منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
حمدي عبد الجليل
حمدي عبد الجليل
المشرف العام
المشرف العام
ذكر عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28461
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
بحر الدموع - الفصل الرابع عشر 1393418480781

بحر الدموع - الفصل الرابع عشر 140

بحر الدموع - الفصل الرابع عشر Empty بحر الدموع - الفصل الرابع عشر

الجمعة 16 سبتمبر 2011, 17:24
ص -64- بحر الدموع الفصل الرابع عشر
يا من أقعده الحرمان، هذه رفاق التائبين عليك عبور. لا رسالة دمع ولا نفس آسف، وما أراك إلا مهجور. هذا نذير الشيب ينذر بالرحلة تهيأ لها منذور. كم أعذار؟ كم كسل؟ كم غفلة؟ ما أجدك يوم الحساب معذور. بيت وصلك خراب، وبيت هجرك معمور. بدر عساك تجبر بالتوبة وتعود مجبور، سجدة واحدة واصل بها السحر وتنجو من الأهوال،
{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}
الرعد 15.
لله در أقوام قلوبهم معمورة بذكر الحبيب، ليس فيها لغيره حظ ولا نصيب، إن نطقوا فبذكره، وإن تحرّكوا فبأمره، وإن فرحوا فبقربه، وإن ترحوا فبعتبته، أقواتهم ذكر الحبيب، وأوقاتهم بالمناجاة تطيب، لا يصبرون عنه لحظة، ولا يتكلمون في غير رضاه بلفظة.
وأنشدوا:


حياتي منك في روح الوصال وصبري عنك من طلب المحال

وكيف الصبر عنك وأي صبر لعطشان عن الماء الزلال

إذا لعب الرجال بكل شيء رأيت الحبّ يلعب بالرجال

يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا بلغ العبد أربعين سنة، ولم يغلب خيره على شرّه، قبّله الشيطان بين عينيه، وقال: فديت وجها لا يفلح أبدا، فان منّ الله عليه، وتاب إليه، واستنقذه من الضلالة، واستخرجه من غمرات الجهالة، يقول الشيطان لعنه الله: يا ويلاه، قطع عمره بالضلالة، فأقرّ بالمعصية عيني، ثم أخرجه الله من الجهالة بتوبته ورجوعه إلى ربه"1.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أورده الغزالي في الإحياء، وقال العراقي: لم أجد له أصلا.



ص -65- وذكر في بعض الأخبار أن رجلا كان من الفقهاء من أهل بغداد، وكان ممن يسار إليه في العلم والصلاح، وكان شيخا كبيرا فاضلا، وأراد الحج إلى بيت الله الحرام، وزيارة قبر نبيّه عليه الصلاة والسلام، فألّف من أصحابه جماعة من الذين كانوا يقرؤون عليه، فارتبط معهم على أنهم يخرجون متوكلين على الله عز وجل.
فلما ساروا في بعض الطريق، وإذا بدير نصراني، وقد أعياهم الحرّ والعطش، فقالوا: يا أستاذنا، نسير لهذا الدير، فنستظل حتى يبرد النهار، ونرحل إن شاء الله تعالى، فقال لهم: افعلوا ما شئتم، فساروا إلى ذلك الدير، ونزلوا عند جداره وقد أصابهم العياء والحر، فنام الطلبة، والشيخ لم ينم.
قال: فتركهم الشيخ نائمين، وخرج يطلب ماء لوضوئه، ولم يكن له همّ إلا ذلك، فبينما هو يمشي في حومة الدير يطلب الماء، فرفع رأسه، فرأى جارية صغيرة السن، كأنها الشمس الضاحية، فلما رآها الشيخ تمكّن إبليس من قلبه، ونسي الوضوء والماء، ولم يكن له هم إلا الجارية، فأقبل يقرع الباب قرعا عنيفا، فخرج إليه راهب وقال له: من أنت؟
قال له: أنا فلان العالم الفلاني، وعرّفه بنفسه واسمه.
فقال له الراهب: ما تريد يا فقيه المسلمين؟.
قال له: يا راهب، هذه الصبية التي بدت من أعلى الدير، ما هي منك؟.
قال الراهب: هي ابنتي، فما سؤالك عنها؟.
قال له الشيخ: أريد أن تزوّجني إياها.
قال له الراهب: إن ذلك لا يجوز عندنا في ديننا، ولو كان جائزا، لكنت أزوّجها منك بغير مشورتها، ولكن قد جعلت لها على نفسها عهدا، أن لا أزوّجها إلا من ترضى لنفسها، ولكن أنا أدخل عليها وأعلمها بخبرك، فإن هي رضيتك لنفسها، زوّجتك منها.



ص -66- قال له الشيخ: حبا وكرامة.
قال: فذهب الراهب إلى ابنته، فأعلمها بالقصة، والشيخ يسمع.
فقالت: يا أبت، كيف تزوّجني منه، وأنا على دين النصرانية، وهو على دين الإسلام، إن ذلك لا يتم له إلا أن يدخل في دين النصرانية.
قال: فعند ذلك، قال لها الراهب: أرأيت إن دخل في دينك، تتزوجينه؟.
قالت: نعم.
والشيخ العالم في هذا كله يتضاعف به الأمر، وإبليس يزيّنها في عينيه، وأصحابه رقود، ليس عندهم علم بما حلّ به.
قال: فعند ذلك، أقبل عليها الشيخ وقال لها: قد نبذت دين الإسلام، ودخلت في دينك.
قالت له الجارية: هذا زواج قدري، ولكن لا بد من حق الزوجية ودفع المهر، وأين الحق، وأراك رجلا فقيرا، ولكن أقبل منك في حقي إن ترعى هذه الخنازير عاما كاملا، ويكون ذلك صداقي.
قال لها: نعم، لك ذلك، ولكن أشترط عليك إن لا تجبي وجهك عني، لأنظر إليك غدوة وعشيا.
قالت: نعم.
فأخذ عصاه التي كان يخطب عليها، وأقبل بها على الخنازير، يزجرها لتمشي للمرعى.
وجرى هذا كله وأصحابه نيام، فلما استيقظوا من نومهم طلبوا الشيخ فلم يجدوه، فسألوا عنه الراهب، فأعلمهم بالقصة.
قال: فمنهم من خرّ مغشيا عليه، ومنهم من بكى وناح، ومنهم من تأسف على ما حلّ به.



ص -67- ثم قالوا للراهب: وأين هو؟.
قال لهم: يرعى الخنازير.
قال: فمضينا إليه، فوجدناه متكئا على عصاه التي كان يخطب عليها وهو يزجر بها الخنازير، وقلنا له: يا سيّدنا، ما هذا البلاء الذي حلّ بك.
وجعلنا نذكّره فضل القرآن والإسلام، وفضل محمد صلى الله عليه وسلم، وقرأنا عليه القرآن والحديث.
فقال لنا: إليكم عني، فأنا أعلم بما تذكرونني به منكم، ولكن قد نزل بي البلاء من عند رب العالمين.
قال: فكلما عالجناه ليسير معنا، ما قدرنا عليه، فمضينا إلى مكة وتركناه، وفي قلوبنا منه حسرة.
وقضينا حجنا ورجعنا نريد بغداد، فلما صرنا إلى ذلك الموضع، فقلنا: تعالوا ننظر ما فعل الشيخ، لعله ندم وتاب إلى الله عز وجلّ، ورجع عما كان فيه.
قال: فذهبنا إليه، فوجدناه على حالته، وهو يزجر الخنازير، فسلمنا عليه وذكّرناه، وقرأنا عليه القرآن، فما ردّ علينا شيئا، فانصرفنا عنه وفي قلوبنا منه حسرة عظيمة.
قال: فلما صرنا على بعد من الدير، وإذا نحن بسواد قد أقبل علينا من ناحية الدير، وهو يصيح علينا، فوقنا له، فإذا هو صاحبنا الشيخ قد لحق بنا.
وقال: اشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وأنا قد تبت إلى الله، ورجعت عما كنت فيه، وما كنت فيه، وما كان ذلك إلا من ذنب كان بيني وبين ربي عاقبني به، فكان من البلاء ما رأيتم.
قال: فسررنا بذلك غاية السرور، وجئنا إلى بغداد، وأقبل الشيخ على العبادة



ص -68- والاجتهاد أكثر مما كان عليه قبل ذلك، فبينما نحن في دار الشيخ نقرأ عليه، وإذا نحن بامرأة قد قرعت الباب، فخرجنا إليها وقلنا لها: ما حاجتك أيتها المرأة.
قالت: أريد الشيخ وقولوا: إن فلانة بنت فلان الراهب قد جاءت لتسلم على يديك، فأذن لها بالدخول، فدخلت، وقالت: يا سيدي جئت لأسلم على يديك.
فقال لها الشيخ: وما كانت القصة.
قالت له: لما وليت عني، غلبتني عيناي، فنمت، فرأيت فيما يرى النائم علي بن ابي طالب رضي الله عنه، وهو يقول: لا دين إلا دين محمد صلى الله عليه وسلم، قال لي ذلك ثلاث مرّات، ثم قال لي بعد ذلك: ما كان الله ليبتلي بك وليا من أوليائه. وها أنا ذا قد جئت إليك، وأنا بين يديك، وأقول: أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففرح الشيخ بذلك، حيث منّ الله عليها بدين الإسلام على يديه، فتزوجها على كلمة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال: فسألناه عن ذلك الذنب الذي كان بينه وبين الله.
قال: كنت يوما ماشيا في بعض الأزقة، وإذا برجل نصراني قد لصق بي، فقلت له: ابعد عني عليك لعنة الله. فقال: ولم؟ قلت له: أنا خير منك.
فالتفت النصراني، وقال: ما يدريك أنك خير مني، وهل تدري ما عند الله تعالى حتى تقول هذا الكلام؟.
وقد بلغني بعد ذلك أن هذا الرجل النصراني قد أسلم وحسن إسلامه، ولزم العبادة، فعاقبني الله تعالى من أجل ذلك ما رأيتم.
نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
**



________________________________________________
بحر الدموع - الفصل الرابع عشر 12107010_906912522734669_1561722651500059538_n
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى