- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28461
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
كتاب - ( الأذكياء ) الباب ( 17 ) احتال فانعكس عليه مقصوده
الأحد 14 أغسطس 2011, 22:30
الباب السابع عشر
في ذكر من احتال فانعكس عليه مقصوده
في ذكر من احتال فانعكس عليه مقصوده
حدثنا ابراهيم قال ما أسن معاوية اعتراه أرق وكان إذا هو نام أيقظته النواقيس فلما أصبح ذات يوم ودخل الناس عليه قال يا معشر العرب هل فيكم من يفعل ما أمره به وأعطيه ثلاث ديات أعجلها له وديتين إذا رجع فقام فتى من غسان فقال أنا يا أمير المؤمنين قال تذهب بكتابي إلى ملك الروم فإذا صرت على بساطه أذنت قال ثم ماذا قال فقط قال لقد كلفت صغيراً وأعطيت كثيراً فلما خرج وصار على بساط قيصر أذن فحارت البطارقة واخترطوا سيوفهم فسبق إليه ملك الروم فجثى عليه وجعل يسألهم بحق عيسى وبحقه عليهم حتى كفوا ثم ذهب به إلى سريره حتى صعد به ثم جعله بين رجليه فقال يا معشر البطارقة إن معاوية قد أسن ومن أسن أرق وقد آذنته النواقيس فأراد أن يقتل هذا على الآذان فيقتل من ببلاده على ضرب النواقيس وبالله ليرجعن إليه على خلاف ما ظن فكساه وجمله فلما رجع إلى معاوية قال له أوقد جئتني سالماً قال أما من قبلك فلا. ويقال ما ولى المسلمين أحداً وملك الروم مثله أن حازماً وأن عاجزاً وكان الذي ملكه على عهد عمر بن الخطاب هو الذي دون لهم الدواوين ودوخ لهم العدو وكان الذي على عهد معاوية يشبه معاوية في حزمه وعمله.
حدثنا رجل من الجند قال خرجت من بعض بلدان الشام أريد قرية من قراها فلما صرت في الطريق وقد سرت عدة فراسخ تعبت وكنت على دابة وعليها خرجي ورحلي وقد قرب المساء فإذا بحصن عظيم وفيه راهب في صومعة فنزل إلي واستقبلني وسألني المبيت عنده وأن يضيفني ففعلت فلما دخلت الدير لم أجد فيه غيري فأخذ بدابتي وجعل رحلي في بيت وطرح للدابة الشعير وجاءني بماء حار وكان الزمان شديد البرد والثلج يسقط وأوقد بين يدي نار عظيمة وجاء بطعام طيب فأكلت ومضت قطعة من الليل فأردت النوم فسألته عن طريق النوم ثم سألته عن طريق المستراح فدلني على طريقه وكان في غرفة فمشيت فلما صرت على باب المستراح إذا بارية عظيمة فلما صارت رجلاي عليها نزلت فإذا أنا الليلة يسقط سقوطاً عظيماً فصحت فما كلمني فقمت وقد تجرح بدني إلا أني سالم فجئت فاستظللت بطاق عند باب الحصن من الثلج فإذا حجارة لو جاءتني وتمكنت من دماغي طحنته فخرجت أعدو وأصيح فشتمني فعلمت أن ذلك من جانبه وطمع في رحلي فلما خرجت وقع الثلج على وبل ثيابي ونظرت فإذا أنا تالف بالبرد والثلج فولد لي الفكر أن طلبت حجراً فيه نحو ثلاثين رطلاً فوضعته على عاتقي وأقلت أعدو في الصحراء شوطاً طويلاً حتى أتعب فإذا تعبت وحميت وعرقت طرحت الحجر وجلست استريح فإذا سكنت وأخذني البرد تناولت الحجر وسعيت كذلك إلى الغداة فلما كان قبل طلوع الشمس وأنا خلف الحصن إذ سمعت صوت باب الدير قد فتح وإذا أنا بالراهب وأنا خلف الحصن إذ سمعت صوت باب الدير قد فتح وإذا أنا بالراهب قد خرج وجاء إلى الموضع الذي قد سقطت منه فلما لم يرني قال يا قوم ما فعل وأنا أسمعه وأظنه المشوم قد رأى بقربه قرية فقام يمشي إليها كيف أعمل قال وأقبل يمشي فخالفته أنا إلى الباب ودخلت الحصن وقد مشى هو من ذاك المكان يطلبني حوالي الحصن فحصلت أنا خلف الحصن وقد كان في وسطي سكين لم يعلم بها الراهب فوقفت خلف الباب فطاف الراهب فلما لم يقف لي على أثر عاد ودخل وأغلق الباب فحين خفت أن يراني ثرت إليه وجاءته بالسكين فصرعته وذبحته وأغلقت باب الحصن وصعدت إلى الغرفة واصطليت بنار كانت موقودة هناك وطرحت علي من تلك الثياب وفتحت خرجي ولبست منه ثياباً وأخذت كساء الراهب فنمت فيه فما أفقت إلا قريب العصر ثم انتبهت فطفت الحصن حتى وقعت على طعام فأكلت وسكنت نفسي ووقعت بمفاتيح بيوت الحصن وأقبلت أفتح بيتاً بيتاً وإذا بأموال عظيمة من عين وورق وأمتعة وثياب وآلات ورحال قوم وإخراجهم وحمولاتهم وإذا الراهب من عادته تلك الحال مع كل من يجتازه وحيداً ويتمكن منه فلم ادر كيف أعمل في ثقل المال فلبست من ثياب الراهب شيئاً ووقفت في صومعته أياماً أترآى لمن يجتاز بي في الموضع من بعيد لئلا يشكوا في أني أنا هو فإذا قربوا لم أبرز لهم وجهي إلى أن خفي خبري ثم نزعت تلك الثياب وأخذت جوالقين مما كان في الدير من تلك الأمتعة وملاتهما مالاً وجعلتهما على الدابة وسقتها إلى أقرب قربة كانت واكتريت فيها منزلاً ولم أزل أنقل منه الصامت حتى حملته كله عدة أحمال وحمير ورجالة وجئت بهم دفعة واحدة وحملت كل ما قدرت عليه أحمال وحمير ورجالة وجئت بهم دفعة واحدة وحلمت كل ما قدرت عليه وسرت في قافلة عظيمة لنفسي بغنيمة هائلة حتى قدمت بلدي وقد حصل لي عشرة آلاف درهم ودنانير كثيرة مع فيمة لا متعة وغصت في الأرض فما عرف خبري.
عن علي بن الحسن عن أبيه حدثنا جماعة عن أهل جند نيسابور فيهم كتاب وتجار وغير ذلك أنه كان عندهم في سنة نيف وأربعين وثلاثمائة شاب من كتاب النصارى وهو ابن أبي الطيب القلانسي فخرج إلى بعض شأنه في الرستاق فأخذته الأكراد وعذبوه وطالبوه أن يشتري نفسه منهم فلم يفعل وكتب إلى أهله أنفذوا لي أربعة دراهم أفيون واعلموا أني أشربها فتحلقني سكتة فلا تشك إلى الأكراد أني قدمت فيحملوني إليكم وسوكوني بالأيارج فأني أفيق وكان الفتى متخلقاً وقد سمع أنه من شرب أفيوناً اسكت فإذا دخل الحمام وضرب وسوك بالايارج برئ فلم يعلم مقدار الشربة من ذلك فشرب أربعة دراهم فلم يشك الأكراد في موته فلفوه في شيء وأنفذوه إلى أهله فلما حصل عندهم أدخلوه الحمام وضربوه وسوكوه فما تحرك وأقام في الحمام أياً ورآه أهل الطب فقالوا قد تلف كم شرب أفيواً قالوا وزن أربعة دراهم فقالوا لهم هذا الوشوى في جهنم ما عاش إنما يجوز أن يفعل هذا بمن شرب أربعة دوانيق أفيونا أو وزن درهم أو حواليه فأما هذا فقد مات فلم يقبل أهله ذلك فتركوه في الحمام حتى أراح وتغير فدفنوه وانعكست الحيلة على نفسه.
قال المحسن وقد روى قديماً مثل هذا أن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري كان في حبس الحجاج وكان يعذبه وكان كل من مات من الحبس رفع خبره إلى الحجاج فيأمر بإخراجه وتسليمه إلى أهله فقال بلال للسجان خذ مني عشرة آلاف درهم واخرج اسمي إلى الحجاج في الموتى فإذا أمرك بتسليمي إلى أهلي هربت في الأرض فلم يعرف الحجاج خبري وإن شئت أن تهرب معي فافعل وعلى غناك أبداً فأخذ السجان المال ورفع اسمه في الموتى فقال الحجاج مثل هذا لا يجوز أن يخرج إلى أهله حتى رآه هاته فعاد إلى بلال فقال اعهد قال وما الخبر قال أن الحجاج قال كيت وكيت فإن لم أحضرك إليه ميتاً قتلني وعلم أني أردت الحيلة عليه ولا بد أن أقتلك خنقاً فبكى بلال وسأله أن لا يفعل فلم يكن إلى ذلك طريق فأوصى وصلى فأخذه السجان وخنقه وأخرجه إلى الحجاج فلما رآه ميتاً وقال سلمه إلى أهله فأخذوه وقد اشترى القتل لنفسه بعشرة آلاف درهم ورجعت الحيلة عليه.
وذكر ابن حرير وغيره أن المنصور دفع عبد الله بن علي إلى عيسى بن موسى سراً بالليل قال يا عيسى أن هذا أراد أن يزيل نعمتي ونعمتك وأنت ولي عهدي بعد المهدي والخلافة صائرة إليك فخذه فاضرب عنقه وإياك أن تخور أو تضعف ثم كتب إليه ما فعلت فيما أمرتك به فكتب إليه قد أنفذت ما أمرتني به فلم يشك في أنه قتله وكان عيسى قد أخبر كاتبه بالحال فقال إنما أرد قتلك لأنه أرمك أن تقتله سراً ثم يدعيه عليك علانية فيقيدك به قال فما الرأي قال أن تستره في منزلك فإن طلبه منك علانية أظهرته علانية ثم إن المنصور دس على عمومته مني حركهم على مسألة عن عبد الله بن علي ويطمعهم في أنه سيفعل وكلموه ورافعوه فقال علي بعيسى بن موسى فأتاه فقال يا عيسى قد علمت أني دفعت إليك عبد الله بن علي وقد كلموني فيه فأتني به فقال يا أمير المؤمنين لم تأمرني بقتله ثم قال فادفعه إلينا تقيده قال شأنكم به فخرجوه إلى الراحبة واجتمع الناس فشهر أحدهم سيفه وتقدم إلى عيسى ليضربه فقال له عيسى أقاتلي أنت قال أي والله قال ردوني إلى أمير المؤمنين فردوه فقال إنما أردت بقتله أن تقتلني هذا عمك حي سوى فأتاه به.
قال المحسن وقد روى قديماً مثل هذا أن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري كان في حبس الحجاج وكان يعذبه وكان كل من مات من الحبس رفع خبره إلى الحجاج فيأمر بإخراجه وتسليمه إلى أهله فقال بلال للسجان خذ مني عشرة آلاف درهم واخرج اسمي إلى الحجاج في الموتى فإذا أمرك بتسليمي إلى أهلي هربت في الأرض فلم يعرف الحجاج خبري وإن شئت أن تهرب معي فافعل وعلى غناك أبداً فأخذ السجان المال ورفع اسمه في الموتى فقال الحجاج مثل هذا لا يجوز أن يخرج إلى أهله حتى رآه هاته فعاد إلى بلال فقال اعهد قال وما الخبر قال أن الحجاج قال كيت وكيت فإن لم أحضرك إليه ميتاً قتلني وعلم أني أردت الحيلة عليه ولا بد أن أقتلك خنقاً فبكى بلال وسأله أن لا يفعل فلم يكن إلى ذلك طريق فأوصى وصلى فأخذه السجان وخنقه وأخرجه إلى الحجاج فلما رآه ميتاً وقال سلمه إلى أهله فأخذوه وقد اشترى القتل لنفسه بعشرة آلاف درهم ورجعت الحيلة عليه.
وذكر ابن حرير وغيره أن المنصور دفع عبد الله بن علي إلى عيسى بن موسى سراً بالليل قال يا عيسى أن هذا أراد أن يزيل نعمتي ونعمتك وأنت ولي عهدي بعد المهدي والخلافة صائرة إليك فخذه فاضرب عنقه وإياك أن تخور أو تضعف ثم كتب إليه ما فعلت فيما أمرتك به فكتب إليه قد أنفذت ما أمرتني به فلم يشك في أنه قتله وكان عيسى قد أخبر كاتبه بالحال فقال إنما أرد قتلك لأنه أرمك أن تقتله سراً ثم يدعيه عليك علانية فيقيدك به قال فما الرأي قال أن تستره في منزلك فإن طلبه منك علانية أظهرته علانية ثم إن المنصور دس على عمومته مني حركهم على مسألة عن عبد الله بن علي ويطمعهم في أنه سيفعل وكلموه ورافعوه فقال علي بعيسى بن موسى فأتاه فقال يا عيسى قد علمت أني دفعت إليك عبد الله بن علي وقد كلموني فيه فأتني به فقال يا أمير المؤمنين لم تأمرني بقتله ثم قال فادفعه إلينا تقيده قال شأنكم به فخرجوه إلى الراحبة واجتمع الناس فشهر أحدهم سيفه وتقدم إلى عيسى ليضربه فقال له عيسى أقاتلي أنت قال أي والله قال ردوني إلى أمير المؤمنين فردوه فقال إنما أردت بقتله أن تقتلني هذا عمك حي سوى فأتاه به.
حدثنا الحارثي قال اجتزت ببغداد في أيام المقتدر وأنا حدث مع جماعة من مجان أصحاب الحديث وإذا بخادم خصي جالس على دكه في الطريق وبين يديه أدوية ومكاحل ومباضع وعلى رأسه مظلة خرق كما يكون الطبيب فقلت لأصحابنا ما هذا فقالوا خادم طبيب يصف للناس ويعالج ويأخذ الدراهم وهذا من عجائب بغداد فقلت أنا أحب أن أخاطبه لأنظر كيف فهمه فقال واحد منهم فهمه لا أدري ولكن نحب أن تعبث به فتقدم إليه وتغاشى وتماوت وتمارض وقال يا أستاذ يا أستاذ دفعات فضجر الخادم وقال قولي لأشفاك الله ايش أصابك أي طاعون ضربك قال فقال له يا أستاذ أجد ظلمة في أحشائي ومغصاً في أطراف شعري وما آكله اليوم يخرج غداً مثل الجيفة فصف لي صفة لما أنا فيه قال وكان الخادم قد اعد الجواب فقال أما ما تجدين من مغص في أطراف شعرك فاحلقي رأسك ولحيتك حتى يذهب مغصك وأما ظلمة في أحشائك فعلقي على باب حجرك قنديلاً يضيء مثل الساباط وأما ما تأكليه اليوم يخرج غداء مثل الجيفة فكلي خراك واربحي النفقة قال فعطعط بنا العامة القيام وضحكوا بنا وانقلب الطنز الذي أردنا بالخادم وصار طنزا بنا فصار أقصى أرادتنا الهرب فهربنا.
حدثنا الحسين بن عثمان وغيره أن عضد الدولة بعث القاضي أبا بكر الباقلاني في رسالة إلى ملك الروم فلما ورد مدينته عرف الملك خبره وبين له محله من العلم فأفكر الملك في أمره ولعم أنه لا يفكر له إذا دخل عليه كما جرى رسم الرعية أن يقبل الأرض بين يدي الملك فنتجت له الفكرة أن يضع سريره الذي يجلس عليه وراء باب لطيف لا يمكن أحد أن يدخل منه إلا راكعاً ليدخل القاضي منه على تلك الحال عوضاً من تفكيره بين يديه فلما وصل القاضي إلى نكان فطن بالقصة فأراد ظهره وحنى رأسه ودخل من الباب وهو يمشي إلى خلفه وقد استقبل الملك بدبره حتى صار بين يديه رفع رأسه ونصب وجهه وأدار وجهه حينئذ إلى الملك فعلم الملك من فطنته وهابه.
وقد روينا أن مزينة أسرت ثابتاً أبا حسان الأنصاري وقالوا لا نأخذ فداءه إلا تيساً فغضب قومه وقالوا لا تفعل هذا فأرسل إليهم أعطوهم ما طلبوا فلما جاؤوا بالتيس قال أعطوهم أخاهم وخذوا أخاكم فسموا مزينة التيس فصار لهم لعباً وعبثاً، كان مهيار الشاعر الحي والمطرز الشاعر كوسجا فمر أبا بي الحسن الجهرمي فقال:
اضرط على الكوسج والألحى ... وزدهما أن غضبا سلحاً
وأراد أن يتهما فاق لله المطرز فيكف وقع لك أن تذكر علي بن أبي علي حاجب القادر بالله والحسن بن أحمد صاحب القادر بعد عي بن أبي علي وكان علي أحلى والحسن كوسجاً فانزعج الجهرمي وخاف أن يبلغه ذلك فيقابل عليه فكتب إلى مهيار الديلمي يستعطفه:
أبا السحن أصفح أن مثلي من جنى ... ومثلك من أعفى من العدو وعفا
أئن طوحت بي هفوة قلت جفوة ... وحملت سمعي من عتابك ما حفا
حدثني أبو بكر الخطاط قال كان رجل فقيه خطه في غاية الرداءة فكان الفكهاء من عيبهم إياه فمر يوماً بمجلد يباغ فيه خط أردأ من خطه فبالغ في ثمنه فاشتراه بدينار وقيراط وجاء به ليحتج عليهم إذا قرؤوه فلما حضر معهم أخذوا يذكرون قبح خطه فقال لهم قد وجدت أقبح من خطي وبالغت في ثمنه حتى أتخلص من عيبكم فأخرجه فتصفحوه وإذا في آخره اسمه وأنه كتبه في شبابه فخجل من ذلك. قال كان بالبصرة مغنية حذرها خمس دنانير وكانت مفرط في حسن الصورة والغناء إلا أنها بدوية تقلب القاف كافاً فدعيت لبعض أمراء البصرة فغنت ومالي لا أبكي وأندب. فجاء في كلامه وأندب ناكتي فقال الأمير وزناً خمسة دنانير فإذا كنت تندبيننا فما نريد أن تقيمي عندنا فصرفها وقد خجلت والله أعلم.
حدثنا الحسين بن عثمان وغيره أن عضد الدولة بعث القاضي أبا بكر الباقلاني في رسالة إلى ملك الروم فلما ورد مدينته عرف الملك خبره وبين له محله من العلم فأفكر الملك في أمره ولعم أنه لا يفكر له إذا دخل عليه كما جرى رسم الرعية أن يقبل الأرض بين يدي الملك فنتجت له الفكرة أن يضع سريره الذي يجلس عليه وراء باب لطيف لا يمكن أحد أن يدخل منه إلا راكعاً ليدخل القاضي منه على تلك الحال عوضاً من تفكيره بين يديه فلما وصل القاضي إلى نكان فطن بالقصة فأراد ظهره وحنى رأسه ودخل من الباب وهو يمشي إلى خلفه وقد استقبل الملك بدبره حتى صار بين يديه رفع رأسه ونصب وجهه وأدار وجهه حينئذ إلى الملك فعلم الملك من فطنته وهابه.
وقد روينا أن مزينة أسرت ثابتاً أبا حسان الأنصاري وقالوا لا نأخذ فداءه إلا تيساً فغضب قومه وقالوا لا تفعل هذا فأرسل إليهم أعطوهم ما طلبوا فلما جاؤوا بالتيس قال أعطوهم أخاهم وخذوا أخاكم فسموا مزينة التيس فصار لهم لعباً وعبثاً، كان مهيار الشاعر الحي والمطرز الشاعر كوسجا فمر أبا بي الحسن الجهرمي فقال:
اضرط على الكوسج والألحى ... وزدهما أن غضبا سلحاً
وأراد أن يتهما فاق لله المطرز فيكف وقع لك أن تذكر علي بن أبي علي حاجب القادر بالله والحسن بن أحمد صاحب القادر بعد عي بن أبي علي وكان علي أحلى والحسن كوسجاً فانزعج الجهرمي وخاف أن يبلغه ذلك فيقابل عليه فكتب إلى مهيار الديلمي يستعطفه:
أبا السحن أصفح أن مثلي من جنى ... ومثلك من أعفى من العدو وعفا
أئن طوحت بي هفوة قلت جفوة ... وحملت سمعي من عتابك ما حفا
حدثني أبو بكر الخطاط قال كان رجل فقيه خطه في غاية الرداءة فكان الفكهاء من عيبهم إياه فمر يوماً بمجلد يباغ فيه خط أردأ من خطه فبالغ في ثمنه فاشتراه بدينار وقيراط وجاء به ليحتج عليهم إذا قرؤوه فلما حضر معهم أخذوا يذكرون قبح خطه فقال لهم قد وجدت أقبح من خطي وبالغت في ثمنه حتى أتخلص من عيبكم فأخرجه فتصفحوه وإذا في آخره اسمه وأنه كتبه في شبابه فخجل من ذلك. قال كان بالبصرة مغنية حذرها خمس دنانير وكانت مفرط في حسن الصورة والغناء إلا أنها بدوية تقلب القاف كافاً فدعيت لبعض أمراء البصرة فغنت ومالي لا أبكي وأندب. فجاء في كلامه وأندب ناكتي فقال الأمير وزناً خمسة دنانير فإذا كنت تندبيننا فما نريد أن تقيمي عندنا فصرفها وقد خجلت والله أعلم.
________________________________________________
- ناجح المتولى
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3753
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
رد: كتاب - ( الأذكياء ) الباب ( 17 ) احتال فانعكس عليه مقصوده
الإثنين 15 أغسطس 2011, 00:52
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى