- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
كتاب - ( الأذكياء ) الباب الحادي عشر
السبت 13 أغسطس 2011, 00:03
الباب الحادي عشر
في سياق المنقول من ذلك عن السلاطين
والأمراء والحجاب والشرطة
قال المؤلف بلغني أن رجلاً قدم إلى بغداد للحج وكان معه عقد من الحب يساوي ألف دينار فاجتهد في بيعه فلم ينفق فجاء إلى عطار موصوف بالخير فأودعه إياه ثم حج وعاد فأتاه بهدية فقال له العطار من أنت وما هذا فقال أنا صاحب العقد الذي أودعتك، فما كلمه حتى رفسه رفسة رماه عن دكانه، وقال تدعي علي مثل هذه الدعوى، فاجتمع الناس وقالوا للحاجي ويلك هذا رجل خير ما لحقت من تدعي عليه إلا هذا، فتحير الحاجي وتردد إليه فما زاده إلا شتماً وضربا فقيل له لو ذهبت إلى عضد الدولة فله في هذه الأشياء فراسة فكتب قصته وجعلها على قصبة ورفعها لعضد الدولة فصاح به فجاء فسأله عن حاله فأخبره بالقصة فقال اذهب إلى العطار غداً، واقعد على دكانه، فإن منعك فاقعد على دكان تقابله، من الصبح إلى المغرب ولا تكلمه، وافعل هكذا ثلاثة أيام فإني أمر عليك في اليوم الرابع وأقف وأسلم عليك فلا تقم لي ولا تزدني على رد السلام وجواب ما أسألك عنه فإذا انصرفت فأعد عليه ذكر العقد ثم أعلمني ما يقول لك فإن أعطاكه فجيء به إلي. قال فجاء إلى دكان العطار ليجلس فمنعه، فجلس بمقابلته ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع اجتاز عضد الدولة في موكبه العظيم، فلما رأى الخراساني وقف وقال سلام عيكم فقال الخرساني ولم يتحرك: وعليكم السلام، فقال يا أخي تقدم فلا تأتي إلينا ولا تعرض حوائجك علينا، فقال كما اتفق ولم يشبعه الكلام وعضد الدولة يسأله ويستخفي وقد وقف ووقف العسكر كله والعطار قد أغمي عليه من الخوف، فلما انصرف التفت العطار إلى الحاجي فقال ويحك متى أودعتني هذا العقد، وفي أي شيء كان ملفوفاً، فذكرني لعلي أذكره، فقال من صفته كذا وكذا، فقام وفتش ثم نقض جرة عنده فوضع العقد فقال قد كنت نسيت، ولو لم تذكرني الحال ما ذكرت. فأخذ العقد ثم قال وأي فائدة لي في أن أعلم عضد الدولة ثم قال في نفسه لعله يريد أن يشتريه فذهب إليه فأعلمه، فبعث به مع الحاجب إلى دكان العطار فعلق العقد في عنق العطار وصلبه بباب الدكان ونودي عليه هذا جزاء من استودع فجحد. فلما ذهب النهار أخذ الحاجب العقد فسلمه إلى الحاجي وقال اذهب.
في سياق المنقول من ذلك عن السلاطين
والأمراء والحجاب والشرطة
قال المؤلف بلغني أن رجلاً قدم إلى بغداد للحج وكان معه عقد من الحب يساوي ألف دينار فاجتهد في بيعه فلم ينفق فجاء إلى عطار موصوف بالخير فأودعه إياه ثم حج وعاد فأتاه بهدية فقال له العطار من أنت وما هذا فقال أنا صاحب العقد الذي أودعتك، فما كلمه حتى رفسه رفسة رماه عن دكانه، وقال تدعي علي مثل هذه الدعوى، فاجتمع الناس وقالوا للحاجي ويلك هذا رجل خير ما لحقت من تدعي عليه إلا هذا، فتحير الحاجي وتردد إليه فما زاده إلا شتماً وضربا فقيل له لو ذهبت إلى عضد الدولة فله في هذه الأشياء فراسة فكتب قصته وجعلها على قصبة ورفعها لعضد الدولة فصاح به فجاء فسأله عن حاله فأخبره بالقصة فقال اذهب إلى العطار غداً، واقعد على دكانه، فإن منعك فاقعد على دكان تقابله، من الصبح إلى المغرب ولا تكلمه، وافعل هكذا ثلاثة أيام فإني أمر عليك في اليوم الرابع وأقف وأسلم عليك فلا تقم لي ولا تزدني على رد السلام وجواب ما أسألك عنه فإذا انصرفت فأعد عليه ذكر العقد ثم أعلمني ما يقول لك فإن أعطاكه فجيء به إلي. قال فجاء إلى دكان العطار ليجلس فمنعه، فجلس بمقابلته ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع اجتاز عضد الدولة في موكبه العظيم، فلما رأى الخراساني وقف وقال سلام عيكم فقال الخرساني ولم يتحرك: وعليكم السلام، فقال يا أخي تقدم فلا تأتي إلينا ولا تعرض حوائجك علينا، فقال كما اتفق ولم يشبعه الكلام وعضد الدولة يسأله ويستخفي وقد وقف ووقف العسكر كله والعطار قد أغمي عليه من الخوف، فلما انصرف التفت العطار إلى الحاجي فقال ويحك متى أودعتني هذا العقد، وفي أي شيء كان ملفوفاً، فذكرني لعلي أذكره، فقال من صفته كذا وكذا، فقام وفتش ثم نقض جرة عنده فوضع العقد فقال قد كنت نسيت، ولو لم تذكرني الحال ما ذكرت. فأخذ العقد ثم قال وأي فائدة لي في أن أعلم عضد الدولة ثم قال في نفسه لعله يريد أن يشتريه فذهب إليه فأعلمه، فبعث به مع الحاجب إلى دكان العطار فعلق العقد في عنق العطار وصلبه بباب الدكان ونودي عليه هذا جزاء من استودع فجحد. فلما ذهب النهار أخذ الحاجب العقد فسلمه إلى الحاجي وقال اذهب.
وقال المؤلف أيضاً بلغني عن عضد الدولة أنه كان في بعض أمرائه شاب تركي وكان يقف عند روزنة ينظر إلى امرأة فيها فقالت المرأة لزوجها قد حرم علي هذا التركي أن أتطلع في الروزنة، فإنه طول النهار ينظر إليها وليس فيها أحد فلا يشك الناس أن لي معه حديثاً، وما أدري كيف أصنع. فقال زوجها أكتبي إليه رقعة وقولي فيها لا معنى لوقوفك فتعال إلي بعد العشاء، إذا غفل الناس في الظلمة فإني خلف الباب ثم قام وحفر حفرة طويلة خلف الباب ووقف له، فلما جاء التركي فتح له الباب فدخل فدفعه الرجل فوقع في الحفرة وطموا عليه،، وبقي أياماً لا يدري ما خبره، فسأل عنه عضد الدولة فقيل له ما لنا فيه خبر فما زال يعمل فكره إلى أن بعث يطلب مؤذن المسجد المجاور لتلك الدار فأخذه أخذاً عنيفاً في الظاهر ثم قال له هذه مائة دينار خذها وامتثل ما آمرك إذا رجعت إلى مسجدك فإذن الليلة واقعد في المسجد فأول من يدخل عليك ويسألك عن سبب أنفاذي إليك فأعلمني به فقال نعم. ففعل ذلك، فكان أول من دخل ذلك الشيخ فقال له قلبي إليك ولا شيء أراد منك عضد الدولة؟ فقال ما أراد مني شيئاً وما كان إلى الخبر، فلما أصبح أخبر عضد الدولة بالحال فبعث إلى الشيخ فأحضره، ثم قال له ما فعل التركي فقال صدقك لي امرأة ستيرة مستحسنة كان يراصدها ويقف تحت روزنتها فضجت من خوف الفضيحة بوقوفه، ففعلت به كذا وكذا، فقال اذهب في دعة الله فما سمع الناس ولا قلنا.
وذكر محمد بن عبد الملك الهمداني في تاريخه أنه بلغ إلى عضد الدولة خبر قوم من الأكراد يقطعون الطريق ويقيمون في جبال شاقة فلا يقدر عليهم، فاستدعى أحد التجار ودفع إليه بغلاً عليه صندوقان فيهما حلوى قد شيبت بالسم وأكثر طيبها وترك في الظروف الفاخرة وأعطاه دنانير وأمره أن يسير مع القافلة ويظهر أن هذه هدية لإحدى نساء أمراء الأطراف. ففعل التاجر ذلك وسار أمام القافلة، فنزل القوم وأخذوا الأمتعة والأموال وانفرد أحدهم بالبغل وصعد به مع جماعتهم إلى الجبل وبقي المسافرون عراة لما فتح الصندوقين وجد الحلوى يضوع طيبها ويدهش منظرها ويعجب ريحها، وعلم أنه لا يمكنه الاستبداد بها، فدعا أصحابه فرأوا ما لم يروه أبداً قبل ذلك فأمعنوا في الأكل عقيب مجاعة فانقلبوا فهلكوا عن آخرهم فبادر التجار إلى أخذ أموالهم وأمتعتهم وسلاحهم واستردوا المأخوذ عن آخره، فلم أسمع بأعجب من هذه المكيدة، محت أثر العاتين شوكة المفسدين.
وقال مؤلف الكتاب وحدثت أن بعض التجار قدم من خراسان ليحج فتأهب للحج وبقي معه من ماله ألف دينار لا يحتاج إليها، فقال أن حملتها خاطرت بها وأن أودعتها خفت جحد المودع، فمضى إلى الصحراء، فرأى شجرة خروع فحفر تحتها ودفنها ولم يره أحد، ثم خرج إلى الحج وعاد فحفر المكان فمل يجد شيئاً، فجعل يبكي ويلطم وجهه، فإذا سئل عن حاله قال الأرض سرقت مالي، فلما كثر ذلك منه قيل له لو قصدت عضد الدولة، فإن له فطنة، فقال: أو يعلم الغيب؟ فقيل له: لا بأس بقصده. فأخبره بقصته فجمع الأطباء وقال لهم هل داويتم في هذه السنة أحداً بعروق الخروع؟ فقال أحدهم: أنا داويت فلاناً وهو من خواصك. فقال علي به فجاء، فقال له هل تداويت في هذه السنة بعروق الخروع؟ قال نعم. قال من جاءك له؟ قال فلان الفراش قال علي به، فلا جاء قال من أين أخذت عروق الخروع؟ فقال من المكان الفلاني، فقال اذهب بهذا معك فأره المكان الذي أخذت منه. فذهب معه بصاحب المال إلى تلك الشجرة وقال من هذه الشجرة أخذت فقال الرجل ههنا والله تركت ما لي فرجع إلى عضد الدولة فأخبره فقال للفراش هلم بالمال، فتلكأ فأوعده فأحضر المال. وروى أبو الحسن بن هلال بن المحسن الصابي قال حكى السلامي الشاعر قال دخلت على عضد الدولة فمدحته فأجزل عطيتي من الثياب والدنانير وبين يديه حسام خرواني فرآني ألحظه، فرمى به إلي وقال خذه فقلت وكل خير عندنا من عنده. فقال عضد الدولة ذاك أبوك فبقيت متحير لا أدري ما أراد، فجئت أستاذي فشرحت له الحال فقال ويحك قد أخطأت عظيمة لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلبا حيث يقول:
أنعت كلباً أهله في كده ... قد سعدت جدودهم بجده
وكل خير عنده من عنده
وذكر محمد بن عبد الملك الهمداني في تاريخه أنه بلغ إلى عضد الدولة خبر قوم من الأكراد يقطعون الطريق ويقيمون في جبال شاقة فلا يقدر عليهم، فاستدعى أحد التجار ودفع إليه بغلاً عليه صندوقان فيهما حلوى قد شيبت بالسم وأكثر طيبها وترك في الظروف الفاخرة وأعطاه دنانير وأمره أن يسير مع القافلة ويظهر أن هذه هدية لإحدى نساء أمراء الأطراف. ففعل التاجر ذلك وسار أمام القافلة، فنزل القوم وأخذوا الأمتعة والأموال وانفرد أحدهم بالبغل وصعد به مع جماعتهم إلى الجبل وبقي المسافرون عراة لما فتح الصندوقين وجد الحلوى يضوع طيبها ويدهش منظرها ويعجب ريحها، وعلم أنه لا يمكنه الاستبداد بها، فدعا أصحابه فرأوا ما لم يروه أبداً قبل ذلك فأمعنوا في الأكل عقيب مجاعة فانقلبوا فهلكوا عن آخرهم فبادر التجار إلى أخذ أموالهم وأمتعتهم وسلاحهم واستردوا المأخوذ عن آخره، فلم أسمع بأعجب من هذه المكيدة، محت أثر العاتين شوكة المفسدين.
وقال مؤلف الكتاب وحدثت أن بعض التجار قدم من خراسان ليحج فتأهب للحج وبقي معه من ماله ألف دينار لا يحتاج إليها، فقال أن حملتها خاطرت بها وأن أودعتها خفت جحد المودع، فمضى إلى الصحراء، فرأى شجرة خروع فحفر تحتها ودفنها ولم يره أحد، ثم خرج إلى الحج وعاد فحفر المكان فمل يجد شيئاً، فجعل يبكي ويلطم وجهه، فإذا سئل عن حاله قال الأرض سرقت مالي، فلما كثر ذلك منه قيل له لو قصدت عضد الدولة، فإن له فطنة، فقال: أو يعلم الغيب؟ فقيل له: لا بأس بقصده. فأخبره بقصته فجمع الأطباء وقال لهم هل داويتم في هذه السنة أحداً بعروق الخروع؟ فقال أحدهم: أنا داويت فلاناً وهو من خواصك. فقال علي به فجاء، فقال له هل تداويت في هذه السنة بعروق الخروع؟ قال نعم. قال من جاءك له؟ قال فلان الفراش قال علي به، فلا جاء قال من أين أخذت عروق الخروع؟ فقال من المكان الفلاني، فقال اذهب بهذا معك فأره المكان الذي أخذت منه. فذهب معه بصاحب المال إلى تلك الشجرة وقال من هذه الشجرة أخذت فقال الرجل ههنا والله تركت ما لي فرجع إلى عضد الدولة فأخبره فقال للفراش هلم بالمال، فتلكأ فأوعده فأحضر المال. وروى أبو الحسن بن هلال بن المحسن الصابي قال حكى السلامي الشاعر قال دخلت على عضد الدولة فمدحته فأجزل عطيتي من الثياب والدنانير وبين يديه حسام خرواني فرآني ألحظه، فرمى به إلي وقال خذه فقلت وكل خير عندنا من عنده. فقال عضد الدولة ذاك أبوك فبقيت متحير لا أدري ما أراد، فجئت أستاذي فشرحت له الحال فقال ويحك قد أخطأت عظيمة لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلبا حيث يقول:
أنعت كلباً أهله في كده ... قد سعدت جدودهم بجده
وكل خير عنده من عنده
قال: فعدت متوشحاً بكساء فوقفت بين يدي الملك فقال: ما لك فقلت حممت الساعة. فقال هل تعرف سبب حماك؟ قلت نظرت في ديوان أبي نواس فقال لا تخف لا بأس عليك من هذه الحما فسجدت بين يديه وانصرفت. وروى أبو الحسن بن هلال ابن الحسن الصابي في تاريخه قال حدثني بعض التجار وقال كنت في المعسكر، واتفق أن ركب السلطان جلال الدولة يوماً إلى صيد على عادته فلقيه سوادي يبكي فقال مالك؟ فقال لقيني ثلاثة غلمان أخذوا حمل بطيخ كان معي وهو بضاعتي. فقال امض إلى المعسكر فهناك قبة حمراء فاقعد عندها ولا تبرح إلى آخر النهار، فأنا أرجع وأعطيك ما يغنيك، فلما عاد السلطان، قال لبعض شرائه قد اشتهيت بطيخاً ففتش العسكر وخيمهم على شيء منه ففعل وأحضر البطيخ فقال عند من رأيتموه؟ فقل في خيمة فلان الحاجب. فقال أحضروه. فقال له: من أين هذا البطيخ فقال الغلمان جاؤوا به. فقال أريدهم الساعة فمضى وقد أحس بالشر فهرب الغلمان خوفاً من أن يقتلوا وعاد فقال: قد هربوا لما علموا بطلب السلطان لهم. فقال أحضروا السوادي، فأحضر فقال له هذا بطيخك الذي أخذ منك؟ قال نعم. قال فخذه وهذا الحاجب مملوك لي وقد سلمته إليك ووهبته لك حتى يحضر الذين أخذوا منك البطيخ، ووالله لئن أخليته لأضربن رقبتك. فأخذ السوادي بيد الحاجب فأخرجه فاشترى الحاجب نفسه بثلاثمائة دينار فعاد السوادي إلى السلطان وقال يا سلطان قد بعت المملوك الذي وهبته لي بثلاثمائة دينار فقال قد رضيت بذلك قال نعم قال اقبضها وامض مصاحباً السلامة.
قال الصابي وحكى لي من كان حاضراً باصفهان: قال جاء إليه تركماني قد لزم يد تركماني، فلما دخلا إليه قال هذا وجدته قد ابتنى بابنتي وأريد أن أقتله بعد إعلامك به قال لا بل تزوجها به ونعطي المهر من خزائننا، فقال لا أقنع إلا بقتله. فقال هاتوا السيف، فجيء به فسله وقال للأب تعال، فلما قرب منه أعطاه السيف وأمسك بيده الجفن وأمره أن يعيد السيف إلى الجفن، فكلما رام الرجل ذاك قلب السلطان المجفن ولم يمكنه من إدخال السيف، فقال يا سلطان ما تدعني فقال كذلك ابنتك لو لم ترد ما فعل بها هذا فإن كنت تريد قتله لأجل فعله فاقتلهما جميعاً، ثم أحضر من زوجه بها وأعطاه المهر من خزانته.
حدثنا الأصمعي قال وفد فلان بن أبي بردة على عمر بن عبد العزيز وهو بحاضرة، فلزم سارية من المسجد يصلي إليها بحسن الركوع الخشوع وعمر بن عبد العزيز ينظر إليه فقال عمر للعلاء بن المغيرة وكان خصيصاً بعمر. فقال له العلاء بن المغيرة: أنا آتيك يا أمير المؤمنين بخبره فأتاه وهو يصلي بين المغرب والعشاء فقال له اشفع صلاتك فإن لي حاجة فلما سلم من صلاته قال له العلاء تعرف منزلتي وموضعي من أمير المؤمنين فإني أن أشرت عليك أني وليك العراق ما تجعل لي قال عمالتي سنة، وكان مبلغها عشرين ومائة ألف. قال فاكتب لي على ذلك خطاً فقام من وقته فكتب له خطاً بذلك فحمل ذلك الخط إلى عمر بن عبد العزيز فلما قرأه كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وكان والياً على الكوفة: أما بعد فان بلال غرنا بالله فكدنا نغتر به ثم سبكناه فوجدناه حبثاً كله. قال مؤلف الكتاب وبلغنا أن رجلا وعظ أميراً فأنفذ إليه الأمير مالاً قبله فلما عاد الرسول قال الأمير كلنا صياد ولكن الشباك تختلف وقيل لما خطب السفاح يوم بويع سقطت العصا من يده فتضير من ذلك فقام بعض أصحابه فأخذها ومسحها ودفعها إليه ثم أنشد:
فألقت عصاها واستقرث بها النوى ... كما قر عيناً بالأياب المسافر
فسر بذلك وسرى عنه وأكرمه.
نزل أمير بقرية فاحتاج إلى المزين يمسح شعره فجاء الأمير وحده إليه وقال أنا حاجب هذا الأمير الذي قد نزل بكم فامسح شعري فإن كنت حاذقاً جاء الأمير فمسحت شعره وإنما فعل ذلك لئلا يعلم أنه الأمير فينزعج فيجرحه.
حدثني عمر بن عثمان قال دخل المنصور أمير المؤمنين قصراً فرأى في جداره كتاباً:
ومالي لا أبكي بعين حزينة ... وقد قربت للظاعنين حمول
قال الصابي وحكى لي من كان حاضراً باصفهان: قال جاء إليه تركماني قد لزم يد تركماني، فلما دخلا إليه قال هذا وجدته قد ابتنى بابنتي وأريد أن أقتله بعد إعلامك به قال لا بل تزوجها به ونعطي المهر من خزائننا، فقال لا أقنع إلا بقتله. فقال هاتوا السيف، فجيء به فسله وقال للأب تعال، فلما قرب منه أعطاه السيف وأمسك بيده الجفن وأمره أن يعيد السيف إلى الجفن، فكلما رام الرجل ذاك قلب السلطان المجفن ولم يمكنه من إدخال السيف، فقال يا سلطان ما تدعني فقال كذلك ابنتك لو لم ترد ما فعل بها هذا فإن كنت تريد قتله لأجل فعله فاقتلهما جميعاً، ثم أحضر من زوجه بها وأعطاه المهر من خزانته.
حدثنا الأصمعي قال وفد فلان بن أبي بردة على عمر بن عبد العزيز وهو بحاضرة، فلزم سارية من المسجد يصلي إليها بحسن الركوع الخشوع وعمر بن عبد العزيز ينظر إليه فقال عمر للعلاء بن المغيرة وكان خصيصاً بعمر. فقال له العلاء بن المغيرة: أنا آتيك يا أمير المؤمنين بخبره فأتاه وهو يصلي بين المغرب والعشاء فقال له اشفع صلاتك فإن لي حاجة فلما سلم من صلاته قال له العلاء تعرف منزلتي وموضعي من أمير المؤمنين فإني أن أشرت عليك أني وليك العراق ما تجعل لي قال عمالتي سنة، وكان مبلغها عشرين ومائة ألف. قال فاكتب لي على ذلك خطاً فقام من وقته فكتب له خطاً بذلك فحمل ذلك الخط إلى عمر بن عبد العزيز فلما قرأه كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وكان والياً على الكوفة: أما بعد فان بلال غرنا بالله فكدنا نغتر به ثم سبكناه فوجدناه حبثاً كله. قال مؤلف الكتاب وبلغنا أن رجلا وعظ أميراً فأنفذ إليه الأمير مالاً قبله فلما عاد الرسول قال الأمير كلنا صياد ولكن الشباك تختلف وقيل لما خطب السفاح يوم بويع سقطت العصا من يده فتضير من ذلك فقام بعض أصحابه فأخذها ومسحها ودفعها إليه ثم أنشد:
فألقت عصاها واستقرث بها النوى ... كما قر عيناً بالأياب المسافر
فسر بذلك وسرى عنه وأكرمه.
نزل أمير بقرية فاحتاج إلى المزين يمسح شعره فجاء الأمير وحده إليه وقال أنا حاجب هذا الأمير الذي قد نزل بكم فامسح شعري فإن كنت حاذقاً جاء الأمير فمسحت شعره وإنما فعل ذلك لئلا يعلم أنه الأمير فينزعج فيجرحه.
حدثني عمر بن عثمان قال دخل المنصور أمير المؤمنين قصراً فرأى في جداره كتاباً:
ومالي لا أبكي بعين حزينة ... وقد قربت للظاعنين حمول
وتحته مكتوب ايه ايه قال أبو عمر ويرى أه أه، فقال المنصور أي شيء ايه ايه، فقال له الربيع وهو إذ ذاك تحت يدي أبي الخصيب الحاجب يا أمير المؤمنين إنه لما كتب البيت أحب أن يخبر أنه يبكي، فقال له: الله ما كان أظرفه فكان هذا أول ما ارتفع به الربيع. قال المؤلف نقلت من خط أبي الوفاء بن عقيل قال دخل هاشمي على المنصور فاستدناه ودعا بغدائه وقال أدنه، فقال قد تغديت، فكف عنه فلما خرج دفع الربيع في قفاه فوافقه الحجاب فدخل عمومته فشكا إلى المنصور فقال الربيع هذا الفتى كان يسلم من بعيد وينصرف فأدناه أمير المؤمنين واستجلسه ثم أذن له في الغداء، فقال له قد تغديت قول من يظن أن الغداء عند أمير المؤمنين لا يصلح إلا لسد الخلة ومثل هذا لا يكون أدبه بالقول ولكن بالفعل.
حدثنا المدايني عن غياث بن إبراهيم أن معن بن زائدة دخل على أبي جعفر أمير المؤمنين فقارب في خطوه، فقال له أبو جعفر كبرت سنك يا معن، فقال في طاعتك يا أمير المؤمنين قال وأنك لجلد قال على أعدائك، قال وإن فيك لبقية، قال هي لك.
حدثنا أبو الفضل الربيع قال: حدثني أبي قال قال المأمون لعبد الله بن طاهر أيما أطيب مجلسي أو منزلك قال ما عدلت به يا أمير المؤمنين. قال ليس لي إلى هذا، إنما ذهبت إلى الموافقة في العيش واللذة، قال منزلي يا أمير المؤمنين. قال ولم ذلك قال لأني فيه مالك وأنا ههنا مملوك.
وذكر محمد بن عبد الملك الهمداني أن أحمد بن طولون جلس يوماً في متنزه له يأكل فرأى سائلاً في ثوب خلق فوضع يده في رغيف ودجاجة وفرخ وقطع لحم وقطعة فالوذج، وأمر بعض الغلمان بمناولته، فرجع الغلام وذكر أنه ما هش له، فقال ابن طولون للغلام: جئني به فمثل به بين يديه فاستنطقه فأحسن الجواب ولم يضطرب من هيبته، فقال له أحضرني الكتب التي معك واصدقني عمن بعث بك فقد صح عندي أنك صاحب خبر، واستحضر السياط فاعترف له بذلك فقال بعض من حضر هذا والله السحر، فقال أحمد ما هو بسحر، ولكنه قياس صحيح رأيت سوء حال هذا فوجهت إليه بطعام يسر إلى أكله الشبعان فما هش له ولا مد يده فأحضره فتلقاني بقوة جأش، فلما رأيت رثائة حاله وقوة جنانه علمت أنه صاحب خبر. ورأى ابن طولون يوماً حمالاً يحمل صندوقاً وهو يضطرب تحته فقال لو كان هذا الاضطراب من ثقل المحمول لغاصت عنقه وأنا أرى عنقه بارزة، وما هذا إلا من خوف ما يحمل، فأمر بحط الصندوق فوجد فيه جارية قد قتلت وقطعت، فقال أصدقني عن حالها فقال أربعة نفر في الدار الفلانية أعطوني هذه الدنانير وأمروني بحمل هذه المقتولة. فضرب الحمال مائتي ضربة بعصا، وأمر بقتل الأربعة. وكان ابن طولون يبكر ويخرج فيسمع قراءة الأئمة في المحاريب فدعا بعض أصحابه يوماً وقال امض إلى المسجد الفلاني، وأعط أمامه هذه الدنانير. قال فمضيت فجلست مع الإمام وباسطته حتى شكا أن زوجته ضربها الطلق ولم يكن معه ما يصلح به شأنها وأنه صلى فغلط مراراً في القراءة فعدت إلى ابن طولون فأخبرته، فقال صدق، لقد وقفت أمس فرأيته يغلط كثيراً علمت شغل قبله.
حدثنا المدايني عن غياث بن إبراهيم أن معن بن زائدة دخل على أبي جعفر أمير المؤمنين فقارب في خطوه، فقال له أبو جعفر كبرت سنك يا معن، فقال في طاعتك يا أمير المؤمنين قال وأنك لجلد قال على أعدائك، قال وإن فيك لبقية، قال هي لك.
حدثنا أبو الفضل الربيع قال: حدثني أبي قال قال المأمون لعبد الله بن طاهر أيما أطيب مجلسي أو منزلك قال ما عدلت به يا أمير المؤمنين. قال ليس لي إلى هذا، إنما ذهبت إلى الموافقة في العيش واللذة، قال منزلي يا أمير المؤمنين. قال ولم ذلك قال لأني فيه مالك وأنا ههنا مملوك.
وذكر محمد بن عبد الملك الهمداني أن أحمد بن طولون جلس يوماً في متنزه له يأكل فرأى سائلاً في ثوب خلق فوضع يده في رغيف ودجاجة وفرخ وقطع لحم وقطعة فالوذج، وأمر بعض الغلمان بمناولته، فرجع الغلام وذكر أنه ما هش له، فقال ابن طولون للغلام: جئني به فمثل به بين يديه فاستنطقه فأحسن الجواب ولم يضطرب من هيبته، فقال له أحضرني الكتب التي معك واصدقني عمن بعث بك فقد صح عندي أنك صاحب خبر، واستحضر السياط فاعترف له بذلك فقال بعض من حضر هذا والله السحر، فقال أحمد ما هو بسحر، ولكنه قياس صحيح رأيت سوء حال هذا فوجهت إليه بطعام يسر إلى أكله الشبعان فما هش له ولا مد يده فأحضره فتلقاني بقوة جأش، فلما رأيت رثائة حاله وقوة جنانه علمت أنه صاحب خبر. ورأى ابن طولون يوماً حمالاً يحمل صندوقاً وهو يضطرب تحته فقال لو كان هذا الاضطراب من ثقل المحمول لغاصت عنقه وأنا أرى عنقه بارزة، وما هذا إلا من خوف ما يحمل، فأمر بحط الصندوق فوجد فيه جارية قد قتلت وقطعت، فقال أصدقني عن حالها فقال أربعة نفر في الدار الفلانية أعطوني هذه الدنانير وأمروني بحمل هذه المقتولة. فضرب الحمال مائتي ضربة بعصا، وأمر بقتل الأربعة. وكان ابن طولون يبكر ويخرج فيسمع قراءة الأئمة في المحاريب فدعا بعض أصحابه يوماً وقال امض إلى المسجد الفلاني، وأعط أمامه هذه الدنانير. قال فمضيت فجلست مع الإمام وباسطته حتى شكا أن زوجته ضربها الطلق ولم يكن معه ما يصلح به شأنها وأنه صلى فغلط مراراً في القراءة فعدت إلى ابن طولون فأخبرته، فقال صدق، لقد وقفت أمس فرأيته يغلط كثيراً علمت شغل قبله.
حدثنا سهل بن محمد السجستاني قال وفد علينا عامل من أهل الكوفة لم أرى في عمال السلطان بالبصرة أبرع منه، فدخلت مسلماً عليه، فقال يا سجستاني من أعلمكم بالبصرة أبرع منه، فدخلت مسلماً عليه، فقال يا سجستاني من أعلمكم بالبصرة قال الزيادي أعلمنا بعلم الأصمعي والمازني أعلمنا بالنحو وهلال الرأي أفقهنا والشادكوني أعلمنا بالحديث وأنا رحمك الله أنسب إلى علم القرآن وابن الكلبي من أكتبنا للشروط، قال فقال لكاتبه إذا كان غد فاجمعهم إلي، قال فجمعنا قال أيكم المازني قال أبو عثمان ها أنذا يرحمك الله، قال هل يجزى في الظهاري عتق عبد أعور، فقال المازني لست صاحب فقه، أنا صاحب عربية، فقال يا زيادي كيف تكتب بين بعل وامرأة خالعها زوجها على الثلث من صداقها قال ليس هذا من علمي هذا من علم هلال الرأي، قال يا هلال كم أسند ابن عون عن الحسن قال ليس هذا من علمي هذا من علم الشادكوني، قال يا شادكوني من قرأ ألا أنهم يثنون صدورهم، قال ليس هذا من علمي هذا من علم أبي حاتم فقال يا أبا حاتم كيف تكتب كتاباً إلى أمير المؤمنين تصف فيه خصاصة أهل البصرة وما أصابهم في الثمرة وتسأله لهم النظر بالبصرة قال لست رحمك الله صاحب بدعة وكتابة أنا صاحب قرآن قال ما اقبح بالرجل يتعاطى بالعلم خمسين سنة لا يعرف إلا فنا واحداً حتى إذا سئل من غيره لم يجل فيه ولم يمر لكن عالمنا بالكوفة الكسائي لو سئل عن هذا كله لأجاب.
نظر بعض العمال في ديوانه إلى رجل يصغي إلى سرة فأمر بضربه وحبسه. فقال كاتب الحبس كيف اكتب قصته قال اكتب استرق السمع فاتبعه شهاب ثابت ووجد أعمى مع عمياء فلم يدر الكاتب كيف يكتب قصتها فقال صاحب الربع أكتب ظلمات بعضها فوق بعض.
قال الحسين بن الحسن بن أحمد بن يحيى الواثقي قال كان جدي يتقلد شرطة بغداد للمكتفي بالله فعمل اللصوص في أيامه عملة عظيمة فاجتمع التجار وتظلموا إلى المكتفي بالله فألزمه بإحضار اللصوص أو غرامة المال فتحير حتى كان يركب وحده ويطوف بالليل والنهار إلى أن اجتاز يوماً في زقاق خال في بعض أطراف بغداد فدخله فوجد منكراً ووجد فيه زقاقاً لا ينفذ فدخله فرأى على بعض أبواب دور الزقاق شوك سمكة كبيرة وعظم الصلب وتقدير ذاك أن تكون السمكة فيها مائة وعشرون رطلاً، فقال لواحد من أصحاب المسالخ ويحك ما ترى عظام هذه السمكة كم تقدر ثمنها قال دينار، فقال أهل هذا الزقاق لا تحمل أحوالهم شراء مثل هذه السمكة لأنه زقاق بين الاحتلال إلى جانب الصحراء لا ينزله من معه شيء يخافه أو له مال ينفق منه مثل هذه النفقة وما هي إلا بلية يجب أن يكشف عنها فاستبعد الرجل هذا وقال هذا فكر بعيد، فقال اطلبوا امرأة من الدرب أكلمها، فدق بابا غير الباب الذي عليه الشوك واستسقى ماء فخرجت عجوز ضعيفة، فما زال يطلب شربة بعد شربة وهي تسقيهم والواثقي في خلال ذلك يسأل عن الدرب وأهله وهي تخبره غير عارفة بعواقب ذلك إلى أن قال لها فهذه الدار من يسكنها وأومأ إلى التي عليها عظام السمك فقالت والله ما ندري على الحقيقة من سكانها إلا أن فيها خمسة شباب أعفار كأنهم تجار قد نزلوا منذ شهر لا نراهم يخرجون نهاراً إلا كل مدة طويلة، وأنا نرى الواحد منهم يخرج في الحاجة ويعود سريعاً وهم طول النهار يجتمعون فيأكلون ويشربون ويلعبون بالشطرنج والنرد ولهم صبي يخدمهم، وإذا كان الليل انصرفوا إلى دارهم لهم في الكرخ. ويدعون الصبي في الدار يحفظها، فإذا كان سحراً بليل جاؤوا ونحن نيام لا نعقل بهم وقت مجيئهم. قال فقطع الوالي استسقاء الماء ودخلت العجوز وقال للرجل هذه صفة لصوص أم لا فقال: توكلوا بحوالي الدار ودعوني على بابها قال وأنفذ في الحال واستدعى عشرة من الرجال وأدخلهم إلى سطوح الجيران ودق هو الباب فجاء الصبي ففتح فدخل والرجال معه فما فاتهم من القوم أحد وحملهم إلى مجلس الشرطة وقررهم فكانوا هم أصحاب الخيانة بعينها ودلوا على باقي أصحابهم فتبعهم الواثقي وكان يفتخر بهذه القصة.
قال مؤلف الكتاب وبلغنا عن بعض ولاة مصر أنه كان يلعب بالحمام فتسابق هو وخادم له فسبقه الخادم فبعث الأمير إلى وزيره ليعلم الحال فكره الوزير أن يكتب إليه أنك قد سبقت ولم يدر كيف يكنى عن ذلك، فكان ثم كاتب فقال أن رأيت أن تكتب شعراً.
نظر بعض العمال في ديوانه إلى رجل يصغي إلى سرة فأمر بضربه وحبسه. فقال كاتب الحبس كيف اكتب قصته قال اكتب استرق السمع فاتبعه شهاب ثابت ووجد أعمى مع عمياء فلم يدر الكاتب كيف يكتب قصتها فقال صاحب الربع أكتب ظلمات بعضها فوق بعض.
قال الحسين بن الحسن بن أحمد بن يحيى الواثقي قال كان جدي يتقلد شرطة بغداد للمكتفي بالله فعمل اللصوص في أيامه عملة عظيمة فاجتمع التجار وتظلموا إلى المكتفي بالله فألزمه بإحضار اللصوص أو غرامة المال فتحير حتى كان يركب وحده ويطوف بالليل والنهار إلى أن اجتاز يوماً في زقاق خال في بعض أطراف بغداد فدخله فوجد منكراً ووجد فيه زقاقاً لا ينفذ فدخله فرأى على بعض أبواب دور الزقاق شوك سمكة كبيرة وعظم الصلب وتقدير ذاك أن تكون السمكة فيها مائة وعشرون رطلاً، فقال لواحد من أصحاب المسالخ ويحك ما ترى عظام هذه السمكة كم تقدر ثمنها قال دينار، فقال أهل هذا الزقاق لا تحمل أحوالهم شراء مثل هذه السمكة لأنه زقاق بين الاحتلال إلى جانب الصحراء لا ينزله من معه شيء يخافه أو له مال ينفق منه مثل هذه النفقة وما هي إلا بلية يجب أن يكشف عنها فاستبعد الرجل هذا وقال هذا فكر بعيد، فقال اطلبوا امرأة من الدرب أكلمها، فدق بابا غير الباب الذي عليه الشوك واستسقى ماء فخرجت عجوز ضعيفة، فما زال يطلب شربة بعد شربة وهي تسقيهم والواثقي في خلال ذلك يسأل عن الدرب وأهله وهي تخبره غير عارفة بعواقب ذلك إلى أن قال لها فهذه الدار من يسكنها وأومأ إلى التي عليها عظام السمك فقالت والله ما ندري على الحقيقة من سكانها إلا أن فيها خمسة شباب أعفار كأنهم تجار قد نزلوا منذ شهر لا نراهم يخرجون نهاراً إلا كل مدة طويلة، وأنا نرى الواحد منهم يخرج في الحاجة ويعود سريعاً وهم طول النهار يجتمعون فيأكلون ويشربون ويلعبون بالشطرنج والنرد ولهم صبي يخدمهم، وإذا كان الليل انصرفوا إلى دارهم لهم في الكرخ. ويدعون الصبي في الدار يحفظها، فإذا كان سحراً بليل جاؤوا ونحن نيام لا نعقل بهم وقت مجيئهم. قال فقطع الوالي استسقاء الماء ودخلت العجوز وقال للرجل هذه صفة لصوص أم لا فقال: توكلوا بحوالي الدار ودعوني على بابها قال وأنفذ في الحال واستدعى عشرة من الرجال وأدخلهم إلى سطوح الجيران ودق هو الباب فجاء الصبي ففتح فدخل والرجال معه فما فاتهم من القوم أحد وحملهم إلى مجلس الشرطة وقررهم فكانوا هم أصحاب الخيانة بعينها ودلوا على باقي أصحابهم فتبعهم الواثقي وكان يفتخر بهذه القصة.
قال مؤلف الكتاب وبلغنا عن بعض ولاة مصر أنه كان يلعب بالحمام فتسابق هو وخادم له فسبقه الخادم فبعث الأمير إلى وزيره ليعلم الحال فكره الوزير أن يكتب إليه أنك قد سبقت ولم يدر كيف يكنى عن ذلك، فكان ثم كاتب فقال أن رأيت أن تكتب شعراً.
يا أيها الملك الذي جده ... لكل جد قاهر غالب
طائرك السابق لكنه ... أتى وفي خدمته حاجب
فاستحسن ذلك وأمر له بجائزة وكتب به. قال الشيخ حدثني أبو محمد عبد الله بن علي المقري قال كان حاجب باب ابن النسوي ذكياً فسمع في بعض ليالي الشتاء صوت برادة فأمر بكبس الدار فأخرجوا رجلاً وامرأة فقيل له من أين علمت هذا قال في الشتاء لا يبرد الماء وإنما هذه علامة بين هذين، وبه حدثني أبو حكيم إبراهيم بن دينار الفقيه قال حدثني أبي قال جيء إلى ابن النسوي برجلين قد اتهما بالسرقة فأقامهما بين يديه ثم قال شربة ماء فجاء بها فأخذ يشرب ثم ألقاها من يده عمداً فوقعت فانكسرت فانزعج أحد الرجلين لانكسارها وثبت الآخر فقال للمنزعج اذهب أنت وقال للآخر رد ما أخذت فقيل له من أين علمت، فقال اللص قوي القلب لا ينزعج وهذا المنزعج بريء لأنه لو تحركت في البيت فأرة لا زعجته ومنعته أن يسرق وبه ذكر بعض مشايخنا أن رجلاً من جيران ابن النسوي كان يصلي بالناس دخل على ابن النسوي في شفاعة وبين يديه صحن فيه قطايف فقال له ابن النسوي كل فامتنع فقال كأنني بك وأنت تقول من أين لابن النسوي شيء حلال ولكن كل فما أكلت قط أحل من هذا فقال بحكم المداعبة من أين لك شيء لا يكون فيه شبهة فقال إن أخبرتك تأكل، قال نعم فقال كنت منذ ليال في مثل هذا الوقت فإذا الباب يدق فقالت الجارية من؟ فقالت امرأة تستأذن فإذن لها فدخلت فأكبت على قدمي تقبلها فقلت ما حاجتك قالت لي زوج ولي منه ابنتان لواحدة اثنتا عشرة سنة وللأخرى أربع عشرة سنة وقد تزوج علي وما يقربني والأولاد يطلبونه فيضيق صدري لأجلهم وأريد أن يجعل ليلة لي ولتلك ليلة، فقلت لها ما صناعته؟ فقالت خباز قلت وأين دكانه قالت بالكرخ ويعرف بفلان بن فلان فقلت وأنت بنت من؟ فقالت بنت فلان، قلت فما اسم بناتك، قالت فلانة وفلانة... قلت أنا أرده إليك إن شاء الله تعالى فقالت هذه شقة قد غزلتها أنا وابنتاي، وأنت في حل منها. قلت خذي شقتك وانصرفي. فمضت فبعث إليه اثنين وقلت أحضراه ولا تزعجاه. فأحضراه وقد طار عقله فقلت لا بأس عليك إنما استدعيتك لأعطيك كر طعام وعمالته تقيمه خبزاً للرحالة فسكن روعه وقال ما أريد له عمالة قلت بلى صديق مخسر عدو مبني أنت مني وإلي كيف هي زوجتك فلانة تلك بنت عمي وكيف بناتها فلانة وفلانة فقال بكل خير، قلت الله الله لا أحتاج أن أوصيك بها لا تضيق صدرها فقبل يدي، فقلت امض إلى دكانك وأن كان لك حاجة فالموضع بحكمك فانصرف. فلما كان في هذه الليلة جاءت المرأة فدخلت وهذا الصحن معها وأقسمت علي بالله أن لا أردها وقالت قد جمعت شملي وشمل أولادي وهذا والله من ثمن غزلي فبالله لا ترده فقبلته فهل هو حلال؟ فقال والله ما في الدنيا أحل من هذا قال فكل، فأكل.
كان لأحمد بن خصيب وكيل له في ضياعه فرمى إليه بخيانة فعزم على القبض عليه والإساءة إليه فهرب فكتب إليه أحمد يؤنسه ويحلف له على بطلان ما اتصل إليه ويأمره بالرجوع إلى عمله فكتب إليه:
أنالك عبد سامع ومطيع ... وإني لما تهوى إليك سريع
ولكن لي كفا أعيش بفضلها ... فما أشترى إلا بها وأبيع
أأجعلها تحت الرحائم أبتغي ... خلاصاً لها إني إذا لرقيع
طائرك السابق لكنه ... أتى وفي خدمته حاجب
فاستحسن ذلك وأمر له بجائزة وكتب به. قال الشيخ حدثني أبو محمد عبد الله بن علي المقري قال كان حاجب باب ابن النسوي ذكياً فسمع في بعض ليالي الشتاء صوت برادة فأمر بكبس الدار فأخرجوا رجلاً وامرأة فقيل له من أين علمت هذا قال في الشتاء لا يبرد الماء وإنما هذه علامة بين هذين، وبه حدثني أبو حكيم إبراهيم بن دينار الفقيه قال حدثني أبي قال جيء إلى ابن النسوي برجلين قد اتهما بالسرقة فأقامهما بين يديه ثم قال شربة ماء فجاء بها فأخذ يشرب ثم ألقاها من يده عمداً فوقعت فانكسرت فانزعج أحد الرجلين لانكسارها وثبت الآخر فقال للمنزعج اذهب أنت وقال للآخر رد ما أخذت فقيل له من أين علمت، فقال اللص قوي القلب لا ينزعج وهذا المنزعج بريء لأنه لو تحركت في البيت فأرة لا زعجته ومنعته أن يسرق وبه ذكر بعض مشايخنا أن رجلاً من جيران ابن النسوي كان يصلي بالناس دخل على ابن النسوي في شفاعة وبين يديه صحن فيه قطايف فقال له ابن النسوي كل فامتنع فقال كأنني بك وأنت تقول من أين لابن النسوي شيء حلال ولكن كل فما أكلت قط أحل من هذا فقال بحكم المداعبة من أين لك شيء لا يكون فيه شبهة فقال إن أخبرتك تأكل، قال نعم فقال كنت منذ ليال في مثل هذا الوقت فإذا الباب يدق فقالت الجارية من؟ فقالت امرأة تستأذن فإذن لها فدخلت فأكبت على قدمي تقبلها فقلت ما حاجتك قالت لي زوج ولي منه ابنتان لواحدة اثنتا عشرة سنة وللأخرى أربع عشرة سنة وقد تزوج علي وما يقربني والأولاد يطلبونه فيضيق صدري لأجلهم وأريد أن يجعل ليلة لي ولتلك ليلة، فقلت لها ما صناعته؟ فقالت خباز قلت وأين دكانه قالت بالكرخ ويعرف بفلان بن فلان فقلت وأنت بنت من؟ فقالت بنت فلان، قلت فما اسم بناتك، قالت فلانة وفلانة... قلت أنا أرده إليك إن شاء الله تعالى فقالت هذه شقة قد غزلتها أنا وابنتاي، وأنت في حل منها. قلت خذي شقتك وانصرفي. فمضت فبعث إليه اثنين وقلت أحضراه ولا تزعجاه. فأحضراه وقد طار عقله فقلت لا بأس عليك إنما استدعيتك لأعطيك كر طعام وعمالته تقيمه خبزاً للرحالة فسكن روعه وقال ما أريد له عمالة قلت بلى صديق مخسر عدو مبني أنت مني وإلي كيف هي زوجتك فلانة تلك بنت عمي وكيف بناتها فلانة وفلانة فقال بكل خير، قلت الله الله لا أحتاج أن أوصيك بها لا تضيق صدرها فقبل يدي، فقلت امض إلى دكانك وأن كان لك حاجة فالموضع بحكمك فانصرف. فلما كان في هذه الليلة جاءت المرأة فدخلت وهذا الصحن معها وأقسمت علي بالله أن لا أردها وقالت قد جمعت شملي وشمل أولادي وهذا والله من ثمن غزلي فبالله لا ترده فقبلته فهل هو حلال؟ فقال والله ما في الدنيا أحل من هذا قال فكل، فأكل.
كان لأحمد بن خصيب وكيل له في ضياعه فرمى إليه بخيانة فعزم على القبض عليه والإساءة إليه فهرب فكتب إليه أحمد يؤنسه ويحلف له على بطلان ما اتصل إليه ويأمره بالرجوع إلى عمله فكتب إليه:
أنالك عبد سامع ومطيع ... وإني لما تهوى إليك سريع
ولكن لي كفا أعيش بفضلها ... فما أشترى إلا بها وأبيع
أأجعلها تحت الرحائم أبتغي ... خلاصاً لها إني إذا لرقيع
حدثنا أبو سهل بن زياد قال كان شاعر له ضويعة فهجا عاملها وبلغه ذلك فأمسك عنه فلما كان وقت الغلة ركب العامل إلى البيدر فقسمها وحلم غلة الشاعر أصلاً فجاء الشاعر إليه يشكو فقال يا هذا ليس بيننا، هجوتنا بالشعر ونحن نهجوك بالشعير فقد استوت الحال بيننا وبينك. قال الشيخ وحدثني ابن شبيب المشرف بالمحرز أنه لقي الخليفة المستنجد فقال له الخليفة أين شتيت قال عندك يا أمير المؤمنين وأراد الخليفة تصحيف ابن شبيب وأراد هو تصحيف عبدك. وكان بعض العمال واقفاً على رأس أمير فأخذه البول فخرج فلما جاء قال أين كنت قال أصوب الرأي يعني أنه لا رأى لحاقن حدثني بعض الشيوخ قال سرق من رجل خمسمائة دينار فحمل المتهومين إلى الوالي فقال الوالي أنا ما أضرب أحداً منكم بل عندي خيط ممدود في بيت مظلم فأدخلوا فليمر كل منكم يده عليه من أول الخيط إلى آخره ويلف يده في كمه ويخرج فإن الخيط يلف على يد الذي سرق وكان قد سود الخيط بسخام فدخلوا فكلهم جريده على الخيط في الظلمة إلا واحد منهم فلما خرجوا نظر إلى أيديهم مسودة إلا واحد فالزمه بالمال فأقربه
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى