- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28461
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
التاريخ الإسلامي - فتح سمر قند
الثلاثاء 07 فبراير 2012, 20:39
فتح سمرقند
في سنة 93هـ وبعد أن فتح قتيبة
بن مسلم الباهلي بخارى وما حولها، قال المجشر بن مزاحم السلمي لقتيبة : إن
لي حاجة فأخلني ، فأخلاه ، فقال : إن أردت الصغد يوماً من الدهر فالآن ،
فإنهم آمنون من أن تأتيهم من عامك هذا وإنما بينك وبينهم عشرة أيام ، قال:
أشار بهذا عليك أحد ؟ قال : لا ، قال : فأعلمته أحداً ؟ قال :لا ، قال :
والله لئن تكلم به أحد لأضربن عنقك .
فأقام يومه ذلك ، فلما
أصبح من الغد دعا أخاه عبد الرحمن بن مسلم الباهلي فقال : سر في الفرسان
والرماة ، وقدم الأثقال إلى مرو . فوجهت الأثقال إلى مرو يومه كله ، فلما
أمسى كتب إليه : إذا أصبحت فوجه الأثقال إلى مرو ، وسر في الفرسان والرماة
نحو الصغد ، واكتم الأخبار ، فإني بالأثر .
عبر عبد الرحمن ومن معه النهر ، وسار إلى سمرقند ، وعبر قتيبة بالأثر ، وعبر ومن معه نهر جيحون ، وحوصرت سمرقند .
استنجد
( غورك ) ملك الصغد بعد خوفه من طول الحصار بملك الشاش وبملك فرغانة ،
وكتب إليهما : إن العرب إن ظفروا بنا عادوا عليكم بمثل ما أتونا به فانظروا
لأنفسكم . فأجمع ملك الشاش وفرغانة على نجدة الصغد ، وأرسلا أن شاغلوا
قتيبة ومن معه كي نفاجئهم على حين غرة .
انتخب أهل الشاش وفرغانة
كل شديد السطوة من أبناء الملوك والأمراء والأشداء الأبطال وأمروهم أن
يسيروا إلى قتيبة ليفاجئوه ، ولكن استطلاع قتيبة يقظ فجاءته الأخبار ،
فانتخب ستمائة من أهل النجدة وجعل عليهم أخاه صالح بن مسلم أميراً ، ووضع
على العدو عيوناً حتى إذا قربوا منه قدر ما يصلون إلى عسكره من الليل أدخل
الذين انتخبهم فكلمهم وحضهم ، فخرجوا من العسكر عند المغرب ، فساروا ،
فنزلوا على فرسخين من العسكر على طريق القوم الذين وصفوا لهم ، ففرق صالح
خيله، وأكمن كميناً عن يمينه ، وكميناً عن يساره ، وأقام هو وبعض فرسانه
على قارعة الطريق ، حتى إذا مضى نصف الليل أو ثلثاه ، جاء العدو باجتماع
وإسراع وصمت ، وصالح واقف في خيله ، فلما رأوه شدوا عليه ، حتى إذا اختلفت
الرماح ، شد الكمينان عن يمين وعن شمال ، فلم نسمع إلا الاعتزاء ، فلم نر
قوماً كانوا أشد منهم .
لم يفلت من هذه النجدات إلا النفر اليسير ،
وغنم المسلمون أسلحتهم ، وقال بعض الأسرى : تعلمون أنكم لم تقتلوا في
مقامكم هذا إلا ابن ملك ، أو بطل من الأبطال المعدودين بمئة فارس ، أو بألف
فارس .
وقال فارس مسلم من الجند الذين كانوا في كمين صالح : إنا
لنختلف عليهم بالطعن والضرب إذ تبينت تحت الليل قتيبة ، وقد ضربت ضربة
أعجبتني وأنا أنظر إلى قتيبة ، فقلت : كيف ترى بأبي أنت وأمي ! قال: اسكت
دق الله فاك ! قال: فقتلناهم فلم يفلت منهم إلا الشريد ، وأقمنا نحوي
الأسلاب ونحتز الرؤوس حتى أصبحنا ، ثم أقبلنا إلى العسكر ، فلم أر جماعة قط
جاؤوا بمثل ما جئنا به ، ما منا رجل إلا معلق رأساً معروفاً باسمه ، وأسير
في وثاقه.
لقد منع قتيبة بهذا الكمين وصول النجدات إلى ميدان
المعركة ، مع إشغال النجدات قبل وصولها بكمين ليلي ، ريثما يتسنى له سحب
قطعاته من حوالي أسوار سمرقند ، والقيام بحركة خاطفة ليلية للقضاء على
أرتال النجدات في معركة ليلية ، في الوقت الذي يكون الكمين قد أوقف تقدمها.
نصب قتيبة المجانيق حول سمرقند ، ورمت بتركيز دقيق على سور المدينة ،
فثلمت فيها ثملة ، فرممها المدافعون عنها بسرعة كبيرة ، وجاء رجل قام على
الثلمة ، فشتم قتيبة ( بعربية فصيحة ) ، وكان مع قتيبة قوم رماة ، يُسمون (
رماة الحدق) لدقة تصويبهم ، فقال لهم قتيبة : اختاروا منكم رجلين ،
فاختاروا ، فقال : أيكما يرمي هذا الرجل ، فإن أصابه فله عشرة آلاف ، وإن
أخطأه قطعت يده ، فتلكأ أحدهما وتقدم الآخر ، فرماه فلم يخطئ عينه ، فأمر
له بعشرة آلاف.
قال خالد مولى مسلم بن عمرو : كنت في رماة قتيبة ، فلما افتتحنا المدينة صعدت السُّور ، فأتيت مقام ذلك الرجل الذي كان فيه ، فوجدته ميتاً على الحائط ، ما أخطأت النشابة عينه حتى خرجت من قفاه.
قال
غوزك( ملك الصُّغد) لقتيبة: إنما تقاتلني بإخواني وأهل بيتي ، فاخرج إليّ
في العرب ، فغضب قتيبة عند ذلك ، وميز العرب من العجم ، وأمر العجم
باعتزالهم ، وقدم الشجعان من العرب ، وأعطاهم جيد السلاح ، وزحف بالأبطال
على المدينة ، ورماها بالمجانيق ، فثلم فيها ثلمة ، وقال قتيبة: ( ألحوا عليها حتى تعبروا الثلمة ) ، فقاتلوهم حتى صاروا على ثلمة المدينة ،
عندها قال غوزك لقتيبة : ارجع عنا يومك هذا ونحن نصالحك غداً ، فقال قتيبة
: لا نصالحهم إلا ورجالنا على الثلمة ، ومجانيقنا تخطر على رؤوسهم
ومدينتهم.
وسمع قسم من المسلمين قتيبة يناجي نفسه: حتى متى يا سمرقند يعشعش فيك الشيطان ، أما والله لئن أصبحت لأُحاولن من أهلك أقصى غاية.
وفي
اليوم التالي ، والمسلمون على الثلمة ، عاود غوزك يطالب بالصلح ، فصالحه
قتيبة على : الجزية ، وتحطيم الأصنام وما في بيوت النيران ، وإخلاء المدينة من المقاتلة ، وبناء مسجد في المدينة ووضع منبر فيه.
وتم الصلح ، وأخلوا المدينة ،
وبنوا المسجد ، واستلم قتيبة ما صالحهم عليه ، وصلى في المسجد وخطب فيه ،
وأتى بالأصنام ، وألقيت بعضها فوق بعض . حتى صارت كالقصر العظيم ، ثم أمر
بتحريقها ، فتصارخ الأعاجم وتباكوا ، وقالوا: إن فيها أصناماً قديمة ، من
أحرقها هلك ، فقال قتيبة: أنا أحرقها بيدي ، وجاء غوزك فنهى عن ذلك ، وقال
لقتيبة: أيها الأمير ، إني لك ناصح ، وإن شكرك عليّ واجب ، لا تعرض لهذه
الأصنام ، فقام قتيبة ، ودعا بالنار ، وأخذ شعلة بيده ، وقال : أنا أحرقها
بيدي ، فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون ، وسار إليها وهو يكبر الله عز وجل ،
وألقى فيها النار ، فاحترقت ، فوجدوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب
والفضة خمسين ألف مثقال.
وصنع غوزك طعاماً ، ودعا قتيبة ، فأتاه غي عدد من أصحابه، فلما تغدى ، استوهب منه المدينة ،
فقال قتيبة: إني لا أريد منكم أكثر مما صالحتكم عليه ، ولكن لا بد من جند
يقيمون عندكم من جهتنا ، وأن ينتقل عنها غوزك ، فانتقل عنها ملكها غوزك ،
فتلا قتيبة ( وأنه أهلك عاداً الأولى ، وثمود فما أبقى ) ، ثم ارتحل قتيبة
راجعا إلى مرو ، مستخلفاً على سمرقند أخاه عبد الله بن مسلم ، وخلّف عنده
عدداً من الجند كبيراً ، وآلة من آلة الحرب كثيرة ، مع تعليمات حازمة تتعلق
بالداخلين إلى سمرقند ، والخارجين منها.
وكان أهل خراسان يقولون : إن قتيبة غدر بأهل سمرقند ، فملكها غدراً .
في سنة 93هـ وبعد أن فتح قتيبة
بن مسلم الباهلي بخارى وما حولها، قال المجشر بن مزاحم السلمي لقتيبة : إن
لي حاجة فأخلني ، فأخلاه ، فقال : إن أردت الصغد يوماً من الدهر فالآن ،
فإنهم آمنون من أن تأتيهم من عامك هذا وإنما بينك وبينهم عشرة أيام ، قال:
أشار بهذا عليك أحد ؟ قال : لا ، قال : فأعلمته أحداً ؟ قال :لا ، قال :
والله لئن تكلم به أحد لأضربن عنقك .
فأقام يومه ذلك ، فلما
أصبح من الغد دعا أخاه عبد الرحمن بن مسلم الباهلي فقال : سر في الفرسان
والرماة ، وقدم الأثقال إلى مرو . فوجهت الأثقال إلى مرو يومه كله ، فلما
أمسى كتب إليه : إذا أصبحت فوجه الأثقال إلى مرو ، وسر في الفرسان والرماة
نحو الصغد ، واكتم الأخبار ، فإني بالأثر .
عبر عبد الرحمن ومن معه النهر ، وسار إلى سمرقند ، وعبر قتيبة بالأثر ، وعبر ومن معه نهر جيحون ، وحوصرت سمرقند .
استنجد
( غورك ) ملك الصغد بعد خوفه من طول الحصار بملك الشاش وبملك فرغانة ،
وكتب إليهما : إن العرب إن ظفروا بنا عادوا عليكم بمثل ما أتونا به فانظروا
لأنفسكم . فأجمع ملك الشاش وفرغانة على نجدة الصغد ، وأرسلا أن شاغلوا
قتيبة ومن معه كي نفاجئهم على حين غرة .
انتخب أهل الشاش وفرغانة
كل شديد السطوة من أبناء الملوك والأمراء والأشداء الأبطال وأمروهم أن
يسيروا إلى قتيبة ليفاجئوه ، ولكن استطلاع قتيبة يقظ فجاءته الأخبار ،
فانتخب ستمائة من أهل النجدة وجعل عليهم أخاه صالح بن مسلم أميراً ، ووضع
على العدو عيوناً حتى إذا قربوا منه قدر ما يصلون إلى عسكره من الليل أدخل
الذين انتخبهم فكلمهم وحضهم ، فخرجوا من العسكر عند المغرب ، فساروا ،
فنزلوا على فرسخين من العسكر على طريق القوم الذين وصفوا لهم ، ففرق صالح
خيله، وأكمن كميناً عن يمينه ، وكميناً عن يساره ، وأقام هو وبعض فرسانه
على قارعة الطريق ، حتى إذا مضى نصف الليل أو ثلثاه ، جاء العدو باجتماع
وإسراع وصمت ، وصالح واقف في خيله ، فلما رأوه شدوا عليه ، حتى إذا اختلفت
الرماح ، شد الكمينان عن يمين وعن شمال ، فلم نسمع إلا الاعتزاء ، فلم نر
قوماً كانوا أشد منهم .
لم يفلت من هذه النجدات إلا النفر اليسير ،
وغنم المسلمون أسلحتهم ، وقال بعض الأسرى : تعلمون أنكم لم تقتلوا في
مقامكم هذا إلا ابن ملك ، أو بطل من الأبطال المعدودين بمئة فارس ، أو بألف
فارس .
وقال فارس مسلم من الجند الذين كانوا في كمين صالح : إنا
لنختلف عليهم بالطعن والضرب إذ تبينت تحت الليل قتيبة ، وقد ضربت ضربة
أعجبتني وأنا أنظر إلى قتيبة ، فقلت : كيف ترى بأبي أنت وأمي ! قال: اسكت
دق الله فاك ! قال: فقتلناهم فلم يفلت منهم إلا الشريد ، وأقمنا نحوي
الأسلاب ونحتز الرؤوس حتى أصبحنا ، ثم أقبلنا إلى العسكر ، فلم أر جماعة قط
جاؤوا بمثل ما جئنا به ، ما منا رجل إلا معلق رأساً معروفاً باسمه ، وأسير
في وثاقه.
لقد منع قتيبة بهذا الكمين وصول النجدات إلى ميدان
المعركة ، مع إشغال النجدات قبل وصولها بكمين ليلي ، ريثما يتسنى له سحب
قطعاته من حوالي أسوار سمرقند ، والقيام بحركة خاطفة ليلية للقضاء على
أرتال النجدات في معركة ليلية ، في الوقت الذي يكون الكمين قد أوقف تقدمها.
نصب قتيبة المجانيق حول سمرقند ، ورمت بتركيز دقيق على سور المدينة ،
فثلمت فيها ثملة ، فرممها المدافعون عنها بسرعة كبيرة ، وجاء رجل قام على
الثلمة ، فشتم قتيبة ( بعربية فصيحة ) ، وكان مع قتيبة قوم رماة ، يُسمون (
رماة الحدق) لدقة تصويبهم ، فقال لهم قتيبة : اختاروا منكم رجلين ،
فاختاروا ، فقال : أيكما يرمي هذا الرجل ، فإن أصابه فله عشرة آلاف ، وإن
أخطأه قطعت يده ، فتلكأ أحدهما وتقدم الآخر ، فرماه فلم يخطئ عينه ، فأمر
له بعشرة آلاف.
قال خالد مولى مسلم بن عمرو : كنت في رماة قتيبة ، فلما افتتحنا المدينة صعدت السُّور ، فأتيت مقام ذلك الرجل الذي كان فيه ، فوجدته ميتاً على الحائط ، ما أخطأت النشابة عينه حتى خرجت من قفاه.
قال
غوزك( ملك الصُّغد) لقتيبة: إنما تقاتلني بإخواني وأهل بيتي ، فاخرج إليّ
في العرب ، فغضب قتيبة عند ذلك ، وميز العرب من العجم ، وأمر العجم
باعتزالهم ، وقدم الشجعان من العرب ، وأعطاهم جيد السلاح ، وزحف بالأبطال
على المدينة ، ورماها بالمجانيق ، فثلم فيها ثلمة ، وقال قتيبة: ( ألحوا عليها حتى تعبروا الثلمة ) ، فقاتلوهم حتى صاروا على ثلمة المدينة ،
عندها قال غوزك لقتيبة : ارجع عنا يومك هذا ونحن نصالحك غداً ، فقال قتيبة
: لا نصالحهم إلا ورجالنا على الثلمة ، ومجانيقنا تخطر على رؤوسهم
ومدينتهم.
وسمع قسم من المسلمين قتيبة يناجي نفسه: حتى متى يا سمرقند يعشعش فيك الشيطان ، أما والله لئن أصبحت لأُحاولن من أهلك أقصى غاية.
وفي
اليوم التالي ، والمسلمون على الثلمة ، عاود غوزك يطالب بالصلح ، فصالحه
قتيبة على : الجزية ، وتحطيم الأصنام وما في بيوت النيران ، وإخلاء المدينة من المقاتلة ، وبناء مسجد في المدينة ووضع منبر فيه.
وتم الصلح ، وأخلوا المدينة ،
وبنوا المسجد ، واستلم قتيبة ما صالحهم عليه ، وصلى في المسجد وخطب فيه ،
وأتى بالأصنام ، وألقيت بعضها فوق بعض . حتى صارت كالقصر العظيم ، ثم أمر
بتحريقها ، فتصارخ الأعاجم وتباكوا ، وقالوا: إن فيها أصناماً قديمة ، من
أحرقها هلك ، فقال قتيبة: أنا أحرقها بيدي ، وجاء غوزك فنهى عن ذلك ، وقال
لقتيبة: أيها الأمير ، إني لك ناصح ، وإن شكرك عليّ واجب ، لا تعرض لهذه
الأصنام ، فقام قتيبة ، ودعا بالنار ، وأخذ شعلة بيده ، وقال : أنا أحرقها
بيدي ، فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون ، وسار إليها وهو يكبر الله عز وجل ،
وألقى فيها النار ، فاحترقت ، فوجدوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب
والفضة خمسين ألف مثقال.
وصنع غوزك طعاماً ، ودعا قتيبة ، فأتاه غي عدد من أصحابه، فلما تغدى ، استوهب منه المدينة ،
فقال قتيبة: إني لا أريد منكم أكثر مما صالحتكم عليه ، ولكن لا بد من جند
يقيمون عندكم من جهتنا ، وأن ينتقل عنها غوزك ، فانتقل عنها ملكها غوزك ،
فتلا قتيبة ( وأنه أهلك عاداً الأولى ، وثمود فما أبقى ) ، ثم ارتحل قتيبة
راجعا إلى مرو ، مستخلفاً على سمرقند أخاه عبد الله بن مسلم ، وخلّف عنده
عدداً من الجند كبيراً ، وآلة من آلة الحرب كثيرة ، مع تعليمات حازمة تتعلق
بالداخلين إلى سمرقند ، والخارجين منها.
وكان أهل خراسان يقولون : إن قتيبة غدر بأهل سمرقند ، فملكها غدراً .
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى