- إيمان إبراهيم مساعد
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3909
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
في رحاب بر الوالدين (2)
السبت 03 سبتمبر 2011, 01:58
عاشراً: طلب الأجر والمثوبة من الله:
يحرص المؤمن دائماً على الفوز بالجنة، بل هو أشد حرصاً على الفوز برضا الله عز وجل، ولذلك تجده يتسابق للتقرب من الله، وتصبح كل لحظة في حياته هي طاعة لله، مما يجعله يبر والديه حرصاً على أن ينال رضا الله ورحمته.
حادي عشر: الخوف من عدم القبول:
يسعى الإنسان في طريقه ويملأه الرجاء أن يقبل الله عمله وشكره وأن يدخله سبحانه في رحمته.
وخوف الإنسان من عدم القبول ما يفعله من الأسباب التي تقوده إلى الازدياد في فعل الطاعات مما يعينه ويساعده على بر الوالدين الذي هو من أعظم الطاعات تقرباً إلى الله عز وجل.
ثاني عشر: التعرف على فضائل بر الوالدين:
إذا عرف الإنسان فضائل بر الوالدين فسوف يسرع الخُطا من أجل أن يظفر ببر الوالدين؛ لأنه طريقه إلى الفوز بمحبة الله عز وجل وسبيل لأن ينال مكان في الجنة… وهذه هي بعض فضائل بر الوالدين:
1- تفريج الكروب:
جعل الله بر الوالدين سبباً في تفريج الكروب… ولذا أورد الإمام البخاري في صحيحه حديثاً في ذلك.
قال صلى الله عليه وسلم:
((بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها. اللهم أنه كان لى والدان شيخان كبيران، ولى صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالديَ أسقيهما قبل ولدى، وأنه ناء بي الشجر فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما.. والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة حتى يرون منها السماء… ))
2- التوفيق في الدنيا والنجاة في الآخرة:
من فاز بدعوة الوالدين فهو من الفائزين في الدنيا والآخرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما))
ومن فاز برضا الله فهو الفائز، ومن باء بسخط الله فهو الخاسر.
وكما أن رضا الله في رضا الوالدين، كذلك فإن غضبهما يحبط العمل ويضيع الأجر والثواب .. بل ينذر بسوء الخاتمة فسخط الله في سخطهما.
وفيما يلى هذه القصة التي تعبر عن أهمية رضا الوالدين:
- حكى أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم شاب يسمى ((علقمة)) وكان كثير الاجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة فمرض واشتد مرضه .. فأرسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن زوجي علقمة في النزع .. فأردت أن أعلمك يا رسول الله بحاله.
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاً… وقال: امضوا إليه ولقنوه الشهادة، فمضوا إليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع فجعلوا يلقنونه فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه الشهادة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل من أبويه أحد حي؟
قيل: يا رسول لله… أم كبيرة السن.
فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولاً وقال له:
((قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فقري في المنزل حتى يأتيك)).
قال: فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله ص فقالت: نفسي فداء. أنا أحق بإتيانه فتوكأت وقامت على عصا وأتت رسول الله ص فقال:
يا أم علقمة .. اصدقيني، وإن كذبتني جاء الوحي من الله تعالى .. كيف كان حال ولدك علقمة.
قالت: يا رسول الله .. كان كثير الصلاة .. كثير الصيام .. كثير الصدقة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما حالك؟
قالت: يا رسول الله أنا عليه ساخطة!! فقال: لم؟
قالت: يا رسول الله كان يؤثر علىَّ زوجته ويعصيني.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
((إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة))
ثم قال: ((يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً))
قالت: يا رسول الله… وما تصنع؟
فقال: أحرقه بالنار بين يديك.
قالت: يا رسول الله… ولدى… لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي.
فقال: يا أم علقمة.. عذاب الله أشد وأبقى فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه .. فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصيامه ولا بصدقته ما دمت عليه ساخطة.
فقالت: يا رسول الله.. إني أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين أنى قد رضيت عن ولدى علقمة.
فقال رسول الله ص: انطلق يا بلال إليه وانظر هل يستطيع أن يقول ((لا إله إلا الله)) أم لا؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء منى.
فانطلق بلال .. فسمع علقمة متى دخل الدار يقول: ((لا إله إلا الله)) فدخل بلال وقال: يا هؤلاء .. إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة وإن رضاها أطلق لسانه.
ثم مات علقمة من يومه .. فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بغسله وكفنه، ثم صلى عليه وحضر دفنه، ثم قام على شفير قبره وقال:
((يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً إلا أن يتوب إلى الله عز وجل ويحسن إليها ويطلب رضاها.. فرضا الله من رضاها وسخط الله من سخطها)).
هذه قصة بينت كيف أن سخط الأم وغضبها من ابنها كاد أن يحجب عنه النطق بالشهادة حين احتضاره ولم ينقذه إلا رضاها عنه.
فمن حظي بالرضا فقد فاز بكل خير وليس بعد الرضا شيء ولا يساويه أمر وذلك هو الأمر الذي يتنافس فيه المتنافسون.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال:
((رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخطهما)).
3- سعة الرزق وزيادة العمر:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
((من سره أن يعظم الله رزقه، وأن يمد في أجله فليصل رحمه))
وفي رواية للبيهقى:
((فليبر والديه وليصل رحمه)).
وبر الوالدين هو في الحقيقة شكر لله:
{أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير}
(لقمان: 14)
فمن كان باراً بواليه كان شاكراً لهما، ومن كان شاكراً لهما كان شاكراً لله، ومن كان شاكراً لله فهو من أهل الزيادة.
قال الله تعالى:
{وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم..}
(إبراهيم: 7)
ولن يحرم العبد من المزيد حتى ينقطع من شكره لله ولوالديه.
4- تكفير للكبائر:
عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أتاه رجل فقال:
إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه فغرت عليها فقتلتها فهل لي من توبة؟ قال: أمك حية؟ قال: لا، قال: تب إلى الله عز وجل وتقرب إليها ما استطعت فذهبت فسألت ابن عباس: لم سألته عن حياة أمه؟ فقال: لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة.
5- البار له ثواب الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله:
أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغى الأجر من الله تعالى قال: ((فهل من والديك أحد حي؟ قال: نعم بل كلاهما حي. قال: فتبتغى الأجر من الله؟ قال: نعم. قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما))
ولقد جاء رجل إلى رسول الله ص فقال: إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه. قال صلى الله عليه وسلم: هل بقى من والديك أحد؟ قال: أمي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاسأل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد.
وهذا يدل على عظم فضيلة بر الوالدين، حيث قال رسول الله ص أنه يعادل الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله.
6- حسن الخاتمة:
من أسباب حسن الخاتمة بر الوالدين فمن عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه.. فمن عاش على بر الوالدين يموت على تلك الطاعة لله عز وجل… ويحكى عن شاب عش على بر الوالدين فلما حضرته سكرات الموت جاء الناس يلقنونه الشهادة فكان يقول لهم:
قولوا: لا إله إلا الله.
7- الفوز برحمة الله ومغفرته:
بر الوالدين سبب للفوز برحمة الله ومغفرته ورضوانه، فإن كان الله عز وجل قد غفر لامرأة لأنها سقت كلباً فكيف بمن يكون باراً بوالديه يقدم لهما الطعام والشراب ويحسن معاملتهما ويرحمهما... فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
8- قبول الأعمال والتجاوز عن السيئات:
قال تعالى:
{ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين * أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون} (الأحقاف: 15-16)
إن شكر الله على نعمته والإحسان إلى الوالدين كما أوصى الله عز وجل تمنح الإنسان رحمة الله به وتجاوزه سبحانه عن سيئاته وقبول أعماله مما يجعله من أصحاب الجنة.
9- دخول الجنة:
فعن طيسلة بن مياس قال: ((كنت مع النجدات فأصبت ذنوباً لا أراها إلا من الكبائر، فذكرت ذلك لابن عمر، قال: ما هي؟ قلت: كذا وكذا، قال: ليست هذه من الكبائر)) إلى أن قال: قال لي ابن عمر: أتفرق من النار – أي تخاف من النار؟ – وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: إي والله! قال: أحي والداك؟ قلت: عندي أمي قال: فوالله لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة، ما اجتنبت الكبائر))
فبر الوالدين يجعل الإنسان يحظى بمكان في الجنة.
10- بابان من الجنة لمن بر والديه:
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
((من أصبح مطيعاً لله في والديه، أصبح له بابان مفتوحان من الجنة، وإن كان واحداً فواحداً، ومن أمسى عاصياً لله في والديه، أصبح له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحداً فواحداً.
قال رجل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. وإن ظلماه، وإن ظلماه))
هذه هي فضائل وثمرات بر الوالدين، وكما نرى كلها تدل على أن الإحسان إلى الوالدين وبرهما وتكريمهما يؤديان إلى حفظ الإنسان وفوزه برحمة الله ومغفرته ورضوانه فيحظى بمكان في الجنة.
ثالث عشر: الخوف من عاقبة العقوق:
ومن الأسباب التي تعينك على بر الوالدين أن تخاف من عاقبة العقوق، والعقوق معناه العصيان والمخالفة وعدم أداء الحقوق.
ولقد جعل النبى صلى الله عليه وسلم العقوق من أكبر الكبائر، فعن أبى بكرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر(ثلاثا). قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: لا يسكت)).
ولعقوق الوالدين عقوبات كثيرة منها: أن الله لا ينظر إلى العاق، ولا يدخله الجنة ويعجل له العقوبة في الدنيا.
عن ابن عمر رضى الله عنه عن رسول الله ص قال:
((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، ومدمن الخمر، والمنان عطاءه، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق والديه، والديوث، والرجلة))
وعن أبى بكرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
((كل الذنوب يؤخر الله منها ما يشاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يجعله لصاحبه في الحياة قبل الممات)).
فهل تستطيع أن تتحمل غضب الله عليك…؟ وهل تتحمل ألا ينظر الله إليك يوم القيامة ويحرمك من دخول الجنة…؟
أم تخاف عاقبة العقوق فتبعد عنها وتسعى إلى طاعة أمر الله عز وجل والاستجابة لوصية رسوله الكريم ص في الإحسان إلى الوالدين فتبر والديك وتحسن إليهما وتكرمهما عند الكبر والضعف والشيخوخة حباً لله ومرضاة له عز وجل ولرسوله ص فتفوز بمكان في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا؟
-الإجابة منك وإليك أيها الابن وأيتها الابنة.
يحرص المؤمن دائماً على الفوز بالجنة، بل هو أشد حرصاً على الفوز برضا الله عز وجل، ولذلك تجده يتسابق للتقرب من الله، وتصبح كل لحظة في حياته هي طاعة لله، مما يجعله يبر والديه حرصاً على أن ينال رضا الله ورحمته.
حادي عشر: الخوف من عدم القبول:
يسعى الإنسان في طريقه ويملأه الرجاء أن يقبل الله عمله وشكره وأن يدخله سبحانه في رحمته.
وخوف الإنسان من عدم القبول ما يفعله من الأسباب التي تقوده إلى الازدياد في فعل الطاعات مما يعينه ويساعده على بر الوالدين الذي هو من أعظم الطاعات تقرباً إلى الله عز وجل.
ثاني عشر: التعرف على فضائل بر الوالدين:
إذا عرف الإنسان فضائل بر الوالدين فسوف يسرع الخُطا من أجل أن يظفر ببر الوالدين؛ لأنه طريقه إلى الفوز بمحبة الله عز وجل وسبيل لأن ينال مكان في الجنة… وهذه هي بعض فضائل بر الوالدين:
1- تفريج الكروب:
جعل الله بر الوالدين سبباً في تفريج الكروب… ولذا أورد الإمام البخاري في صحيحه حديثاً في ذلك.
قال صلى الله عليه وسلم:
((بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها. اللهم أنه كان لى والدان شيخان كبيران، ولى صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالديَ أسقيهما قبل ولدى، وأنه ناء بي الشجر فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما.. والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة حتى يرون منها السماء… ))
2- التوفيق في الدنيا والنجاة في الآخرة:
من فاز بدعوة الوالدين فهو من الفائزين في الدنيا والآخرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما))
ومن فاز برضا الله فهو الفائز، ومن باء بسخط الله فهو الخاسر.
وكما أن رضا الله في رضا الوالدين، كذلك فإن غضبهما يحبط العمل ويضيع الأجر والثواب .. بل ينذر بسوء الخاتمة فسخط الله في سخطهما.
وفيما يلى هذه القصة التي تعبر عن أهمية رضا الوالدين:
- حكى أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم شاب يسمى ((علقمة)) وكان كثير الاجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة فمرض واشتد مرضه .. فأرسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن زوجي علقمة في النزع .. فأردت أن أعلمك يا رسول الله بحاله.
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاً… وقال: امضوا إليه ولقنوه الشهادة، فمضوا إليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع فجعلوا يلقنونه فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه الشهادة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل من أبويه أحد حي؟
قيل: يا رسول لله… أم كبيرة السن.
فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولاً وقال له:
((قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فقري في المنزل حتى يأتيك)).
قال: فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله ص فقالت: نفسي فداء. أنا أحق بإتيانه فتوكأت وقامت على عصا وأتت رسول الله ص فقال:
يا أم علقمة .. اصدقيني، وإن كذبتني جاء الوحي من الله تعالى .. كيف كان حال ولدك علقمة.
قالت: يا رسول الله .. كان كثير الصلاة .. كثير الصيام .. كثير الصدقة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما حالك؟
قالت: يا رسول الله أنا عليه ساخطة!! فقال: لم؟
قالت: يا رسول الله كان يؤثر علىَّ زوجته ويعصيني.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
((إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة))
ثم قال: ((يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً))
قالت: يا رسول الله… وما تصنع؟
فقال: أحرقه بالنار بين يديك.
قالت: يا رسول الله… ولدى… لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي.
فقال: يا أم علقمة.. عذاب الله أشد وأبقى فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه .. فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصيامه ولا بصدقته ما دمت عليه ساخطة.
فقالت: يا رسول الله.. إني أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين أنى قد رضيت عن ولدى علقمة.
فقال رسول الله ص: انطلق يا بلال إليه وانظر هل يستطيع أن يقول ((لا إله إلا الله)) أم لا؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء منى.
فانطلق بلال .. فسمع علقمة متى دخل الدار يقول: ((لا إله إلا الله)) فدخل بلال وقال: يا هؤلاء .. إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة وإن رضاها أطلق لسانه.
ثم مات علقمة من يومه .. فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بغسله وكفنه، ثم صلى عليه وحضر دفنه، ثم قام على شفير قبره وقال:
((يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً إلا أن يتوب إلى الله عز وجل ويحسن إليها ويطلب رضاها.. فرضا الله من رضاها وسخط الله من سخطها)).
هذه قصة بينت كيف أن سخط الأم وغضبها من ابنها كاد أن يحجب عنه النطق بالشهادة حين احتضاره ولم ينقذه إلا رضاها عنه.
فمن حظي بالرضا فقد فاز بكل خير وليس بعد الرضا شيء ولا يساويه أمر وذلك هو الأمر الذي يتنافس فيه المتنافسون.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال:
((رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخطهما)).
3- سعة الرزق وزيادة العمر:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
((من سره أن يعظم الله رزقه، وأن يمد في أجله فليصل رحمه))
وفي رواية للبيهقى:
((فليبر والديه وليصل رحمه)).
وبر الوالدين هو في الحقيقة شكر لله:
{أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير}
(لقمان: 14)
فمن كان باراً بواليه كان شاكراً لهما، ومن كان شاكراً لهما كان شاكراً لله، ومن كان شاكراً لله فهو من أهل الزيادة.
قال الله تعالى:
{وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم..}
(إبراهيم: 7)
ولن يحرم العبد من المزيد حتى ينقطع من شكره لله ولوالديه.
4- تكفير للكبائر:
عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أتاه رجل فقال:
إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه فغرت عليها فقتلتها فهل لي من توبة؟ قال: أمك حية؟ قال: لا، قال: تب إلى الله عز وجل وتقرب إليها ما استطعت فذهبت فسألت ابن عباس: لم سألته عن حياة أمه؟ فقال: لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة.
5- البار له ثواب الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله:
أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغى الأجر من الله تعالى قال: ((فهل من والديك أحد حي؟ قال: نعم بل كلاهما حي. قال: فتبتغى الأجر من الله؟ قال: نعم. قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما))
ولقد جاء رجل إلى رسول الله ص فقال: إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه. قال صلى الله عليه وسلم: هل بقى من والديك أحد؟ قال: أمي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاسأل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد.
وهذا يدل على عظم فضيلة بر الوالدين، حيث قال رسول الله ص أنه يعادل الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله.
6- حسن الخاتمة:
من أسباب حسن الخاتمة بر الوالدين فمن عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه.. فمن عاش على بر الوالدين يموت على تلك الطاعة لله عز وجل… ويحكى عن شاب عش على بر الوالدين فلما حضرته سكرات الموت جاء الناس يلقنونه الشهادة فكان يقول لهم:
قولوا: لا إله إلا الله.
7- الفوز برحمة الله ومغفرته:
بر الوالدين سبب للفوز برحمة الله ومغفرته ورضوانه، فإن كان الله عز وجل قد غفر لامرأة لأنها سقت كلباً فكيف بمن يكون باراً بوالديه يقدم لهما الطعام والشراب ويحسن معاملتهما ويرحمهما... فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
8- قبول الأعمال والتجاوز عن السيئات:
قال تعالى:
{ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين * أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون} (الأحقاف: 15-16)
إن شكر الله على نعمته والإحسان إلى الوالدين كما أوصى الله عز وجل تمنح الإنسان رحمة الله به وتجاوزه سبحانه عن سيئاته وقبول أعماله مما يجعله من أصحاب الجنة.
9- دخول الجنة:
فعن طيسلة بن مياس قال: ((كنت مع النجدات فأصبت ذنوباً لا أراها إلا من الكبائر، فذكرت ذلك لابن عمر، قال: ما هي؟ قلت: كذا وكذا، قال: ليست هذه من الكبائر)) إلى أن قال: قال لي ابن عمر: أتفرق من النار – أي تخاف من النار؟ – وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: إي والله! قال: أحي والداك؟ قلت: عندي أمي قال: فوالله لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة، ما اجتنبت الكبائر))
فبر الوالدين يجعل الإنسان يحظى بمكان في الجنة.
10- بابان من الجنة لمن بر والديه:
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
((من أصبح مطيعاً لله في والديه، أصبح له بابان مفتوحان من الجنة، وإن كان واحداً فواحداً، ومن أمسى عاصياً لله في والديه، أصبح له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحداً فواحداً.
قال رجل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. وإن ظلماه، وإن ظلماه))
هذه هي فضائل وثمرات بر الوالدين، وكما نرى كلها تدل على أن الإحسان إلى الوالدين وبرهما وتكريمهما يؤديان إلى حفظ الإنسان وفوزه برحمة الله ومغفرته ورضوانه فيحظى بمكان في الجنة.
ثالث عشر: الخوف من عاقبة العقوق:
ومن الأسباب التي تعينك على بر الوالدين أن تخاف من عاقبة العقوق، والعقوق معناه العصيان والمخالفة وعدم أداء الحقوق.
ولقد جعل النبى صلى الله عليه وسلم العقوق من أكبر الكبائر، فعن أبى بكرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر(ثلاثا). قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: لا يسكت)).
ولعقوق الوالدين عقوبات كثيرة منها: أن الله لا ينظر إلى العاق، ولا يدخله الجنة ويعجل له العقوبة في الدنيا.
عن ابن عمر رضى الله عنه عن رسول الله ص قال:
((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، ومدمن الخمر، والمنان عطاءه، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق والديه، والديوث، والرجلة))
وعن أبى بكرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
((كل الذنوب يؤخر الله منها ما يشاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يجعله لصاحبه في الحياة قبل الممات)).
فهل تستطيع أن تتحمل غضب الله عليك…؟ وهل تتحمل ألا ينظر الله إليك يوم القيامة ويحرمك من دخول الجنة…؟
أم تخاف عاقبة العقوق فتبعد عنها وتسعى إلى طاعة أمر الله عز وجل والاستجابة لوصية رسوله الكريم ص في الإحسان إلى الوالدين فتبر والديك وتحسن إليهما وتكرمهما عند الكبر والضعف والشيخوخة حباً لله ومرضاة له عز وجل ولرسوله ص فتفوز بمكان في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا؟
-الإجابة منك وإليك أيها الابن وأيتها الابنة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى