منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
إيمان إبراهيم مساعد
عدد المساهمات : 0
نقاط : 3902
تاريخ التسجيل : 13/01/2014

 سيرة الخطيب وحسن أخلاقه Empty سيرة الخطيب وحسن أخلاقه

الجمعة 12 أغسطس 2011, 21:24
سيرة الخطيب وحسن أخلاقه

سيرة الخطيب وما يتحلى به من مكارم الأخلاق لها دور كبير في قبول كلامه ، واحترام توجيهاته ، سواء أكانت هذه السيرة مع أصحابه ، وجيرانه ، ومن يعاملهم في موقع عمله ، أم كانت في بيته ، ومع أهله وأسرته ، فإن ذلك هو مقياس صدق الخطيب ، ومدى احترامه لآرائه ونصائحه .

وليس في مخالفة الخطيب لما يأمر به وينهى عنه مسوغ للآخرين بارتكاب ما حرم الله تعالى ، أو تعدي حدوده ، لكن ضعاف الإيمان يتخذون ذلك أسوة لهم ، ويجعلونه حجة يحتجون بها على من ينصح لهم ، فيكون بذلك إثمه مضاعفا ، حيث إنه خالف إلى ما نهى عنه ، وترك ما كان يأمر به ، ثم إنه سهل فعل الحرام وارتكاب المنهيات على ذوي النفوس المريضة ، فافتتنوا به حين جعلوه قدوة لهم ، قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ

وقال جل وعلا : أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

ومن المقت الذي يصيب من يقول ما لا يفعل ، ويأتي ما ينهى عنه ، ما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم من جزائه في الآخرة .

عن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يؤتى بالرجل يوم القيامة ، فيلقى في النار ، فتندلق أقتاب بطنه ، فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا ، فيجتمع إليه أهل النار ، فيقولون : يا فلان ما لك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر؟ فيقول : بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه وفي رواية : وسمعته يقول : " مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون ، وفي رواية أخرى ، قال : " خطباء من أهل الدنيا ، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون .

ولما كانت الخطابة من المهام القيادية في الأمة ، وجب أن تكون مضبوطة بضوابط الشرع حتى لا يكون إفسادها أكثر من إصلاحها .

وكذلك لما كان الخطيب آمرا بالمعروف ، ناهيا عن المنكر فإنه ينبغي أن تتوفر فيه شروط الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، ومن أهم هذه الشروط أن يكون :

1 - متواضعا .

2 - رفيقا فيما يدعو إليه شفيقا رحيما ، غير فظ ولا غليظ القلب ولا متعنت .

3 - عدلا صائنا نفسه عن أسباب الفسق ، وما يجرح عدالته .

4 - فقيها عالما بالمأمورات والمنهيات شرعا .

5 - دينا نزيها عفيفا .

6 - ذا رأي ، وصرامة ، وشدة في الدين .

7 - قاصدا بذلك وجه الله عز وجل وإقامة دينه ، ونصرة شرعه ، وامتثال أمره ، وإحياء سننه ، بلا رياء ، ولا منافقة ، ولا مداهنة .

8 - غير متنافس في الدنيا ولا متفاخر .

9 - ممن لا يخالف قوله فعله .

10 - حسن الخلق .

وسيرة الخطيب سرعان ما تنتشر بين الناس ، والشائعات قد لا تقف عند حد ، والناس ينظرون إلى العلماء والخطباء والآمرين بالمعروف بعيون بصيرة ، والناقد بصير ، وأعمال هؤلاء موضوعة تحت المجهر المكبر ، فصغيرتهم تضخم إلى كبيرة ، وكسرهم ليس له جبيرة ، ومن الأمثال السائرة : زلة الجاهل يغطيها الجهل ، وزلة العالم يضرب بها الطبل .

ومن الأبيات السائرة :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عـار عليـك إذا فعلـت عظيم


وعلى الخطيب أن يحذر مراقبة الله تعالى له قبل أن يحذر رقابة الناس عليه . عن مسروق رحمه الله قال : جاءت امرأة إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقالت : تنهى عن الواصلة ؟ قال : نعم ، قالت : فعله بعض نسائك؟ فقال : ما حفظت وصية العبد الصالح إذا : وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ .

فانظر كيف احتجت هذه المرأة بفعل بعض نساء ابن مسعود رضي الله عنه وحاججته في ذلك .

وهكذا فالناس شديدو الرقابة للعلماء والخطباء ، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ورقابتهم لا تنحصر في العالم والخطيب نفسه ، بل يرقبون نساءه ، وأولاده ، وأحفاده ، ويتعلقون بأفعالهم ، ويستدلون بسيرتهم وسلوكهم ، والناس- إلا من رحم الله- يغلب عليهم الميل إلى التسويغ والترخص بأدنى الشبهات .

ولا يكفي أن يكون الخطيب واقفا عند حد الكف عن المنكر الذي ينهى عنه ، أو فعل الواجب الذي يأمر به ، أو الالتزام به ، أو الالتزام بالخلق الحميد الذي يحض عليه ، بل ينبغي أن يكون متميزا عن غيره ممن يقتدي به : بفعل النوافل ، والمسارعة إلى الخيرات ، والمسابقة إلى الطاعات ، والتشمير والمبادرة إلى كل خصلة كريمة ، مع زيادة الورع ، وقوة الشخصية ، وصلابة الإيمان ، فهو قبل أن يأمر الناس بخير ينبغي أن يكون أسبقهم إلى فعله .

وليعلم الخطيب أنه مهما بلغت فصاحته ، وتجلى بيانه ، ومهما بلغ من قوة الإلقاء ، ونصاعة الأسلوب فإنه لن يستطيع أن يقنع أحدا بفكره ، أو أن يستميل القلوب لدعوته ما لم يكن مخلصا في دعوته ، نقيا في سيرته .

بل إنه مع ذلك لا يستطيع أن يسلم من غمز الناس به في سلوكه ، فليوطن نفسه على ذلك ، وكم رأينا وسمعنا من خطيب مصقع ، لكن الناس يجلسون في خطبته جلوس المحكومين ظلما وكأنهم يستمعون إلى قاض ظالم يتلو عليهم قرار الحكم ، وكم رأينا كذلك من خطباء يتمنى الحضور لو أن خطبة أحدهم تمتد ساعات ، وهذا شيء مشاهد معلوم ، فليس الأسلوب وحده أو البلاغة والفصاحة وحدها هي التي تجذب قلوب الناس وتحببهم في الخطيب أو الداعية .

ولن يستطيع الخطيب أن يقف صادعا بالحق ، واثقا مما يقول ، وهو يعلم أن العيون تغمزه ، والقلوب تمقته ، وأنه ملوث السيرة ، غير نقي الذيل .

فكأن الناس وهم ينغضون إليه رؤوسهم ، ويرمون إليه بأبصارهم يقولون بلسان حالهم :

يــــا أيهــــا الرجــــل المعلــــم غــــيره
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى
ونـــــراك تصلــــح بالرشــــاد عقولنــــا
هلا لنفســــــك كــــــان ذا التعليـــــم
كيمــــا يصــــح بــــه وأنــــت ســــقيم
أبــــدا وأنــــت مــــن الرشـــاد عقيـــم


قال السبكي رحمه الله : وعليه- أي : الواعظ- نحو ما على الخطيب ، فليذكر بأيام الله ، وليخف القوم في الله تعالى ، وينبئهم بأخبار السلف الصالحين ، وما كانوا عليه ، وأهم ما ينبغي له وللخطيب أن يتلو على نفسه قوله تعالى : أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

ويتذكر قول الشاعر :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عـار عليـك إذا فعلـت عظيم



واعلم أن الكلام إذا لم يخرج من القلب لم يصل إلى القلب ، فكل خطيب وواعظ لا يكون عليه سيما الصلاح قل أن ينفع الله به .

القدوة الصالحة :
قد جعل الله تعالى الأنبياء هم القدوة للبشر في الخير ، فهم الكمل في سيرتهم ، المصطفون في أخلاقهم ، ولو أن المشركين باختلاف عصورهم وأممهم وجدوا على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مأخذا في سلوكهم لطاروا به ، ولأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم ، ولجعلوه من أقوى حججهم في رد دعوتهم ، ولكن أنى لهم ذلك .

وها هم مشركو العرب يطأطئون رؤوسهم أمام عظمة خلق النبي صلى الله عليه وسلم ، وكريم صفاته وخلاله ، ولطالما كانوا يتمنون لو وجدوا مغمزا عليه صلى الله عليه وسلم في سيرته في شبابه أو في كهولته ليرموه به في كل مجلس ، أو يطعنوا به كلما دعاهم إلى الله جل وعلا ، لكنهم لم يجدوا بدا من أن يقروا له بالفضل ، ويصفوه بأنه الصادق الأمين ، وكفى بهاتين الصفتين برهانا في إقامة الحجة عليهم .

ولقد حاولوا الطعن فيه ، والتشكيك في دعوته ، من خلال بشريته ، وأنه كسائر البشر ، ينكح ، ويأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق ، وما علموا أن مكمن العظمة ، وسر الكمال هو في كونه بشرا ، قال تعالى : وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا وقال تعالى : فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ وما فطن هؤلاء إلى عظيم غبائهم ، وعمى قلوبهم حيث يجلون الرسول المرسل من الله تعالى للبشر أن يكون بشرا ، ولا يجلون الإله أن يكون حجرا .

إن التربية بالقدوة من أهم وسائل التربية لاكتساب مكارم الأخلاق ، وذلك لأن الناس يتأثرون بالأفعال أكثر من تأثرهم بالأقوال ، وتبرز خصوصية القدوة العملية في عدة مزايا :

الأولى : أن الفعل لا يرد عليه شبهة التطبيق ، أما القول فممكن ورودها عليه ، فمهما كان علم المدرس ، أو الخطيب ، أو العالم ، ومهما بلغ في وعظه فإنه قد يعتمل في أذهان الكثير ممن يسمعه ، هل يعمل هذا بما يعلم ؟ وهل يطبق ما يقول ؟ بينما لا يرد مثل هذا على العالم العامل إذا رأوا عمله ، وأبصروا سيرته .

الثانية : أن القدوة العملية تترجم القول إلى فعل ، والعلم إلى عمل ، والعمل ظاهر للجميع ، مفهوم للجميع ، في حين أن القول قد يخفى على بعض الناس مراميه ومقاصده .

الثالثة : أن القدوة العملية تقطع عن العمل شبهه المثالية ، أو الخيالية ، وأنه يستحيل تحقيقه ، أو يصعب جدا ، وهذه شبهة يتعلق بها كثير من الناس في زماننا ، فإنهم إذا دعوا إلى مكارم الأخلاق ومعاليها ، قالوا : هذه مثاليات وأمور خيالية تعيش في الذهن ولا تحيا في الواقع ، وهي شبهة ليست بجديدة ، ونعوذ بالله تعالى من الخذلان .

إذا فليحرص الخطيب على أن يكون قدوة صالحة لحيه ، وأهل مسجده ومن يعرفه ، فيدعوهم بفعله قبل قوله ، وبعمله قبل علمه ، ولا يبعد المسافة بين القول والعمل ، فكم فيهم من عدو شامت .

قال الطغرائي في لاميته :

غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت
مسافة الخلف بين القول والعمل


. وقال أبو الفتح البستي :

يا أيها العالم المرضي سيرته
أبشـر فـأنت بغـير المـاء ريـان


وهذه بعض الآثار والحكم والأشعار الواعظة في هذا الباب :

عن الشعبي قال : يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار ، فيقولون : ما أدخلكم النار وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم ؟ قالوا : إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله .

* وقال ابن عمر ابن عبد البر : قدم ذم الله عز وجل في كتابه قوما كانوا يأمرون الناس بأعمال البر ، ولا يعملون بها ذما ، ووبخهم الله توبيخا يتلى في طول الدهر إلى يوم القيامة , فقال : أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ .

* ويروى عن أبي جعفر محمد بن علي في قول الله تعالى : فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ قال : قوم وصفوا الحق والعدل بألسنتهم وخالفوه إلى غيره .

* قال أبو العتاهية .

وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى
وريـح الخطايـا مـن ثيـابك تسـطع



* وقال سلم بن عمرو المعروف بالخاسر .

ما أقبح التزهيد من واعظ
يزهـــد النــاس ولا يزهــد



* وقال أبو العتاهية أيضا :

يـا واعـظ النـاس قد أصبحت متهما
كـملبس الثـوب مـن عـري وعورتـه
وأعظـم الـذنب بعـد الشـرك نعملـه
عرفانهـــا بعيــوب النــاس تبصرهــا
إذ عبـت منهـم أمـورا أنـت تأتيهمـا
للنــــاس باديــــة مــــا إن يواريهـــا
في كل نفس عماها عن مساويها
منهـم ولا تبصـر العيـب الـذي فيهـا



* وقال :

قد بين الرحمن مقت الذي
مــن كــان لا تشـبه أفعالـه
يــــأمر بــــالحق ولا يفعـــل
أقوالــــه فصمتــــه أجــــمل


====
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى