منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
إيمان إبراهيم مساعد
عدد المساهمات : 0
نقاط : 3909
تاريخ التسجيل : 13/01/2014

الخطوط العريضة في منهج السلف الصالح للعلامة العبيلان Empty الخطوط العريضة في منهج السلف الصالح للعلامة العبيلان

الجمعة 12 أغسطس 2011, 22:09
الخطوط العريضة


في


منهج السلف الصالح



فضيلة الشيخ


عبد الله بن صالح العبيلان





بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدُ للهِ الواحدِ القهَّارِ ، الحمدُ للهِ العزيزِ الغفَّارِ مكورِ الليلِ على النَّهارِ ، الذي اصطفى من زهد في هذه الدار، ونهج ما نهجه سلفُنا الأخيار , وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الواحدُ القهَّار , وأشهد أنَََََّ محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ًكثيرا ً .
أما بعد :أيها الإخوان في الله ... رحم الله من قال :ــ

وكل خير في إتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف

يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى "الأفضل للناس أن يتبعوا طريقة السلف في كل شيء" ، وحول هذا الموضوع معنا شيخنا فضيلة الشيخ عبد الله بن صالح العبيلان ... يتكلم في هذه الليلة عن محاضرة عظيمة بعنوان : الخطوط العريضة في منهج السلف الصالحرحمهم الله تعالى

فليتقدم الشيخ مشكوراً:ــ

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ،اللهم صلى وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
السلف الصالح :ــ هم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والتابعون بإحسان ، لهم هديهم وسمتهم ودلَّهم في عباداتهم وفى اعتقاداتهم في مظاهرهم في جميع شئون حياتهم ،وكثيراً من المسلمين اليوم في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها قد انحرفوا عن خط سلفنا الصالح ، لا في أمور العقائد ، ولا في الفروع في الصلاة وغيرها ، وأصبح من ينهج نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام غريبا ً في المجتمع ، وهذا مصداق قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبى هريرة: "بدأ الإسلام غريبا ً وسيعود غريبا ً كما بدأ فطوبى للغرباء".
ومحاضرتي في هذه الليلة أو درسي في هذه الليلة هو أشبه ما يكون بالدرس العلمي البحت وإذا كنت أريد الكلام عن السلف ، فلا يصلح أن يكون الكلام إنشائيا ً ، بل لا بد من النقول الصحيحة عن سلفنا الصالح ، لِأنّ كثيراً من أهل الملة من المسلمين ممن يريد نَصْرَهَا ، يريد نصر هذه الملة ، لا يكون عارفا ً بحقيقة الإسلام ، فيريد نصر مذهب السلف الصالح بغير المآخذ التي كان ينهجها سلفنا الصالح فيقع في التناقض ، ويقع في الاضطراب ,لأنه خالف نهج سلفنا الصالح .
وأبدأ ُ بعبارة لشيخ الإسلام أحمد ابن عبد الحليم ابن عبد السلام ابن تيمية في الواجب على المؤمن يقول رحمه الله: " فعلى كل مؤمن ألاّ يتكلم بشيء من الدين إلا تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يتقدم بين يديه بل ينظر ما يقال فيكون قوله تبعا ًلقوله وعمله تبعاً لعمله .
فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان ، وأئمة المسلمين ، فلهذا لم يكن فيهم من يعارض النصوص بمعقوله ولا يُؤسس ُ ديناً غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ,وإذا أراد معرفةَ شيءٍ من الدين والكلام فيه ، نظر فيما قاله الله والرسول فمنه يتعلم و به يتكلم وفيه ينظر ويتفكر و به يستدل ، فهذا أصل أهل السنة ، وهذا هو الفرقان بين أهل الإيمان والسنة وأهل النفاق والبدع فإنهم يخالفون هذا الأصل كل المخالفة " .
عبارة أخرى لشيخ الإسلام: " أهل البدع لا يعتمدون على الكتاب والسنة وآثار السلف من الصحابة والتابعين وإنما يعتمدون على العقل واللغة وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف ، وإنما يعتمدون على كتب الأدب وكتب الكلام التي وضعتها رؤوسهم وهذه طريقة الملاحدة أيضاً ، إنما يأخذون ما في كتب الفلسفة وكتب الأدب واللغة ، وأما كتب القرآن والحديث والآثار فلا يلتفتون إليها ،هؤلاء يعرضون عن نصوص الأنبياء ، إذ هي عندهم لا تفيد العلم .
سوف نتعرض لمسألة بعد هذا التأصيل الذي أصله لنا شيخ الإسلام ابن تيمية نتعرض إلى مسألة مهمة جداً وبسبب هذه المسألة حصل الاختلاف بين السلف وغيرهم من الطوائف في عدد كثير من الأمور .
هذه المسألة هي مسألة الإيمان ، وما هو الإيمان ؟ وما حقيقة الإيمان ؟ .
فمنهم وهم الجهمية أتباع أبو مِحْرِز (( الجهم ابن صفوان )) قالوا : الإيمان هو معرفة الله بالقلب ، ومنهم من قال إن الإيمان قولٌ باللسان وهذا هو مذهب الكرّامية ، ومنهم من قال إن الإيمان اعتقادٌ بالجنان وقولٌ باللسان وهذا مذهب المرجئة, وينسب إلى أبى حنيفة رحمه الله ، ومنهم من قال إنه اعتقاد بالجنان وقولٌ باللسان وعملٌ بالأركان وهذا هو قول أهل السنة والمعتزلة .
المعتزلة وافقوا أهل السنة في أنَّ الإيمان اعتقادٌ بالجنان وقولٌ باللسان وعملٌ بالأركان ، إلا أنهم خالفوا أهل السنة في أنهم يرون أن من ترك شيئاً من الأعمال فإنه كافر ، فالإيمان عندهم لا يتجزأ ، الإيمان لا يتجزأ عند المعتزلة, ولهذا هرب أبو حنيفة من أن يجعل الأعمال من الإيمان ، لماذا هرب ؟ قال لو قلتُ إنَّ الأعمال من الإيمان لوقعتُ في المحظور الذي يقوله المعتزلة, وهو أن من ترك شيئا ً من الإيمان كفر .
وأما أهل السنة والجماعة فإنهم يرون أن الإيمان اسم مشترك وان كانت الأعمال من الإيمان إلا أنهم لا يرون أن تارك العمل يكفر بالله،لا يرون أن الذنب يُخْرِجُ من الملة ، أما المعتزلة فإن جميع نصوص الوعيد إذا مات صاحبُ الكبيرة وهو مصرٌ على كبيرته فإنه يكفر عندهم ,مثاله ، يرى المعتزلي أن من شرب الخمر ومات وهو شاربٌ للخمر يرى أنه خالدٌ مخلد في نار جهنم وهكذا يرى أن من مات مصراًُ على أكل الربا فإنه خالد مخلد في نار جهنم ,وهكذا يرى أن قتل النفس وغيرها من الكبائر التي ورد الحديث فيها ، ورد فيها الوعيد ، بأن من فعله يحصل له كذا وكذا ، يرون أنهم يكفرون وهكذا الخوارج إلا أن المعتزلة يقولون هم في منزلة بين المنزلتين .
أهل السنة اتفقوا على أن الإنسان إذا عَمِلَ عَمَلاً من الأعمال من كبائر الذنوب أو ترك أمراً من الأمور التي أوجبها الله عز وجل عليه فإنه لا يكفر وإنما يبقى له اسم الإيمان وإن كان الإيمان واجب عليه يذهب منه ، فمثلاً ... إذا زنا قالوا يرتفع عنه إيمانه كالظلة فإن تاب عاد إليه ولكنهم لا يُخرجونه من الملة ولا يجعلونه خالداً مخلداً في نار جهنم بل يقولون مصيره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ,وهو مستحقٌ للعذاب إلا الخلود في جهنم ، فإن الله عز وجل يقول :{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }[ سورة النساء: 48] .
أهل السنة اختلفوا في بعض الأعمال التي ورد في الشرع تسميتها كفر - ورد في الشرع من ارتكب هذا العمل أنه كافر, واختلفوا فيه -أكثرهم وجمهورهم يرون أن تارك العمل ليس بكافر .
هناك رواية عند الإمام أحمد بن حنبل أن تارك الصلاة كافر ,وهذا خلاف منهج أهل السنة, وإنما ذهب إليه أحمد بن حنبل لأنه ثبت عنده الحديث ,وثبت عنده بعض الآثار عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم .
لابد أن نُؤسسَ أساساً ونؤصِّل أصلاً ونتأمل آيات القرآن الكريم .
ما الذي يجعل الإنسان يَخرج من الملة ويجعله يكفر ؟.
لو تأملنا قوله تعالى في حق فرعون :{ فَكَذَّبَ وَعَصَى } [سورة النازعات] .
ما الذي عمله فرعون ؟ كذب وعصى .
وقال أيضا -الله عز وجل-:{ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى , الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى } [سورة الليل]
{ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ}[ سورة البروج] .
نلاحظ أن القرآن الكريم في حق الكفرة ... في حق الخارجين من الملة ... دائماً يقرن معهم التكذيب.
وعن أدم{وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } هل كفر آدم ؟ ما كفر .
قال :{ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } سورة طه .
أيضاً قوله تعالى:{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ }[ سورة الحجرات].
إذاً فيه معصية وفيه كفر ، وفيه معصية إذا فعلها الإنسان يكفر ... لكن متى ؟. إذا اقترن معها التكذيب.
قوله تعالى:{يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}[سورة آل عمران].
يعني كأن الشارع - لو تأملت القرآن الكريم- جميع مدار إخراج تكفير الله عز وجل للناس في القرآن الكريم. لو تأملت الآيات لوجدتَ أنَّ الأساس هو المعتقد .
أهل السنة يرون الكفر ينقسم إلى قسمين كفر اعتقادي وكفر عملي ، اعتقادي وهو الجحود وهو التكذيب ، وعملي وهو فعل بعض الأعمال التي دلت الأدلة على أن من فعلها فهو كافر . مثاله : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" ويقول عليه الصلاة والسلام :" صنفان في أمتي هما بهم كفر الطعن في الأنساب والنياحة على الميت ". ويقول عليه الصلاة والسلام:" بين الرجل والكفر ترك الصلاة " .
ويقول الله عز وجل:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[سورة آل عمران] ، ويقول تعالى :{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }[ [سورة المائدة ] .
وردت تسمية الكفر على هذه الأعمال، أن من فعلها فهو كافر، فكيف نخرج من هذه التسمية ؟. هل نحرف الكلم عن مواضعه ؟ هل نؤول ؟ أم ماذا نقول ؟. نعود إلى منهج السلف الصالح ، ونقول ماذا قال السلف الصالح في هذه الآيات ، ثبت عن السلف الصالح عن ابن عباس وغيرهم من الصحابة كما سنقرأ إن شاء الله ... أنه قال في قوله تعالى:{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }[سورة المائدة] . قال هو كفر دون كفر ، إذاً نحن نعتقد أن من فعل هذا العمل إنه كفر, ونقول هو كفر بهذا الرجل أن يترك الصلاة وكفر به أن لا يحكم بما أنزل الله وكفر به أن يقاتل المؤمن وهكذا ، إلا أننا لا نخرجه من الملة ,فمثلاً في هذا الوقت وفى هذا الزمن كثر الكلام حول تكفير الحكام الذين لا يحكمون بالشرع .
من أهل العلم من قسم هؤلاء الحكام إلى أقسام وقال :-منهم الكافر الخارج عن الملة الذي يرى أنه يجوز له أن يحكم بغير ما أنزل الله أو يرى أن حكم غيرِ الله أفضل من حكم الله عز وجل أو يُكذِِّب أو يستكبر عن الحكم بما أنزل الله لا شك أن هذا كافر . لكن هناك من يحكم بغير ما أنزل الله ,وهو يعتقد أن ما أنزل الله هو الواجب فإن هذا عاص ٍلله عز وجل ,ولا نستطيع أن نُخرجه من الملة .
ونقرأ بعض النصوص من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى ، ثم من كلام شيخ الإسلام
يقول ابن القيم :ــ " وأما الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعاً ولا يمكن أن ينفى عنه اسم الكفر بعد أن أطلقه الله رسوله عليه ،فالحاكم بغير ما أنزل الله كافر وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ,ولكن هو كفر عمل ٍ لا كفر اعتقاد .
وقد نفى صلى الله عليه وسلم الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر ومن لا يأمن جاره بوائقه وإذا نُفى عنه اسم الإيمان فهو كافر من جهة العمل وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد وأشياء كثيرة من هذا النوع ومعلوم - لا زلنا في كلام ابن القيم -أنه إنما أراد الكفر العملي لا الاعتقادي ,وهذا الكفر لا يُخرجه عن الدائرة الإسلامية والملة بالكلية ,كما لم يُخرج الزاني والسارق والشارب من الملة, وإن زال عنه اسم الإيمان . ثم قال وهذا التفصيل هو قول الصحابة فهاهنا كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق ، وشرك دون شرك ، وفسوق دون فسوق ، وظلم دون ظلم .
من المعلوم أن الإيمان شعب أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق, الحكم بما أنزل الله شعبة من شعب الإيمان ، الصلاة شعبة من شعب الإيمان ، فإذا ترك الإنسان الحكم بما أنزل الله أو ترك الصلاة فإنه لا يزول عنه الإيمان بالكلية وإنما هو يحصل له نقص في إيمانه ويبقى له أصل الإيمان وهو التصديق ، التصديق بالله وبالرسول وباليوم الآخر والملائكة والكتب يبقى عنده هذا ,ولذلك ورد في الصحيحين أن الله يُخرجُ من النار أقوام ليس في قلوبهم إلا أدنى أدنى ذرة من إيمان, هذا هو التصديق الذي في قلوبهم .
نأتي إلى نص ٍ آخر لابن القيم -عليه رحمه الله- يقول في قوله تعالى :{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }[سورة المائدة] :- قال ابن عباس :" ليس بكفر ينقل عن الملة " ، بل إذا فعله فهو به كفر ,وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر ، ثم ذكر ابن القيم أقوالاً في تأويل هذه الآية وتفسيرها, ويكفينا تفسير ابن عباس.
ثم قال :-والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول كفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم فإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة ,أو عدل عنه عصياناً مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة فهذا كفرٌ أصغر ، وإن اعتقد أنه غير واجب وأنه مخير فيه مع تيقنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر ,وإن جهله وأخطاءه فهذا مخطيء .
نقطع الكلام يسيراً عن مسألة الحكم بما أنزل الله هل يكفر أو لا يكفر ونتكلم عن ترك الصلاة حتى لا ننساه .
تـــرك الصــــلاة
في رواية عند الإمام أحمد أن تارك الصلاة يكفر ، الجمهور ومنهم الشافعي وجماعة ، تارك الصلاة لا يكفر كما قال ابن القيم نقول هو كفر هذا العمل كفر, ولكنه لا يخرج من الملة, ولهذا أدلة منها ما ثبت عند أهل السنن من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه " إن رجلاً قال له :- يقول أبو محمد إن الوتر واجب, فقال كذب أبو محمد " ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من حافظ على خمس صلوات في اليوم والليلة كان على الله عهداً أن يُدخله الجنة ، ومن لم يأتي بهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " ، فهذا ليس بكافر الذي إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ليس بكافر كذلك ثبت في صحيح البخاري في قصة الذين يخرجون من النار قال :" يخرج من النار أقواما ً أكلتهم النار إلا مواضع السجود ثم يخرج من بعدهم أقواماً لم يعملوا خيراً قط " ،وفى رواية :" في قلوبهم أدنى أدنى ذرة من إيمان " ، فظاهر هذا الحديث إن هؤلاء لم يُصلُّوا ، ما صلوا ركعة قط ولكن بقى عندهم أصل الإيمان وأصل التصديق, ولا يقال أن هذا جاهل فحكمه حكم الجاهل ,نقول لو كان جاهلاً لما عذبه الله عز وجل, ثم نبقى على أصلنا نبقى على الأصل الذي أصلناه في مخالفة المعتزلة حينما قلنا :{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }[ سورة النساء] .
هنا قول آخر للشوكاني عليه رحمة الله في الكلام عن الحكم بما أنزل الله ، الشوكاني يحذر من التسرع في التكفير وإخراج الناس من الملة ، يقول رحمه الله ، اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار, فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة :" أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما " ،هكذا في الصحيح, وفى لفظ آخر في الصحيحين :"من دعا رجلا ً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه أي رجع " وفى لفظ في الصحيح :" فقد كفر أحدهما " ، ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير ، وقد قال الله عز وجل:{ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا }[سورة النحل] ، أي قضية عقدية فلا بد من شرح الصدر بالكفر وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشر, لاسيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام ,ولا اعتبار بصدور فعل الكفر لم يرد به فاعله الخروج عن الإسلام إلى ملة الكفر ، ولا اعتبار بلفظ تلفظ به المسلم يدل على الكفر وهو لا يعتقد معناه.
فإن قلت ورد في السنة ما يدل على كفر من حلف بغير ملة الإسلام , و ورد في السنة المطهرة ما يدل على كفر من كفّر مسلماً كما تقدم, وورد في السنة المطهرة إطلاق الكفر على من فعل فعلاً يخالف الشرع كما في الحديث :" لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" ، ونحوه مما ورد مورده .
وكل ذلك يفيد أن صدور شيء من هذه الأمور يوجب الكفر والتفرقة ويفيد ماذا ؟ يفيد الكفر هذا ظاهر الدليل وإن لم يرد قائله أو فاعله الخروج من الإسلام إلى ملة الكفر ، قلتُ : يقول الشوكاني :- فإذا ضاق بك السبيل عن التأويل ولم تجد طريقاً تسلكها في مثل هذه الأحاديث فعليك أن تقرها كما وردت وتقول من أطلق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكفر فهو كما قال ولا يجوز إطلاقه على غير من سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين كافراً إلا من شرح بالكفر صدراً ,فحينئذٍ تنجو من معرة الخطر, وتسلم من الوقوع في المحنة, فإن الإقدام على ما فيه بعض البأس لا يفعله من يشحُّ على دينه, ولا يسمح به في ما لا فائدة فيه ولا عائدة ، فكيف إذا كان يخشى على نفسه إذا أخطأ أن يكون في عداد من سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كافراً ,فهذا يقود إليه العقل فضلاً عن الشرع ,ومع هذا فالجمع بين أدلة الكتاب والسنة واجب ,وقد أمكن ها هنا بما ذكرناه فتعين المصير إليه .
فحتمٌ على كل مسلم ألا يطلق كلمة الكفر إلاَّ على من شرح بالكفر صدراً, ويقصد ما ورد مما تقدم على موارده ، وهذا الحق ليس به خفاء , فدعني من بنيات الطريق كما قال الشوكاني .
نطلق على هذا الفعل كفر ، نقول ترك الصلاة كفر, وهو كافر بهذا الفعل ، لكن نُبقى ماذا ؟ نبقى أنه لا يخرج من الملة ، هنا أمر آخر يا إخوان وهو إننا إذا لم نفتح باب التأويل كَفّرْنَا كل من ردّ شيئاً من الكتاب والسنة ، مثاله الأشاعرة لم يكفّرهم أهل السنة إلا الغلاة منهم ، الأشعري أو الماتوريدي حينما يأتيك ويقول الله عز وجل ليس له يد وليس له عين ولا يرضى ولا يحب ولا ينزل عز وجل وليس فوق العرش، هذه مصادمة للقرآن الكريم ، فبمجرد هذا القول؛ أنا أطلقُ عليه كلمة الكفر و أقول خرج من الملة ولكن إذا تأملت وإذا هو قد تأول ، تأول العين بشيءٍ من الأمور وتأول مثلاً اليد بأمر آخر، وتأول و تأول فكيف أطلق عليه كلمة الكفر ، لا أستطيع أن أطلق عليه كلمة الكفر إذا كان عنده تأويل .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ، لا يكفر الإنسان ، لا يطلق الكفر على كل من قال قولاً ولو مع الجهل أو التأويل ولو أخذنا بظاهر قول الله عز وجل :{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون } سورة المائدة، لقلنا أن من زنا فهو كافر ومن سرق فهو كافر ومن شَرِبَ الخمر فهو كافر وهكذا لأنه لم يُحَكِّم الله عز وجل ,وهذه الآية عامة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } وهذا هو مذهب المعتزلة الضلال .
هنا عبارة لابن القيم - للشوكانى - فيمن كفر وليس كفره بواحاً وصريحاً وإنما متأولاً كفر وهو متأول كما قلنا في الاشاعرة والمعتزلة وفى غيرهم .
هنا بعض أهل العلم يقول المتأول كالمرتد بالكفر يقول المتأول كالكافر الصريح,
ابن القيم ,الشوكانى ماذا يجيبان ... .
يقول الشوكاني
لما قال صاحب هذا الكتاب والمتأول كالمرتد -أجاب الشوكانى وقال- هاهنا تسكب العبرات, ويناح على الإسلام وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر ، لا لسنة ولا لقرآن ولا لبيان من الله ولا لبرهان ، بل لما غلت مراجل العصبية في الدين وتمكن الشيطان الرجيم من تفريق كلمة المسلمين ، لقنهم إلزامات بعضهم لبعض بما هو شبيه الهباء بالهواء والسراب بالقيعة ، فيا لله وللمسلمين من هذه الفاقرة التي هي من أعظم فواقر الدين والرزية التي ما رُُزِي َ بمثلها سبيل المؤمنين, وأنت إن بقى فيك نصيب من عقل وبقية من مراقبة الله عزَّ وجلّ وحُصة من الغيرة الإسلامية قد علمت وقد علم كل من له علم بهذا الدين أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الإسلام فقال في بيان حقيقته وإيضاح مفهومه إنه :" إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان وشهادة أن لا إله إلا الله "، والأحاديث بهذا المعنى متواترة ، فمن جاء بهذه الأركان الخمسة وقام بها حق القيام فهو المسلم على رغم أنف من أبى ذلك كائناً من كان ، فمن جاء بما يخالف هذا من ساقط القول وزائف العلم بل بالجهل فاضرب به في وجهه وقل له قد تقدم هذيانك ، هذا برهان محمد صلوات الله وسلام الله عليه .

دعوا كل قول عند قول محمد فما آمنٌ في دينه كمخاطر

إذاً خلاصة ما ذكرنا إن السلف الصالح يقسمون الكفر إلى قسمين : ــ
· كفر اعتقادي .
· كفر عملي .
كفر فرعون :{ فكذب وعصى} كفر اعتقادي .
وقول صلى الله عليه وسلم:" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ".هذا ما هو ؟ كفر عملي إن استحل المسلم قتل المسلم لا شك أنه كافر لأنه كذَّب اللهَ عزَّ وجلّ .
كذلك من لم يحكم بما أنزل الله - نقول -هم على قسمين :ــ
إن اعتقد أنه يجوز له أو أنه مخير أو استكبر في قلبه وشرح بالكفر صدراً فلا شك في خروجه من الملة .
وإن حكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن حكم الله هو الواجب، فإن هذا عاص ٍ لله عزَّ وجلّ ولا يخرج من الملة ,وبهذا نرتاح كثيراً من أن نشغل أنفسنا بالحكام وبأمثالهم.
في الحقيقة إنَّ واقعَ بعضِ الشباب المسلم أنهم قد اشتغلوا " هذا الحاكم هل هو كافر ؟ وهذا الحاكم هل هو مسلم ؟ وهذا الحاكم .....؟" .
أولاً:ــ في الحقيقة هذا لا ينفعنا في دعوتنا إلى الله عزًّ وجلّ ,من عدة نواحي:ــ
الناحية الأولى :ــ أننا وعلماء السلف الصالح أقول ( علماء السلف الصالح ) علماء عامة وليس علماء حكام ، دخولهم على الحكام من باب النصيحة يدخلون على الحكام وينصحونهم ولا يشتغلون بالحكام وبما عندهم وإنما كانوا علماء عامة واختلاطهم مع العوام .
ولو تأملنا القرآن الكريم لوجدنا أن القرآن الكريم كان كثيراً ما يركز على ماذا ؟ يركز على العوام وعلى عامة الناس, ويجعل أن صلاح الناس سبب في نزول البركات من السماء وخروجها من الأرض, كما قال تعالى :{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}[سورة هود] .
بل إن الفساد فساد المأمورين وفساد الناس سببٌ لتولى الحكام الظلمة عليهم ،{ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }[سورة الأنعام] ، كم تكونوا يُولَّى عليكم ، فلماذا نشتغل بتلك الأمور ؟ ، وتذهب أوقاتنا سدى ونترك ما أوجب الله عز وجل علينا .
الأمة الآن عقيدتها ضائعة شمالا وغربا وشرقا ولو ذهبت إلى العالم الإسلامي لوجدت أن الشرك قد تفشى فيه وظهر من كل حدب وصوب وأن الناس في العالم الإسلامي لا يتبعون محمد صلى الله عليه وسلم وإنما يتبعون فلان وعلان.
إذاً هذه هي مهمة العلماء ، مهمة العلماء رد الأمة إلى رشدها ورد الأمة إلى صوابها ، لا نشتغل بأمور تجعلنا نكون أحزابا ً وشيعاً ونتفرق .
وفى الحقيقة إذا صار بعضنا يطلق الكفر على هذا وبعضنا يعانده في هذا ، هذا من أعظم ما يجعلنا أحزابا وشيعاً , وقد قال تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ }[سورة الأنعام].
ثم خروجنا عن منهج السلف الصالح ولو قليلاً يجعلنا ننحرف ,ولا يبارك الله عزَّ وجلَّ في دعوتنا ولا يبارك في أعمالنا.
ثم الحكام ؟ من الحكام من كفره علماؤنا، لماذا كفره علماؤنا ؟، لأنهم شرحوا بالكفر صدراً وردوا أمراً معلوماً من الدين بالضرورة مثل ماذا ؟ .
مثل من ردَّ السنة إجمالاً وتفصيلاً وقالوا لا عبرة للسنة ولا حكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذا ظهرت فتاوي من أهل العلم بأنه كافر ، لكن هناك من الحكام مثلاً من جعل المحاكم على غير شرعية ، وجعل فيها بعض الدساتير الفرنسية والإنجليزية , فإذا أتيت تسأل العلماء هل هو كافر ؟
قالوا لا يخلو من أحوال :ــ
إما أن يعتقد أن هذا يجوز ، أو أنه مخير فيه فإن هذا كافر ، وإما أن يعتقد إنه ظالمٌ لنفسه وأن حكم الله هو الواجب فهذا ليس بكافر ، صحيح أننا نقول عمله مشين وعمله ظلم ويجب إزالته ويجب إنكار هذا المنكر ، لكن لا نتعدى منهج السلف الصالح في أن نكفر من لم يكفره الله عزَّ وجلَّ ولا رسوله .
هذه مسألة مهمة جداً يا إخوان ، الغيرة على محارم الله لا تجعلنا ننساق وراء عواطفنا بحيث نُصدر أحكاماً لم يأتي بها سلفنا الصالح وليست في كتاب الله ولا في سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فنحن لا نستطيع في الحقيقة أن نجادل أهل البدع إلا بما ثبت عن سلفنا الصالح ، لا نستطيع أن نجادل أهل البدع بالقرآن ، القرآن حمالاً لوجوه ، السنة فيها أحاديث متعارضة في الظاهر ، -...........-[1] الضابط لنا
هو السلف الصالح ، ماذا قال السلف الصالح بهذا ؟، فإننا نقول بما قاله السلف الصالح ونرتاح كثيراً ، المقصود من هذا أنه يجب علينا أن نتبرأ من كل معصية ونتبرأ من كل كفر, ونعلن عداءنا لهذه المعصية, ونعلن عداءنا لهذا الكفر, ولكننا لا نتجرأ على أمر لم يأذن لنا به الله عزَّ وجلّ ولا رسوله عليه الصلاة والسلام .
طيب هناك مسألة أُخرى ، أيضا مسألة مهمة وهى توضع على قضية الحكام والسلف الصالح خطوا لنا وقبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خطَّ لنا خطّاً وكيف نتصرف مع الحكام الظلمة وأئمة الجَوْر ، خطوا لنا خطاً بيّناً واضحاً كالشمس فأما أن نقول به وأما أنْ نُعْمِلَ آرائنا ، نقرأ بعض الأحاديث التي وردت في الصحيحين أو في أحدهما والتي تتعلق بالحكام وما هي معاملة الحكام ؟، وكيف نتعامل معهم ؟، ثبت في صحيح مسلم عن أُمِّ سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"سيكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد بريء ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع ، قالوا : أفلا نقاتلهم يا رسول الله ،قال : لا ما صلوا " .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :ــ" فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتالهم مع إخبار ِ أنهم يأتون أموراً منكرة ، فدل هذا على أنه لا يجوز الإنكار عليهم بالسيف كما يراه من يقاتل ولاة الأمر من الخوارج والزيدية والمعتزلة وطائفة من الفقهاء وغيرهم ، ثم قال رحمه الله :-وفى الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم سترون بعدى أثرة ً وأموراً تنكرونها قالوا : فما تأمرنا يارسول الله قال : تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم " ، بأبي هو وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم روؤف بالمؤمنين رحيم بهم يعلم ما ينتج عن الخروج على الحكام ، يعلمُ المصائب العظيمة التي تنتج عن الخروج على الحكام
- يأتي إن شاء الله بقية الكلام عن هذا- .
قال شيخ الإسلام :-وفى الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة الجاهلية" ، وفى لفظٍ :"فإنه من خرج من السلطان شبراً فمات ميتة الجاهلية " ، واللفظ للبخاري ، اسمع تعليق شيخ الإسلام وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر أنهم :"لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي ، قال حذيفة كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع " ، فهذا أمرٌ بالطاعة مع ظلم الأمير ، وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم :" مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ " ، وهذا نهى عن الخروج عن السلطان وإن عصى .
هذا منهج السلف الصالح في التعامل مع الحكام ولا ينبغي أن تأخذنا العواطف وتُسيرنا الأحلام فنخالف هذا المنهج الذي خطه لنا سلفنا الصالح .
هنا كلمة لشيخ الإسلام –عظيمة- يقول -رحمه الله- ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم غل ، كما دلت الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة ,فادفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ، إلى أن قال -كلمة عظيمة- ولعله لا يكاد يُعرف طائفة خرجت على ذي سلطان يعنى في تاريخ الإسلام, إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته ، ثم قال رحمه الله ثق والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالمٍ وباغ ٍ ابتداءً كيف ما كان لا ، ولا أمر بقتال الباغية ابتداء ، بل قال تعالى :{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا }[ سورة الحجرات] .
-يقول شيخ الإسلام -" فلم يأمر بقتال الباغي ابتداءً فكيف يأمر بقتال ولاة الأمور. ويقول ابن القيم عليه رحمة الله في كتابه الأعلام- ويقال إعلام الموقعين- :- ومن تأمل ما جرى على الإسلام من الفتن الصغار والكبار رآها من إضاعة هذا الأصل وهو عدم الصبر على المنكر فطلب إزالته فتولَّد منه ما هو أكبر منه .
إذاً ما هو موقفنا من الحكام ؟ ما موقفنا من أئمة الجور ؟
موقفنا من أئمة الجور أن نتبرأ من المعاصي التي يفعلونها ، نتبرأ منها وأن نبين للناس البيان الشافي الكافي من الكتاب والسنة أن هذا منكر وهذا حرام ,حتى تبرأ عُهدة أهل العلم.
هذا الواجب على أهل العلم .
ولذلك يقول الله عزَّ وجلّ :{ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ }[ سورة الشورى].
ما عليك إلا ماذا ؟ ليس عليك إلا البلاغ ،.
ثم لو تأملتم إنكار المنكر لوجدتموه ثلاث مراتب :ــ
المرتبة الأولى :ــ بيدك .
الثانيـــــــــــــة :ــ بلسانك .
الثالثــــــــــــــة :ــ بقلبك .
يعلم رسول صلى الله عليه وسلم أنه سوف يأتي زمان لا تستطيع أن تنكر إلا بلسانك، وربما لا تستطيع أن تنكر بلسانك ، لو تكلمت بلسانك لأُوُذِيتَ ولحصل لك ما حصل فقال بقلبك ، ولا شك أن هذا ضعف في الإيمان ولكن المقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدِّر الواقع الذي يعيشه المسلم فإنه سوف يأتي وقت لا يستطيع أن ينكر بماذا ؟ إلا أن ينكر،ولو أنه أراد المشقة على أمته لقال إنكار المنكر درجة واحدة باليد فقط لا باللسان ، ولكنه -أيش قال رسول الله؟- قال ثلاث مراتب ثم ماذا ثم القلب .
وليس معنى هذا أن نخضع وأن نذل وأن نجبن على إنكار المنكر ، لا , بل إذا علمنا أن في إنكارنا المنكر مصلحة كبيرة وهو أنه سوف يزول هذا المنكر ولا يترتب عليه مفسدة أعظم منها فالواجب علينا أن ننكر هذا المنكر.
ولذلك جعل ابن القيم مراتب إنكار المنكر أربعة, قال:ــ
المرتبة الأولى- من إنكار المنكر-مشروعة-ما هي-قال:-
أن يزول المنكر ويخلفه ضده .
والثانية - قال مشروعة ما هي -قال :ــ أن يخف المنكر وإن لم يُزل بتمامه .
الثالثة - قال محل اجتهاد ما هي -قال :- أن يخلفه منكرٌ مثله .
الرابعة - حرام ما هي - قال :ــ أن يخلفه منكراً أعظم منه .
ولو تأملنا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ،تكلم عن هذا في القرن الثامن .
لكن دعونا نتأمل ما حصل في هذا الزمان بسبب الخروج عن الحكام
في سوريا لما خرج الإخوان المسلمين على طغاتها ما الذي حصل ؟ حصل أن هُتكت الأعراض واستبيحت الأموال وقُتلت الأنفس .
انظروا إلى موقف الإمام أحمد عليه رحمة الله في فتنة خلق القرآن واسمعوا فقه هذا الرجل الذي يعتبر إمام أهل السنة " قال أخبرني -هذا يقوله الخلاَّد في كتاب السنة -علي بن عيسى قال سمعت حنبل يقول في ولاية الواثق اجتمع فقهاء بغداد إلى أبى عبد الله أبو بكر بن عبيد وإبراهيم بن علي المطبخي وفضل بن عاصم فجاءُوا إلى أبي عبد الله فاستأذنت لهم, فقالوا يا أبا عبد الله هذا الأمر قد تفاقم وفشي ،يعنون إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك - خلق القرآن... أحمد بن حنبل يرى أنه كفر- ، وكان المأمون يلزم الناس بأن يقولوا بخلق القرآن والذي لا يقول به يقتله المأمون, أتوا إلى أحمد ابن حنبل وقالوا له يا أبا عبد الله ما أحد يصبر ، لن نصبر. ماذا يقولون تفاقم الأمر وفشي ، ماذا يعنون ؟ يعنون إظهاره لخلق القرآن ، فقال أبا عبد الله فما تريدون ؟ قالوا نشاورك أننا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه ، قال فناظرهم أبو عبد الله ساعة ، وقال لهم عليكم بالنقرة بقلوبكم ولا تخلعوا يداً من طاعة ولا تشقُّوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين ، انظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بَرٌّ أو يُستراح من فاجر .
هذا من يقوله ؟ يقوله من زكَّته أُمة محمد وهو أحمد بن حنبل ، ولا يقال إن الإمام أحمد ابن حنبل ضعيف الإيمان ، بل يقال إن أحمد بن حنبل ماذا به ؟ روؤف بأمة محمد لا يريد أن تتفرق الأمة وأن يشق عصاها .
هنا أثرٌ آخر - أثرٌ أيضاً فيه عبرة - قال أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثه قال :ــ" سألت أبا عبد الله في أمر كان حدث ببغداد وهمَّ قوم ٌ بالخروج فقلت يا أبا عبد الله ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم ، فأنكر ذلك عليهم ,وجعل يقول سبحان الله الدماء ...الدماء ، لا أرى ذلك ولا آمرُ به ، الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة , يسفك فيها الدماء ,ويستباح فيها الأموال و يُنتهك فيها المحارم , أما علمت ما كان الناس فيه -يعني أيام الفتنة- ، انظر جواب هذا الرجل ؟ فقال :ــ قلت والناس اليوم أليس هم في فتنة ؟ يقال لرجل قل بخلق القرآن وإن لم تقل به قطعت رأسك ،أليس هم في فتنة يا أبا عبد الله ؟ قال وإن كان فإنما هي فتنة خاصة فإذا وقع السيف عمَّت الفتنة وانقطعت السبل ".
الصبر على هذا ويسلم لك دينك خيراً لك, ورأيته ينكر الخروج على الأئمة وقال الدماء لا أرى ذلك ولا آمر به.
إذاً هذا هو منهج السلف الصالح ، هذه هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه هي طريقة أئمتنا وأئمة السلف الصالح ، نحو من ؟ نحو الحكام .
ومع ذلك كان أحمد ابن حنبل " لما أُجبر ، انتبهوا يا إخوان- سبحان الله العظيم - الشيء الذي يتعلق بك غير الذي يتعلق بأمة محمد جميعاً ، لما قيل له قل بخلق القرآن قال لا أقل به ، قيل نقتلك ؟ قال اقتلوني ، قيل نجلدك ؟ قال اجلدوني ، فجلدوه وسحبوه في الأسواق وعملوا به ما عملوا ، ولم يقل به ولم يقل بأن القرآن مخلوق لماذا لأن هذا الأمر يعود إليه وإلى اجتهاده ، وهل هو أنفع أن يقول به أو ليس أنفع " ، وفعلاً صار الخير كله في فعل أبى عبد الله حينما عاند وأصر, وقال القرآن كلام الله ، القرآن ليس مخلوق ، القرآن كلام الله, القرآن ليس مخلوق .
إذاً علينا يا إخوان أن نلتزم طريقة سلفنا الصالح وأن نبتعد عن الآراء كما قال بعضهم :ــ
دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى الآثار
لا تغفلن عن الحديث وأهله فالرأي ليلٌ والحديث نهار
ولربما غلط الفتى أثر الهدى والشمس بازغة لها أنوار

يقول على رضي الله عنه " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخُف أولى بالمسح من أعلاه ,ولقد رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خُفيه ،ما كان يمسح على باطن خُفيه" .
ولكن لو جئت تسأل لقال لا والله الخُف الأسفل هو الذي يباشر الأرض فالأولى أن يمسح ، الرسول ما مسح الخُف الأسفل إنما مسح ماذا ؟ مسح الخف الأعلى ، فإذا أردنا السلامة والنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة فعلينا أن نقتفى أثر سلفنا الصالح وأن نبتعد عن البدع والضلالات والعواطف التي لا تؤدى بنا إلا ما أدَّى بالخوارج الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :ــ " يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ"- اللفظ من صحيح البخاري- .
قال ابن عباس: " لما دخلت عليهم سمعت لهم دوياًٍ كدويِِّ النحل من قراءة القرآن وإن في جباههم كركب المعزة من أثر السجود " وقد قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :"هُمْ كِلَابُ النَّارِ "، هم ماذا ؟ كلاب النار .
إذاً علينا ماذا يا إخوان؟ علينا أن نكون رحماء بأمَّة محمد صلى الله عليه وسلم وأن نقدر الواقع, وأن نقتنع بالخير اليسير إذا لم يحصل الكثير وأن ندرأ الشر الكبير بالشر اليسير هذه قاعدة السلف الصالح نقتنع بالخير اليسير ، ثم يا إخوان أتريدون في الحقيقة عقلاً ؟ أتريدون أن نكون في زمان أو أن نكون في جو أو في حال ليس فيه منكرات ، يستحيل هذا يستحيل أن نكون في مكان ليس فيه منكرات ، لابد من المنكرات ، وقد يكون سبب المنكرات الحاكم ، قد ينشر الحاكم هذه المنكرات لكن هذه مهمة العلماء ، مهمة الدعاء إلى الله عزَّ وجل:{ّ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }[ سورة الملك] .
حصلت المنكرات في الصدر الأول في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فحصل الزنا ، حصل قتالٍ بين خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ، حصل بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إذاً علينا يا إخوان أن نقدر الواقع الذي نعيش فيه ، ليس من الواقع أن تتخيل الخيالات وأن تحلم بأحلامٍ بعيدة، الواقع أن تعيش مع واقعك وأن تعمل تدعوا إلى الله عزَّ وجلّ ، تعلم دين الله عزَّ وجلّ ، تجتهد في إخراج هذه الأمة من الظلمات إلى النور ، هذه مهمة الأنبياء :{ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا}[ سورة هود]
لا بد من الصبر ، ليس من الحكمة وليس من الصبر أن تفعل الفعل المعين وقد كنت تقتضيه ، لا. الصبر أن تتعب وتجتهد حتى تُخرج الأمة من هذه الظلمات إلى النور واعلم يا أخي أن الصلاح ليس مربوطاً بك ,حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين ليس مربوطاً به. قال تعالى :{ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ }[ سورة غافر]
أجبت أم لم تجب ، فليس الدين متمثلاً بنا يا إخوان
{ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ }[ سورة آل عمران].
الدين ليس متمثلاً بي ولا بك ولا بأخيك,إذ عليك أن تعمل ما أمرك الله عزَّ وجلّ به, وأن لا تتخطى سبيل سلفنا الصالح, فتندم على هذا الفعل أو تكون سننت سنة سيئة في الإسلام .
ثم في الحقيقة إذا اشتغلنا بمثل هذه الأمور الكبار صدق علينا قول الله عزَّ وجلّ لرسوله عليه الصلاة والسلام :{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا }[ سورة الكهف]
-.... -[2] حامل في قلبك الهم وحامل في قلبك الحزن الذي يمنعك من الانطلاق والاندفاع للدعوة إلى الله عزَّ وجلّ .
هذه بعض سيمات منهج سلفنا الصالح والمقام لا يتسع لذكره ولكن هاتان المسألتان واقعتان والكلام يدور عليهما ، فالواجب على أهل العلم ومن له علم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين حكم الله ، وأن يبين سنة رسول صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ويبين هدى سلفنا الصالح .
أقول قولي هذا واستغفر لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد ٍ وعلى آله وصحبه التابعين.

ملاحظة/ هذه المادة القيمة هي تفريغ لشريط بعنوان
الخطوط العريضة في منهج السلف لفضيلة الشيخ عبد الله بن صالح العبيلان
وقد قامت أختان في الله بتفريغ مادة الشريط جزاهما الله خيراً
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى