- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28462
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
التاريخ الإسلامي - غزو الصين
الثلاثاء 07 فبراير 2012, 20:45
غزو الصين
أعلن قتيبة سنة 96 هـ النفير العام ، لأنه قرر العبور من فرغانة إلى الصين ، ضمن الخطة التي رسمها الحجاج بن يوسف الثقفي ، الذي خاطب قتيبة وابن القاسم بقوله : ( أيكما سبق إلى الصين ، فهو عامل عليها وعلى صاحبها ) ، وكما جاء في البداية والنهاية : ( ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين ، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها ) .
أعلن
قتيبة التعبئة العامة ، وقال : ( لا يجوزن أحد [ نهر جيحون عائداً إلى
مرو] إلا بجواز ) ، أي بإذن رسمي خطي يؤهله العودة من ما وراء النهر إلى
مرو ، ومضى قتيبة وجنده إلى فرغانة ، وأرسل إلى شعب عصام سلاح المهندسين (
الفَعَلَة ) ليسهلوا له الطريق إلى كاشغر ، وهي أدنى مدائن الصين.
لقد فتح قتيبة
مدينة كاشغر ، وعبر بذلك نهر سيحون ، النهر الذي يشكل الحد الطبيعي الفاصل
بين الفرس والترك وبين المغول ، وعبور قتيبة له كان أول تحد مباشر من
المسلمين للشعوب المغولية .
طلب إمبراطور الصين ( يوانغ جونغ ) بعد فتح كاشغر وفداً يمثل قتيبة ، وكتب إلى قتيبة كتاباً جاء فيه
: ( ابعث إلينا رجلاً من أشراف من معكم يخبرنا عنكم ، ونسائله عن دينكم ) ،
فانتخب قتيبة من عسكره اثني عشر رجلاً من أفناء القبائل ، لهم جمال وأجسام
وألسن وشعور وبأس ، بعدما سأل عنهم فوجدهم من صالح من هم منه ، فكلمهم
قتيبة وفاطنهم فرأى عقولاً وجمالاً ، فأمر لهم بعدة حسنة من السلاح والمتاع
الجيد من الخز والوشي واللين من البياض والرقيق والنعال والعطر ، وحملهم
على خيول مطهمة تقاد معهم ، ودواب يركبونها .
وكان هبيرة بن المشمرج الكلابي مفوهاً بسيط اللسان فقال قتيبة : يا هبيرة كيف أنت صانع ؟ قال : أصلح الله الأمير ، قد كفيت الأدب وقل ما شئت أقله وآخذ به ، قال : سيروا على بركة الله وبالله التوفيق
، لا تضعوا العمائم عنكم حتى تقدموا البلاد ، فإذا دخلتم عليه فأعلموه أني
قد حلفت ألا أنصرف حتى أطأ بلادهم ، وأختم ملوكهم ، وأجبي خراجهم .
سار
الوفد ، وعليهم هبيرة بن المشمرج ، فلما قدموا أرسل إليهم ملك الصين
يدعوهم ، فدخلوا الحمام ثم خرجوا فلبسوا ثياباً بياضاً تحتها الغلائل –
الثياب الذي يلبس تحت الدروع – ثم مسوا الغالية – نوع من الطيب – ، وتدخنوا
ولبسوا النعال والأردية ، ودخلوا عليه ، وعنده عظماء أهل مملكته ، فجلسوا
فلم يكلمهم الملك ولا أحد من جلسائه فنهضوا ، فقال الملك لمن حضره : كيف
رأيتم هؤلاء ؟ قالوا : رأينا قوماً ما هم إلا نساء ، ما بقي منا أحد حين
رآهم ووجد رائحتهم إلا اشتهى النساء .
فلما كان الغد أرسل إليهم
فلبسوا الوشي وعمائم الخز والمطارف وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم :
ارجعوا ، فقال لأصحابه : كيف رأيتم هذه الهيئة ؟ قالوا : هذه الهيئة أشبه
بهيئة الرجال من تلك الأولى ، وهم أولئك .
فلما كان اليوم الثالث
أرسل إليهم ، فشدوا عليهم سلاحهم ، ولبسوا البيض والمغافر ، وتقلدوا السيوف
، وأخذوا الرماح ، وتنكبوا القسي ، وركبوا خيولهم ، وغدوا ، فنظر إليهم
صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة ، فلما دنوا ركزوا رماحهم ، ثم أقبلوا
نحوهم مشمرين ، فقيل لهم قبل أن يدخلوا : ارجعوا ، لما دخل قلوبهم من خوفهم
. فانصرفوا فركبوا خيولهم ، واختلجوا رماحهم ، ثم دفعوا خيولهم كأنهم
يتطاردون بها ، فقال الملك لأصحابه : كيف ترونهم ؟ قالوا : مارأينا مثل
هؤلاء قط .
فلما أمسى أرسل إليهم الملك ، أن ابعثوا إلي
زعيمكم وأفضلكم رجلاً ، فبعثوا إليه هبيرة ، فقال له حين دخل عليه : قد
رأيتم عظيم ملكي ، وإنه ليس أحد يمنعكم مني ، وأنتم في بلادي ، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي ، وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم ، قال : سل ، قال : لم صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث ؟
قال هبيرة : أما زينا في يومنا الأول فلباسنا في أهالينا
وريحنا عندهم ، وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا ، وأما اليوم الثالث
فزينا لعدونا ، فإذا هاجنا هيج وفزع كنا هكذا ، قال الملك : ما أحسن ما
دبرتم دهركم ! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف ، فإني قد عرفت حرصه
وقلة أصحابه ، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه ، قال له هبيرة : كيف يكون
قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت
الزيتون – بلاد الشام - ! وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادراً عليها
وغزاك ! وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل ،
فلسنا نكرهه ولا نخافه .
فقال ملك الصين : فما الذي
يرضي صاحبك ؟ فقال هبيرة : إنه قد حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم ، ويختم
ملوككم ، ويعطى الجزية ، فقال ملك الصين : فإنا نخرجه من يمينه ، نبعث إليه
بتراب من تراب أرضنا فيطؤه ، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم ، ونبعث إليه بجزية يرضاها ، ثم دعا بصحاف من ذهب فيها
تراب ، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم ، ثم أجازهم فأحسن
جوائزهم ، فساروا فقدموا بما بعث به ، فقبل قتيبة الجزية ، وختم الغلمة ،
وردهم ، ووطئ التراب .
وبعد فتح كاشغر
جاء إلى قتيبة خبر موت الوليد بن عبدالملك أمير المؤمنين ، وتولي سليمان
بن عبدالملك مكانه ، فانكسرت همته لذلك ، وعاد أدراجه ، فقتل في فرغانة .
أعلن قتيبة سنة 96 هـ النفير العام ، لأنه قرر العبور من فرغانة إلى الصين ، ضمن الخطة التي رسمها الحجاج بن يوسف الثقفي ، الذي خاطب قتيبة وابن القاسم بقوله : ( أيكما سبق إلى الصين ، فهو عامل عليها وعلى صاحبها ) ، وكما جاء في البداية والنهاية : ( ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين ، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها ) .
أعلن
قتيبة التعبئة العامة ، وقال : ( لا يجوزن أحد [ نهر جيحون عائداً إلى
مرو] إلا بجواز ) ، أي بإذن رسمي خطي يؤهله العودة من ما وراء النهر إلى
مرو ، ومضى قتيبة وجنده إلى فرغانة ، وأرسل إلى شعب عصام سلاح المهندسين (
الفَعَلَة ) ليسهلوا له الطريق إلى كاشغر ، وهي أدنى مدائن الصين.
لقد فتح قتيبة
مدينة كاشغر ، وعبر بذلك نهر سيحون ، النهر الذي يشكل الحد الطبيعي الفاصل
بين الفرس والترك وبين المغول ، وعبور قتيبة له كان أول تحد مباشر من
المسلمين للشعوب المغولية .
طلب إمبراطور الصين ( يوانغ جونغ ) بعد فتح كاشغر وفداً يمثل قتيبة ، وكتب إلى قتيبة كتاباً جاء فيه
: ( ابعث إلينا رجلاً من أشراف من معكم يخبرنا عنكم ، ونسائله عن دينكم ) ،
فانتخب قتيبة من عسكره اثني عشر رجلاً من أفناء القبائل ، لهم جمال وأجسام
وألسن وشعور وبأس ، بعدما سأل عنهم فوجدهم من صالح من هم منه ، فكلمهم
قتيبة وفاطنهم فرأى عقولاً وجمالاً ، فأمر لهم بعدة حسنة من السلاح والمتاع
الجيد من الخز والوشي واللين من البياض والرقيق والنعال والعطر ، وحملهم
على خيول مطهمة تقاد معهم ، ودواب يركبونها .
وكان هبيرة بن المشمرج الكلابي مفوهاً بسيط اللسان فقال قتيبة : يا هبيرة كيف أنت صانع ؟ قال : أصلح الله الأمير ، قد كفيت الأدب وقل ما شئت أقله وآخذ به ، قال : سيروا على بركة الله وبالله التوفيق
، لا تضعوا العمائم عنكم حتى تقدموا البلاد ، فإذا دخلتم عليه فأعلموه أني
قد حلفت ألا أنصرف حتى أطأ بلادهم ، وأختم ملوكهم ، وأجبي خراجهم .
سار
الوفد ، وعليهم هبيرة بن المشمرج ، فلما قدموا أرسل إليهم ملك الصين
يدعوهم ، فدخلوا الحمام ثم خرجوا فلبسوا ثياباً بياضاً تحتها الغلائل –
الثياب الذي يلبس تحت الدروع – ثم مسوا الغالية – نوع من الطيب – ، وتدخنوا
ولبسوا النعال والأردية ، ودخلوا عليه ، وعنده عظماء أهل مملكته ، فجلسوا
فلم يكلمهم الملك ولا أحد من جلسائه فنهضوا ، فقال الملك لمن حضره : كيف
رأيتم هؤلاء ؟ قالوا : رأينا قوماً ما هم إلا نساء ، ما بقي منا أحد حين
رآهم ووجد رائحتهم إلا اشتهى النساء .
فلما كان الغد أرسل إليهم
فلبسوا الوشي وعمائم الخز والمطارف وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم :
ارجعوا ، فقال لأصحابه : كيف رأيتم هذه الهيئة ؟ قالوا : هذه الهيئة أشبه
بهيئة الرجال من تلك الأولى ، وهم أولئك .
فلما كان اليوم الثالث
أرسل إليهم ، فشدوا عليهم سلاحهم ، ولبسوا البيض والمغافر ، وتقلدوا السيوف
، وأخذوا الرماح ، وتنكبوا القسي ، وركبوا خيولهم ، وغدوا ، فنظر إليهم
صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة ، فلما دنوا ركزوا رماحهم ، ثم أقبلوا
نحوهم مشمرين ، فقيل لهم قبل أن يدخلوا : ارجعوا ، لما دخل قلوبهم من خوفهم
. فانصرفوا فركبوا خيولهم ، واختلجوا رماحهم ، ثم دفعوا خيولهم كأنهم
يتطاردون بها ، فقال الملك لأصحابه : كيف ترونهم ؟ قالوا : مارأينا مثل
هؤلاء قط .
فلما أمسى أرسل إليهم الملك ، أن ابعثوا إلي
زعيمكم وأفضلكم رجلاً ، فبعثوا إليه هبيرة ، فقال له حين دخل عليه : قد
رأيتم عظيم ملكي ، وإنه ليس أحد يمنعكم مني ، وأنتم في بلادي ، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي ، وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم ، قال : سل ، قال : لم صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث ؟
قال هبيرة : أما زينا في يومنا الأول فلباسنا في أهالينا
وريحنا عندهم ، وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا ، وأما اليوم الثالث
فزينا لعدونا ، فإذا هاجنا هيج وفزع كنا هكذا ، قال الملك : ما أحسن ما
دبرتم دهركم ! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف ، فإني قد عرفت حرصه
وقلة أصحابه ، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه ، قال له هبيرة : كيف يكون
قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت
الزيتون – بلاد الشام - ! وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادراً عليها
وغزاك ! وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل ،
فلسنا نكرهه ولا نخافه .
فقال ملك الصين : فما الذي
يرضي صاحبك ؟ فقال هبيرة : إنه قد حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم ، ويختم
ملوككم ، ويعطى الجزية ، فقال ملك الصين : فإنا نخرجه من يمينه ، نبعث إليه
بتراب من تراب أرضنا فيطؤه ، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم ، ونبعث إليه بجزية يرضاها ، ثم دعا بصحاف من ذهب فيها
تراب ، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم ، ثم أجازهم فأحسن
جوائزهم ، فساروا فقدموا بما بعث به ، فقبل قتيبة الجزية ، وختم الغلمة ،
وردهم ، ووطئ التراب .
وبعد فتح كاشغر
جاء إلى قتيبة خبر موت الوليد بن عبدالملك أمير المؤمنين ، وتولي سليمان
بن عبدالملك مكانه ، فانكسرت همته لذلك ، وعاد أدراجه ، فقتل في فرغانة .
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى