كل شرف، قال له قومه أي الناس أعلم؟ فقال: أنا. ولم يقل فيما أعلم، فابتلي فيما أخبر به واعلم، فقام بين يدي الخضر، كما يقوم بين يدي السليم الأعلم، فابتدأ بسؤال " هل أتبعك " فتلقاه برد " لن " وكم أنّ موسى من لن. أمر قومه بالإيمان فقالوا " لن نؤمن " وقعوا في التيه فقالوا " لن نصبر " ندبوا إلى الجهاد فصاحوا " لن ندخلها " طرق باب أرني فرده حاجب " لن " ، دنا إلى الخضر للتعلم فلفظه بلفظ " لن " ثم زاده من زاد الرد بكف " وكيف تصبر " فلما سامحه على نوبة السفينة، وواجهه بالعتاب في كرة الغلام، أراق ماء الصحبة في جدال الجدار " هذا فراق بيني وبينك " ثم فسر له سر المشكل، فجعل يشرح القصص فصلاً فصلاً، بمقول قائل يقول فصلاً، وكلما ذكره أصلاً أصلى، لم يبق لموسى عين تراه أصلاً، وكلما سل من حر للعتاب نصلاً، صاح لسان حال موسى: كم نصلى؟ فألقى تفسير الأمور على الكليم وأملى، والقدر يقول: أهو أعلم أم لا؟ فعلم موسى ويوشع أي عبد أمّا منذ ابتدأ بالشرح بأمّا، ثم أخذ لسان العتاب، يذكر منسى موسى، أتنكر خرق سفينة؟ لظاهر إفساد تضمن ضمنه صلاح " ولكم في القصاص حياة " أو تنكر؟ إتلاف شخص دنى لإبقاء دين شخصين؟ أو كرهت إقامة الجدار، لشح أهل القرية بالقرا أفاردت من الأصفياء؟ معاملة البخلاء بالبخل، أما تلمحت سر؟ صل من قطعك، لقد أنكرت ما جرى لك مثله، حذرت يوم السفينة من الغرق، فصحت بإنكار " أخرقتها " أنسيت يوم؟ " فألقيه في اليم " أنكرت قتل نفس بغير نفس، أنسيت يوم؟ " لو كره " نهيت عن عمل بلا أجر، أنسيت يوم " فسقى لهما " فلما بان البيان، خرج الخضر من باب الدعوى، وأخرج يده من ملك التصرف وأحال الحال على الغير " وما فعلته عن أمري " .
وهذه القصة قد حرضت على جمع رحل الرحيل في طلب العلم، وعلمت كيفية الدب في كف كف الاعتراض على العالم، وصاح فصيح نصيحها بذي اللب: دع دعواك فعلى دعوى الكليم ليم، وفوق كل ذي علم عليم.
الفصل السادس عشر
في قصة بلعام وموسى
أيها المتعبد: خف من الفتن ولا تأمن، كم قد أخذ أمنٌ من مأمن، إنه لم ينج من غطامط بحر الفتن الأعظم حافظ الاسم الأعظم، بل عام بلعام، رفل في حلل النعم كالنعم، غافلاً يتعامى عن النعم، وكانت بنية نية تعب تعبده على رمل الريا، فجرت تحتها أنهار التجربة، فانهار بنيانها فتخرب، كان على دينار دينه ورقة رقة، فأعجب نضره نواظر الناظرين، فلما حكه المنتقد على حجر الحجر افتضح بين أهل الحجى، وكان ظاهره لثقا بالتقى، وباطنه باطية لخمر الهوى، فلقد خبأ الخبايث في طي الطويات، فلما أراد المقدر تنبيه جاره على جوره، تقدم إلى القدر بهتك ستره، فآتاه وهو في عقر عقار الهوى، يعاقر عقار الريا وقد رفعت عقيرتها عاقر الفهم إلى أن عقر بعقر قلبه فعاد عقيراً، فدعه القدر إلى صف صفصف الدعوى، وأرسل عليه لإصراره صرصر العجب، فمزقت جلبات التعبد، فصيره عصفها عصفاً فانكشف عوار عورته فعوى، فإذا به كلب غفور، وقصة إقصائه أن القدر ساق الكليم إلى محاربة فساق بلدته، فقالوا له: اشحذ موسى الدعاء على موسى، فمج فوه مجمجة التمنع، فخوفوه بنحت خشبة، فخشته خشية الخلق، فخرج حتى أتى على أتان فلما قفا وقفت ليقف سير عزمه، فضرى بضربها حتى أضرَّ بها، فقامت في المحجة تتكلم بالحجة عليه، لم تضربني؟ وهذه نار تمنع الماشية المشي، فرجع إلى ملكهم فأخبره خبره، وما نقل العتب المقصود ولا خبره، فألجأ الملك إلى صلب عزمه إلى أمر صلب، إما الدعاء عليهم وإما الصلب، فخرج فأتبعه الشيطان، فما كان إلا أن بلغ المكان " فكان من الغاوين " تالله ما عدا عليه العدو، إلا بعد أن تولى عنه الولي، فلا تظنن أن الشيطان غلب، وإنما العاصم أعرض، وإن شككت فاسمع هاتف القدر، مخبراً عن عزة القادر " ولو شئنا لرفعناه بها " .
الفصل السابع عشر
في قصة قارون
كان قارون غاية في فقهه وفهمه، وكان في النسب إلى موسى ابن عمه، فلما فاضت الدنيا عليه، فاضت نفس علمه، وكانت مقاليد خزاين خزاياه وقر ستين بغلاً، غير أن الذي فاته بما ناله أعلى وأغلى، سحب ذيل " فبغى " فقام قومه قومة بزجر " لا تفرح " وألقوا إليه نصائح " وابتغ، ولا تنس، وأحسن، ولا تبغ " .




فركب يوماً في وقت اقتداره في أربعة آلاف مقاتل، وسم الهوى يعمل في المقاتل، وركب معه في معمعته ثلاثمائة جارية، وقد أنساه سفه الأمل أن سفينة الأجل جارية، فلما غلا وعلا، حط إلى حضيض " فخسفنا به " فقال الجاهلون: إنما بادر موسى بادرته، لأخذ بدرة بيداره فقال حاكم الغيب لإزالة الريب " وبداره " فقال موسى: يا أرض خذيه. فاستخذت لأمره. فسرت بسريره، فناشده قارون بالرحم فما رحم، فأخذته لتقدمه حتى غيبت قدمه، فما زال يردد القول حتى غاب الغبي الغني، وإنه ليخسف به كل يوم قدر قامة، فلا تظنن أن ذم الجزاء قد رقي منه، إن الدنيا إذا طلعت على الطغام تطغى، وإذا بغى نكاحها على العفاف تبغى، ثم إنها تقصد هلك محبها وتبغى، وكم عذلت في فتكها بالفتى الفتي وتلغي، أما دردرها فغرت؟ فلما فرغت فغرت فاها فرغت للظعن، أما سحبت قرون قارون؟ مع أقرانه. إلى القران في قرن، أما كفكفت كف مكفوف محبها فارتك فن ما يكون فيك في كفن، تالله لقد لقي الغبي الغني غب غبواته، فلما انجلى غيهب غيمه، رأى الغين والغبن نعوذ بالله من الخذلان.
الفصل الثامن عشر
في قصة داود عليه السلام
لما حلي داود حلية النبوة، ولُقن فصل فصل الخطاب، أطرب شدو شكره سمع القبول، فمتعه إقطاع " يا جبال أوِّبي معه والطير " فأعجبته سلامة العصمة، فتجهز للإجهاز على جرحي الزلل، فرماهم بسهم، لا نغفر للخطائين، والقدر قد أترع له مما سيعض له الأنامل ملء الإناء، فابتلى بالذنب حتى نكس رأس الرياسة على عتبة الذل، ودب إلى داود المعاصي دبيب الدبا من حيث ما دبر، رماه سهم ليالي القضاء في درع ليالي الفتن. فقضى عليه فما قدر على رده " وقدِّر في السرد " :
وإذا رامي المقادير رمى ... فدروع المرء أعوان النصال
ظن لقوة لقوة عصمته لقاء قرن الهوى، فلاحت له في حم دعواه حمامة من ذهب، فذهب يصيدها، فوقع في عين شرك عينه.
للمهيار:
ظنَّ غداة الخيف أن قد سلبها ... لما رمى سهماً وما أجرى دما
فعاد يستقري حشاه فإذا ... فؤاده من بينها قد عُدما
لم يدر من أين أصيب قلبه ... وإنما الرامي درى كيف رمى
طاف على بابه طبيب الألطاف، فأراد استخراج النصل من باطن الشغاف، فجئنا على عتبة عتابه، بأعتوبة " خصمان " فقضى على نفسه في صريح " لقد ظلمك " فبينا هو يلاحظ لفظ القضية، المعا معا معاني المعاصي ففطن، ففت بالفتى الفاتن فتن فتياه " وظن داود أنما فتناه " فنزل عن مركب العز إلى مس مسجد الذل، وافترش فراش من قد أسا في دار الأسا، وخلع خلع الفرح لجلباب الحزن، وزرّ زرزر مانقة الخوف على شعار القلق، فأسكت الحمايم بنوحه، وشغلها عن صدحها بصوته، فبالغ حريق الندم في سويدا قلبه، وأقلق الأفئدة بشجى شجنه، ومات خلق كثير من الخلق بترنم شجوه وصوته، وشرب عرق العشب من عين عينه، وحشى سبعة فرش رماداً، ثم رمى داء الحشا، بعد أن فرشها فرشها، وكان يقول في مناجاته: إلهي خرجت أسأل أطباء عبادك. أن يداووا لي جرح خطيئتي فكلهم عليك يدلني، إلهي أمدد عيني بالدموع، وضعفي بالقوة، حتى أبلغ رضاك عني.
....:
يا من تجنب صبري من تجنبه ... هب لي من الدمع ما أبكي عليك به
حتى متى زفراتي في تصاعدها ... إلى الممات ودمعي في تصوبه
ولي فؤاد إذا لج الغرام به ... هام اشتياقاً إلى مقيا معذبه
ما زال يغسل العين من عين العين، ولسان العتاب يقول: يا بعد اللقا، وكلما رفع قصة غصة جاء الجواب بزيادة الجوى، وهو يستغيث وينادي، حتى أقلق الحاضر والبادي:
إن شفيعي إليك مني ... دموع عيني وحسن ظني
فبالذي قادني ذليلاً ... إليك إلا عفوت عني
الفصل التاسع عشر
في قصة سليمان عليه السلام مع بلقيس




ركب سليمان يوماً مركب الريح، فراحت بوادره على وادي النمل، فندت نملة فنادت أخواتها بنداء " لا يحطمنكم " فحملته أريحية سكر الشكر على طرب " فتبسم ضاحكاً " وذلك أنها بلفظ " يا " نادت " أيها " نبهت " النمل " عينت " أدخلوا " أمرت " مساكنكم " نصت " لا يحطمنكم " حذرت " سليمان " خصت " وجنوده " عمت " وهم لا يشعرون " ، عذرت، فلما فصل طالوت ملكه بالجنود عن وادي النمل، وقع في مفازة لا يرى فيها على ماء علماً، فجاش جاش الجيش لفقرهم في القفر إلى الماء الما، وكان الهدهد يدلهم على الماء فغاب، فتواعده بلفظ " لأعذبنّه " فجاء ببهت ذكي " أحطت بما لم تحط به " فحمله كتاباً، فألقاه من قاره، بمنقاره، فرأت اليقظى بيقظان فهمها كتاباً مختوماً، كلاماً عجيباً، وحاملاً غريباً، فصادها العقل والفهم فصاداها، فاستشارت قومها فأوموا إلى الحرب بلفظ " نحن أولو قوة " فعلمت أن من جنده الطير لا يقاوم، وبعثت ما يفرق به بين الدعوة والدعوى " وإني مرسلة إليهم بهدية " واعجبا للذهب إذا ذهب سهمه لا يخطي، وللرشا إذا رشت مزالق أقدام العقول لا تبطي.
....:
لا يغرنك من الم ... رء إزارٌ رقعهْ
وقميص فوق كعب ... الساق منه رفعهْ
وجبينٌ لاح فيه ... أثر قد خلعه
أره الدرهم تعرف ... غيه أم ورعه
فلما بدت هوادي هديتها، صاح سليمان بعز " أتمدونني بما " فلما صح عندها ما يدعو إليه وثبت، وثبت على أقدام الطلب، وهيأت مراكب القصد، ورحلت في هجير شمس الهدى على نجائب الهجرة، فلما سمع سليمان برحيلها، أراد تقوية دليلها، فنادى في نادي عفاريته، مستعرضاً جند بطشها " أيُّكم يأتيني بعرشها " فلما جيء به ستره بقرام " نكِّروا " ثم ابتلاها، ليرى ذكاها " أهكذا عرشك " ثم صرح بلفظ " ادخلي الصرح " فشبه لها لضعفها عن لطافة كاس ساقيها، فكشفت عن ساقيها، فلما وصلت وسلمت، أسلمت فسلمت، وحلت قبل أن حلت نطاق النطق، فنثرت خرزات نظامه على نظم العذر " إني ظلمت نفسي وأسلمتُ مع سليمان لله رب العالمين " .
الفصل العشرون
في قصة مريم وعيسى عليهما السلام
كانت أم مريم جنة قد حنت إلى ولد، فكبر عليها امتناعه واستولى الكبر، فرأت يوماً طائراً يغذو فرخاً فرحاً، فرجى أملها اليؤوس فرحاً فرجاً، فسألت عند هذه القضية ولديها ولداً، فلما علمت بالحمل أكسبها السرور ولهاً، فوهبته بلسان النذر لمن وهبه لها، فقال القدر: يا ملك التصوير، صور الحمل أنثى، ليبين أثر الكرم في قبول الناقص.
فلما وضعتها وضعتها بأنامل الانكسار عن سرير السرور، فإن لسان التلهف لما ألقى على الفايت " إني وضعتُها أنثى " فجير كسرها جابر " فتقبلّلَها " وساق عنان اللطف إلى ساق زرعها، فربا في ربى " وأنبتها " فانطلقت بها الأم تأم بيت المقدس، فلبس القوم لامهم في حرب " يُلقون أقلامهم " فثبت قلم زكريا إذا وثبت الأقلام فكفتها وكفلها، فأراه المسبب غناها عن السبب. بآية " وجد عندها رزقاً " فرباها من ربها فنشأت لا ترى إلا ربها.




فانتبذت يوماً من أهلها، فأقبل نحو ذلك البري البري بريد " فأرسلنا " فتحصنت الحصان بحصن " إني أعوذ " فانزوى إلى زاوية " إنما أنا رسول ربك " وأخبرها بالتحفة في لفظ " ليهب " فأقيمت فأقيمت في مهب ريح الروح، فتنفست الكلمة من كمين الأمر، فنفخ جبريل في جنب الدرع جيب، فمرت المرأة حاملاً في الوقت، فلما علمت ألمت بما حمل عليها الحمل، فأخرجها الحياء الحي عن الحي، فلما فاجأها وقت الوضع، فاجأها المخاض إلى الجذع، تحيرت من وجود ولد، وما فجرت، فجرت عين الدمع، فصاح لسان الخفر، بلفظ الندب " يا ليتني مت قبل هذا " فأجابها الملك، عن أمر من ملك " أن لا تحزني " وأجرى لها في أواني الأوان سرى، كما وهب لها من الغلمان سرى فسرى عن سرها وجود الظهور، وأنس الظاهر، فسرا، وأريت آية تدل على من قدر القدرة في مقام " وهُزّي " فهزت جذم جذع مايل مثل الحطب، فتساقط عليها في الحال رطب الرطب، فأخذها الجوى، في إعداد الجواب، فقيل لها " كلي " كل الكل، إلى من له الكل، كنت بمعزل من وجود الولد، فكوني بمعزل من إقامة العذر، فالذي تولى إيجاده يقيم عذر العذرا، لا تعجبي من وجود حمل سافر عن أرض القدرة، فلم يصلح أن ينزل إلا بمنزل، أركانه على عمد " إن الله اصطفاك وطهركِ واصطفاكِ " فلما سكتت وسكنت، بعد أن قعدت وقامت، أقامت أيام النفاس فانقضت وفاتت " فأتت بها قومه تحمله " فنادوا من أندية التوبيخ، إذ ما شاهدوا قط أختها " يا أخت هارون " فأضجروا مريضاً قد ضنى من أنين " إني " على فراش " يا ليتني مت " فلما شارت أرى الرأي. أشارت إليه، فأخذت السنة تعجبهم تعج بهم " كيف نكلِّم " فكأنها قالت لهم: أنا طريق وهذا مر بي، والمسافر يسأل عن الطريق لا الطريق عن المسافر، فقام عيسى يمخض أوطاب الخطاب على منبر الخطابة، فأبرز بالمخض محض إبريز الإقرار " إني عبد الله " وأومى إلى وجوده من غير أب، في إشارة " وبراً بوالدتي " وكانت واسطة عقده " ومبشراً برسول " .
فلما تم له سن الشباب، جلس على باب المعجزة، يعطي العافية العافية، ويبرئ الأكمه والأبرص، فربما ألفى ببابه خمسين ألفاً يؤمونه في كل يوم، ولقد فرك الدنيا فطلقها أي تطليق، وأبغضها ولا كبغض الرافضي الصديق، فغزاها بجند الزهد بين مسرح وملجم، وفتك بها كما فتك بالتقى ابن ملجم، ما التفت إليها قط وجه عزمه، ولا صافحا يوماً كف قلبه، ولا غازلها يوماً لسان فكره فلم يعرف حقيقة ما حوى سوى الحواريين، فشمروا عن ساق العزائم، في سوق بدن الأبدان إلى منى المنى، تحن بلفظ " نحن أنصار الله " وكتبوا في عقد العقايد " آمنا بالله " فعدلوا بها إلى عدل " واشهد بأنّا مسلمون " .
ثم إن اليهود اجتمعوا في بيت " ومكروا " فزلزل عليهم بيد " ومكر الله " فدخل عيسى خوخة، فدخل خلفه ذو دخل فألقى عليه شبهه، فحاق بالمرء مرّ مراده، وصاح فيه حاكم القدر جود مراقيها.

________________________________________________
المدهش في ذكر المواعظ - الفصل من ( 11 - 20 ) 12107010_906912522734669_1561722651500059538_n
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى