- ناجح المتولى
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3760
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
العبادة الصامتة...مقالات..
السبت 19 نوفمبر 2011, 15:00
نَظْرَةُ تَأَمُّلٍ فِي مَلَكُوْتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
وقفت مع نفسي وقفة تأمل ، وتدبر ،وتفكر ، والتفكر في خلق الله من أجل العبادات التي غفل عنها
الكثيرون ، ولأن التفكير يولد التأمل في خلق الله ، واستشعار عظمته سبحانه وتعالى ..
تأملت في ملكوت السموات والأرض وما فيها من إبداعات حيرت العقول ، وترامى تحت عجائبها المفكرون الفحول ، بل عجزت كل الوسائل الدقيقة والتقنية الحديثة أن تصل إلى شأو هذاالكون الفسيح ، المترامي الأطراف فرجع البصر خاسئا وهو حسير.
و ازدادت حيرتي حينما علمت علما يقينا أن في السماء مخلوقات بأحجام عظيمة تفوق الخيال ،
وتتجاوزالمحيط الفكري ، وحدود الخواطر ، وتيقنت أن هذه المخلوقات تسير وفق خطة محكمة ،
لاتتعدى حدودها المرسومة لها ، ولا تميل عن مسارها .. و زادني دهشة ارتباط هذه المخلوقات
العلوية ، ارتباطا وثيقا بحياة المخلوقات السفلية الكائنة في هذه الأرض المليئة بالعجائب هي الأخرى .
فبدأت التفكر والتأمل والتدبر في الشمس ، هذا المخلوق العظيم الذي لا غنى للمخلوقات على الأرض
من الحرارة والأشعة الصادرة منه ...
ففوائد الشمس كثيرة لاتعد ولا تحصى ...
ومنها على سبيل المثال لا الحصر ...
أن الشمس تمد الأرض بالدفء مما يجعل حياة المخلوقات على هذه البسيطة ممكنة الحدوث والاستمرار .
وناهيك بالضياء الذي نحتاجه في كل مجالات الحياة وأهمها الخروج إلى السعي وراء أرزاقنا
وأما النباتات وباقي الكائنات الحية فضوء الشمس ضروري لها ومهم لقيامه بعملية التمثيل الضوئي .
والشمس تصدر طاقات هائلة يستغلها الإنسان وكم من دول تولد الكهرباء والطاقات الأخرى مما تصدره الشمس .
ومن الناحية الطبية فإن أشعة الشمس تفيد الجلد في إنتاج الفيتامين ( د ) الضروري لنمو العظم ،
وتدور الأرض حول الشمس في عام كامل ، مما يفيد الإنسان في عمل الحسابات الكونية وعد السنين .
وحـرارةُ الشمس تبخر الماءَ فتسوقُ السحاب ، وترفعه فوق الجبال ، وتقـودُه إلى بلد ميت ،
فتنبتُ الزرعَ ، وتدر الضرع ، وغير ذلك مما نعلم هو ما لا نعلمه .
ومن غير الهواء وحرارة الشمس ما كنا وجدنا حبة قمح ، أو تمرة ، أوشجرة .
ولو كانت الشمس دائمة السطوع علينا لاحترقت جميع النباتات ، ولكن تعاقب الليل والنهار
بانتظام يعمل على تنشيط تكون الغذاء .
{ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
(12) سورة النحل
{ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَلَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
(54) سورةالأعراف
{ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ }
(2) سورة الرعد
وعلمت علما يقينا أن هناك شموسا عملاقة داخل المجرات أكبر منشمسنا هذه كشمس "قلب العقرب"
التي يبلغ حجمها أربعمائة مرة من حجم شمسنا ، حسب التقديرات المبنية
على العلم والتكنولوجيا الحديثة .
وفي هذه المجرات ملايين الشموس وإن كنا نراها على شكل نجوم نتيجة لبعدها الهائل .
كل هذا الخلق العظي مفي سماء الدنيا فماذا تحمل السموات السبع وما فيهن .
فيا لعظمة هذا الكون الفسيح، ويا لعظمة ما فيه من عجائب لا تحصى ، وأسرار لا تتناهى ...
فغضضت طرفي ،وطويت تفكيري ، أمام كون لا يسعه تفكير مخلوق ، ولا يحيط به عقل إنسان وتلوت
قول الله تعالى :
{ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) } سورة الحـج
ثم عاد التأمل والتفكر من جديد في كوكبنا الذي نعيش عليه ، وهو هذه الأرض فجلت بطرفي ، وتفكيري ،
في بحارها ، وأنهارها ، وجبالها ،وترابها ، وكائناتها الحية المتنوعة ، وكل ما مر بخاطري ،
وتفكيري ، وإذا بي أقف أمام خلق يعجز العقل البشري عن إدراك كنهه ، وتقف الأفكار حائرة
في عظمة صنعه ،ودقة تنظيمه .
فقلت لنفسي عما ذا تبحثين وفي ما ذا تتفكرين ، أمام ناظريك كون مليء بالمخلوقات والكائنات
من حيوانات وسوائل ، وجمادات ، والتي لا يمكن حصرها ،ولا الوصول إلى قعرها
فبصرك كليل ، وفكرك عليل.
بقية المقال على الرابط التالي
http://www.saaid.net/Doat/alahdal/30.htm
- ناجح المتولى
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3760
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
رد: العبادة الصامتة...مقالات..
السبت 19 نوفمبر 2011, 15:03
العبادة الصامتة
خالد بن سعود البليهد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
فإن الله تعبدنا بأنواع العبادات الظاهرة والباطنة والفعلية والقولية والبدنية والمالية والعامة والخاصة
فشرع هذا التنويع ليتحقق كمال التأله لله ويندفع السآمة عن المكلف ويتجدد الشوق والرغبة في العمل.
ومن هذه العبادات النافعة والمباركة عبادة التفكر التي تتعلق بالقلب ولا يستعمل فيها اللسان
وباقي الجوارح فهي عبادة صامتة.
وقد ورد في التفكر فضل عظيم في الكتاب والسنة والآثار.
قال تعالى في سياق مدح المؤمنين:
(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
ال عمران (آية:191)
وفي الإسرائيليات روي عن عيسى عليه السلام أنه قال:
(طوبى لمن كان قيله تذكراً وصمته تفكرا ونظره عبراً).
واعتنى السلف بهذه العبادة الجليلة وكان لهم فيها أحوال. قال أبو سليمان الداراني:
(إني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة ولي فيه عبرة).
وقال الحسن البصري:
(تفكر ساعة خير من قيام ليلة). وقال أيضا: (الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك).
وقال سفيان بن عيينة:
(الفكرة نور يدخل قلبك).
والتفكر معناه في الاصطلاح الشرعي:
إعمال العقل في أسرار ومعاني الآيات الشرعية والكونية عن طريق التأمل والتدبر وملاحظة وجه الكمال
والجمال ومشاهدة الدقة وحسن التنظيم والسنن الكونية والتماس الحكمة والعبرة من وراء ذلك.
وقد خاطب الله الكفار وحثهم على التفكر في ملكوت السماوات والأرض ليعرفوا تفرده واستحقاقه
للحمد فيخلصوا العبادة له وتخبت قلوبهم وتخضع له وتكفر بما سواه من الشركاء العاجزين.
قال تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ
قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ). الاعراف (آية:185)
ومجالات التفكر في الأمور الآتية:
1- آيات الله الكونية. بأن يشاهد الانسان جمال روعة الجبال والبحار والأشجار والأنهار والسهول
والطبيعة الخلابة ويلاحظ تعاقب الليل والنهار وجريان الشمس والقمر وفق نظام بديع لا يتخلف
ولا يضطرب على مر الزمان.
قال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا). الفرقان (آية:62،61)
2- الآيات الشرعية في آي القرآن بأن لاحظ بلاغة القرآن وفصاحته وحسن تنظيم الكلام و مناسبته
لأغراض الكلام ومقام السياق وإعجازه وحسن عرضه لقضايا التوحيد والتشريع والسلوك والآداب.
قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ). النحل (آية:44)
3- تكوين الانسان بأن يشاهد تنوع الأعضاء وحسن تنسيقها وبديع صنعها ودقتها وكبير فائدتها
وانسجامها في العمل فيتأمل في القلب والشرايين والأعصاب ووظائف العقل وإعجاز حاسة النطق
والسمع والبصر واللمس والذوق وما يجري في هذه النفس من الدم والماء والإنزيمات التي تضمن
حياته وتؤثر على تصرفاته.
قال تعالى: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ). الذاريات (آية:21)
4- طبيعة النفس البشرية بأن يتأمل في نزعات النفس والرغبات التي خلقه الله عليها من حب الدنيا
والرئاسة والتملك وحب الاعتداء والاستيلاء على ملك الغير وحب الخلود. ويتأمل في غريزة
حب العمارة فلو كان جميع الخلق زاهدا لما عمرت الأرض.
قال تعالى: (وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا). الاحزاب (آية:72)
5- الكائنات الحية حيث خلقها الله وجعلها تعيش وفق نظام دقيق وعام وشامل حيث أنشأها على اختلاف
نوعها ولغاتها وطبيعتها وتكفل برزقها وتسييرها وهداها لمصالح عيشها وكفايتها فلم يعجزه ذلك
مع كثرتها وتنوعها وكلما زادت أحدث الله سببا جديدا في الرزق.
قرأ واصل الأحدب هذه الآية {وفي السماء رزقكم وما توعدون}
فقال: (ألا إني أرى رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض ؟ فدخل خربة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئاً,
فلما أن كان اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب, وكان له أخ أحسن نية منه دخل معه فصارتا
دوخلتين, فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق بينهما الموت).
فلا تغتر ولا يهولنك كلام الكفار عباد الدنيا من نقص الأرزاق في الأرض ونفاد الماء وخشية هلاك
العالم فهذا الكلام يصدر ممن لم يعرف عظم الخالق وتفرده بالرزق.
قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).
هود (آية:6)
فالله تكفل بالرزق ويعلم أين يأوي كل حيوان وأين يموت.
6- التأمل في نشأة خلق الكائنات على اختلاف طبائعها ووظائفها وتصنيفها وبيئتها سواء كانت
كائنات دقيقة لا ترى بالعين أو ظاهرة أو بحرية أو بريه أو برمائية وسواء كانت أحادية الخلق أم مركبة.
فيتأمل في نشأة النبات كيف ينمو والطير في أوكارها والحيوان في الغابات وهذا باب كبير التفكر
فيه لا ينقضي ولا يحيط بعلمه مخلوق.
قال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ
وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
فيا سبحان الله ما أعظم عجائبه.
7- التفكر في حال الدنيا وسرعة زوالها وعظم فتنتها وتقلب أحداثها وتداول أيامها وحال أهلها
اللاهثين وراء سرابها العابدين لها المفتونين بزينتها ثم تنكرها لهم وجحودها إياهم ومآلهم
فيها إلى الخسارة والهوان والهم والحسرة في الحياة والممات فحالهم معها كرجل افتتن
بعروس وأنفق في سبيلها وتعلق قلبه بها ثم لما زفت إليه وانكشف الغطاء رأى منها ما يهوله
من النقائص والعيوب فانقبض منها ثم ولت عنه مسرعة وفي قلبه حسرة وندامة.
قال تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ
وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا
أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
8- التفكر في أحوال الأمم السابقة والشعوب البائدة والحضارات المندثرة كيف وجدوا وتكاثروا
ومكن لهم وعمروا الأرض واغتروا بعددهم وعدتهم وأموالهم وكيدهم ثم جاءتهم الرسل
يدعونهم للحق فاستكبروا فنزل عليهم العذاب فأبادهم عن بكرة أبيهم وبقيت آثارهم شاهدة
على كفرهم وعجزهم وزوالهم. والحديث عن هذا يطول وفي قصصهم عبرة للمتفكرين.
قال تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
أما ذات الله وصفاته فيمنع التفكر فيها ويحرم لما جاء في الأثر:
(تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله). رواه الطبراني.
لأن العقل يستحيل عليه إدراك كنه ذلك والإحاطة بعلمه.
ولأن التفكر في هذا الأمر قد يفضي إلى الوقوع في مفاسد اعتقادية
من التفويض والتشبيه والتمثيل والإلحاد وطروء الشك في المسلمات.
ولذلك لما أعمل المبتدعة من معتزلة وغيرهم عقولهم في كنه ذات الله وصفاته فسد اعتقادهم
وخرجوا عن منهج الني صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وكل ما يتخيله الانسان ويخطر عليه
فيه فالله على خلافه سبحانه كما قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
إن الانسان إذا قام بعملية التفكر في جميع خلق الله وآلائه استفاد أمورا:
1- سعة علم الله وخبرته بخلقه وأحوالهم وما يصلح لهم.
2- سعة قدرة الله ودقة إتقانه للمخلوفات.
3- سعة رحمة الله وإحسانه على خلقه.
4- عظيم حكمة الله وحسن تقديره للكائنات.
5- افتقار الانسان وتذلله وعجزه وقلة حيلته فهو أداة صغيرة في هذا الكون العظيم المسخر له.
6- عظم حق الله وفضله على خلقه.
وبتحقق هذه الأمور والمعاني تنتج فائدة وثمرة التفكر الكبرى في هدفين:
أولا: أن يستقر في قلبه عظم الخالق وغناه وتفرده بالخلق والتدبير وتكفله برزقهم ....فكل ذلك يجعله يقر ويعترف بتفرد الخالق بالعبادة فيخضع له ويتأله له وينصرف له بالعبادة وحده دون ما سواه.
قال قتادة: (من تفكر في خلق نفسه عرف أنه إنما خلق ولينت مفاصله للعبادة).
ثانيا: أن يحدث ذلك له زيادة الإيمان فإنه إذا تعرف على كمال صفات الرب وجماله وجلاله من علم
وقدرة وحكمة وحسن عادته ورحمته بالخلق وقيامه بمصالحهم وحلمه عليهم على مر الزمان
وإنزال الرحمة عليهم مع كونهم يعصونه بالليل والنهار زاد إيمانه في قلبه لمشاهدته عظم الخالق
فكلما زاد اليقين زاد الإيمان ولهذا كان العلماء أخشى الله من عباده.
قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).
ومن التفكر المحمود النظر والتأمل والتدبر في مقاصد الشارع في أحكامه وعلل التشريع
والتماس الحكمة التي بنيت عليه الأوامر والنواهي الشرعية فإن هذا الباب عظيم النفع
ومن أعمل فكره فيه واستفرغ جهده وكان أهلا تكون لديه ملكة فقهية وقدرة على الاستنباط
وإعمال القياس الصالح في موضعه وزال عنه كثير من إشكالات العلم واعتراضات الجهال.
ومن أعظم ما يعين العبد على التفكر الخلوة عن الخلق واعتزالهم والبعد عن شواغل الدنيا
وعلائق الترف ومجالس اللهو بحيث يكون القلب مستجمعا للفكرة محلا صالحا للعبرة تؤثر فيه الحكمة.
ومع بيان فضل هذه العبادة وعظيم أثرها في زيادة الإيمان واليقين والتأله إلا أن كثيرا من الناس
اليوم غافلا عنها معرضا عن العمل بها لشغله بالدنيا وقلة علمه وطول أمله ودخوله في الأماني
الكاذبة، قال تعالى: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ).
خالد بن سعود البليهد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
فإن الله تعبدنا بأنواع العبادات الظاهرة والباطنة والفعلية والقولية والبدنية والمالية والعامة والخاصة
فشرع هذا التنويع ليتحقق كمال التأله لله ويندفع السآمة عن المكلف ويتجدد الشوق والرغبة في العمل.
ومن هذه العبادات النافعة والمباركة عبادة التفكر التي تتعلق بالقلب ولا يستعمل فيها اللسان
وباقي الجوارح فهي عبادة صامتة.
وقد ورد في التفكر فضل عظيم في الكتاب والسنة والآثار.
قال تعالى في سياق مدح المؤمنين:
(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
ال عمران (آية:191)
وفي الإسرائيليات روي عن عيسى عليه السلام أنه قال:
(طوبى لمن كان قيله تذكراً وصمته تفكرا ونظره عبراً).
واعتنى السلف بهذه العبادة الجليلة وكان لهم فيها أحوال. قال أبو سليمان الداراني:
(إني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة ولي فيه عبرة).
وقال الحسن البصري:
(تفكر ساعة خير من قيام ليلة). وقال أيضا: (الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك).
وقال سفيان بن عيينة:
(الفكرة نور يدخل قلبك).
والتفكر معناه في الاصطلاح الشرعي:
إعمال العقل في أسرار ومعاني الآيات الشرعية والكونية عن طريق التأمل والتدبر وملاحظة وجه الكمال
والجمال ومشاهدة الدقة وحسن التنظيم والسنن الكونية والتماس الحكمة والعبرة من وراء ذلك.
وقد خاطب الله الكفار وحثهم على التفكر في ملكوت السماوات والأرض ليعرفوا تفرده واستحقاقه
للحمد فيخلصوا العبادة له وتخبت قلوبهم وتخضع له وتكفر بما سواه من الشركاء العاجزين.
قال تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ
قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ). الاعراف (آية:185)
ومجالات التفكر في الأمور الآتية:
1- آيات الله الكونية. بأن يشاهد الانسان جمال روعة الجبال والبحار والأشجار والأنهار والسهول
والطبيعة الخلابة ويلاحظ تعاقب الليل والنهار وجريان الشمس والقمر وفق نظام بديع لا يتخلف
ولا يضطرب على مر الزمان.
قال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا). الفرقان (آية:62،61)
2- الآيات الشرعية في آي القرآن بأن لاحظ بلاغة القرآن وفصاحته وحسن تنظيم الكلام و مناسبته
لأغراض الكلام ومقام السياق وإعجازه وحسن عرضه لقضايا التوحيد والتشريع والسلوك والآداب.
قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ). النحل (آية:44)
3- تكوين الانسان بأن يشاهد تنوع الأعضاء وحسن تنسيقها وبديع صنعها ودقتها وكبير فائدتها
وانسجامها في العمل فيتأمل في القلب والشرايين والأعصاب ووظائف العقل وإعجاز حاسة النطق
والسمع والبصر واللمس والذوق وما يجري في هذه النفس من الدم والماء والإنزيمات التي تضمن
حياته وتؤثر على تصرفاته.
قال تعالى: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ). الذاريات (آية:21)
4- طبيعة النفس البشرية بأن يتأمل في نزعات النفس والرغبات التي خلقه الله عليها من حب الدنيا
والرئاسة والتملك وحب الاعتداء والاستيلاء على ملك الغير وحب الخلود. ويتأمل في غريزة
حب العمارة فلو كان جميع الخلق زاهدا لما عمرت الأرض.
قال تعالى: (وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا). الاحزاب (آية:72)
5- الكائنات الحية حيث خلقها الله وجعلها تعيش وفق نظام دقيق وعام وشامل حيث أنشأها على اختلاف
نوعها ولغاتها وطبيعتها وتكفل برزقها وتسييرها وهداها لمصالح عيشها وكفايتها فلم يعجزه ذلك
مع كثرتها وتنوعها وكلما زادت أحدث الله سببا جديدا في الرزق.
قرأ واصل الأحدب هذه الآية {وفي السماء رزقكم وما توعدون}
فقال: (ألا إني أرى رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض ؟ فدخل خربة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئاً,
فلما أن كان اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب, وكان له أخ أحسن نية منه دخل معه فصارتا
دوخلتين, فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق بينهما الموت).
فلا تغتر ولا يهولنك كلام الكفار عباد الدنيا من نقص الأرزاق في الأرض ونفاد الماء وخشية هلاك
العالم فهذا الكلام يصدر ممن لم يعرف عظم الخالق وتفرده بالرزق.
قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).
هود (آية:6)
فالله تكفل بالرزق ويعلم أين يأوي كل حيوان وأين يموت.
6- التأمل في نشأة خلق الكائنات على اختلاف طبائعها ووظائفها وتصنيفها وبيئتها سواء كانت
كائنات دقيقة لا ترى بالعين أو ظاهرة أو بحرية أو بريه أو برمائية وسواء كانت أحادية الخلق أم مركبة.
فيتأمل في نشأة النبات كيف ينمو والطير في أوكارها والحيوان في الغابات وهذا باب كبير التفكر
فيه لا ينقضي ولا يحيط بعلمه مخلوق.
قال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ
وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
فيا سبحان الله ما أعظم عجائبه.
7- التفكر في حال الدنيا وسرعة زوالها وعظم فتنتها وتقلب أحداثها وتداول أيامها وحال أهلها
اللاهثين وراء سرابها العابدين لها المفتونين بزينتها ثم تنكرها لهم وجحودها إياهم ومآلهم
فيها إلى الخسارة والهوان والهم والحسرة في الحياة والممات فحالهم معها كرجل افتتن
بعروس وأنفق في سبيلها وتعلق قلبه بها ثم لما زفت إليه وانكشف الغطاء رأى منها ما يهوله
من النقائص والعيوب فانقبض منها ثم ولت عنه مسرعة وفي قلبه حسرة وندامة.
قال تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ
وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا
أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
8- التفكر في أحوال الأمم السابقة والشعوب البائدة والحضارات المندثرة كيف وجدوا وتكاثروا
ومكن لهم وعمروا الأرض واغتروا بعددهم وعدتهم وأموالهم وكيدهم ثم جاءتهم الرسل
يدعونهم للحق فاستكبروا فنزل عليهم العذاب فأبادهم عن بكرة أبيهم وبقيت آثارهم شاهدة
على كفرهم وعجزهم وزوالهم. والحديث عن هذا يطول وفي قصصهم عبرة للمتفكرين.
قال تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
أما ذات الله وصفاته فيمنع التفكر فيها ويحرم لما جاء في الأثر:
(تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله). رواه الطبراني.
لأن العقل يستحيل عليه إدراك كنه ذلك والإحاطة بعلمه.
ولأن التفكر في هذا الأمر قد يفضي إلى الوقوع في مفاسد اعتقادية
من التفويض والتشبيه والتمثيل والإلحاد وطروء الشك في المسلمات.
ولذلك لما أعمل المبتدعة من معتزلة وغيرهم عقولهم في كنه ذات الله وصفاته فسد اعتقادهم
وخرجوا عن منهج الني صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وكل ما يتخيله الانسان ويخطر عليه
فيه فالله على خلافه سبحانه كما قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
إن الانسان إذا قام بعملية التفكر في جميع خلق الله وآلائه استفاد أمورا:
1- سعة علم الله وخبرته بخلقه وأحوالهم وما يصلح لهم.
2- سعة قدرة الله ودقة إتقانه للمخلوفات.
3- سعة رحمة الله وإحسانه على خلقه.
4- عظيم حكمة الله وحسن تقديره للكائنات.
5- افتقار الانسان وتذلله وعجزه وقلة حيلته فهو أداة صغيرة في هذا الكون العظيم المسخر له.
6- عظم حق الله وفضله على خلقه.
وبتحقق هذه الأمور والمعاني تنتج فائدة وثمرة التفكر الكبرى في هدفين:
أولا: أن يستقر في قلبه عظم الخالق وغناه وتفرده بالخلق والتدبير وتكفله برزقهم ....فكل ذلك يجعله يقر ويعترف بتفرد الخالق بالعبادة فيخضع له ويتأله له وينصرف له بالعبادة وحده دون ما سواه.
قال قتادة: (من تفكر في خلق نفسه عرف أنه إنما خلق ولينت مفاصله للعبادة).
ثانيا: أن يحدث ذلك له زيادة الإيمان فإنه إذا تعرف على كمال صفات الرب وجماله وجلاله من علم
وقدرة وحكمة وحسن عادته ورحمته بالخلق وقيامه بمصالحهم وحلمه عليهم على مر الزمان
وإنزال الرحمة عليهم مع كونهم يعصونه بالليل والنهار زاد إيمانه في قلبه لمشاهدته عظم الخالق
فكلما زاد اليقين زاد الإيمان ولهذا كان العلماء أخشى الله من عباده.
قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).
ومن التفكر المحمود النظر والتأمل والتدبر في مقاصد الشارع في أحكامه وعلل التشريع
والتماس الحكمة التي بنيت عليه الأوامر والنواهي الشرعية فإن هذا الباب عظيم النفع
ومن أعمل فكره فيه واستفرغ جهده وكان أهلا تكون لديه ملكة فقهية وقدرة على الاستنباط
وإعمال القياس الصالح في موضعه وزال عنه كثير من إشكالات العلم واعتراضات الجهال.
ومن أعظم ما يعين العبد على التفكر الخلوة عن الخلق واعتزالهم والبعد عن شواغل الدنيا
وعلائق الترف ومجالس اللهو بحيث يكون القلب مستجمعا للفكرة محلا صالحا للعبرة تؤثر فيه الحكمة.
ومع بيان فضل هذه العبادة وعظيم أثرها في زيادة الإيمان واليقين والتأله إلا أن كثيرا من الناس
اليوم غافلا عنها معرضا عن العمل بها لشغله بالدنيا وقلة علمه وطول أمله ودخوله في الأماني
الكاذبة، قال تعالى: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ).
- ناجح المتولى
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3760
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
رد: العبادة الصامتة...مقالات..
السبت 19 نوفمبر 2011, 15:05
كي[url=http://altofan114.--%20/# وصلة ممنوعة 1057 # --/2009/10/blog-post_555.html]ف تعلمين طفلك الصغير عبادة التفكر؟[/url]
اثارة التساؤلات تغذي عبادة التفكر
عبادة التفكر فى خلق الله، قد تكون من العبادات الغائب مفهومها عن الكبار، رغم أهميتها
اثارة التساؤلات تغذي عبادة التفكر
عبادة التفكر فى خلق الله، قد تكون من العبادات الغائب مفهومها عن الكبار، رغم أهميتها
وما ورد فى وجوبها وفضلها، فالتفكّر هو التدبر والاعتبار، وهى عبادة تمارس بالقلب،
وتشترك فيها العين.
والتفكر عبادة مارسها الأنبياء، وواظب عليها النبى (صلى الله عليه وسلم) فقد كانت حياته
(صلى الله عليه وسلم) قبل البعثة مباشرة حياة تفكّر وتعبّد لله، لذا ندعوك للتعرف على هذه العبادة
العظيمة، ودورها الكبير فى ترسيخ المعانى الإيمانية فى نفس طفلك منذ صغره.
التفكر عبادة أجرها عظيم، وفضلها كبير، وجّه إليها القرآن الكريم، ودعت إليها السنة النبوية المطهرة،
وحافظ عليها المسلمون كثيراً، فكانت سبباً فى نهضتهم وتحقيق السبق الحضارى لهم
فى جميع المجالات والميادين، وكان منهم رواد فى علوم شتى منها: الجبر "الخوارزمى"،
والكيمياء "جابر بن حيان"، والطب "ابن سينا، وابن النفيس".
- فضل عبادة التفكر يوضح لنا العجمى فضل عبادة التفكّر فى المحاور التالية: التفكر بداية الطريق
لمعرفة الله تعالى، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي}، ويكفى أن نعرف أنه لمّا نزلت هذه الآيات، بكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بكاء شديداً،
فلما سأله الصحابة عن سبب بكائه، صلى الله عليه وسلم قال:
"نزلت علىّ الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يَعها".
التفكر من أسمى العبادات، ولذلك قال على بن أبى طالب، رضى الله عنه: "تفكر ساعة خير من عبادة سنة". وقال عمر بن عبد العزيز، رضى الله عنه: " التأمل فى نعم الله أفضل عبادة".
- التفكر منهج الأنبياء فسيدنا إبراهيم، عليه السلام، وصل لمعرفة الخالق سبحانه وتعالى،
بالتفكر والتأمل فى ملكوت السماوات والأرض،
يقول تعالى: "وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين".
وسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، حُبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه
"التعبد فى الليالى ذوات العدد".
إهمال التفكر وتعطيل العقل يفقد الإنسان إنسانيته، ويضر بآخرته، قال تعالى:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ
بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ...}.
التفكر فى عظمة الله يمنع من معصيته، وقيل: "لو تفكّر الناس فى عظمة الله تعالى ما عصوهَ".
تحصيل العلم واستجلاب المعرفة واكتشاف العديد من أسرار الكون والنفس، لما سُئل الإمام على،
رضى الله عنه، كيف عرفت ربك؟ قال: "عرفت ربى بربى أى من خلال آيات ربى".
التفكر علاج نفسى: عندما يخلو الإنسان بنفسه، يتأمل عالمه الداخلى، يتعبّد ويحاسب نفسه
على أخطائها، فإن ذلك يزيده صفاء وراحة نفسية. التفكر يجنب الإنسان آفات اللسان وعثراته،
ويبعد الإنسان عن الرياء.
- إدراك الأبوين لأهمية عبادة التفكر ضرورة إدراك الأبوين لأهمية عبادة التفكّر ودورها فى ترسيخ الإيمان
فى النفوس ويخبرنا العجمى: لذا ينبغى أن يدرك الوالدان قيمة هذه العبادة وأهميتها فى حسن
الاستخلاف فى الأرض، وأهميتها فى ترسيخ الإيمان فى نفوس الناس، والتعرف على الخالق
سبحانه وتعالى من خلال تدبر آياته وتعرف آلائه.
إن التفكر يقود للإيمان واليقين بالله عز وجل، ويجعل الإنسان دائم الذكر لله سبحانه،
فالتفكّر كان له دوره فى ترسيخ اليقين لدى الكثيرين.
وقد نتساءل: لماذا كانت حاجة الأبوين ملحة إلى إدراك أهمية عبادة التفكّر؟ لأنهما موضع القدوة
لأولادهما، فبهما يقتدون وعلى نهجهما يسيرون، ينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوّده أبوه،
وكما قيل: لا يستقيم الظل والعود أعوج.
وأهمية عبادة التفكُّر فى تعريف الأطفال بالخالق وتحببهم فى عبادته وعن أهمية التفكر للأطفال
يقول: من الضرورى ربطهم بالتفكُّر، عبادة واستجابة لأوامر الله تعالى الخاصة بالتعقل
والتدبر والتذكر والتبصر والنظر فى ملكوت السماوات والأرض، ومن الضرورى أن يكون التأمل
أسلوباً لحياتهم؛ ليتحقق الإبداع والابتكار، ولتظهر المواهب، فتتبوأ الأمة موقع الصدارة
والريادة كما كانت.
بالإضافة إلى ذلك: فإن الأولاد حين يدركون أهمية هذه العبادة، سيتعرفون على الأولويات
فى حياتهم، جداً واجتهاداً بعيداً عن العبيثة، فيكونون طاقة فاعلة منتجة، وليسوا عبئاً على أسرهم
ومجتمعهم، وما نسمعه عن معاناة بعض الأسر والمدارس من المشكلات الأخلاقية
والسلوكيات للأطفال والشباب، كل ذلك سوف يتضاءل وينتهى أمام اتخاذهم من التفكُّر عبادة.
كذلك، فإن ربط الأولاد بعبادة التفكُّر يقربهم من الله سبحانه وتعالى، استشعاراً لمعيته وقربه ومراقبته.
كذلك فإن ربط الأولاد بعبادة التفكر يمنحهم حسن التوكل على الله تعالى، ويزيدهم ثقة فى خالقهم
عز وجل، فهو صاحب القدرة المطلقة، وهذا يفيدهم نفسياً فى إزالة القلق والتوتر، كما يمنحهم
الثقة فى أنفسهم على الإنجاز والعطاء، اعتماداً على خالقهم سبحانه وتعالى، واستخداماً
صحيحاً لنعمة العقل وهى من أجل النعم.
أساليب ترغيب الأطفال فى عبادة التفكر هناك العديد من الأساليب التى تُرغّب الأولاد فى عبادة التفكر،
وينبغى التركيز على عدة أمور، منها:
- أن تسود روح المودة والحب بين الأبوين والأولاد، فالحب داخل الأسرة هو الجسر الذى يضمن
لها النجاح فى أداء رسالتها بمشيئة الله تعالى.
- أن يتفهم الأبوان نفسية أولادهما وخصائصهما جيداً، بحيث تراعى الفروق الفردية عند التوجيه,
فلكل قدراته ومهاراته، وحسن الاستثمار مهم جداً.
- أن يمنح الأبوان أولادهما الثقة فى أنفسهم وعقولهم، ومن ثم ضرورة التأمل واستخدام نعمة العقل.
- توجيه الأولاد إلى قراءة الكتب والقصص ومشاهدة الأفلام الخاصة بعالم البحار، والمحيطات،
والنباتات، والصحراوات، والكواكب، والطيور والحيوانات.
- ربط الأولاد بالإعجاز العلمى فى القرآن والسنة، من خلال حضورهم المعارض والندوات وعقد المسابقات.
- أن يقضى الأولاد بعض الوقت مع أطباء يتحدثون معهم عن الإنسان.
كيف يرى؟
وكيف يسمع؟
وكيف يتكلم؟
كيف تعمل أجهزته حساً وحركة، وتنفساً، وهضماً، ما مكونات الجسم؟
ماذا عن الجنين ودورة حياته؟
إلى غير ذلك من أمور تتعلق بالإنسان، وتتجلى فيها بعض آيات القدرة الإلهية، فماذا عن السماوات
والأرض وما فيهما من عجيب صنع الله القادر
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
- اصطحاب الأولاد فى رحلات خلوية ليتأملوا حركتى الشروق والغروب، ويتأملوا أين الليل إذا كان النهار؟
وأين النهار إذا كان الليل؟ وكيف يبزغ الفجر من سواد الليل؟
- التفكير مع الأولاد من خلال القيام ببعض التجارب، أو زيارة المزارع والحدائق فى الآتى:
كيف تتم عملية الإنبات؟ وكيف يكون النمو؟
- كيف تختلف النباتات والفواكه فى أشكالها وأحجامها ومذاقها وهى تسقى بماء واحد؟
والتربة واحدة؟ والبيئة واحدة؟
والأيدى التى تتعهدها واحة، فسبحان من خلق بحكمته وأبدع الكون بعظمته،
{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ
لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}.
- زيارة المرضى والتأمل فى نعمة الصحة والعافية، ليكون الشكر وتكون المحافظة عليها
من كل ما يضر بها، والقيام بأداء الواجب.
- زيارة الفقراء والمحتاجين ومعايشة قضاياهم، والتأمل فى نعمة المال والمُنْعم سبحانه الذى
وهب المال، والقيام بالواجب فى هذا المال.
- طرح الأسئلة وإثارة النقاش معهم، حول تغير المناخ واختلاف درجة الحرارة من مكان إلى مكان،
ومن فصل إلى فصل، والتأمل فى حركة الرياح والعواصف الترابية والثلجية والزلازل والبراكين،
من يأتى بكل هذا؟ ومن يصرفه؟ التأمل فى حياة الثعبان كيف يحيا وهذا السم يملأ فاه؟
وحياة النحل ومن بالشهد "العسل" حلاه؟ التأمل فى حياة العنكبوت وكيف تصنع بيتها؟
والنمل وكيف يرتب حياته؟ التأمل فى حركة الطيور، من علمها الطيران؟
ومن علمها أساليب البحث عن الرزق؟
- التأمل فى حياة الأسماك وكيف تعيش فى الماء مختلفة الأشكال والألوان والأحجام؟
وبدون الماء تفقد الأسماك الحياة، وهو مصدر الغرق والهلاك لغيرها، فسبحان الخلاق العليم.
- التأمل فى ضعف الطفولة وقوة الشباب وضعف الشيخوخة، فقوة بين ضعفين، سبحان الحكيم الخبير:
"الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيْبَة
يخلق ما يشاء وهو العليم القدير".
ويجب أن ندع الأولاد يفكرون ويتأملون ويكتشفون ويدركون العلاقات بين الأشياء، ولا ينبغى
أن نفكر لهم ولا بالإنابة عنهم، وينبغى أن نشجعهم ونرصد لهم الجوائز والمكافآت
على اكتشافهم وإدراكهم.
ويمكن أن يكون لكل واحد من الأولاد ألبوم خاص به يحوى صوراً من الطبيعة، ويضع تعليقاته
التأملية عليها، كما يمكن أن يكون لكل واحد من الأولاد ملف خاص عن المبعين
وسرتهم وإنجازاتهم.
كما ينبغى أن ننمى مواهبهم المختلفة مثل: موهبة الفك والتركيب، وموهبة التصنيع،
وموهبة الاختراع، وموهبة الكتابة والتأليف، وغير ذلك من المواهب التى لا ينبغى معها إكراه أو إجبار
وتشترك فيها العين.
والتفكر عبادة مارسها الأنبياء، وواظب عليها النبى (صلى الله عليه وسلم) فقد كانت حياته
(صلى الله عليه وسلم) قبل البعثة مباشرة حياة تفكّر وتعبّد لله، لذا ندعوك للتعرف على هذه العبادة
العظيمة، ودورها الكبير فى ترسيخ المعانى الإيمانية فى نفس طفلك منذ صغره.
التفكر عبادة أجرها عظيم، وفضلها كبير، وجّه إليها القرآن الكريم، ودعت إليها السنة النبوية المطهرة،
وحافظ عليها المسلمون كثيراً، فكانت سبباً فى نهضتهم وتحقيق السبق الحضارى لهم
فى جميع المجالات والميادين، وكان منهم رواد فى علوم شتى منها: الجبر "الخوارزمى"،
والكيمياء "جابر بن حيان"، والطب "ابن سينا، وابن النفيس".
- فضل عبادة التفكر يوضح لنا العجمى فضل عبادة التفكّر فى المحاور التالية: التفكر بداية الطريق
لمعرفة الله تعالى، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي}، ويكفى أن نعرف أنه لمّا نزلت هذه الآيات، بكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بكاء شديداً،
فلما سأله الصحابة عن سبب بكائه، صلى الله عليه وسلم قال:
"نزلت علىّ الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يَعها".
التفكر من أسمى العبادات، ولذلك قال على بن أبى طالب، رضى الله عنه: "تفكر ساعة خير من عبادة سنة". وقال عمر بن عبد العزيز، رضى الله عنه: " التأمل فى نعم الله أفضل عبادة".
- التفكر منهج الأنبياء فسيدنا إبراهيم، عليه السلام، وصل لمعرفة الخالق سبحانه وتعالى،
بالتفكر والتأمل فى ملكوت السماوات والأرض،
يقول تعالى: "وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين".
وسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، حُبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه
"التعبد فى الليالى ذوات العدد".
إهمال التفكر وتعطيل العقل يفقد الإنسان إنسانيته، ويضر بآخرته، قال تعالى:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ
بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ...}.
التفكر فى عظمة الله يمنع من معصيته، وقيل: "لو تفكّر الناس فى عظمة الله تعالى ما عصوهَ".
تحصيل العلم واستجلاب المعرفة واكتشاف العديد من أسرار الكون والنفس، لما سُئل الإمام على،
رضى الله عنه، كيف عرفت ربك؟ قال: "عرفت ربى بربى أى من خلال آيات ربى".
التفكر علاج نفسى: عندما يخلو الإنسان بنفسه، يتأمل عالمه الداخلى، يتعبّد ويحاسب نفسه
على أخطائها، فإن ذلك يزيده صفاء وراحة نفسية. التفكر يجنب الإنسان آفات اللسان وعثراته،
ويبعد الإنسان عن الرياء.
- إدراك الأبوين لأهمية عبادة التفكر ضرورة إدراك الأبوين لأهمية عبادة التفكّر ودورها فى ترسيخ الإيمان
فى النفوس ويخبرنا العجمى: لذا ينبغى أن يدرك الوالدان قيمة هذه العبادة وأهميتها فى حسن
الاستخلاف فى الأرض، وأهميتها فى ترسيخ الإيمان فى نفوس الناس، والتعرف على الخالق
سبحانه وتعالى من خلال تدبر آياته وتعرف آلائه.
إن التفكر يقود للإيمان واليقين بالله عز وجل، ويجعل الإنسان دائم الذكر لله سبحانه،
فالتفكّر كان له دوره فى ترسيخ اليقين لدى الكثيرين.
وقد نتساءل: لماذا كانت حاجة الأبوين ملحة إلى إدراك أهمية عبادة التفكّر؟ لأنهما موضع القدوة
لأولادهما، فبهما يقتدون وعلى نهجهما يسيرون، ينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوّده أبوه،
وكما قيل: لا يستقيم الظل والعود أعوج.
وأهمية عبادة التفكُّر فى تعريف الأطفال بالخالق وتحببهم فى عبادته وعن أهمية التفكر للأطفال
يقول: من الضرورى ربطهم بالتفكُّر، عبادة واستجابة لأوامر الله تعالى الخاصة بالتعقل
والتدبر والتذكر والتبصر والنظر فى ملكوت السماوات والأرض، ومن الضرورى أن يكون التأمل
أسلوباً لحياتهم؛ ليتحقق الإبداع والابتكار، ولتظهر المواهب، فتتبوأ الأمة موقع الصدارة
والريادة كما كانت.
بالإضافة إلى ذلك: فإن الأولاد حين يدركون أهمية هذه العبادة، سيتعرفون على الأولويات
فى حياتهم، جداً واجتهاداً بعيداً عن العبيثة، فيكونون طاقة فاعلة منتجة، وليسوا عبئاً على أسرهم
ومجتمعهم، وما نسمعه عن معاناة بعض الأسر والمدارس من المشكلات الأخلاقية
والسلوكيات للأطفال والشباب، كل ذلك سوف يتضاءل وينتهى أمام اتخاذهم من التفكُّر عبادة.
كذلك، فإن ربط الأولاد بعبادة التفكُّر يقربهم من الله سبحانه وتعالى، استشعاراً لمعيته وقربه ومراقبته.
كذلك فإن ربط الأولاد بعبادة التفكر يمنحهم حسن التوكل على الله تعالى، ويزيدهم ثقة فى خالقهم
عز وجل، فهو صاحب القدرة المطلقة، وهذا يفيدهم نفسياً فى إزالة القلق والتوتر، كما يمنحهم
الثقة فى أنفسهم على الإنجاز والعطاء، اعتماداً على خالقهم سبحانه وتعالى، واستخداماً
صحيحاً لنعمة العقل وهى من أجل النعم.
أساليب ترغيب الأطفال فى عبادة التفكر هناك العديد من الأساليب التى تُرغّب الأولاد فى عبادة التفكر،
وينبغى التركيز على عدة أمور، منها:
- أن تسود روح المودة والحب بين الأبوين والأولاد، فالحب داخل الأسرة هو الجسر الذى يضمن
لها النجاح فى أداء رسالتها بمشيئة الله تعالى.
- أن يتفهم الأبوان نفسية أولادهما وخصائصهما جيداً، بحيث تراعى الفروق الفردية عند التوجيه,
فلكل قدراته ومهاراته، وحسن الاستثمار مهم جداً.
- أن يمنح الأبوان أولادهما الثقة فى أنفسهم وعقولهم، ومن ثم ضرورة التأمل واستخدام نعمة العقل.
- توجيه الأولاد إلى قراءة الكتب والقصص ومشاهدة الأفلام الخاصة بعالم البحار، والمحيطات،
والنباتات، والصحراوات، والكواكب، والطيور والحيوانات.
- ربط الأولاد بالإعجاز العلمى فى القرآن والسنة، من خلال حضورهم المعارض والندوات وعقد المسابقات.
- أن يقضى الأولاد بعض الوقت مع أطباء يتحدثون معهم عن الإنسان.
كيف يرى؟
وكيف يسمع؟
وكيف يتكلم؟
كيف تعمل أجهزته حساً وحركة، وتنفساً، وهضماً، ما مكونات الجسم؟
ماذا عن الجنين ودورة حياته؟
إلى غير ذلك من أمور تتعلق بالإنسان، وتتجلى فيها بعض آيات القدرة الإلهية، فماذا عن السماوات
والأرض وما فيهما من عجيب صنع الله القادر
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
- اصطحاب الأولاد فى رحلات خلوية ليتأملوا حركتى الشروق والغروب، ويتأملوا أين الليل إذا كان النهار؟
وأين النهار إذا كان الليل؟ وكيف يبزغ الفجر من سواد الليل؟
- التفكير مع الأولاد من خلال القيام ببعض التجارب، أو زيارة المزارع والحدائق فى الآتى:
كيف تتم عملية الإنبات؟ وكيف يكون النمو؟
- كيف تختلف النباتات والفواكه فى أشكالها وأحجامها ومذاقها وهى تسقى بماء واحد؟
والتربة واحدة؟ والبيئة واحدة؟
والأيدى التى تتعهدها واحة، فسبحان من خلق بحكمته وأبدع الكون بعظمته،
{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ
لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}.
- زيارة المرضى والتأمل فى نعمة الصحة والعافية، ليكون الشكر وتكون المحافظة عليها
من كل ما يضر بها، والقيام بأداء الواجب.
- زيارة الفقراء والمحتاجين ومعايشة قضاياهم، والتأمل فى نعمة المال والمُنْعم سبحانه الذى
وهب المال، والقيام بالواجب فى هذا المال.
- طرح الأسئلة وإثارة النقاش معهم، حول تغير المناخ واختلاف درجة الحرارة من مكان إلى مكان،
ومن فصل إلى فصل، والتأمل فى حركة الرياح والعواصف الترابية والثلجية والزلازل والبراكين،
من يأتى بكل هذا؟ ومن يصرفه؟ التأمل فى حياة الثعبان كيف يحيا وهذا السم يملأ فاه؟
وحياة النحل ومن بالشهد "العسل" حلاه؟ التأمل فى حياة العنكبوت وكيف تصنع بيتها؟
والنمل وكيف يرتب حياته؟ التأمل فى حركة الطيور، من علمها الطيران؟
ومن علمها أساليب البحث عن الرزق؟
- التأمل فى حياة الأسماك وكيف تعيش فى الماء مختلفة الأشكال والألوان والأحجام؟
وبدون الماء تفقد الأسماك الحياة، وهو مصدر الغرق والهلاك لغيرها، فسبحان الخلاق العليم.
- التأمل فى ضعف الطفولة وقوة الشباب وضعف الشيخوخة، فقوة بين ضعفين، سبحان الحكيم الخبير:
"الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيْبَة
يخلق ما يشاء وهو العليم القدير".
ويجب أن ندع الأولاد يفكرون ويتأملون ويكتشفون ويدركون العلاقات بين الأشياء، ولا ينبغى
أن نفكر لهم ولا بالإنابة عنهم، وينبغى أن نشجعهم ونرصد لهم الجوائز والمكافآت
على اكتشافهم وإدراكهم.
ويمكن أن يكون لكل واحد من الأولاد ألبوم خاص به يحوى صوراً من الطبيعة، ويضع تعليقاته
التأملية عليها، كما يمكن أن يكون لكل واحد من الأولاد ملف خاص عن المبعين
وسرتهم وإنجازاتهم.
كما ينبغى أن ننمى مواهبهم المختلفة مثل: موهبة الفك والتركيب، وموهبة التصنيع،
وموهبة الاختراع، وموهبة الكتابة والتأليف، وغير ذلك من المواهب التى لا ينبغى معها إكراه أو إجبار
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى