- ناجح المتولى
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3760
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
|| دروس رمضان للشيخ محمد إبراهيم الحمد الجزء 37 ||
الأربعاء 20 يوليو 2011, 20:39
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونستهديهِ ونعوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنَّه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً ... أقدم لكم هذا الموضوع وهي تحت عنوان || دروس رمضان للشيخ محمد إبراهيم الحمد الجزء 37 || من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه (3) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد كان الحديث الماضي يدور حول بعض النماذج لأمور من تركها لله عوضه الله خيراً مما ترك. والحديث ههنا إكمال لما مضى، وذكرٌ لنماذج أخرى من ذلك القبيل. معاشر الصائمين: من ترك الوقيعة في أعراض الناس والتعرضَ لعيوبهم ومغامزهم - عُوِّض بالسلامة من شرهم، ورزق التبصرَ في نفسه. قال الأحنف بن قيس -رحمه الله-:'من أسرع إلى الناس فيما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون'. وقالت أعرابيةٌ توصي ولدها:'إياك والتعرضَ للعيوب فَتُتَّخذَ غرضاً، وخليقٌ ألا يثبتَ الغرضُ على كثرة السهام، وقلما اعْتَوَرَتِ السهامُ غرضاً حتى يهيَ ما اشتد من قوته'. قال الشافعي -رحمه الله- : المرءُ إن كان مؤمناً ورِعاً *** أشغله عن عيوب الورى ورعُهْ كما السقيمِ العليلِ أشغله *** عن وجع الناس كلِّهم وجعُهْ ومن ترك مجاراةَ السفهاء، وأعرض عن الجاهلين حمى عرضه، وأراح نفسه، وسلم من سماع ما يؤذيه(خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ) ومن ترك الحسدَ سلم من أضراره المتنوعة؛ فالحسد داء عضال، وسمٌّ قتَّال، ومسلكٌ شائنٌ،وخلقٌ لئيم،ومن لؤم الحسد أنه موكل بالأدنى فالأدنى من الأقارب، والأكفاء، و الخلطاء، والمعارف، والإخوان. قال بعض الحكماء: ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحسود، نَفُسٌ دائمٌ، وهمٌّ لازمٌ، وقلبٌ هائمٌ. ومن سلم من سوء الظن بالناس سلم من تشوش القلب، واشتغال الفكر؛ فإساءَةُ الظنِّ تفسد المودةَ، وتجلب الهمَّ والكدر، ولهذا حذرنا الله -عز وجل- منها فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ). وقال -صلى الله عليه وسلم- :'إياكم والظنَّ، فإن الظنَّ أكذبُ الحديث' رواه البخاري ومسلم. ومن اطَّرح الدعةَ والكسلَ، وأقبل على الجد والعمل -علت همتُهُ، وبورك له في وقته، فنال الخيرَ الكثير في الزمن اليسير. ومَنْ هجر اللذات نال المنى ومن *** أكبَّ على اللذات عضَّ على اليد ومن ترك تَطلُّبَ الشهرةِ وحبَّ الظهورِ رفع الله ذكره، ونشر فضلَه، وأتته الشهرة تُجَرِّرُ أذيالها. ومن ترك العقوقَ، فكان بَرَّاً بوالديه رضي الله عنه، ويسر الله له أمره، ورزقه الله الأولاد البررة وأدخله الجنة في الآخرة. ومن ترك قطيعةَ أرحامِه، فواصلهم، وتودَّد إليهم، واتقى الله فيهم - بسط الله له في رزقه، ونَسَأَ له في أثره، ولا يزال معه ظهير من الله ما دام على تلك الصلة. ومن ترك العشقَ، وقطع أسبابَه التي تُمِدُّه، وتجرَّع غُصَصَ الهجر، ونارَ البعادِ في بداية أمره، وأقبل على الله بِكُلِّيته -رُزِقَ السلوَّ، وعزةَ النفس، وسلم من اللوعةِ والذلة والأَسْر، ومُلئ قلبُه حريةً ومحبةً لله -عز وجل- تلك المحبة التي تَلُمُّ شعثَ القلبِ، وتسدَّ خَلَّتَهُ، وتشبع جوعته، وتغنيه من فقره؛ فالقلب لا يُسَرُّ ولا يُفْلِحُ، ولا يطيب ولا يسكُن، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه، وحبه، والإنابة إليه. ومن ترك العبوسَ والتقطيبَ، واتصف بالبشر والطلاقة - لانت عريكته، ورقت حواشيه، وكثر محبوه، وقلَّ شانؤوه. قال -صلى الله عليه وسلم- :'تبسمك في وجه أخيك صدقة' أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. قال ابن عقيل الحنبلي: 'البشرُ مُؤَنِّسٌ للعقول، ومن دواعي القَبول، والعبوسُ ضدُّه'. وبالجملة فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه؛ فالجزاء من جنس العمل (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه () . أيها الصائم الكريم: إذا أردت مثالاً جلياً، يبين لك أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه فانظر إلى قصة يوسف -مع امرأة العزيز؛ فلقد راودتْهُ عن نفسه فاستعصم، مع ما اجتمع له من دواعي المعصية، فلقد اجتمع ليوسف ما لم يجتمع لغيره، وما لو اجتمع كلُّه أو بعضُه لغيره لربما أجاب الداعي، بل إن من الناس من يذهب لمواقع الفتنِ بنفسه، ويسعى لحتفه بظلفه، ثم يبوءُ بعد ذلك بالخسران المبين، في الدنيا والآخرة. أما يوسف - عليه السلام - فقد اجتمع له من دواعي الزنا ما يلي: أولاً: أنه كان شاباً، وداعيةُ الشباب إلى الزنا قوية. ثانياً: أنه كان عَزَباً، وليس له ما يعوضه ويرد شهوته من زوجة، أو سُرِّية . ثالثاً: أنه كان غريباً، والغريبُ لا يستحيي في بلد غربته مما يستحيي منه بين أصحابه ومعارفه. رابعاً: أنه كان مملوكاً، فقد اشتري بثمن بخس دراهم معدودة، والمملوكُ ليس وازعه كوزاع الحر. خامساً: أن المرأة كانت جميلة. سادساً:أنها ذاتُ منصبٍ عالٍ. سابعاً: أنها سيدته. ثامناً: غياب الرقيب. تاسعاً: أنها قد تهيأت له. عاشراً: أنها غلقت الأبواب. حادي عشر: أنها هي التي دعته إلى نفسها. ثاني عشر: أنها حرصت على ذلك أشد الحرص. ثالث عشر: أنها توعدته إن لم يفعل بالصغار، والسجن، وهو تهديد من قادر. ومع هذه الدواعي صبر إيثاراً واختياراً لما عند الله، فنال السعادة والعز في الدنيا، وإن له للجنةَ في العقبى، فلقد أصبح هو السيد، وأصبحت امرأة العزيز فيما بعد كالمملوكة عنده، وقد ورد أنها قالت: 'سبحانَ مَنْ صيَّر الملوك بِذُلِّ المعصية مماليك، ومن جعل المماليك بعز الطاعة ملوكاً'. فحري بالعاقل الحازم أن يتبصَّر في الأمور، وأن ينظر في العواقب، وألا يؤثر اللذة الحاضرة الفانية على اللذة الآجلة الباقية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. |
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى