منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
حمدي عبد الجليل
حمدي عبد الجليل
المشرف العام
المشرف العام
ذكر عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28459
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
ليلى وقيس بن الملوح 1393418480781

ليلى وقيس بن الملوح 140

ليلى وقيس بن الملوح Empty ليلى وقيس بن الملوح

الخميس 11 أغسطس 2011, 23:22

ليلى وقيس بن الملوّح




وقيل لليلى هذا قيسٌ مات لما به من عشقك. قالت: ولقد خفت والله أن أموت بذلك منه. قيل لها: فما عندك حيلةٌ تخفّف ما به؟ قالت: صبري، وصبره، أو يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.
عفراء وعروة بن حزام
وقيل لعفراء، وقد بلغها ما نزل بعروة، فكادت تبوح بسرّها فقيل لها: أما عندك له حيلةٌ تخفّف ما به؟ فقالت: والله، لأنا أسرّ بذلك وأشوق إليه منه، ولكن لا سبيل إلى احتمال العار، ودخول النّار.
ميّة وذو الرّمّة
وقيل لميّة، بعد موت قابوس: ما كان يضرّك لو أمتعته بوجهك قبل موته؟ قالت: منعني من ذلك خوف العار، وشماتة الجّار. ولقد كان بقلبي منه أكثر ممّا كان بقلبه، غير أنّي وجدت ستره أبقى لنا لما في الصّدر من المودّة، وأحمد للعافية.
الأمر ما تصفون، ولكن...
وقيل لابنة ملكٍ من ملوك الفرس، وقد أجهدها عشق رجلٍ من أساورة أبيها: لو روّحت عن قلبك بالاجتماع معه، كفّ ذلك من وجدك. قالت: إنّ الأمر على ما تصفون، ولكن ما عذري إذ هتكت ستري، وأظهرت أمري، عند من لا يلزمه عاري، ويرغمه اشتهاري، والله لا كان هذا أبداً.
عفراء بنت أحمر والحارث بن الشّريد
وحكى السّريّ بن المطّلب قال: كان الحارث بن الشّريد يعشق عفراء بنت أحمر. فلمّا عيل صبره كتب إليها:
صبرت على كتمان حبّك برهةً ... وبي منك في الأحشاء أصدق شاهد
هو الموت إن لم يأتني منك رقعةٌ ... تقوم لقلبي في مقام العوائد
فلمّا وصلت الرّقعة كتبت إليه:
كفيت الذي تخشى وصرت إلى المنى ... ونلت الذي تهوى برغم الحواسد
فوالله لولا أن يقال تظنناّ ... بي السّوء، ما جانبت فعل العوائد
فلمّا وصلت الرّقعة إليه وضعها على وجهه، فلمّا شمّ رائحة يدها شهق شهقةّ فقضى نحبه. فقيل لعفراء ما كان يضرّك لو روّحت عن قلبه وأجبته بزورة؟ قالت: منعني من ذاك قولكنّ عفراء قد صبت إلى الحرث! فوالله لأقتلنّ نفسي من حيث لا يعلم بي أحد إلا الله. فلحقت به سريعاً.
أسماء بنت عبد الله وكامل بن الرّضين
قال العتبي: عشق كامل بن الرّضين أسماء بنت عبد الله بن مسافر الثقيفة، وهي ابنة عمّه، فلم يزل به العشق حتّى صار كالشّن البالي. فلمّا اشتدّ ما به، شكا أبوه إلى أبيها فزوّجها له، فحمل إلى دارها وفيه رمق، فلمّا دخل الدّار، قال: أوأنا بموضعٍ تسمع أسماء كلامي؟ قيل: نعم. فشهق شهقةّ قضى مكانه. فقيل لها: يا أسماء قد مات بغصّة. قالت: والله لأموتنّ بمثلها، ولقد كنت على زيارته قادرة فمنعني قبح ذكر الرّيبة، وسماجة الغيبة. وسقطت بالمرض، فلمّا اشتدّ بها، قالت لأخصّ نسائها: صوّري لي صورته، فإنّي أحبّ أن أزوره قبل موتي. ففعلت. فلمّا رأت الصّورة اعتنقتها وشهقت شهقةً قضت نحبها. فدفنت مع الفتى في قبرٍ واحدٍ.
وكتب على قبرهما:
بنفسي هما ما متّعا بهواهما ... على الدّهر حتّى غيّبا في المقابر
أقاما على غير التزاور برهةً ... فلمّا أصيبا قرّبا بالتزاور
فيا حسن قبرٍ زار قبراً يحبّه ... ويا زورةً جاءت بريب المقادر
أوصاف الهوى
العشق لسعةٌ من جنون
قال العتبي: قال أعرابيٌّ: إن لم يكن العشق ضرباً من السّحر إنّه لسعةٌ من الجّنون.
الهوى والطّلول
وسئلت أعرابيّةٌ عن الهوى، فقالت: هو الهوان غلطٌ باسمه، وإنّما يعرف ما نقول من أبكته المعارف والطّلول.
الهوى والنّار
وسئلت أعرابيّةٌ عن صفة الهوى، فقالت:
الحبّ أوّله ميلٌ تهيم به ... نفس المحبّ فيلقى الموت كاللعب
يكون مبدؤه من نظرةٍ عرضت ... أو مزحةٍ أشعلت في القلب كاللهب
كالنّار مبدؤها من قدحةٍ، فإذا ... تضرّمت أحرقت مستجمع الحطب
وأنشد لأبي جعفر الطّربخيّ:
ليس خطب الهوى بخطبٍ يسيرٍ ... لاينبّئك عنه مثل خبير
ليس أمر الهوى يدبّر بالرّأ ... ي ولا بالقياس والتّفكير
إنّما الحبّ والهوى خطراتٍ ... محدثات الأمور بعد الأمور
الهوى والبلاء



وقال أعرابيٌّ: إنّ الصّبر على الهوى أشدّ من الصّبر على البلاء، كما أنّ الصّبر على المحبوب أشدّ من الصّبر على المكروه.
الهوى والطّبيب
وليم بعض الحكماء على الهوى، فقال: لو كان لذي هوىً اختيارٌ لاختار أن لا هوىً. وأنشد لمجنون ليلى:
أصلّي فلا أدري إذا ما ذكرتها ... أثنتين صلّيت الضّحى أم ثمانيا
أراني إذا صلّيت أقبلت نحوها ... بوجهي وإن كان المصلّى ورائيا
وما بي إشراكٌ ولكنّ حبّها ... وعظم الجوى أعيا الطّبيب المداويا
الهوى والموت
وأنشد لأبي العتاهية:
لا بارك الله فيمن كان يخبرني ... أنّ المحبّين في لهوٍ ولذّات
لموتةٌ تأخذ الإنسان واحدةً ... خيرٌ له من لقاء الموت مرّات
الهوى وأغصانه
وأنشد لأعرابيٍّ:
وللحبّ أغصانٌ تراها نضيرةً ... وفي طعمها للعاشقين ذعاف
رأيت المنايا في عيون أوانسٍ ... تقتّلن أرواحاً وهنّ ضعاف
الهوى المتجدّد
وأنشد:
رأيت الحبّ نيراناً تلظّى ... قلوب العاشقين لها وقود
فلو كانت، إذا فنيت تقضّت ... ولكن مثل ما كانت تعود
كأهل النّار إذ فنيت جلودٌ ... أعيد من الشّقاء لهم جلود
سكينة بنت الحسين وعروة بن أذينة
وركبت سكينة بنت الحسين بن عليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنهم مع جواريها، فمرّت بعروة بن أذينة الليثي، وهو في فناء قصر ابن عتبة، فقالت لجواريها: من الشّيخ؟ فقلن لها : عروة. فعدلت إليه فقالت له: يا أبا عامر، تزعم أنّك لم تعشق قط وأنت تقول؟:
قالت: وأبثثتها وجدي فبحت به؛ ... قد كنت عندي تحت السّتر فاستتر
ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها: ... غطّي هواك وما ألقى على بصري.
كلّ ما ترى حواليّ من جوارٍ أحرارٍ إن كان خرج الكلام من قلبٍ سليمٍ.
أهل الدّعاوي الباطلة
وأمّا أهل الدّعاوي الباطلة، التي ليست أجسامهم بناحلة، ولا ألوانه بحائلة، ولا عقوله بذاهبة، فهم عند ذوي الفراسة، يكذبون، وعند ذوي الظّرف محرومون. فمن ذلك ما روى العبّاس بن الأحنف، قال: بينما أنا أطوف، إذ بثلاث جوارٍ أترابٍ، فلمّا أبصرنني، قلن هذا العبّاس. ودنت إليّ إحداهنّ، فقالت: يا عبّاس أنت القائل؟:
ماذا لقيت من الهوى وعذابه ... طلعت عليّ بليّةٌ من بابه
قلت: نعم. قالت: كذبت يا ابن الفاعلة، لو كنت كذلك كنت أنا. ثمّ كشفت عن أضاجع معراة من اللحم، فأنشأت تقول:
ولمّا شكوت الحبّ، قالت: كذبتني، ... فما لي أرى الأعضاء منك كواسيا!
فلا حبّ حتّى يلزق الجلد بالحشا ... وتخرس حتّى لا تجيب المناديا.
أحبّ قلبي وما درى بدني
ومن ذلك، ما روي عن إبراهيم بن المهدي قال: دخل عليّ المأمون فقال: بالله يا عم، هل عشقت قط؟ فقلت: نعم. يا أمير المؤمنين، وأنا السّاعة عاشقٌ. قال: وأنت على هذه الجثّة والجسم الكبير عاشق؟ فأنشأ يقول:
لأنّه أصفرٌ منخول ... وجه الذي يعشق معروف
إلى أن قال:
ليس كمن تلقاه ذا ... جثّةٍ كأنّه للذّبح معلوف
فأجابه إبراهيم:
وقائلٍ لست بالمحبّ ولو ... كنت محبّاً لذبت مذ زمن
أحبّ قلبي، وما درى بدني، ... ولو درى، ما أقام في السّمن
وهذان قد ادّعيا المحبّة ففضحهما شاهد النّظر ولم يجز إدّعاؤهما على ذوي المعرفة والنّظر. وقول إبراهيم أحبّ قلبي وما درى بدني من كثرة المحال أن يتعلّق القلب لسببٍ فيسلم الجسم منه على حالٍ، ولكنّه لاستحيائه من ادّعائه اعتذر، فقبح في اعتذاره. وأنشدني بعض المشايخ:
وقائلةٍ: ما بال جسمك لا يرى ... سقيماّ وأجسام المحبّين تسقم؟
فقلت لها: قلبي بحبّك لم يبح ... لجسمي، فجسمي بالهوى ليس يعلم!
والعرب تمدح أهل النّحول، وتذمّ أهل السّمن والجسوم، وتنفيهم عن الأدب، و تنسب أهل النّحول إلى المعرفة وحسن البيان، وأهل السّمن إلى الغباوة وبعد الأذهان.
البطنة تذهب الفطنة



زعموا أن من غلب عليه البلغم غلظ جسمه، وكبر شحمه، وزاد لحمه، وقلّ فهمه، وطال نسيانه، وتعقّد لسانه، لغلبة البلغم على قلبه والرّطوبة على لبّه. ومن كان أغلب مزاجه المرة جفّ جسمه، وقلّ لحمه، وصحّ ذهنه، ودقّ فهمه. وأنّه يستدلّ بها على أحسن أدب ذوي الألباب، وصحّة أذهان ذوي الآداب. لا تكاد تخطي به الفراسة، ولا تكذب فيه الدّلالة لما أخبرتك من غلبة أحد المزاجين على صاحبه واستقراره في مركبه. وربّما أنجب السّمن، وخاب الهزال. ولا يكون ذلك إلا في الفرد النّادر من الرّجال ومن أمثلة العرب في ذلك: " البطنة تذهب الفطنة. "
المغنّية محبوبة والمتوكّل
قال عليّ بن الجّهم: لمّا أفضت الخلافة إلى جعفر المتوكّل على الله، أهدي إليه ابن طاهر من خراسان هديّةً جليلةً فيها جوارٍ، منهنّ جاريةٌ يقال لها محبوبة كانت قد نشأت بالطّائف، وكان لها مولىً قد عنى بها، فبرعت في فنون الأدب، وأجادت الشّعر. وكانت راويةً ظريفةً، مجيدةً للغناء. فقربت من قلب المتوكّل. وغلبت عليه. قال: فخرج عليّ يوماً، وقال لي: يا علي، دخلت السّاعة على قينة وقد كتبت بالمسك على خدّها جعفراً، فما رأيت أحسن منه، فافعل فيه السّاعة شعراً. فأخذت الدّواة والقرطاس، فانقفل عليّ، حتّى كأنّي ما عملت بيتاً قط فقلت: يا أمير المؤمنين، لو أذنت لمحبوبة أن تقول شيئاً عسى أن ينفتح لي. فأمرها، فقالت مسرعةً، وأخذت العود فجسته، وصاغت لحناً، واندفعت وغنّت:
وكاتبةٍ بالمسك في الخدّ جعفراً، ... بنفسي خطّ المسك، من حيث أثرّا
لئن أودعت سطراً من المسك خدّها، ... لقد أودعت قلبي من الشّوق أسطرا.
فاعجب لمملوكٍ يظلّ مليكه ... مطيعاً له فيما أسرّ وأجهرا
قال عليّ: وغضب عليها مرّة، وكان لا يصبر عنها، فأمر جواري القصر أن لا تكلّمها واحدةً منهنّ. فكانت في حجرتها أيّاماً، وقد تنغّص عيشه لفراقها، فبكرت عليه يوماً، فقال: يا علي. قلت لبّيك يا أمير المؤمنين. قال: رأيت الليلة في منامي كأنّي رضيت عن محبوبة فصالحتها وصالحتني. فقلت: خيراً يا أمير المؤمنين، أقرّ الله عينك وسرّك. إنّما هي عبيدتك، والسّخط والرّضا بيدك، فوالله، إنّا لفي حديثنا إذ جاءت وصيفةً، فقالت: يا أمير المؤمنين سمعت صوت عودٍ من غرفة محبوبة. قال: فقم بنا يا عليّ ننظر ما تصنع، فنهضنا حتّى أتينا حجرتها، فإذا هي تضرب العود وتغنّي:
أدور في القصر، لا أرى أحداً ... أشكو إليه، ولا يكلّمني
كأنّني قد أتيت معصيةً، ... ليست لها توبةٌ تخلّصني.
فهل شفيعٍ لنا، إلى ملكٍ، ... قد زارني في الكرى فصالحني،
حتّى إذا ما الصّباح لاح لنا، ... عاد إلى هجره فصادمني.
قال: فصاح أمير المؤمنين، وصحت معه. فتلقته وأكّبت على رجله تقبّلها، فقال: ما هذا؟ فقلت: يا مولاي رأيت في ليلتي هذه كأنّك صالحتني، فتعلّلت بما سمعت. قال: فأنا والله قد رأيت مثل ذلك. وقال: يا عليّ أرأيت أعجب من هذا وكيف اتّفق ورجعنا إلى الموضع الذي كنّا فيه. واصطلح. وما زالت تغنّيه هذه الأبيات يومنا ذلك. وازدادت حظوتها عنده حتّى كان من أمره ما كان. فتفرّقت جواريه، فصارت محبوبة إلى الوصيف الكبير، فما زالت باكيةً حزينةً، فدعاها يوماً مع من صار إليه من جواري المتوكّل فأمرهنّ فغنّين. ثمّ أمرها فاستعفته فأبى، فقلن لها: لو كان في حزننا فرحٌ لطال حزننا معك. وجيء بعودٍ فغنّت به:
أيّ عيشٍ يلذّ لي ... لا أرى فيه جعفرا
كلّ من كان ذا ضناً ... وسقامٍ فقد برا
غير محبوبة التي ... ترى الموت يشترى
من أحاديث بني عذرة



ومن ذلك ما حكى جميلٌ بن معمر العذري: أنّه دخل على عبد الملك بن مروان، فقال له: يا جميل حدّثني ببعض أحاديث بني عذرة. فإنّه بلغني إنّهم أصحاب أدبٍ وغزلٍ. قال: نعم يا أمير المؤمنين، أعلمك أنّ آل بثينة انتجعوا عن حيّهم، فوجدوا النّجعة بموضع نازح فظعنوا، فخرجت أريدهم، فبينما أنا أسير إذ غلطت الطّريق وأجنّني الليل فلاحت لي نارٌ، فقصدها حتّى وردت على راعٍ في أصل جبل قد انحنى عنه إلى كهفٍ فيه، فسلّمت، فردّ عليّ السّلام، وقال: أظنّك قد غلطت الطّريق؟ فقلت: أجل. فقال: انزل وبت الليلة فإذا أصبحت وقفت على القصد فنزلت فرحب بي وأكرمني وذبح شاة، وأجّج ناره، وجعل يشوي ويلقي بين يدي، ويحدّثني في خلال ذلك. ثمّ قام بإزارٍ كان معه فوضع به جانب الخبا ومهّد لي محلّاً خالياً فنمت.
فلمّا كان في الليل سمعته يبكي إلى شخصٍ كان معه، فأرقت له ليلتي. فلمّا أصبحت طلبت الإذن فأبى، وقال: الضّيافة ثلاث. فجلست وسألته عن اسمه ونسبه وحاله، فانتسب فإذا هو من بني عذرة، من أشرفهم. فقلت: وما الذي جاء بك إلى هذا؟ فأخبرني أنّه كان يهوى ابنة عمٍّ له، وأنّه خطبها من أبيها فأبى أن يزوّجها إيّاها لقلّة ذات يده، وأنّه تزوّجها رجلٌ من بني كلاب وخرج بها عن الحي، وأسكنها في موضعه. وأنّه رضي أن يكون لزوجها راعياً حتّى تأتيه ابنة عمّه فيراها. وأقبل يشكو قديم عشقه لها، وصبابته بها حتّى أتى المساء، وحان وقت مجيئها. فجعل يتقلقل ويقوم ويقعد، ثمّ وثب قائماً على قدميه، وأنشأ يقول:
ما بال ميّة لا تأتي كعادتها ... أعاجها طربٌ أو صدّها شغل
لكنّ قلبي عنكم ليس يشغله ... حتّى الممات وما لي غيركم أمل
لو تعلمين الذي بي من فراقكم ... لما اعتذرت، ولا طابت لك العلل
نفسي فداؤك، قد أحللت بي سقماً ... تكاد من حرّه الأعضاء تنفصل
لو أنّ ما بي من سقمٍ على جبلٍ ... لزال وانهدّ من أركانه الجبل
ثمّ قال لي: اجلس، يا أخا بني عذرة، حتّى أكشف خبر ابنة عمّي. ثمّ مضى فغاب عن بصري، فلم ألبث أن أقبل وعلى يديه محمول، وقد علا شهيقه ونحيبه، فقال: يا أخي هذه ابنة عمّي أرادت زيارتي فاعترضها الأسد فأكلها. ثمّ وضعها بين يديّ، وقال: على رسلك، حتّى أعود إليك. فغاب عن نظري فأبطأ، حتّى آيست من رجوعه، فلم ألبث أن أقبل ورأس الأسد على يديه فوضعه ثمّ، قال: يا أخي إنّك ستراني ميّتاً فاعمد إليّ وإلى ابنة عمّي فأدرجنا في كفنٍ واحدٍ، وأدفنّا في قبرٍٍ واحدٍ، واكتب على قبرنا هذين البيتين:
كنّا على ظهرها والعيش في مهلٍ ... والشّمل يجمعنا والدّار والوطن
ففرّق الدّهر بالتّصريف إلفتنا ... فصار يجمعنا في بطنها الكفن
وردّ الغنم إلى صاحبها، وأعلمه بقصّتها.
ثمّ عمد إلى خناقٍ وطرحه في عنقه، فناشدته الله لا تفعل، فأبى وخنق نفسه حتّى مات. فلمّا أصبحت كفّنتهما ودفنتهما وكتبت الشّعر كما أمر، ورددت الغنم إلى صاحبها وأعلمته بقصّتهما، فحزن حزناً خفت عليه الهلاك أسفاً على ما فرّط من عدم اجتماعهما.
طعم العشق
وقد روي عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، قال: كنّا عند عروة بن الزّبير وعنده رجلٌ من بني عذرة. فقال له: يا عذري بلغني أنّ فيكم رقّةً وغزلاً فأخبرني ببعض ذلك؟ فقال: لقد خلف في الحيّ ثلاثين مريضاً ما بهم داءٌ إلاّ الحب قد خامر قلوبهم وأنّ فيه من المرارة والنّكد والكمد ما هو مستعذبٌ عند أربابه، مستحسنٌ عند أصحابه، حلوٌ لا تعدّ له حلاوةٌ، ومرٌّ لا تعدّ له مرارةٌ. قال الكميت بن زيد في ذلك:
الحبّ فيه حلاوةٌ ومرارةٌ ... سائلٌ بذلك من تطعّم أو ذق
ما ذاق بؤس معيشةٍ ونعيمها ... فيما مضى أحدٌ إذا لم يعشق
وقال آخر:
يا أيّها الرّجل المعذّب بالهوى ... إنّي بأحوال الهوى لعليم
الحبّ صاحبه يبيت مسهّداً ... فيطير منه فؤاده ويهيم
والحبّ داءٌ قد تضمّنه الحشا ... بين الجوانح والضّلوع مقيم
والحبّ لا يخفى وإن أخفيته ... إنّ البكاء على الحبيب يدوم



والحبّ فيه حلاوةٌ ومرارةٌ ... والحبّ فيه شقاوةٌ ونعيم
والحبّ أهون ما يكون مبرّحٌ ... والحبّ أصغر ما يكون عظيم
وأنشدني أحمد بن يحيى:
سلني عن الحبّ يا من ليس يعلمه ... ما أطيب الحبّ لولا أنّه نكد
طعمان حلوٌ ومرٌّ ليس يعدله ... في حلق ذائقه مرٌّ ولا شهد
وأنشد أبو الطّيّب:
سلني عن الحبّ يا من ليس يعلمه ... عندي من الحبّ إن ساءلتني خبر
إنّي امرؤٌ بالهوى ما زلت مشتهراً ... لاقيت فيه الذي لم يلقه بشر
الحبّ أوّله عذبٌ مذاقته ... لكنّ آخره التّنغيص والكدر
عروة بن حزام يموت ملوّعاً
وذكر ابن عتيق، قال: بينما أنا أسير في أرض بني عذرة، إذ أنا ببيتٍ جديدٍ، فدنوت منه، فإذا بعجوزٍ تعلّل شابّاً قد نهكته العلّة، وبانت عليه الذّلّة. فسألتها عن خبره، فقالت: هذا عروة بن حزام. فدنوت منه، فسمعته يقول:
من كان من إخواننا باكياً لغدٍ ... فاليوم، أنّي أراني اليوم مقبوضا
فقلت: أنت عروة بن حزام؟ قال: نعم، الذي أقول:
جعلت لعرّاف اليمامة حكمه ... وعرّاف نجدٍ إن هما شفياني
فقالا: نعم، تشفى من الدّاء كلّه. ... وقاما مع العوّاد يبتدراني.
فما تركا من سلوةٍ يعلمانها، ... ولا شربةٍ إلاّ وقد سقياني.
فقال: شفاك الله، والله مالنا، ... بما حملت منك الضّلوع، يدان
فويلي على عفراء ويلاً كأنّه ... على النّحر والأحشاء حدّ سنان،
فعفراء أصفى النّاس عندي مودّةً ... وعفراء عندي المعرض المتواني.
ثمّ شهق شهقةً توهّمت أنّها غشية فتنحّيت عنه، ودنت العجوز فوجدته قد قضى نحبه. فما برحنا حتّى دفنّاه.
لا ذنب على أهل الهوى
وبلغ العشق أيضاً مجنون عامر إلى ما ذكرناه في موضعه. قال بعضهم: سمعت أعرابيّةً تطوف وهي تقول اللهمّ مالك يوم القضا، وخالق الأرض والسّماء، ارحم أهل الهوى، وأنقذهم من عظيم البلا، فإنّك تسمع النّجوى، قريبٌ لمن دعا. ثمّ أنشأت تقول:
يا ربّ إنّك ذو منٍّ وذو سعةٍ ... دارك بعافيةٍ منك المحبّينا
الذّاكرين الهوى من بعد ما رقدوا ... حتّى نراهم على الأيدي مكبّينا
فقلت لها: يا هذه أيقال هذا في الطّواف؟ فقالت: إليك عنّي، لا يرهقك الحبّ. فقلت: وما الحبّ؟ فقالت: جلّ أن يخفى، ودقّ على أن يرى: له كمونٌ ككمون النّار في الحجر، إن قدحته أروى، وإن تركته توارى. قال: فتبعتها حتّى عرفت منزلها، فلمّا كان من غدٍ جاء مطرٌ شديدٌ فمررت ببابها وهي قاعدةٌ مع أترابٍ لها، وهنّ يقلن لها: أضرّ بنا المطر، ولولا ذاك لخرجنا إلى الطّواف فأنشأت تقول:
قالوا أضرّ بنا السّحاب بقطره ... لمّا رأزها بعبرتي تحكي،
لا تعجبوا ممّا ترون، فإنّما ... تلك السّماء لرحمتي تبكي.
وقد زعم قومٌ أنّه لا ذنب على أهل الهوى، ولا وزر على ذوي الضّنا. إنّ خطاياهم تنمحي عنهم لطول بلائهم، وكثرة شقائهم،ولما يلقون من القلق، ويعانون من الأرق.
لو أدرك عمر عفراء وعروة لجمعهما
أبو الحسن الميداني عن الأصمعيّ قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: لو أدركت عفراء وعروة، لجمعت بينهما.
العرجيّ المحتال



قال الزّبير بن بكار: كان العرجيّ وهو عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، يعشق أمّ الأوقص المخزومي القاضي، وهي امرأةٌ من بني تميم، فكان يتعرّض لها، فإذا رأته رمت بنفسها وتستّرت منه. فمرّ بها يوماً وهي في بعض نسوةٍ وهنّ يتحدّثن، فعرفها فأحبّ أن يراها عن قربٍ، فعدل عنها ولقي أعرابيّا راكباً معه لبنٌ رطبٌ، فدفع دابّته وثيابه وأخذ قعوده ولبنه، ولبس ثيابه، ثمّ أقبل على النّسوة. فصحن يا أعرابيّ: عندك لبن؟ قال: نعم ومال إليهنّ، وجلس يتأمّل التّميميّة وينظر أحياناً إلى الأرض كأنّه يطلب شيئاً. وهنّ يشربن من اللبن، فقالت له امرأةٌ منهنّ: أيّ شيءٍ تطلب يا أعرابيّ أضاع منك في الأرض؟ قال: نعم قلبي: فلمّا سمعت التّميميّة كلامه نظرت إليه، وكان أزرق، فعرفته، وقالت: ابن عمر، وربّ الكعبة. ووثبت فسترها نساؤها، وقلن له انصرف عنّا، لا حاجة لنا إلى لبنك. فمضى منصرفاً.
أهل العشق صحيح مساكين
قال العتبيّ: سمعت أعرابيّةً تقول: مسكين العاشق، كلّ شيءٍ عدوّه: هبوب الرّيح تقلقه، ولمعان البرق يؤرقه، ورسوم الدّيار تحرقه، والعذل يؤلمه، والتّذكير يسقمه. إذا دنا الليل منه هرب النّوم عنه، ولقد تداويت بالقرب والبعد فما أنجح فيه دواء. ولقد أحسن الذي يقول:
بكلٍّ تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أنّ قلب الدّار خيرٌ من البعد
داؤهما دواؤهما
وقال أعرابيٌّ: إنّ لي عيناً دموعاً، وقلباً مروّعاً، فماذا يصنع كلّ واحدٍ منهما بصاحبه مع أنّ داؤهما دواؤهما، وسقمهما شفاؤهما.
البعيدة القريبة
وذكر أعرابيٌّ وجده بامرأةٍ فقال: ما ازدادت منّي بعداً إلاّ ازددت بها قرباً.
بعدها دهرٌ والسّاعة شهرٌ
وذكر أعرابيٌّ امرأةً كان يواصلها في شبابه، فقال: ما كانت أيّامي معها إلاّ كأباهيم القطا قصرا، ثمّ طالت بعدها شوقاً إليها، وأسفاً عليها، فاليوم بعدها دهر، والسّاعة شهر.
رعت لعيسى الودّ
قال أبو بكر بن دريد: كانت امرأةٌ من لخمٍ يقال لها سعدى تهوى ابن عمٍّ لها، يقال له عيسى. فلمّا خشي أهلها الفضيحة قالوا لها: إن نطقت فيه بشعرٍ قطعنا لسانك. فعندها قالت:
خليليّ إن أصعدتما أو هبطتما ... بلاداً هوى نفسي بها فأذكرانيا
ولا تدعا إن لامني ثمّ لائمٌ ... على سخط الواشين أن تعذرانيا
فقد شفّ جسمي بعد طول تجلّدي ... أحاديث عن عيسى تشيب النّواصيا
سأرعى لعيسى الودّ ما هبت الصّبا ... وإن قطعوا في ذاك عمداً لسانيا.
الطّلاق بين سعة الثّقبة وسرعة الإنزال
طلّق أعرابيٌّ امرأته: فقالت: لم طلّقتني؟ فقال: لأنّك واسعة الثّقبة، حديدة الرّكبة خفيفة الوثبة. فقالت له: وأنت سريع الإراقة، بطيء الأفافة، ثقيلٌ بين اليدين، خفيفٌ بين الرّجلين.
لبنى وقيس بن ذريح
وطلّق قيس بن ذريحٍ امرأته لبنى فندم على ذلك، وقال:
فواكبدي على تسريح لبنى ... فكان فراق لبنى كالخداع
تكنّفني الوشاة فأزعجوني ... فيا للنّاس للواشي المطاع
فأصبحت الغداة ألوم نفسي ... على أمرٍ وليس بمستطاع
كمغبونٍ يعضّ على يديه ... تبيّن غبنه بعد البياع
الحجّاج وابنة عبد الله بن جعفر
وتزوّج الحجّاج ابنة عبد الله بن جعفر، فلمّا دخلت عليه نظر إليها وعبرتها تجود على خدّها، فقال لها: بأبي وأمّي، ممّ تبكين؟ فقالت: من شرفٍ اتّضع، ومن ضعةٍ شرفت. فلمّا كتب إليها عبد الملك بن مروان بطلاقها، قال لها: إنّ أمير المؤمنين امرني بطلاقك. قالت: هو والله أبرّ بي ممّن زوّجك إباي. فلمّا مات أبوها لم تبك عليه، فقيل لها في ذلك، فقالت: والله أنّ الحزن ليبعثني، وإنّ الغيظ ليصمتني.
زينب بنت مرّة والمغيرة
وكانت زينب بنت مرّة عند ابن تميم لها يقال له المغيرة فجرى بينهما عتاب فطلّقها ثلاثاً فقالت:
يا أيّها الرّاكب الغادي مطيّته ... عرج أبثّك عن بعض الذي أجدّ
ما عالج النّاس من وجدٍ ومن كمد ... إلاّ وجدت به فوق الذي وجدوا
حسبي رضاه، وإنّي في مسرّته ... وودّه آخر الأيّام اجتهد.
الإثم لها في الآخرة



كانت عند رجل امرأةٌ يقال لها أم مالك وكان بها معجباً. فأقسمت عليه أمّه أن يطلّقها، فذهب عقله، ونحل جسمه. فحضره الموت، فدخلت عليه أم مالك تعوده، فلمّا ولّت قال لأمّه: يا عجوز ليهنك فقد ابنك في الدّنيا، والإثم لك في الآخرة. ثمّ أنشأ أن يقول:
لنا حاجةٌ في آل مروان دونها ... من النّفر الغرّ الوجوه قبيل
فمت كمداً إنّ كان يومك قد أتى ... أو اصبر على ما خلّيت فقليل
فلمّا خرجت عنه، فاضت نفسه. وما وصلت إلى منزلها حتّى سقطت ميّتة.
ولات ساعة مندمٍ
قال إبراهيم بن عقبة: طلّق أعرابيٌّ امرأته وحمله على ذلك عقله فندم. وأنشأ يقول:
إذا ذكرت ليلى ترقرق دمعه ... كأن لم تكن عينٌ بها قبل قرّت
وإنّ ثلاثاً منك لو تعلمينه ... دنت دون حلو العيش حتّى أمرّت
راودها عن نفسها ثمّ تزوّجها
أبو العيناء، عن أبي حمزة الغسّاني قال: نزل أعرابيٌّ من بني أسد ببيت أعرابيّةٍ من بني تميم ضيفاً، فأتته بقرىً حاضرٍ، وماءٍ باردٍ. فجعل ينظر إليها من وراء السّتر، ثمّ راودها عن نفسها، فقالت له: يا هذا أما يقرّعك الإسلام والكرم؟ كل، وإن أردت غير ذلك فارتحل. فقال لها: زوّجيني إذاً نفسك. فقالت له: الأولياء يزوّجونك. فخاف أن لا يزوّجوه للعداوة بين الحيّين، فانتسب إلى بني عذرة فزوّجوه فأقام عندهم زماناً. ثمّ علموا أنّه أسدي فقالوا له: والله إنّك لكفءٌ كريمٌ، ولكن نكره أن تنكح فينا وأنت حربٌ لنا، فحل عن صاحبتنا. وكان يحبّها حبّاً شديداً فطلّقها، وقال:
أحبّك يا عم حبّ الحياة ... ونيل المنى وبلوغ الظّفر
ويعجبني منك عند الّلقاء، ... حياء الكلام، وموت النّظر
ونائي الجبين، شديد البياض، ... كثيف الجوانب، مثل القمر.
له وهجٌ كضرام الحريق، ... يكاد يمزّق جلد الذّكر
قال أبو ذكوان: لم تقل العرب فيما يريده الرّجال من النّساء أحسن من هذا.
عرضوا عليه زواج البصريّة فأبى
قال: خرج محمّد بن المشيري الخارجي إلى البصرة في طلب ميراثٍ له، وبها نفرٌ من قومه. فأقام بها حولاً ينشدهم ويحدّثهم. وكانت امرأةٌ منهم ذات جمالٍ ومالٍ لا يطمع فيها أحد. فقالوا له: يا أبا سلمان هل لك في امرأةٍ منّا، سيّدةٌ في قومها جمالاً وعقلاً، وعفافاً، ورأياً، قد سمعت بمقدمك، فذكرت لها، فزعمت أنّك طلّقت زوجتك التي خلّفتها في بلدك فرغبت فيك، فإن أحببت أقمت عندنا فيما ترى من طيّب بلادنا وربعنا، وعلينا صداقك، وما تحتاج إليه؟ فأقبلوا به وأدبرّوا واجتهدوا فأبى عليهم، وقال في ذلك:
أسائلٌ بالعراق فراق سعدٍ ... ولا تبدي ولا يراها الفراق
لئن ربح الفراق لهجر سعدى ... عليّ أشدّ ما ربح الفراق
إذا عدلوا أقول لهم: لسعدى ... خلائقٌ لا يحلّ لها الطّلاق
حرامٌ أن يقول نساء قومٍ ... تركتك أو تحدث بي الفراق
أهكذا تجازى النّساء؟!
سمعت أعرابيّةٌ تقول لزوجها: يا مفلس، يا قرنان، فقال لها: إن كان ما ذكرت حقاً فواحدةٌ من الله، وأخرى منك، يا زانية، وأنت طالقٌ ثلاثاً.
حرها واسع
خاصمت امرأةٌ زوجها، فطلّقها فقالت له: يا هذا، لم طلّقتني وقد كنت لك ناصحةً، وعليك شفيقةً، وما فيّ عيبٌ إلاّ ضيقٌ بجبهتي؟ فقال لها زوجها: لو كان الضّيق في حرك ما طلّقتك أبداً! .
الأهوازيّة أشدّ ذكاءً



كانت لرجلٍ في الأهواز ضيعةٌ بالبصرة، وكان يتعاهدها في حين الانتفاع بالثّمار. فتزوّج بها امرأةً، وانتهى الخبر إلى امرأته الأهوازيّة فاستخرقت كتاباً على لسان بعض إخوانه بالبصرة يعزيه في البصريّة و يقول: إلحق المال الذي خلّفت ولا تتأخّر. وأعطت الكتاب لبعض الملّاحين وجعلت له جعلاً. فلمّا وصل الكتاب إلى زوجها وجد لموتها وجداً عظيماً، وقال للأهوازيّة: أصلحي لي سفرتي، فإنّي راكبٌ إلى البصرة. ففعلت، فلمّا أصبح الغد ركب فرسه، وأعطته السّفرة، ثمّ قبضت على عنان فرسه وقالت له: ما تكثر اختلافك إلى البصرة إلاّ ولك بها امرأةً تزوّجتها؟ فقال لها: والله مالي بالبصرة امرأةٌ. للذي وقف عليه من الكتاب. فقالت له: لست أدري ما تقول؛ وإنّما تحلف وتقول أيّ امرأةٍ لي غيرك طالقٌ ثلاثاً بقول جميع المسلمين؟ فللذي وقف عليه الرّجل من موت البصريّة قال في نفسه: تلك ماتت، فلم أغير صدر هذه: فقال لها: كلّ امرأةٍ لي غيرك في جميع الأقاليم فهي طالقٌ ثلاثاً بقول جميع المسلمين. فقالت له: لا تتعبن فقد طلّقت الحبيبة. فندم الرّجل، وأسقط ما في يديه.
شعر قيسٍ بعد زواج ليلى
ولمّا تزوّجت ليلى صاحبة قيس بن الملوّح، هام على وجهه مع الوحش، وكان يقول:
لها في سواد القلب تسعة أسهمٍ ... وللنّاس في ذاك المكان عشير
ولست بمحصٍ حبّ ليلى لسائلٍ ... من النّاس إلاّ من يقول كثير.
وتنشر نفسي بعد موتي لذكرها، ... فموت نفسي مرّةُ ونشور.
أتاني بعد ظهر الغيب أن قد تزوّجت، ... فكادت بي الأرض البراح تمور
فقلت، وقد أيقنت أن ليس بيننا ... تلاقٍ، وعيني بالدّموع تفور:
لئن كان تبدي برد إيمانها العلى ... لأفقر منّي أنّني لفقير.
فما أسرع الأخبار أن قد تزوّجت، ... فهل يأتينني بالطّلاق. تشير؟
أيريده فحلاً لبناته
حكى إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال: كانت أمّ عبد الملك بن سعيدٍ بن خالدٍ بن عمرو، عند الوليد بن يزيد بن عبد الملك. فمرض سعيدٌ، وهو بالبادية، فعاده، فدخل عليه وعنده أختها سلمى، فستروها، فرأى منها لمحةً ثمّ قامت، فرأى طولها فطلّق أختها وخطبها، فلم يزوّجه إيّاها وكانت أختها أمّ عثمان عند هشامٍ بن عبد الملك، فبعث إلى أبيها: إيّاك أن تزوّج الوليد، تريده أن تتّخذه فحلاً لبناتك يطلّق واحدةً ويتزوّج أخرى؟ فأبى أن يزوّجه. فقال الوليد: العجب من سعيدٍ، خطبت إليه فردّني، ولو قد مات هشامٌ واستخلفت لزوّجنيها، فإن زوّجتها فهي طالق، وإن كنت أهواها. وقد ذكرنا حديثه مستقصىً في موضعه من هذا الكتاب.
هي طالقٌ ألف مرّة
خاصمت امرأةٌ زوجها إلى المطّلب بن حبط المخزومي قاضي المدينة، وكانت قالت له: أسأت إليّ وأوجعتني، ووالله ما أستطيع، فإنّ بنتك تمسي من الجوع والجهد وما أقمن إلاّّ على الوطن. فقال: أنت طالقٌ إن كان لا يقمن إلاّّ على الوطن! فأخبرت القاضي بما قالت، وبما قال. فقال القاضي: بطلب المقادير، وربّ الكعبة، إنّ الأيّل ليكون بالمكان الجدب الخسيس المرعى فتقيم فيه بحبّ الوطن. فقال الزّوج: كأنّ المسألة، أصلح الله القاضي، أشكلت عليك هي طالقٌ ألف مرّة.
طلّقها وندم
وطلّق عليٌّ بن منظور امرأته فندم عليها ندماً شديداً، فقال:
ما للطّلاق فقدته ... وفقدت عاقبة الطّلاق
طلّقت خير خليلةٍ ... تحت السّموات الطّباق
وأحبّت امرأة الأعرابيّ أن تفارقه فقال:
تمنّين الطّلاق وأنت منّي ... بعيشٍ مثل مشرفة الجمال
أحبّ إليه ليلةً طلّق فيها نساؤه
قال خالد بن صفوان: ما بتّ ليلةً أحبّ إليّ من ليلةٍ طلّقت فيها نسائي، فأرجع والسّتور قد هتكت ومتاع البيت قد نقل. فبعثت إليّ بنتي سليلة فيها طعامٌ، وبعثت الأخرى إليّ بفراشٍ أنام عليه.
أو ضيق الفرج أو الطّلاق
وقيل لامرأةٍ كانت تطلّق كثيراً: ما لك تطلّقين أبداً؟ قالت: يريدون الضّيق، ضيّق الله عليهم قبورهم.
طلّقها ثلاثاً
وقال أعرابيٌّ لامرأته:
أنوّهت باسمي في العالمين ... وأفنيت عمري عاماً فعاما



فأنت الطّلاق وأنت الطّلا ... ق وأنت الطّلاق ثلاثاً توأما
حلاوة الجماع
عن عروة بن الزّبير، عن عائشة، رضي الله عنها: أنّ امرأة رفاعة أتت إلى النّبيّ، صلّى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إنّ رفاعة طلّقني، فبتّ طلاقي، وإنّي تزوّجت بعده بعبد الرّحمن بن الزّبير وما معه إلاّ مثل هدبة الثّوب، فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة! لا، حتّى تذوقي عسيلة الزّوج الثّاني ويذوق عسيلتك.
طلّقها عدد شعر مؤخّرتها
دخل مدنيٌّ البصرة، فزوّج فيها امرأةً: ثمّ حصل بينهما شرٌّ، فقال لها: أنت طالقٌ عدد شعر أسّتك. فقالت: قاتلكم الله يا أهل المدينة تسرّعون الطّلاق وتؤثرون الخلاق.
يلتمسون الضّيق ضيّق الله عليهم
قال عبد الرّحمن بن حسّان بن ثابت لعطاءٍ بن صيفيّ الثّقفيّ: لو أصبت ركوةً مملوءةً خمراً بالبقيع ما كنت صانعاً بها؟ قال: أفرّقها في بني النّجّار فإنّها لا تعدوهم. ولكن أخبرني، أيّهما أكبر جدّك ثابت أم جدّتك فريعة؟ قال لا أدري. قال عطاء: الفريعة كانت أكبر، وقد تزوّجتها قبله أربعة أزواجٍ كلّهم يلقاها بمثل ذراع البكر ثمّ يطلّقها. فقيل لها: يا فريعة، لم تطلّقين وأنت بمثل هذا الجمال؟ قالت: يلتمسون الضّيق، ضيّق الله عليهم.
مكابدة العفّة ايسر من الاحتيال
وطلّق أعرابيٌّ زوجته، فقيل له: ألا تتزوّج بعدها؟ فقال: مكابدة العفّة، أيسر من الاحتيال بمصلحة العيال.
ضرط فسخرت منه فطلّقها
تزوّج الفضل بن قطن الحارثيّ ابنة المهلّب بن أبي صفرة. فجلس معها يشرب، فأراد الافتخار عليها فقال:
إن كنت ساقيةً يوماً على كرمٍ ... كأس المدام فأسقيها بني قطن
ثمّ إنّه تحرّك فضرط. فقالت: وأسقي هذه بني قطن أيضاً؟ فخجل وقال: إذهبي فأنت طالق.
طلّقها فتزوّجت رجلاً دميماً
وطلّق عطيّة بن أشجع محجوبة بنت عبد الله، امرأته فزوّجت رجلاً دميماً فقال في ذلك:
لعمري أبي سلمى، ولست بشامتٍ ... بسلمى، فقد أمست بها النّعل زلّت.
وليس لمغفورٌ لسلمى ذنوبها ... وإن هي صامت كلّ يومٍ وصلّت،
ولو ركبت ما حرّم الله لم يكن ... بأعظم عند الله ممّا استحلت؟
الكاذبة الفاجرة الضّارطة
كانت لبعض الصّالحين امرأةً تبغضه، فكان إذا نهاها عن أمرٍ دعت الله أن يريحها منه، وأن يعجّل طلاقها، فأضجرته يوماً فطلّقها، فسجدت لله شكراّ، فقال الرّجل: اللهمّ إنّها وضعت إليك فما ّكاذباً، ووجهاً وقاحاً، ورفعت أستاً مجاهرةً بالفحشاء فاجرةً. فوثب سنور في البيت فأفزعها، فضرطت، فقال: الحمد لله الذي سهّل فرقتك وعجّل فضيحتك.

________________________________________________
ليلى وقيس بن الملوح 12107010_906912522734669_1561722651500059538_n
avatar
ناجح المتولى
عدد المساهمات : 0
نقاط : 3751
تاريخ التسجيل : 13/01/2014

ليلى وقيس بن الملوح Empty رد: ليلى وقيس بن الملوح

الجمعة 12 أغسطس 2011, 19:14
ليلى وقيس بن الملوح 119253_1287752727
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى