- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28469
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
أخلاق الداعي إلى الله
السبت 23 فبراير 2013, 17:41
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، نشهد أنّه بلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله
حق الجهاد، وتركنا بعده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ على طريقٍ بيضاء
نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلا هالك.
اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد ما تتابع الليل والنهار كلّما صلى عليه المصلون وكلما غفل عن الصلاة عنه الغافلون.
أما بعد:
فأسأل الله جل جلاله أن يجعلني وإياكَ ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر.
وأسأله سبحانه أن يجعلني وإياك أخي من الذين يدعون إلى الله
جل وعلا على بصيرة إذْ هم أولياء محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ
?قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ
وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ?[يوسف:108]
موضوع هذه المحاضرة:
أخلاق الدَّاعي إلى الله وصفاتُه
وأخلاق الداعي إلى الله هي دينه؛ لأن الخُلق يطلق في الشريعة على شيئين:
على معنًى عام وهو الدين، فالدين كله خلق قال جل وعلا في وصف نبينا
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ?وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ
عَظِيمٍ?[القلم:4]، وثبت في صحيح مسلم أن عائشة رضي الله
عنها قالت في وصف النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ: كان خلقه
القرآن. يعني أنه كان قرآنا يمشي، يمتثل القرآن في عبادته، وفي توحيده،
وفي خلقه، في تعامله مع نفسه، وفي تعامله مع من حوله، فهو وحي يوحى
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
فهذا الإطلاق العام بمعنى الخُلق في الشريعة؛ لأن الخُلق يشمل كل أحكام
الشريعة من العقيدة ومن امتثال الأمور العبادية والمعاملات والآداب إلى
غير ذلك.
وهذا الإطلاق أثره ما يسمّيه الناس بالأخلاق، فإنّ الخلاق التي يسمي الناس
من تحلّى بها هذا صاحب خُلق، هذه من آثار الالتزام بالشريعة، ومن لم يكن
خلقه حسنا فلم يلتزم بالشريعة، ولهذا وثبت في الصحيح أن النبي عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ مدح ذوي الخلق الحسن فقال «إن من أدناكم مني منزلا
يوم القيامة أحاسِنُكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون»
فإذن ما يسميه الناس الخلق الحسن وصاحب أخلاق، هذه من باب التمثيل، ولا
يكون صاحب خلق حسن إلا إذا كان قد حكّم القرآن والسنة على نفسه، وأمّر
السنة على نفسه قولا وعملا.
وتأمير السنة على النفس ليس بالأمور الظاهرة في أمور الملبس وفي أمور
الشكل العام فقط! لا؛ بل يشمل -وهو من الأمور المهمة- كل ما فيه صلة
بالآخرين، فكل ما فيه نوع من التعامل مع الناس، فإن امتثال الشريعة في ذلك
من الخلق، فصاحب الخلق الحسن هو الذي يتمثّل القرآن ما استطاع في أقواله
وفي أعماله على نفسه وفي أنواع تعامله ومع الأفراد ومع المجتمع.
الإطلاق الثاني الذي جاء في الشريعة أنّ صاحب الخلق الحسن هو الذي أُعطي
ملكة تحلّى فيها لما يمدح من تعامله مع الناس فيما يأتي وفيما يذر، وفي
هذا قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ
حَسَنٍ»، «اِتَّقِ الله
حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيَّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا،
وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، فالخلق الحسن هذا إطلاق خاص في
التعامل مع الناس في أن يكون رحيما بهم رؤوفا بهم يأتي إليهم ما يحب أن
يأتوا إليه، وهذا كما ذكرنا في النوع الأول هو الذي يفهمه الناس من إطلاق
لفظ الأخلاق الحسنة.
إذا تبين ذلك فبحث أخلاق الداعي إلى الله
جل وعلا وصفاته؛ بحث الخلق وما يتحلى به الموحد المؤمن صاحب السنة من
الأخلاق هذا قسم ونوع وباب من أبواب عقيدة أهل السنة والجماعة.
فعقيدة أهل السنة والجماعة تشمل ثلاثة أقسام:
تشمل بيان أركان الإيمان الستة وما يتصل بذلك الإيمان بالله؛ توحيده في
ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، إيمان بالملائكة بالكتب بالرسل باليوم
الآخر بالقدر خيره وشره من الله تعالى وما يبحث في ذلك.
وأيضا القسم الثاني من أقسام العقيدة -عقيدة أهل السنة والجماعة- أن يكون
على نهج صحيح في أنواع التعامل مخالفا الفرق الضالة، ولهذا بحث أهل السنة
في العقيدة مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسائل طاعة الولاة
وعدم الخروج على الوالي وطاعة الوالي في غير المعصية، وبحثوا مسائل
الصحابة وأمهات المؤمنين، وبحثوا مسألة المسح على الخفين، وبحثوا الحج
والجهاد مع الأمراء أبرارا كانوا أم فجارا، وبحثوا مسائل كثيرة صارت من
العقيدة؛ لأنه بها فارق السني أهل البدع.
والقسم الثالث من الاعتقاد الأخلاق.
ولهذا لو تأمل متأمل الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية لوجده قسمها هذه
الأقسام الثلاثة فبين فيها أن هذه الرسالة موضوعة لبيان معتقد أهل السنة
والجماعة فقال في أولها (أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية والطائفة
المنصورة أهل السنة والجماعة) وساق معتقدهم ثم في آخره ذكر أخلاقهم في
أنفسهم وعبادتهم وذكر صفات أهل السنة والجماعة قال: وهم يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر وهم يأمرون بالصلاة ويقومون الليل ويصلون الأرحام
ويأمرون بذلك ويخالقون الناس بخلق حسن، إلى آخر ما ذكر فيها من موضوعات.
إذن الكلام عن أخلاق الداعي
ليس كلاما أدبيا، ليس كلاما في الآداب، ومن رأى الفصل في هذه الثلاث في
عقيدة أهل السنة والجماعة، فلم يفهم عقيدة أهل السنة والجماعة، فصاحب
السنة هو الذي يمتثل هذه الثلاثة، فتجد أنّه في خلقه في دعوته ممتثلا
السنة، كما أنه في أمور التعامل ممتثلا السنة، كما أنه في أمور العقيدة
ممتثل السنة.
هذا بعموم يبين أن هذا قد تماثل سنة محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ، ولا شك أن القسمين الأولين من العقيدة والمنهج هذا واجب،
والأخلاق منقسمة إلى ما هو واجب وما هو مستحب بحسب تفاصيلها في ذلك.
إذا تبين هذا فالكلام عن أخلاق الداعي إلى الله وصفات الداعي إلى الله يُمكن أن يقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أخلاق الداعي إلى الله وصفاته إذا كان فردا.
والقسم الثاني: أخلاق الداعي إلى الله وصفاته إذا كان الداعي جماعة أو مجموعة.
أما القسم الأول فنقدم له بمقدمة.
وهي أن الدعوة إلى الله تبين لبعض منكم ممن حضر بعض هذه المحاضرات أن الدعوة إلى الله
مهمة، وأنها منوطة بالجميع بما يعلم؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ أمر بالتبليغ فقال «بلغوا عني ولو آية» وقال عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داوود وغيره «نضر الله وجه امرئ سمع مني حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلّغ أوعى له من سامع».
أهمية الدعوة إلى الله وحكم الدعوة إلى الله تبين لكم في بعض هذه المحاضرات.
والمهم أن كل واحد منا ينبغي أن لا يُخلي نفسه من الخير، والدعوة إلى الله
جل وعلا ليست أمرا عسيرا؛ هي أمر يسير إذا انضبط المرء فيما يدعو إليه
بضوابط الشرع؛ يمكن أن تدعو المرأة في بيتها، يمكن أن يدعو الشاب في
مدرسته، يمكن أن يدعو العالم، يمكن أن يدعو إمام المسجد، كلٌّ بحسب ما
عنده، فهي متجزئة وليست شيئا واحدا إما أن يأتي جميعا أو أن يذهب جميعا.
فسيأتي في أخلاق الداعي وصفات الداعي ما ينبغي أن يتحلى به وما يجب أن يتحلى به وكيف يدعو إلى الله سبحانه.
المقدمة الثانية بين يدي أخلاق الداعي
الفرد أنّ أصل الدعوة قائم على التعبد، والدعوة تبليغ وليست إلزاما،
والإلزام هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا فرق جل وعلا بين
الدعوة وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في آية آل عمران، فقال
سبحانه ?وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ?[آل عمران:104]، ففرّق ما بين الدعوة والأمر والنهي،
والفرق ما بين الدعوة والداعي والمحتسب الآمر والناهي:
أنّ الداعية لا يلزم وإنما هو مبلغ إنما هو محبب مبشر.
أما الآمر والناهي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر المحتسب فهذا عنده سلطة من ولي الأمر يُلزم الناس بالأمر يلزم الناس بالحق.
فمثلا في الفرق بينهما:
فالداعي يأتي إلى من لا يصلي ويقول له الصلاة حكمها كذا، واجبة عليك، ويرغبه بالأساليب المحببة للنفوس لعله يستجيب.
الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يأتيه أيضا أولا بالأسلوب الحسن ويقول
له صل ما يعرض عليه فإن لم يستجب ألزمه، فإن لم يستجب عاقبه لأنه مخول
بذلك.
ولهذا يفرق ما بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع المسلم ومن يلي الحسبة من يلي الأمر والنهي، وما بين الداعي إلى الله
جل وعلا، والآية فرقت بالواو والعلماء يقولون الواو تقتضي المغايرة،
والمغايرة هنا مغايرة صفات لا مغايرة حقيقة؛ لأن الدعوة والأمر والنهي
الجميع دعوة؛ لكن ثم مغايرة في الصفات، كما غُيِرَ وفُرِّق ما بين الكتاب
والقرآن ?تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ?[الحجر:1]، فالكتاب
والقرآن شيء واحد؛ لكن جاء العطف بالواو ليقتضي التغاير في الصفات لا في
الذات، فالأمر والنهي والدعوة من حيث الذات شيء واحد؛ لكن من حيث الصفات
والأحوال متغاير كما نهبتك عليه.
ندخل في الأخلاق فنقول:
الدعوة إلى الله جل وعلا عبادة وهذا أمر بيّن واضح، ما وجه كونها عبادة؟ أن الله جل وعلا أمر بها وأثاب الداعي إلى الله جل وعلا وعظّم شأنه:
فأمر سبحانه بالدعوة في قوله ?فَلِذَلِكَ فَادْعُ? هذا أمر ?وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ?[الشورى:15].
وحضّ وبيّن عظم شأن الداعي بقوله ?وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ?[فصلت:33].
ومن المتقرر في الأصول أن المسألة أو أن الشيء إذا أمر به فهو عبادة، وإذا بُين الثواب على إتيانه فهو عبادة.
إذا كانت الدعوة عبادة فلا شك أن العبادة لهذا شرطان لصحتها وقَبولها:
أما الأول فهو الإخلاص.
وأما الثاني فهو المتابعة.
الإخلاص والسنة، فمن لم يأت في الدعوة بالإخلاص وبالسنة فإنه لم يأت
بالعبادة على وجهها الصحيح؛ بل هي غير مقبولة منه، ولهذا ما قُبلت دعوة
الخوارج، ولا قُبلت دعوة الضالين؛ لأنهم دعوا قد يكونون مخلصين لله دعوا،
يرغبون ما عند الله، لا يرجون الخلق، ولكنهم لم يتابعوا السنة فصاروا
مأزورين غير مأجورين؛ بل جعل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ
الخوارج كلاب أهل النار فقال في وصفهم «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه
مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاور حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم لمن قتلهم أجرا عند
الله جل وعلا» وهم يدعون ويجاهدون، ويخلصون؛ يعني يرون أن فعلهم هذا يقرب إلى الله ولم يعبؤوا بالخلق لكنهم ما تابعوا السنة، كانوا على خلاف طريقة السلف طريقة الصحابة رضوان الله عليهم فصار عملهم مردودا عليهم.
الإخلاص في الدعوة في الفرد، كيف يكون أحدنا مخلصا في الدعوة إلى الله؟
ضابط الإخلاص العام الذي يكون في جميع العبادات أن يَقصد وجه الله
جل وعلا بالعمل وأن لا يقصد غيره كما قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» فالقصد وجه الله جل وعلا بالأعمال والأقوال، فمن قصد وجه الله وحده يريد ما عنده فهذا عنده الإخلاص العام.
وضابط الإخلاص الخاص في الدعوة؛ لأن الإخلاص هناك إخلاص عام يشمل كل المسائل، وفي كل مسألة ضابط للإخلاص خاص يميزها عن غيرها.
نقول: ضابط الإخلاص في طلب العلم أن ينوي رفع الجهل عن نفسه، فمن طلب
العلم سواء في الجامعات في المساجد أو في الجماعات أو في أي مكان أو استمع
إلى دروس ينوي بذلك رفع الجهل عن نفسه، هذا ضابط خاص، مع النية العامة في
الإخلاص وهو يقصد بذلك التقرب إلى الله جل وعلا.
كذلك في الدعوة مع نيته التقرب إلى الله
جل وعلا وحده دونما سواه، ضابط الإخلاص في الدعوة أن ينوي دِلالة الخلق
إلى ربهم جل وعلا، وأن لا يكون مترفِّعًا بينهم، كما قال جل وعلا ?قُلْ
هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ
اتَّبَعَنِي?[يوسف:108] قال إمام الدعوة في مسائل كتاب التوحيد في قوله
?إِلَى اللّهِ? تنبيه على الإخلاص لأن -يعني معنى كلامه- لأن هناك من يدعو
إلى الله وهو يدعو إلى نفسه أو إلى شيخه؛ يعني أن الداعي إلى الله
يريد بدعوته أن يُقَرِّب الخلق إلى ربهم أن يجعل هذا العبد الذي أمامه
عبدا حقيقيا لله جل وعلا، أن يدله ليكون قلبه ذليلا لربه جل وعلا، هذا
يكون مخلصا، أما إذا دله ليترفع هو ليشتهر هو ليظهر هو، أو دعا ليكون
منتسبا إلى فلان فهذا خلاف الإخلاص، وما أكثر من يقع في هذا وهو لا يدعو.
وهذا إذا طرأ على النفس فواجب أن ينطرح العبد بين يدي ربه يسأله أن يكون مخلصا في أقواله وأعماله. هذا الإخلاص.
أما الثاني فهو السنة؛ يعني الدعوة أهم الأخلاق والصفات في الداعي
أن يكون في عبادته بالدعوة مخلصا على سنة، أما على سنة؛ فأن لا يدعو إلى
شيء يخالف السنة، وأن يكون في دعوته متّبعا طريقة السلف الصالح؛ يعني أنّه
إذا دعا إلى الله
جل وعلا يدعو إلى ما يعلم ويأتينا صفة العلم، يدعو إلى السنة، يدعو إلى
أن يكون من دعي تبعا لمحمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، ما يدعو
لأهواء لفرق، ما يدعو لآراء يدعو إلى شيء يعلمه من الكتاب والسنة واضح بين
جلي، وإذا اشتبهت الأمور فخذ بالمتيقن، إياك والأمور المشتبهة؛ لأن المرء
إذا دخل في الدعوة بأمور مشتبهة ربما حبط عمله وهو لا يشعر، فإنه لا يكون
على سنة، وقد جاء في حديث أبي ثعلبة وهو حديث حسن عند طائفة من العلماء
قال فيه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وهو حديث طويل «حتى إذا رأيت شحا
مطاعا، وهوى متبعا ودنيا [منكرة] وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة
نفسك ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر» إلى آخر الحديث، وجاء
في الحديث أيضا أنه قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ حينما سئل: وهل
بعد ذلك الشر من خير؟ قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «نعم» يعني في
آخر الزمان، وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال «نعم وفيه دخن» قال وما دخنه؟
قال «قوم يهدون بغير هديي ويستنون بغير سنتي تعرف منهم وتنكر» فقوله
(يهدون) يعني يدعون، (يهدون بغير هديي تعرف منهم) يعني عندهم أشياء صواب
موافقة للسنة (وتنكر) وعندهم أشياء مخالفة للسنة، قال: فما تأمرني؟ يعني
إذا وجدت هؤلاء قال «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» قال: فإن لم يكن لهم
جماعة ولا إمام؟ قال «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى
يأتيك الموت وأنت على ذلك».
إذن فالسنة في الدعوة من أهم المهمات، وأن لا يكون المرء في دعوته يسير
حسب هواه -وهذا سيأتي في الصفات- أن لا يسير حسب هواه، فالاتباع والإخلاص
أن يكون محكما على نفسه هذا الشرط -شرط الإخلاص ومتابعة السنة- حتى يكون
عمله مقبولا.
الخلق الثاني والصفة الثانية للفرد العلم، فليس ثم دعوة بلا علم، ومعلوم
أن العلم يتجزأ، العلم واسع، العلم الشرعي واسع، فالعلم يتجزأ.
فإذن الدعوة تتجزأ، قال جل وعلا ?قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى
اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ?[يوسف:108]، قال العلماء: البصيرة العلم. وسُمي
العلم بصيرة لأن العلم للقلب كالبصر للعين، العلم يبين لك الصورة ما تشتبه
عليك، إذا اشتبهت على الجاهل أو على العامي أم على طالب العلم أو العالم
مهما اشتبهت مهما جاءت الفتن تكون واضحة أمامه؛ لأن العلم بتوفيق الله جل وعلا يبين لك الطريق.
إذن العلم هو البصيرة، والعلم متجزئ؛ فإذن الدعوة تكون متجزئة.
مثلا أنت علمت مسألة من مسائل التوحيد، وجوب التوحيد، وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، رد الشرك بأنواعه، رد عبادة الأولياء والقبور والأوثان، وعلمت وجوب تحكيم شرع الله، وعلمت وجوب وصف الله جل وعلا بما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تدعو إلى هذا الأصل الذي علمته.
تأتي في أمر الصلاة واحد ما علم هذا بوضوح؛ لكن يعلم أن الصلاة واجبة، وأن الصلاة من حيث ينادى بها واجبة.
فإذن يدعو إلى ذلك؛ لأنه علمه، ما يقول: أنا لست بها لم، لا، أدع، تدعو
يعني تحبب تتلو الحديث الذي فيه، تتلو الآية التي فيها الحض على ذلك
وهكذا، في أمر الزكاة إذا علمت كذلك، في أمر الصيام في أمر المبايعات في
أمر الأخلاق في الاجتماعات إلى آخره، فكل من عنده علم فله أن يدعو إلى ما
علمه، علمه يعني بيقين، علمه بنص من كتاب أو سنة ووضّح له هذا وأبانه عالم
من العلماء حتى لا يكون النص منسوخا أو مقيدا أو مخصوصا إلى آخر ذلك.
إذن فالعلم لابد منه فمن لم يعلم شيئا لا تتكلم اللسان يهوي بك في جهنم،
فتدعو إلى شيء لا تعلمه، هكذا الدعوى بالرأي، لا، الدعوة بالأهواء لا
الدعوة خلافة لمحمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، فإن محمدا عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وإخوانه من الأنبياء ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ
وافر.
والدعوة كون على بصيرة ?قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي?[يوسف:108].
فإذن هذه المسألة مهمة، مهمة للغاية وهو أنك تدعو وتنطلق بالدعوة؛ لكن إلى
ما علمت الشيء الذي لا تعلمه لا تدعو إليه، ولا تنهى أيضا عن شيء لا تعلم
حكمه فقد تنهى عن شيء ويشتهر وينتشر أنه منهي عنه وهو في الواقع في
الشريعة غير منهي عنه، قد تقول هو محرم وهو ليس بمحرم وهو مكروه، قد تقول
هو واجب وهو ليس بواجب مستحب.
ولهذا حبذا إذا دعا الداعي
في المسائل التي يدعو إليها ولم يكن طالب علم متمكن أن يجتنب الألفاظ
الفقهية المحددة، ما يقول واجب مستحب محرم مكروه؛ لأنه قد لا يكون مصيبا
فيها فيقول على الله جل وعلا بلا علم، وربنا سبحانه حرم القول عليه بلا علم، وإنما يقول: أمر الله بكذا، نهى الله عن كذا، أمرنا نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكذا، نهى عن كذا. قال لك: واجب؟ تقول أمر ومن امتثل الأمر فهو الممتثل.
وهذه مهمة في حال الداعية أو في حال طالب العلم؛ لأنه تأتي أحيانا أمور
مشكلة عنده وهو يتكلم بالدعوة؛ هل يقول هو واجب، يحرجه السائل هو واجب أو
غير واجب؟ فتقول أمر نبينا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بذلك.
فإذن مسألة العلم مهمة في خلق الداعي
وفي صفته، لا دعوة بلا علم، ولذلك الدعوة الفردية دعوة الفرد إذا لم تكن
على علم -وكذلك الجماعية فيما يأتي مع اختلاف في الضوابط- الدعوة الفردية
بلا علم ليست دعوة، وإنما هي إضلال، فلابد أن يكون المرء عنده علم، ولو كل
واحد منا اقتصر على ما علم انتشر خير كثير؛ لأن كل واحد منا ولله الحمد
عنده من العلم ما يسعه بأن يدعو إليه.
إذا تبين ذلك فازدياد المرء في العلم له به ازدياده في الدعوة، كلما ازددت
في العلم ازددت في الدعوة على بصيرة، وكلما نقص العلم نقصت الدعوة على
بصيرة.
الخلق والوصف الثالث من صفات الداعي إلى الله أن يكون الداعي إلى الله جل وعلا حكيما.
والحكمة يعرفها أهل العلم بأنها: وضع الشيء في مواضعه اللائقة به الموافقة للغايات المحمودة منه.
وضع الشيء في موضعه هذا عدل، وضع الشيء في غير موضعه هذا ظلم.
أما الحكمة غير العدل، الحكمة أن تضع الشيء في موضعه اللائق به الموافق
للغايات المحمودة منه، فقد ينظر المرء في الدعوة إلى أنه يضع الشيء في
موضعه الآني الحالي؛ لكنه لا يوافق الغاية المحمودة، فلا يكون حكيما في
الدعوة، والله جل وعلا جعل نبيه داعيا إلى الله، ولهذا أنزل عليه الكتاب
والحكمة، والحكمة هي السنة؛ لأن السنة هي التي فيها وضع الأشياء في مواضعها
الموافقة للغايات المحمودة منها.
إذا اجتهد المرء في الدعوة فلابد أن ينظر؛ يعني مثلا في الحكمة في تطبيق التعريف العام ثم نأتي إلى التطبيقات الفردية.
مثلا يأتي في مسألة وينظر هل يدعو إلى هذا الشيء أو لا يدعو؟ إذا دعوت إلى
هذا الشيء المعين ماذا سينتج منه، فإذا كان سينتج منه خير فإن الحكمة أن
تدعو، إذا كنت ستدعو لكن سينتج منه شر فإن الحكمة أن لا تدعو لذلك.
مثاله أن تأتي في مجلس مثلا، ويأتي آت ويتكلم بكلام غير طيب؛ لكن لو رددت
عليه لانتقل منه إلى ما هو أشد، بعض الناس ما يسلم لك في الدعوة، أليس
كذلك؟ تظن أنك تقنعه لا هو يزيد، فإذا كان سيزيد فالحكمة الصمت، ولا يقال
فلان صمت لأنه صمت عن حكمة؛ لأنه يخشى أن المرء ذاك ينتقل من هذا للذي هو
أدنى إلى ما هو أعلى منه، فلهذا ربنا جل وعلا نهى عن سب آلهة المشركين مع
أن سب الأوثان قربة إلى الله جل وعلا؛ لكن نهى عن سب آلهة المشركين بحضرة من يعبد تلك الآلهة لم؟ لأجل أن لا يسبوا الله
جل وعلا، هذه الحكمة ?وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ
اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ?[الأنعام:108]، نعم
قد يكون في موضع الحكمة أن تسكت، واحد، يقول فلان سكت، نعم سكت عن حكمة.
ولهذا وصف عمر بن عبد العزيز رحمه الله
تعالى ورضي عنه وصف الصحابة بوصف عظيم فقال في وصف الصحابة: عليك بهديهم
فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا؛ يعني على علم وقفوا فيما دعوا إليه
وفيما عملوه، (وببصر نافذ كفوا) فيما كفوا عنه ما كفوا عنه عجزا؛ لكن
حكمة، ولهذا يختلف الشاب عن الشيخ عن الكبير يختلف الجاهل عن العالم في
أمر الحكمة وفي معطياتها، من لم يكن حكيما فلا يصلح للدعوة؛ لأنه ربما
أفسد وربما نقل الأمور إلى ما لا يحمد.
فإذن من أخلاق الداعي ومن صفاته الحكمة، وكما ذكرت لكم الحكمة لابد فيها من الموافقة للغايات المحمودة.
هذا كما ذكرت لك مثال عام عن الحكمة.
نأخذ مثالا تطبيقيا تأتي مثلا إلى شخص، مثلا تدعو إلى الله
جل وعلا فيه شاب عندك أخٌ لك أو قريب أو نحو ذلك، أتيته مثلا وهو ينظر
إلى أشياء عنده في البيت مما لا ينبغي النظر إليه أو مما لا يجوز النظر
إليه، أنت الآن تدعوه إلى شيء وتأمره وستحضه على شيء، هنا لابد أن تنظر في
فعلك هذا إلى شيء سينتقل، فإذا كان تقول له والله هذه أشياء ما تصلح،
ويخرج ويذهب مع أصحابه وسيذهب مع أصحابه إلى كبيرة من الكبائر، هل يناسب
أن تدعوه في هذا الموقع، هل يناسب أن تنهاه في هذا الموقع؟ لا، لأن ما به
من الشر أقل مما تتوقع أن يذهب إليه؛ لكن لو أخذته هيا بنا نزور أحد في
زيارة صلة رحم، نذهب إلى المسجد، نتلو القرآن، أو عمل صالح، أو في نزهة
مباحة، هذا أمر طيب لأنه انتقل مما هو أدنى إلى ما هو أعلى، وهذه يقدرها الداعي إلى الله جل وعلا بتقديرها.
ولهذا القصة المشهورة عن شيخ الإسلام ابن تيمية المعروفة أنه أتى قوما هو وأصحابه رحمهم الله
أتوا على قوم من التتار وهم يشربون الخمر في الشارع، فقال بعض أصحاب شيخ
الإسلام له: هيا بنا نريق الخمور وننكر عليهم، فقال شيخ الإسلام: لا دعوهم
فإنهم لو صحوا لسفكوا دماء المسلمين.
فإذن كونهم يقعون دائما سكرانين أحسن من يصحون ويروحون يذبحون في المسلمين أو يتعرضون لأموالهم أو لأعراضهم.
هذه حكمة من الداعي.
كذلك في مخالطة المرء في تطبيقات الحكمة مع والده كثير من الإخوان والشباب لا يحسن دعوة والديه، مع والده لا يطبق قول الله
جل وعلا ?وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا?[لقمان:15]، ?أَنِ
اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ?[لقمان:14]، ما يحسن، يأتي كأنه أعلى من
والديه، لا، كذلك مع أهلك ما يحسن ترقية الأهل من شيء إلى شيء، ما يحسن
تحبيب الخير إليهم، لابد في الدعوة من حكمة أن تنظر في الدعوة إلى الغاية
المحمودة منه، ليست كل من يدعو في كل مكان هو الحكيم، قد يكون في مكان تؤخر
الدعوة ولا يقال شيء، يكتفى بالخلق الحسن، يكتفى بالتودد بالتراحم
بالصلة، فيكون هذا فيه رسالة وفيه دعوة.
إذن الداعي إلى الله جل وعلا بعد الإخلاص والعلم لابد أن يكون حكيما، فإذا كان حكيما كان على هدى وخير.
الصفة الرابعة -الخلق والصفات كما ذكرنا بالمعنى العام شيء واحد- الخلق
الرابع والصفة الرابعة في الداعية المفرد أن يكون الداعية إلى الله جل وعلا متنزها عن الهوى.
والهوى مركب لذيذ، مركب لذيذ، إذا سرى الهوى يحسن ويأتي الشيطان ويحسّن
للعبد أن يركب الهوى، فمعنى الهوى؟ يعني ما تشتهيه دون نظر في حكم الشرع
فيه، تهوى هذا الشيء فتفعله، الداعية إذا كان صاحب هوى هو يفسد أكثر مما
يصلح، كيف يكون صاحب هوى؟ يعني أنه لا ينظر في الحكم الشرعي في فعله؛ بل
ما بدا له من الحسن في أمور الدعوة يدعو إليه وما بدا إليه من السوء
يتركه، بحسب المصالح التي يقدرها بحسب رأيه الخاص دون عرض على الشريعة،
ولذلك كل صاحب هوى فهو مفسد في الدعوة، والدعوة لا تصلح مع الهوى؛ لأن
الدعوة تعبد، والتعبد رفع لداعية الهوى، والهوى عكس ذلك إبقاء لداعية
الهوى.
خذ أمثلة على الهوى الذي يأتي في حال الدعوة:
وأنت تدعو في حال الدعوة أنت تكلم بشر، تحتاج إلى إقناع، تحتاج إلى حوار،
تحتاج إلى آلات تدعو بها، قد يأتي وأنت تحاور ذلك يرد عليك، فإذا رد عليك
أو عاملك معاملة غير حسنة، قد يكون من في بيتك؛ قد يكون ابنك، وقد يكون
والديك، وقد يكون زوجك، وقد يكون ابنك إلى آخره، هنا تأتي هل تنتصر للشرع
أو تنتصر للهوى؟ فإن خلطت بينهما صارت المسألة هوى.
ولهذا خذ من أمثلة الإخلاص والتنزه عن الهوى في الأمور قصة تنشّط للحافظ ابن رجب عبد الرحمن بن أحمد بن رجب زين الدين رحمه الله
كانوا يقرؤون عليه، فمرت بهم مسألة ففصل فيها الكلام، وذكر كلام العلماء
ورجح وأصل وفصل بكلام بديع حسن سر به طلابه وتلامذته، قال أحد تلامذته:
فذهبنا مع شيخنا إلى فلان القاضي وطُرحت المسألة، فسكت شيخنا ولم يتكلم
فيها أولئك بكلام حسن، ولم يفدهم شيخنا بما أفادنا، وكان بودنا لو أن
تكلّم -يعني من رغبة الطالب ومحبته لشيخه أن لو تكلم حتى يظهر فضله على
غيره- فلما انصرفنا قلنا له يا شيخنا: فصلت لنا في المسألة صباحا، ولما
كان في المجلس وعرضت لم تتكلم؟ فقال: أما مجلسنا في الدرس فذاك يراد به
وجه الله، وأما ذلك المقام مع العلماء فذاك يراد به الذكر، وأخشى أن
يغلبني الهوى، هذه من يتخلّص منها، تحتاج إلى تقاصر النفس على حكم الشرع،
ولهذا كثير من الناس ما يقصر نفسه على حكم الشرع .... (1)
إلا في هذا العصر، وأما قبل ذلك فلا توجد جماعة بالمعنى الحاضر بل توجد
مجموعات وفرق ما بين الجماعة وما بين المجموعات هذا من حيث الحدوث إذن هي
حادثة وليس لها مثيل في السابق.
المقدمة الثانية أن الجماعات المعاصرة اتّخذت في دعوتها أشياء محدثة أيضا، ومنها وهو أهمها التحزب.
والتحزب ما معناه؟ معناه أن يكون ثَم ولاء وبراء، محبة وبغض على مبادئ
الحزب، مبادئ الجماعة، كيف؟ يعني تأتي مثلا جماعة من الجماعات من وافقها في
أقوالها فهو الحبيب الذي تعطى له حقوق المسلم، ومن خالفها فهو عدوها، هذا
مظهر حزبي مخالف للسنة وللشرع حينما قال جل وعلا ?وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ? في وصف الإيمان ?بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ?[التوبة:71]،
فالمؤمن للمؤمن ولي ينصره بالحق ويواليه بالحق، وإذا جاء بغير الحق فهو
ضده.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، نشهد أنّه بلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله
حق الجهاد، وتركنا بعده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ على طريقٍ بيضاء
نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلا هالك.
اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد ما تتابع الليل والنهار كلّما صلى عليه المصلون وكلما غفل عن الصلاة عنه الغافلون.
أما بعد:
فأسأل الله جل جلاله أن يجعلني وإياكَ ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر.
وأسأله سبحانه أن يجعلني وإياك أخي من الذين يدعون إلى الله
جل وعلا على بصيرة إذْ هم أولياء محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ
?قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ
وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ?[يوسف:108]
موضوع هذه المحاضرة:
أخلاق الدَّاعي إلى الله وصفاتُه
وأخلاق الداعي إلى الله هي دينه؛ لأن الخُلق يطلق في الشريعة على شيئين:
على معنًى عام وهو الدين، فالدين كله خلق قال جل وعلا في وصف نبينا
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ?وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ
عَظِيمٍ?[القلم:4]، وثبت في صحيح مسلم أن عائشة رضي الله
عنها قالت في وصف النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ: كان خلقه
القرآن. يعني أنه كان قرآنا يمشي، يمتثل القرآن في عبادته، وفي توحيده،
وفي خلقه، في تعامله مع نفسه، وفي تعامله مع من حوله، فهو وحي يوحى
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
فهذا الإطلاق العام بمعنى الخُلق في الشريعة؛ لأن الخُلق يشمل كل أحكام
الشريعة من العقيدة ومن امتثال الأمور العبادية والمعاملات والآداب إلى
غير ذلك.
وهذا الإطلاق أثره ما يسمّيه الناس بالأخلاق، فإنّ الخلاق التي يسمي الناس
من تحلّى بها هذا صاحب خُلق، هذه من آثار الالتزام بالشريعة، ومن لم يكن
خلقه حسنا فلم يلتزم بالشريعة، ولهذا وثبت في الصحيح أن النبي عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ مدح ذوي الخلق الحسن فقال «إن من أدناكم مني منزلا
يوم القيامة أحاسِنُكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون»
فإذن ما يسميه الناس الخلق الحسن وصاحب أخلاق، هذه من باب التمثيل، ولا
يكون صاحب خلق حسن إلا إذا كان قد حكّم القرآن والسنة على نفسه، وأمّر
السنة على نفسه قولا وعملا.
وتأمير السنة على النفس ليس بالأمور الظاهرة في أمور الملبس وفي أمور
الشكل العام فقط! لا؛ بل يشمل -وهو من الأمور المهمة- كل ما فيه صلة
بالآخرين، فكل ما فيه نوع من التعامل مع الناس، فإن امتثال الشريعة في ذلك
من الخلق، فصاحب الخلق الحسن هو الذي يتمثّل القرآن ما استطاع في أقواله
وفي أعماله على نفسه وفي أنواع تعامله ومع الأفراد ومع المجتمع.
الإطلاق الثاني الذي جاء في الشريعة أنّ صاحب الخلق الحسن هو الذي أُعطي
ملكة تحلّى فيها لما يمدح من تعامله مع الناس فيما يأتي وفيما يذر، وفي
هذا قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ
حَسَنٍ»، «اِتَّقِ الله
حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيَّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا،
وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، فالخلق الحسن هذا إطلاق خاص في
التعامل مع الناس في أن يكون رحيما بهم رؤوفا بهم يأتي إليهم ما يحب أن
يأتوا إليه، وهذا كما ذكرنا في النوع الأول هو الذي يفهمه الناس من إطلاق
لفظ الأخلاق الحسنة.
إذا تبين ذلك فبحث أخلاق الداعي إلى الله
جل وعلا وصفاته؛ بحث الخلق وما يتحلى به الموحد المؤمن صاحب السنة من
الأخلاق هذا قسم ونوع وباب من أبواب عقيدة أهل السنة والجماعة.
فعقيدة أهل السنة والجماعة تشمل ثلاثة أقسام:
تشمل بيان أركان الإيمان الستة وما يتصل بذلك الإيمان بالله؛ توحيده في
ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، إيمان بالملائكة بالكتب بالرسل باليوم
الآخر بالقدر خيره وشره من الله تعالى وما يبحث في ذلك.
وأيضا القسم الثاني من أقسام العقيدة -عقيدة أهل السنة والجماعة- أن يكون
على نهج صحيح في أنواع التعامل مخالفا الفرق الضالة، ولهذا بحث أهل السنة
في العقيدة مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسائل طاعة الولاة
وعدم الخروج على الوالي وطاعة الوالي في غير المعصية، وبحثوا مسائل
الصحابة وأمهات المؤمنين، وبحثوا مسألة المسح على الخفين، وبحثوا الحج
والجهاد مع الأمراء أبرارا كانوا أم فجارا، وبحثوا مسائل كثيرة صارت من
العقيدة؛ لأنه بها فارق السني أهل البدع.
والقسم الثالث من الاعتقاد الأخلاق.
ولهذا لو تأمل متأمل الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية لوجده قسمها هذه
الأقسام الثلاثة فبين فيها أن هذه الرسالة موضوعة لبيان معتقد أهل السنة
والجماعة فقال في أولها (أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية والطائفة
المنصورة أهل السنة والجماعة) وساق معتقدهم ثم في آخره ذكر أخلاقهم في
أنفسهم وعبادتهم وذكر صفات أهل السنة والجماعة قال: وهم يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر وهم يأمرون بالصلاة ويقومون الليل ويصلون الأرحام
ويأمرون بذلك ويخالقون الناس بخلق حسن، إلى آخر ما ذكر فيها من موضوعات.
إذن الكلام عن أخلاق الداعي
ليس كلاما أدبيا، ليس كلاما في الآداب، ومن رأى الفصل في هذه الثلاث في
عقيدة أهل السنة والجماعة، فلم يفهم عقيدة أهل السنة والجماعة، فصاحب
السنة هو الذي يمتثل هذه الثلاثة، فتجد أنّه في خلقه في دعوته ممتثلا
السنة، كما أنه في أمور التعامل ممتثلا السنة، كما أنه في أمور العقيدة
ممتثل السنة.
هذا بعموم يبين أن هذا قد تماثل سنة محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ، ولا شك أن القسمين الأولين من العقيدة والمنهج هذا واجب،
والأخلاق منقسمة إلى ما هو واجب وما هو مستحب بحسب تفاصيلها في ذلك.
إذا تبين هذا فالكلام عن أخلاق الداعي إلى الله وصفات الداعي إلى الله يُمكن أن يقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أخلاق الداعي إلى الله وصفاته إذا كان فردا.
والقسم الثاني: أخلاق الداعي إلى الله وصفاته إذا كان الداعي جماعة أو مجموعة.
أما القسم الأول فنقدم له بمقدمة.
وهي أن الدعوة إلى الله تبين لبعض منكم ممن حضر بعض هذه المحاضرات أن الدعوة إلى الله
مهمة، وأنها منوطة بالجميع بما يعلم؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ أمر بالتبليغ فقال «بلغوا عني ولو آية» وقال عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داوود وغيره «نضر الله وجه امرئ سمع مني حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلّغ أوعى له من سامع».
أهمية الدعوة إلى الله وحكم الدعوة إلى الله تبين لكم في بعض هذه المحاضرات.
والمهم أن كل واحد منا ينبغي أن لا يُخلي نفسه من الخير، والدعوة إلى الله
جل وعلا ليست أمرا عسيرا؛ هي أمر يسير إذا انضبط المرء فيما يدعو إليه
بضوابط الشرع؛ يمكن أن تدعو المرأة في بيتها، يمكن أن يدعو الشاب في
مدرسته، يمكن أن يدعو العالم، يمكن أن يدعو إمام المسجد، كلٌّ بحسب ما
عنده، فهي متجزئة وليست شيئا واحدا إما أن يأتي جميعا أو أن يذهب جميعا.
فسيأتي في أخلاق الداعي وصفات الداعي ما ينبغي أن يتحلى به وما يجب أن يتحلى به وكيف يدعو إلى الله سبحانه.
المقدمة الثانية بين يدي أخلاق الداعي
الفرد أنّ أصل الدعوة قائم على التعبد، والدعوة تبليغ وليست إلزاما،
والإلزام هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا فرق جل وعلا بين
الدعوة وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في آية آل عمران، فقال
سبحانه ?وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ?[آل عمران:104]، ففرّق ما بين الدعوة والأمر والنهي،
والفرق ما بين الدعوة والداعي والمحتسب الآمر والناهي:
أنّ الداعية لا يلزم وإنما هو مبلغ إنما هو محبب مبشر.
أما الآمر والناهي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر المحتسب فهذا عنده سلطة من ولي الأمر يُلزم الناس بالأمر يلزم الناس بالحق.
فمثلا في الفرق بينهما:
فالداعي يأتي إلى من لا يصلي ويقول له الصلاة حكمها كذا، واجبة عليك، ويرغبه بالأساليب المحببة للنفوس لعله يستجيب.
الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يأتيه أيضا أولا بالأسلوب الحسن ويقول
له صل ما يعرض عليه فإن لم يستجب ألزمه، فإن لم يستجب عاقبه لأنه مخول
بذلك.
ولهذا يفرق ما بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع المسلم ومن يلي الحسبة من يلي الأمر والنهي، وما بين الداعي إلى الله
جل وعلا، والآية فرقت بالواو والعلماء يقولون الواو تقتضي المغايرة،
والمغايرة هنا مغايرة صفات لا مغايرة حقيقة؛ لأن الدعوة والأمر والنهي
الجميع دعوة؛ لكن ثم مغايرة في الصفات، كما غُيِرَ وفُرِّق ما بين الكتاب
والقرآن ?تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ?[الحجر:1]، فالكتاب
والقرآن شيء واحد؛ لكن جاء العطف بالواو ليقتضي التغاير في الصفات لا في
الذات، فالأمر والنهي والدعوة من حيث الذات شيء واحد؛ لكن من حيث الصفات
والأحوال متغاير كما نهبتك عليه.
ندخل في الأخلاق فنقول:
الدعوة إلى الله جل وعلا عبادة وهذا أمر بيّن واضح، ما وجه كونها عبادة؟ أن الله جل وعلا أمر بها وأثاب الداعي إلى الله جل وعلا وعظّم شأنه:
فأمر سبحانه بالدعوة في قوله ?فَلِذَلِكَ فَادْعُ? هذا أمر ?وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ?[الشورى:15].
وحضّ وبيّن عظم شأن الداعي بقوله ?وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ?[فصلت:33].
ومن المتقرر في الأصول أن المسألة أو أن الشيء إذا أمر به فهو عبادة، وإذا بُين الثواب على إتيانه فهو عبادة.
إذا كانت الدعوة عبادة فلا شك أن العبادة لهذا شرطان لصحتها وقَبولها:
أما الأول فهو الإخلاص.
وأما الثاني فهو المتابعة.
الإخلاص والسنة، فمن لم يأت في الدعوة بالإخلاص وبالسنة فإنه لم يأت
بالعبادة على وجهها الصحيح؛ بل هي غير مقبولة منه، ولهذا ما قُبلت دعوة
الخوارج، ولا قُبلت دعوة الضالين؛ لأنهم دعوا قد يكونون مخلصين لله دعوا،
يرغبون ما عند الله، لا يرجون الخلق، ولكنهم لم يتابعوا السنة فصاروا
مأزورين غير مأجورين؛ بل جعل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ
الخوارج كلاب أهل النار فقال في وصفهم «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه
مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاور حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم لمن قتلهم أجرا عند
الله جل وعلا» وهم يدعون ويجاهدون، ويخلصون؛ يعني يرون أن فعلهم هذا يقرب إلى الله ولم يعبؤوا بالخلق لكنهم ما تابعوا السنة، كانوا على خلاف طريقة السلف طريقة الصحابة رضوان الله عليهم فصار عملهم مردودا عليهم.
الإخلاص في الدعوة في الفرد، كيف يكون أحدنا مخلصا في الدعوة إلى الله؟
ضابط الإخلاص العام الذي يكون في جميع العبادات أن يَقصد وجه الله
جل وعلا بالعمل وأن لا يقصد غيره كما قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» فالقصد وجه الله جل وعلا بالأعمال والأقوال، فمن قصد وجه الله وحده يريد ما عنده فهذا عنده الإخلاص العام.
وضابط الإخلاص الخاص في الدعوة؛ لأن الإخلاص هناك إخلاص عام يشمل كل المسائل، وفي كل مسألة ضابط للإخلاص خاص يميزها عن غيرها.
نقول: ضابط الإخلاص في طلب العلم أن ينوي رفع الجهل عن نفسه، فمن طلب
العلم سواء في الجامعات في المساجد أو في الجماعات أو في أي مكان أو استمع
إلى دروس ينوي بذلك رفع الجهل عن نفسه، هذا ضابط خاص، مع النية العامة في
الإخلاص وهو يقصد بذلك التقرب إلى الله جل وعلا.
كذلك في الدعوة مع نيته التقرب إلى الله
جل وعلا وحده دونما سواه، ضابط الإخلاص في الدعوة أن ينوي دِلالة الخلق
إلى ربهم جل وعلا، وأن لا يكون مترفِّعًا بينهم، كما قال جل وعلا ?قُلْ
هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ
اتَّبَعَنِي?[يوسف:108] قال إمام الدعوة في مسائل كتاب التوحيد في قوله
?إِلَى اللّهِ? تنبيه على الإخلاص لأن -يعني معنى كلامه- لأن هناك من يدعو
إلى الله وهو يدعو إلى نفسه أو إلى شيخه؛ يعني أن الداعي إلى الله
يريد بدعوته أن يُقَرِّب الخلق إلى ربهم أن يجعل هذا العبد الذي أمامه
عبدا حقيقيا لله جل وعلا، أن يدله ليكون قلبه ذليلا لربه جل وعلا، هذا
يكون مخلصا، أما إذا دله ليترفع هو ليشتهر هو ليظهر هو، أو دعا ليكون
منتسبا إلى فلان فهذا خلاف الإخلاص، وما أكثر من يقع في هذا وهو لا يدعو.
وهذا إذا طرأ على النفس فواجب أن ينطرح العبد بين يدي ربه يسأله أن يكون مخلصا في أقواله وأعماله. هذا الإخلاص.
أما الثاني فهو السنة؛ يعني الدعوة أهم الأخلاق والصفات في الداعي
أن يكون في عبادته بالدعوة مخلصا على سنة، أما على سنة؛ فأن لا يدعو إلى
شيء يخالف السنة، وأن يكون في دعوته متّبعا طريقة السلف الصالح؛ يعني أنّه
إذا دعا إلى الله
جل وعلا يدعو إلى ما يعلم ويأتينا صفة العلم، يدعو إلى السنة، يدعو إلى
أن يكون من دعي تبعا لمحمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، ما يدعو
لأهواء لفرق، ما يدعو لآراء يدعو إلى شيء يعلمه من الكتاب والسنة واضح بين
جلي، وإذا اشتبهت الأمور فخذ بالمتيقن، إياك والأمور المشتبهة؛ لأن المرء
إذا دخل في الدعوة بأمور مشتبهة ربما حبط عمله وهو لا يشعر، فإنه لا يكون
على سنة، وقد جاء في حديث أبي ثعلبة وهو حديث حسن عند طائفة من العلماء
قال فيه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وهو حديث طويل «حتى إذا رأيت شحا
مطاعا، وهوى متبعا ودنيا [منكرة] وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة
نفسك ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر» إلى آخر الحديث، وجاء
في الحديث أيضا أنه قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ حينما سئل: وهل
بعد ذلك الشر من خير؟ قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «نعم» يعني في
آخر الزمان، وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال «نعم وفيه دخن» قال وما دخنه؟
قال «قوم يهدون بغير هديي ويستنون بغير سنتي تعرف منهم وتنكر» فقوله
(يهدون) يعني يدعون، (يهدون بغير هديي تعرف منهم) يعني عندهم أشياء صواب
موافقة للسنة (وتنكر) وعندهم أشياء مخالفة للسنة، قال: فما تأمرني؟ يعني
إذا وجدت هؤلاء قال «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» قال: فإن لم يكن لهم
جماعة ولا إمام؟ قال «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى
يأتيك الموت وأنت على ذلك».
إذن فالسنة في الدعوة من أهم المهمات، وأن لا يكون المرء في دعوته يسير
حسب هواه -وهذا سيأتي في الصفات- أن لا يسير حسب هواه، فالاتباع والإخلاص
أن يكون محكما على نفسه هذا الشرط -شرط الإخلاص ومتابعة السنة- حتى يكون
عمله مقبولا.
الخلق الثاني والصفة الثانية للفرد العلم، فليس ثم دعوة بلا علم، ومعلوم
أن العلم يتجزأ، العلم واسع، العلم الشرعي واسع، فالعلم يتجزأ.
فإذن الدعوة تتجزأ، قال جل وعلا ?قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى
اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ?[يوسف:108]، قال العلماء: البصيرة العلم. وسُمي
العلم بصيرة لأن العلم للقلب كالبصر للعين، العلم يبين لك الصورة ما تشتبه
عليك، إذا اشتبهت على الجاهل أو على العامي أم على طالب العلم أو العالم
مهما اشتبهت مهما جاءت الفتن تكون واضحة أمامه؛ لأن العلم بتوفيق الله جل وعلا يبين لك الطريق.
إذن العلم هو البصيرة، والعلم متجزئ؛ فإذن الدعوة تكون متجزئة.
مثلا أنت علمت مسألة من مسائل التوحيد، وجوب التوحيد، وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، رد الشرك بأنواعه، رد عبادة الأولياء والقبور والأوثان، وعلمت وجوب تحكيم شرع الله، وعلمت وجوب وصف الله جل وعلا بما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تدعو إلى هذا الأصل الذي علمته.
تأتي في أمر الصلاة واحد ما علم هذا بوضوح؛ لكن يعلم أن الصلاة واجبة، وأن الصلاة من حيث ينادى بها واجبة.
فإذن يدعو إلى ذلك؛ لأنه علمه، ما يقول: أنا لست بها لم، لا، أدع، تدعو
يعني تحبب تتلو الحديث الذي فيه، تتلو الآية التي فيها الحض على ذلك
وهكذا، في أمر الزكاة إذا علمت كذلك، في أمر الصيام في أمر المبايعات في
أمر الأخلاق في الاجتماعات إلى آخره، فكل من عنده علم فله أن يدعو إلى ما
علمه، علمه يعني بيقين، علمه بنص من كتاب أو سنة ووضّح له هذا وأبانه عالم
من العلماء حتى لا يكون النص منسوخا أو مقيدا أو مخصوصا إلى آخر ذلك.
إذن فالعلم لابد منه فمن لم يعلم شيئا لا تتكلم اللسان يهوي بك في جهنم،
فتدعو إلى شيء لا تعلمه، هكذا الدعوى بالرأي، لا، الدعوة بالأهواء لا
الدعوة خلافة لمحمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، فإن محمدا عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وإخوانه من الأنبياء ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ
وافر.
والدعوة كون على بصيرة ?قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي?[يوسف:108].
فإذن هذه المسألة مهمة، مهمة للغاية وهو أنك تدعو وتنطلق بالدعوة؛ لكن إلى
ما علمت الشيء الذي لا تعلمه لا تدعو إليه، ولا تنهى أيضا عن شيء لا تعلم
حكمه فقد تنهى عن شيء ويشتهر وينتشر أنه منهي عنه وهو في الواقع في
الشريعة غير منهي عنه، قد تقول هو محرم وهو ليس بمحرم وهو مكروه، قد تقول
هو واجب وهو ليس بواجب مستحب.
ولهذا حبذا إذا دعا الداعي
في المسائل التي يدعو إليها ولم يكن طالب علم متمكن أن يجتنب الألفاظ
الفقهية المحددة، ما يقول واجب مستحب محرم مكروه؛ لأنه قد لا يكون مصيبا
فيها فيقول على الله جل وعلا بلا علم، وربنا سبحانه حرم القول عليه بلا علم، وإنما يقول: أمر الله بكذا، نهى الله عن كذا، أمرنا نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكذا، نهى عن كذا. قال لك: واجب؟ تقول أمر ومن امتثل الأمر فهو الممتثل.
وهذه مهمة في حال الداعية أو في حال طالب العلم؛ لأنه تأتي أحيانا أمور
مشكلة عنده وهو يتكلم بالدعوة؛ هل يقول هو واجب، يحرجه السائل هو واجب أو
غير واجب؟ فتقول أمر نبينا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بذلك.
فإذن مسألة العلم مهمة في خلق الداعي
وفي صفته، لا دعوة بلا علم، ولذلك الدعوة الفردية دعوة الفرد إذا لم تكن
على علم -وكذلك الجماعية فيما يأتي مع اختلاف في الضوابط- الدعوة الفردية
بلا علم ليست دعوة، وإنما هي إضلال، فلابد أن يكون المرء عنده علم، ولو كل
واحد منا اقتصر على ما علم انتشر خير كثير؛ لأن كل واحد منا ولله الحمد
عنده من العلم ما يسعه بأن يدعو إليه.
إذا تبين ذلك فازدياد المرء في العلم له به ازدياده في الدعوة، كلما ازددت
في العلم ازددت في الدعوة على بصيرة، وكلما نقص العلم نقصت الدعوة على
بصيرة.
الخلق والوصف الثالث من صفات الداعي إلى الله أن يكون الداعي إلى الله جل وعلا حكيما.
والحكمة يعرفها أهل العلم بأنها: وضع الشيء في مواضعه اللائقة به الموافقة للغايات المحمودة منه.
وضع الشيء في موضعه هذا عدل، وضع الشيء في غير موضعه هذا ظلم.
أما الحكمة غير العدل، الحكمة أن تضع الشيء في موضعه اللائق به الموافق
للغايات المحمودة منه، فقد ينظر المرء في الدعوة إلى أنه يضع الشيء في
موضعه الآني الحالي؛ لكنه لا يوافق الغاية المحمودة، فلا يكون حكيما في
الدعوة، والله جل وعلا جعل نبيه داعيا إلى الله، ولهذا أنزل عليه الكتاب
والحكمة، والحكمة هي السنة؛ لأن السنة هي التي فيها وضع الأشياء في مواضعها
الموافقة للغايات المحمودة منها.
إذا اجتهد المرء في الدعوة فلابد أن ينظر؛ يعني مثلا في الحكمة في تطبيق التعريف العام ثم نأتي إلى التطبيقات الفردية.
مثلا يأتي في مسألة وينظر هل يدعو إلى هذا الشيء أو لا يدعو؟ إذا دعوت إلى
هذا الشيء المعين ماذا سينتج منه، فإذا كان سينتج منه خير فإن الحكمة أن
تدعو، إذا كنت ستدعو لكن سينتج منه شر فإن الحكمة أن لا تدعو لذلك.
مثاله أن تأتي في مجلس مثلا، ويأتي آت ويتكلم بكلام غير طيب؛ لكن لو رددت
عليه لانتقل منه إلى ما هو أشد، بعض الناس ما يسلم لك في الدعوة، أليس
كذلك؟ تظن أنك تقنعه لا هو يزيد، فإذا كان سيزيد فالحكمة الصمت، ولا يقال
فلان صمت لأنه صمت عن حكمة؛ لأنه يخشى أن المرء ذاك ينتقل من هذا للذي هو
أدنى إلى ما هو أعلى منه، فلهذا ربنا جل وعلا نهى عن سب آلهة المشركين مع
أن سب الأوثان قربة إلى الله جل وعلا؛ لكن نهى عن سب آلهة المشركين بحضرة من يعبد تلك الآلهة لم؟ لأجل أن لا يسبوا الله
جل وعلا، هذه الحكمة ?وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ
اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ?[الأنعام:108]، نعم
قد يكون في موضع الحكمة أن تسكت، واحد، يقول فلان سكت، نعم سكت عن حكمة.
ولهذا وصف عمر بن عبد العزيز رحمه الله
تعالى ورضي عنه وصف الصحابة بوصف عظيم فقال في وصف الصحابة: عليك بهديهم
فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا؛ يعني على علم وقفوا فيما دعوا إليه
وفيما عملوه، (وببصر نافذ كفوا) فيما كفوا عنه ما كفوا عنه عجزا؛ لكن
حكمة، ولهذا يختلف الشاب عن الشيخ عن الكبير يختلف الجاهل عن العالم في
أمر الحكمة وفي معطياتها، من لم يكن حكيما فلا يصلح للدعوة؛ لأنه ربما
أفسد وربما نقل الأمور إلى ما لا يحمد.
فإذن من أخلاق الداعي ومن صفاته الحكمة، وكما ذكرت لكم الحكمة لابد فيها من الموافقة للغايات المحمودة.
هذا كما ذكرت لك مثال عام عن الحكمة.
نأخذ مثالا تطبيقيا تأتي مثلا إلى شخص، مثلا تدعو إلى الله
جل وعلا فيه شاب عندك أخٌ لك أو قريب أو نحو ذلك، أتيته مثلا وهو ينظر
إلى أشياء عنده في البيت مما لا ينبغي النظر إليه أو مما لا يجوز النظر
إليه، أنت الآن تدعوه إلى شيء وتأمره وستحضه على شيء، هنا لابد أن تنظر في
فعلك هذا إلى شيء سينتقل، فإذا كان تقول له والله هذه أشياء ما تصلح،
ويخرج ويذهب مع أصحابه وسيذهب مع أصحابه إلى كبيرة من الكبائر، هل يناسب
أن تدعوه في هذا الموقع، هل يناسب أن تنهاه في هذا الموقع؟ لا، لأن ما به
من الشر أقل مما تتوقع أن يذهب إليه؛ لكن لو أخذته هيا بنا نزور أحد في
زيارة صلة رحم، نذهب إلى المسجد، نتلو القرآن، أو عمل صالح، أو في نزهة
مباحة، هذا أمر طيب لأنه انتقل مما هو أدنى إلى ما هو أعلى، وهذه يقدرها الداعي إلى الله جل وعلا بتقديرها.
ولهذا القصة المشهورة عن شيخ الإسلام ابن تيمية المعروفة أنه أتى قوما هو وأصحابه رحمهم الله
أتوا على قوم من التتار وهم يشربون الخمر في الشارع، فقال بعض أصحاب شيخ
الإسلام له: هيا بنا نريق الخمور وننكر عليهم، فقال شيخ الإسلام: لا دعوهم
فإنهم لو صحوا لسفكوا دماء المسلمين.
فإذن كونهم يقعون دائما سكرانين أحسن من يصحون ويروحون يذبحون في المسلمين أو يتعرضون لأموالهم أو لأعراضهم.
هذه حكمة من الداعي.
كذلك في مخالطة المرء في تطبيقات الحكمة مع والده كثير من الإخوان والشباب لا يحسن دعوة والديه، مع والده لا يطبق قول الله
جل وعلا ?وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا?[لقمان:15]، ?أَنِ
اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ?[لقمان:14]، ما يحسن، يأتي كأنه أعلى من
والديه، لا، كذلك مع أهلك ما يحسن ترقية الأهل من شيء إلى شيء، ما يحسن
تحبيب الخير إليهم، لابد في الدعوة من حكمة أن تنظر في الدعوة إلى الغاية
المحمودة منه، ليست كل من يدعو في كل مكان هو الحكيم، قد يكون في مكان تؤخر
الدعوة ولا يقال شيء، يكتفى بالخلق الحسن، يكتفى بالتودد بالتراحم
بالصلة، فيكون هذا فيه رسالة وفيه دعوة.
إذن الداعي إلى الله جل وعلا بعد الإخلاص والعلم لابد أن يكون حكيما، فإذا كان حكيما كان على هدى وخير.
الصفة الرابعة -الخلق والصفات كما ذكرنا بالمعنى العام شيء واحد- الخلق
الرابع والصفة الرابعة في الداعية المفرد أن يكون الداعية إلى الله جل وعلا متنزها عن الهوى.
والهوى مركب لذيذ، مركب لذيذ، إذا سرى الهوى يحسن ويأتي الشيطان ويحسّن
للعبد أن يركب الهوى، فمعنى الهوى؟ يعني ما تشتهيه دون نظر في حكم الشرع
فيه، تهوى هذا الشيء فتفعله، الداعية إذا كان صاحب هوى هو يفسد أكثر مما
يصلح، كيف يكون صاحب هوى؟ يعني أنه لا ينظر في الحكم الشرعي في فعله؛ بل
ما بدا له من الحسن في أمور الدعوة يدعو إليه وما بدا إليه من السوء
يتركه، بحسب المصالح التي يقدرها بحسب رأيه الخاص دون عرض على الشريعة،
ولذلك كل صاحب هوى فهو مفسد في الدعوة، والدعوة لا تصلح مع الهوى؛ لأن
الدعوة تعبد، والتعبد رفع لداعية الهوى، والهوى عكس ذلك إبقاء لداعية
الهوى.
خذ أمثلة على الهوى الذي يأتي في حال الدعوة:
وأنت تدعو في حال الدعوة أنت تكلم بشر، تحتاج إلى إقناع، تحتاج إلى حوار،
تحتاج إلى آلات تدعو بها، قد يأتي وأنت تحاور ذلك يرد عليك، فإذا رد عليك
أو عاملك معاملة غير حسنة، قد يكون من في بيتك؛ قد يكون ابنك، وقد يكون
والديك، وقد يكون زوجك، وقد يكون ابنك إلى آخره، هنا تأتي هل تنتصر للشرع
أو تنتصر للهوى؟ فإن خلطت بينهما صارت المسألة هوى.
ولهذا خذ من أمثلة الإخلاص والتنزه عن الهوى في الأمور قصة تنشّط للحافظ ابن رجب عبد الرحمن بن أحمد بن رجب زين الدين رحمه الله
كانوا يقرؤون عليه، فمرت بهم مسألة ففصل فيها الكلام، وذكر كلام العلماء
ورجح وأصل وفصل بكلام بديع حسن سر به طلابه وتلامذته، قال أحد تلامذته:
فذهبنا مع شيخنا إلى فلان القاضي وطُرحت المسألة، فسكت شيخنا ولم يتكلم
فيها أولئك بكلام حسن، ولم يفدهم شيخنا بما أفادنا، وكان بودنا لو أن
تكلّم -يعني من رغبة الطالب ومحبته لشيخه أن لو تكلم حتى يظهر فضله على
غيره- فلما انصرفنا قلنا له يا شيخنا: فصلت لنا في المسألة صباحا، ولما
كان في المجلس وعرضت لم تتكلم؟ فقال: أما مجلسنا في الدرس فذاك يراد به
وجه الله، وأما ذلك المقام مع العلماء فذاك يراد به الذكر، وأخشى أن
يغلبني الهوى، هذه من يتخلّص منها، تحتاج إلى تقاصر النفس على حكم الشرع،
ولهذا كثير من الناس ما يقصر نفسه على حكم الشرع .... (1)
إلا في هذا العصر، وأما قبل ذلك فلا توجد جماعة بالمعنى الحاضر بل توجد
مجموعات وفرق ما بين الجماعة وما بين المجموعات هذا من حيث الحدوث إذن هي
حادثة وليس لها مثيل في السابق.
المقدمة الثانية أن الجماعات المعاصرة اتّخذت في دعوتها أشياء محدثة أيضا، ومنها وهو أهمها التحزب.
والتحزب ما معناه؟ معناه أن يكون ثَم ولاء وبراء، محبة وبغض على مبادئ
الحزب، مبادئ الجماعة، كيف؟ يعني تأتي مثلا جماعة من الجماعات من وافقها في
أقوالها فهو الحبيب الذي تعطى له حقوق المسلم، ومن خالفها فهو عدوها، هذا
مظهر حزبي مخالف للسنة وللشرع حينما قال جل وعلا ?وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ? في وصف الإيمان ?بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ?[التوبة:71]،
فالمؤمن للمؤمن ولي ينصره بالحق ويواليه بالحق، وإذا جاء بغير الحق فهو
ضده.
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28469
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: أخلاق الداعي إلى الله
السبت 23 فبراير 2013, 17:43
يتبع
جاء رجل إلى أحد السلف -أحد أئمة السلف من القرن الثاني أظنه عبد الرحمن بن مهدي أو
وكيع- فقيل له: يا فلان إنّك تقع في أناس بكلام عسير وتحذّر الناس منهم، فكيف يكون
هذا، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ نهى عن الغيبة أو كما جاء -لا أحفظ
الآن الكلام بحروفه المقصود المعنى- فقال -وهذا الكلام أحفظه الأخير- فقال: يا هذا
إني لهم أعظم من آبائهم وأمهاتهم، ألم تر كيف أحذّر الناس منهم حتى لا تجتمع عليهم
أوزار الناس ومن تبعوهم فتكثر أوزارهم. فانظر النية الصالحة أيضا في الرد هنا جاء
قال أنا أرد ليش؟ لأنه لو تركت المسألة الآن بتزداد عليهم الأوزار، هذه نظرة محبة
ليست نظرة حزبية؛ لكن يأتي النظرة الحزبية في مثل هذه الأشياء تقول فلان لابد يسقط
هذه نظرة حزبية، يسقط فلان ويرتفع فلان إلى آخره، هذه النظرة غير شرعية، هنا هذا
نظر، هذا الإمام نظرة شرعية من محبته ومن خوفه هذا المؤمن من مقتضى الولاية العامة؛
فحذّر عبادة؛ لكن دافعه للتعذير أن لا يشفع هذا الذي خالف الحق هناك فتعظم عليه
الأوزار؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال «ومن سن في الإسلام سنة
سيئة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه».
هذه مقدمات.
إذن الحزبية لها
مظاهر، من مظاهرها -كما ذكرتُ لك- الموالاة والمعاداة على الحزب ليس على الدين، ليس
على الديانة، على الحزب، وافق: فلان اتركه، فلان من الإخوة، فلان من الإخوان، وفلان
ما هو الإخوان وهذا، هذا مسلم في قلبه التوحيد، في قلبه عبادة الله وحده لا شريك
له، في قلبه محبة الله جل وعلا ومحبة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كيف
بأي حجة تبغضه؛ لأنه ليس منتميا أو ليس داخل الحزب أو ليس داخل الجماعة أو ليس مع
الجماعة أو لأنه يخالفك؟ لا، هذا مظهر حزبي لذلك أهل العلم الرّاسخون فيه الصالحون
لا يرضون بمثل هذه المظاهر.
من مظاهر الحزبية التي تكون في الجماعات المعاصرة،
أنّ الجماعات تقوم على الطاعة، والشريعة في العمل الدعوي الجماعي لم تأتِ بالطاعة؛
لأن الطاعة للإمام وإنما أتت بالتطاوع كما ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ حينما بعث عليا إلى اليمن قال «لهما تطاوعا ولا
تختلفا وبشرا ولا تنفرا» لاحظ كلمة (تطاوعا) يعني يطيع بعضكم بعضا؛ لكن الطاعة
العامة للأمير الطاعة العامة للإمام؛ لكن التطاوع في الدعوة هذا مشروع.
فإذن
المظهر الحزبي أن ثم طاعة ثم أمير يطايع أو لا يطايع، يطاع، يأتي هذا ويقول انتظر
حتى يأتينا توجيه، الأمر دعوة الآن ننتقل ونحضر درس علم حتى مر بعض الشباب حتى في
حضور درس علم في صحيح البخاري أو في تفسير ابن كثير في مسجد لابد أن يكون هناك
استئذان هذا أمر غير شرعي، هذا مظهر من مظاهر الحزبية التي لا تقر.
في الدعوة
إلى الله في الجماعات، الجماعات -كما قلنا- إذا كانت جماعة بمظهر حزبي فلا تقر؛
لأنها مخالفة لأصول الشرعية ومحدثة، وأُنشأت مضاهاة للجماعات العاملة في الحزب
الشيوعي ونحو ذلك كما هو معروف في تاريخ نشأة الجماعات في العصر الحاضر؛ لكن
المشروع ما هو؟ المشروع أن يكون هناك تعاون على البر والتقوى، عندنا أصول شرعية،
معلوم أنّ الزمن هذا وأن الناس كثروا يتعقّد الزمن ويكثر؛ فلابد من تعاون، لابد من
ترتيب، لابد من نظام في الدعوة، لابد من اختصاصات حتى يخدم كل واحد في مجاله الذي
ينفع به وبنفع فيه.
فإذن نقول: الدعوة إذا كانت على شكل مجموعات تتعاون على البر
والتقوى، فهذا طيب؛ لكن لا يكون لها مظاهر حزبية مما ذكرنا.
أخلاق الأخلاق
والصفات كما ذكرنا سابقا قلنا:
أولا الإخلاص، الإخلاص في حق الجماعات كيف يكون؟
أو بحق المجموعات إذا عبرنا بالجماعة، الجماعة التي هي مجموعة، أما الجماعة التي هي
حزبية فإن هذه الأشياء لا تنطبق عليها أصلا؛ لأنها مخالفة للتحزب يخالف كل الآداب
والشرائط الشرعية.
أولا الإخلاص؛ الإخلاص أن تكون الدعوة كما ذكرنا إلى الله، لا
إلى المجموعة ولا إلى الطريقة، يأتي فلان هُدِي إلى الله جل وعلا، اهتدى ودُعي،
وتكون الدعوة إلى الحق سواء كان معك أو مع غيرك من أهل الحق، المسألة واحدة،
المقصود أن يكون مستقيما على شرع الله جل وعلا، أن يكون متعبدا سبحانه وتعالى معي
مع غيري مع فلان، درسي يحضره خمسة ودرس فلان يحضره آلاف المسألة واحدة المهم أن
يعبد الخلق لربهم جل وعلا هذا المقصود.
فإذن من علامات الإخلاص أو من آثار
الإخلاص في الدعوة الجماعية التي يُتعاون بها على البر والتقوى أنْ لا يَحزن بأن
يكون المرء معه أو مع غيره من أهل الحق، قد لا يكون من أهل الباطل أما إذا كان
سينصرف لأهل الباطل فيجب عليه أن يرده إلى أهل الحق.
الإخلاص وهو الخلق الأول،
والواجب في حق الدعوة التي يتعاون أصحابها فيه على البر والتقوى أن يكون المراد من
الدعوة هداية الفرد إلى الله جل وعلا، وأن لا يكون المقصود ربط الشخص ربط المدعو في
هذه المجموعة؛ لأن ربط الأفراد بالمجموعات، هذه تُنشئ جماعات، فنقع في الأمور
الحزبية المنكرة التي لا تقر شرعا.
فإذن الإخلاص أن يقصد المرء وأن يُجاهد نفسه
في أن يكون في دعوته للأفراد وربطهم بهذه المجموعة لأجل هدايتهم، لا لأجل الربط
التبعي، لاشك أن الفرد لا يمكن في الغالب في هذا الزمان أن يستقيم إلا بأن يوجد في
فئة صالحة، إذا وجد في فئة صالحة أمكنه أن ينظر للاستقامة من واقع عملي، فإذا كان
هذا المقصود فلا بأس هذا أمر طيب، الوسائل وسائل المشروع مشروعة، والأحكام لها
والوسائل لها أحكام المقاصد.
منافاة الإخلاص أن يقصد بالدعوة أن تكثر المجموعة،
أن تزيد، أن يكون الربط بفلان وفلان، ونحو ذلك، فهذا كما ذكرت ينشئ جماعات، ولهذا
قدمت لك قول الإمام الدعوة في مسائل كتاب التوحيد: إن الداعي إلى الله جل وعلا
المخلص لا يدعو إلى نفسه ولا إلى شيخه؛ بل يدعو إلى الله مطلقا بتعبيد الخلق إلى
ربهم جل وعلا.
أما السنة، السنة، الإخلاص والسنة في الدعوة التي يتعاون فيها
أصحابها على البر والتقوى كيف يتعاونون؟ مثلا أهل الحي، أهل المسجد، أهل مكتب مأذون
به ونحو ذلك يتعاونون على دعوة للإصلاح وللخير، وهذا أمر مطلوب مجموعة من طلبة
العلم في مكان من الأمكنة يجتمعون يرتبون أمرهم بدروس بدعوة بزيارات ونحو ذلك هذه
كلها أمور محمودة إذا كانت لا على وجه الجماعة والتنظيم الحزبي.
نقول السنة، كيف
تكون السنة؟ ذكرنا أن الجماعات الضالة ضلت وسعت إلى خلاف السنة، وصارت شرا من شر
المسلمين، مثل ما ذكرنا الخوارج وغيره، كيف كان ذلك؟ لأنهم دعوا إلى غير السنة، كيف
نشأ ذلك؟ دعوا إلى غير السنة، كيف بدأت الدعوة إلى غير السنة؟ تبدأ في المجموعات
بالتساهل، وهذا شيء رأينا فيما مر علينا من الزمن في العشرين سنة الماضية رأيناه أو
في الخمس والعشرين سنة الماضية رأيناه في مجموعات كانت صالحة وبدأت صالحة ثم
تساهلوا مع الذي يخالف السنة بينهم يخالف السنة في الكلام؛ يعني يقع في العلماء،
يقع في الأمور السياسية بلا ضوابط شرعية، إذا سمع [...] نشرها دون تثبت، يأتي يربي
على غير السنة، يربي على قيل وقال، صارت المجموعات بدل أن تكون داعية إلى الله جل
وعلا على بصيرة وعلى إخلاص وعلى سنة تحولت إلى أهداف أخر في أصحابها، تحولت على
السنة، وهذا صار بالتساهل، ولو أن المجموعة أخذوا على يد المخطئ من أول الأمر
وقالوا الحق كذا لا تخالف، ونصحوه ووعظوه من أول يوم، لما زاد الشر؛ لكن يتساهل
ويبحث إلى آخره وتزيد الأمور تزيد حتى تكون أشياء غير محمودة، هذا لاشك يخالف
المتابعة؛ لأن التابعة العامة للسنة يعني لمنهج السلف الصالح في أن لا يخرج المرء
في المجموعة عن عقيدة السلف الصالح عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة الطائفة
المنصورة والفرقة الناجية هذا أمر مقصود شرعا، أما أن تكون المجموعة مجموعة تدعو
إلى الله ثم يحدث بينها افتتان فتضل المجموعة، أو يحصل بينها نزاع في مسائل اتباع
طريقة السلف الصالح والعقيدة الصحيحة، لاشك أن هذا يحدث مفاسد كثيرة كما
رأينا.
إذن من أول الأمر ينتبه للسنة، السنة يبدأ واحد قد يكون لسانه جيدا وقد
يكون عنده ثقافة عصرية ثقافة سياسية فيعلل بأشياء غير جيدة، مثلا أنا كنت في بلد من
البلاد من أمريكا أحد الإخوة من أحد البلاد العربية ذكر شيئا قلت هذا ما عليه
إثبات، قال أنا آتيك بالإثبات، وأتاني بملف مقالات في مجلات، هل هذا دليل؟ نحن
تعلمنا في منهج أهل السنة والجماعة وضع الأدلة والبرهان كيف يكون، البرهان العاطفي
ليس برهانا شرعيا، البرهان العقلي ليس برهانا شرعيا لابد يكون برهان شرعي لابد يكون
برهان شرعي تأتيني بقول فلان وفلان لما نشر في المجلات وهم لم يطلعوا إنما سمعوا
هذه ليست براهين.
فإذن تمشي مثل هذه الأشياء على مجموعات وتصير ثقافة في
المجموعة ثم ينشأ عن المجموعة جماعة ثم تبدأ تتحزب ثم نخرج إلى شيء آخر.
لهذا
تجد بعض الجماعات الإسلامية في بعض البلاد كانت واحدة وأصبحت مائة أو أصبحت أكثر
ليش؟ لأن المجموعات الصغيرة الأسر الصغيرة بدأ فيها الأقوال، حتى أصحاب تلك
الجماعات يقولون لابد من وأد الأقوال هذه والجيوب في مهدها ونحن نقول نعم لابد من
وأدها في مهدها لكن على منهج السلف الصالح، ليس وأد، من أجل بقاء العامة يعني
الجماعة الحزبية لا أن توأد في مهدها لأجل أن لا يخرج أصحاب هذا القول بأقوال جديدة
وبأفكار.
الآن كم عندنا من فكرة؟ كم عندنا من طرح؟ عندنا عشرات الطروح الجماعة
الفلانية في البلد مجموعات عشرة خمسة عشرة، ثم يبدؤون يزيدون يصيرون خمسين، يبدؤون
بفعل شيء يتحدث عنه الناس، ربما تحدث عنه العالَم، كيف حدث ذلك لابد من
علاج.
إذن فالمسؤول الأول هي المجموعة الأولى، وعليها التبعة في أن لا يخرج من
بينها من يخالف النهج الصحيح، وعليهم حساب أمام الله جل وعلا، يرون المخالف؛ لأن
بداية الأمر إذا كان سهلا تتوسع، ثم بعد ذلك يقع في أمور كثيرة وهم يمقتون ذلك طيب
لماذا تساهلتم من البداية؟ كيف نحل الأمر بعد أن توسع، وهكذا في أشياء
كثيرة.
إذن فمتابعة السنة نهج السلف الصالح العقيدة الصالحة لابد
منها.
الثاني العلم والمجموعات لابد أن تربي أصحابها على العلم؛ لأن كما ذكرنا
لا دعوة إلا بعلم، كيف يدعو إلى غير علم، يكون شاب مستقيم ويدعو ويتنقل وحريص وهو
غير فاقه لكلام الله جل وعلا وكلام رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لا يصلح
لذلك، وقد قدمنا ما يكفيه في هذا.
المسألة الثالثة الحكمة: إذا كان الفرد يجب أن
يكون حكيما فحكمة المجموعة أولى، لماذا؟ لأن المجموعة أثرها أعظم، فإذا فقدت
المجموعة الحكمة لم تكن الغائلة على فرد، وإنما يقال الشباب ويكونون مخطئين؛ لكن
الخطأ نسب إلى جميع الشباب لجميع الدعوة، وهذا لا ينبغي، طبعا يجب أن نعرف جميعا
بعض الناس يظن أن الشباب الإسلامي الآن أنه الموجود الآن والالتزام بالشّرع أنه
نِتاج الجماعات الحزبية؟ لا هذا غلط، الجماعات التي دعت لم تنتج هؤلاء الشباب
الصحوة التي تسمى صحوة -مع مؤاخذة في اللفظ وكما ذكرنا الصحوة تحتاج إلى صحوة-
الصحوة هذه أو الشباب الملتزم أعظم من الجماعات، أوسع، فلا يصلح أيضا أن يصنف الشخص
يقال هذا تبع الجماعة الفلانية، والصحوة والشباب أوسع من الجماعات الثلاث والأربع
أو الخمس الموجودة، أوسع وأوسع وأوسع.
ولهذا في هذا الوقت رأينا ورأى كل محب
للدعوة وكل متفاني فيها وكل راغب في أن يعلو منار الإسلام وأن تعلو راية الإسلام،
يرى في نفسه لزاما أن يكون مع هؤلاء الدعاة ومع هؤلاء الشباب فيما يصلحهم وفما يقوي
راية الإسلام والمسلمين، لا فيما يضادهم ولكن فيما يصلحهم؛ لأن هؤلاء الشباب لا
يعرفون هذه الأسماء والجماعات، وإنما هذه فئة قليلة ضمن الصحوة التي تسمى صحوة
والالتزام والشباب العام هذا أكبر بكثير إذا كان أكبر بكثير في البلاد الأخرى فهو
أكبر بكثير وكثير وكثير في البلاد في بلادنا هذه؛ بل ربما تلاشت الأطر الحزبية إن
شاء الله تعالى.
إذن فنقول: هذه مسألة مهمة في أن الحكمة لابد منها، وكل مجموعة
لابد أن تنظر أن الحكمة في تصرفاتها أن تنظر للغايات المحمودة منها، الغايات
المحمودة من التصرف، كم حرمنا من وسيلة دعوة بسبب الجهلة، وكم وكم صارت مفاسد بسبب
الجهلة، ونصح ونصح لكن لا سبيل، كيف نصل الواجب على هذه المجموعات الواجب على من
يرعاهم على الداعية فيهم على طالب العلم فيهم على إمام المسجد فيهم إذا كان يدعو في
حيه، الواجب عليه أن يتقي الله جل وعلا في نفسه وفيما معه في أن لا يخرجهم عن مقتضى
الحكمة في أن يكون تصرفهم موافقا للغاية المحمودة من الدعوة، والأمر في الجماعة كما
ذكرنا والمجموعة المر في الأفراد.
أما الكلام عن الهوى على المجموعات فهو كلام
طويل، ولنا فيه شجون وشجون وشجون، قلّ أن رأينا –قلّ أن رأيت أنا والله أعلم
بالحقائق وأبرأ إلى الله من القول بلا بينة – قلّ أن رأيت مجموعة تتخلص من الهوى
تماما، وهذا سبيل الإنسان، كل إنسان لابد عنده شيء مل واحد يعرف من نفسه أنه عنده
نوع هوى؛ لأن الشيطان يغذيه، له هوى في الشهوات، له هوى في التصرفات له هوى لكن
المرء كلما كان أسلم من الهوى كلما كان صادقا في دينه، والصدق عماده التخلص من
الهوى، كما عرف بعض السلف الصدق من هو الصادق قال من تخلص من الهوى ولا شك، يتخلص
من الهوى صادق، فإذن التخلص من الهوى في المجموعات واجب، ولابد من يرعاها أن يجعل
نفسه ومن معه بريئين من الهوى ما استطاعوا، مظاهر البراءة من الهوى أن لا يكون
مقلدا في الأحكام، هذا واحد، تأتي مجموعة فلان فيه، فلان ما فيه، فلان من الجماعة
الفلانية، فلان ما فيه شيء كيف حكمت؟ سمعه من فلان، إذا قال واحد قول انتشر في
الشباب وانتشر في الناس، هل هذا من مصلحة الدين؟ هل يجوز شرعا؟ هل هذا مقتضى
الولاية؟ شخص يقول كلام ينتشر، فلان فيه كذا، يسبونه مسبات عظيمة هل هذا يجوز؟
من حق المسلم على المسلم أنك إذا سمعت فيه عيبا أو رأيته منه فلا تنشره تكتمه،
هذا من الحقوق العامة أنشروا الخيرات؛ لأنه إذا نشرت الخير زاد، لذلك إذا قلت فسد
الناس فأنت أفسدتهم كما جاء في الحديث، من قال هلك الناس فهو أهلكم؛ لأنك إذا قلت
الناس فسدوا فيه كذا، الحريم فيهم كذا، الشباب صار، طيب أنت الآن عند واحد في البيت
تزيده، المسألة فاسدة، صار كذا وكذا يعني لا ينبغي؛ بل لا يجوز أن يعاني المرء
بالألفاظـ الألفاظ يجب أن يتثبت منها، فالتقليد في الأحكام وفي إطلاق الألفاظ هي
سبب عظيم من أسباب الهوى.
الهوى يكون في الأحكام، تأتي مجموعة واحد يتلقى كلمة
ينشرها في مجموعة، فتنتشر لا أصل لها، إنما هي ظن وبعض الناس يظن ظنا فيتحدث به،
فينقله الثاني على أنه ثابت حدثني ثقة وهو ظن أصلا أصله ظن أصله استنتاج هو استنتج
والاحتمالات كثيرة المستنتج ما ينبغي أن يحصر على احتمال واحد، ولهذا قال عمر
رَضِيَ اللهُ عنْهُ فيما رواه الإمام أحمد في الزهد ورواه غيره قال: لا تظنن بكلمة
خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا. لأن الاحتمالات كثيرة، أنت تجعل
الاحتمال واحد في الكلام، ثم احتمال ثاني، ثم احتمال ثالث، كذلك في
التصرفات.
فإذن المسلم المؤمن الصادق في عبوديته لله جل وعلا من يريد أن يتخلص
من الهوى يجب أن يبتعد من التقليد في الأحكام على الأشخاص، هذه مهمة، في الأشخاص
جميعا، لا تقلد تسمع كلمة خلاص نشرتها، سمعت مظهر من المظاهر المنكرة نشرته، لا،
هذا التقليد يجب أن ينبذ؛ لأنه سبب من أسباب الهوى بل نشره من الهوى إذا لم يتثبت
فيه ويكون الحكم الشرعي أنه لا بأس بنشره، فالأصل أن لا تنشر المسائل تنشر الخيرات
حتى تنتشر، وأن لا تضعف قلوب المسلمين بذلك.
هذه كلمات موجزة في هذا الموضوع
الكبير العظيم وهو أخلاق الداعي إلى الله وصفاته.
وهذه الكلمات أظن على وجازتها
وعلى ضعف مادتها إذا تؤمّلت ربما تكون نافعة.
لكن أرجو من كل أخ منكم يستمع لهذا
الكلام أن يقف بينه وبين ربه بمحاسبة لنفسه؛ لأن المسألة عظيمة، مسألة الدعوة اليوم
عظيمة، ومثل ما جاء في الحديث قال وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال «نعم وفيه دخن» خير
لكن فيه دخن، قال: وما دخنه؟ قال «قوم يهدون بغير هديي ويستنون بغير سنتي تعرف منهم
وتنكر» طالب العلم داعي إلى الله هو قدوة، يجب أن يعرف أنه قدوة، تصرفه لا يحسب على
نفسه، وتصرفه على المجموعة، مثلا مرّ واحد وقف بسيارته أمام باب شخص ملتحي عليه
أثار الصلاح، هل الشريعة قالت لك تقف أمام الباب، ألم عن فعل ذلك؟ جاء الرجل ليطلع
لعمله صباحا تأخر نصف ساعة سبب له مفاسد؛ لأجل هذا وقف هذا الموقف قال أنا شوي
وطالع هل هذا خلق مسلم فضلا أن يكون ملتزما.
إذن المسألة قدوة هذا نظر، هذه
سلوكياتهم.
الشريعة والخلق والدين ليس في مسائل محدودة، المسائل التي تطبقها على
نفسك أهون؛ يعني أقل شأنا في أجرها وفي ثوابها من الأمور المستحبات أو الأخلاق لما
تعامل به غيرك؛ لأن حقوق الناس على المشاحة، ويوم القيامة الدواوين ثلاثة:
ديوان
لا يغفر وهو الشرك بالله.
وديوان مبني على المسامحة وهو ما بين العبد وبين
ربه.
ديوان لا يترك الله منه شيء وهو المبني على المشاحة وعلى أخذ الحقوق وهو ما
بين العبد وبين الخلق.
فإذن المسألة فيها حساب، المسألة قدوة، المسألة أنت تنشر
الدعوة بقولك هل كان الصحابة رضوان الله عليهم أصحاب كلام؟ الصحابة أصحاب مؤلفات
مثل لنا محاضرات، دروس كل يوم، وجلسات؟ لا، لكن نشروا الدين نشروا الخير لم؟ لأنهم
كانوا يمشون بالقرآن، من رآهم ذكر الله جل وعلا، برؤيتهم يذكر الله جل وعلا،
برؤيتهم تراه تذكر الله جل وعلا بحسن تصرفاته، بحسن معاملته من رحمته بالخلق من
بذله إلى آخره من تخلصه من الهوى وهذا مما ينبغي للجميع العناية به.
اسأل الله
سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم من الذين حباهم بالدعوة إليه، وممن أصلح ظاهرهم
وباطنهم.
اللهم أصلح ظاهرنا وباطنا.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة
أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها
معادنا.
اللهم نور قلوبنا بالإيمان اللهم نور قلوبنا بالوحي يا أكرم
الأكرمين.
أسألك اللهم أن تجعل أقوالنا وأعمالنا على ما تحب وترضى، ونستغفرك
اللهم مما تُسخط وتأبى إنك سبحانه جواد كريم.
اللهم اغفر لنا جميعا ومن علينا
بالقول الصالح وبالعمل الصواب النافع إنك كريم جواد معطاء ذو الفضل
والإحسان.
اللهم فمُنّ علينا فإنك أجود الأجودين أرحم الراحمين.
ونسألك اللهم
أن توفقنا وأن توفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وأن تبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز
فيه لأهل الطاعة ويعافى فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر
ويدعى فيه إلى الحق، إنك سبحانك جواد كريم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا
محمد.
[الأسئلة] نأخذ عددا من الأسئلة.
س1/ فضيلة الشيخ هل وسائل الدعوة يدخل
فيها الاجتهاد؟
ج/ الحمد لله، هذه المسألة كبيرة هل وسائل الدعوة يدخل فيها
الاجتهاد أم لا؟ ولابد فيها من تفصيلات وتعليلات يضيق المقام عن بسطها، فنرجئها إن
شاء الله إلى بحث مستقل.
س2/ كيف تجمع بين قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في الصحابي الذي قال له: ما شاء الله وشئت. فقال له صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده» وبين ما قال اليهود
للصحابة رضوان الله عنهم: إنكم أنتم القوم لو لا أنكم تنددون. وجزاكم خير
الجزاء.
ج/ لا مخالفة بين هذا وهذا، الصحابة في الألفاظ مرت عليهم مراحل لم
ينهوا عن جميع الألفاظ مرة واحدة؛ يعني الألفاظ التي تركها أولى أو التي فيها نوع
تشبيه أو نحو ذلك؛ لأن الصحابي بتوحيده لا يقصد حقيقة التشريك، مثل الأحكام الشرعية
الأخرى الزنا تحريم الزنا مر بمراحل، تحريم الخمر مر بمراحل، فكذلك الألفاظ الحلف
بالآباء الحلف بالكعبة أيضا كان مسكوتا عنه في أول الأمر ثم نهي عنه «لا تحلفوا
بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت» فالحديث الذي ذكر لا معارضة بينه وبين
القصة لأن القصة فيها أنهم كانوا يقولون ذلك، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ وجههم، وحادثة الصحابي الذي قال ما شاء الله وشئت هذه حادثة عين محمولة
على أنه لم يبلغه الكلام الأول، فلأجل أنّ القول الأول كان مستعملا، فلما سمع منه
النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ذلك نهاه عنه.
فالباب باب واحد، فنهى
النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ الناس جميعا ثم نهى هذا الفرد بخصوصه لما
سمع منه تلك المقالة.
س3/ كثرت وسائل التربية في هذه الأزمنة فما هي التربية
الصحيحة التي يجب تربية الشباب عليها من بداية استقامتهم على الدين إلى انقباض
أرواحكم، وجزاكم الله خيرا؟
ج/ مثل ما قال الشاعر
غيري جنى وأنا المعذب فيكم
فكأنني سبابة المتندم
سؤال يحتاج إلى، التربية كيف نجيب عنها، كيف يربى الشباب،
كيف نجيب عنه هذه محاضرة لعل مكتب الدعوة ينظم محاضرة التربية،
المقدم: صاحب
السؤال حرّجنا كثيرا وقال لابد أن نقدم.
الشيخ: هذا طيب لكن السؤال يحتاج إلى
جواب، ولو وجدت جوابا مختصرا ما وفى الموضوع، ولابد من الإيضاح والتفصيل حتى يستزيد
الحاضرون.
س4/ ما هو ضابط الخلاف الذي ينكر فيه والذي لا ينكر؟
ج/ الخلاف عند
العلماء نوعان:
خلاف قوي وخلاف ضعيف.
الخلاف القوي: ما كان فيه الدليل الذي
استدل به كل صاحب قول محتملا أو له وجه في استدلاله عليه.
والخلاف الضعيف الذي
لم يتمسك فيه صاحبه بدليل وحجة أو كان التمسك ضعيفا.
...مسائل الخلاف القوي التي
اختلف فيها أهل العلم لا إنكار فيها لأن كل واحد منهم له حجته وله قوله الذي استدل
عليه، والصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا ولم ينكر بعضهم على بعض؛ لأن كل واحد منهم
أخذ يقول؛ بل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في قصة بني قريضة المعروفة أن
النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لما أرسل الصحابة قال لهم «لا يصلين أحد
منكم العصر إلا في بني قريضة» راحوا الظهر لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني
قريضة، لما حان وقت العصر اختلفوا قال طائفة: أراد منا رسول الله عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ الاستعجال أننا نستعجل ونصل مبكرين فلابد أن نصلي الآن،
وقال آخرون لا قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عين أننا لا نصلي إلا إذا
أتينا بني قريضة، فلما فصلى بعضهم وبعضهم لم يصلي أخر الصلاة حتى أتى بني قريضة
فلما رجعوا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبروه الخبر فلم ينكر على
أحد منهم لأن الدليل محتمل.
إذا كان الخلاف قويا فلا إنكار.
من أمثلة الخلاف
القوي مثلا الآن زكاة الحلي، بعض العلماء يقول الحلي تزكى حلي النساء المعدة للبس
تزكى وبعض أهل العلم يقول لا تزكى، الأدلة محتملة فيها نظر.
فمن قال تزكى فله
حجته.
ومن قال لا تزكى وهم أئمة أهل الحديث في الزمن الماضي مالك والشافعي وأحمد
وأبو عبيد له حقه من النظر.
فلا إنكار فيه إذا المرأة ما تريد تزكي ما تزكي، ما
يكون إنكار أو أمر؛ لأن الخلاف فيه سعة.
تأتي مسائل الخلاف الضعيف لا، الخلاف
الضعيف فيها إنكار، يأتي واحد ويقول الربا ربا البنوك يعني الفوائد الربوية جائز،
نقول هذه فيها إنكار، صحيح فيها خلاف لكن الخلاف فيها ضعيف، الخلاف الضعيف لا يمنع
من الإنكار فمن قال بإباحة الفوائد الربوية لأنه خالف الحق في المسألة ولا دليل
واضح يُستمسك به على ذلك، وإنما هو تلمسات لمن أباح الفوائد الربوية فيُنكر في هذه
المسألة.
وجود الخلاف سواء كان قويا أو ضعيفا يَمنع من التكفير في المخالفة، إذْ
لا تكفير في المسائل العملية التي ترتكب يعني المنهيات إلا بالاستحلال أو بفعل يعني
باستحلال أمر مجمع عليه، استحلال معصية مجمع عليه، استحلال معصية مجمع على تحريمها،
إذا استحل معصية كبيرة مجمع على تحريمها فإنه يكفر، أما إذا كانت المعصية ليست
مجمعا على تحريمها فيها خلاف ولو كان الخلاف ضعيفا فلا تكفير ولكن ثم
إنكار.
وهذه أصولها مقررة عند أهل العلم في القواعد وفي العقيدة.
طبعا مسائل
الخلاف غير مسائل الاجتهاد، مسائل الاجتهاد شيء آخر، الفرق ما بين مسائل الخلاف
والاجتهاد بحث أصولي يحتاج إلى بسط.
س/ رجل أراد أن يحجّب زوجته ويلبسها النقاب
فرفضت وتطوّر الأمر وكاد إلى ما لا تحمد عقباه، فهل من الحكمة في الدعوة أن يصبر
على زوجته ويستمر في دعوتها وتقديم الهدايا لها حتى تلبس النقاب أم يأخذها
بالعنف؟
ج/ العلماء ذكروا أعظم من ذلك ذكروا إذا ابتلي الرجل بامرأة لا تصلي
فإنه يصبر عليها ويأمرها وينهاها حتى يتيقن أنه لا فائدة منها؛ لأنها لا تصلي لأن
ترك الصلاة كفر أما في المسائل مثل التي ذكر مسال بعض المعاصي والذنوب مثل كشف
الوجه وأشباه ذلك، هذه ينبغي للداعي للزوج الذي يدعو أهله لطاعة الله جل علا أن
يجعل ثم قاعدة معها المرأة تستتر؛ لأن الاستسلام للحق لابد له توطئة، توطئة هي محبة
الله جل وعلا ومحبة رسوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ محبة الدين، كيف تحدث في
قلب المرأة محبة الدين حتى ترى هذا الحجاب الذي يراه الآخرون فيه وفيه أنها تراه
قربة إلى الله جل وعلا لابد من غرس الإيمان الصادق في النفس.
فإذن الوصية أن
تصبر عليها، وأن لا تصبر عليها دون محالة الدعوة ودون متابعة والله جل وعلا إذا علم
منك أنك صابر لأجل إصلاحها ولأجل أن لا تخليها من أولادها وقد يكون ثم مفاسد أكبر،
فإن الله سبحانه يعينك، واستعن بالدعاء الدعاء في أوقات الإجابة في آخر الليل وبين
الأذان والإقامة؛ لأن الله جل وعلا يعينك على بيان الحق، وعلى أن تهديها، وأن يشرح
الله صدرها لهذه الأمور.
وهذه المسألة ينبغي أن ينتبه لها الناس في من يدعون،
الدعاء لا تتركه للمدعو؛ لأن القلوب بيد من؟ بيد الله جل وعلا، الكلمة التي تؤديها
أو العمل هذه وسيلة؛ لكن القلوب من الذي يأخذها؟ الكلمة التي تقولها ينشرح لها صدر
المتلقي؟ الرب جل وعلا لهذا انطرح بين يديه، واسأل الرب جل وعلا أن ينفع
بكلامك.
فإذا سألت الله جل وعلا ربما أجابك إلى سؤالك فنفع الله جل وعلا بعادتك
وعملك.
فيه رسالة من الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأحد علماء الحساء عبد
الله بن محمد بن عبد اللطيف الأحسائي كان يخالفه في أشياء، فكتب له الشيخ رسالة
وقال: له كنت زرتك ورأيتك علقت على أول كتاب الإيمان من البخاري تعليقا حسنا -ذاك
عالم- تخالف ما عليه أهل بلدك فعلمت أنك تطلب الحق، وكنت أرجو أن تكون فاروقا لدين
الله في آخر هذا الزمان كما كان عمر بن الخطاب فاروقا لدين الله في أوله، وإني
لأدعو لك في صلاتي. أين هذا لابد من توطين النفس عليه؛ لأن هذه محبة للتأثير محبة
للدعوة الداعي ليس متسلطا يريد أن ينجح هذا المدعو، وأيضا كل عمل صالح عمله المدعو
فلك مثل أجره اتخذ الأسباب، ومن الأسباب العظيمة التقى، ومن الأسباب العظيمة التوكل
على الله جل وعلا؛ بل قال ابن القيم رحمه الله التوكل على الله جل وعلا في صلاح
الدين أعظم من التوكل على الله جل وعلا في صلاح الدنيا.
التوكل على الله يعني
تسأل الأسباب التي تصلح بها الدين وتفوض الأمر إلى الله معتقدا أنه لا حول لك ولا
قوة، بعض الناس يأتون يعملون أعمال دعوية والله رتبنا بينا واتصلنا وراسلنا في
الأخير لا نتيجة، ربما غاب التوكل؛ لابد أن تفعل السبب وتفوض الأمر إلى الرب جل
وعلا؛ لأن قلوب العباد هي بيد الله سبحانه.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا
وإياكم بما سمعنا وفي الختام لا يفوت...
جاء رجل إلى أحد السلف -أحد أئمة السلف من القرن الثاني أظنه عبد الرحمن بن مهدي أو
وكيع- فقيل له: يا فلان إنّك تقع في أناس بكلام عسير وتحذّر الناس منهم، فكيف يكون
هذا، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ نهى عن الغيبة أو كما جاء -لا أحفظ
الآن الكلام بحروفه المقصود المعنى- فقال -وهذا الكلام أحفظه الأخير- فقال: يا هذا
إني لهم أعظم من آبائهم وأمهاتهم، ألم تر كيف أحذّر الناس منهم حتى لا تجتمع عليهم
أوزار الناس ومن تبعوهم فتكثر أوزارهم. فانظر النية الصالحة أيضا في الرد هنا جاء
قال أنا أرد ليش؟ لأنه لو تركت المسألة الآن بتزداد عليهم الأوزار، هذه نظرة محبة
ليست نظرة حزبية؛ لكن يأتي النظرة الحزبية في مثل هذه الأشياء تقول فلان لابد يسقط
هذه نظرة حزبية، يسقط فلان ويرتفع فلان إلى آخره، هذه النظرة غير شرعية، هنا هذا
نظر، هذا الإمام نظرة شرعية من محبته ومن خوفه هذا المؤمن من مقتضى الولاية العامة؛
فحذّر عبادة؛ لكن دافعه للتعذير أن لا يشفع هذا الذي خالف الحق هناك فتعظم عليه
الأوزار؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال «ومن سن في الإسلام سنة
سيئة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه».
هذه مقدمات.
إذن الحزبية لها
مظاهر، من مظاهرها -كما ذكرتُ لك- الموالاة والمعاداة على الحزب ليس على الدين، ليس
على الديانة، على الحزب، وافق: فلان اتركه، فلان من الإخوة، فلان من الإخوان، وفلان
ما هو الإخوان وهذا، هذا مسلم في قلبه التوحيد، في قلبه عبادة الله وحده لا شريك
له، في قلبه محبة الله جل وعلا ومحبة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كيف
بأي حجة تبغضه؛ لأنه ليس منتميا أو ليس داخل الحزب أو ليس داخل الجماعة أو ليس مع
الجماعة أو لأنه يخالفك؟ لا، هذا مظهر حزبي لذلك أهل العلم الرّاسخون فيه الصالحون
لا يرضون بمثل هذه المظاهر.
من مظاهر الحزبية التي تكون في الجماعات المعاصرة،
أنّ الجماعات تقوم على الطاعة، والشريعة في العمل الدعوي الجماعي لم تأتِ بالطاعة؛
لأن الطاعة للإمام وإنما أتت بالتطاوع كما ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ حينما بعث عليا إلى اليمن قال «لهما تطاوعا ولا
تختلفا وبشرا ولا تنفرا» لاحظ كلمة (تطاوعا) يعني يطيع بعضكم بعضا؛ لكن الطاعة
العامة للأمير الطاعة العامة للإمام؛ لكن التطاوع في الدعوة هذا مشروع.
فإذن
المظهر الحزبي أن ثم طاعة ثم أمير يطايع أو لا يطايع، يطاع، يأتي هذا ويقول انتظر
حتى يأتينا توجيه، الأمر دعوة الآن ننتقل ونحضر درس علم حتى مر بعض الشباب حتى في
حضور درس علم في صحيح البخاري أو في تفسير ابن كثير في مسجد لابد أن يكون هناك
استئذان هذا أمر غير شرعي، هذا مظهر من مظاهر الحزبية التي لا تقر.
في الدعوة
إلى الله في الجماعات، الجماعات -كما قلنا- إذا كانت جماعة بمظهر حزبي فلا تقر؛
لأنها مخالفة لأصول الشرعية ومحدثة، وأُنشأت مضاهاة للجماعات العاملة في الحزب
الشيوعي ونحو ذلك كما هو معروف في تاريخ نشأة الجماعات في العصر الحاضر؛ لكن
المشروع ما هو؟ المشروع أن يكون هناك تعاون على البر والتقوى، عندنا أصول شرعية،
معلوم أنّ الزمن هذا وأن الناس كثروا يتعقّد الزمن ويكثر؛ فلابد من تعاون، لابد من
ترتيب، لابد من نظام في الدعوة، لابد من اختصاصات حتى يخدم كل واحد في مجاله الذي
ينفع به وبنفع فيه.
فإذن نقول: الدعوة إذا كانت على شكل مجموعات تتعاون على البر
والتقوى، فهذا طيب؛ لكن لا يكون لها مظاهر حزبية مما ذكرنا.
أخلاق الأخلاق
والصفات كما ذكرنا سابقا قلنا:
أولا الإخلاص، الإخلاص في حق الجماعات كيف يكون؟
أو بحق المجموعات إذا عبرنا بالجماعة، الجماعة التي هي مجموعة، أما الجماعة التي هي
حزبية فإن هذه الأشياء لا تنطبق عليها أصلا؛ لأنها مخالفة للتحزب يخالف كل الآداب
والشرائط الشرعية.
أولا الإخلاص؛ الإخلاص أن تكون الدعوة كما ذكرنا إلى الله، لا
إلى المجموعة ولا إلى الطريقة، يأتي فلان هُدِي إلى الله جل وعلا، اهتدى ودُعي،
وتكون الدعوة إلى الحق سواء كان معك أو مع غيرك من أهل الحق، المسألة واحدة،
المقصود أن يكون مستقيما على شرع الله جل وعلا، أن يكون متعبدا سبحانه وتعالى معي
مع غيري مع فلان، درسي يحضره خمسة ودرس فلان يحضره آلاف المسألة واحدة المهم أن
يعبد الخلق لربهم جل وعلا هذا المقصود.
فإذن من علامات الإخلاص أو من آثار
الإخلاص في الدعوة الجماعية التي يُتعاون بها على البر والتقوى أنْ لا يَحزن بأن
يكون المرء معه أو مع غيره من أهل الحق، قد لا يكون من أهل الباطل أما إذا كان
سينصرف لأهل الباطل فيجب عليه أن يرده إلى أهل الحق.
الإخلاص وهو الخلق الأول،
والواجب في حق الدعوة التي يتعاون أصحابها فيه على البر والتقوى أن يكون المراد من
الدعوة هداية الفرد إلى الله جل وعلا، وأن لا يكون المقصود ربط الشخص ربط المدعو في
هذه المجموعة؛ لأن ربط الأفراد بالمجموعات، هذه تُنشئ جماعات، فنقع في الأمور
الحزبية المنكرة التي لا تقر شرعا.
فإذن الإخلاص أن يقصد المرء وأن يُجاهد نفسه
في أن يكون في دعوته للأفراد وربطهم بهذه المجموعة لأجل هدايتهم، لا لأجل الربط
التبعي، لاشك أن الفرد لا يمكن في الغالب في هذا الزمان أن يستقيم إلا بأن يوجد في
فئة صالحة، إذا وجد في فئة صالحة أمكنه أن ينظر للاستقامة من واقع عملي، فإذا كان
هذا المقصود فلا بأس هذا أمر طيب، الوسائل وسائل المشروع مشروعة، والأحكام لها
والوسائل لها أحكام المقاصد.
منافاة الإخلاص أن يقصد بالدعوة أن تكثر المجموعة،
أن تزيد، أن يكون الربط بفلان وفلان، ونحو ذلك، فهذا كما ذكرت ينشئ جماعات، ولهذا
قدمت لك قول الإمام الدعوة في مسائل كتاب التوحيد: إن الداعي إلى الله جل وعلا
المخلص لا يدعو إلى نفسه ولا إلى شيخه؛ بل يدعو إلى الله مطلقا بتعبيد الخلق إلى
ربهم جل وعلا.
أما السنة، السنة، الإخلاص والسنة في الدعوة التي يتعاون فيها
أصحابها على البر والتقوى كيف يتعاونون؟ مثلا أهل الحي، أهل المسجد، أهل مكتب مأذون
به ونحو ذلك يتعاونون على دعوة للإصلاح وللخير، وهذا أمر مطلوب مجموعة من طلبة
العلم في مكان من الأمكنة يجتمعون يرتبون أمرهم بدروس بدعوة بزيارات ونحو ذلك هذه
كلها أمور محمودة إذا كانت لا على وجه الجماعة والتنظيم الحزبي.
نقول السنة، كيف
تكون السنة؟ ذكرنا أن الجماعات الضالة ضلت وسعت إلى خلاف السنة، وصارت شرا من شر
المسلمين، مثل ما ذكرنا الخوارج وغيره، كيف كان ذلك؟ لأنهم دعوا إلى غير السنة، كيف
نشأ ذلك؟ دعوا إلى غير السنة، كيف بدأت الدعوة إلى غير السنة؟ تبدأ في المجموعات
بالتساهل، وهذا شيء رأينا فيما مر علينا من الزمن في العشرين سنة الماضية رأيناه أو
في الخمس والعشرين سنة الماضية رأيناه في مجموعات كانت صالحة وبدأت صالحة ثم
تساهلوا مع الذي يخالف السنة بينهم يخالف السنة في الكلام؛ يعني يقع في العلماء،
يقع في الأمور السياسية بلا ضوابط شرعية، إذا سمع [...] نشرها دون تثبت، يأتي يربي
على غير السنة، يربي على قيل وقال، صارت المجموعات بدل أن تكون داعية إلى الله جل
وعلا على بصيرة وعلى إخلاص وعلى سنة تحولت إلى أهداف أخر في أصحابها، تحولت على
السنة، وهذا صار بالتساهل، ولو أن المجموعة أخذوا على يد المخطئ من أول الأمر
وقالوا الحق كذا لا تخالف، ونصحوه ووعظوه من أول يوم، لما زاد الشر؛ لكن يتساهل
ويبحث إلى آخره وتزيد الأمور تزيد حتى تكون أشياء غير محمودة، هذا لاشك يخالف
المتابعة؛ لأن التابعة العامة للسنة يعني لمنهج السلف الصالح في أن لا يخرج المرء
في المجموعة عن عقيدة السلف الصالح عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة الطائفة
المنصورة والفرقة الناجية هذا أمر مقصود شرعا، أما أن تكون المجموعة مجموعة تدعو
إلى الله ثم يحدث بينها افتتان فتضل المجموعة، أو يحصل بينها نزاع في مسائل اتباع
طريقة السلف الصالح والعقيدة الصحيحة، لاشك أن هذا يحدث مفاسد كثيرة كما
رأينا.
إذن من أول الأمر ينتبه للسنة، السنة يبدأ واحد قد يكون لسانه جيدا وقد
يكون عنده ثقافة عصرية ثقافة سياسية فيعلل بأشياء غير جيدة، مثلا أنا كنت في بلد من
البلاد من أمريكا أحد الإخوة من أحد البلاد العربية ذكر شيئا قلت هذا ما عليه
إثبات، قال أنا آتيك بالإثبات، وأتاني بملف مقالات في مجلات، هل هذا دليل؟ نحن
تعلمنا في منهج أهل السنة والجماعة وضع الأدلة والبرهان كيف يكون، البرهان العاطفي
ليس برهانا شرعيا، البرهان العقلي ليس برهانا شرعيا لابد يكون برهان شرعي لابد يكون
برهان شرعي تأتيني بقول فلان وفلان لما نشر في المجلات وهم لم يطلعوا إنما سمعوا
هذه ليست براهين.
فإذن تمشي مثل هذه الأشياء على مجموعات وتصير ثقافة في
المجموعة ثم ينشأ عن المجموعة جماعة ثم تبدأ تتحزب ثم نخرج إلى شيء آخر.
لهذا
تجد بعض الجماعات الإسلامية في بعض البلاد كانت واحدة وأصبحت مائة أو أصبحت أكثر
ليش؟ لأن المجموعات الصغيرة الأسر الصغيرة بدأ فيها الأقوال، حتى أصحاب تلك
الجماعات يقولون لابد من وأد الأقوال هذه والجيوب في مهدها ونحن نقول نعم لابد من
وأدها في مهدها لكن على منهج السلف الصالح، ليس وأد، من أجل بقاء العامة يعني
الجماعة الحزبية لا أن توأد في مهدها لأجل أن لا يخرج أصحاب هذا القول بأقوال جديدة
وبأفكار.
الآن كم عندنا من فكرة؟ كم عندنا من طرح؟ عندنا عشرات الطروح الجماعة
الفلانية في البلد مجموعات عشرة خمسة عشرة، ثم يبدؤون يزيدون يصيرون خمسين، يبدؤون
بفعل شيء يتحدث عنه الناس، ربما تحدث عنه العالَم، كيف حدث ذلك لابد من
علاج.
إذن فالمسؤول الأول هي المجموعة الأولى، وعليها التبعة في أن لا يخرج من
بينها من يخالف النهج الصحيح، وعليهم حساب أمام الله جل وعلا، يرون المخالف؛ لأن
بداية الأمر إذا كان سهلا تتوسع، ثم بعد ذلك يقع في أمور كثيرة وهم يمقتون ذلك طيب
لماذا تساهلتم من البداية؟ كيف نحل الأمر بعد أن توسع، وهكذا في أشياء
كثيرة.
إذن فمتابعة السنة نهج السلف الصالح العقيدة الصالحة لابد
منها.
الثاني العلم والمجموعات لابد أن تربي أصحابها على العلم؛ لأن كما ذكرنا
لا دعوة إلا بعلم، كيف يدعو إلى غير علم، يكون شاب مستقيم ويدعو ويتنقل وحريص وهو
غير فاقه لكلام الله جل وعلا وكلام رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لا يصلح
لذلك، وقد قدمنا ما يكفيه في هذا.
المسألة الثالثة الحكمة: إذا كان الفرد يجب أن
يكون حكيما فحكمة المجموعة أولى، لماذا؟ لأن المجموعة أثرها أعظم، فإذا فقدت
المجموعة الحكمة لم تكن الغائلة على فرد، وإنما يقال الشباب ويكونون مخطئين؛ لكن
الخطأ نسب إلى جميع الشباب لجميع الدعوة، وهذا لا ينبغي، طبعا يجب أن نعرف جميعا
بعض الناس يظن أن الشباب الإسلامي الآن أنه الموجود الآن والالتزام بالشّرع أنه
نِتاج الجماعات الحزبية؟ لا هذا غلط، الجماعات التي دعت لم تنتج هؤلاء الشباب
الصحوة التي تسمى صحوة -مع مؤاخذة في اللفظ وكما ذكرنا الصحوة تحتاج إلى صحوة-
الصحوة هذه أو الشباب الملتزم أعظم من الجماعات، أوسع، فلا يصلح أيضا أن يصنف الشخص
يقال هذا تبع الجماعة الفلانية، والصحوة والشباب أوسع من الجماعات الثلاث والأربع
أو الخمس الموجودة، أوسع وأوسع وأوسع.
ولهذا في هذا الوقت رأينا ورأى كل محب
للدعوة وكل متفاني فيها وكل راغب في أن يعلو منار الإسلام وأن تعلو راية الإسلام،
يرى في نفسه لزاما أن يكون مع هؤلاء الدعاة ومع هؤلاء الشباب فيما يصلحهم وفما يقوي
راية الإسلام والمسلمين، لا فيما يضادهم ولكن فيما يصلحهم؛ لأن هؤلاء الشباب لا
يعرفون هذه الأسماء والجماعات، وإنما هذه فئة قليلة ضمن الصحوة التي تسمى صحوة
والالتزام والشباب العام هذا أكبر بكثير إذا كان أكبر بكثير في البلاد الأخرى فهو
أكبر بكثير وكثير وكثير في البلاد في بلادنا هذه؛ بل ربما تلاشت الأطر الحزبية إن
شاء الله تعالى.
إذن فنقول: هذه مسألة مهمة في أن الحكمة لابد منها، وكل مجموعة
لابد أن تنظر أن الحكمة في تصرفاتها أن تنظر للغايات المحمودة منها، الغايات
المحمودة من التصرف، كم حرمنا من وسيلة دعوة بسبب الجهلة، وكم وكم صارت مفاسد بسبب
الجهلة، ونصح ونصح لكن لا سبيل، كيف نصل الواجب على هذه المجموعات الواجب على من
يرعاهم على الداعية فيهم على طالب العلم فيهم على إمام المسجد فيهم إذا كان يدعو في
حيه، الواجب عليه أن يتقي الله جل وعلا في نفسه وفيما معه في أن لا يخرجهم عن مقتضى
الحكمة في أن يكون تصرفهم موافقا للغاية المحمودة من الدعوة، والأمر في الجماعة كما
ذكرنا والمجموعة المر في الأفراد.
أما الكلام عن الهوى على المجموعات فهو كلام
طويل، ولنا فيه شجون وشجون وشجون، قلّ أن رأينا –قلّ أن رأيت أنا والله أعلم
بالحقائق وأبرأ إلى الله من القول بلا بينة – قلّ أن رأيت مجموعة تتخلص من الهوى
تماما، وهذا سبيل الإنسان، كل إنسان لابد عنده شيء مل واحد يعرف من نفسه أنه عنده
نوع هوى؛ لأن الشيطان يغذيه، له هوى في الشهوات، له هوى في التصرفات له هوى لكن
المرء كلما كان أسلم من الهوى كلما كان صادقا في دينه، والصدق عماده التخلص من
الهوى، كما عرف بعض السلف الصدق من هو الصادق قال من تخلص من الهوى ولا شك، يتخلص
من الهوى صادق، فإذن التخلص من الهوى في المجموعات واجب، ولابد من يرعاها أن يجعل
نفسه ومن معه بريئين من الهوى ما استطاعوا، مظاهر البراءة من الهوى أن لا يكون
مقلدا في الأحكام، هذا واحد، تأتي مجموعة فلان فيه، فلان ما فيه، فلان من الجماعة
الفلانية، فلان ما فيه شيء كيف حكمت؟ سمعه من فلان، إذا قال واحد قول انتشر في
الشباب وانتشر في الناس، هل هذا من مصلحة الدين؟ هل يجوز شرعا؟ هل هذا مقتضى
الولاية؟ شخص يقول كلام ينتشر، فلان فيه كذا، يسبونه مسبات عظيمة هل هذا يجوز؟
من حق المسلم على المسلم أنك إذا سمعت فيه عيبا أو رأيته منه فلا تنشره تكتمه،
هذا من الحقوق العامة أنشروا الخيرات؛ لأنه إذا نشرت الخير زاد، لذلك إذا قلت فسد
الناس فأنت أفسدتهم كما جاء في الحديث، من قال هلك الناس فهو أهلكم؛ لأنك إذا قلت
الناس فسدوا فيه كذا، الحريم فيهم كذا، الشباب صار، طيب أنت الآن عند واحد في البيت
تزيده، المسألة فاسدة، صار كذا وكذا يعني لا ينبغي؛ بل لا يجوز أن يعاني المرء
بالألفاظـ الألفاظ يجب أن يتثبت منها، فالتقليد في الأحكام وفي إطلاق الألفاظ هي
سبب عظيم من أسباب الهوى.
الهوى يكون في الأحكام، تأتي مجموعة واحد يتلقى كلمة
ينشرها في مجموعة، فتنتشر لا أصل لها، إنما هي ظن وبعض الناس يظن ظنا فيتحدث به،
فينقله الثاني على أنه ثابت حدثني ثقة وهو ظن أصلا أصله ظن أصله استنتاج هو استنتج
والاحتمالات كثيرة المستنتج ما ينبغي أن يحصر على احتمال واحد، ولهذا قال عمر
رَضِيَ اللهُ عنْهُ فيما رواه الإمام أحمد في الزهد ورواه غيره قال: لا تظنن بكلمة
خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا. لأن الاحتمالات كثيرة، أنت تجعل
الاحتمال واحد في الكلام، ثم احتمال ثاني، ثم احتمال ثالث، كذلك في
التصرفات.
فإذن المسلم المؤمن الصادق في عبوديته لله جل وعلا من يريد أن يتخلص
من الهوى يجب أن يبتعد من التقليد في الأحكام على الأشخاص، هذه مهمة، في الأشخاص
جميعا، لا تقلد تسمع كلمة خلاص نشرتها، سمعت مظهر من المظاهر المنكرة نشرته، لا،
هذا التقليد يجب أن ينبذ؛ لأنه سبب من أسباب الهوى بل نشره من الهوى إذا لم يتثبت
فيه ويكون الحكم الشرعي أنه لا بأس بنشره، فالأصل أن لا تنشر المسائل تنشر الخيرات
حتى تنتشر، وأن لا تضعف قلوب المسلمين بذلك.
هذه كلمات موجزة في هذا الموضوع
الكبير العظيم وهو أخلاق الداعي إلى الله وصفاته.
وهذه الكلمات أظن على وجازتها
وعلى ضعف مادتها إذا تؤمّلت ربما تكون نافعة.
لكن أرجو من كل أخ منكم يستمع لهذا
الكلام أن يقف بينه وبين ربه بمحاسبة لنفسه؛ لأن المسألة عظيمة، مسألة الدعوة اليوم
عظيمة، ومثل ما جاء في الحديث قال وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال «نعم وفيه دخن» خير
لكن فيه دخن، قال: وما دخنه؟ قال «قوم يهدون بغير هديي ويستنون بغير سنتي تعرف منهم
وتنكر» طالب العلم داعي إلى الله هو قدوة، يجب أن يعرف أنه قدوة، تصرفه لا يحسب على
نفسه، وتصرفه على المجموعة، مثلا مرّ واحد وقف بسيارته أمام باب شخص ملتحي عليه
أثار الصلاح، هل الشريعة قالت لك تقف أمام الباب، ألم عن فعل ذلك؟ جاء الرجل ليطلع
لعمله صباحا تأخر نصف ساعة سبب له مفاسد؛ لأجل هذا وقف هذا الموقف قال أنا شوي
وطالع هل هذا خلق مسلم فضلا أن يكون ملتزما.
إذن المسألة قدوة هذا نظر، هذه
سلوكياتهم.
الشريعة والخلق والدين ليس في مسائل محدودة، المسائل التي تطبقها على
نفسك أهون؛ يعني أقل شأنا في أجرها وفي ثوابها من الأمور المستحبات أو الأخلاق لما
تعامل به غيرك؛ لأن حقوق الناس على المشاحة، ويوم القيامة الدواوين ثلاثة:
ديوان
لا يغفر وهو الشرك بالله.
وديوان مبني على المسامحة وهو ما بين العبد وبين
ربه.
ديوان لا يترك الله منه شيء وهو المبني على المشاحة وعلى أخذ الحقوق وهو ما
بين العبد وبين الخلق.
فإذن المسألة فيها حساب، المسألة قدوة، المسألة أنت تنشر
الدعوة بقولك هل كان الصحابة رضوان الله عليهم أصحاب كلام؟ الصحابة أصحاب مؤلفات
مثل لنا محاضرات، دروس كل يوم، وجلسات؟ لا، لكن نشروا الدين نشروا الخير لم؟ لأنهم
كانوا يمشون بالقرآن، من رآهم ذكر الله جل وعلا، برؤيتهم يذكر الله جل وعلا،
برؤيتهم تراه تذكر الله جل وعلا بحسن تصرفاته، بحسن معاملته من رحمته بالخلق من
بذله إلى آخره من تخلصه من الهوى وهذا مما ينبغي للجميع العناية به.
اسأل الله
سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم من الذين حباهم بالدعوة إليه، وممن أصلح ظاهرهم
وباطنهم.
اللهم أصلح ظاهرنا وباطنا.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة
أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها
معادنا.
اللهم نور قلوبنا بالإيمان اللهم نور قلوبنا بالوحي يا أكرم
الأكرمين.
أسألك اللهم أن تجعل أقوالنا وأعمالنا على ما تحب وترضى، ونستغفرك
اللهم مما تُسخط وتأبى إنك سبحانه جواد كريم.
اللهم اغفر لنا جميعا ومن علينا
بالقول الصالح وبالعمل الصواب النافع إنك كريم جواد معطاء ذو الفضل
والإحسان.
اللهم فمُنّ علينا فإنك أجود الأجودين أرحم الراحمين.
ونسألك اللهم
أن توفقنا وأن توفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وأن تبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز
فيه لأهل الطاعة ويعافى فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر
ويدعى فيه إلى الحق، إنك سبحانك جواد كريم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا
محمد.
[الأسئلة] نأخذ عددا من الأسئلة.
س1/ فضيلة الشيخ هل وسائل الدعوة يدخل
فيها الاجتهاد؟
ج/ الحمد لله، هذه المسألة كبيرة هل وسائل الدعوة يدخل فيها
الاجتهاد أم لا؟ ولابد فيها من تفصيلات وتعليلات يضيق المقام عن بسطها، فنرجئها إن
شاء الله إلى بحث مستقل.
س2/ كيف تجمع بين قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في الصحابي الذي قال له: ما شاء الله وشئت. فقال له صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده» وبين ما قال اليهود
للصحابة رضوان الله عنهم: إنكم أنتم القوم لو لا أنكم تنددون. وجزاكم خير
الجزاء.
ج/ لا مخالفة بين هذا وهذا، الصحابة في الألفاظ مرت عليهم مراحل لم
ينهوا عن جميع الألفاظ مرة واحدة؛ يعني الألفاظ التي تركها أولى أو التي فيها نوع
تشبيه أو نحو ذلك؛ لأن الصحابي بتوحيده لا يقصد حقيقة التشريك، مثل الأحكام الشرعية
الأخرى الزنا تحريم الزنا مر بمراحل، تحريم الخمر مر بمراحل، فكذلك الألفاظ الحلف
بالآباء الحلف بالكعبة أيضا كان مسكوتا عنه في أول الأمر ثم نهي عنه «لا تحلفوا
بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت» فالحديث الذي ذكر لا معارضة بينه وبين
القصة لأن القصة فيها أنهم كانوا يقولون ذلك، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ
والسَّلاَمُ وجههم، وحادثة الصحابي الذي قال ما شاء الله وشئت هذه حادثة عين محمولة
على أنه لم يبلغه الكلام الأول، فلأجل أنّ القول الأول كان مستعملا، فلما سمع منه
النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ذلك نهاه عنه.
فالباب باب واحد، فنهى
النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ الناس جميعا ثم نهى هذا الفرد بخصوصه لما
سمع منه تلك المقالة.
س3/ كثرت وسائل التربية في هذه الأزمنة فما هي التربية
الصحيحة التي يجب تربية الشباب عليها من بداية استقامتهم على الدين إلى انقباض
أرواحكم، وجزاكم الله خيرا؟
ج/ مثل ما قال الشاعر
غيري جنى وأنا المعذب فيكم
فكأنني سبابة المتندم
سؤال يحتاج إلى، التربية كيف نجيب عنها، كيف يربى الشباب،
كيف نجيب عنه هذه محاضرة لعل مكتب الدعوة ينظم محاضرة التربية،
المقدم: صاحب
السؤال حرّجنا كثيرا وقال لابد أن نقدم.
الشيخ: هذا طيب لكن السؤال يحتاج إلى
جواب، ولو وجدت جوابا مختصرا ما وفى الموضوع، ولابد من الإيضاح والتفصيل حتى يستزيد
الحاضرون.
س4/ ما هو ضابط الخلاف الذي ينكر فيه والذي لا ينكر؟
ج/ الخلاف عند
العلماء نوعان:
خلاف قوي وخلاف ضعيف.
الخلاف القوي: ما كان فيه الدليل الذي
استدل به كل صاحب قول محتملا أو له وجه في استدلاله عليه.
والخلاف الضعيف الذي
لم يتمسك فيه صاحبه بدليل وحجة أو كان التمسك ضعيفا.
...مسائل الخلاف القوي التي
اختلف فيها أهل العلم لا إنكار فيها لأن كل واحد منهم له حجته وله قوله الذي استدل
عليه، والصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا ولم ينكر بعضهم على بعض؛ لأن كل واحد منهم
أخذ يقول؛ بل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في قصة بني قريضة المعروفة أن
النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لما أرسل الصحابة قال لهم «لا يصلين أحد
منكم العصر إلا في بني قريضة» راحوا الظهر لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني
قريضة، لما حان وقت العصر اختلفوا قال طائفة: أراد منا رسول الله عَلَيْهِ
الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ الاستعجال أننا نستعجل ونصل مبكرين فلابد أن نصلي الآن،
وقال آخرون لا قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عين أننا لا نصلي إلا إذا
أتينا بني قريضة، فلما فصلى بعضهم وبعضهم لم يصلي أخر الصلاة حتى أتى بني قريضة
فلما رجعوا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبروه الخبر فلم ينكر على
أحد منهم لأن الدليل محتمل.
إذا كان الخلاف قويا فلا إنكار.
من أمثلة الخلاف
القوي مثلا الآن زكاة الحلي، بعض العلماء يقول الحلي تزكى حلي النساء المعدة للبس
تزكى وبعض أهل العلم يقول لا تزكى، الأدلة محتملة فيها نظر.
فمن قال تزكى فله
حجته.
ومن قال لا تزكى وهم أئمة أهل الحديث في الزمن الماضي مالك والشافعي وأحمد
وأبو عبيد له حقه من النظر.
فلا إنكار فيه إذا المرأة ما تريد تزكي ما تزكي، ما
يكون إنكار أو أمر؛ لأن الخلاف فيه سعة.
تأتي مسائل الخلاف الضعيف لا، الخلاف
الضعيف فيها إنكار، يأتي واحد ويقول الربا ربا البنوك يعني الفوائد الربوية جائز،
نقول هذه فيها إنكار، صحيح فيها خلاف لكن الخلاف فيها ضعيف، الخلاف الضعيف لا يمنع
من الإنكار فمن قال بإباحة الفوائد الربوية لأنه خالف الحق في المسألة ولا دليل
واضح يُستمسك به على ذلك، وإنما هو تلمسات لمن أباح الفوائد الربوية فيُنكر في هذه
المسألة.
وجود الخلاف سواء كان قويا أو ضعيفا يَمنع من التكفير في المخالفة، إذْ
لا تكفير في المسائل العملية التي ترتكب يعني المنهيات إلا بالاستحلال أو بفعل يعني
باستحلال أمر مجمع عليه، استحلال معصية مجمع عليه، استحلال معصية مجمع على تحريمها،
إذا استحل معصية كبيرة مجمع على تحريمها فإنه يكفر، أما إذا كانت المعصية ليست
مجمعا على تحريمها فيها خلاف ولو كان الخلاف ضعيفا فلا تكفير ولكن ثم
إنكار.
وهذه أصولها مقررة عند أهل العلم في القواعد وفي العقيدة.
طبعا مسائل
الخلاف غير مسائل الاجتهاد، مسائل الاجتهاد شيء آخر، الفرق ما بين مسائل الخلاف
والاجتهاد بحث أصولي يحتاج إلى بسط.
س/ رجل أراد أن يحجّب زوجته ويلبسها النقاب
فرفضت وتطوّر الأمر وكاد إلى ما لا تحمد عقباه، فهل من الحكمة في الدعوة أن يصبر
على زوجته ويستمر في دعوتها وتقديم الهدايا لها حتى تلبس النقاب أم يأخذها
بالعنف؟
ج/ العلماء ذكروا أعظم من ذلك ذكروا إذا ابتلي الرجل بامرأة لا تصلي
فإنه يصبر عليها ويأمرها وينهاها حتى يتيقن أنه لا فائدة منها؛ لأنها لا تصلي لأن
ترك الصلاة كفر أما في المسائل مثل التي ذكر مسال بعض المعاصي والذنوب مثل كشف
الوجه وأشباه ذلك، هذه ينبغي للداعي للزوج الذي يدعو أهله لطاعة الله جل علا أن
يجعل ثم قاعدة معها المرأة تستتر؛ لأن الاستسلام للحق لابد له توطئة، توطئة هي محبة
الله جل وعلا ومحبة رسوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ محبة الدين، كيف تحدث في
قلب المرأة محبة الدين حتى ترى هذا الحجاب الذي يراه الآخرون فيه وفيه أنها تراه
قربة إلى الله جل وعلا لابد من غرس الإيمان الصادق في النفس.
فإذن الوصية أن
تصبر عليها، وأن لا تصبر عليها دون محالة الدعوة ودون متابعة والله جل وعلا إذا علم
منك أنك صابر لأجل إصلاحها ولأجل أن لا تخليها من أولادها وقد يكون ثم مفاسد أكبر،
فإن الله سبحانه يعينك، واستعن بالدعاء الدعاء في أوقات الإجابة في آخر الليل وبين
الأذان والإقامة؛ لأن الله جل وعلا يعينك على بيان الحق، وعلى أن تهديها، وأن يشرح
الله صدرها لهذه الأمور.
وهذه المسألة ينبغي أن ينتبه لها الناس في من يدعون،
الدعاء لا تتركه للمدعو؛ لأن القلوب بيد من؟ بيد الله جل وعلا، الكلمة التي تؤديها
أو العمل هذه وسيلة؛ لكن القلوب من الذي يأخذها؟ الكلمة التي تقولها ينشرح لها صدر
المتلقي؟ الرب جل وعلا لهذا انطرح بين يديه، واسأل الرب جل وعلا أن ينفع
بكلامك.
فإذا سألت الله جل وعلا ربما أجابك إلى سؤالك فنفع الله جل وعلا بعادتك
وعملك.
فيه رسالة من الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأحد علماء الحساء عبد
الله بن محمد بن عبد اللطيف الأحسائي كان يخالفه في أشياء، فكتب له الشيخ رسالة
وقال: له كنت زرتك ورأيتك علقت على أول كتاب الإيمان من البخاري تعليقا حسنا -ذاك
عالم- تخالف ما عليه أهل بلدك فعلمت أنك تطلب الحق، وكنت أرجو أن تكون فاروقا لدين
الله في آخر هذا الزمان كما كان عمر بن الخطاب فاروقا لدين الله في أوله، وإني
لأدعو لك في صلاتي. أين هذا لابد من توطين النفس عليه؛ لأن هذه محبة للتأثير محبة
للدعوة الداعي ليس متسلطا يريد أن ينجح هذا المدعو، وأيضا كل عمل صالح عمله المدعو
فلك مثل أجره اتخذ الأسباب، ومن الأسباب العظيمة التقى، ومن الأسباب العظيمة التوكل
على الله جل وعلا؛ بل قال ابن القيم رحمه الله التوكل على الله جل وعلا في صلاح
الدين أعظم من التوكل على الله جل وعلا في صلاح الدنيا.
التوكل على الله يعني
تسأل الأسباب التي تصلح بها الدين وتفوض الأمر إلى الله معتقدا أنه لا حول لك ولا
قوة، بعض الناس يأتون يعملون أعمال دعوية والله رتبنا بينا واتصلنا وراسلنا في
الأخير لا نتيجة، ربما غاب التوكل؛ لابد أن تفعل السبب وتفوض الأمر إلى الرب جل
وعلا؛ لأن قلوب العباد هي بيد الله سبحانه.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا
وإياكم بما سمعنا وفي الختام لا يفوت...
________________________________________________
- أبو أحمد ولميسعضو مميز
- عدد المساهمات : 762
نقاط : 6441
تاريخ التسجيل : 20/10/2013
العمر : 47
رد: أخلاق الداعي إلى الله
الإثنين 21 أكتوبر 2013, 04:05
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى