- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
كتاب - ( الأذكياء ) الباب العاشر
الجمعة 12 أغسطس 2011, 23:59
الباب العاشر
في سياق المنقول من ذلك عن الوزراء
قال ابن الموصلي حدثني أبي قال أتيت يحيي بن خالد بن برمك فشكوت إليه ضيقة اليد فقال ويحك وما أصنع بك ليس عندنا في هذا الوقت شيء ولكن عليك ههنا أمر أدلك عليه فتكن فيه رجلاً قد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن أستهدي صاحبه شيئاً وقد أبيت ذلك فالح علي وقد أبلغني أنك قد أعطيت بجاريتك فلانة آلاف دنانير فهو ذا استهديه إياها وأخبره أنها قد أعجبتني وإياك أن تنقصها ثلاثين ألف دينار فلم يزل يساومني حتى بذل لي عشرين ألف دينار فلما سمعتها ضعف قلبي عن ردها فبعتها وقبضت العشرين ألفاً، ثم صرت إلى يحيى بن خالد، فقال لي كيف صنعت في بيعك الجارية؟ فأخبرته فقلت والله ما ملكت نفسي أن أجبت إلى العشرين ألفاً حين سمعتها. فقال: إنك لخسيس وهذا خليفة صاحب فارس قد جاءني في مثل هذا فخذ جاريتك فإذا ساومك فلا تنقصها من خمسين ألف دينار فإنه لا بد أن يشتريها منك بذلك. قال فجاءني الرجل فاستمعت عليه خمسين ألف دينار فلم يزل يساومني حتى أعطاني ثلاثين ألف دينار فضعف قلبي عن ردها ولم أصدق بها فأوجبتها له بها ثم صرت إلى يحيى ابن خالد فقال لي بكم بعت الجارية فأخبرته، فقال لي ويحك ألم تؤدبك الأولى عن الثانية قلت ضعفت والله عن رد شيء لم أطمع فيه. فقال هذه جاريتك فخذها إليك. قال فقلت جارية أفدت بها خمسين ألف دينار ثم أملكها أشهدك أنها حرة وأني قد تزوجتها.
أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى النديم قال: قال يحيى بن خالد ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها: الهدية والكتاب والرسول. وبلغنا أن المنصور كان يعجب بيحيى بن خالد ويجود رأيه وكان يقول ولد الآباء أبناء وولد خالد ابن برمك آباء. وكان يحيى يقول لابنه جعفر يا بني خذ من كل أدب طرفا فإنه من جهل شيئاً عاداه وأنا أكره أن تكون عدو الشيء من الأدب. وكان يقول من بلغ رتبه فتاه فيها أخبر أن محله دونها. وقال له رجل والله لانت أحلم من الأحنف. فقال ما نقرب إلى ما أعطاني فوق حقي وبلغنا عن الرشيد أنه رأى يوماً في داره حزمة خيزران فقال له لوزيره الفضل بن الربيع ما هذه؟ فقال عروق الرماح يا أمير المؤمنين، ولم يرد أن يقول الخيزران لموافقته اسم أم الرشيد. وقال الفضل إياكم ومخاطبة الملوك بما يقتضي الجواب فإنهم أن أجابوكم شق عليهم وأن لم يجيبوكم شق عليكم. قال ثعلب: قلت للحسن بن سهل وقد كثر عطاؤها على اختلال حاله ليس في السرف خير، فقال: بل ليس في الخير سرف. فرد اللفظ واستوفى المعنى ورأى الفتح بن خاقان في لحية المتوكل شيئاً فلم يمسه بيده، ولا قال له شيئاً، ولكنه نادى يا غلام مرآة أمير المؤمنين فجيء بها. فقال بل بها وجه حتى أخذ ذلك الشيء بيده.
حدثنا أبو علي بن مقلة قال: كنت أكتب لأبي الحسن بن الفرات أخدم بين يديه فأول شيء برزق عشرة دنانير في كل شهر وهو يخلف أخاه في ديوان السواد ثم زادت حاله فرقاني إلى ثلاثين ديناراً في كل شهر، فكنت كذلك معه إلى أن تقلد الوزارة الأولى فحصل رزقي خمسمائة دينار في كل شهر، ثم أمر بقبض ما في دور المخالفين الذين بايعوا ابن المعتز وكانت أمتعتهم تقبض وتحمل إليها فيراها وينفذها إلى خزائن المقتدر. فجاؤوه يوماً بصندوقين، فقالوا له: هذان وجدناهما في دار ابن المعتز، فقال: أفعلمتم ما فيهما؟ قالوا نعم جرائد من بايعه من الناس بأسمائهم وأنسابهم فقال لا تفتح ثم قال: يا غلمان هاتوا ناراً فجاء الفراشون بفحم وأمرهم فأججوا النار، وأقبل علي وعلى من كان حاضراً، فقال والله لو رأيت من هذين الصندوقين ورقة واحدة لظن كل من له فيها اسم أني قد عرفته فتفسد نيات العالم كلهم علي وعلى الخليفة وما هذا رأي حرقوهما، قال فطرحا بأقفالهما في النار فلما احترقا بحضرته أقبل علي فقال يا أبا علي قد أمنت كل من جنى وبايع ابن المعتز وأمرني الخليفة بأمانة فأكتب للناس للأمان مني ولا يلتمس منك أحد أماناً كائناً من كان إلا كتبته له وجئني به لا وقع فيه فقد أفردتك لهذا العمل. ثم قال لمن حضر أشيعوا ما قلته حتى يأنس المستترون بأبي علي ويكاتبونه في طلب الأمان فشكرناه ودعت الجماعة له وشاع الخبر وكتبت الأمانات فكتب في ذلك مائة ألف أو نحوها.
في سياق المنقول من ذلك عن الوزراء
قال ابن الموصلي حدثني أبي قال أتيت يحيي بن خالد بن برمك فشكوت إليه ضيقة اليد فقال ويحك وما أصنع بك ليس عندنا في هذا الوقت شيء ولكن عليك ههنا أمر أدلك عليه فتكن فيه رجلاً قد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن أستهدي صاحبه شيئاً وقد أبيت ذلك فالح علي وقد أبلغني أنك قد أعطيت بجاريتك فلانة آلاف دنانير فهو ذا استهديه إياها وأخبره أنها قد أعجبتني وإياك أن تنقصها ثلاثين ألف دينار فلم يزل يساومني حتى بذل لي عشرين ألف دينار فلما سمعتها ضعف قلبي عن ردها فبعتها وقبضت العشرين ألفاً، ثم صرت إلى يحيى بن خالد، فقال لي كيف صنعت في بيعك الجارية؟ فأخبرته فقلت والله ما ملكت نفسي أن أجبت إلى العشرين ألفاً حين سمعتها. فقال: إنك لخسيس وهذا خليفة صاحب فارس قد جاءني في مثل هذا فخذ جاريتك فإذا ساومك فلا تنقصها من خمسين ألف دينار فإنه لا بد أن يشتريها منك بذلك. قال فجاءني الرجل فاستمعت عليه خمسين ألف دينار فلم يزل يساومني حتى أعطاني ثلاثين ألف دينار فضعف قلبي عن ردها ولم أصدق بها فأوجبتها له بها ثم صرت إلى يحيى ابن خالد فقال لي بكم بعت الجارية فأخبرته، فقال لي ويحك ألم تؤدبك الأولى عن الثانية قلت ضعفت والله عن رد شيء لم أطمع فيه. فقال هذه جاريتك فخذها إليك. قال فقلت جارية أفدت بها خمسين ألف دينار ثم أملكها أشهدك أنها حرة وأني قد تزوجتها.
أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى النديم قال: قال يحيى بن خالد ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها: الهدية والكتاب والرسول. وبلغنا أن المنصور كان يعجب بيحيى بن خالد ويجود رأيه وكان يقول ولد الآباء أبناء وولد خالد ابن برمك آباء. وكان يحيى يقول لابنه جعفر يا بني خذ من كل أدب طرفا فإنه من جهل شيئاً عاداه وأنا أكره أن تكون عدو الشيء من الأدب. وكان يقول من بلغ رتبه فتاه فيها أخبر أن محله دونها. وقال له رجل والله لانت أحلم من الأحنف. فقال ما نقرب إلى ما أعطاني فوق حقي وبلغنا عن الرشيد أنه رأى يوماً في داره حزمة خيزران فقال له لوزيره الفضل بن الربيع ما هذه؟ فقال عروق الرماح يا أمير المؤمنين، ولم يرد أن يقول الخيزران لموافقته اسم أم الرشيد. وقال الفضل إياكم ومخاطبة الملوك بما يقتضي الجواب فإنهم أن أجابوكم شق عليهم وأن لم يجيبوكم شق عليكم. قال ثعلب: قلت للحسن بن سهل وقد كثر عطاؤها على اختلال حاله ليس في السرف خير، فقال: بل ليس في الخير سرف. فرد اللفظ واستوفى المعنى ورأى الفتح بن خاقان في لحية المتوكل شيئاً فلم يمسه بيده، ولا قال له شيئاً، ولكنه نادى يا غلام مرآة أمير المؤمنين فجيء بها. فقال بل بها وجه حتى أخذ ذلك الشيء بيده.
حدثنا أبو علي بن مقلة قال: كنت أكتب لأبي الحسن بن الفرات أخدم بين يديه فأول شيء برزق عشرة دنانير في كل شهر وهو يخلف أخاه في ديوان السواد ثم زادت حاله فرقاني إلى ثلاثين ديناراً في كل شهر، فكنت كذلك معه إلى أن تقلد الوزارة الأولى فحصل رزقي خمسمائة دينار في كل شهر، ثم أمر بقبض ما في دور المخالفين الذين بايعوا ابن المعتز وكانت أمتعتهم تقبض وتحمل إليها فيراها وينفذها إلى خزائن المقتدر. فجاؤوه يوماً بصندوقين، فقالوا له: هذان وجدناهما في دار ابن المعتز، فقال: أفعلمتم ما فيهما؟ قالوا نعم جرائد من بايعه من الناس بأسمائهم وأنسابهم فقال لا تفتح ثم قال: يا غلمان هاتوا ناراً فجاء الفراشون بفحم وأمرهم فأججوا النار، وأقبل علي وعلى من كان حاضراً، فقال والله لو رأيت من هذين الصندوقين ورقة واحدة لظن كل من له فيها اسم أني قد عرفته فتفسد نيات العالم كلهم علي وعلى الخليفة وما هذا رأي حرقوهما، قال فطرحا بأقفالهما في النار فلما احترقا بحضرته أقبل علي فقال يا أبا علي قد أمنت كل من جنى وبايع ابن المعتز وأمرني الخليفة بأمانة فأكتب للناس للأمان مني ولا يلتمس منك أحد أماناً كائناً من كان إلا كتبته له وجئني به لا وقع فيه فقد أفردتك لهذا العمل. ثم قال لمن حضر أشيعوا ما قلته حتى يأنس المستترون بأبي علي ويكاتبونه في طلب الأمان فشكرناه ودعت الجماعة له وشاع الخبر وكتبت الأمانات فكتب في ذلك مائة ألف أو نحوها.
حدثنا ابن المحسن عن أبيه قال سمعت أبا القاسم الحسن بن علي بن مقلة يقول: كان أبو علي بن مقلة يوماً يأكل فلما رفعت المائدة ففتح الدواة واستمد منها نقطة على الصفرة حتى لم يبق لها أثر وقال ذاك أثر شهوة، وهذا أثر صناعتي، ثم أنشد:
إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدواة عطر الرجال
قال أبو بكر الصولي: قال لي المكتفي بالله وقد أنشدته أنت أشعر من فلان فقلت لأنعامك على ترى ذلك والأقفلان أشعر مني، فلما خرجنا قال لي القاسم بن عبيد الله رددت على أمير المؤمنين لأنه قال شيئاً فقلت لا فقلت من أين لي هذا الفهم، وذكر أن ملكاً كانت أسراره تظهر كثيراً إلى عدوه فيبطل تدبيره على العدو فبلغ ذلك منه فشكا إلى أحد نصحائه وقال له أن جماعة يطلعون على أسرار لي لا بد من إظهارها لهم ولست أدري أيهم يظهرها وأكره أن أنال البريء منهم بما يستحق الخائن فدعا بكتاب فكتب فيه أخباراً من أخبار المملكة وجعلها كذباً كلها ثم دعا برجل، رجل كل واحد دون صاحبه ممن كان يفشي الملك إليه سره فقال للملك أخبر كل واحد منهم بخبر على حدة لا يظهر عليه سائر أصحابه وأمر كل واحد بستر ما أسررت إليه وأكتب على كل خبر اسم صاحبه فلم يلبث أن أظهر الخونة ما أفشى إليهم وانكتمت أخبار الناصحين فعرف الملك من يفشي سره فحذره. قيل رفعت إلى فخر الملك وزير السلطان قصة رجل سعى برجل فكتب عليها السعاية قبيحة وإن كانت نصيحة فإن كنت أخرجتها بالنصح فخسرانك فيها أكثر من الربح، وأنا لا أدخل في محظور ولا أسمع قول مهتوك في مستور ولولا أنك في خفارة شيبتك لقابلتك على جريرتك مقابلة تشبه أفعالك وتردع أمثالك فاستر على نفسك هذا العيب واتق من يعلم الغيب فإن الله للصالح والطالح بالمرصاد. وقال الوزير أبو منصور بن جهير يوماً لولد أبي نصر بن الصناع استعمل بآداب وإلا كنت صناعاً بغراب
إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدواة عطر الرجال
قال أبو بكر الصولي: قال لي المكتفي بالله وقد أنشدته أنت أشعر من فلان فقلت لأنعامك على ترى ذلك والأقفلان أشعر مني، فلما خرجنا قال لي القاسم بن عبيد الله رددت على أمير المؤمنين لأنه قال شيئاً فقلت لا فقلت من أين لي هذا الفهم، وذكر أن ملكاً كانت أسراره تظهر كثيراً إلى عدوه فيبطل تدبيره على العدو فبلغ ذلك منه فشكا إلى أحد نصحائه وقال له أن جماعة يطلعون على أسرار لي لا بد من إظهارها لهم ولست أدري أيهم يظهرها وأكره أن أنال البريء منهم بما يستحق الخائن فدعا بكتاب فكتب فيه أخباراً من أخبار المملكة وجعلها كذباً كلها ثم دعا برجل، رجل كل واحد دون صاحبه ممن كان يفشي الملك إليه سره فقال للملك أخبر كل واحد منهم بخبر على حدة لا يظهر عليه سائر أصحابه وأمر كل واحد بستر ما أسررت إليه وأكتب على كل خبر اسم صاحبه فلم يلبث أن أظهر الخونة ما أفشى إليهم وانكتمت أخبار الناصحين فعرف الملك من يفشي سره فحذره. قيل رفعت إلى فخر الملك وزير السلطان قصة رجل سعى برجل فكتب عليها السعاية قبيحة وإن كانت نصيحة فإن كنت أخرجتها بالنصح فخسرانك فيها أكثر من الربح، وأنا لا أدخل في محظور ولا أسمع قول مهتوك في مستور ولولا أنك في خفارة شيبتك لقابلتك على جريرتك مقابلة تشبه أفعالك وتردع أمثالك فاستر على نفسك هذا العيب واتق من يعلم الغيب فإن الله للصالح والطالح بالمرصاد. وقال الوزير أبو منصور بن جهير يوماً لولد أبي نصر بن الصناع استعمل بآداب وإلا كنت صناعاً بغراب
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى