- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
كتاب أخبار النساء ( باب ما جاء في غدر النساء )
الجمعة 12 أغسطس 2011, 23:50
أخبار النساء
باب ما جاء في غدر النّساء
رأي عمر في النّساء
قال عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه: أستعيذوا بالله من شرار النّساء وكونوا من خيارهنّ على حذرٍ.
رأي الملك عمرو في النّساء
قال عمرو الملك:
إنّ من غرّه النّساء بودٍّ ... بعد هندٍ لجاهلٌ مغرور
حلوة العين واللسان وفيها ... كلّ شيءٍ يجن فيه الضّمير
رأي طفيل الغنوي في النّساء
وقال طفيل الغنوي:
إنّ النّساء لأشجارٌ تبين لنا ... منهنّ مرٌّ، وبعض المرّ مأكول
إنّ النساء متى ينهين عن خلقٍ ... فإنّه واقعٌ لا بدّ مفعول
إنّ تقويم الضّلوع انكسارها
وفي حديث المرفوع أنّ المرأة خلقت من ضلعٍ عوجاء، فإن ذهبت تقوّمها كسرتها، فاستمع بها على عوجٍ فيها.
وكان أبو ذرّ الغفّاري يقعد على منبر رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم فينشده:
هي الضّلع العوجاء لست تقيمها ... ألا إنّ تقويم الضّلوع انكسارها.
أيجمعن ضعفاً واقتداراً على الفتى ... أليس عجيباً ضعفها واقتدارها؟
في خلافهنّ البركة
وفي الحديث شاوروهنّ وخالفوهنّ، فإنّ في خلافهنّ البركة.
؟؟؟؟؟؟علقمة طبٍّ بأدواء النّساء
قال علقمة بن عبدة:
فإن تسألوني بالنّساء فإنّني ... بصيرٌ بأدواء النّساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله ... فليس له في ودّهنّ نصيب
؟؟تلين لك ولغيرك
وقال آخر:
تمتّع بها، ما ساعفتك، ولا تكن ... جزوعاً إذا بانت، فسوف تبين.
وإن هي أعطتك الليان فإنّها، ... لغيرك من طلّابها ستلين؛
وخنها وإن كانت تفي لك، إنّها ... على قدم الأيّام سوف تخون
وإن حلفت أن ليس تنقض عهدها، ... فليس لمخضوب البنان يمين
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟تحجّ وتكشف عن وجهها للشّباب
وقال أبو عبيدة: حجّت امرأة عجير السّلولي معه، فأقبلت لا تطرق على شابٍّ في الرّفقة إلاّّ وتكشف وجهها، فقال في ذلك:
أيا ربّ لا تغفر لعتمة ذنبها، ... وإن لم يعاقبها العجير، فعاقب
حرامٌ عليك الحجّ لا تطعمينه ... إذا كان حجّ المسلمات الثّوائب
للفارس العجلان منها نصيب
؟وقال أعرابيٌّ:
لا تكثري قولاً منحتك ودّنا، ... فقولك هذا للفؤاد مريب،
تعدين ما أوليتني منك قابلاً، ... وللفارس العجلان منك نصيب؟
؟لم تكن عنده شريفة
رأي عمر في النّساء
قال عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه: أستعيذوا بالله من شرار النّساء وكونوا من خيارهنّ على حذرٍ.
رأي الملك عمرو في النّساء
قال عمرو الملك:
إنّ من غرّه النّساء بودٍّ ... بعد هندٍ لجاهلٌ مغرور
حلوة العين واللسان وفيها ... كلّ شيءٍ يجن فيه الضّمير
رأي طفيل الغنوي في النّساء
وقال طفيل الغنوي:
إنّ النّساء لأشجارٌ تبين لنا ... منهنّ مرٌّ، وبعض المرّ مأكول
إنّ النساء متى ينهين عن خلقٍ ... فإنّه واقعٌ لا بدّ مفعول
إنّ تقويم الضّلوع انكسارها
وفي حديث المرفوع أنّ المرأة خلقت من ضلعٍ عوجاء، فإن ذهبت تقوّمها كسرتها، فاستمع بها على عوجٍ فيها.
وكان أبو ذرّ الغفّاري يقعد على منبر رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم فينشده:
هي الضّلع العوجاء لست تقيمها ... ألا إنّ تقويم الضّلوع انكسارها.
أيجمعن ضعفاً واقتداراً على الفتى ... أليس عجيباً ضعفها واقتدارها؟
في خلافهنّ البركة
وفي الحديث شاوروهنّ وخالفوهنّ، فإنّ في خلافهنّ البركة.
؟؟؟؟؟؟علقمة طبٍّ بأدواء النّساء
قال علقمة بن عبدة:
فإن تسألوني بالنّساء فإنّني ... بصيرٌ بأدواء النّساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله ... فليس له في ودّهنّ نصيب
؟؟تلين لك ولغيرك
وقال آخر:
تمتّع بها، ما ساعفتك، ولا تكن ... جزوعاً إذا بانت، فسوف تبين.
وإن هي أعطتك الليان فإنّها، ... لغيرك من طلّابها ستلين؛
وخنها وإن كانت تفي لك، إنّها ... على قدم الأيّام سوف تخون
وإن حلفت أن ليس تنقض عهدها، ... فليس لمخضوب البنان يمين
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟تحجّ وتكشف عن وجهها للشّباب
وقال أبو عبيدة: حجّت امرأة عجير السّلولي معه، فأقبلت لا تطرق على شابٍّ في الرّفقة إلاّّ وتكشف وجهها، فقال في ذلك:
أيا ربّ لا تغفر لعتمة ذنبها، ... وإن لم يعاقبها العجير، فعاقب
حرامٌ عليك الحجّ لا تطعمينه ... إذا كان حجّ المسلمات الثّوائب
للفارس العجلان منها نصيب
؟وقال أعرابيٌّ:
لا تكثري قولاً منحتك ودّنا، ... فقولك هذا للفؤاد مريب،
تعدين ما أوليتني منك قابلاً، ... وللفارس العجلان منك نصيب؟
؟لم تكن عنده شريفة
أراد رجلٌ أن يشتري قينةً وقد كان أحبّها، فبات عند مولاها ليلةً فأمكنته من نفسها وكان الامتناع منه، فأنشأ يقول:
ما رأينا بواسط كسليمى ... منظراً لو تزينه بعفاف
بت في جنبها وبات ضجيعي ... جنب القلب طاهر الأطراف
فأقيمي مقامنا ثمّ بيني، ... لست عندي من فتية الأشراف
؟لا يشتهي الفاجرة
وقال آخر:
لا أشتهي رنق الحياة ولا التي ... تخاف وتغشاها المعبدة الحرب
ولكنّني أهوى مشارب أحرزت ... عن النّاس حتّى ليس في صفوها عيب
؟؟؟؟الإصبع لا تستر زانية
وقال أعرابيٌّ أيضاً
تبعتك لما كان قلبك واحداً، ... وأمسكت لمّا صرت نهباً مقسما.
ولن يلبث الحوض الوثيق بناؤه ... على كثرة الورّاد أن يتهدّما
؟الباغية دون اكتفاء
وقال أبو نواس:
ومظهرةٍ لخلق الله حبّاً، ... وتلقي يالتّحيّة والسّلام
أتيت فؤادها أشكو إليه، ... فلم أخلص إليه من الزّحام
فيا من ليس يكفيها خليل، ... ولا ألفا خليلٍ كلّ عام،
أراك بقيّةً من قوم موسى، ... فهم لا يصبرون على طعام.
؟إذا غاب بعلٌ جاء بعل
وكان رجلٌ يحبّ امرأةً فخطب في اليوم الذي ماتت فيه، فقيل له في ذلك فقال:
خطبت كما لو كنت قدّمت قبلها ... لكانت بلا شكٍ لأوّل خاطب
إذا غاب بعلٌ كان بعلٌ مكانه ... فلا بدّ من آتٍ وآخر ذاهب
؟تزوّجته وطافت بالبيت عريانةً
وعن المطّلب بن الوداعة السّهميّ قال: كانت ضباعة بنت عامر، من بني عامر بن صعصعة، تحت عبد الله بن جدعان. فمكثت عنده زماناً لا تلد، فأرسل إليها هشام بن المغيرة: ما تصنعين بهذا الشّيخ الكبير الذي لا يولد له: فقولي له فليطلّقك. فقالت ذلك لعبد الله بن جدعان، فقال لها: إنّي أخاف إن طلّقتك تتزوّجي هشام بن المغيرة؟؟! قالت له:فإنّ لك عليّ أن لا أفعل هذا. قال لها: فإن فعلت، فإنّ عليك مائةً من الإبل تنحرينها وتنسجين ثوباً يقطع ما بين الأخشبين وتطوفين بالبيت عريانةً. قالت: لا أطيق ذلك.
وأرسلت إلى هشام فأخبرته، فأرسل إليها ما أهون ذلك، وما يكن بك من ذلك، أنا أيسر من قريش في المال، ونسائي أكثر النّساء بالبطحاء، وأنت أجمل النّساء ولا تعابين في عريك، فلا تأبي ذلك عليه. فقالت لابن جدعان: طلّقني، فإن تزوّجت هشاماً فعليّ ما قلت. فطلّقها بعد استيثاقه منها. فتزوّجها هشام، فنحر عنها مائة جزور، وأمر نساؤه فنسجن ثوباً يملأ ما بين الأخشبين، ثمّ طافت بالبيت عريانةً. قال المطّلب: فأتبعها بصري إذا أدبرت وأستقبلها إذا أقبلت، فما رأيت شيئاً ممّا خلق الله منها وهي واضعة يدها على فرجها وقريش قد أحدقت بها، وهي تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كلّه ... وما بدا منه فلا أحلّه
التّلفيق عند الزّبير بن بكار
قال الزّبير بن بكار: خطب الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب من عمّه الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال له: يا ابن أخي، قد انتظرت هذا منك انطلق معي، فخرج معه حتّى أدخله منزله ثمّ أخرج إليه ابنته فاطمة وسكينة، وقال له: اختر أيّهما شئت! فاختار فاطمة، فزوّجه إيّاها. فلمّا حضرت الحسن الوفاة قال لها: إنّك امرأة مرغوب فيك، متشوّف إليك لا تتركين، وإنّي ما أدع في قلبي حسرةً سواك. فتزوّجي من شئت سوى عبد الله بن عمر بن عثمان. ثمّ قال لها: كأنّي قد خرجت وقدمت جاءك لابساً حلّته، مرجلاً جمته، يسير في جانب النّاس معترضاً لك، ولست أدع من الدّنيا همّاً غيرك. فلم يدعها حتّى استوثق منها بالإيمان.
ما رأينا بواسط كسليمى ... منظراً لو تزينه بعفاف
بت في جنبها وبات ضجيعي ... جنب القلب طاهر الأطراف
فأقيمي مقامنا ثمّ بيني، ... لست عندي من فتية الأشراف
؟لا يشتهي الفاجرة
وقال آخر:
لا أشتهي رنق الحياة ولا التي ... تخاف وتغشاها المعبدة الحرب
ولكنّني أهوى مشارب أحرزت ... عن النّاس حتّى ليس في صفوها عيب
؟؟؟؟الإصبع لا تستر زانية
وقال أعرابيٌّ أيضاً
تبعتك لما كان قلبك واحداً، ... وأمسكت لمّا صرت نهباً مقسما.
ولن يلبث الحوض الوثيق بناؤه ... على كثرة الورّاد أن يتهدّما
؟الباغية دون اكتفاء
وقال أبو نواس:
ومظهرةٍ لخلق الله حبّاً، ... وتلقي يالتّحيّة والسّلام
أتيت فؤادها أشكو إليه، ... فلم أخلص إليه من الزّحام
فيا من ليس يكفيها خليل، ... ولا ألفا خليلٍ كلّ عام،
أراك بقيّةً من قوم موسى، ... فهم لا يصبرون على طعام.
؟إذا غاب بعلٌ جاء بعل
وكان رجلٌ يحبّ امرأةً فخطب في اليوم الذي ماتت فيه، فقيل له في ذلك فقال:
خطبت كما لو كنت قدّمت قبلها ... لكانت بلا شكٍ لأوّل خاطب
إذا غاب بعلٌ كان بعلٌ مكانه ... فلا بدّ من آتٍ وآخر ذاهب
؟تزوّجته وطافت بالبيت عريانةً
وعن المطّلب بن الوداعة السّهميّ قال: كانت ضباعة بنت عامر، من بني عامر بن صعصعة، تحت عبد الله بن جدعان. فمكثت عنده زماناً لا تلد، فأرسل إليها هشام بن المغيرة: ما تصنعين بهذا الشّيخ الكبير الذي لا يولد له: فقولي له فليطلّقك. فقالت ذلك لعبد الله بن جدعان، فقال لها: إنّي أخاف إن طلّقتك تتزوّجي هشام بن المغيرة؟؟! قالت له:فإنّ لك عليّ أن لا أفعل هذا. قال لها: فإن فعلت، فإنّ عليك مائةً من الإبل تنحرينها وتنسجين ثوباً يقطع ما بين الأخشبين وتطوفين بالبيت عريانةً. قالت: لا أطيق ذلك.
وأرسلت إلى هشام فأخبرته، فأرسل إليها ما أهون ذلك، وما يكن بك من ذلك، أنا أيسر من قريش في المال، ونسائي أكثر النّساء بالبطحاء، وأنت أجمل النّساء ولا تعابين في عريك، فلا تأبي ذلك عليه. فقالت لابن جدعان: طلّقني، فإن تزوّجت هشاماً فعليّ ما قلت. فطلّقها بعد استيثاقه منها. فتزوّجها هشام، فنحر عنها مائة جزور، وأمر نساؤه فنسجن ثوباً يملأ ما بين الأخشبين، ثمّ طافت بالبيت عريانةً. قال المطّلب: فأتبعها بصري إذا أدبرت وأستقبلها إذا أقبلت، فما رأيت شيئاً ممّا خلق الله منها وهي واضعة يدها على فرجها وقريش قد أحدقت بها، وهي تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كلّه ... وما بدا منه فلا أحلّه
التّلفيق عند الزّبير بن بكار
قال الزّبير بن بكار: خطب الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب من عمّه الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال له: يا ابن أخي، قد انتظرت هذا منك انطلق معي، فخرج معه حتّى أدخله منزله ثمّ أخرج إليه ابنته فاطمة وسكينة، وقال له: اختر أيّهما شئت! فاختار فاطمة، فزوّجه إيّاها. فلمّا حضرت الحسن الوفاة قال لها: إنّك امرأة مرغوب فيك، متشوّف إليك لا تتركين، وإنّي ما أدع في قلبي حسرةً سواك. فتزوّجي من شئت سوى عبد الله بن عمر بن عثمان. ثمّ قال لها: كأنّي قد خرجت وقدمت جاءك لابساً حلّته، مرجلاً جمته، يسير في جانب النّاس معترضاً لك، ولست أدع من الدّنيا همّاً غيرك. فلم يدعها حتّى استوثق منها بالإيمان.
ومات الحسن، فأخرجت جنازته، فوافاه عبد الله بن عمر وكان يجد بفاطمة وجداً شديداً، وكان رجلاً جميلاً كان يقال له المطرف من حسنه، فنظر إلى فاطمة وهي تلطم وجهها على الحسن، فأرسل إليها مع وليدة له: أنّ لابن عمّك أرباً في وجهك فارفقي به. فاسترخت يدها واحمرّ وجهها حتّى عرف ذلك جميع من حضرها. فلمّا انقضت عدّتها خطبها فقالت: كيف أفعل بإيماني؟ قال لها: لك بكلّ مالٍ مالان؛ وبكلّ مملوكٍ مملوكان. فوفّى لها وتزوجها فولدت له محمّداً. وكان يسمّى من حسنه الدّيباج والقاسم ورقيّة.
وقال الزّبير: لمّا حضرت الوفاة حمزة بن عبد الله بن الزّبير خرجت عليه فاطمة بنت القاسم بن علي بن جعفر بن أبي طالب فقال لها: كأنّي؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بك تزوّجت طلحة بن عمر بن عبد الله بن معمر، فحلفت له بعتق رقيقها، وإنّ كلّ شيءٍ لها في سبيل الله أن تزوّجته أبداً. فلمّا توفّي حمزة بن عبد الله وحلّت، أرسل إليها طلحة بن عمر فخطبها فقالت له: قد حلفت. وذكرت يمينها، فقال لها: أعطيك بكلّ شيءٍ شيئين. وكانت قيمة رقيقها وما حلفت عليه عشرين ألف دينار، فأصدقها ضعفها فتزوّجته، فولدت له إبراهيم ورملة. فزوّج طلحة ابنته رملة من إسماعيل بن علي بن العبّاس بمائة ألف دينار وكانت فائقة الجمال والخلق، فقال إسماعيل لطلحة بن عمر: أنت أتجر النّاس. قال له والله ما عالجت تجارةً قط. قال: بلى حين تزوّجت فاطمة بنت القاسم بأربعين ألفاً فولدت لك إبراهيم ورملة، فزوّجت رملة بمائة ألف دينار فربحت ستّين ألفاً وإبراهيم.
تزوّجته قبل انقضاء عدّتها
وعن هشام بن الكلبي قال: قال عبد الله بن عكرمة: دخلت على عبد الرّحمن بن هشام أعوده فقلت: كيف تجد؟ فقال: أجد بي والله الموت، وما موتي بأشد عليّ من أمّ هشام، أخاف أن تتزوّج بعدي. فحلفت له أنّها لا تتزوّج بعده فغشي وجهه نوراً، وقال: الآن فلينزل الموت متى شاء. فلمّا انقضت عدّتها تزوّجت عمر بن عبد العزيز. فقلت في ذلك؟.
فإن لقيت خيراً فلا يهنيها ... وإن تعست بؤساً فللعين والفم
فلمّا بلغها ذلك كتبت إليّ: قد بلغني ما تمثّلت به، وما مثلي في أخيك إلاّّ كما قال الشّاعر:
وهل كنت إلاّّ والهاً ذات ترحةٍ ... قضت نحبها بعد الحنين المرجّع
فدع ذكر من قد وارت الأرض شخصه ... ففي غير من قد وارت الأرض مقنع
قال: فبلغ منّي كلّ مبلغ. فحسبت حسابها فإذا هي قد عجّلت بالتزوّج وبقي عليها من عدّتها أربعة أيّام. فدخلت على عمر فأخبرته فانقضى النّكاح.
هل يزول الهوى بعد الموت
قال الزّبير بن بكار: كانت إمرأةٌ من العرب تزوّجت رجلاً، فكانت تجد به، ويجد بها وجداً شديداً، فتحالفا وتعاهدا أن لا يتزوّج الباقي منهما. فما لبث أن مات بعلها، فتزوّجت، فلامها أهلها على نقض عهدها، فقالت:
لقد كان حبّي ذاك حبّاً مبرّحاً ... وحبّي لذا مات ذاك شديد.
وكانت حياتي عند ذلك جنّةٌ ... وحبّي لذا طول الحياة يزيد
فلمّا مضى، عادت لهذا مودّتي، ... كذاك الهوى بعد الممات يبيد
لم ترع لبعلها حرمةً
حكى الهيثم بن عدي قال:عاهد رجلٌ امرأته وعاهدته أن لا يتزوّج الباقي منهما،فهلك الرّجل، فلم تلبث المرأة أن تزوّجت. فلمّا كان ليلة البناء بها رأت في أوّل الليل شخصاً فتأمّلته، فإذا هو زوجها، وهو يقول لها: نقضت العهد ولم ترعي له. وأصبحت فأتمّت نكاحها.
تركها وأوصى بها فخانته
وروى ابن شهاب: أنّ رجلاً من الأنصار غزا فأوصى ابن عمٍّ له بأهله، فأتى ابن عمّ الرّجل ليلة من الليالي فتطلّع على حال زوجة ابن عمّه فإذا بالبيت مصباحٌ يزهر ورائحةٌ طيّبةٌ، وإذا برجلٍ متّكىءٍ على فراش ابن عمّه وهو يتغنّى ويقول:
وأشعث غرّة الإسلام منّي ... خلوت بعرسه بدر التّمام
أبيت على ترائبها ويغدو ... على جرداء لاحقة الحزام
كأنّ مجامع الرّبلات منها ... فئام ينتمين إلى فئام
وقال الزّبير: لمّا حضرت الوفاة حمزة بن عبد الله بن الزّبير خرجت عليه فاطمة بنت القاسم بن علي بن جعفر بن أبي طالب فقال لها: كأنّي؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بك تزوّجت طلحة بن عمر بن عبد الله بن معمر، فحلفت له بعتق رقيقها، وإنّ كلّ شيءٍ لها في سبيل الله أن تزوّجته أبداً. فلمّا توفّي حمزة بن عبد الله وحلّت، أرسل إليها طلحة بن عمر فخطبها فقالت له: قد حلفت. وذكرت يمينها، فقال لها: أعطيك بكلّ شيءٍ شيئين. وكانت قيمة رقيقها وما حلفت عليه عشرين ألف دينار، فأصدقها ضعفها فتزوّجته، فولدت له إبراهيم ورملة. فزوّج طلحة ابنته رملة من إسماعيل بن علي بن العبّاس بمائة ألف دينار وكانت فائقة الجمال والخلق، فقال إسماعيل لطلحة بن عمر: أنت أتجر النّاس. قال له والله ما عالجت تجارةً قط. قال: بلى حين تزوّجت فاطمة بنت القاسم بأربعين ألفاً فولدت لك إبراهيم ورملة، فزوّجت رملة بمائة ألف دينار فربحت ستّين ألفاً وإبراهيم.
تزوّجته قبل انقضاء عدّتها
وعن هشام بن الكلبي قال: قال عبد الله بن عكرمة: دخلت على عبد الرّحمن بن هشام أعوده فقلت: كيف تجد؟ فقال: أجد بي والله الموت، وما موتي بأشد عليّ من أمّ هشام، أخاف أن تتزوّج بعدي. فحلفت له أنّها لا تتزوّج بعده فغشي وجهه نوراً، وقال: الآن فلينزل الموت متى شاء. فلمّا انقضت عدّتها تزوّجت عمر بن عبد العزيز. فقلت في ذلك؟.
فإن لقيت خيراً فلا يهنيها ... وإن تعست بؤساً فللعين والفم
فلمّا بلغها ذلك كتبت إليّ: قد بلغني ما تمثّلت به، وما مثلي في أخيك إلاّّ كما قال الشّاعر:
وهل كنت إلاّّ والهاً ذات ترحةٍ ... قضت نحبها بعد الحنين المرجّع
فدع ذكر من قد وارت الأرض شخصه ... ففي غير من قد وارت الأرض مقنع
قال: فبلغ منّي كلّ مبلغ. فحسبت حسابها فإذا هي قد عجّلت بالتزوّج وبقي عليها من عدّتها أربعة أيّام. فدخلت على عمر فأخبرته فانقضى النّكاح.
هل يزول الهوى بعد الموت
قال الزّبير بن بكار: كانت إمرأةٌ من العرب تزوّجت رجلاً، فكانت تجد به، ويجد بها وجداً شديداً، فتحالفا وتعاهدا أن لا يتزوّج الباقي منهما. فما لبث أن مات بعلها، فتزوّجت، فلامها أهلها على نقض عهدها، فقالت:
لقد كان حبّي ذاك حبّاً مبرّحاً ... وحبّي لذا مات ذاك شديد.
وكانت حياتي عند ذلك جنّةٌ ... وحبّي لذا طول الحياة يزيد
فلمّا مضى، عادت لهذا مودّتي، ... كذاك الهوى بعد الممات يبيد
لم ترع لبعلها حرمةً
حكى الهيثم بن عدي قال:عاهد رجلٌ امرأته وعاهدته أن لا يتزوّج الباقي منهما،فهلك الرّجل، فلم تلبث المرأة أن تزوّجت. فلمّا كان ليلة البناء بها رأت في أوّل الليل شخصاً فتأمّلته، فإذا هو زوجها، وهو يقول لها: نقضت العهد ولم ترعي له. وأصبحت فأتمّت نكاحها.
تركها وأوصى بها فخانته
وروى ابن شهاب: أنّ رجلاً من الأنصار غزا فأوصى ابن عمٍّ له بأهله، فأتى ابن عمّ الرّجل ليلة من الليالي فتطلّع على حال زوجة ابن عمّه فإذا بالبيت مصباحٌ يزهر ورائحةٌ طيّبةٌ، وإذا برجلٍ متّكىءٍ على فراش ابن عمّه وهو يتغنّى ويقول:
وأشعث غرّة الإسلام منّي ... خلوت بعرسه بدر التّمام
أبيت على ترائبها ويغدو ... على جرداء لاحقة الحزام
كأنّ مجامع الرّبلات منها ... فئام ينتمين إلى فئام
فلم يقدّر الرّجل أن يملك نفسه حتّى دخل عليه فضربه حتّى قتله. ورفع الخبر إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فصعد المنبر وخطب وقال: عزمت عليكم أن كان الرّجل الذي قتل حاضراً ويسمع كلامي فليقم. فقال: أبعده الله، ما كان من خبره؟ فأخبره وأنشده الأبيات، فقال: أضربت عنقه؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. فقال: أبعده الله، فقد هدر دمه.
لم ترع عهداً ولم يرع قرابةً
قال أبو عمرو الشّيباني: كان أبو ذؤيب الهذلي يهوى امرأةً يقال لها أم عمرو، وكان يبعث إليها خالد ابن أخيه زهير، فراودت الغلام عن نفسها، فامتنع وقال: أكره أن يبلغ أبا ذؤيب. فقالت له: ما يراني وإيّاك إلاّّ الكواكب. فبات وقال:
ما ثمّ إلاّّ أنا والكواكب ... وأمّ عمرو فلنعم الصّاحب
فلمّا رجع إلى أبي ذؤيب استراب به، وقال: والله إنّي لأجد ريح أمّ عمرو منك. ثمّ جعل لا يأتيه إلاّّ استراب به، فقال خالد:
يا قوم ما لي وبي ذؤيب، ... كنت إذا ما جئته من غيب،
يمسّ عطفي، ويشمّ ثوبي، ... كأنّني أربته بريب.
فقال أبو ذؤيب، وهي من قصيدة من جيّد شعره:
دعا خالداً أسرى ليالي نفسه ... يولي على قصد السّبيل أمورها
فلمّا توفّاها الشّباب وغدره، ... وفي النّفس منه غدرها وفجورها
لوى رأسه عنّي، ومال بودّه، ... أغانيج خودٍ كان حيناً يزورها
تعلّقها منه دلال ومقلة ... يظلّ لأصحاب السّفاه يثيرها
فأجابه خالد:
فلا يبعدنّ الله عقلك إن غزا ... وسافر والأحلام جمٌّ غيورها
وكنت إماماً للعشيرة تنتهي ... إليك إذا ضاقت بأمرٍ صدورها
وقاسمها بالله جهداً لأنتم ... ألذّ من الشّكوى إذا ما يسورها
فلم يغن عنه خدعه حين أزمعت ... صريمته والنّفس مرّ ضميرها
قال:وكان أبو ذؤيب أخذها من ملك بن عويمر وكان ملك يرسله إليها، فلمّا كبر أخذت أبا ذؤيب، فلمّا كبر أخذت خالداً. وقال:
تريدين كيما تجمعيني وخالداً ... وهل يصلح السّيفان، ويحك، في غمد؟
أخالدٌ، ما راعيت منّي قرابةً ... فتحفظني بالغيب أو بعض ما تبدي.
عن قريبٍ تبيع كفلها
قال أبو عبيدة: كان صخر بن عبد الله الشّريد يتعشّق ابنة عمّه سلمى بنت كعب، وكان يخطبها فتأبى عليه، فأقام على ذلك حيناً ثمّ أغارت بنو أسدٍ على بني سليمٍ فغلبوهم وصخر غائب. وأخذت سلمى فيمن أخذ من النّساء، وقتل عددٌ منهم، وأسر آخرون. وأقبل صخر فنظر إلى ديارهم بلقعاً وأخبر الخبر، فشدّ عليه سلاحه، واستوى على فرسه، وأخذ أثرهم حتّى لحقهم، فلمّا نظروا إليه قالوا: هذا كان شرّد من بني سليم، وقد أحبّ الله أن لا يدع منهم أحداً. فجعل يبرز إليه الفارس بعد الفارس فيقتله، فلمّا أكثر فيهم القتل، حلّت أسارى بني سليم بعضها بعضاً، وثاروا على بني أسد.
ونظر صخر إلى سلمى وهي مع عبد أسود، قد شدّها على ظهره، فطعنه صخرٌ فقتله واستنقذ سلمى ورجع بها. وقد أصابته طعنة أبي ثور الأسدي في جنبه، وتزوّج سلمى. وكان يحبّها ويكرمها، ويفضّلها على أهله. ثمّ بعد ذلك انتقض جرحه فمرض حولاً، وكان نساء الحيّ يدخلن إلى سلمى عوائد فيقلن: كيف أصبح صخر؟ فتقول: لا حيّ فيرجى ولا ميت فينسى. ومرّ بها رجلٌ وهي قائمةٌ وكانت ذات خلقٍ وأرداف، فقال: أيباع هذا الكفل؟ فقالت: عن قريبٍ فسمعها صخر، ولم تعلم، فقال لها: ناوليني السّيف أنظر هل صدىءٌ أم لا؟ وأراد قتلها، فناولته ولم تعلم، فإذا هو لا يقدر على حمله فقال:
أرى أمّ صخرٍ ما تملّ عيادتي ... وملّت سليمى مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى أن أكون جنازةً ... عليك ومن يغترّ بالحدثان
فأيّ امرىءٍ ساوى بأمٍ حليلةٍ ... فلا عاش إلاّّ في شقا وهوان
أهمّ بأمر الحرم لو أستطيعه، ... وقد حيل بين العير والنّزوان
لعمري لقد أيقظت من كان نائماً ... وأسمعت من كانت له أذنان
فللموت، خيرٌ من حياةٍ كأنّها ... محلة يعسوب برأس سنان.
لم ترع عهداً ولم يرع قرابةً
قال أبو عمرو الشّيباني: كان أبو ذؤيب الهذلي يهوى امرأةً يقال لها أم عمرو، وكان يبعث إليها خالد ابن أخيه زهير، فراودت الغلام عن نفسها، فامتنع وقال: أكره أن يبلغ أبا ذؤيب. فقالت له: ما يراني وإيّاك إلاّّ الكواكب. فبات وقال:
ما ثمّ إلاّّ أنا والكواكب ... وأمّ عمرو فلنعم الصّاحب
فلمّا رجع إلى أبي ذؤيب استراب به، وقال: والله إنّي لأجد ريح أمّ عمرو منك. ثمّ جعل لا يأتيه إلاّّ استراب به، فقال خالد:
يا قوم ما لي وبي ذؤيب، ... كنت إذا ما جئته من غيب،
يمسّ عطفي، ويشمّ ثوبي، ... كأنّني أربته بريب.
فقال أبو ذؤيب، وهي من قصيدة من جيّد شعره:
دعا خالداً أسرى ليالي نفسه ... يولي على قصد السّبيل أمورها
فلمّا توفّاها الشّباب وغدره، ... وفي النّفس منه غدرها وفجورها
لوى رأسه عنّي، ومال بودّه، ... أغانيج خودٍ كان حيناً يزورها
تعلّقها منه دلال ومقلة ... يظلّ لأصحاب السّفاه يثيرها
فأجابه خالد:
فلا يبعدنّ الله عقلك إن غزا ... وسافر والأحلام جمٌّ غيورها
وكنت إماماً للعشيرة تنتهي ... إليك إذا ضاقت بأمرٍ صدورها
وقاسمها بالله جهداً لأنتم ... ألذّ من الشّكوى إذا ما يسورها
فلم يغن عنه خدعه حين أزمعت ... صريمته والنّفس مرّ ضميرها
قال:وكان أبو ذؤيب أخذها من ملك بن عويمر وكان ملك يرسله إليها، فلمّا كبر أخذت أبا ذؤيب، فلمّا كبر أخذت خالداً. وقال:
تريدين كيما تجمعيني وخالداً ... وهل يصلح السّيفان، ويحك، في غمد؟
أخالدٌ، ما راعيت منّي قرابةً ... فتحفظني بالغيب أو بعض ما تبدي.
عن قريبٍ تبيع كفلها
قال أبو عبيدة: كان صخر بن عبد الله الشّريد يتعشّق ابنة عمّه سلمى بنت كعب، وكان يخطبها فتأبى عليه، فأقام على ذلك حيناً ثمّ أغارت بنو أسدٍ على بني سليمٍ فغلبوهم وصخر غائب. وأخذت سلمى فيمن أخذ من النّساء، وقتل عددٌ منهم، وأسر آخرون. وأقبل صخر فنظر إلى ديارهم بلقعاً وأخبر الخبر، فشدّ عليه سلاحه، واستوى على فرسه، وأخذ أثرهم حتّى لحقهم، فلمّا نظروا إليه قالوا: هذا كان شرّد من بني سليم، وقد أحبّ الله أن لا يدع منهم أحداً. فجعل يبرز إليه الفارس بعد الفارس فيقتله، فلمّا أكثر فيهم القتل، حلّت أسارى بني سليم بعضها بعضاً، وثاروا على بني أسد.
ونظر صخر إلى سلمى وهي مع عبد أسود، قد شدّها على ظهره، فطعنه صخرٌ فقتله واستنقذ سلمى ورجع بها. وقد أصابته طعنة أبي ثور الأسدي في جنبه، وتزوّج سلمى. وكان يحبّها ويكرمها، ويفضّلها على أهله. ثمّ بعد ذلك انتقض جرحه فمرض حولاً، وكان نساء الحيّ يدخلن إلى سلمى عوائد فيقلن: كيف أصبح صخر؟ فتقول: لا حيّ فيرجى ولا ميت فينسى. ومرّ بها رجلٌ وهي قائمةٌ وكانت ذات خلقٍ وأرداف، فقال: أيباع هذا الكفل؟ فقالت: عن قريبٍ فسمعها صخر، ولم تعلم، فقال لها: ناوليني السّيف أنظر هل صدىءٌ أم لا؟ وأراد قتلها، فناولته ولم تعلم، فإذا هو لا يقدر على حمله فقال:
أرى أمّ صخرٍ ما تملّ عيادتي ... وملّت سليمى مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى أن أكون جنازةً ... عليك ومن يغترّ بالحدثان
فأيّ امرىءٍ ساوى بأمٍ حليلةٍ ... فلا عاش إلاّّ في شقا وهوان
أهمّ بأمر الحرم لو أستطيعه، ... وقد حيل بين العير والنّزوان
لعمري لقد أيقظت من كان نائماً ... وأسمعت من كانت له أذنان
فللموت، خيرٌ من حياةٍ كأنّها ... محلة يعسوب برأس سنان.
قال: ونتأت في موضع الجرح قطعةً فأشاروا عليه بقطعها، فقال لهم: شأنكم. فلمّا قطعت مات.
غدرت حتّى بأبيها
قال كان السّاطرون والملك، ملك اليونانيين، قد بنى حصناً يسمّى الثّرثار ولم يكن له بابٌ ظاهرٌ فكلّ من غزاه من الملوك رجع عنه خائباً حتّى غزاه سابور ذو الأكتاف، ملك فارس، فحصره أشهراً لا يقدر على شيءٍ. فأشرفت يوماً من الحصن النّضيرة ابنة الملك، فنظرت إلى سابور فهويته، وكان من أجمل النّاس وأمدّهم قامةً، فأرسلت إليه: إن أنت ضمنت لي أن تتزوّجني وتفضّلني على نسائك دللتك على فتح هذا الحصن. فضمن لها ذلك فأرسلت إليه: أن أنثر في الثّرثار تبناً واجعل الرّجال يتبعونه حتّى يروا حيث يدخل. فإنّ ذلك المكان يفضي إلى الحصن، وفيه بابه. ففعل ذلك سابور، وعمدت النّضيرة إلى أبيها فسقته الخمر حتّى أسكرته، فلم يشعر أهل الحصن إلاّّ وسابور معهم وهم آمنون.
قال: فلمّا فر سابور بالحصن، وقتل الملك أبا نضيرة، وجمع جنده، تزوّج بالنّضيرة فباتت معه مسهرةً لا تنام تتقلّب من جنبٍ إلى جنب. فقال لها سابور: ما لك لا تنامين؟ فقالت: إنّ جنبي تجافى عن فراشك. قال: ولم، فوالله ما نامت الملوك على ألين منه ولا أوطأ، وإنّ فرشه لزغب اليمام. فلمّا أصبح سابور نظر إلى ورقة آس بين أعكانها، فتناولها، فدمى موضعها. فقال لها: ويحك بماذا كان أبوك يغذّيك؟ قالت: بالمخّ والزّبد والبلح والشّهد وصفو الخمر. فقال لها سابور: إنّي لجديرٌ أن لا أستبقيك بعد إهلاك أباك وقومك، وكانت حالك عندهم هذه الحالة التذ تصفين، وأمر بإحضار فرسين فربطت إلى أرجلهما بغدائرها ونفّرا فقطعاها نصفين، فذلك قول عدي حيث يقول:
والحصن صبّت عليه داهيةٌ ... من قعره أيد مناكبها
من يعد ما كان وهو يعمره ... أرباب ملك جزل مواهبها
وصلت الخيانة حتّى إلى أمّ البنين؟
ويروى أنّ وضّاح اليمن نشأ هو وأمّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان بالمدينة صغيرين فأحبّها وأحبّته، وكان لا يصبر عنها حتّى إذا شبّت حجبت عنه، فطال بهما البلاء. فحجّ الوليد بن عبد الملك فبلغه جمال أمّ البنين وأدبها فتزوّجها ونقلها معه إلى الشّام فذهب عقل وضّاح عليها وجعل يذوب وينحل فلمّا طال عليه البلاء وصار إلى الوسواس خرج إلى مكّة حاجاً وقال لعلّي أستعيذ بالله ممّا أنا فيه وأدعو الله فلعلّه يرحمني.
فلمّا قضى حجّه شخص إلى الشّام فجعل يطوف بقصر الوليد بن عبد الملك في كلّ يومٍ لا يجد حيلةً حتّى أرى في يومٍ من الأيّام جاريةً صفراء خارجةً من القصر تمشي فمشى معها ولم يزل بها حتّى أنست به فقال لها: أتعرفين أمّ البنين بموضعي؟ فقالت: عن مولاتي تسأل؟ قال لها: هي ابنة عمّي، وإنّها لتسرّ بموضعي لو أخبرتها، قالت: فأنا أخبرها.
فمضت الجّارية فأخبرت أمّ البنين فقالت لها: ويلك أحيٌّ هو؟ قالت لها: نعم يا مولاتي. قالت لها: إرجعي إليه، وقولي له كن مكانك حتّى يأتيك رسولي، فإنّي لا أدع الاحتيال لك: واحتالت له فأدخلته في صندوق، فمكث عندها حيناً فإذا أمنت أخرجته فقعد معها، وإذا خافت عين رقيب أدخلته في الصّندوق.
وأهدي يوماً لوليد جوهر فقال لبعض خدمه خذ هذا العقد وأمض به إلى أمّ البنين وقل لها: أهدي هذا إلى أمير المؤمنين فوجّه به إليك. فدخل الخادم مفاجأةً ووضّاح معها قاعد فلمحه الخادم،ولم تشعر أمّ البنين، فبادر إلى الصّندوق فدخله.
وأدّى الخادم الرّسالة وقال: هبي لي من هذا الجوهر حجراً واحداً. فقالت له: لا أمّ لك، فما تصنع بهذا. فخرج وهو عليها حنق، فجاء الوليد فأخبره الخبر ووصف له الصّندوق الذي رآه دخله، فقال له: كذبت، لا أمّ لك: ثمّ نهض الوليد مسرعاً فدخل إليها وهي في ذلك البيت وفيه صناديق كثيرة فجاء حتّى جلس على ذلك الصّندوق الذي وصف له الخادم فقال لها: يا أمّ البنين هبي لي صندوقاً من صناديقك هذه؟ قالت: أنا لك يا أمير المؤمنين، وهي لك، فخذ أيّها شئت. قال: ما أريد إلاّّ هذا الذي تحتي. قالت له يا أمير المؤمنين إنّ فيه شيئاً من أمور النّساء. فقال: ما أريد غيره. قالت فهو لك.
غدرت حتّى بأبيها
قال كان السّاطرون والملك، ملك اليونانيين، قد بنى حصناً يسمّى الثّرثار ولم يكن له بابٌ ظاهرٌ فكلّ من غزاه من الملوك رجع عنه خائباً حتّى غزاه سابور ذو الأكتاف، ملك فارس، فحصره أشهراً لا يقدر على شيءٍ. فأشرفت يوماً من الحصن النّضيرة ابنة الملك، فنظرت إلى سابور فهويته، وكان من أجمل النّاس وأمدّهم قامةً، فأرسلت إليه: إن أنت ضمنت لي أن تتزوّجني وتفضّلني على نسائك دللتك على فتح هذا الحصن. فضمن لها ذلك فأرسلت إليه: أن أنثر في الثّرثار تبناً واجعل الرّجال يتبعونه حتّى يروا حيث يدخل. فإنّ ذلك المكان يفضي إلى الحصن، وفيه بابه. ففعل ذلك سابور، وعمدت النّضيرة إلى أبيها فسقته الخمر حتّى أسكرته، فلم يشعر أهل الحصن إلاّّ وسابور معهم وهم آمنون.
قال: فلمّا فر سابور بالحصن، وقتل الملك أبا نضيرة، وجمع جنده، تزوّج بالنّضيرة فباتت معه مسهرةً لا تنام تتقلّب من جنبٍ إلى جنب. فقال لها سابور: ما لك لا تنامين؟ فقالت: إنّ جنبي تجافى عن فراشك. قال: ولم، فوالله ما نامت الملوك على ألين منه ولا أوطأ، وإنّ فرشه لزغب اليمام. فلمّا أصبح سابور نظر إلى ورقة آس بين أعكانها، فتناولها، فدمى موضعها. فقال لها: ويحك بماذا كان أبوك يغذّيك؟ قالت: بالمخّ والزّبد والبلح والشّهد وصفو الخمر. فقال لها سابور: إنّي لجديرٌ أن لا أستبقيك بعد إهلاك أباك وقومك، وكانت حالك عندهم هذه الحالة التذ تصفين، وأمر بإحضار فرسين فربطت إلى أرجلهما بغدائرها ونفّرا فقطعاها نصفين، فذلك قول عدي حيث يقول:
والحصن صبّت عليه داهيةٌ ... من قعره أيد مناكبها
من يعد ما كان وهو يعمره ... أرباب ملك جزل مواهبها
وصلت الخيانة حتّى إلى أمّ البنين؟
ويروى أنّ وضّاح اليمن نشأ هو وأمّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان بالمدينة صغيرين فأحبّها وأحبّته، وكان لا يصبر عنها حتّى إذا شبّت حجبت عنه، فطال بهما البلاء. فحجّ الوليد بن عبد الملك فبلغه جمال أمّ البنين وأدبها فتزوّجها ونقلها معه إلى الشّام فذهب عقل وضّاح عليها وجعل يذوب وينحل فلمّا طال عليه البلاء وصار إلى الوسواس خرج إلى مكّة حاجاً وقال لعلّي أستعيذ بالله ممّا أنا فيه وأدعو الله فلعلّه يرحمني.
فلمّا قضى حجّه شخص إلى الشّام فجعل يطوف بقصر الوليد بن عبد الملك في كلّ يومٍ لا يجد حيلةً حتّى أرى في يومٍ من الأيّام جاريةً صفراء خارجةً من القصر تمشي فمشى معها ولم يزل بها حتّى أنست به فقال لها: أتعرفين أمّ البنين بموضعي؟ فقالت: عن مولاتي تسأل؟ قال لها: هي ابنة عمّي، وإنّها لتسرّ بموضعي لو أخبرتها، قالت: فأنا أخبرها.
فمضت الجّارية فأخبرت أمّ البنين فقالت لها: ويلك أحيٌّ هو؟ قالت لها: نعم يا مولاتي. قالت لها: إرجعي إليه، وقولي له كن مكانك حتّى يأتيك رسولي، فإنّي لا أدع الاحتيال لك: واحتالت له فأدخلته في صندوق، فمكث عندها حيناً فإذا أمنت أخرجته فقعد معها، وإذا خافت عين رقيب أدخلته في الصّندوق.
وأهدي يوماً لوليد جوهر فقال لبعض خدمه خذ هذا العقد وأمض به إلى أمّ البنين وقل لها: أهدي هذا إلى أمير المؤمنين فوجّه به إليك. فدخل الخادم مفاجأةً ووضّاح معها قاعد فلمحه الخادم،ولم تشعر أمّ البنين، فبادر إلى الصّندوق فدخله.
وأدّى الخادم الرّسالة وقال: هبي لي من هذا الجوهر حجراً واحداً. فقالت له: لا أمّ لك، فما تصنع بهذا. فخرج وهو عليها حنق، فجاء الوليد فأخبره الخبر ووصف له الصّندوق الذي رآه دخله، فقال له: كذبت، لا أمّ لك: ثمّ نهض الوليد مسرعاً فدخل إليها وهي في ذلك البيت وفيه صناديق كثيرة فجاء حتّى جلس على ذلك الصّندوق الذي وصف له الخادم فقال لها: يا أمّ البنين هبي لي صندوقاً من صناديقك هذه؟ قالت: أنا لك يا أمير المؤمنين، وهي لك، فخذ أيّها شئت. قال: ما أريد إلاّّ هذا الذي تحتي. قالت له يا أمير المؤمنين إنّ فيه شيئاً من أمور النّساء. فقال: ما أريد غيره. قالت فهو لك.
قال فأمر به فحمل، ودعا بغلامين وأمرهما أن يحفرا حتّى وصلا إلى الماء ثمّ وضع فمه في الصّندوق وقال يا صاحب الصّندوق قد بلغنا عنك شيء فإن كان حقّاً فقد دفنّا خبرك، وإن كان كذباً فما أهون علينا، إنّما دفنّا صندوقاً. وأمر بالصّندوق فألقي في الحفيرة، وأمر بالخدّام الذي عرفه فقذف معه، وردّ التّراب عليهما. قال فكانت أمّ البنين لا ترى إلاّّ في ذلك المكان تبكي إلى أن وجدت ذات يومٍ مكبوبةً على وجهها ميّتة.
استطعن التّخلص في آخر لحظة
وروي عن أبي نواس قال حجبت مع الفضل بن الرّبيع فلمّا كنّا بأرض فزارة أيّام الرّبيع، نزلنا منزلاً بفنائهم ذا أرضٍ أريضٍ، ونبتٍ غريضٍ، وقد اكتست الأرض نبتها الزّاهر، وبرزت براخم غررها والتّحف أنوار زخرفها الباهر ما يقصر عن حسنه النّمارق المصفوفة، ولا يداني بهجته الزّرابي المبثوثة. فزادت الأبصار في نضرتها، وابتهجت النّفوس بثمارها. فلم نلبث أن أقبلت السّماء بالسّحاب، وأرخت عزاليها ثمّ اندهمت برذاذٍ ثمّ بطشٍ ثمّ بوابلٍ حتّى إذا تركت الدّيم، كالوهاد انقشعت وأقلعت وقد غادرت الغدران مترعةً برفقٍ، والقيعان ناضرةً تتألّق، يتضاحك بأنوار الزّهرالغضّ حتّى إذا هممت بتشبيه منظرٍ حسنٍ رددته إليه، وإذا تقت إلى موضعٍ طيّبٍ لم يجد في البكاء معولاً إلاّّ عليه. فسرحت طرفي راتعاً في أحسن منظرٍ، واستنشقت من رياها أطيب من ريح المسك الأذفر. فقلت لزميلي: ويحك أمض بنا إلى هذه الخيمات، فلعلّنا نلقى من نأثر عنه خبراً، نرجع به إلى بغداد.
فلمّا انتهينا إلى أوائلها إذا نحن بخباء على باب جارية مبرقعة بطرف مريض وسنان النّظر قد حشي فتوراً، ومليء سحراً، فقلت لصاحبي: والله إنّها لترنو عن مقلة لا رقية لسليمها ولا برء لسقيمها. فقال لي: وكيف السّبيل إلى ذلك؟ فقلت: استسقها ماءً. فدنونا منها فاستسقيناه فقالت نعم، ونعما عين وإن نزلتما ففي الرّحب والسّعة. ثمّ قامت تتهادى كالدّعص الملبد. فراعني والله ما رأيت منها، فأتت بالماء فشربت منه، وصببت باقية على يدي، ثمّ قلت: وصاحبي عطشانٌ أيضاً. فأخذت الإناء ودخلت الخباء ثمّ جاءت، فقلت لصاحبي: تعرض لكشف وجهها. فقال:
إذا بارك الله في ملبسٍ ... فلا بارك الله في البرقع
تريك عيون المها غرّةً ... وتكشف عن منظرٍ أشنع
فمرّت مسرعةً وأتت وقد كشف البرقع وتقنّعت بخمارٍ أسود وأنشأت وهي تقول:
ألا حيّ ضيفي معشر قد أراهما ... أضلّا ولمّا يعرفا مبتغاهما
هما استقيا ماءً على غير ظمأةٍ ... ليستمتعا باللحظ ممّن سقاهما
يذمّان تلباس البراقع ضلّة ... كما ذمّ تجرا سلعةً مشتراهما
قال: فشبّهت، والله كلامها بعقد درٍّ وهي من سلكه. فهو ينتثر بنغمةٍ عذبةٍ رخيمةٍ لو خوطبت به الصّمّ الصّلاب لانبجست ماءٌ لرطوبة منطقها، وعذوبة لفظها، بوجهٍ يظلم لنوره ضياء العقول، ويتلف من رؤيته مهج النّفوس. فهي كما قال:
فرقّت وجلّت واستكرت فأكملت ... فلو جنّ إنسانٌ من الحسن جنّت
فلم أتمالك أن خررت ساجداً، فقالت: ارفع رأسك غير مأجورٍ، ولا تذمّنّ بعدها برقعاً. فكشف البرقع عمّا يطرد الكرى، ويشغل الهوى، من غير بلوغ أربٍ، ولا إدراك طلبٍ. وليس إلاّّ الحين المملوب، والقدر المكتوب، والأمل المكذوب. فبقيت والله معقول اللسان عن الجواب، حيران لا أهتدي إلى طريق الصّواب. والتفت إليّ صاحبي لمّا رأى لهفي فقال: ما هذه الخفّة لوجهٍ، إنّما برقت لك بارقةً لعلّك ما تدري ما تحتها. أما سمعت قول الشّاعر؟ حيث يقول:
على وجه مّيٍ مسحةٌ من ملاحةٍ ... وتحت الثّياب العار لو كان باديا
فقالت: بئس ما ذهبت إليه، لا أبالك، لأنّا أشبه بقول الشّاعر حيث يقول:
منعمة حوراء يجري وشاحها ... على كشح مرتج الرّوادف أهضم
خزاعيّة الأطراف كنديّة الحشا ... فزاريّة العينين طائيّة الفم
استطعن التّخلص في آخر لحظة
وروي عن أبي نواس قال حجبت مع الفضل بن الرّبيع فلمّا كنّا بأرض فزارة أيّام الرّبيع، نزلنا منزلاً بفنائهم ذا أرضٍ أريضٍ، ونبتٍ غريضٍ، وقد اكتست الأرض نبتها الزّاهر، وبرزت براخم غررها والتّحف أنوار زخرفها الباهر ما يقصر عن حسنه النّمارق المصفوفة، ولا يداني بهجته الزّرابي المبثوثة. فزادت الأبصار في نضرتها، وابتهجت النّفوس بثمارها. فلم نلبث أن أقبلت السّماء بالسّحاب، وأرخت عزاليها ثمّ اندهمت برذاذٍ ثمّ بطشٍ ثمّ بوابلٍ حتّى إذا تركت الدّيم، كالوهاد انقشعت وأقلعت وقد غادرت الغدران مترعةً برفقٍ، والقيعان ناضرةً تتألّق، يتضاحك بأنوار الزّهرالغضّ حتّى إذا هممت بتشبيه منظرٍ حسنٍ رددته إليه، وإذا تقت إلى موضعٍ طيّبٍ لم يجد في البكاء معولاً إلاّّ عليه. فسرحت طرفي راتعاً في أحسن منظرٍ، واستنشقت من رياها أطيب من ريح المسك الأذفر. فقلت لزميلي: ويحك أمض بنا إلى هذه الخيمات، فلعلّنا نلقى من نأثر عنه خبراً، نرجع به إلى بغداد.
فلمّا انتهينا إلى أوائلها إذا نحن بخباء على باب جارية مبرقعة بطرف مريض وسنان النّظر قد حشي فتوراً، ومليء سحراً، فقلت لصاحبي: والله إنّها لترنو عن مقلة لا رقية لسليمها ولا برء لسقيمها. فقال لي: وكيف السّبيل إلى ذلك؟ فقلت: استسقها ماءً. فدنونا منها فاستسقيناه فقالت نعم، ونعما عين وإن نزلتما ففي الرّحب والسّعة. ثمّ قامت تتهادى كالدّعص الملبد. فراعني والله ما رأيت منها، فأتت بالماء فشربت منه، وصببت باقية على يدي، ثمّ قلت: وصاحبي عطشانٌ أيضاً. فأخذت الإناء ودخلت الخباء ثمّ جاءت، فقلت لصاحبي: تعرض لكشف وجهها. فقال:
إذا بارك الله في ملبسٍ ... فلا بارك الله في البرقع
تريك عيون المها غرّةً ... وتكشف عن منظرٍ أشنع
فمرّت مسرعةً وأتت وقد كشف البرقع وتقنّعت بخمارٍ أسود وأنشأت وهي تقول:
ألا حيّ ضيفي معشر قد أراهما ... أضلّا ولمّا يعرفا مبتغاهما
هما استقيا ماءً على غير ظمأةٍ ... ليستمتعا باللحظ ممّن سقاهما
يذمّان تلباس البراقع ضلّة ... كما ذمّ تجرا سلعةً مشتراهما
قال: فشبّهت، والله كلامها بعقد درٍّ وهي من سلكه. فهو ينتثر بنغمةٍ عذبةٍ رخيمةٍ لو خوطبت به الصّمّ الصّلاب لانبجست ماءٌ لرطوبة منطقها، وعذوبة لفظها، بوجهٍ يظلم لنوره ضياء العقول، ويتلف من رؤيته مهج النّفوس. فهي كما قال:
فرقّت وجلّت واستكرت فأكملت ... فلو جنّ إنسانٌ من الحسن جنّت
فلم أتمالك أن خررت ساجداً، فقالت: ارفع رأسك غير مأجورٍ، ولا تذمّنّ بعدها برقعاً. فكشف البرقع عمّا يطرد الكرى، ويشغل الهوى، من غير بلوغ أربٍ، ولا إدراك طلبٍ. وليس إلاّّ الحين المملوب، والقدر المكتوب، والأمل المكذوب. فبقيت والله معقول اللسان عن الجواب، حيران لا أهتدي إلى طريق الصّواب. والتفت إليّ صاحبي لمّا رأى لهفي فقال: ما هذه الخفّة لوجهٍ، إنّما برقت لك بارقةً لعلّك ما تدري ما تحتها. أما سمعت قول الشّاعر؟ حيث يقول:
على وجه مّيٍ مسحةٌ من ملاحةٍ ... وتحت الثّياب العار لو كان باديا
فقالت: بئس ما ذهبت إليه، لا أبالك، لأنّا أشبه بقول الشّاعر حيث يقول:
منعمة حوراء يجري وشاحها ... على كشح مرتج الرّوادف أهضم
خزاعيّة الأطراف كنديّة الحشا ... فزاريّة العينين طائيّة الفم
ثمّ رفعت ثيابها حتّى جاوزت نحرها، فإذا هي كقضيب فضّةٍ قد شيّب بماء الذّهب، يهتزّ على مثل كثيب؛ ولها صدرٌ كالورد عليه رمّانتان أو حقان من عاجٍ يملآن يد اللامس؛ وخصرٍ مطويّ الاندماج، يهتزّ في كفلٍ رجراج، لو رمت عقده لانعقد؛ وسرّةٍ مستديرةٍ يقصر وهمي عن بلوغ وصفها؛ تحت ذلك أرنبٌ جاثمٌ أو جبهة أسدٍ غادرٍ، وفخذان لفّاوان، وساقان خدلجان يحسان الخلاخيل، وقدمان خمصاوان. فقالت: أعارٌ ترى؟ قلت: لا والله، قال: فخرجت عجوزٌ من الخباء وقالت: أيّها الرّجل امض لشأنك، فإنّ قتيلها مطلول لا يودى، وأسيرها مكبول لا يفدى. فقالت لها الجّارية: دعيه فمثله قول ذي الرّمّة:
وإن لم يكن إلاّّ تمتّع ساعةً ... قليلاً فإنّي نافعٌ لي قليلها
فولّت العجوز وهي تقول:
فما لك منها، غير أنّك ناكحٌ ... بعينيك عينيها، فهل ذاك نافع؟
قال: فبينما نحن كذلك إذ ضرب الطّبل للرّحيل فانصرفت بكمدٍ قاتلٍ، وكربٍ داخلٍ،ونفسٍ هائمةٍ، وحسرةٍ دائمةٍ، فقلت في ذلك:
رسم الكرى بين الجفون مخيل ... عفا عليه بكا عليك طويل
يا ناظراً ما أقلعت لحظاته ... حتّى تشخص بيتهنّ قتيل
أحللت من قلبي هواه محلّةً ... ما حلّها المشروب والمأكول
بكمال صورتك التي في مثلها ... يتحيّر التّشبيه والتّمثيل
فوق القصيرة والطّويلة فوقها ... دون السّمين ودونها المهزول
قال: فوالله ما انتفعت بحجٍّ ولا لقيت أحداً ممّا كنت تأهّبت للقائه. ثمّ رجعنا منصرفين، فلمّا كنّا بذلك المنزل وقد تضاعف نوّاره، واعتمّ نبته، وتزايد حسنه، قلت لصاحبي: امض بنا إلى صاحبتنا. فلمّا مضينا وأشرفنا على الخيام ونحن دونها، سترني روضةً أريضةً مونقةً، عليها جمان الطّلّ، يغازلها كالأعين النّجل، وقد أشرقت بدموعها على قضب الزّبرجد، وهبت ريح الصّبا فصبت له الأغصان،وتمايلت تمايل النّشوان. فصعدنا ربوةً، ونزلنا وهدةً، فإذا هي بين خمسٍ لا تصلح أن تكون خادمةً لإحداهنّ، وهنّ يجنين من نوّار ذلك الزّهر، وينقلبن على ما أعتم من عشبةٍ وزهرة. فلمّا رأيننا تقربن، فسلّمنا عليهنّ. وقالت الجّارية من بينهن: وعليك السّلام، ألست صاحبي آنفاً؟ قلت: بلى، ولكنّ لحبّي كان ذلك. فقلن لها: أو تعرفينه؟ قالت: نعم. فقصّت عليهنّ القصّة كلّها ما كتمت منها حرفاً واحداً.
قلن لها: ويحك، أفما زوّدته شيئاً؟ قالت زوّدته والله موتاً مريحاً، ولحداً ضريحاً. فانبرت لها أنضرهنّ وجهاً، وأرقّهنّ خدّاً، وأرشقهنّ قدّاً، وأبدعهنّ شكلاً، وأكملهنّ عقلاً، فقالت: والله ما أجملت بدءاً، ولا أحسنت عوداً، ولقد أسأت في الرّدّ،ولم تكافئيه بالودّ، وإنّي أحسبه إليك وامقاً، وإلى لقائك تائقاً، فما عليك من إسعافه في هذا المكان ومعك من لا ينمّ عليك. فقالت لها: يا تعساً إلى ما دعوتني، والله لا أفعل من ذلك شيئاً أو تفعلينه وتشركيني في حلوه ومرّه، وخيره وشرّه. فقالت لها: تعساً تلك إذا قسمة ضيزي تعشقين أنت فترهبين، وتوصلين فتقطعين، ويرغب فيك فتزهدين، ويبذل لك الودّ فتمنعين الرّفد، ثمّ تأمريني أن أشاركك فيما يكون منك شهوةً ولذّةً، ومنّي عناءً وسخرةً؟ ما أنصفت في القول، ولا أجملت في الفعل.
قالت أخرى منهنّ: قد أطلتنّ الخطاب في غير قضاء أربٍ؟ فاسألن الرّجل عن قصّته وما في نفسه من بقيّته؟ فلعلّه لغير ما أنتنّ فيه. فقلن: حيّاك الله وأقرّ بك عيناً، من أنت، ومن تكون؟ فقلت: أمّا الاسم فالحسن بن هانىء الحكمي وأنا من شعراء السّلطان الأعظم ومن يتزيّن بمجلسه، ويفتخر بحمده وشكره، ويتّقي لسانه. قصدت لتبريد غلّةٍ، وإطفاء لوعةٍ قد أحرقت الكبد، وأذابت الجسد، ثمّ استبطنت الأحشاء فمنعت من القرار، ووصلت الليل بالنّهار. فقالت: لقد أضفت إلى حسن المنطق والمنظر، كريم الخيم والمخبر، وأرجو أن تبلغ أمنيتك، وتنال بغيتك. فهل قلت شيئاً في صبوتك؟ قلت: نعم. قلن: أنشد فأنشدتهنّ:
حجبت رجاء الفوز بالأجر قاصداً، ... لحطّ ذنوب من ركوب الكبائر،
فأبت، كما آب الشّقيّ بخفّه ... حنين، فلم أوجر بتلك المشاعر
دهتني بعينيها، وبهجة وجهها، ... فتاةٌ، كمثل الشّمس أسحر ساحر؛
وإن لم يكن إلاّّ تمتّع ساعةً ... قليلاً فإنّي نافعٌ لي قليلها
فولّت العجوز وهي تقول:
فما لك منها، غير أنّك ناكحٌ ... بعينيك عينيها، فهل ذاك نافع؟
قال: فبينما نحن كذلك إذ ضرب الطّبل للرّحيل فانصرفت بكمدٍ قاتلٍ، وكربٍ داخلٍ،ونفسٍ هائمةٍ، وحسرةٍ دائمةٍ، فقلت في ذلك:
رسم الكرى بين الجفون مخيل ... عفا عليه بكا عليك طويل
يا ناظراً ما أقلعت لحظاته ... حتّى تشخص بيتهنّ قتيل
أحللت من قلبي هواه محلّةً ... ما حلّها المشروب والمأكول
بكمال صورتك التي في مثلها ... يتحيّر التّشبيه والتّمثيل
فوق القصيرة والطّويلة فوقها ... دون السّمين ودونها المهزول
قال: فوالله ما انتفعت بحجٍّ ولا لقيت أحداً ممّا كنت تأهّبت للقائه. ثمّ رجعنا منصرفين، فلمّا كنّا بذلك المنزل وقد تضاعف نوّاره، واعتمّ نبته، وتزايد حسنه، قلت لصاحبي: امض بنا إلى صاحبتنا. فلمّا مضينا وأشرفنا على الخيام ونحن دونها، سترني روضةً أريضةً مونقةً، عليها جمان الطّلّ، يغازلها كالأعين النّجل، وقد أشرقت بدموعها على قضب الزّبرجد، وهبت ريح الصّبا فصبت له الأغصان،وتمايلت تمايل النّشوان. فصعدنا ربوةً، ونزلنا وهدةً، فإذا هي بين خمسٍ لا تصلح أن تكون خادمةً لإحداهنّ، وهنّ يجنين من نوّار ذلك الزّهر، وينقلبن على ما أعتم من عشبةٍ وزهرة. فلمّا رأيننا تقربن، فسلّمنا عليهنّ. وقالت الجّارية من بينهن: وعليك السّلام، ألست صاحبي آنفاً؟ قلت: بلى، ولكنّ لحبّي كان ذلك. فقلن لها: أو تعرفينه؟ قالت: نعم. فقصّت عليهنّ القصّة كلّها ما كتمت منها حرفاً واحداً.
قلن لها: ويحك، أفما زوّدته شيئاً؟ قالت زوّدته والله موتاً مريحاً، ولحداً ضريحاً. فانبرت لها أنضرهنّ وجهاً، وأرقّهنّ خدّاً، وأرشقهنّ قدّاً، وأبدعهنّ شكلاً، وأكملهنّ عقلاً، فقالت: والله ما أجملت بدءاً، ولا أحسنت عوداً، ولقد أسأت في الرّدّ،ولم تكافئيه بالودّ، وإنّي أحسبه إليك وامقاً، وإلى لقائك تائقاً، فما عليك من إسعافه في هذا المكان ومعك من لا ينمّ عليك. فقالت لها: يا تعساً إلى ما دعوتني، والله لا أفعل من ذلك شيئاً أو تفعلينه وتشركيني في حلوه ومرّه، وخيره وشرّه. فقالت لها: تعساً تلك إذا قسمة ضيزي تعشقين أنت فترهبين، وتوصلين فتقطعين، ويرغب فيك فتزهدين، ويبذل لك الودّ فتمنعين الرّفد، ثمّ تأمريني أن أشاركك فيما يكون منك شهوةً ولذّةً، ومنّي عناءً وسخرةً؟ ما أنصفت في القول، ولا أجملت في الفعل.
قالت أخرى منهنّ: قد أطلتنّ الخطاب في غير قضاء أربٍ؟ فاسألن الرّجل عن قصّته وما في نفسه من بقيّته؟ فلعلّه لغير ما أنتنّ فيه. فقلن: حيّاك الله وأقرّ بك عيناً، من أنت، ومن تكون؟ فقلت: أمّا الاسم فالحسن بن هانىء الحكمي وأنا من شعراء السّلطان الأعظم ومن يتزيّن بمجلسه، ويفتخر بحمده وشكره، ويتّقي لسانه. قصدت لتبريد غلّةٍ، وإطفاء لوعةٍ قد أحرقت الكبد، وأذابت الجسد، ثمّ استبطنت الأحشاء فمنعت من القرار، ووصلت الليل بالنّهار. فقالت: لقد أضفت إلى حسن المنطق والمنظر، كريم الخيم والمخبر، وأرجو أن تبلغ أمنيتك، وتنال بغيتك. فهل قلت شيئاً في صبوتك؟ قلت: نعم. قلن: أنشد فأنشدتهنّ:
حجبت رجاء الفوز بالأجر قاصداً، ... لحطّ ذنوب من ركوب الكبائر،
فأبت، كما آب الشّقيّ بخفّه ... حنين، فلم أوجر بتلك المشاعر
دهتني بعينيها، وبهجة وجهها، ... فتاةٌ، كمثل الشّمس أسحر ساحر؛
منعمةٍ، لو كان للبدر نورها، ... لمّا طلعت بيض النّجوم الزّواهر.
فإن بذلت، نلت الأماني كلّها، ... وإن لم تنلني، زرت أهل المقابر.
فقلن: أحسنت، والله. ثمّ قالت: إنّها والله ساعتك الطّولى، إن خالفتني! قالت: لقد سمعت جوابي. فقالت أخرى: أجيبيها إلى ما دعت من الشّركة لتكن إحداكنّ في الأمر. فقلن: قد انتصفت، وقد أطلتنّ الخطاب على أمرٍ فأمضيه قبل انتشار الحي، فالوقت ممكن، والمكان خالٍ. فأجمعن على ذلك ولست أشكّ فيما أظهرن، ثمّ قلن: بمن تبدأ؟ قلت اقترعن. فوقعت القرعة على أملحهنّ. فصرت إلى باب المغارة هناك، فأدخلتني وأبطأت عنّي قليلاً، وجعلت أتوق وأنظر إلى دخول إحداهن. فبينا أنا كذلك، إذ دخل عليّ أسود كأنّه سارية، بيده أيره وهو منعظ كمثل ذراع البكر. فقلت: ما تريد؟ قال: أنيكك. فأهمّتني والله نفسي، فصحت بصاحبي، وكان أجلد منّي، فخلّصني من الأسود. ولم أكد أخلص منه فخرجت من المغارة فإذا هنّ ينظرن من الخيمات كأنّهنّ لآلىء ينحدرن من سلكٍ، وهنّ يتضاحكن حتّى غبن عن بصري. فأسرعنا الرّجعة إلى رحالنا فقلت لصاحبي: من أين جاء الأسود؟ قال: كان يرعى غنماً عند ربوةٍ من المغارة، فأومأن إليه، فأسرع نحوهنّ، فأوحين إليه شيئاً فرابني ذلك. فأسرعت نحوك فسبقني ودخل عليك، ولولا ذلك لكان قد تمكّن منك الأسود. فقلت: أتراه كان يفعل؟ قال لي: فأنت في شكٍّ من هذا؟ فقلت له: اكتم عليّ. وانصرفت وأنا والله أخزى من ذات النّحيين.
فاجرة السّرداب
قال دعبل بن علي: بينا أنا سائرٌ بباب الكرج وقد استولى الفكر على قلبي فحضرني بيت شعرٍ خطر به لساني من غي النّطق به، فقلت:
دموع عيني لها انبساط ... ونوم جفني له انقباض
وإذا جاريةٌ معترضةٌ تسمع كلامي فقالت:
وذا قليلٍ لمن دهته ... بلحظها الأعين المراض
فلم أعلم أنّي خاطبت جاريةً أعذب منها لفظاً، ولا أسحر طرفاً، ولا أنضر خدّاً، ولا أحسن مشياً، ولا أرجح عقلاً. فوددت أنّ كلّ جارحةٍ منّي عينٌ تنظر، أو قلبٌ يفهم، أو أذنٌ تسمع. فقلت:
أترى الزّمان يسرّنا بتلاقٍ ... ويضمّ مشتاقاً إلى مشتاق
ما للزّمان يقال فيه وإنّما ... أنت الزّمان فسرّنا بتلاقٍ
قال: فلحظتها، وتبعتني. وذلك حين أملاقي، واختلال حالي. فقلت: مالي إلاّّ منزل صريع الغواني، فأتيته، واستوقفتها، ودخلت إليه. وقلت: ويلك يا مسلم، أجمل لك الحبروجة على الباب تقلّ له الدّنيا وما فيها من عسرٍ وضيقةٍ. قال لي: شكوت إلى ما كدت أبدؤك به الشّكوى، ولكن أئت بها على كلّ حال. فلمّا دخلت قال لي: والله ما أملك إلاّ هذا المنديل. فقلت له: هو البغية. قال، فأخذته فبعته بثلاثين درهماً، واشتريت خبزاً ولحماً ونبيذاً. وإذا هما يتنازعان حديثاً كأنّه قطع الرّوض ذكرت به قول بشّار فقلت:
وحديثٍ كأنّه قطع الرّو ... ض وفيه الصّفراء والحمراء
فقال لي مسلم: بيتٌ نظيفٌ، ووجهٌ ظريفٌ، ولا نفل ولا ريحان؟ أخرج فالتمس لنا ذلك. قال، فخرجت وجئت بما طلب،فإذا لا حسّ منهما ولا أثر لهما، فجعلت أطيل الذّكر، وأرجم الظّنّ، حتّى إذا جنّ الليل وفي قلبي لهيب النّيران، ثاب عليّ عقلي وقلت: لعلّ الطّلب يوقعني على موضعٍ خفيٍّ. فوقفت على باب سردابٍ وإذا هما قد نزلا ومعهما جميع ما يحتاجان إليه فأكلا وشربا ونعما. فدلّيت رأسي وصحت مسام ثلاث مرّاتٍ، فلم يكلّمني بأكثر من أن قال لي: محلّنا، والنّفقة من عندنا، وأنت فضولي، ما هذا الذي تقترح؟ اصبر مكانك حتّى يؤذن لك، فبقيت طول ليلتي أتقلّى على جمر الغضا لا أعرف أين أنا. فلمّا انشقّ الصّبح إذا به طلع وطلعت الجّارية في أثره، فأسرعت إليه وخرجت تعدو ولم تخاطبني، فكانت أعظم حسرةٍ نزلت بي.
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى