- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
عادات وتقاليد بعض الشعوب في عيد الأضحى
الجمعة 14 أكتوبر 2011, 20:45
عادات وتقاليد بعض الشعوب في عيد الاضحى
قد تختلف الاشكال والالوان وقد تتباين اللغات والالسنة ولكن تبقى القلوب موحدة في شتى انحاء العالم الاسلامي تجمعها شريعة الله ودينه الحنيف دين الاسلام حيث ينعكس هذا التوحد القائل بالوجدانية في العديد من مظاهر الحياة ومن بينها تلك المناسبة العطرة التي نحياها هذه الايام بالاحتفال بعيد الفطر المبارك اعاده الله على الامة الاسلامية جمعاء بالخير واليمن والبركات.
ومن خلال تواجد (البيان) بالقرية العالمية المقامة على هامش مهرجان دبي للتسوق حاولنا التعرف على عادات وتقاليد بعض الشعوب الاسلامية في الاحتفال بعيد الاضحى واهم ما يميز هذه الاحتفالات من مفردات تخص كلا من هذه الشعوب. وقد اكد الجميع تطابق عادات الاحتفال في كل من الدول العربية وتلك غير الناطقة بالعربية مع وجود بعض الاختلافات البسيطة الناجمة عن التباينات الثقافية واختلاف الواقع والمحيط العام لتلك الشعوب.
زفة العيد وقد امتاز السودانيون في احتفالاتهم بالعيد بفعالية خاصة يحرصون عليها في يوم وقفة عرفات وهي (زفة العيد) حيث تخرج هذه الزفة الى الميادين الكبرى والشوارع الرئيسية بالمدن وفي مقدمتها كبار مسئولي هذه المناطق تصحبهم الموسيقى الشعبية الاصيلة, وعشرات بل مئات الاطفال من ابناء الحي لتطوف هذه الزفة جنبات المنطقة (لتزف) الى اهلها مقدم العيد. كما يشارك في هذه المسيرات الاحتفالية عدد من ابناء القبائل المختلفة في السودان بتقديم فنونها التراثية المميزة ابتهاجا بحلول العيد. إلا ان سليمان رئيس الجناح السوداني بالقرية العالمية اشار الى ان هذه العادة الفلكلورية شديدة الخصوصية قد بدأت في التواري خلف حوائط المد الحضري الحديث شأنها في ذلك شأن العديد من تقاليد الشعوب التي اخذت في الانقراض نتيجة للتغيير الكبير الذي اصاب وجه الحياة العامة للشعوب والذي ادى الى تحول بعض العادات الفلكلورية الى موروث ثقافي نادر التكرار ولكنه اكد على حرص الشعب السوداني على الحفاظ على تقاليده الموروثة حتى ولو على اضيق نطاق ممكن.
العيد هو الطفل وفي السودان شأن الحال في معظم انحاء العالم العربي ان لم يكن شأن العالم اجمع عربيا كان او اعجميا فيرى السودانيون ان الفرحة الحقيقية للعيد مكانها هو عيون الاطفال. ويقول سليمان: ان العيد لدينا هو الطفل فأول مراسم الاعداد لاستقبال العيد في السودان يكون بالاستعداد بشراء وتجهيز الملابس الجديدة للاطفال اساس فرحة العيد وبهجته, ويروي سليمان ان وقائع احتفالية العيد تبدأ من ليلة وقفة عرفات بإنهماك ربات البيوت وبناتهن في تنظيف المنزل واعداد المفروشات في اسلوب يغلب عليه الطابع الاحتفالي لأنه نشاط روتيني قد يكون هو النشاط اليومي لكل الاسر إلا ان ذلك النشاط يكون له عبق آخر وكأنه الاستعداد من قبل كل اسرة بجعل المنزل في أبهى صورة وكأنه قد ارتدى حلته الجديدة لاستقبال هذا الزائر العزيز الذي لا يتردد على المنزل إلا مرة واحدة في العام هو عيد الاضحى المبارك. ويضيف سليمان ان اعداد المنزل وترتيب جنباته يكون احد مصادر بهجة العيد حيث يحرص الاطفال ايضا على معاونة امهاتهم واخواتهم في هذه العملية في جو عام من المرح والسعادة الذي يخيم على الاسرة في ذلك اليوم الكريم الذي تسهم فيه الاسر السودانية حتى الصباح في عمل دؤوب ومستمر لإخراج المنزل في أبهى مظاهره, وبعد انتهاء العمل واكتمال الترتيب والتنظيم تقوم ربة الاسرة بإطلاق البخور في اركان المنزل مستخدمة نوعا خاصا من البخور يدعى (التيمان) وهو عبارة عن خليط من اللبان والعود وبعض الاعشاب الاخرى في تقليد تراثي بديع توارثته الاجيال الواحد تلو الآخر حيث تمثل تلك العادة جزءا من الثقافة السودانية القديمة, فهذا البخور يعتقد انه بإطلاقه عبر جنبات المنزل فإنه يحميه من الشرور والحسد ويدرأ عنه الارواح الشريرة واضرارها.
الصلاة في الساحات وفي الصباح المبكر يخرج السودانيون كما يخرج بقية المسلمين حول ارجاء البسيطة لاداء صلاة العيد في ملابسهم البيضاء المميزة في تجمع ديني وروحاني بديع. ويقول سليمان: يحرص السودانيون على حفظ سنن الاولين وعادات المسلمين الاوائل من تأدية صلاة العيد في الخلاء وفي الساحات المكشوفة في كل من المدن والقرى على حد سواء فلا يختلف الامر في الحضر عنه في المناطق الريفية بهذا الصدد. ويستطرد سليمان في وصفه لمراسم اول ايام عيد الاضحى في السودان ويقول: (عقب الفراغ من اداء صلاة العيد ينطلق الرجال والاطفال الى منطقة سكنهم حيث يقومون بالمرور على بيوت الحي لتقديم واجب تهنئة العيد في عجالة لأهل هذه البيوت من الاقارب والجيران وهم في طريقهم الى منازلهم لاداء الاضحية والذبح. ولدى السودانيين عادة تدلل على مدى الحب والتمسك بعرى الصداقة والمودة مع الجيران والاقارب فلا يلقى الرجل تحية العيد على أهل بيته من زوجة وابناء في صباح أول ايام العيد وقبل خروجه من الصلاة ولكن تحيتهم تأتي بعد ان يعود الرجل الى منزله من الصلاة حيث يكون قدم التحية والتهنئة اولا لابناء الحي والجيران تلك العادة التي توضح مدى أصالة وعراقة التقاليد السودانية الضاربة بالجذور
العصيدة قبل الذبح ومن عادة السودانيين ايضا صبيحة عيد الاضحى المبارك في اول ايامه ان يتناولوا (العصيدة) عقب عودتهم من الصلاة وذلك لتأخر الافطار حيث ينهمك الجميع في مراسم الذبح والتضحية ويصف سليمان رئيس الجناح السوداني بالقرية العالمية بدبي مكونات هذه (العصيدة) ويقول تتكون العصيدة من خليط من الدقيق مع الماء يضاف اليه البامية المجففة والمطحونة المضاف اليها اللحم المفروم حيث يطلق على هذا الخليط السوداني الخالص قبل اضافته الى الدقيق والماء اسم (الويكة) ويكون تناول العصيدة مثل (التبصيره) حتى يتم الانتهاء من الذبح ويشرع الجميع في تناول طعام الافطار. ويجتمع شمل الاسرة والعائلة دائما في السودان في اول أيام عيد الاضحى في (البيت الكبير) بدءا من مراسم الاضحية ولكن يجب على كل اسرة من اسر العائلة ان تقوم هي الاخرى بالتضحية كل على حدة على امتداد ايام العيد. ودائما يكون العيد فرصة للتصالح وانهاء الخلافات بين الناس في السودان حيث يعمل الجميع على اصطحاب الصغير للكبير ممن نشب بينهم خلاف او توتر في العلاقة لإنهائه وعادة لا يرفض احد مطلقا التسامح والتصالح في العيد. كما يحرص ابناء العشيرة الواحدة المجتمعين في منطقة واحدة نزحوا اليها من منطقة اخرى بالسودان على التجمع في ايام العيد في منزل اكبرهم سنا ومقاما وذلك حرصا على التواصل والمودة وتوطيد العلاقات.
المرارة والتمر للعيد وعن العادات السودانية المميزة للاحتفال بعيد الاضحى يقول: جرت العادة ان يقسم لحم الاضحية الى ثلاثة اقسام القسم الاول هو الشواء والثاني المطبوخ ويسمى (كباب الحلة) والثالث (المرارة) . والمرارة أكلة سودانية خالصة يتناولها السودانيون في صباح اول ايام العيد في الافطار وعقب الذبح مباشرة حيث تأخد احشاء الماعز او الخراف من الكبد والرئة والطحال والكلى وتتبل جيدا بعد ان تنظف تنظيفا شديدا ثم تأكل نيئة دون طهي ولكنها اذا طهيت فإنها تسمى (كمونية) ويكون اللحم بالتأكيد هو الطبق الرئيسي على موائد العيد طوال أيامه. اما الغذاء فيكون عند اكبر سكان المنطقة سنا ومقاما حيث تتوجه اليه معظم الاسر لتناول وجبة الغذاء في منزله بعد ان يكونوا قد اكملوا جولة التهاني على بيوت الحي والجيران والاقارب. كما تتميز المائدة السودانية في العيد بأكلات خاصة بالسودان مثل (المفروك) وهي عبارة عن خضار طازج اي كان نوعه يفرك ويضاف الى الشوربة او الصلصة بعد نضوجها حيث يبقى الخضار طازجا فيه ليحتفظ بقيمته الغذائية الكاملة. ويقدم المفروك مع خبز خاص يشبه (الثريد) الخيجي ويسمى (الكسرة) وتعد هذه الاكلة من الاكلات الرئيسية في وجبة الغذاء بالعيد. اما التمر فيلعب دورا هاما على مائدة العيد ايضا في السودان حيث يقدم كالحلوى الرئيسية للعيد في اشكال متعددة سواء المجفف او الرطب او العجوي وايضا (مديدة البلح) وهي من التمور المطبوخة.
الرقاق والفتة وكعادة شعوب العالم فإن المناسبات الاحتفالية ترتبط بشكل وثيق بالاطباق المميزة التراثية الموروثة عن الآباء والاجداد وفي مصر يأخذ العيد طابعا خاصا من البهجة والسرور في منظومة من الاعداد للعيد واستقباله قد لا تختلف كثيرا عن بقية انحاء العالم الاسلامي إلا انه يبقى لكل ركن من اركان هذا العالم ميزته الخاصة وطابعه المميز من خلال عدد من المفردات التراثية. يبدأ الاستعداد للعيد في مصر بشراء الملابس الجديدة للاطفال وحتى الشباب حيث تزدحم الشوارع في المدن والقرى طوال اسبوع كامل قبل العيد بالاسر التي تجوب المحال لشراء مستلزمات العيد من ملابس واحذية وايضا ربما المفروشات الجديدة ايضا. فالعيد في مصر يرتبط دائما بالجديد وتزدان المحال ابتهاجا بقدوم العيد. ومن الطريف في مصر ان ليلة وقفة العيد سواء كان عيد الاضحى او عيد الفطر المباركين قد ارتبطت في اذهان المصريين بأغنية شهيرة لكوكب الشرق (أم كلثوم) اسمها (ياليلة العيد انستينا) ويعد انطلاق هذه الاغنية عبر الاثير اشارة على مقدم العيد. ويشتهر المصريون بـ (الرقاق) الذي يعد خصيصا لعيد الاضحى المبارك وهو عبارة كما يدل اسمه عن رقائق خفيفة صنعت من الدقيق المخلوط بالماء وتستخدم في صنع الصواني الشهيرة بالعيد حيث توضع بعضها فوق بعض يتخللها طبقات من اللحم المفروم ثم يوضع فوقها قدر بسيط من حساء اللحم ثم يزج بها في الفرن حتى تنضج. وتعد هذه الوجبة من اساسيات عيد الاضحى المبارك على مدار ايامه. وقد جرت العادة ان يتم اعداد هذا (الرقاق) في الافران البلدية التقليدية حيث تنتشر صانعات الرقاق الريفيات قبيل العيد بفترة غير قصيرة ويجمعن الدقيق من المنازل ثم يقمن بعمل الرقاق وتوصيله الى المنزل ولكن مع تطور الحياة بدأت المصانع في انتاج الرقاق الجاهز, لكن يبقى للرقاق التقليدي مذاقه ونكهته الخاصة التي قد تكون نابعة من كونيته الثقافية التراثية وارتباط هذا الشكل القديم بتقاليد وعادات توارثتها الاجيال منذ القدم. وعقب صلاة العيد يهرول المصلون الى منازلهم للقيام بالنحر وتوزيع لحم الاضحية على الاقرباء والفقراء والمساكين وفقا لتعاليم ديننا الحنيف. ثم يتناول الجميع الافطار المكون من اللحم و(الفتة) وهذا تقليد قد يندر الخروج عنه وعادة ما يكون لحم الافطار (مسلوق) تلك اسرع طرق الاعداد لقصر فترة اعداد المائدة. ثم ينطلق الجميع بعد ذلك لزيارة الاقارب والاصدقاء وتبادل تهاني العيد حيث تتم هذه الزيارات على مدار ايام العيد ويحرص الجميع على استضافة الاقارب والاصدقاء ودعوتهم للزيارة وتناول الغذاء او العشاء معا. ويضفي الاطفال بهجة خاصة على العيد في مصر فيتجمع الصغار في ملابسهم زاهية الالوان منذ الصباح الباكر ليطوفوا شوارع الحي سواء في المدن او القرى ابتهاجا بملابسهم الجديدة ويحرص الصبية على تزيين دراجاتهم بالاشرطة الملونة واينما ذهبت تقع عينك على مزيج بديع من الالوان البراقة التي تدخل الى نفسك سعادة خاصة. كما تتجمع الاسر في رحلات تخرج الى الحدائق والمتنزهات وينطلق البعض الى مدن مصر الساحلية واكثرها شهرة مدينة الاسكندرية عروس البحر الابيض المتوسط لامضاء يوم او اكثر لكن هذه الرحلات قد لا تأتي إلا بدءا من ثاني ايام العيد بعد ان يكون الجميع قد فرغ من واجبات العيد الرئيسية من التضحية وزيارة الاقارب وتهنئتهم بالعيد.
الجد والعيدية والافراح الجد يرمز دائما لكل معاني الحكمة والوقار وهو حلقة الوصل بين الماضي والحاضر وله دائما مقامه الذي يحترمه الكبير قبل الصغير في العائلة فهو النقطة التي يلتقى عندها جميع افراد العائلة التي خرجت من نسله, وفي مصر تجتمع العائلة في منزل الجد عادة بدءا من التضحية حيث يقضي الجميع معظم اليوم فيما سمى (بالبيت الكبير) وهو بيت الجد او الوالد والعيدية جزء لا يتجزأ من العيد حيث يعطى الكبير الصغير ويمنح الجد العيدية لجميع افراد العائلة كبيرا وصغيرا ثم تتوالى الادوار بمنح الكبار جميع صغار العائلة العيدية والمستفيد الاكبر بالطبع هو اصغر افراد العائلة سنا. ويكون العيد في مصر ايضا مناسبة خاصة يحرص فيها المصريون على نسيان همومهم وزيادة فرحتهم فتقام فيه الافراح وحفلات الزواج ليبتهج الجميع بفرحة العرس ممزوجة بفرحة العيد. كما تزدان شوارع مصر بالاضواء والزينات ويزدحم شاطىء نهر النيل عن آخره بالجماهير الغفيرة التي خرجت ابتهاجا بالعيد لامضاء اوقات جميلة في حضن النيل الخالد وربما كان ذلك انطلاقا من عادة اختزنها المصريون في عقلهم الباطن من ارتباط النيل بمعنى الحياة والسعادة فكما قال هيرودوت (فإن مصر هبة النيل) .
أيام زمان اختلفت مظاهر الاحتفال بالعيد في الكويت في ايامنا الحالية عنها في الزمن الغابر هذا رأي جابر المبارك مواطن كويتي كلل الشيب شعره وشرب من كأس الزمان خبرة جعلت منه شاهدا على عصره. ويقول المبارك: في العهود الماضية كان الاحتفال بالعيد سواء عيد الاضحى أم عيد الفطر ـ يمتد على مدار سبعة ايام كاملة اما الآن فقد اختلف الامر مع المد الحضري الذي قضى على كثير من العادات القديمة في ظل التطور السريع الذي لحق بحياة البشرية بشكل عام. ويسكت المبارك للحظات وكأنه يحاول الغوص في الذاكرة لاستخراج اللؤلؤ الكامن في ذاكرته عن جواهر الماضي الجميل ويستطرد قائلا: كان الجميع يحتفل بالعيد رجالا ونساء واطفالا, فعقب الصلاة يجتمع الرجال في المقهى او (الصفا) لتبادل التهنئة وامضاء اوقات طيبة مع تناول القهوة والتدخين والشيشة ولكن القهوة لا تسبق (الواجب) فبعد الانتهاء من صلاة العيد يتوجه الجميع اولا الى الاجتماع في البيت الكبير ليتلاقى افراد العائلة ويتبادلون التهنئة بالعيد وقد تمضى العائلة مجتمعه في هذا البيت نحو نصف النهار وقد يمتد بهم الامر الى عصر اليوم الاول من العيد. وفيما مضى اعتاد الرجال التجمع في الديوان لتناول غذاء العيد المكون من اللحم والحشور والخبز توضع على صواني كبيرة ليجتمع حولها ستة او سبعة من الرجال. ويضيف المبارك قائلا: اما الحلوى الكويتية الخاصة بالعيد فهي (شعر البنات) وهي حلوى خاصة تصنع على شكل الشعر الطويل ومازالت هذه الحلوى تقدم في العيد كما كان يقدم معها في العيد الهريس وهو نوع آخر من انواع حلوى العيد. والعيدية ايضا جزء هام من فعاليات العيد يحرص الجد الكويتي والاب كذلك على منحها للابناء والاحفاد كل على قدر سعته وامكاناته المادية. ويؤكد جابر المبارك ان العيد الكويتي في ماضي عصره كان له مذاقه الخاص يدفع الناس الى ان يتمنوا ألا ينتهى العيد ابدا في نبرة تبدو وكأنها تتمنى ان يعود الماضي الجميل بحميمته الشديدة وخصوصيته البديعة الى زمننا الحالي مرة اخرى.
الارتباط بالجذور وفي اليمن يأتي العيد كأحد المناسبات التي تبرز فيها مدى الترابط والتواصل داخل الاسرة والمجتمع اليمني المتمسك بأصالته وجذوره الضاربة في التاريخ. ويؤكد ذلك احمد عبد سيف من الجناح اليمني بالقرية العالمية ويقول: يحرص اليمنيون على العودة الى جذورهم في العيد فالمسافر خارج الدولة يعود اليها ومن يقطنون المدن من ابناء الريف يعودون الى قراهم لامضاء عطلة العيد وذلك بسبب الترابط الاسري القوي الذي شكل عامل الدفاع والمحرك الاول للعادات اليمنية التي تبرز واضحة خاصة في فترة الاعياد فعندما يلقى الطفل جده في العيد فإنه يقبل جبهته وركبته في اشارة على تواصل الاجيال واحترام الصغير الكبير اللانهائي. ولا تختلف عادات الاحتفال بالعيد في اليمن عن بقية الامثلة التي عرضنا لها إلا ان اليمنيين يحرصون على ابراز الجانب الاجتماعي في مراسم الاحتفال بالعيد فيعودون المرضى ويتبادلون الزيارات للتهنئة بحلول العيد في اعقاب الصلاة والانتهاء من الذبح حيث يبدأون بزيارة اكبر افراد العائلة سنا انتهاء بأصغرهم كما تكثر في فترة العيد حفلات الزفاف والافراح. وقد يكون الطعام اليمني هو ما يميز اليمن في احتفالات العيد ففي الافطار يختلف اليمنيون في عادة تناول اللحم حيث يتناولون الكعك الذي يقول احمد سيف عنه انه مرتبط ارتباطا وثيقا بالعيد سواء عيد الفطر ام عيد الاضحى. اما وجبة الغداء اليمنية في العيد فتشتمل على (الزربيان) وهو طبق من اللحم والارز وقد يضاف اليه الزبيب والبطاطا وايضا هناك (السبايا) وهي خليط من الدقيق والبيض والسمن يطهى في الفرن ويضاف اليها العسل اليمني الشهير الذي يعد من اشهر انواع العسل في العالم الى جانب (السلتة) التي تطهى من الحلبة والكرات مع قليل من الارز وخليط التوابل المذابة في الخل والماء وتقدم مع خبز خاص يسمى بـ (الملوج) وهي كلها من الاكلات التي ارتبطت بالعيد. اما امسيات العيد في اليمن فتبدأ مبكرة حين يحرص اليمنيون على انهاء زياراتهم وجولات التهنئة في وقت مبكر للعودة الى بيوتهم للالتفاف حول شاشة التلفزيون والاستمتاع بدفء المنزل في اجتماع شمل الاسرة لمشاهدة البرامج المميزة التي يبثها التلفزيون اثناء العيد من برامج تقدم الموروث الشعبي اليمني وحفلات ساهرة واعمال درامية عربية شهيرة سواء المسلسلات او الافلام او المسرحيات مع الاستمتاع بتناول الشاي اليمني وفواكه العيد.
نشاط في الاسواق وفي تطبيق لتعاليم الدين الاسلامي الحنيف يحرص جميع المسلمين على تحقيق صلة الرحم والتقارب والتواصل الاجتماعي خاصة في العيد حتى لا يشعر الفقير والمحروم انه قد سلب حقه في الفرحة بالعيد. وفي سوريا يظهر ذلك جليا وواضحا في حرص الاغنياء على العناية بالفقير ويقول محمد شاكر صاحب احد المطاعم السورية بالقرية العالمية ان عادات وتقاليد السوريين في الاحتفال بالعيد تأخذ طابعا اجتماعيا جميلا فقبل العيد يذهب اغنياء الحي ووجهاؤه الى (مختار الحي) او رئيس الحي لسؤاله عن حالة سكان حيه وعن الفقراء والمحتاجين منهم حيث يقدم كل منهم ما يستطيع تقديمه مما يملكه, فمثلا صاحب مصنع الملابس يقدم الملابس الجديدة لمختار الحي لتوزيعها على الفقراء وصاحب مصنع الاحذية يمنح الاحذية وهكذا ومن لا يملك ما يستطيع المساهمة به من ملبس وخلافه فإنه يقدم مبالغ مالية يتولى (مختار الحي) توزيعها على الفقراء قبل العيد. ويضيف احمد شاكر عن حالة البلاد قبل العيد يقول: تشهد الاسواق في سوريا حركة ونشاطا غير عاديين من البيع والشراء قبيل العيد لاقبال الاسر على شراء الملابس الجديدة لابنائهم وتبقى المحال مفتوحة على مدار 24 ساعة بلا توقف لمدة اسبوع كامل قبل العيد وتزدحم اسواق دمشق التقليدية واشهرها سوق (الحميدية) وسوق (النسوان) وسوق (الصوف) . اما اشهر الاكلات السورية في العيد فهي (التسقية) (فتة بالسمن او الزيت) و(الشاكرية) وهي عبارة عن لحم على هيئة مكعبات صغيرة يطهى مع اللبن والنشا ويقدم مع الارز الابيض او البرغل. اما في الافطار فيحرص السوريون على تناول الفول (والمسبحة) (حمصمة مطحون مضاف للطحينة) كباقي ايام العطلات التي يداوم فيها السوريون على تناول هذه الوجبة في الافطار بها. اما المشروب الذي يقدم للضيوف لتحيتهم في العيد فهو دائما القهوة العربية والتي يطلق عليها (القهوة المرة) . وفي امسيات العيد يتناول السوريون (الهيلاطية) والمعمول (بالفستق) اضافة الى التمور بأنواعها. وعن نشاطات العيد يقول محمد شاكر: في صبيحة يوم العيد الاول يتوجه الجميع لزيارة الاقارب لتقديم التهنئة بينما يخرج الاطفال الى الشوارع والمتنزهات مثل حدائق الطلائع وحديقة (البرامكة) و(الارض السعيدة) للاحتفال بالعيد. اما فترة بعد الظهر وحتى المساء فيقضيها الجميع في الراحة في المنزل ويكتفون بمشاهدة التلفزيون وتجاذب اطراف الحديث في جو من الهدوء والسكينة مع الاستعداد الدائم لتلقى من قد يفد من الضيوف للتهنئة. اما اليوم الثاني فتزور فيه الاسر بناتها المتزوجات في بيوتهن حيث ان العيد في سوريا لا يكتمل إلا باكتمال حلقات التواصل وتأكيد صلة الرحم بين ابناء الشعب السوري.
الشرق الاقصى ولا تتواجد فوارق بين الاحتفال بالعيد عند المسلمين من العرب واقرانهم في الدول الاخرى ففي تايلاند احدى دول الشرق الاقصى يوجد نحو اربعة ملايين مسلم يشكلون حوالي 7% من اجمالي سكان المملكة وعن عادات الاحتفال بالعيد هناك حدثنا بنيات جوميوانج قنصل تايلاند بدولة الامارات وقال: في يوم وقفة عرفات تتعاون الاسرة في تنظيف المنزل وترتيبه وتزيينه كما يستعد الاطفال بتجيهز ملابسهم الجديدة لارتدائها في يوم العيد. كما يسهر الجميع حتى الصباح لاعداد الحلوى التي سيقدمونها للضيوف وايضا لمن سيزورونهم من الاصدقاء والاقارب لتهنئتهم بالعيد. ومن اشهر انواع هذه الحلوى (التوم) وهي مصنوعة من الارز المحلي المخلوط بجوز الهند والملفوفة في ورق الموز وتأكل بعد غمسها في السكر وهي حلوى ارتبط اسمها بالعيد في تايلاند كأحد انواع التحية الرئيسية في العيد. ويقول بنيات ان عيد الاضحى هو اكبر الاعياد لدى المسلمين لهذا يحرص الجميع على التواجد سويا حتى من يعمل خارج البلاد لابد وان يعود للاحتفال مع اسرته واقاربه. وفي يوم العيد يغتسل الجميع ويتطيب بالعطر قبل الخروج الى الصلاة في الملابس الوطنية الجديدة ويرتدي الرجال (السارونج والملاية) وهي الزي الشعبي التقليدي للمسلمين في تايلاند وعقب الصلاة يتصافح الجميع ويتوجهون للذبح ثم يذهبون الى القبور لزيارة الموتى وقراءة القرآن على ارواحهم, بعد ذلك يخرج التايلانديون المسلمون للحدائق والمتنزهات والشواطىء لقضاء اوقات سعيدة من المرح واللهو. وعن اشهر الأكلات التايلاندية في عيد الاضحى يقول بنيات ان اكلة (كانج ماسامات) هي اكثرها شيوعا في العيد وهي تتكون من اللحم المخلوط بالبهار وجوز الهند وتقدم مع الخبز او الفطير.
التمر افطار العيد في الوقت ذاته لا تختلف ايضا عادات وتقاليد الشعب الباكستاني المسلم في الاحتفال بعيد الاضحى المبارك التي حدثنا عنها محمد اكمل باتي من منظمي الجناح الباكستاني بالقرية العالمية حيث اكد التزام الباكستانية بشرائع الدين الحنيف فيما يخص الاضحية, ويقول باثي: يقسم الباكستانيون لحم الاضحية الى ثلاثة اجزاء كما نص ديننا فالجزء الاول للاقرباء والثاني للفقراء والمساكين والثالث تحتفظ به الاسرة لنفسها. ولكن هناك بعض العادات التي يتفرد بها الباكستانيون والتي قد تعود لتراث ثقافي خاص بالمنطقة حيث يعمل اهل باكستان على تزيين الاضحية قبل ذبحها احيانا لمدة شهر كامل قبل العيد كنوع من انواع الاحتفال. وقد اعتاد الباكستانيون ايضا صيام العشرة ايام الاولى من شهر ذي الحجة وحتى يوم العيد كما يجهز الاطفال ملابسهم الجديدة لارتدائها في العيد وتزين النسائي ايديهن بنقوش الحناء في مظهر آخر من مظاهر الاحتفال. ويتناول الباكستانيون التمر في افطار اول ايام العيد بينما يكون (لحم النحر) هو الطبق الرئيسي في وجبة الغداء على مدار ايام العيد ولا يتبادل الباكستانيون الحلوى في عيد الاضحى إلا في بعض المناطق التراثية القديمة مثل منطقة (البولتان) حيث يقتصر تبادل الحلوى على عيد الفطر, وتبقى الميزة السائدة من التواصل الاجتماعي والاسري هي الاقوى ايضا في باكستان ليشترك المسلمون في احتفالية واحدة عبر ارجاء البسيطة يجمعهم خيط واحد هو خيط الايمان المقدس واتباع تعاليم الله ورسوله بنشر السلام والمودة بين الناس
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى