- ناجح المتولى
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3753
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
الشورى في السنة النبوية
الأربعاء 23 نوفمبر 2011, 17:51
الشورى في السنة النبوية
أما السنة النبوية فإنها زاخرة بالأمثلة العملية لاستشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، حتى قال أبو هريرة ـ رضي اللَّه عنه ـ: ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك: استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الخروج يوم بدر، وفي المنـزل الذي ينـزله عندها، وفي الخروج أو البقاء في المدينة يوم أحد، وفي مصالحة بعض الأحزاب يوم الخندق على ثلث ثمار المدينة، وغير ذلك كثير .
ومن هذه السنة العملية لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تستفاد قاعدة عامة محتواها أن الحاكم أو الإمام يستشير الأمة أو أولي الرأي فيها فيما يحتاج الوصول إلى قرار بشأن تبادل الآراء، وذلك في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاصر على الأمور التي لم يكن فيها نص بفعل أمر معين أو تركه، فإن ما كان محلاًّ لوحي فلا مجال للمشاورة وقد تمتد حتى تغطي تلك المسائل المنصوص على أحكامها إذا كانت المناقشة خلال الشورى ترمي إلى الوصول إلى اتفاق على فهم ملائم لظروف الوقائع أو الزمان أو المكان لتطبيق النصوص بالإضافة إلى شمول الشورى بطبيعة الحال لتلك الأمور التي لم يرد فيها نص معين ـ أي: الأمور التي تركت للاجتهاد ـ.
والرأي الراجح بين الفقهاء: هو أنه يجب على الحاكم مشاورة الأمة في الأمور العامة بحيث إذا تركها الحاكم كان للأمة أن تطالبه بها وأن تبدي رأيها ولو لم يطلب منها ـ فيما قد يكون لها فيه رأي.
وهذا الوجوب مستفاد من الآيتين الكريمتين اللتين قدمنا ذكرهما في أدلة حجية الشورى.
ففي الآية الأولى:
جاء الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يشاور أصحابه:{ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } وإذا كانت المشاورة واجبة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يحكم دولة الإسلام الأولى فإنها تجب كذلك من باب أولى على كل حاكم دولة إسلامية بعده، ويبدو ذلك واضحًا إذا تذكرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في واقع الأمر مستغنيا عن المشاورة، إذ يأتيه الوحي بحل ما قد يبدو مشكلاً من الأمور، بينما لا سبيل أمام من بعده من الحكام إلا أن يستفيدوا من خبرات وآراء أولي الرأي في الأمة.
وأما الآية الثانية:
فقد جعلت الشورى وصفًا لازمًا للمؤمنين يحفها من يمينها في النص القرآني وصف المؤمنين بالاستجابة للَّه، وإقامة الصلاة، ومن يسارها وصفهم بالإنفاق مما رزقهم اللَّه ـ تعالى ـ وذلك كله من فرائض الإسلام وواسطة عقد هذه الآية الكريمة هي الشورى التي مدح بها المؤمنون، وكأن وصف الإيمان الكامل لا يتحقق بغيرها .
ومع أن القول بالوجوب في شأن الشورى هو الأرجح عند فقهاء المسلمين فقد ذهب البعض إلى أن الأمر الوارد بالشورى إنما هو للندب لا للوجوب، وأن المقصود بهذا الندب هو تطييب قلوب الصحابة.
والواقع أن هذا لا يعدو أن يكون فهمًا في معنى الآية الكريمة وسبب نزولها، وليس ثمة ما يمنع من القول بأن تطييب القلوب هو أحد أسباب الأمر بالشورى ولكنه ليس هو السبب الوحيد، وليس أدل على ذلك من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه في كثرة مشاورته لأصحابه، وقد فطن الفقهاء المسلمون إلى هذه المعاني كلها، فقد روي أن الشورى من عزائم الأحكام التي لابد من نفاذها والعزائم من الواجبات التي لا يجوز تركها، ورتبوا على ذلك أن من ترك الشورى من الحكام فعزله واجب دون خلاف .
=============
المصدر : هدي الإسلام .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى