- إيمان إبراهيم مساعد
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3909
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
صدق الوعد
الجمعة 12 أغسطس 2011, 22:25
صدق الوعد
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أما بعد:
فإن من الأخلاق الغائبة الَّتِي تَهاون فيها كثير من الناس: صدق الوعد الذي هو خلق النبيين والمرسلين وصالح المؤمنين، بل هو خلق كريم من أخلاق الرب عز وجل فهو القائل سبحانه: {وعد الله حقًّا ومَن أصدق من الله قيلاً} [النساء:122].
وقال تعالى: {ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين} [الأنبياء:9].
ولذلك قالت عائشة: ((والله ما وعد الله رسوله من شيء قط إلا علم أنه كائن قبل أن يَموت)).
ولقد مدح الله رسوله ونبيه إسماعيل u، فقال: {إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًّا} [مريم:54].
وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صادق الوعد أيضًا، لا يعد أحدًا شيئًا إلا وفَّى له به، وقد أثنَى صلى الله عليه وعلى آله وسلمعلى أبي العاص بن الربيع زوج أكبر بناته زينب، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((حدثنِي فصدقنِي، ووعدنِي فأوفى لِي)). وذلك أنه أُسر ببدر مع المشركين، فجاء أخوه عمرو بن الربيع ليفاديه، فأطلقه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمواشترط عليه أن يبعث له زينب إلى المدينة، فوفَّى له بذلك، وقد تشهد شهادة الحق وهاجر إلى المدينة بعد ذلك، وتوفي فِي أيام الصديق سنة ثنتَي عشرة.
وعن شعبة قال: ما وعدت أيوب -يعنِي: السختيانِي- موعدًا إلا وجدته قد سبقنِي إليه.
وإخلاف الوعد قبيح مذموم، وهو من أخلاق الفاسقين والمنافقين، كما قال جل جلاله: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة:75-77].
فليحذر المؤمن من هذا الوصف الشنيع، أن يعاهد ربه، إن حصل مقصوده الفلاني ليفعلن كذا وكذا، ثم لا يفي بذلك، فإنه ربما عاقبه اللّه بالنفاق كما عاقب هؤلاء.
وكان يُقال: آفة المروءة خلف الوعد.
وإخلاف الوعد مما فطر الله العباد على ذمه واستقباحه وما رآه المؤمنون قبيحًا فهو عند الله قبيح.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((آية الْمُنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان)).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أربع من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن، كانت فيه خلة من نفاق حتَّى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر)).
وليس بين الحديثين أدنى تعارض؛ لأن الحصر فِي الحديث الأول غير مراد، والدليل روايته الأخرى التي في مسلم: ((من علامات الْمُنافق ثلاثة)). ووجه الاقتصار على هذه العلامات: أنَّها منبهة على ما عداها.
وهنا فائدة يجب التنبه إليها: وهي أن ((الْمُرَاد بِالْوَعْدِ فِي الْحَدِيث الْوَعْد بِالْخَيْرِ، وَأَمَّا الشَّرّ فَيُسْتَحَبّ إِخْلافه، وقد يجب ما لَم يترتب على ترك إنفاذه مفسدة)) كما ذكر الحافظ في الفتح.
قال أبو عمرو بن العلاء: إن الوعد عند العرب غير الوعيد، إن العرب لا تعدُّ خُلفًا أن تَعِدَ بالشر فلا تفي به، إنَّما الخلف عندهم أن تَعِدَ بالخير فلا تفي به، أما سمعت قول الشاعر:
وإنِّـي إذا أوعـدتـه ووعـدتـه
ليكـذب إيعادي ويصدق موعدي
فحصل من مجموع هذين الْحَديثين خمس خصال ذميمة:
1- إذا حدَّث كذب.
2- وإذا وعد أخلف.
3- وإذا اؤتُمن خان.
4- وإذا عاهد غدر.
5- وإذا خاصم فجر.
وإخلاف الوعد على نوعين:
أحدهما: أن يعد ومن نيته ألاَّ يوفي بوعده، وهذا أشر الخلق.
الثانِي: أن يعد، ومن نيته أن يفي، ثُمَّ يبدو له فيخلف من غير عذر له فِي الخلف، فهذا حرام أيضًا.
وروي عن أبي هريرة أنه قال: ((من قال لصبِي: تعالى هاك تَمرًا، ثُمَّ لا يعطيه شيئًا فهي كذبة)).
وصلى الله وسلم على خاتم أنبيائه, والحمد لله رب العالمين
__________________
نقلته لكم
والدال على الخير كفاعله
ومن استطاع أن ينشر ما ننقله فجزاه الله خيرا
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أما بعد:
فإن من الأخلاق الغائبة الَّتِي تَهاون فيها كثير من الناس: صدق الوعد الذي هو خلق النبيين والمرسلين وصالح المؤمنين، بل هو خلق كريم من أخلاق الرب عز وجل فهو القائل سبحانه: {وعد الله حقًّا ومَن أصدق من الله قيلاً} [النساء:122].
وقال تعالى: {ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين} [الأنبياء:9].
ولذلك قالت عائشة: ((والله ما وعد الله رسوله من شيء قط إلا علم أنه كائن قبل أن يَموت)).
ولقد مدح الله رسوله ونبيه إسماعيل u، فقال: {إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًّا} [مريم:54].
وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صادق الوعد أيضًا، لا يعد أحدًا شيئًا إلا وفَّى له به، وقد أثنَى صلى الله عليه وعلى آله وسلمعلى أبي العاص بن الربيع زوج أكبر بناته زينب، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((حدثنِي فصدقنِي، ووعدنِي فأوفى لِي)). وذلك أنه أُسر ببدر مع المشركين، فجاء أخوه عمرو بن الربيع ليفاديه، فأطلقه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمواشترط عليه أن يبعث له زينب إلى المدينة، فوفَّى له بذلك، وقد تشهد شهادة الحق وهاجر إلى المدينة بعد ذلك، وتوفي فِي أيام الصديق سنة ثنتَي عشرة.
وعن شعبة قال: ما وعدت أيوب -يعنِي: السختيانِي- موعدًا إلا وجدته قد سبقنِي إليه.
وإخلاف الوعد قبيح مذموم، وهو من أخلاق الفاسقين والمنافقين، كما قال جل جلاله: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة:75-77].
فليحذر المؤمن من هذا الوصف الشنيع، أن يعاهد ربه، إن حصل مقصوده الفلاني ليفعلن كذا وكذا، ثم لا يفي بذلك، فإنه ربما عاقبه اللّه بالنفاق كما عاقب هؤلاء.
وكان يُقال: آفة المروءة خلف الوعد.
وإخلاف الوعد مما فطر الله العباد على ذمه واستقباحه وما رآه المؤمنون قبيحًا فهو عند الله قبيح.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((آية الْمُنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان)).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أربع من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن، كانت فيه خلة من نفاق حتَّى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر)).
وليس بين الحديثين أدنى تعارض؛ لأن الحصر فِي الحديث الأول غير مراد، والدليل روايته الأخرى التي في مسلم: ((من علامات الْمُنافق ثلاثة)). ووجه الاقتصار على هذه العلامات: أنَّها منبهة على ما عداها.
وهنا فائدة يجب التنبه إليها: وهي أن ((الْمُرَاد بِالْوَعْدِ فِي الْحَدِيث الْوَعْد بِالْخَيْرِ، وَأَمَّا الشَّرّ فَيُسْتَحَبّ إِخْلافه، وقد يجب ما لَم يترتب على ترك إنفاذه مفسدة)) كما ذكر الحافظ في الفتح.
قال أبو عمرو بن العلاء: إن الوعد عند العرب غير الوعيد، إن العرب لا تعدُّ خُلفًا أن تَعِدَ بالشر فلا تفي به، إنَّما الخلف عندهم أن تَعِدَ بالخير فلا تفي به، أما سمعت قول الشاعر:
وإنِّـي إذا أوعـدتـه ووعـدتـه
ليكـذب إيعادي ويصدق موعدي
فحصل من مجموع هذين الْحَديثين خمس خصال ذميمة:
1- إذا حدَّث كذب.
2- وإذا وعد أخلف.
3- وإذا اؤتُمن خان.
4- وإذا عاهد غدر.
5- وإذا خاصم فجر.
وإخلاف الوعد على نوعين:
أحدهما: أن يعد ومن نيته ألاَّ يوفي بوعده، وهذا أشر الخلق.
الثانِي: أن يعد، ومن نيته أن يفي، ثُمَّ يبدو له فيخلف من غير عذر له فِي الخلف، فهذا حرام أيضًا.
وروي عن أبي هريرة أنه قال: ((من قال لصبِي: تعالى هاك تَمرًا، ثُمَّ لا يعطيه شيئًا فهي كذبة)).
وصلى الله وسلم على خاتم أنبيائه, والحمد لله رب العالمين
__________________
نقلته لكم
والدال على الخير كفاعله
ومن استطاع أن ينشر ما ننقله فجزاه الله خيرا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى