- إيمان إبراهيم مساعد
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3909
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
كنوز الإجازة
الجمعة 12 أغسطس 2011, 22:14
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فالوقت زمن تحصيل الأعمال والأرباح، بل هو الحياة كلها، وقد أقسم الله بأجزائه: الليل والنهار والفجر والضحى والعصر والشفق لما فيها من العبر والآيات والأعاجيب، والعمر لا يقوّم نفاسة وغلاء إلا به، وقد أنّب الله الكفار إذ أضاعوا أعمارهم من غير إيمان فقال جل وعلا: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر:37]، وما مثل الدافعين لزمانهم دفعاً بإهمال أوقاتهم إلا كالمتحدثين في سفينة تجري بهم من غير شعورهم بها، ولعظم أهمية الوقت كان مما أفرد بالمسألة عند العرض، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه". إن إضاعة الوقت من علامة المقت، والموفق من عرف كيف يتدارك فراغه وصحته ويضعهما في الموضع الذي يحقق له السعادة الأبدية، يقول عليه الصلاة والسلام: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" [رواه البخاري]. وبين اختلاف الليل والنهار معرك يكرّ جيشه بالعجائب، ولقد كان الرعيل الأول يبادرون اللحظة من الزمن، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (ما علمت أن أحداً سمع بالجنة والنار ثم تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان). وكانت امرأة أبي محمد حبيب الفارسي توقظه بالليل وتقول: قم فإن الطريق بعيد وزادنا قليل وقوافل الصالحين قد سارت من بين أيدينا ونحن بقينا. وقد قرأ ابن حجر معجم الطبراني الصغير في جلسة بين الظهر والعصر، وكان أبو العلاء الحسن بن أحمد يكتب وهو قائم على قدميه في المسجد لعلو السراج.
لقد أدرك السلف الصالح أهمية الزمان، وسعى الأنبياء والصالحون إلى تقويم أبنائهم على الملة الحنيفية في ثنايا أجزائه، وأفنوا عزيز أعمارهم ليجنبوهم مزالق الضلال، فخلفوا وراءهم خلفاً صالحاً يسير على الدرب ويحتذي المثال، تتبارى في ظله المواهب والهمم. يقول أبو سعد عبد الكريم المروزي: (حملني والدي من مرو إلى نيسابور وأنا ابن أربع سنين لسماع الحديث). ولقن الإمام أحمد بن حنبل ابنه القرآن كله، ولما أخلص الآباء في تربية الأبناء أخرجوا جيلاً مكافحاً في الحياة لأجل الدين، ملأ طيب ذكرهم المشارق والمغارب، يقول ابن جرير الطبري: (أبطأت عني نفقة والدي وأنا ابن اثنتي عشرة سنة أطلب العلم، فاضطررت إلى أن فتقت كميّ قميصي فبعتهما)، ونقض الإمام مالك وهو في شبابه سقف بيته فباع خشبه ليتزود لطلب العلم، وكان الشافعي يتيماً في حجر أمه فدفعته أمه إلى المعلم ولم يكن عندها ما تعطي المعلم، قال الشافعي: (فكنت أحفظ ما يقول وكان يرضى عني المعلم بأن أخلفه في التدريس إذا قام)، على هذا النهج الرفيع تعاقبت طوائف الأولياء وتوالت زمرهم في الميدان، وتلقى الراية نابغ عن نابغ وتسابقوا مخلصين دائبين في إقامة صرح الدين وتشييد أركانه بحسن التربية.
فقد دونت علوم الإسلام من فحول العلماء بألوان من الصبر العجيب، بظمأ الهواجر وسهر الليالي وانقطاع النفقة في بلد الاغتراب والمشاقّ الناصبة المتعاقبة، وملاقاة الخطوب والأخطار بمثل هذه المتاعب والآلام، حفظ الدين في صدور الأفذاذ، ونشأت أجيال صالحة في المجتمعات، وفي مقابل هذا الكفاح المرير من الآباء لإخراج أبناء صالحين أصبحوا منارات في الإسلام فرط بعض الآباء في إصلاح أبنائهم في ديار الإسلام، ولم يكتفوا بإهمال تربيتهم في دورهم بل عرضوهم للفتن بالسفر إلى بلاد غير المسلمين زعماً منهم أنهم بذلك يكافئونهم أو يكرمونهم أو يفرحونهم، أما علم أولئك أن في السفر إليهم تعرضاً للمهالك، وقد يقعون فريسة الانحراف في الملذات والشهوات وانحطاط الأخلاق والسلوك والبعد عن القيم والمروءات. في الرحلة إلى هناك يضعف جانب الولاء والبراء والعداء للأعداء، لا يسمع للأذان نداء ولا للشريعة حكماً، ولا للمعروف أمراً ولا للمنكر نهياً، نشاهد مناظر مخلة بالآداب والأخلاق مجاهرة بالمعاصي والسيئات، يصبح الابن المسلم في دار الإسلام على نداء الصلوات ويمسي على نواقيس الكنائس، مفاسد عقدية عديدة، تعليق الصلبان جهاراً، ودعوة إلى النصرانية نهاراً، ومعاداة للإسلام وأهله بياناً، الشاب هناك عرضة للتأثر بمحاكاة الكفار في المآكل والمشارب والهيئات، ترى أخلاقا منحطة وسلوكيات معوجة وسفورا وتبرجا، تزين للرذيلة ودعوة للجريمة، وفي المال بعثرة له وتبذير، ما جمع على مدار العام يزج به في أرصدتهم في ثنايا أيام.
إن أعداء الله لا يرقبون في المؤمن إلاً ولا ذمة، نظرتهم إلى دينك نظرة عداء مستحكم وإن تظاهروا بالمودة واصطنعوا حميد الأخلاق، يقول جل وعلا: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118]، ورؤيتهم لمالك نظرة حسد وازدراء، يحسدونك على ما أنعم الله عليك من النعماء، يتمنون تحولها عنك في الحال يقول تعالى: {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [البقرة:105]. لذا فهم يمكرون بك ليلاً ونهاراً يقول الله تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} [الطارق:15]، فما جريرة الناشئ يتعرض لمخاطرهم ويبصر معابدهم وأشربتهم المعفنة وأخلاقهم الهابطة، وقد يتأثر بمعتقدات باطلة، فأحلل وثاق حقائب سفرك واعدل عن قرار رحلتك ولا تستجب لداعي الهوى والشيطان، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، واجعل وجهتك إلى كعبة الله المشرفة، وأد فيها عمرة وصلّ في مسجد خير الورى عليه الصلاة والسلام، فصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه، فالعناية بالأبناء مسلك الأخيار وطريق الأبرار، وإن حسن نشأة الأولاد مرتبط باستمساك الوالدين بالدين وكلما استقام الوالدان كان الأبناء بمنجاة من عوامل الضياع وأسباب الضلال، وأنت السعيد بصلاحهم في دنياك وأخراك.
ومنهم من يعود يأنف من العيش في ظل المحافظة والستر وأحكام الإسلام، ولئن صان الأب من يعول بعين الرعاية والمحافظة فتوارد الفتن على القلب ودرؤها لا يملكها البشر، فيتطلع إلى تلك الديار في مستقبل زمانه، فتنشأ الأجيال على مواطأة أراضي الكفار وتتعلق لوعة الإعجاب والافتتان بهم {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: 196-197].
إن الكسل عن الفضائل بئس الرفيق، وحب الدعة والراحة يورث من الندم ما يربو على كل متعة، فصاحب المجدين المستيقظين للزمان، وجانب المجالس الخاوية، واقرأ سيرة الأفذاذ واستزد من المعرفة بعلوم الشريعة، واغتنم حياتك النفيسة واحتفظ بأوقاتك العزيزة، فحياتك محدودة وأنفاسك معدودة والعمر قصير، وما تبقى منه يسير، وحصّن أهلك أمام تلاطم الفتن بزاد العلم، وانتق لصحبتهم الأخيار واحرص على تربية البنين على الإيمان والتقوى، ففي حفظهم لكتاب ربهم والعمل به رفعة وعلو، وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يضع القيد في قدم عكرمة لتعليمه الكتاب والسنة، وكافئ أبناءك على ما قدموا من صالح عمل، يقول إبراهيم بن أدهم: (قال لي أبي: يا بني أطلب الحديث، فكلما سمعت حديثاً وحفظته فلك درهم، قال فطلبت الحديث على هذا والزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فمن قال فيه سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة، ومن أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عقّ يومه وظلم نفسه).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فالوقت زمن تحصيل الأعمال والأرباح، بل هو الحياة كلها، وقد أقسم الله بأجزائه: الليل والنهار والفجر والضحى والعصر والشفق لما فيها من العبر والآيات والأعاجيب، والعمر لا يقوّم نفاسة وغلاء إلا به، وقد أنّب الله الكفار إذ أضاعوا أعمارهم من غير إيمان فقال جل وعلا: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر:37]، وما مثل الدافعين لزمانهم دفعاً بإهمال أوقاتهم إلا كالمتحدثين في سفينة تجري بهم من غير شعورهم بها، ولعظم أهمية الوقت كان مما أفرد بالمسألة عند العرض، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه". إن إضاعة الوقت من علامة المقت، والموفق من عرف كيف يتدارك فراغه وصحته ويضعهما في الموضع الذي يحقق له السعادة الأبدية، يقول عليه الصلاة والسلام: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" [رواه البخاري]. وبين اختلاف الليل والنهار معرك يكرّ جيشه بالعجائب، ولقد كان الرعيل الأول يبادرون اللحظة من الزمن، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (ما علمت أن أحداً سمع بالجنة والنار ثم تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان). وكانت امرأة أبي محمد حبيب الفارسي توقظه بالليل وتقول: قم فإن الطريق بعيد وزادنا قليل وقوافل الصالحين قد سارت من بين أيدينا ونحن بقينا. وقد قرأ ابن حجر معجم الطبراني الصغير في جلسة بين الظهر والعصر، وكان أبو العلاء الحسن بن أحمد يكتب وهو قائم على قدميه في المسجد لعلو السراج.
لقد أدرك السلف الصالح أهمية الزمان، وسعى الأنبياء والصالحون إلى تقويم أبنائهم على الملة الحنيفية في ثنايا أجزائه، وأفنوا عزيز أعمارهم ليجنبوهم مزالق الضلال، فخلفوا وراءهم خلفاً صالحاً يسير على الدرب ويحتذي المثال، تتبارى في ظله المواهب والهمم. يقول أبو سعد عبد الكريم المروزي: (حملني والدي من مرو إلى نيسابور وأنا ابن أربع سنين لسماع الحديث). ولقن الإمام أحمد بن حنبل ابنه القرآن كله، ولما أخلص الآباء في تربية الأبناء أخرجوا جيلاً مكافحاً في الحياة لأجل الدين، ملأ طيب ذكرهم المشارق والمغارب، يقول ابن جرير الطبري: (أبطأت عني نفقة والدي وأنا ابن اثنتي عشرة سنة أطلب العلم، فاضطررت إلى أن فتقت كميّ قميصي فبعتهما)، ونقض الإمام مالك وهو في شبابه سقف بيته فباع خشبه ليتزود لطلب العلم، وكان الشافعي يتيماً في حجر أمه فدفعته أمه إلى المعلم ولم يكن عندها ما تعطي المعلم، قال الشافعي: (فكنت أحفظ ما يقول وكان يرضى عني المعلم بأن أخلفه في التدريس إذا قام)، على هذا النهج الرفيع تعاقبت طوائف الأولياء وتوالت زمرهم في الميدان، وتلقى الراية نابغ عن نابغ وتسابقوا مخلصين دائبين في إقامة صرح الدين وتشييد أركانه بحسن التربية.
فقد دونت علوم الإسلام من فحول العلماء بألوان من الصبر العجيب، بظمأ الهواجر وسهر الليالي وانقطاع النفقة في بلد الاغتراب والمشاقّ الناصبة المتعاقبة، وملاقاة الخطوب والأخطار بمثل هذه المتاعب والآلام، حفظ الدين في صدور الأفذاذ، ونشأت أجيال صالحة في المجتمعات، وفي مقابل هذا الكفاح المرير من الآباء لإخراج أبناء صالحين أصبحوا منارات في الإسلام فرط بعض الآباء في إصلاح أبنائهم في ديار الإسلام، ولم يكتفوا بإهمال تربيتهم في دورهم بل عرضوهم للفتن بالسفر إلى بلاد غير المسلمين زعماً منهم أنهم بذلك يكافئونهم أو يكرمونهم أو يفرحونهم، أما علم أولئك أن في السفر إليهم تعرضاً للمهالك، وقد يقعون فريسة الانحراف في الملذات والشهوات وانحطاط الأخلاق والسلوك والبعد عن القيم والمروءات. في الرحلة إلى هناك يضعف جانب الولاء والبراء والعداء للأعداء، لا يسمع للأذان نداء ولا للشريعة حكماً، ولا للمعروف أمراً ولا للمنكر نهياً، نشاهد مناظر مخلة بالآداب والأخلاق مجاهرة بالمعاصي والسيئات، يصبح الابن المسلم في دار الإسلام على نداء الصلوات ويمسي على نواقيس الكنائس، مفاسد عقدية عديدة، تعليق الصلبان جهاراً، ودعوة إلى النصرانية نهاراً، ومعاداة للإسلام وأهله بياناً، الشاب هناك عرضة للتأثر بمحاكاة الكفار في المآكل والمشارب والهيئات، ترى أخلاقا منحطة وسلوكيات معوجة وسفورا وتبرجا، تزين للرذيلة ودعوة للجريمة، وفي المال بعثرة له وتبذير، ما جمع على مدار العام يزج به في أرصدتهم في ثنايا أيام.
إن أعداء الله لا يرقبون في المؤمن إلاً ولا ذمة، نظرتهم إلى دينك نظرة عداء مستحكم وإن تظاهروا بالمودة واصطنعوا حميد الأخلاق، يقول جل وعلا: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118]، ورؤيتهم لمالك نظرة حسد وازدراء، يحسدونك على ما أنعم الله عليك من النعماء، يتمنون تحولها عنك في الحال يقول تعالى: {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [البقرة:105]. لذا فهم يمكرون بك ليلاً ونهاراً يقول الله تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} [الطارق:15]، فما جريرة الناشئ يتعرض لمخاطرهم ويبصر معابدهم وأشربتهم المعفنة وأخلاقهم الهابطة، وقد يتأثر بمعتقدات باطلة، فأحلل وثاق حقائب سفرك واعدل عن قرار رحلتك ولا تستجب لداعي الهوى والشيطان، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، واجعل وجهتك إلى كعبة الله المشرفة، وأد فيها عمرة وصلّ في مسجد خير الورى عليه الصلاة والسلام، فصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه، فالعناية بالأبناء مسلك الأخيار وطريق الأبرار، وإن حسن نشأة الأولاد مرتبط باستمساك الوالدين بالدين وكلما استقام الوالدان كان الأبناء بمنجاة من عوامل الضياع وأسباب الضلال، وأنت السعيد بصلاحهم في دنياك وأخراك.
ومنهم من يعود يأنف من العيش في ظل المحافظة والستر وأحكام الإسلام، ولئن صان الأب من يعول بعين الرعاية والمحافظة فتوارد الفتن على القلب ودرؤها لا يملكها البشر، فيتطلع إلى تلك الديار في مستقبل زمانه، فتنشأ الأجيال على مواطأة أراضي الكفار وتتعلق لوعة الإعجاب والافتتان بهم {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: 196-197].
إن الكسل عن الفضائل بئس الرفيق، وحب الدعة والراحة يورث من الندم ما يربو على كل متعة، فصاحب المجدين المستيقظين للزمان، وجانب المجالس الخاوية، واقرأ سيرة الأفذاذ واستزد من المعرفة بعلوم الشريعة، واغتنم حياتك النفيسة واحتفظ بأوقاتك العزيزة، فحياتك محدودة وأنفاسك معدودة والعمر قصير، وما تبقى منه يسير، وحصّن أهلك أمام تلاطم الفتن بزاد العلم، وانتق لصحبتهم الأخيار واحرص على تربية البنين على الإيمان والتقوى، ففي حفظهم لكتاب ربهم والعمل به رفعة وعلو، وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يضع القيد في قدم عكرمة لتعليمه الكتاب والسنة، وكافئ أبناءك على ما قدموا من صالح عمل، يقول إبراهيم بن أدهم: (قال لي أبي: يا بني أطلب الحديث، فكلما سمعت حديثاً وحفظته فلك درهم، قال فطلبت الحديث على هذا والزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فمن قال فيه سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة، ومن أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عقّ يومه وظلم نفسه).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى