- إيمان إبراهيم مساعد
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3909
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
من محبطات الأعمال الذهاب إلى العرافين
الجمعة 12 أغسطس 2011, 21:17
من محبطات الأعمال الذهاب إلى العرافين
الحمد لله المتفرد بالوحدانية، القائم على كل نفس بما كسبت، يعلم أحوال النفوس وآجالها، خلق الخلق ونفذت فيهم مشيئته، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه وهو الحكيم العليم، وأصلي وأسلم على نبينا محمد عبده المجتبى، ورسوله المرتضى، وعلى آله وأصحابه الأبرار، ما تعاقب الليلُ والنهار، وبعد
فمع المحبط التاسع للأعمال وهو
«الذهاب إلى العرافين»
عن بعض أزواج النبي ، عن النبي قال
«من أتى عرافًا، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» مسلم
قال البغوي العراف الذي يدعي معرفة الأمور بمقدماتٍ يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك شرح السنة
وقال ابن تيمية العَرَّافُ اسم للكاهن والمنجم والرمَّال ونحوهم مجموع الفتاوى
ظاهر الحديث أن مجرد سؤاله يوجب عدم قبول صلاته أربعين يومًا، ولكنه ليس على إطلاقه، فسؤال العرَّاف، ينقسم إلى أقسام
القسم الأول أن يسأله سؤالاً مجردًا، فهذا حرام؛ لقول النبي
«من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تُقبل له صلاة أربعين يومًا»
فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه، إذ لا عقوبة إلا على فعل محرّم
القسم الثاني أن يسأله فيصدقه فهذا كفر
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله
«من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد»
صحيح الحامع
أي بالذي أُنزل على محمدٍ ، والذي أُنزل عليه القرآن أُنزل إليه بواسطة جبريل عليه السلام، قال الله تعالى
«وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ» الشعراء ،
وقال تعالى
«قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ» النحل
وقد قال الله تعالى فيما أُنزل على محمدٍ «قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ» النمل
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «مَن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، أو أتى امرأة حائضًا، أو أتى امرأة في دبرها، فقد برئ مما أُنزل على محمد» صحيح الجامع
وعن عمران بن حصين أن النبي قال «ليس منا من تطير ولا من تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو تسحر أو تسحر له» صحيح الجامع
القسم الثالث أن يسأله ليختبره هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله، فهذا لا بأس به
وقد سأل النبي ابن صياد، فقال «ماذا خبأت لك؟» قال الدُّخ فقال «اخسأ، فلن تعدو قدرك» متفق عليه فالنبي سأله عن شيء أضمره له، لأجل أن يختبره، فأخبره به
القسم الرابع أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور يتبين بها كذبه وعجزه، وهذا مطلوب، وقد يكون واجبًا، وإبطال قول الكهنة لا شك أنه أمرٌ مطلوب، وقد يكون واجبًا القول المفيد على كتاب التوحيد
فتصديق أدعياءِ عِلْمِ الغيب، وإتيانُ الكهنةِ والعرافين، والرمالين والمنجمين، والمشعوذين، والدجالين، الذين يزعمون، الإخبار عن الغيبيات زورًا وبهتانًا، وكذبًا وادِّعاءً، فهذا كله ضلال وباطل، وداءٌ خطيرٌ وشر مستطيرٌ، فعلم الغيب، مما استأثر الله به وحده، قال سبحانه
«قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ» النمل
وفي تعاطي السحر والتعامل به جمعٌ بين الكفر والإضرار بالناس
قال الله تعالى «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» البقرة
فدلت هذه الآية الكريمة على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنه ليس لهم عند الله من خلاق
أي «من حظ»، وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة، وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان، ولهذا ذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله «وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» البقرة ، والشراء هنا بمعنى البيع، ولقد نفى الله الفلاحَ عن الساحر، فقال سبحانه «وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى» طه أي لا يفوز ولا ينجو حيث أتى من الأرض
السحر من الموبقات، أي المهلكات
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال «اجتنبوا السبع الموبقات» قالوا يا رسول الله، وما هن ؟ قال «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»
عدَ رسول الله السحر بعد الشرك وقبل القتل
معنى «التولي يوم الزحف» أي الفرار من صف القتال يوم زحف المسلمين على العدو
معنى «المحصنات» أي العفيفات
قال الله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» النور
والكهنة والعرافون يتعاملون مع الشياطين يقينًا، ولا يساعد الشيطان قرينه الآدمي إلا إذا أصبح وليًا له، قال الله تعالى «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ» الشعراء ، ، وقال تعالى «وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ» الأنعام
فحذار أيها المسلم حذار من ذهابك أو ذهاب زوجتك أو ولدك أو بعض أهلك للكهنة وسؤالهم إياهم، فإنَّ هذا صد عن الدين، وقد علمتَ أن الله عز وجل لم يقبل صلاة أربعين يومًا لمن يسأل العراف أو الكاهن، وحَكَم رسول الله بكفر من يسأله ويصدقه، فما بالك بالعراف نفسه ؟
عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله تعالى بالإسلام، وإنَّ منا رجالاً يأتون الكهان؟ قال «فلا تأتهم» مسلم
شبهة وجوابها
يقول بعض الناس إننا جربنا سؤال هؤلاء العرافين فوجدناهم يصدقون في حديثهم عن بعض الأمور
والجواب أن رسول الله أخبر بذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت سأل رسولَ الله أناسٌ عن الكهان، فقال «ليسوا بشيء» فقالوا يا رسول الله، إنهم يحدثوننا أحيانًا بشيء فيكون حقًا ؟ فقال رسول الله «تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أُذُن وليه، فيخلطون معها مائة كذبة» متفق عليه
معنى فيقرها أي يلقيها
وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنه أنها سمعت رسول الله يقول «إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قُضي في السماء، فيسترق الشيطان السمع، فيسمعه، فيوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم» صحيح الجامع
فالساحر دَعِيّ كذابٌ ولو طار في الهواء، ومشى على الماء، ولَبَّس على الجهلة والدهماء
فأين عقولنا ؟ ماذا أصاب العقول ؟ إذا كان صفوةُ خلق الله، وأفضل عباد الله عليه الصلاة والسلام يخاطبه الله بقوله سبحانه «قُلْ لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» الأعراف
ونهاه سبحانه بقوله «وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» يونس ،
إذا كان ذلك في حقه عليه الصلاة والسلام فغيره أولى وأحرى أن يحذر من ذلك «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ» لقمان فكونوا على حذر يا عباد الله من المشعوذين والدجالين
وعلقوا آمالكم بالله فهو سبحانه دافع الضر ومالك النفع، له الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، قضاؤه نافذٌ، وقدره كائن، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا راد لما قضى، ولا واصل لما قطع «قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ» الزمر
يا مَن ألوذ به فيما أؤَمِّلُهُ
ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره
ولا يهيضون عظمًا أنت جابره
وإذا كان الابتلاء سنة والبشر عرضةً للأمراض والأسقام فإنَّ التداوي المشروع أمرٌ مطلوب
عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى» مسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «ما أنزل اللهُ داءً إلا أنزل له شفاءً» صحيح الجامع وعن أسامة بن شريك أن النبي قال «تداوَوْا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داءً إلا وضع له دواء، غير داءٍ واحدٍ الهرم» وهو الشيخوخة صحيح الجامع ، وغاية المرام
فالتداوي المشروع لا ينافي التوكل على الله، وقد أخبر الله عن القرآن بأنه هدى وشفاء من كل مرض وداء، فقال تعالى «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» الإسراء وقال تعالى «قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ» فصلت وقال تعالى «وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا» النساء
فحصنوا أنفسكم وأولادكم بالرقى المشروعة، والأوراد المأثورة، فهي حصنٌ حصينٌ، وحرزٌ أمين بإذن الله الشافي الرحيم، داوموا على أوراد الصباح والمساء، وأدعية الدخول والخروج، والنوم والاستيقاظ، وهاكم عباد الله وصفةً طبيةً نبوية، هي خيرٌ لكم وأمانٌ
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله «ما من عبد يقول في صباح كل يوم، ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات ، فيضره شيء» صحيح الجامع
وعن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال قلت لرسول الله ، ماذا أقول؟ قال «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» والمعوذتين حين تُمسي، وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء صحيح الجامع
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله «مَن تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر» صحيح البخاري ، ، ، ومسلم
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال «إن في عجوة العالية شفاء، وإنها ترياقٌ من أول البكرة» صحيح مسلم
و«العالية» المقصود بها عالية المدينة، وجمعها عوال، وهي مكان في الجهة الجنوبية من المدينة وأدناها إلى المسجد النبوي يبعد ميلاً
«الترياق» ما يستعمل لدفع السم من الأدوية والمعاجن
«أول البكرة» المراد أكلها في الصباح قبل أن يأكل أي شيء آخر
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
الحمد لله المتفرد بالوحدانية، القائم على كل نفس بما كسبت، يعلم أحوال النفوس وآجالها، خلق الخلق ونفذت فيهم مشيئته، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه وهو الحكيم العليم، وأصلي وأسلم على نبينا محمد عبده المجتبى، ورسوله المرتضى، وعلى آله وأصحابه الأبرار، ما تعاقب الليلُ والنهار، وبعد
فمع المحبط التاسع للأعمال وهو
«الذهاب إلى العرافين»
عن بعض أزواج النبي ، عن النبي قال
«من أتى عرافًا، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» مسلم
قال البغوي العراف الذي يدعي معرفة الأمور بمقدماتٍ يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك شرح السنة
وقال ابن تيمية العَرَّافُ اسم للكاهن والمنجم والرمَّال ونحوهم مجموع الفتاوى
ظاهر الحديث أن مجرد سؤاله يوجب عدم قبول صلاته أربعين يومًا، ولكنه ليس على إطلاقه، فسؤال العرَّاف، ينقسم إلى أقسام
القسم الأول أن يسأله سؤالاً مجردًا، فهذا حرام؛ لقول النبي
«من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تُقبل له صلاة أربعين يومًا»
فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه، إذ لا عقوبة إلا على فعل محرّم
القسم الثاني أن يسأله فيصدقه فهذا كفر
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله
«من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد»
صحيح الحامع
أي بالذي أُنزل على محمدٍ ، والذي أُنزل عليه القرآن أُنزل إليه بواسطة جبريل عليه السلام، قال الله تعالى
«وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ» الشعراء ،
وقال تعالى
«قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ» النحل
وقد قال الله تعالى فيما أُنزل على محمدٍ «قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ» النمل
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «مَن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، أو أتى امرأة حائضًا، أو أتى امرأة في دبرها، فقد برئ مما أُنزل على محمد» صحيح الجامع
وعن عمران بن حصين أن النبي قال «ليس منا من تطير ولا من تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو تسحر أو تسحر له» صحيح الجامع
القسم الثالث أن يسأله ليختبره هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله، فهذا لا بأس به
وقد سأل النبي ابن صياد، فقال «ماذا خبأت لك؟» قال الدُّخ فقال «اخسأ، فلن تعدو قدرك» متفق عليه فالنبي سأله عن شيء أضمره له، لأجل أن يختبره، فأخبره به
القسم الرابع أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور يتبين بها كذبه وعجزه، وهذا مطلوب، وقد يكون واجبًا، وإبطال قول الكهنة لا شك أنه أمرٌ مطلوب، وقد يكون واجبًا القول المفيد على كتاب التوحيد
فتصديق أدعياءِ عِلْمِ الغيب، وإتيانُ الكهنةِ والعرافين، والرمالين والمنجمين، والمشعوذين، والدجالين، الذين يزعمون، الإخبار عن الغيبيات زورًا وبهتانًا، وكذبًا وادِّعاءً، فهذا كله ضلال وباطل، وداءٌ خطيرٌ وشر مستطيرٌ، فعلم الغيب، مما استأثر الله به وحده، قال سبحانه
«قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ» النمل
وفي تعاطي السحر والتعامل به جمعٌ بين الكفر والإضرار بالناس
قال الله تعالى «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» البقرة
فدلت هذه الآية الكريمة على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنه ليس لهم عند الله من خلاق
أي «من حظ»، وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة، وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان، ولهذا ذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله «وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» البقرة ، والشراء هنا بمعنى البيع، ولقد نفى الله الفلاحَ عن الساحر، فقال سبحانه «وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى» طه أي لا يفوز ولا ينجو حيث أتى من الأرض
السحر من الموبقات، أي المهلكات
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال «اجتنبوا السبع الموبقات» قالوا يا رسول الله، وما هن ؟ قال «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»
عدَ رسول الله السحر بعد الشرك وقبل القتل
معنى «التولي يوم الزحف» أي الفرار من صف القتال يوم زحف المسلمين على العدو
معنى «المحصنات» أي العفيفات
قال الله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» النور
والكهنة والعرافون يتعاملون مع الشياطين يقينًا، ولا يساعد الشيطان قرينه الآدمي إلا إذا أصبح وليًا له، قال الله تعالى «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ» الشعراء ، ، وقال تعالى «وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ» الأنعام
فحذار أيها المسلم حذار من ذهابك أو ذهاب زوجتك أو ولدك أو بعض أهلك للكهنة وسؤالهم إياهم، فإنَّ هذا صد عن الدين، وقد علمتَ أن الله عز وجل لم يقبل صلاة أربعين يومًا لمن يسأل العراف أو الكاهن، وحَكَم رسول الله بكفر من يسأله ويصدقه، فما بالك بالعراف نفسه ؟
عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله تعالى بالإسلام، وإنَّ منا رجالاً يأتون الكهان؟ قال «فلا تأتهم» مسلم
شبهة وجوابها
يقول بعض الناس إننا جربنا سؤال هؤلاء العرافين فوجدناهم يصدقون في حديثهم عن بعض الأمور
والجواب أن رسول الله أخبر بذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت سأل رسولَ الله أناسٌ عن الكهان، فقال «ليسوا بشيء» فقالوا يا رسول الله، إنهم يحدثوننا أحيانًا بشيء فيكون حقًا ؟ فقال رسول الله «تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أُذُن وليه، فيخلطون معها مائة كذبة» متفق عليه
معنى فيقرها أي يلقيها
وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنه أنها سمعت رسول الله يقول «إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قُضي في السماء، فيسترق الشيطان السمع، فيسمعه، فيوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم» صحيح الجامع
فالساحر دَعِيّ كذابٌ ولو طار في الهواء، ومشى على الماء، ولَبَّس على الجهلة والدهماء
فأين عقولنا ؟ ماذا أصاب العقول ؟ إذا كان صفوةُ خلق الله، وأفضل عباد الله عليه الصلاة والسلام يخاطبه الله بقوله سبحانه «قُلْ لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» الأعراف
ونهاه سبحانه بقوله «وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» يونس ،
إذا كان ذلك في حقه عليه الصلاة والسلام فغيره أولى وأحرى أن يحذر من ذلك «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ» لقمان فكونوا على حذر يا عباد الله من المشعوذين والدجالين
وعلقوا آمالكم بالله فهو سبحانه دافع الضر ومالك النفع، له الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، قضاؤه نافذٌ، وقدره كائن، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا راد لما قضى، ولا واصل لما قطع «قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ» الزمر
يا مَن ألوذ به فيما أؤَمِّلُهُ
ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره
ولا يهيضون عظمًا أنت جابره
وإذا كان الابتلاء سنة والبشر عرضةً للأمراض والأسقام فإنَّ التداوي المشروع أمرٌ مطلوب
عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى» مسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «ما أنزل اللهُ داءً إلا أنزل له شفاءً» صحيح الجامع وعن أسامة بن شريك أن النبي قال «تداوَوْا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داءً إلا وضع له دواء، غير داءٍ واحدٍ الهرم» وهو الشيخوخة صحيح الجامع ، وغاية المرام
فالتداوي المشروع لا ينافي التوكل على الله، وقد أخبر الله عن القرآن بأنه هدى وشفاء من كل مرض وداء، فقال تعالى «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» الإسراء وقال تعالى «قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ» فصلت وقال تعالى «وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا» النساء
فحصنوا أنفسكم وأولادكم بالرقى المشروعة، والأوراد المأثورة، فهي حصنٌ حصينٌ، وحرزٌ أمين بإذن الله الشافي الرحيم، داوموا على أوراد الصباح والمساء، وأدعية الدخول والخروج، والنوم والاستيقاظ، وهاكم عباد الله وصفةً طبيةً نبوية، هي خيرٌ لكم وأمانٌ
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله «ما من عبد يقول في صباح كل يوم، ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات ، فيضره شيء» صحيح الجامع
وعن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال قلت لرسول الله ، ماذا أقول؟ قال «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» والمعوذتين حين تُمسي، وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء صحيح الجامع
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله «مَن تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر» صحيح البخاري ، ، ، ومسلم
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال «إن في عجوة العالية شفاء، وإنها ترياقٌ من أول البكرة» صحيح مسلم
و«العالية» المقصود بها عالية المدينة، وجمعها عوال، وهي مكان في الجهة الجنوبية من المدينة وأدناها إلى المسجد النبوي يبعد ميلاً
«الترياق» ما يستعمل لدفع السم من الأدوية والمعاجن
«أول البكرة» المراد أكلها في الصباح قبل أن يأكل أي شيء آخر
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى