- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28469
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
كتاب - اللطائف - للإمام ابن الجوزي -الفصل من ( 31 - 40 )
الجمعة 14 أكتوبر 2011, 21:46
كتاب اللطائف
الفصل الحادي والثلاثون
تضرع الصالحين
لما رأى الصالحون سطوة الدنيا بأهلها، وتملك الشيطان قياد النفوس، لجأوا إلى حرم التضرع، كما يأوي الصيد المذعور إلى الحرم.
فلو رأيتهم يمشون في ثياب التجمل، عليهم قناع القناعة (يَحسَبُهُم الجاهِلُ أَغنياءَ مِنَ التَعَفُف) ينامون ولا نوم الغرقى، ويأكلون ولا أكل الثكلى تأكل كل يوم المصيبة، ولكن هدم الحزن أكثر من بناء العزاء.
لو كانت لك عين بصيرة عرفت القوم، وخط الولاية على وجه الولي قلم هندي، لا يعرفه إلا عالم به، تلمح القوم بأعين البصائر العواقب، ولم يروا عائقا عن المطلوب سوى النفس، فتلطفوا لقهرها بحيلة لا يعرفها " ابن هند " ولا يعلمها " ابن العاص " فلما أسروها فتكوا فيها، ولا فتك ابن طملجم " قلوبُ أسودٍ في صدور رجال
إِنّكَ لَو رَأَيتَ ذا العَزمِ مِنهُم رَأَيتَ لَيثا قَد حُورِب
إِذا هَمَّ أَلقى بَينَ عَينَيهِ عَزمَهُ
هبت زعازع الفكر، فقلبت أرض القلوب، فألقى فيها بذر العزائم، فسقته مزن الجد، فدبت الأرواح في أغصان المعاملة، فظهرت أزهارها، إذا رأوا ذكر الله ففاح عبير النور، أطيب عرفا من مسك، فقويت بريحه نفوس المريدين.
لا يحصل خطير إلا بخطر، فاخنس في خيسك، يا مخنث العزم، الربح في ركوب البحر، الدر في قعر اليم، العلم في ترك النوم، الفخر في هجر النفس.
من يحب العز يدأب إليه، فكذا من طلب الدر غاص عليه، لولا التخلل بالعبا ما جاءت مدحة " أنا عنك راض " لأبي بكر " ولولا إرسال البراءة إلى الضرة: طلقتك ثلاثا، ما اشتاقت الجنة إلى " علي " .
لَو قُرِب الدَرُّ عَلى جٌلاّبِهِ ... ما لَجَّ الغائِصُ في طِلابِهِ
وَلَو أَقامَ لازِماً أَصدافَهُ ... لَم تَكُنن التَيجانُ في حِسابِهِ
مَن يَعشَق العَلياءَ يَلِق عِندَها ... ما لَقي المُحِبُّ مِن أَحبابِهِ
الفصل الثاني والثلاثون
الإيمان بالقدر
الفصل الحادي والثلاثون
تضرع الصالحين
لما رأى الصالحون سطوة الدنيا بأهلها، وتملك الشيطان قياد النفوس، لجأوا إلى حرم التضرع، كما يأوي الصيد المذعور إلى الحرم.
فلو رأيتهم يمشون في ثياب التجمل، عليهم قناع القناعة (يَحسَبُهُم الجاهِلُ أَغنياءَ مِنَ التَعَفُف) ينامون ولا نوم الغرقى، ويأكلون ولا أكل الثكلى تأكل كل يوم المصيبة، ولكن هدم الحزن أكثر من بناء العزاء.
لو كانت لك عين بصيرة عرفت القوم، وخط الولاية على وجه الولي قلم هندي، لا يعرفه إلا عالم به، تلمح القوم بأعين البصائر العواقب، ولم يروا عائقا عن المطلوب سوى النفس، فتلطفوا لقهرها بحيلة لا يعرفها " ابن هند " ولا يعلمها " ابن العاص " فلما أسروها فتكوا فيها، ولا فتك ابن طملجم " قلوبُ أسودٍ في صدور رجال
إِنّكَ لَو رَأَيتَ ذا العَزمِ مِنهُم رَأَيتَ لَيثا قَد حُورِب
إِذا هَمَّ أَلقى بَينَ عَينَيهِ عَزمَهُ
هبت زعازع الفكر، فقلبت أرض القلوب، فألقى فيها بذر العزائم، فسقته مزن الجد، فدبت الأرواح في أغصان المعاملة، فظهرت أزهارها، إذا رأوا ذكر الله ففاح عبير النور، أطيب عرفا من مسك، فقويت بريحه نفوس المريدين.
لا يحصل خطير إلا بخطر، فاخنس في خيسك، يا مخنث العزم، الربح في ركوب البحر، الدر في قعر اليم، العلم في ترك النوم، الفخر في هجر النفس.
من يحب العز يدأب إليه، فكذا من طلب الدر غاص عليه، لولا التخلل بالعبا ما جاءت مدحة " أنا عنك راض " لأبي بكر " ولولا إرسال البراءة إلى الضرة: طلقتك ثلاثا، ما اشتاقت الجنة إلى " علي " .
لَو قُرِب الدَرُّ عَلى جٌلاّبِهِ ... ما لَجَّ الغائِصُ في طِلابِهِ
وَلَو أَقامَ لازِماً أَصدافَهُ ... لَم تَكُنن التَيجانُ في حِسابِهِ
مَن يَعشَق العَلياءَ يَلِق عِندَها ... ما لَقي المُحِبُّ مِن أَحبابِهِ
الفصل الثاني والثلاثون
الإيمان بالقدر
إذا أراد القدر نفع شخص هيأ قلبه لقبول النصائح، وساق إليه موعظة على فراغ الفكر، سوق المطر إلى الرض الجرز (فَنُخرِج بِه زَرعاً مُختَلِفاً أَلوانُهُ) فإذا أعرض القدر عن شخص، ألقاه في بحر من الغفلة لجي، فكلما فتح عينيه رأى ظلمات بعضها فوق بعض. نجائب السلامة مهيأة للمراد، وأقدار المطرود موثقة بقيود الغفلة، كم يتمنى المردود أن يصل، وهيهات " يأبى القدر " كم محرم محروم صد من قبل.
يَقِرُّ بِعَيني أَن أرى رَملَةَ الحِمى ... إِذا ما بَدَت يَوماً لِعَيني قِلالُها
وَلَستُ وَإِن أَحبَبتُ مِن يَسكنُ الغَضا ... بِأَولَ راجٍ حاجَةٍ لا يَنالُها
المخلوق هدف، والمقادير سهام، والرامي من تعلم، فما الحيلة؟؟ صوارم القدر إذا هزت تقلقلت رقاب المقربين، إذا غضب على قوم فلم تنفعهم الحسنات، ورضي عن قوم فلم تضرهم السيئات، هبت عواصف الأقدار.
فخب بحر التكليف، وتقلبت بيداء الوجود بساكني الأكوان، فانقلعت أطناب الأنساب، ووقعت خيم المتكبرين، فانقلب قصر " قيصرط وتبدد شمل " أبي طالب " ووهي عمل " أبي جهل " وانكسر جيش كسرى " وانبت حبل صاحب " تبت " فلما طلع الفجر، وركد البحر، إذا " أبو طالب " غريق في لجة اليم، و " سلمان " على ساحل السلام، و " الوليد بن المغيرة " يقدم قومه في التيه. و " صهيب " قد قدم من قافلة الروم، وأبوجهل في رقدة المخلفة، و " بلال " ينادي: الصلاة خير من النوم.
الفصل الثالث والثلاثون
عقوبة الحرص على الدنيا
الدنيا نهر طالوت، والفضائل قد نادت (فَمَن شَرِبَ مِنهُ فَليسَ مِني) فإذا قامت القافلة مقام ابن أم مكتوم " وقع لها (إلا مَن اِغتَرَفَ غُرفَةً) فأما أهل الغفلة فارتووا، فلما قام حرب الهوى البطنة، فنادوا بألسنة العجز (لا طاقَةَ لَنا اليَومَ بجالوت) وأقبل مصفر الجسد، فحاز قصب السبق بالظفر.
الدنيا ظل، إن أعرضت عن ظلك لحقك، وإن طلبته تقاصر، اخدمي من خدمني، واستخدمي من خدمك.
الزاهد لا يلتفت إلى الظل، فيتبعه الظل، والحريص كلما التفت لم يره.
أيها الحريص على الدنيا: إلى كم تهيم في بيداء التحير؟؟ (كَالَّذي اِستَهوَتهُ الشَياطين) ألحرصك حد؟ أم لأملك منتهى؟ ويحك: إن البحر لا ينزف، فاقنع بالري. ويحك: سير التواني لا ينقطع، هيهات أن يستغني من لا يكفيه ما بكفه، ويحك: إن المفروح به هو المحزون عليه لو فطنت.
الدنيا خمر، كلما شرب منها الحريص زاد عطشه، ادرع من ثوب القناعة ما يشمل ك الأطراف، فالقناعة تدفع بالراحةن في صدور الهم، وتهدي الراحة إلى تعب القلب.
وَكُلُ الشَّر في الشَّرِه وكم من شارب شرق قبل الري، وإنما اللذة خناق من عسل.
وقع نحل على نيلوفر فأعجبه ريحه، فأقام على ورقه المنتشر، فلما جاء الليل تقبض الورق، وغاص في الماء، فهلك النحل.
حرصك غيم وعقلك شمس، والغيم يحجب القلب عن مشاهدة الآخرة، فابعث شمال العزم يمزق شملة شملة.
عندك ما يكفيك، وأنت تطلب ما يطغيك، وشرب الماء على الري يورث الاستسقاء، ما أمنعك من الدنيا!! ولكن الحمة قرين العسل. ليس للحريص عيش، وأي عيش لمن يصبح وما شبع؟؟ ويمسي وما قنع؟ وتراه أحير من " بقة " في حقة خلف ما لا يساوي جناح " بعوضةط.
إنما المراد من الدنيا ما يصلح البدن ليسعى فيما خلق له، فالاشتغال بالتزيد عائد بالنقص في المقصود، إن جامع الأموال لغير البلاغ خازن للورثة، فهو يحرق نفسه بنار الحرص، وينتفع بربح جمعه غيره، كانتفاع الناس بعرف العود المحترق.
كم قتلت الدنيا قبلك، كما أهلك حبها مثلك؟
كَم بالمُحَصَّبِ مِن عَلَيلِ هوىً طَريحٍ لا يُعَلَّل
وَكَم قَتيلِ بَينَ خَيفَ مِنى وجَمعٍ لَيسَ يُعقلُ
يا كنعان الأمل يا " نمورد " الحيل، يا " ثعلبة " البخل، يا " نعمان " الزلل، أنت في جمع الأموال شبه " حاطب " وفي تبذير العمر رفيق " حاتم " تمشي في الأمل على طريق " أشعب " فكيف بك إذا ندمت ندامة " الكسعي " .
وَكَم طالِبٍ أَمراً وَفيهِ حِمامُهُ ... وَسائِرَةٍ تَسعى إِلى ما يَضُرُها
ألقيت نفسك في جب حب الدنيا، فمتى يخلصك وارد الزهد، تسمع نغمات الفرح: يا بشرى.
الفصل الرابع والثلاثون
في قيام الليل
يَقِرُّ بِعَيني أَن أرى رَملَةَ الحِمى ... إِذا ما بَدَت يَوماً لِعَيني قِلالُها
وَلَستُ وَإِن أَحبَبتُ مِن يَسكنُ الغَضا ... بِأَولَ راجٍ حاجَةٍ لا يَنالُها
المخلوق هدف، والمقادير سهام، والرامي من تعلم، فما الحيلة؟؟ صوارم القدر إذا هزت تقلقلت رقاب المقربين، إذا غضب على قوم فلم تنفعهم الحسنات، ورضي عن قوم فلم تضرهم السيئات، هبت عواصف الأقدار.
فخب بحر التكليف، وتقلبت بيداء الوجود بساكني الأكوان، فانقلعت أطناب الأنساب، ووقعت خيم المتكبرين، فانقلب قصر " قيصرط وتبدد شمل " أبي طالب " ووهي عمل " أبي جهل " وانكسر جيش كسرى " وانبت حبل صاحب " تبت " فلما طلع الفجر، وركد البحر، إذا " أبو طالب " غريق في لجة اليم، و " سلمان " على ساحل السلام، و " الوليد بن المغيرة " يقدم قومه في التيه. و " صهيب " قد قدم من قافلة الروم، وأبوجهل في رقدة المخلفة، و " بلال " ينادي: الصلاة خير من النوم.
الفصل الثالث والثلاثون
عقوبة الحرص على الدنيا
الدنيا نهر طالوت، والفضائل قد نادت (فَمَن شَرِبَ مِنهُ فَليسَ مِني) فإذا قامت القافلة مقام ابن أم مكتوم " وقع لها (إلا مَن اِغتَرَفَ غُرفَةً) فأما أهل الغفلة فارتووا، فلما قام حرب الهوى البطنة، فنادوا بألسنة العجز (لا طاقَةَ لَنا اليَومَ بجالوت) وأقبل مصفر الجسد، فحاز قصب السبق بالظفر.
الدنيا ظل، إن أعرضت عن ظلك لحقك، وإن طلبته تقاصر، اخدمي من خدمني، واستخدمي من خدمك.
الزاهد لا يلتفت إلى الظل، فيتبعه الظل، والحريص كلما التفت لم يره.
أيها الحريص على الدنيا: إلى كم تهيم في بيداء التحير؟؟ (كَالَّذي اِستَهوَتهُ الشَياطين) ألحرصك حد؟ أم لأملك منتهى؟ ويحك: إن البحر لا ينزف، فاقنع بالري. ويحك: سير التواني لا ينقطع، هيهات أن يستغني من لا يكفيه ما بكفه، ويحك: إن المفروح به هو المحزون عليه لو فطنت.
الدنيا خمر، كلما شرب منها الحريص زاد عطشه، ادرع من ثوب القناعة ما يشمل ك الأطراف، فالقناعة تدفع بالراحةن في صدور الهم، وتهدي الراحة إلى تعب القلب.
وَكُلُ الشَّر في الشَّرِه وكم من شارب شرق قبل الري، وإنما اللذة خناق من عسل.
وقع نحل على نيلوفر فأعجبه ريحه، فأقام على ورقه المنتشر، فلما جاء الليل تقبض الورق، وغاص في الماء، فهلك النحل.
حرصك غيم وعقلك شمس، والغيم يحجب القلب عن مشاهدة الآخرة، فابعث شمال العزم يمزق شملة شملة.
عندك ما يكفيك، وأنت تطلب ما يطغيك، وشرب الماء على الري يورث الاستسقاء، ما أمنعك من الدنيا!! ولكن الحمة قرين العسل. ليس للحريص عيش، وأي عيش لمن يصبح وما شبع؟؟ ويمسي وما قنع؟ وتراه أحير من " بقة " في حقة خلف ما لا يساوي جناح " بعوضةط.
إنما المراد من الدنيا ما يصلح البدن ليسعى فيما خلق له، فالاشتغال بالتزيد عائد بالنقص في المقصود، إن جامع الأموال لغير البلاغ خازن للورثة، فهو يحرق نفسه بنار الحرص، وينتفع بربح جمعه غيره، كانتفاع الناس بعرف العود المحترق.
كم قتلت الدنيا قبلك، كما أهلك حبها مثلك؟
كَم بالمُحَصَّبِ مِن عَلَيلِ هوىً طَريحٍ لا يُعَلَّل
وَكَم قَتيلِ بَينَ خَيفَ مِنى وجَمعٍ لَيسَ يُعقلُ
يا كنعان الأمل يا " نمورد " الحيل، يا " ثعلبة " البخل، يا " نعمان " الزلل، أنت في جمع الأموال شبه " حاطب " وفي تبذير العمر رفيق " حاتم " تمشي في الأمل على طريق " أشعب " فكيف بك إذا ندمت ندامة " الكسعي " .
وَكَم طالِبٍ أَمراً وَفيهِ حِمامُهُ ... وَسائِرَةٍ تَسعى إِلى ما يَضُرُها
ألقيت نفسك في جب حب الدنيا، فمتى يخلصك وارد الزهد، تسمع نغمات الفرح: يا بشرى.
الفصل الرابع والثلاثون
في قيام الليل
ياجامدا على طبع وضعه، يحرك إلى قلب طبعه، انظر لماذا خلقت، وما المراد منك، رض مهر النفس يتأتى ركوبه، أمت زئبق الطبع يمكن استعماله، تلمح فجر الأجر ظلام التكليف، أرق خمر الهوى فما يفلتك صاحب الشرطة.
بحر طيعك أجاج، وماء قلبك عذب، والعقل بينهما قائم مقام الخضر، فيا " موسى " الطلبك لا تبرح عن السلوك حتى تبلغ مجمع البحرين. قف على قدم الصبر، وإن طال الوقوف، تجلس سعلى مقلوب كرسي؟.
يا نائما طول الليل: سارت الرفقة، طلعت شمس الشيب وما انتهت الرقدة، لو قمت وقت السحر رأيت طريق العباد قد غص بالزحام، ولو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون.
واسحرة ليل القوم ما أضوأها، قاموا على أقدام التحير بين ركن الحذر، وشارع الشوق، يسترهم ذيل الليل تحت مخيم الظلام، وإن ناحوا فأشجى من متيم، وإن ندبوا فأفصح من " خنسا " " .
سَقَوا بِمياهِ أَعيُنِهِم ... هُناكَ الضالُ وَالرندا
بِأنفاسٍ كَبَرقِ في ... أَنينٍ يُشبِهُ الرعدا
لاحت لهم الجادة فلما سلكوا (قالوا رَبُنا الله ثُمّ اِستَقاموا) هيهات منك غبار ذلك الموكب.
أملهم أقصر من فتر، ومنازلهم أقفر من قبر، نومهم أعز من الوفاء، أخبراهم أرق من النسيم، السهر عندهم أحلى من إغفاءة الفجر، كلما افتتحوا سورة وجدوا بها وجد " يعقوب " بمقيص " يوسف " .
احضر وقت السحر مع القوم حين تفريق الخلع، فإن لم تصلح أسهمت من نصيب (وَإِذا حَضَرَ القِسمَةَ أُولوا القُربى).
لو صعدت من صدرك صعداء أنفاس الأسف لأثارت سحابا يقطر من قطرية قطر العفو، لو أرسلت عبرة من جفن على جفاء عادت فأعادت نحس الزلل جفاء.
أبواب الملوك لا تطرق بالأيدي، ولا تضرب بالحجر بل بنفس المحتاجز وعذري إقراري بأن ليس لي عذر.
إذا سارت ركائب الأسحار فابعث معهم رسالة لهف تحتوي على عسرة محصر.
يا سائقَ العَيسِ تَرَفَق وَاستَمِع ... مِني وَبَلِغ إِن وَصلتَ عَني
عَرِّض بِذكرى عِندَهُم عَساهُمُ ... إِن سَمَعوكَ سائِلوكَ عَني
قُل: ذَلِكَ المَحبوسُ عَن قَصدِكُمُ ... مُعَذِبُ القَلبِ بِكُلِ فَنِّ
يقول: أَمّلتُ بِأَن أَزورَكُمُ ... في جُملَةِ الوَفدِ فَخابَ ظَني.
الفصل الخامس والثلاثون
في علو الهمة
يا طالبا للبقاء في غير معدنه، يا مقدر النجاة في عقبة التلف، بادر عمرا كل يوم يهدمه المعمار، أليس آخر البقاء الفناء؟ كفى بالانتهاء قصرا.
ويحك، اخرج بالزهد من هذا الفناء المحشو بالفناء إلى حضرة القدس، وإعراض النفس، فهناك لا يتعذر مطلوب، ولا يفقد محبوب.
يا هذا: أعرف أدلتك بالطريق قلبك، وأجهل الكل بالسبيل نفسك، فسر على وفاق القلب لا على مراد النفس.
هَوى ناقَتي خَلفي وَقُدامي الهَوى ... وَإِنّي وَإِياها لَمُختَلِفان
يا ذا الهمة: اركب مطايا الجد وإن طال السرى. علامة التوفيق فصم عرى التواني، وآية الخذلان مسامرة الأماني.
الهوى يحرض على العاجل، فلو لاحت من فارس عزيمة إقدام نكص الشيطان على عقبيه. يا محب الدنيا: قيمتك محبوبك، لو علت همتك لارتفعت عن الدنيا، يا مدعي مقام الخليل: مالك والخلة.
لاح لك من الهوى أقل شيء فآثرته علينا، لقد كان دينار عملك مستورا لولا محك (وَلَنَبلوَنَكُم)
وَفي حالَةِ السَخطِ لا في الرِضا ... يُبَينُ المُحِبُ مِنَ المُبغَض
قلبك غائب في طلب الدنيا، فقد ضاع الحديث معك، إن الهدف إذا انهدم بطل النشاب، قلعت سكر الهوى فردمت به باب القلب، فلم يصل إليه سيل المواعظ.
لَيسَ يَحيكُ المُلامُ في هِمِمٍٍ ... أَقرَبُها مِنكَ عَنكَ أَبعَدُها
خرجت عن عمران التقوى، فوقعت في فقر الزلل.
غَرَكَ سَرابُ الطَمَعُ فَمُتُ سَريعَ الظَما ... اِنقَرَضَ العُمُر في مَحاقِ العذر
وَمِنَ العَناءِ رِياضَةُ الهَرِمِ كم قد عزمت على طاعة وتوبة؟ ما لليلى الهوى ما تبصر توبة؟ تبيت من الغرام في شعار " أويس " فإذا أصبحت أخذت طريق " قيس " تنقض عرى العزائم عروة عروة، وكل صريع بالهوى رفيق " عروة " كما دفنت كثيرا من الأعزة، وهل يرجع " كثير " عن حب " عزة " .
بحر طيعك أجاج، وماء قلبك عذب، والعقل بينهما قائم مقام الخضر، فيا " موسى " الطلبك لا تبرح عن السلوك حتى تبلغ مجمع البحرين. قف على قدم الصبر، وإن طال الوقوف، تجلس سعلى مقلوب كرسي؟.
يا نائما طول الليل: سارت الرفقة، طلعت شمس الشيب وما انتهت الرقدة، لو قمت وقت السحر رأيت طريق العباد قد غص بالزحام، ولو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون.
واسحرة ليل القوم ما أضوأها، قاموا على أقدام التحير بين ركن الحذر، وشارع الشوق، يسترهم ذيل الليل تحت مخيم الظلام، وإن ناحوا فأشجى من متيم، وإن ندبوا فأفصح من " خنسا " " .
سَقَوا بِمياهِ أَعيُنِهِم ... هُناكَ الضالُ وَالرندا
بِأنفاسٍ كَبَرقِ في ... أَنينٍ يُشبِهُ الرعدا
لاحت لهم الجادة فلما سلكوا (قالوا رَبُنا الله ثُمّ اِستَقاموا) هيهات منك غبار ذلك الموكب.
أملهم أقصر من فتر، ومنازلهم أقفر من قبر، نومهم أعز من الوفاء، أخبراهم أرق من النسيم، السهر عندهم أحلى من إغفاءة الفجر، كلما افتتحوا سورة وجدوا بها وجد " يعقوب " بمقيص " يوسف " .
احضر وقت السحر مع القوم حين تفريق الخلع، فإن لم تصلح أسهمت من نصيب (وَإِذا حَضَرَ القِسمَةَ أُولوا القُربى).
لو صعدت من صدرك صعداء أنفاس الأسف لأثارت سحابا يقطر من قطرية قطر العفو، لو أرسلت عبرة من جفن على جفاء عادت فأعادت نحس الزلل جفاء.
أبواب الملوك لا تطرق بالأيدي، ولا تضرب بالحجر بل بنفس المحتاجز وعذري إقراري بأن ليس لي عذر.
إذا سارت ركائب الأسحار فابعث معهم رسالة لهف تحتوي على عسرة محصر.
يا سائقَ العَيسِ تَرَفَق وَاستَمِع ... مِني وَبَلِغ إِن وَصلتَ عَني
عَرِّض بِذكرى عِندَهُم عَساهُمُ ... إِن سَمَعوكَ سائِلوكَ عَني
قُل: ذَلِكَ المَحبوسُ عَن قَصدِكُمُ ... مُعَذِبُ القَلبِ بِكُلِ فَنِّ
يقول: أَمّلتُ بِأَن أَزورَكُمُ ... في جُملَةِ الوَفدِ فَخابَ ظَني.
الفصل الخامس والثلاثون
في علو الهمة
يا طالبا للبقاء في غير معدنه، يا مقدر النجاة في عقبة التلف، بادر عمرا كل يوم يهدمه المعمار، أليس آخر البقاء الفناء؟ كفى بالانتهاء قصرا.
ويحك، اخرج بالزهد من هذا الفناء المحشو بالفناء إلى حضرة القدس، وإعراض النفس، فهناك لا يتعذر مطلوب، ولا يفقد محبوب.
يا هذا: أعرف أدلتك بالطريق قلبك، وأجهل الكل بالسبيل نفسك، فسر على وفاق القلب لا على مراد النفس.
هَوى ناقَتي خَلفي وَقُدامي الهَوى ... وَإِنّي وَإِياها لَمُختَلِفان
يا ذا الهمة: اركب مطايا الجد وإن طال السرى. علامة التوفيق فصم عرى التواني، وآية الخذلان مسامرة الأماني.
الهوى يحرض على العاجل، فلو لاحت من فارس عزيمة إقدام نكص الشيطان على عقبيه. يا محب الدنيا: قيمتك محبوبك، لو علت همتك لارتفعت عن الدنيا، يا مدعي مقام الخليل: مالك والخلة.
لاح لك من الهوى أقل شيء فآثرته علينا، لقد كان دينار عملك مستورا لولا محك (وَلَنَبلوَنَكُم)
وَفي حالَةِ السَخطِ لا في الرِضا ... يُبَينُ المُحِبُ مِنَ المُبغَض
قلبك غائب في طلب الدنيا، فقد ضاع الحديث معك، إن الهدف إذا انهدم بطل النشاب، قلعت سكر الهوى فردمت به باب القلب، فلم يصل إليه سيل المواعظ.
لَيسَ يَحيكُ المُلامُ في هِمِمٍٍ ... أَقرَبُها مِنكَ عَنكَ أَبعَدُها
خرجت عن عمران التقوى، فوقعت في فقر الزلل.
غَرَكَ سَرابُ الطَمَعُ فَمُتُ سَريعَ الظَما ... اِنقَرَضَ العُمُر في مَحاقِ العذر
وَمِنَ العَناءِ رِياضَةُ الهَرِمِ كم قد عزمت على طاعة وتوبة؟ ما لليلى الهوى ما تبصر توبة؟ تبيت من الغرام في شعار " أويس " فإذا أصبحت أخذت طريق " قيس " تنقض عرى العزائم عروة عروة، وكل صريع بالهوى رفيق " عروة " كما دفنت كثيرا من الأعزة، وهل يرجع " كثير " عن حب " عزة " .
جُنونَكَ مَجنونٌ وَلَستُ بِواجِدٍ ... طَبِيباً يُداوي مِن جُنونٍ جُنوني
الفصل السادس والثلاثون
الحذر من النفاق
أصدق في باطنك ترى ما تحب في ظاهرك، رش سهم عملك بريش إخلاصك في مقصدك تصب هدف الأمل. واعجبا!! قوسك مكسورة بالزلل، ووترك مقطوع بالكسل، فكيف تناول صدر الغرض؟ إذا أردت العلو فارتق درج التقوى، وإن شئت العز فضع جبهة التواضع، وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص، فوالله ما تحصل المناصب بالمنى.
فَدينارُ المُبَهَرَجِ وَإِن نَفَقَ مَردودُ ... وَقَد يَتزَيا بِالهوى غَيرُ أَهلِهِ
إذا نزلت عن مطية الإخلاص، مشيت في حسك التعثر، فتقطعت قدم القصد،ن ولم ينقطع المنزل، الرياء أصل النفاق، نفاق المنافقين صير المسجد مزبلة، فقال المنزه (لا تَقُم فيهِ) وإخلاص المخلصين رفع قدر الوسخ (رب أشعث أغبر).
إذا هبت زعازع المنافقة لم تضر شجرة الإخلاص، لأن أصلها ثابت، فأما شجرة الرياء فعند نسيم (وَقِدمِنا إِلى ما عَمِلوا مِن عَمل) اجتثت من فوق الأرض.
لا تنظر إلى جولة الباطل، وارتقب دولة الحق، إذا رأيت منافقا قد تبع فتذكر " الدجال " غدا، و " السامري " بالأمس، وانتظر للسامري (لا مَساس) وَللأَلد باب لد.
شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة، وشجرة الدباء تصعد في أسبوعين، فتدرك الصنوبر فتقول " شجرة الدباء: إن الطريق التي قطعت في ثلاثين سنة قد قطعتها في أسبوعين، فيقال لك شجرة ولي شجرة!! فتجيبها: مهلا إلى أن تهب ريحب الخريف.
وكم من متشبه بالصالحين في تخشعه ولباسه، وأفواه القلوب تنفر من طعم مذاقه (وَهُم يَحسَبون أَنهُم يُحسِنونَ صُنعاً).
في ظلمة الليل يتشبه الشجر بالرجال، فإذا طلع الفجر بان الفرق. في وقت الضحى يتمثل السراب بالماء، فمن قرب منه لم يجده شيئا. واأسفا: ما أكثر الزور.
أَما الخِيامُ فَإِنّها كَخيامِهِم ... وَأَرى نِساءَ الحَيِّ غَيرَ نِسائِهِ
تراهم كالنخل، وما تدري ما الدخل.
أيها المرائي: قلب من ترائيه بيد من تعصيه؟؟ لا تنقش على الدرهم الزائف اسم الملك، فما كل سوداء تمرة، ولا يتبهرج الشحم بالورم.
؟الفصل ؟السابع والثلاثون
مجلس التوبة
مجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا على فوت مطلوبه، وهذا الإعراض محبوبه.
يَتَشاكى الواجِدونَ جَوىَّ ... واحِِداً وَالوَجدُ أَلوانُ
أتدرونن هذا التائب لم أنّ؟ وهذا الحزن كيف حنَّ؟ن ذكر عهدا كان قد صفا ثم تكدر، فأنزعج لحال حال وتغير.
مَنازِلٌ كُنتُ تَهواها وَتَألَفَها ... أًيامَ أَنتَ عَلى الأيامِ مَنصورُ
من سمع نوح الحمام ظن أنه لحسن صوته غنى بل لما ذكر من ماضي العيش.
وَإِذا الغَريبُ صَبا إِلى أَوطانِهِ ... شَوقاً فَمعناهُ إِلى أَحبابِهِ
إنما يبكي المذنب على ديار قد عمرها بالتقوى، كيف أخربتها الذنوب؟
إِذا ذَكرَتَ نَجداً وَطيبَ تُرابُهُ ... وَبَردَ حَصاهُ آَخِرَ اللَيلِ حَنّت
تَمَنَت أَحاليبَ الرَّعاءِ وَخيمَة ... بِنَجدٍ وَلَم يَحصُل لَها ما تَمَنّت
يا من كان له معاملة فترك، يامن خلط الدستور وضرب على الحساب، زمان الوصال يستحق البكاء، أطلال الحبيب تستوجب القلق.
ماءُ النُقَيبِ وَلَو مِقدارَ مَضمَضَةٍ ... شِفاءُ قًلبي وَغَيرُ الماءِ يَشفيني
الوقت يقتضيك يا عاص، فبادر بالتوبة، منادي الوصال على باب القبول يصيح (وَسارِعوا).
الغَيمُ رَطبٌ يُنادي ... يا نائِمين الصَّبُوحُ
فَقُلتُ أَهلاً وَسَهلاً ... ما دامَ في الجِسم روحُ
يا من كان له قلب: أين قلبك؟ يا زمان الخيف: هل من عودة إن كنت فقدت قلبك فلا تيأس من وجوده.
فَقَد يَجمَعَ اللَهُ الشَتَيتينِ بَعدَما ... يَظَّنانِ كُلَّ الظَنّ أن لا تَلاقِيا
سر بِوادي الطَلَبِ، مُستَغيثاً بِلِسانِ الطَربِ
رُدوا عَلى لَيالي التَي سَلَفَت ... لَم أَنسَهُنَّ وَما بِالعَهدِ مِن قِدَمِ
الفصل السادس والثلاثون
الحذر من النفاق
أصدق في باطنك ترى ما تحب في ظاهرك، رش سهم عملك بريش إخلاصك في مقصدك تصب هدف الأمل. واعجبا!! قوسك مكسورة بالزلل، ووترك مقطوع بالكسل، فكيف تناول صدر الغرض؟ إذا أردت العلو فارتق درج التقوى، وإن شئت العز فضع جبهة التواضع، وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص، فوالله ما تحصل المناصب بالمنى.
فَدينارُ المُبَهَرَجِ وَإِن نَفَقَ مَردودُ ... وَقَد يَتزَيا بِالهوى غَيرُ أَهلِهِ
إذا نزلت عن مطية الإخلاص، مشيت في حسك التعثر، فتقطعت قدم القصد،ن ولم ينقطع المنزل، الرياء أصل النفاق، نفاق المنافقين صير المسجد مزبلة، فقال المنزه (لا تَقُم فيهِ) وإخلاص المخلصين رفع قدر الوسخ (رب أشعث أغبر).
إذا هبت زعازع المنافقة لم تضر شجرة الإخلاص، لأن أصلها ثابت، فأما شجرة الرياء فعند نسيم (وَقِدمِنا إِلى ما عَمِلوا مِن عَمل) اجتثت من فوق الأرض.
لا تنظر إلى جولة الباطل، وارتقب دولة الحق، إذا رأيت منافقا قد تبع فتذكر " الدجال " غدا، و " السامري " بالأمس، وانتظر للسامري (لا مَساس) وَللأَلد باب لد.
شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة، وشجرة الدباء تصعد في أسبوعين، فتدرك الصنوبر فتقول " شجرة الدباء: إن الطريق التي قطعت في ثلاثين سنة قد قطعتها في أسبوعين، فيقال لك شجرة ولي شجرة!! فتجيبها: مهلا إلى أن تهب ريحب الخريف.
وكم من متشبه بالصالحين في تخشعه ولباسه، وأفواه القلوب تنفر من طعم مذاقه (وَهُم يَحسَبون أَنهُم يُحسِنونَ صُنعاً).
في ظلمة الليل يتشبه الشجر بالرجال، فإذا طلع الفجر بان الفرق. في وقت الضحى يتمثل السراب بالماء، فمن قرب منه لم يجده شيئا. واأسفا: ما أكثر الزور.
أَما الخِيامُ فَإِنّها كَخيامِهِم ... وَأَرى نِساءَ الحَيِّ غَيرَ نِسائِهِ
تراهم كالنخل، وما تدري ما الدخل.
أيها المرائي: قلب من ترائيه بيد من تعصيه؟؟ لا تنقش على الدرهم الزائف اسم الملك، فما كل سوداء تمرة، ولا يتبهرج الشحم بالورم.
؟الفصل ؟السابع والثلاثون
مجلس التوبة
مجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا على فوت مطلوبه، وهذا الإعراض محبوبه.
يَتَشاكى الواجِدونَ جَوىَّ ... واحِِداً وَالوَجدُ أَلوانُ
أتدرونن هذا التائب لم أنّ؟ وهذا الحزن كيف حنَّ؟ن ذكر عهدا كان قد صفا ثم تكدر، فأنزعج لحال حال وتغير.
مَنازِلٌ كُنتُ تَهواها وَتَألَفَها ... أًيامَ أَنتَ عَلى الأيامِ مَنصورُ
من سمع نوح الحمام ظن أنه لحسن صوته غنى بل لما ذكر من ماضي العيش.
وَإِذا الغَريبُ صَبا إِلى أَوطانِهِ ... شَوقاً فَمعناهُ إِلى أَحبابِهِ
إنما يبكي المذنب على ديار قد عمرها بالتقوى، كيف أخربتها الذنوب؟
إِذا ذَكرَتَ نَجداً وَطيبَ تُرابُهُ ... وَبَردَ حَصاهُ آَخِرَ اللَيلِ حَنّت
تَمَنَت أَحاليبَ الرَّعاءِ وَخيمَة ... بِنَجدٍ وَلَم يَحصُل لَها ما تَمَنّت
يا من كان له معاملة فترك، يامن خلط الدستور وضرب على الحساب، زمان الوصال يستحق البكاء، أطلال الحبيب تستوجب القلق.
ماءُ النُقَيبِ وَلَو مِقدارَ مَضمَضَةٍ ... شِفاءُ قًلبي وَغَيرُ الماءِ يَشفيني
الوقت يقتضيك يا عاص، فبادر بالتوبة، منادي الوصال على باب القبول يصيح (وَسارِعوا).
الغَيمُ رَطبٌ يُنادي ... يا نائِمين الصَّبُوحُ
فَقُلتُ أَهلاً وَسَهلاً ... ما دامَ في الجِسم روحُ
يا من كان له قلب: أين قلبك؟ يا زمان الخيف: هل من عودة إن كنت فقدت قلبك فلا تيأس من وجوده.
فَقَد يَجمَعَ اللَهُ الشَتَيتينِ بَعدَما ... يَظَّنانِ كُلَّ الظَنّ أن لا تَلاقِيا
سر بِوادي الطَلَبِ، مُستَغيثاً بِلِسانِ الطَربِ
رُدوا عَلى لَيالي التَي سَلَفَت ... لَم أَنسَهُنَّ وَما بِالعَهدِ مِن قِدَمِ
ودع طبعك لسفر التوبة، وارفق شرعك في طريق الصحبة، واجهد راحلتيك لتلحق الرفقة، وتهيأ للإحرام قبل الوقفة، وانفذ الوية الشوق إلى منى قبل نخلة، لعل رسالة الحب تصل من صاحب الكعبة.
ألا طال شوق الأبرار إلى لقائي ويأتي الجواب: وإني إلى لقائهم أشوق.
الفصل الثامن والثلاثون
في صدق العبادة
لا تعجبوا بصورة التعبد، وتلمحوا أحسن المقصد؟ ليس كل مصل متعبد، ولا كل صائم بزاهد، ولا كل باك بخاشع، ولا كل متصوف بصاف.
وَما كُلُ مَن آَوى إِلى العِزِّ نالَهُ ... وَدَونَ العُلى ضَربٌ يُدَمِّي النَواصِيا
لَيسَ كُلُ مُستَدَيرٍ يَكونُ هِلالاً، لا، لا ... لَيسَ التَكَحُلُ في العَينينِ كالكَحلِ
كم حول معروف من دفينِ ذهب اسمه كما بلي رسمه ومعروف معروف.
وَما كُلُ دارٍ قَفَرَةٍ دارةُ الحُمى ... وَلا كُلُّ بَيضاءَ التَرائِبِ زَينَبُ
ذهب أهل التحقيق، وبقيت بنيات الطريق، واعجبا!! لقد رجل القوم، وتخلف أهل السنة والنوم، خلت البقاع من الأحباب، وتبدلت العمارة بالخراب.
يا دِيارَ الأَحبابِ عِندَكِ خُبرٌ ... أَين ساروا وَهَل لَهُم مُستَقَرُ
كان المشايخ في قديم الزمان أصحاب قدم، والمريدون أرباب ألم، فذهب القدم والألم، كان المريد يسأل عن غصة، والشيخ يعرف القصة، واليوم لا قصة ولا غصة، كان الصوفية قديما يسخرون بالشيطان، والآن يسخر الشيطان بالقوم. كان الزهد في بواطن القلوب، فصار في ظواهر الثياب.
سَلامٌ عَلى تِلكَ الخَلائِق إِنّها ... مُسلَّمَةٌ مِن كُلِ عَيبٍ ومأَثَمِ
ويحك: صوف قلبك لا جسمك، وأصلح نيتك لا مرقعتك، إذا كان العلوي ثابت النسب لم يحتج إلى ضفيرتين، أَتحدوا ومالك بعير؟ أتمد قوسا ومالها وتر؟ تتجشأ من غير شبع؟ واعجبا!! من وحمى بلا حبل. إن لم تكن " يعقوب " الأمل، فلا تكن " زليخا " الهوى. واأسفا لقلوب أذابها حب الدنيا، ولأسماع آمالها " حديث خرافة، يتلاعب بها الغرور في بحر الهوى تلاعب الموج بالفريق.
صح بالمنقطعين في بوادي الغفلة؛ ترى أي ذنب اقتطعهم. أين تعبد " السري " ؟ أين جد " الجنيد " ؟ أين مجاهدة " أبي يزيد " ؟ أين جوع " الشبليط؟ يا راضيا بصفة " ابن أدهم " أين عزم " إبراهيم " ؟.
أما الخيام فإنها كخيامهم.
انكسر مغزل " رابعة " وبقي قطن " الحلاج " .
لم تبق إلا روايات وأخبار
أَيُها الحادي بأحداج الجَمالِ ... لا تَنُخ بِالرَبعِ إِنَّ الرَبعَ خالي
ما عَسى أن تَرتَجي مَن دِمَنٍ ... أَقَفرتَ مِن أَهلِها فَهي خَوالي
قَد عَفَت أَطلالُها وَاندَرستَّ ... قِف بِنا نَبكي لأَطلالٍ بِوَالي
لَهفَ نَفسي لِليالٍ سَلَفَت ... آَهٍ هَل تَرجَعُ لي تِلكَ اللَيالي
لا تَقُل لي: بِمِنَى تُعَطَ المُنى ... بِمِنىَّ كانَ مِِنَ القَومِ اِنفِصالي
الفصل التاسع والثلاثون
القناعة
أيها المبتلي بحب الدنيا وما ينال منها إلا ما قدر له، كم مرزوق لا يتعب؟ وكم تعب من لا يرزق؟ هذا " موسى يقول (أَرِني) وما أري و " محمد " يزعج من منامه وما طلب.
قَضاها لِغَيري وَاِبتِلاني بِحُبِها ... فَهَلاَّ بِشيءٍ غَيرِ لَيلَى اِبتَلانِيا
يا هَذا: مَحَبَةُ الدُنيا مِحنَةٌ ... داءُ بِه ماتَ المُحِبونَ مِن قَبلي
إِن أَقبلَت شَغَلَت وإن أدبرت قتلت
وَيلاهُ إِن نَظَرَت وَإِن هِيَ أَعرَضَت ... وَقعُ السِهامِ وَنَزعُهُنَّ أَليمُ
ويحك: إن الفقر أصلح لك، وإن فقد الدنيا أرفق بك، غير أن الهوى لا ينظر العواقب، كم في طي مكروهك مصلحة، لو زالت غشاوة العين أبصرتها.
فسبحان من قضى على الكامل بمداراة الطبع الجاهل، ناظر العقل إلى الأخير ناظر، والطمع لا يرى إلا الحاضر، وكم يتعب الشيخ في تقويم الطفل؟؟ إنك لم فسحت لنفسك في هواها، ضيقت عليك طريق الخلاص، إنها لتبذر بضاعة العمر بكف التمزيق، كالخرقاء وجدت صوفا.
يا مستغيثا من الفقر بألسنة الشكوى، حبس الفقر حصن، على أنه داء الكرام. الفقر جب، والفاقة غيابة، والشهوات رق. " الدنيا سجن المؤمن " .
ألا طال شوق الأبرار إلى لقائي ويأتي الجواب: وإني إلى لقائهم أشوق.
الفصل الثامن والثلاثون
في صدق العبادة
لا تعجبوا بصورة التعبد، وتلمحوا أحسن المقصد؟ ليس كل مصل متعبد، ولا كل صائم بزاهد، ولا كل باك بخاشع، ولا كل متصوف بصاف.
وَما كُلُ مَن آَوى إِلى العِزِّ نالَهُ ... وَدَونَ العُلى ضَربٌ يُدَمِّي النَواصِيا
لَيسَ كُلُ مُستَدَيرٍ يَكونُ هِلالاً، لا، لا ... لَيسَ التَكَحُلُ في العَينينِ كالكَحلِ
كم حول معروف من دفينِ ذهب اسمه كما بلي رسمه ومعروف معروف.
وَما كُلُ دارٍ قَفَرَةٍ دارةُ الحُمى ... وَلا كُلُّ بَيضاءَ التَرائِبِ زَينَبُ
ذهب أهل التحقيق، وبقيت بنيات الطريق، واعجبا!! لقد رجل القوم، وتخلف أهل السنة والنوم، خلت البقاع من الأحباب، وتبدلت العمارة بالخراب.
يا دِيارَ الأَحبابِ عِندَكِ خُبرٌ ... أَين ساروا وَهَل لَهُم مُستَقَرُ
كان المشايخ في قديم الزمان أصحاب قدم، والمريدون أرباب ألم، فذهب القدم والألم، كان المريد يسأل عن غصة، والشيخ يعرف القصة، واليوم لا قصة ولا غصة، كان الصوفية قديما يسخرون بالشيطان، والآن يسخر الشيطان بالقوم. كان الزهد في بواطن القلوب، فصار في ظواهر الثياب.
سَلامٌ عَلى تِلكَ الخَلائِق إِنّها ... مُسلَّمَةٌ مِن كُلِ عَيبٍ ومأَثَمِ
ويحك: صوف قلبك لا جسمك، وأصلح نيتك لا مرقعتك، إذا كان العلوي ثابت النسب لم يحتج إلى ضفيرتين، أَتحدوا ومالك بعير؟ أتمد قوسا ومالها وتر؟ تتجشأ من غير شبع؟ واعجبا!! من وحمى بلا حبل. إن لم تكن " يعقوب " الأمل، فلا تكن " زليخا " الهوى. واأسفا لقلوب أذابها حب الدنيا، ولأسماع آمالها " حديث خرافة، يتلاعب بها الغرور في بحر الهوى تلاعب الموج بالفريق.
صح بالمنقطعين في بوادي الغفلة؛ ترى أي ذنب اقتطعهم. أين تعبد " السري " ؟ أين جد " الجنيد " ؟ أين مجاهدة " أبي يزيد " ؟ أين جوع " الشبليط؟ يا راضيا بصفة " ابن أدهم " أين عزم " إبراهيم " ؟.
أما الخيام فإنها كخيامهم.
انكسر مغزل " رابعة " وبقي قطن " الحلاج " .
لم تبق إلا روايات وأخبار
أَيُها الحادي بأحداج الجَمالِ ... لا تَنُخ بِالرَبعِ إِنَّ الرَبعَ خالي
ما عَسى أن تَرتَجي مَن دِمَنٍ ... أَقَفرتَ مِن أَهلِها فَهي خَوالي
قَد عَفَت أَطلالُها وَاندَرستَّ ... قِف بِنا نَبكي لأَطلالٍ بِوَالي
لَهفَ نَفسي لِليالٍ سَلَفَت ... آَهٍ هَل تَرجَعُ لي تِلكَ اللَيالي
لا تَقُل لي: بِمِنَى تُعَطَ المُنى ... بِمِنىَّ كانَ مِِنَ القَومِ اِنفِصالي
الفصل التاسع والثلاثون
القناعة
أيها المبتلي بحب الدنيا وما ينال منها إلا ما قدر له، كم مرزوق لا يتعب؟ وكم تعب من لا يرزق؟ هذا " موسى يقول (أَرِني) وما أري و " محمد " يزعج من منامه وما طلب.
قَضاها لِغَيري وَاِبتِلاني بِحُبِها ... فَهَلاَّ بِشيءٍ غَيرِ لَيلَى اِبتَلانِيا
يا هَذا: مَحَبَةُ الدُنيا مِحنَةٌ ... داءُ بِه ماتَ المُحِبونَ مِن قَبلي
إِن أَقبلَت شَغَلَت وإن أدبرت قتلت
وَيلاهُ إِن نَظَرَت وَإِن هِيَ أَعرَضَت ... وَقعُ السِهامِ وَنَزعُهُنَّ أَليمُ
ويحك: إن الفقر أصلح لك، وإن فقد الدنيا أرفق بك، غير أن الهوى لا ينظر العواقب، كم في طي مكروهك مصلحة، لو زالت غشاوة العين أبصرتها.
فسبحان من قضى على الكامل بمداراة الطبع الجاهل، ناظر العقل إلى الأخير ناظر، والطمع لا يرى إلا الحاضر، وكم يتعب الشيخ في تقويم الطفل؟؟ إنك لم فسحت لنفسك في هواها، ضيقت عليك طريق الخلاص، إنها لتبذر بضاعة العمر بكف التمزيق، كالخرقاء وجدت صوفا.
يا مستغيثا من الفقر بألسنة الشكوى، حبس الفقر حصن، على أنه داء الكرام. الفقر جب، والفاقة غيابة، والشهوات رق. " الدنيا سجن المؤمن " .
فيا " يوسف " الطلب: ذق مرارة الجب، وكمد الغيابة، وصابر رق البيع، ودار السجن، لعلك تخرج إلى مملكة (اِجعَلني عَلى خَزائِنِ الأرض) دافع ليل البلى، فما أسرع فجر الأجر (أَلَيسَ عَلى خَزائِن الأَربض) الفقر من الدنيا عدم كله وجود، والغنى فيها وجود كله عدم.
عرضت على نبينا " صلى الله عليه وسلم " بطحاء مكة ذهبا فأبى.
يا " محمد " ممن تعلمت القناعة؟ قال لسان حاله: من عجلة أبي.
كان الرجل من الصحابة يدعى إلى المال حلالا فيقول: لا، لا.
يا معاشر الفقراء: زينوا حلة الفقر بحلية الكتمان، فالفقراء الصبر جلساء الله، اصبروا على عطش الفاقة، فالحرة تجوع ولا تأكل بثدينها، إن سألتم فاسألوا مولاكم، فإن سؤال العبد غير سيده تشنيع على السيد.
يا معاشر الغافلين والواقفين مع الأسباب، إنما المعطي والمانع واحد (فَلا تَجعَلوا للِهِ أَنداداً) إذا عرضت حاجة فتعرضوا بالمحراب، واكتفوا من السؤال بالخدمة أتشتغلون بنا وننساكم؟ كلا " من شغله ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " .
وَإِذا طَلَبتَ إِلى كَريمٍ حاجَةً ... فَلِقاؤهُ يُغنيكَ وَالتَسليمُ
ويحك: إن الفقير الصادق يترك الدنيا أنفة، رآها مقاطعة فقاطع، جاز على جيفة مستحيلة فسد منخر الظرف وأسرع، سلك سبيل القناعة فوقع على كنز ما وجده " الإسكندر " فقلبه أغنى من " قارون " وبيته أفرغ من فؤاد أم " موسى " .
وَمَن كانَ في ثوبِ القَناعَةِ رافِِلاً ... أَصابَ الغِنى في الفَقرِ وَالخَصَبِ في المَحل
إذا حشر الفقراء يوم القيامة بادورا باب الجنة فتقول لهم الملائكة: قفوا فهذا يوم الحساب، فينفضون أكمام الإدلال من يد المعوق، ويقولون: هل أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه؟؟
الصَبرُ مِثلُ اِسمِهِ في كُلِ نائِبَةٍ ... لَكِن عَواقِبُهُ أَحلى مِنَ العَسلِ
؟الفصل الأربعون ؟ذم الحرص على المال يا مشغولا بالعمل للدنيا، والدنيا تعمل فيه، تجمع ما يفرقك، وتوصل ما يمزقك، ويحك: أتبني قصرا وتهدم مصرا؟ إن لم تعرف عيوبها " فاخبر تقهل " .
داء الآدمي الهوى، وعلاجه الحسم، متى استعجل الداء، فالكي أنفع، وما يفيدك من جار السوء التوقي. المال ماء كلما زاد غرق. قنعت العنكبوت بزاوية البيت فسبق الحريص إليها وهو الذباب، فصار قوتا لها، وصوت بك نذير العبر: رب ساع لقاعد.
ويحك: طلق كواذب آمالك، لتكون وارث مالك. أعظم المغبونين حسرة من نفع كده لغيره. أفضل أعمال البخيل الصدقة لأنه يحارب شيطانين أصغرهما إبليس، وأعظمهما النفس وجنودها، ومن يقوى بأسد الحرص، وكلب الهوى، وخنزير الشره؟؟!.
امدد يديك بالصدقة فإن لم تطق فاكففهما عن الظلم، أطلق لسانك بالذكر، فإن لم تطق فاحبسه عن الغيبة.
كم يقف السائل سائل الدمع على باب الذل لديك فتقول: هذا هذاء.
كلام الجائع عند الشبعان كله هذيان. ويحك: إن الدقة صداق الجنة، فدع جمع الأكياس (مَن ذا الَّذي يُقرِضُ اللهَ قَرضاً حَسناً).
انظر في أخلاقِ الفَقيرِ لا في إِخلاقِهِ ... وَما ضَرُ نَصلُ السَيفِ إِخلاقُ غَمدِهِ
إن أعطيت فاحذر منا يتأذى به المعروف. ويحك: كلما عاش أملك مات الفقراء.
كَأَنَنَي كُلَما أَصبَحتُ أُعتِبُهُ ... أَخطُّ حَرفاً عَلى صَفحٍ مِنَ الماءِ
واعجبا! لمن يجمع الأموال جمع الثريا نفسها، كيف تأتي الأقدار فتفرقه تفريق بنات نعش، يا كدر القلب: آثار كدر باطنك ما تخفى على ناظرك، إن أسرار القلوب تبين ما في وجوده الوجنات.
لو سمعت كلامي بقلبك كان طول الأسبوع نصب عينيك، وإنما تسمعه بأذنك، وفرق بين السامعين: كثر المال على " الصديق " و " ثعلبة " ووقه التفاوت بين " البخل والتخلل " .
وليس كُلُّ ذَواتِ المِخلَبِ السَّبُعُ أما حب الدنيا عندك فراسخ، وأما قلبك من الموعظة فعلى فراسخ، وإذا غلب الهوى فمن ينتبه؟ وإذا غاب القلب فمن يحدث؟
إذا كانَ قَلبي مَوثِقاً بِحِبالُكُم ... وَجِسمي لَدَيكُم كَيفَ أَفهَمُ عَنكُم؟
فإِن شِئتُم أَن تَعذُلوا فَتُوصِّلوا ... إِلى أن تُعيدوا القلب ثم تُكلِموا
عرضت على نبينا " صلى الله عليه وسلم " بطحاء مكة ذهبا فأبى.
يا " محمد " ممن تعلمت القناعة؟ قال لسان حاله: من عجلة أبي.
كان الرجل من الصحابة يدعى إلى المال حلالا فيقول: لا، لا.
يا معاشر الفقراء: زينوا حلة الفقر بحلية الكتمان، فالفقراء الصبر جلساء الله، اصبروا على عطش الفاقة، فالحرة تجوع ولا تأكل بثدينها، إن سألتم فاسألوا مولاكم، فإن سؤال العبد غير سيده تشنيع على السيد.
يا معاشر الغافلين والواقفين مع الأسباب، إنما المعطي والمانع واحد (فَلا تَجعَلوا للِهِ أَنداداً) إذا عرضت حاجة فتعرضوا بالمحراب، واكتفوا من السؤال بالخدمة أتشتغلون بنا وننساكم؟ كلا " من شغله ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " .
وَإِذا طَلَبتَ إِلى كَريمٍ حاجَةً ... فَلِقاؤهُ يُغنيكَ وَالتَسليمُ
ويحك: إن الفقير الصادق يترك الدنيا أنفة، رآها مقاطعة فقاطع، جاز على جيفة مستحيلة فسد منخر الظرف وأسرع، سلك سبيل القناعة فوقع على كنز ما وجده " الإسكندر " فقلبه أغنى من " قارون " وبيته أفرغ من فؤاد أم " موسى " .
وَمَن كانَ في ثوبِ القَناعَةِ رافِِلاً ... أَصابَ الغِنى في الفَقرِ وَالخَصَبِ في المَحل
إذا حشر الفقراء يوم القيامة بادورا باب الجنة فتقول لهم الملائكة: قفوا فهذا يوم الحساب، فينفضون أكمام الإدلال من يد المعوق، ويقولون: هل أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه؟؟
الصَبرُ مِثلُ اِسمِهِ في كُلِ نائِبَةٍ ... لَكِن عَواقِبُهُ أَحلى مِنَ العَسلِ
؟الفصل الأربعون ؟ذم الحرص على المال يا مشغولا بالعمل للدنيا، والدنيا تعمل فيه، تجمع ما يفرقك، وتوصل ما يمزقك، ويحك: أتبني قصرا وتهدم مصرا؟ إن لم تعرف عيوبها " فاخبر تقهل " .
داء الآدمي الهوى، وعلاجه الحسم، متى استعجل الداء، فالكي أنفع، وما يفيدك من جار السوء التوقي. المال ماء كلما زاد غرق. قنعت العنكبوت بزاوية البيت فسبق الحريص إليها وهو الذباب، فصار قوتا لها، وصوت بك نذير العبر: رب ساع لقاعد.
ويحك: طلق كواذب آمالك، لتكون وارث مالك. أعظم المغبونين حسرة من نفع كده لغيره. أفضل أعمال البخيل الصدقة لأنه يحارب شيطانين أصغرهما إبليس، وأعظمهما النفس وجنودها، ومن يقوى بأسد الحرص، وكلب الهوى، وخنزير الشره؟؟!.
امدد يديك بالصدقة فإن لم تطق فاكففهما عن الظلم، أطلق لسانك بالذكر، فإن لم تطق فاحبسه عن الغيبة.
كم يقف السائل سائل الدمع على باب الذل لديك فتقول: هذا هذاء.
كلام الجائع عند الشبعان كله هذيان. ويحك: إن الدقة صداق الجنة، فدع جمع الأكياس (مَن ذا الَّذي يُقرِضُ اللهَ قَرضاً حَسناً).
انظر في أخلاقِ الفَقيرِ لا في إِخلاقِهِ ... وَما ضَرُ نَصلُ السَيفِ إِخلاقُ غَمدِهِ
إن أعطيت فاحذر منا يتأذى به المعروف. ويحك: كلما عاش أملك مات الفقراء.
كَأَنَنَي كُلَما أَصبَحتُ أُعتِبُهُ ... أَخطُّ حَرفاً عَلى صَفحٍ مِنَ الماءِ
واعجبا! لمن يجمع الأموال جمع الثريا نفسها، كيف تأتي الأقدار فتفرقه تفريق بنات نعش، يا كدر القلب: آثار كدر باطنك ما تخفى على ناظرك، إن أسرار القلوب تبين ما في وجوده الوجنات.
لو سمعت كلامي بقلبك كان طول الأسبوع نصب عينيك، وإنما تسمعه بأذنك، وفرق بين السامعين: كثر المال على " الصديق " و " ثعلبة " ووقه التفاوت بين " البخل والتخلل " .
وليس كُلُّ ذَواتِ المِخلَبِ السَّبُعُ أما حب الدنيا عندك فراسخ، وأما قلبك من الموعظة فعلى فراسخ، وإذا غلب الهوى فمن ينتبه؟ وإذا غاب القلب فمن يحدث؟
إذا كانَ قَلبي مَوثِقاً بِحِبالُكُم ... وَجِسمي لَدَيكُم كَيفَ أَفهَمُ عَنكُم؟
فإِن شِئتُم أَن تَعذُلوا فَتُوصِّلوا ... إِلى أن تُعيدوا القلب ثم تُكلِموا
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى