- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28461
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
من صيرة العشق إلى الأخلاط والجنون
الخميس 11 أغسطس 2011, 23:19
أخبار النساء
باب يذكر فيه من صيّره العشق إلى الأخلاط والجّنون
خبر فورك المجنون
قال بعضهم: مررت بفورك المجنون وقد أتاه أهله بطبيبٍ، يقال له عبد العزيز، ليعالجه. فسملت وقلت: ما خبرك يا أبا محمّد؟ فقال: خبري والله مع هؤلاء المجانين ظريفٌ. أنا عاشقٌ وهم يظنّون بي جنّة وقد أتوني بهذا الطّبيب ليعالجني. ثمّ أنشأ يقول:
أتوني بالطّبيب فعالجوني ... على أن قيل مجنونٌ غريب
طبيب الأجر فيه عساه يوماً ... من الأيّام يعقل أو يتوب
وما صدقوا الفتى محوي قلبي ... أجلّ من أن يعالجه الطّبيب
وما بي جنّةٌ لكنّ قلبي ... به داءٌ تموت به القلوب
وما عبد العزيز طبيب قلبي ... ولكنّ الطبيب هو الحبيب
خبر المجنون أبي عبد الله
وقال آخر: مررت بمجنونٍ بيده قصبةٌ وفيها عذبةٌ، وهو يقول:
إذا ما رايةٌ رفعت بنجدٍ ... تلقّاها عرابة باليمين
قال فأخذت بيد الغلام الذي كان يتعشّقه فوقفت بين يديه، فقال له: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ فقال في ساعةٍ بديهةٍ:
أصبحت منك على شفا جرفٍ ... متعرّضاً لموارد التّلف
وأراك نحوي غير ما ثقةٍ ... متحرّفاً من غير منحرف
يا من أطال بصدّه أسفي ... كلفي عليك أشدّ من أسفي
فورك في جماعة من الصّبيان
وقال بعضهم: اجتزت بفورك المجنون وهو في جماعةٍ من الصّبيان راكبٌ قصبةً، وهو يقول: من كان عاشقاً منكم فيقف في الميمنة، ومن كان معشوقاً فليقف في الميسرة. ووقف هو في القلب، ففكّر وقال:
إلى من أشتكيك إلى من ... إلى كم ترى في قصّتي غير محسن
إلى كم يدوم الهجر والعتب بيننا ... سألتك بالرّحمن ألاّ رحمتني
فيا لائمي في أحمد لو رأيته ... لما لمتني في حبّه، وعذرتني
أتعجب أن قالوا بفورك جنّة ... بنفسي ومالي من هواه أجنني
ثمّ قال: احملوا على بركة الله. فحملت الميمنة على الميسرة، وأخذ كل عاشقٍ معشوقه.
قال ولقيته في يوم خميسٍ في جماعةٍ من الصّبيان، منصرفاً. من تشييع غلامٍ كان يحبّه، وهو يحدّثهم ويلطم خده ويقول: ما أحرّ الفراق؟ فقلت: يا أبا محمّد، من أين أقبلت؟ قال: من تشييع الحجّاج. وبكى، وقال:
هم رحلوا يوم الخميس عشيّةً ... فودّعتهم لمّا استقلّوا وودعوا
فلمّا تولوا ولّت النّفس معهم، ... فقلت: ارجعي قالت: إلى أين أرجع؟
خبر فورك المجنون
قال بعضهم: مررت بفورك المجنون وقد أتاه أهله بطبيبٍ، يقال له عبد العزيز، ليعالجه. فسملت وقلت: ما خبرك يا أبا محمّد؟ فقال: خبري والله مع هؤلاء المجانين ظريفٌ. أنا عاشقٌ وهم يظنّون بي جنّة وقد أتوني بهذا الطّبيب ليعالجني. ثمّ أنشأ يقول:
أتوني بالطّبيب فعالجوني ... على أن قيل مجنونٌ غريب
طبيب الأجر فيه عساه يوماً ... من الأيّام يعقل أو يتوب
وما صدقوا الفتى محوي قلبي ... أجلّ من أن يعالجه الطّبيب
وما بي جنّةٌ لكنّ قلبي ... به داءٌ تموت به القلوب
وما عبد العزيز طبيب قلبي ... ولكنّ الطبيب هو الحبيب
خبر المجنون أبي عبد الله
وقال آخر: مررت بمجنونٍ بيده قصبةٌ وفيها عذبةٌ، وهو يقول:
إذا ما رايةٌ رفعت بنجدٍ ... تلقّاها عرابة باليمين
قال فأخذت بيد الغلام الذي كان يتعشّقه فوقفت بين يديه، فقال له: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ فقال في ساعةٍ بديهةٍ:
أصبحت منك على شفا جرفٍ ... متعرّضاً لموارد التّلف
وأراك نحوي غير ما ثقةٍ ... متحرّفاً من غير منحرف
يا من أطال بصدّه أسفي ... كلفي عليك أشدّ من أسفي
فورك في جماعة من الصّبيان
وقال بعضهم: اجتزت بفورك المجنون وهو في جماعةٍ من الصّبيان راكبٌ قصبةً، وهو يقول: من كان عاشقاً منكم فيقف في الميمنة، ومن كان معشوقاً فليقف في الميسرة. ووقف هو في القلب، ففكّر وقال:
إلى من أشتكيك إلى من ... إلى كم ترى في قصّتي غير محسن
إلى كم يدوم الهجر والعتب بيننا ... سألتك بالرّحمن ألاّ رحمتني
فيا لائمي في أحمد لو رأيته ... لما لمتني في حبّه، وعذرتني
أتعجب أن قالوا بفورك جنّة ... بنفسي ومالي من هواه أجنني
ثمّ قال: احملوا على بركة الله. فحملت الميمنة على الميسرة، وأخذ كل عاشقٍ معشوقه.
قال ولقيته في يوم خميسٍ في جماعةٍ من الصّبيان، منصرفاً. من تشييع غلامٍ كان يحبّه، وهو يحدّثهم ويلطم خده ويقول: ما أحرّ الفراق؟ فقلت: يا أبا محمّد، من أين أقبلت؟ قال: من تشييع الحجّاج. وبكى، وقال:
هم رحلوا يوم الخميس عشيّةً ... فودّعتهم لمّا استقلّوا وودعوا
فلمّا تولوا ولّت النّفس معهم، ... فقلت: ارجعي قالت: إلى أين أرجع؟
إلى جسدٍ ما فيه لحمٌ ولا دم ... ولا فيه إلا أعظم تتقعقع
وكذّبت فيك الطّرف، والطّرف صادقٌ ... وأسمعت أذني فيك ما ليس أسمع
أخبار علويّة المجنون
قال الحسن بن رفاعة: رأيت علويّة المجنون يوماً وفي عنقه حبلٌ والصّبيان يجرّونه، فلمّا رآني قال: يا أبا عليٍّ بماذا يعذّب الله أهل الجّرائم يوم القيامة؟ قلت: بأشدّ العذاب. قال: فأنا، والله، في أشدّ من عذابه. لو عذّب الله أهل جهنّم بالحبّ والهجر والرّقباء لكان أشدّ عليهم، ثمّ قال:
انظر إلى ما صنع الحبّ ... لم يبق لي جسمٌ ولا قلب
أنحل جسمي حبّ من لم يزل ... من شأنه الهجران والعتب
ما كان أغناني عن حبّ من ... من دونه الأستار والحجب
قال: وحضرته وقد أتوه بطبيبٍ يعالجه، والطّبيب يعاتبه ويقول له: لو تركتني لعالجتك ورجوت أن تبرأ، فقال في ذلك:
أنا منك أعلم أيها المتكلّم ... ما بي أجلّ من الجّنون وأعظم
أنا عاشقٌ، فإن استطعت لعاشقٍ ... برأً مننت به وأنت محكّم
هيهات، أنت لغير ما بي عالمٌ ... وسواك، بالدّاء الذي بي أعلم
دائي دسيسٌ، قد تضمّنه ال ... هوى، تحت الجّوانح ناره تتضّرم
خبر بعض المجانين
قال: ومررت ببعض المجانين وهو جالسٌ وحده متفكّراً، فقلت: ما خبرك؟ قال:
أقول بأعلى الصّوت ما بي جنّة ... وما بي إلا حبّ من ليس ينصف
وما بي جنونٌ غير أنّ بليّتي ... إذا انكشفت منه أرقّ وألطف
بنفسي وأهلي، من أرى الموت جهرةً، ... إذا ما بدا منه البنان المطرّف
شعر فورك في غلامه غلب
قال: وكان فورك يتعشّق غلاماً يسمى غلباً فأتاه بعض إخوانه فقال: إنّي خارج نحو غلب، فهل من حاجةٍ؟ فقال:
نعم أوصيك إن أبصرت غلبًا ... فقبّل وجنتيه وإن تأبّى
وقل هذي وصية مستهامٍ ... إليك قتلته شغفاً وحبّا
وصف ظبية بالعفاف فأكرم
ودخل مهدي على بعض ولاة اليمامة، فسأله الوالي عن مجلسه مع ظبية، واستنشده ما قال فيها من الشّعر. وكان ابن ظبية حاضراً، فأنشده مهديّ بيتين يصفها فيهما بالعفاف. فقام ابنها فنزع عن نفسه جبّة خزٍّ ووشاحاً ألقاهما على مهدي لمّا وصف أمّه بالعفاف.
القيطنون ونكاح الفتيات
قال أحمد بن يحيى: كان القيطنون متملّكاً على أهل المدينة. وكان قد سامهم خسفاً، وشرط عليهم أنّه لا تدخل امرأة على زوجها حتّى يبدأ بها. فزوّج مالك بن عجلان الخزرجي أخته. فلما جهّزها وأراد إهداءها إلى زوجها، وهو قاعدٌ في مجلس الخزرج، إذا خرجت أخته على الحيّ سافرةً. فغضب مالك، ووثب إليها ليتناولها بالسّيف، وقال لها: فضحتني، ونكّست رأسي، وأغضضت بصري. فقالت له: الذي تريد بي أنت شر من هذا وأقبح وأفضح. إن كنت تهديني إلى غير بعلي فيصيبني، فهذا شرٌّ من خروجي سافرةً حاسرةً! فقال مالك: صدقت، وأبيك.
وسكت عنها، فلمّا رجعت إلى خدرها دخل إليها، فقال لها: هل فيك من خير؟ فقالت: أيّ خيرٍ عند امرأةٍ إلاّ أن تناك؟ فقال لها اكتمي ما أريده. قالت: نعم. فشرح لها ما عزم عليه. فلمّا أمست أتتها رسل القيطنون ليأتوه بها، فلبست وتعطّرت وتحلّت، ولبس معها وتعطّر واشتمل على السّيف ومضى معها في جملة نسائها إلى قصر القيطنون. فلمّا خلا بها في مشربة له، ودنا منها تنحّى نساؤها عنها إلاّ مالك وحده، فقال القيطنون: بحقّ التّوراة ألا أمهلتني ساعةً حتّى ترجع نفسي فيها إليّ، وتركت أختي هذه تؤانسني عندك، فإنّي ألفتها من بين أهلي؟ فقال: نعم. فلمّا هدأت ساعةً. قال: تقدّمي إلى فراشك حتى ألحقك. فقام القيطنون إلى باب مشربته فأغلقه، وأتى فراشه. وكشف مالك عن السّيف ثمّ ضربه به حتّى برد. فاجتمع الحيان من الأوس والخزرج فسوّدوه على أنفسهم، وملّكوه، إذ أراحهم من عار الدّهر. وذلّت اليهود بعد ذلك فلم ترفع رأساً.
خبر سلامة الزّرقاء
مع عبد الرّحمن بن أبي عمّار
وكذّبت فيك الطّرف، والطّرف صادقٌ ... وأسمعت أذني فيك ما ليس أسمع
أخبار علويّة المجنون
قال الحسن بن رفاعة: رأيت علويّة المجنون يوماً وفي عنقه حبلٌ والصّبيان يجرّونه، فلمّا رآني قال: يا أبا عليٍّ بماذا يعذّب الله أهل الجّرائم يوم القيامة؟ قلت: بأشدّ العذاب. قال: فأنا، والله، في أشدّ من عذابه. لو عذّب الله أهل جهنّم بالحبّ والهجر والرّقباء لكان أشدّ عليهم، ثمّ قال:
انظر إلى ما صنع الحبّ ... لم يبق لي جسمٌ ولا قلب
أنحل جسمي حبّ من لم يزل ... من شأنه الهجران والعتب
ما كان أغناني عن حبّ من ... من دونه الأستار والحجب
قال: وحضرته وقد أتوه بطبيبٍ يعالجه، والطّبيب يعاتبه ويقول له: لو تركتني لعالجتك ورجوت أن تبرأ، فقال في ذلك:
أنا منك أعلم أيها المتكلّم ... ما بي أجلّ من الجّنون وأعظم
أنا عاشقٌ، فإن استطعت لعاشقٍ ... برأً مننت به وأنت محكّم
هيهات، أنت لغير ما بي عالمٌ ... وسواك، بالدّاء الذي بي أعلم
دائي دسيسٌ، قد تضمّنه ال ... هوى، تحت الجّوانح ناره تتضّرم
خبر بعض المجانين
قال: ومررت ببعض المجانين وهو جالسٌ وحده متفكّراً، فقلت: ما خبرك؟ قال:
أقول بأعلى الصّوت ما بي جنّة ... وما بي إلا حبّ من ليس ينصف
وما بي جنونٌ غير أنّ بليّتي ... إذا انكشفت منه أرقّ وألطف
بنفسي وأهلي، من أرى الموت جهرةً، ... إذا ما بدا منه البنان المطرّف
شعر فورك في غلامه غلب
قال: وكان فورك يتعشّق غلاماً يسمى غلباً فأتاه بعض إخوانه فقال: إنّي خارج نحو غلب، فهل من حاجةٍ؟ فقال:
نعم أوصيك إن أبصرت غلبًا ... فقبّل وجنتيه وإن تأبّى
وقل هذي وصية مستهامٍ ... إليك قتلته شغفاً وحبّا
وصف ظبية بالعفاف فأكرم
ودخل مهدي على بعض ولاة اليمامة، فسأله الوالي عن مجلسه مع ظبية، واستنشده ما قال فيها من الشّعر. وكان ابن ظبية حاضراً، فأنشده مهديّ بيتين يصفها فيهما بالعفاف. فقام ابنها فنزع عن نفسه جبّة خزٍّ ووشاحاً ألقاهما على مهدي لمّا وصف أمّه بالعفاف.
القيطنون ونكاح الفتيات
قال أحمد بن يحيى: كان القيطنون متملّكاً على أهل المدينة. وكان قد سامهم خسفاً، وشرط عليهم أنّه لا تدخل امرأة على زوجها حتّى يبدأ بها. فزوّج مالك بن عجلان الخزرجي أخته. فلما جهّزها وأراد إهداءها إلى زوجها، وهو قاعدٌ في مجلس الخزرج، إذا خرجت أخته على الحيّ سافرةً. فغضب مالك، ووثب إليها ليتناولها بالسّيف، وقال لها: فضحتني، ونكّست رأسي، وأغضضت بصري. فقالت له: الذي تريد بي أنت شر من هذا وأقبح وأفضح. إن كنت تهديني إلى غير بعلي فيصيبني، فهذا شرٌّ من خروجي سافرةً حاسرةً! فقال مالك: صدقت، وأبيك.
وسكت عنها، فلمّا رجعت إلى خدرها دخل إليها، فقال لها: هل فيك من خير؟ فقالت: أيّ خيرٍ عند امرأةٍ إلاّ أن تناك؟ فقال لها اكتمي ما أريده. قالت: نعم. فشرح لها ما عزم عليه. فلمّا أمست أتتها رسل القيطنون ليأتوه بها، فلبست وتعطّرت وتحلّت، ولبس معها وتعطّر واشتمل على السّيف ومضى معها في جملة نسائها إلى قصر القيطنون. فلمّا خلا بها في مشربة له، ودنا منها تنحّى نساؤها عنها إلاّ مالك وحده، فقال القيطنون: بحقّ التّوراة ألا أمهلتني ساعةً حتّى ترجع نفسي فيها إليّ، وتركت أختي هذه تؤانسني عندك، فإنّي ألفتها من بين أهلي؟ فقال: نعم. فلمّا هدأت ساعةً. قال: تقدّمي إلى فراشك حتى ألحقك. فقام القيطنون إلى باب مشربته فأغلقه، وأتى فراشه. وكشف مالك عن السّيف ثمّ ضربه به حتّى برد. فاجتمع الحيان من الأوس والخزرج فسوّدوه على أنفسهم، وملّكوه، إذ أراحهم من عار الدّهر. وذلّت اليهود بعد ذلك فلم ترفع رأساً.
خبر سلامة الزّرقاء
مع عبد الرّحمن بن أبي عمّار
قال الزّبير بن بكار: كان عبد الرّحمن بن أبي عمّار من عبّاد أهل مكّة، فسمي القسّ من عبادته. فمرّ ذات يومٍ بدار سهل بن عبد الرّحمن بن عوف مولى سلامة الزّرقاء، وهي تغنّي، فسمع غناءها، فبلغ منه كلّ مبلغ، فرآه مولاها وتبيّن ما لحقه، فقال له: هل لك أن تدخل إليها وتسمع منها؟ فامتنع وأبى، فقال له: أنا أقعدك في موضعٍ تسمع من غنائها ولا تراها ولا تراك. ولم يزل به حتّى دخل وسمع غناءها، فأعجبه، فقال له: هل لك أن أخرجها لك؟ فامتنع بعض الامتناع، ثمّ أجابه. فأخرجها إليه، وأقعدها بين يديه، وغنّته، فشغف بها، وشغفت به. وكان أديباً ظريفاً. واشتهر أمره معها بمكّة حتّى سمّوها سلامة القسّ.
وخلا معها يوماً، فقالت له: أنا، والله، أحبّك فقال له: أنا، والله، كذلك. قالت له: أحبّ أن أضع فمك على فمي. قال: وأنا، والله. قالت: فما يمنعك من ذلك، فوالله إنّ الموضع لخالٍ؟ فقال لها: ويحك، إنّي سمعت الله عزّ وجل يقول في كتابه: " الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلاّ المتّقين " . وأنا أكره أن تكون خلّة ما بيني وبينك عداوة يوم القيامة. ثمّ نهض وعيناه تذرفان من حبّها وعاد إلى الطّريقة التي كان عليها من النّسك والعبادة. وكان يمرّ في بعض الأيّام ببابها فيرسل إليها بالسّلام فيقال له: أدخل فيأبى. وقال فيها أشعاراً كثيرةً، وغنّته بها. فمنها:
إنّ التي طرقتك بين ركائب ... تمشي بمزهرها وأنت حرام
باتت تعلّلنا، وتحسب أنّنا، ... في ذاك أيقاظ ونحن نيام
حتّى إذا سطع الصّبح لناظرٍ ... فإذا الذي ما بيننا أحلام
قد كنت أعذل في السّفاهة أهلها ... فاعجب بما تأتي به الأيام
فاليوم أعذرهم وأعلم أنّما ... طرق الضّلالة والهدى أقسام
وفيها قوله:
على سلاّمة القلب السّلام ... تحية من زيارته لمام
أحبّ لقاءها، وألوم نفسي، ... كأنّ لقاءها شيءٌ حرام
إذا ما حنّ مزهرها إليها ... وحنّت نحوه، أذن الكرام
فمدّوا نحوها الأعناق حتّى ... كأنّهم وما ناموا نيام
وله فيها أشعار كثيرة تركت ذكرها ها هنا لأنّها مستقصاةٌ من أخبارها في كتاب طبقات المغنّين.
عبد الملك بين عزّة وبثينة
قال: وفدت عزّة وبثينة على عبد الملك بن مروان فلمّا دخلتا عليه انحرف إلى عزّة، وقال لها: أنت عزّة كثير؟ قالت: لست لكثير بعزّة ولكنّي أمّ بكرٍ الضّمريّة. قال أتروين قول كثيرٍ فيك؟
لقد زعمت أني تغيّرت بعدها ... ومن ذا الذي يا عزّ لا يتغيّر
تغيّر جسمي والخليقة كالتي ... عهدت، ولم يخبر بسرّك مخبر
قالت: لست أروي هذا، ولكنّي أروي غيره حيث يقول:
كأنّي أنادي صخرةً حين أعرضت ... من الصّمّ لو يمشي بها العصم زلّت
صفوحاً فما تلقاك إلاّ بحيلةٍ ... فمن ملّ منها ذلك الوصف ملّت
ثمّ عطف على بثينة فقال لها: ما رأى جميل حين لهج بذكرك بين النّساء كلّهن؟ قالت: الذي رأى فيك النّاس حين جعلوك خليفة من بين رجال العالمين. فضحك حتّى بدت سنٌّ له سوداء، كان يخفيها، وأجزل جائزتهما وقضى حوائجهما.
تغيّر العادات بالنسبة لعلاقة الرّجل بالفتاة
وقال محمّد بن يحيى المدني: سمعت عطاء يقول: كان الرّجل يحبّ الفتاة فيطوف بدارها حولاً كاملاً يفرح إن رأى مرآها، وإن ظفر منها بمجلسٍ تشاكيا وتناشدا الأشعار. فاليوم يشير إليها، وتشير إليه، فإذا التقيا لم يشكوا حبّاً، ولم ينشدا شعراً. وقام إليها كأنّه أشهد على نكاحها أبا هريرة وأصحابه.
هل قبلة المشتاق جناح
وحكى أبو الحسن المدايني قال: هوى بعض المسلمين جاريةً بمكّة فأرادها، فامتنعت عليه. فأنشدها:
سألت الفتى المكّيّ هل في تزاورٍ ... وقبلة مشتاق الفؤاد، جناح؟
فقال: معاذ الله أن يذهب الهوى ... تلاصق أكبادٍ بهنّ جراح
فقالت له: بالله، إنّك سمعته وسألته فأجابك بهذا الجّواب؟ قال: نعم. فزارته وجعلت تقول: إيّاك أن تتعدى ما أمرك به عطاء.
الحسنات يذهبن السيّئات
وخلا معها يوماً، فقالت له: أنا، والله، أحبّك فقال له: أنا، والله، كذلك. قالت له: أحبّ أن أضع فمك على فمي. قال: وأنا، والله. قالت: فما يمنعك من ذلك، فوالله إنّ الموضع لخالٍ؟ فقال لها: ويحك، إنّي سمعت الله عزّ وجل يقول في كتابه: " الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلاّ المتّقين " . وأنا أكره أن تكون خلّة ما بيني وبينك عداوة يوم القيامة. ثمّ نهض وعيناه تذرفان من حبّها وعاد إلى الطّريقة التي كان عليها من النّسك والعبادة. وكان يمرّ في بعض الأيّام ببابها فيرسل إليها بالسّلام فيقال له: أدخل فيأبى. وقال فيها أشعاراً كثيرةً، وغنّته بها. فمنها:
إنّ التي طرقتك بين ركائب ... تمشي بمزهرها وأنت حرام
باتت تعلّلنا، وتحسب أنّنا، ... في ذاك أيقاظ ونحن نيام
حتّى إذا سطع الصّبح لناظرٍ ... فإذا الذي ما بيننا أحلام
قد كنت أعذل في السّفاهة أهلها ... فاعجب بما تأتي به الأيام
فاليوم أعذرهم وأعلم أنّما ... طرق الضّلالة والهدى أقسام
وفيها قوله:
على سلاّمة القلب السّلام ... تحية من زيارته لمام
أحبّ لقاءها، وألوم نفسي، ... كأنّ لقاءها شيءٌ حرام
إذا ما حنّ مزهرها إليها ... وحنّت نحوه، أذن الكرام
فمدّوا نحوها الأعناق حتّى ... كأنّهم وما ناموا نيام
وله فيها أشعار كثيرة تركت ذكرها ها هنا لأنّها مستقصاةٌ من أخبارها في كتاب طبقات المغنّين.
عبد الملك بين عزّة وبثينة
قال: وفدت عزّة وبثينة على عبد الملك بن مروان فلمّا دخلتا عليه انحرف إلى عزّة، وقال لها: أنت عزّة كثير؟ قالت: لست لكثير بعزّة ولكنّي أمّ بكرٍ الضّمريّة. قال أتروين قول كثيرٍ فيك؟
لقد زعمت أني تغيّرت بعدها ... ومن ذا الذي يا عزّ لا يتغيّر
تغيّر جسمي والخليقة كالتي ... عهدت، ولم يخبر بسرّك مخبر
قالت: لست أروي هذا، ولكنّي أروي غيره حيث يقول:
كأنّي أنادي صخرةً حين أعرضت ... من الصّمّ لو يمشي بها العصم زلّت
صفوحاً فما تلقاك إلاّ بحيلةٍ ... فمن ملّ منها ذلك الوصف ملّت
ثمّ عطف على بثينة فقال لها: ما رأى جميل حين لهج بذكرك بين النّساء كلّهن؟ قالت: الذي رأى فيك النّاس حين جعلوك خليفة من بين رجال العالمين. فضحك حتّى بدت سنٌّ له سوداء، كان يخفيها، وأجزل جائزتهما وقضى حوائجهما.
تغيّر العادات بالنسبة لعلاقة الرّجل بالفتاة
وقال محمّد بن يحيى المدني: سمعت عطاء يقول: كان الرّجل يحبّ الفتاة فيطوف بدارها حولاً كاملاً يفرح إن رأى مرآها، وإن ظفر منها بمجلسٍ تشاكيا وتناشدا الأشعار. فاليوم يشير إليها، وتشير إليه، فإذا التقيا لم يشكوا حبّاً، ولم ينشدا شعراً. وقام إليها كأنّه أشهد على نكاحها أبا هريرة وأصحابه.
هل قبلة المشتاق جناح
وحكى أبو الحسن المدايني قال: هوى بعض المسلمين جاريةً بمكّة فأرادها، فامتنعت عليه. فأنشدها:
سألت الفتى المكّيّ هل في تزاورٍ ... وقبلة مشتاق الفؤاد، جناح؟
فقال: معاذ الله أن يذهب الهوى ... تلاصق أكبادٍ بهنّ جراح
فقالت له: بالله، إنّك سمعته وسألته فأجابك بهذا الجّواب؟ قال: نعم. فزارته وجعلت تقول: إيّاك أن تتعدى ما أمرك به عطاء.
الحسنات يذهبن السيّئات
وروى عبد الرحمن بن نافع، أنّ أبا هريرة سئل عن قول الله عز وجل " الذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش إلا اللمم " . فقال: هي النظرة والغمزة والقبلة. وقال مجاهد: هو الرّجل يلمّ بالذّنب مرّةً ثمّ لا يعود، وبإسنادٍ عن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أنّ رجلاً جاء إليه فقال له: إنّي أخذت امرأةً في البستان فأصبت منها كلّ شيءٍ، إلاّ أنّي لم أنكحها فاصنع ما شئت؟ فسكت عنه، صلّى الله عليه وسلّم. فلمّا ذهب، دعاه فقرأه عليه " أقم الصّلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إنّ الحسنات يذهبن السيئات " الآية.
ما كنت تصنع لو ظفرت بمن تهوى؟
قيل لأعرابيٍّ: ما كنت تصنع لو ظفرت بمن تهوى؟ قال: كنت أمتّع عيني في وجهها، وقلبي من حديثها، وأستر منها ما لا يحبّه الله ولا يرضى بكشفه إلا عند حلّه. قيل: فإن خفت أن لا تجتمعا بعد ذلك؟ قال: أكل قلبي إلى حبّها، ولا أصير بقبيح ذلك الفعل إلى نقض عهدها.
سبعة يظلّهم الله بظلّه
ويروى عن أبي هريرة، عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: " سبعةٌ يظلّهم الله بظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه: إمامٌ عادلٌ، وشابٌ نشأ في عبادة الله، ورجلٌ قلبه متعلّقٌ بالمسجد حتّى يعود إليه، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا على ذلك وتفرّقا عليه، ورجلٌ طلبته ذات منصبٍ وجمالٍ فقال إنّي أخاف الله، ورجلٌ تصدّق بصدقه فلم تعلم شماله ما تسرّ يمينه، ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " .
الزّبّاء وعمر بن أبي ربيعة
وعن عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: بصرت الزّبّاء بعمر بن أبي ربيعة، وهو يطوف بالبيت، فتنكّرت له وفي كفّها خلوقٌ، فمسحته بثوبه، فقال:
أدخل الله ربّ موسى وعيسى ... جنّة الخلد من ملاني خلوقا
مسحت كفها بجيب قميصي ... حين طفنا بالبيت مسحاً رقيقا
لو تجازى القلوب بالودّ أمسى ... قلبها مائلاً إلينا شفيقا
فنظر إليه عبد الله بن عمر في تلك الحالة ينشد الأبيات، فقال: ما هذا زي المحرم وما يحلّ للمحرم أن يقول مثل هذا القول في هذا الموضع فقال: يا أبا عبد الرّحمن قد سمعت منّي ما سمعت، فوربّ هذه البنية، ما حللت إزاري على حرامٍ قط.
ليلى الأخيليّة والحجّاج
قال الهيثم بن عدي دخلت ليلى بنت عبد الله الأخيلية على الحجّاج وعنده وجوه النّاس وأشرافهم. فاستأذنته في الإنشاد، فأذن لها، فأنشدته قصيدةً مدحته بها. فلمّا فرغت من إنشادها، قال الحجّاج لجلسائه: أتدرون من هذه الجّارية؟ قالوا: لا نعلم، أصلح الله الأمير، ولكنّا لم نر امرأةً أكمل منها كمالاً، ولا أجمل منها جمالاً، ولا أطلق لساناً، ولا أبين بياناً، فمن هي؟ قال: هذه هي ليلى الأخيلية صاحبة توبة بن الحمير الذي يقول فيها:
نأتك بليلى دارها لا تزورها ... وشطّ نواها واستمرّ مريرها
ثمّ قال لها: يا ليلى ما الذي رابه من سفورك حيث يقول:
وكنت إذا ما زرت ليلى تبرقت ... فقد رابني منها الغداة سفورها
قالت: أصلح الله الأمير، لم يرني قط إلا متبرقعةً وكان أرسل إليّ رسولاً أنّه يلمّ بنا، ففطن الحيّ لرسوله، فأعدّوا له وكمنوا، وفطنت لذلك، فلم يلبث أن جاء، فألقيت، برقعي وسفرت له، فلمّا رأى ذلك أنكره وعرف الشّرّ، فلم يزد أن سلّم عليّ وسأل عن حالي وانصرف راجعاً. فقال الحجّاج لها: لله درّك فهل كانت بينكما ريبة؟ قالت: لا، والذي أسأله أن يصلحك إلى أن قال مرةً قولاً ظننت أنّه خضع لبعض الأمر، فقلت له مسرعةً هذا الشعر. وأنشأت وهي تقول:
وذي حاجةٍ قلنا له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل
لنا صاحبٌ لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى صاحبٌ وخليل
فلا، والذي أسأله صلاحك، ما كلّمني بشيءٍ بعدها استربته حتّى فرّق الدّهر بيني وبينه.
العفاف أيّام زمان
قال أبو عثمان: قد ترى الأعرابيّ، وظاهره ظاهر الجّفاء، فما هو إلاّ أن يعشق حتّى تجده أرقّ من الماء، وألطف من الهواء. ومع ذلك يلقى أحدهم عشيقته فيترشّفها ويعانقها من دون الثّياب ويمنعه التّكرّم ويحجزه الورع عن وطئتها وإن أمكنته. قال ابن هرمة.
ولربّ لذّة ليلةٍ قد نلتها ... وحرامها لحلالها مدفوع
ويقتصرون على الحديث والقبل واللمس.
ما كنت تصنع لو ظفرت بمن تهوى؟
قيل لأعرابيٍّ: ما كنت تصنع لو ظفرت بمن تهوى؟ قال: كنت أمتّع عيني في وجهها، وقلبي من حديثها، وأستر منها ما لا يحبّه الله ولا يرضى بكشفه إلا عند حلّه. قيل: فإن خفت أن لا تجتمعا بعد ذلك؟ قال: أكل قلبي إلى حبّها، ولا أصير بقبيح ذلك الفعل إلى نقض عهدها.
سبعة يظلّهم الله بظلّه
ويروى عن أبي هريرة، عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: " سبعةٌ يظلّهم الله بظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه: إمامٌ عادلٌ، وشابٌ نشأ في عبادة الله، ورجلٌ قلبه متعلّقٌ بالمسجد حتّى يعود إليه، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا على ذلك وتفرّقا عليه، ورجلٌ طلبته ذات منصبٍ وجمالٍ فقال إنّي أخاف الله، ورجلٌ تصدّق بصدقه فلم تعلم شماله ما تسرّ يمينه، ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " .
الزّبّاء وعمر بن أبي ربيعة
وعن عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: بصرت الزّبّاء بعمر بن أبي ربيعة، وهو يطوف بالبيت، فتنكّرت له وفي كفّها خلوقٌ، فمسحته بثوبه، فقال:
أدخل الله ربّ موسى وعيسى ... جنّة الخلد من ملاني خلوقا
مسحت كفها بجيب قميصي ... حين طفنا بالبيت مسحاً رقيقا
لو تجازى القلوب بالودّ أمسى ... قلبها مائلاً إلينا شفيقا
فنظر إليه عبد الله بن عمر في تلك الحالة ينشد الأبيات، فقال: ما هذا زي المحرم وما يحلّ للمحرم أن يقول مثل هذا القول في هذا الموضع فقال: يا أبا عبد الرّحمن قد سمعت منّي ما سمعت، فوربّ هذه البنية، ما حللت إزاري على حرامٍ قط.
ليلى الأخيليّة والحجّاج
قال الهيثم بن عدي دخلت ليلى بنت عبد الله الأخيلية على الحجّاج وعنده وجوه النّاس وأشرافهم. فاستأذنته في الإنشاد، فأذن لها، فأنشدته قصيدةً مدحته بها. فلمّا فرغت من إنشادها، قال الحجّاج لجلسائه: أتدرون من هذه الجّارية؟ قالوا: لا نعلم، أصلح الله الأمير، ولكنّا لم نر امرأةً أكمل منها كمالاً، ولا أجمل منها جمالاً، ولا أطلق لساناً، ولا أبين بياناً، فمن هي؟ قال: هذه هي ليلى الأخيلية صاحبة توبة بن الحمير الذي يقول فيها:
نأتك بليلى دارها لا تزورها ... وشطّ نواها واستمرّ مريرها
ثمّ قال لها: يا ليلى ما الذي رابه من سفورك حيث يقول:
وكنت إذا ما زرت ليلى تبرقت ... فقد رابني منها الغداة سفورها
قالت: أصلح الله الأمير، لم يرني قط إلا متبرقعةً وكان أرسل إليّ رسولاً أنّه يلمّ بنا، ففطن الحيّ لرسوله، فأعدّوا له وكمنوا، وفطنت لذلك، فلم يلبث أن جاء، فألقيت، برقعي وسفرت له، فلمّا رأى ذلك أنكره وعرف الشّرّ، فلم يزد أن سلّم عليّ وسأل عن حالي وانصرف راجعاً. فقال الحجّاج لها: لله درّك فهل كانت بينكما ريبة؟ قالت: لا، والذي أسأله أن يصلحك إلى أن قال مرةً قولاً ظننت أنّه خضع لبعض الأمر، فقلت له مسرعةً هذا الشعر. وأنشأت وهي تقول:
وذي حاجةٍ قلنا له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل
لنا صاحبٌ لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى صاحبٌ وخليل
فلا، والذي أسأله صلاحك، ما كلّمني بشيءٍ بعدها استربته حتّى فرّق الدّهر بيني وبينه.
العفاف أيّام زمان
قال أبو عثمان: قد ترى الأعرابيّ، وظاهره ظاهر الجّفاء، فما هو إلاّ أن يعشق حتّى تجده أرقّ من الماء، وألطف من الهواء. ومع ذلك يلقى أحدهم عشيقته فيترشّفها ويعانقها من دون الثّياب ويمنعه التّكرّم ويحجزه الورع عن وطئتها وإن أمكنته. قال ابن هرمة.
ولربّ لذّة ليلةٍ قد نلتها ... وحرامها لحلالها مدفوع
ويقتصرون على الحديث والقبل واللمس.
للعشيق من حبيبته نصفها الأعلى
قال العتيبي: قيل لبعض الأعراب، ما الذي ينال أحدكم من عشيقته إذا خلا بها؟ قال اللمس والقبل والحديث. قال فهل يطؤها؟ قال: بأبي أنت وأمّي ليس هذا عاشقاً هذا طالب ولد.
قال: وكان الشّرط بين العاشق ومعشوقه إذا خلوا أن يكون له نصفها الأعلى من سرّتها إلى قمّة رأسها يصنع فيها ما شاء، ولبعلها من سرّتها إلى أخمصها. وأنشد ابن الأعرابيّ في مثل ذلك:
فللخلّ شطرٌ مطلقٌ من عقاله ... وللبعل شطرٌ ما يرام منيع
وأنشد أبو عمرو بن العلاء في نحوه:
لها نصفان من حلٍ وبلٍ ... ونصف كالبحيرة ما يهاج
يقول نصفها الأعلى لعشيقها طلقٌ، ونصفها الآخر عليه كالبحيرة - فإنّها كانت في الجّاهلية حراماً لا تهاج ولا تركب ولا تمنع من كلأ ولا ماء - وأنشد الأصمعي لبعض ظرفاء العرب يخاطب بعل عشيقته:
فهل لك في البدال أبا زنيم ... وأقنع بالأكارع والعجوب
قال إبراهيم بن بشارة النّاظم: قد يمكن الرجل أن يحتجز عن ذلك ما دام ليس له هنالك إلاّ الحديث والقبلة، فأمّا إذا ترشّفها وعانقها من دون ثيابها فلا بد أن ينعظ وينشط وإذا أنعظ وهو في الإزار معها انتقض العزم، كما قال عبد الرّحمن بن أمّ الحكم:
وكأس ترى بين الإناء وبينها ... قذى العين قد نازعت أم أبان
ترى شاربيها حين يعترونها ... يميلا أحياناً ويعتدلان
فما ظنّ ذا الواشي بأبيض ماجدٍ ... وبيضاء خودٍ حين يلتقيان
دعتني أخا أمّ عمرو ولم أكن ... أخاها ولم أرضع لها بلبان
دعتني أخاها بعد ما كان بيننا ... من الأمر ما لا يفعل الأخوان
عادات أهل طبرستان في الزّواج
وقد ذكرنا: أنّ أهل طبرستان لا تتزوّج الجّارية منهم حتّى يستظهر بها حولاً كاملاً محرّماً ثمّ يقدم بها فيخطبها إلى أهلها ثم يتزوّج بها، ويزعمون مع ذلك أنّهم يجدونها بكراً، وقد عانقها في إزارٍ واحدٍ سنةً تامةً وهو لا يستظهر بها، ويحتمل وحشة الاغتراب، وانقطاع الأسباب إلاّ من عشق غالب. ولا يجوز أن تؤاتيه الجّارية إلا وبها شبه الذي به. وإنّ من أعجب العجب أن يمكثا متعانقين في لحافٍ واحدٍ ثمّ يحتجزان عن الزّنا تكرّماً وتحرّجاً! وهذا التّكرّم عند علوج طبرستان من العجائب.
العقلاء والمجانين
ومن قول سهيل بن هارون: ثلاثةٌ من المجانين وإن كانوا عقلاء: الغضبان، والعزبان، والسّكران. فقال له أبو عبيد الله الخليع: والمنعظ يا أبو عمرو؟ فقال: والمنعظ. وضحك وأنشد:
وما شرّ الثّلاثة أمّ عمرو ... بصاحبك الذي لا تصحبينا
فقيد ثقيف عاشق زوجة أخيه
قال الأصمعي: كان فتىً من ثقيفٍ شديد الحياء، كريماً أديباً، فبينا هو جالس، إذ مرّت به امرأةٌ من أجمل النّساء فلم يتمالك أن قام من الحياء من مجلسه ليعلم من هي، وأين تريد. وقد كلف بها واشتدّ عشقه لها، فاتّبعها حتى دخل منزل أخيه فإذا هي امرأته، فضاق به الأمر ولم يدر ما يصنع، وكتم شأنه، وجعل ما به يزداد كل يومٍ حتّى نحل جسمه، فأنكر شأنه أخوه وأهله وسألوه عمّا به. فلم يخبرهم بشيءٍ من أمره. فدعا أخوه الأطبّاء فعالجوه فلم يغنوا عنه شيئاً، فلمّا أعياهم ما به، وزاد سقمه، سلّمه أخوه إلى الحارث بن كلدة وكان من أطبّاء العرب فنظر إليه الحارث فلم يرى به داءٌ ينكر، غير أنّه ظنّ أنّه عاشق. فخلا به الحارث فسأله، فأبى أن يقرّ له بشيءٍ. فلمّا أعيا الحارث جعل يسأل عن أسمائهم وأسماء نسائهم، والفتى ملقىً بين يديه، كلّما سمّيت امرأةٌ منهم نظر الحارث وجه المريض حتّى جاء اسم امرأة أخيه فارتاح وتنفّس، واغرورقت عيناه بالدّموع. فعلم الحارث أمره، وقال لأخيه: إذهب فجئني بجميع أهليكم، ولا يتخلّف عنّي منهم امرأةً ولا رجلاً، فإنّي قد وقعت على دائه.
قال العتيبي: قيل لبعض الأعراب، ما الذي ينال أحدكم من عشيقته إذا خلا بها؟ قال اللمس والقبل والحديث. قال فهل يطؤها؟ قال: بأبي أنت وأمّي ليس هذا عاشقاً هذا طالب ولد.
قال: وكان الشّرط بين العاشق ومعشوقه إذا خلوا أن يكون له نصفها الأعلى من سرّتها إلى قمّة رأسها يصنع فيها ما شاء، ولبعلها من سرّتها إلى أخمصها. وأنشد ابن الأعرابيّ في مثل ذلك:
فللخلّ شطرٌ مطلقٌ من عقاله ... وللبعل شطرٌ ما يرام منيع
وأنشد أبو عمرو بن العلاء في نحوه:
لها نصفان من حلٍ وبلٍ ... ونصف كالبحيرة ما يهاج
يقول نصفها الأعلى لعشيقها طلقٌ، ونصفها الآخر عليه كالبحيرة - فإنّها كانت في الجّاهلية حراماً لا تهاج ولا تركب ولا تمنع من كلأ ولا ماء - وأنشد الأصمعي لبعض ظرفاء العرب يخاطب بعل عشيقته:
فهل لك في البدال أبا زنيم ... وأقنع بالأكارع والعجوب
قال إبراهيم بن بشارة النّاظم: قد يمكن الرجل أن يحتجز عن ذلك ما دام ليس له هنالك إلاّ الحديث والقبلة، فأمّا إذا ترشّفها وعانقها من دون ثيابها فلا بد أن ينعظ وينشط وإذا أنعظ وهو في الإزار معها انتقض العزم، كما قال عبد الرّحمن بن أمّ الحكم:
وكأس ترى بين الإناء وبينها ... قذى العين قد نازعت أم أبان
ترى شاربيها حين يعترونها ... يميلا أحياناً ويعتدلان
فما ظنّ ذا الواشي بأبيض ماجدٍ ... وبيضاء خودٍ حين يلتقيان
دعتني أخا أمّ عمرو ولم أكن ... أخاها ولم أرضع لها بلبان
دعتني أخاها بعد ما كان بيننا ... من الأمر ما لا يفعل الأخوان
عادات أهل طبرستان في الزّواج
وقد ذكرنا: أنّ أهل طبرستان لا تتزوّج الجّارية منهم حتّى يستظهر بها حولاً كاملاً محرّماً ثمّ يقدم بها فيخطبها إلى أهلها ثم يتزوّج بها، ويزعمون مع ذلك أنّهم يجدونها بكراً، وقد عانقها في إزارٍ واحدٍ سنةً تامةً وهو لا يستظهر بها، ويحتمل وحشة الاغتراب، وانقطاع الأسباب إلاّ من عشق غالب. ولا يجوز أن تؤاتيه الجّارية إلا وبها شبه الذي به. وإنّ من أعجب العجب أن يمكثا متعانقين في لحافٍ واحدٍ ثمّ يحتجزان عن الزّنا تكرّماً وتحرّجاً! وهذا التّكرّم عند علوج طبرستان من العجائب.
العقلاء والمجانين
ومن قول سهيل بن هارون: ثلاثةٌ من المجانين وإن كانوا عقلاء: الغضبان، والعزبان، والسّكران. فقال له أبو عبيد الله الخليع: والمنعظ يا أبو عمرو؟ فقال: والمنعظ. وضحك وأنشد:
وما شرّ الثّلاثة أمّ عمرو ... بصاحبك الذي لا تصحبينا
فقيد ثقيف عاشق زوجة أخيه
قال الأصمعي: كان فتىً من ثقيفٍ شديد الحياء، كريماً أديباً، فبينا هو جالس، إذ مرّت به امرأةٌ من أجمل النّساء فلم يتمالك أن قام من الحياء من مجلسه ليعلم من هي، وأين تريد. وقد كلف بها واشتدّ عشقه لها، فاتّبعها حتى دخل منزل أخيه فإذا هي امرأته، فضاق به الأمر ولم يدر ما يصنع، وكتم شأنه، وجعل ما به يزداد كل يومٍ حتّى نحل جسمه، فأنكر شأنه أخوه وأهله وسألوه عمّا به. فلم يخبرهم بشيءٍ من أمره. فدعا أخوه الأطبّاء فعالجوه فلم يغنوا عنه شيئاً، فلمّا أعياهم ما به، وزاد سقمه، سلّمه أخوه إلى الحارث بن كلدة وكان من أطبّاء العرب فنظر إليه الحارث فلم يرى به داءٌ ينكر، غير أنّه ظنّ أنّه عاشق. فخلا به الحارث فسأله، فأبى أن يقرّ له بشيءٍ. فلمّا أعيا الحارث جعل يسأل عن أسمائهم وأسماء نسائهم، والفتى ملقىً بين يديه، كلّما سمّيت امرأةٌ منهم نظر الحارث وجه المريض حتّى جاء اسم امرأة أخيه فارتاح وتنفّس، واغرورقت عيناه بالدّموع. فعلم الحارث أمره، وقال لأخيه: إذهب فجئني بجميع أهليكم، ولا يتخلّف عنّي منهم امرأةً ولا رجلاً، فإنّي قد وقعت على دائه.
فخرج أخوه حتّى أتى أهله، فجميعهم في منزل ونقل الحارث المريض إليهم، وقال: لا يغيبنّ عنه امراةٌ ولا رجلٌ. فلمّا نظر الرّجل إلى امرأة أخيه خفّ عنه بعض ما كان يجده. فعرف الحارث ذلك منه، فأمر بشاةٍ فذبحت، وأخرج كبدها فوضعها على النّار، ثمّ أطعمه منها فأكل ثمّ مزج له شربةً خفيفةً فسقاه، وفعل به ذلك أيّاماً يزيده في كلّ يومٍ شيئاً قليلاً في مطعمه ومشربه. فحسنت حاله، ورجع إليه بعض جسمه.
فلمّا رأى الحارث أنّه قوي بعض القوّة صنع له طعاماً وهيّأ له شراباً ثمّ أحضر الفتى وأخاه فطعما وشربا، وأمر الحارث أخاه أن ينصرف وقام هو ووكّل هو بالفتى من يسقيه ويغنيه، وقال: احفظ حديثه، وكلّ ما يتكلّم به، وحدّثه كلّ حديثٍ تعرفه في العشق وأخبار العشّاق، وأشعارهم. فلمّا أخذ الشّراب في الفتى تغنّى:
أهل ودّّي، ألا سلموا ... وقفوا كي تكلّموا:
أخذ الحيّ حظّهم ... من فؤادي وأنعم
فهمومي كثيرةٌ، ... وفؤادي متيّم
وأخو الحبّ جسمه ... أبد الدّهر يسقم.
فلمّا أصبح الحارث، دعا الموكّل بالفتى فسأله، فعرّفه بكلّ شيءٍ، فحدّثه وأنشد الأبيات التي تغنّى بها. فدعا أخاه فعرّفه إنّه عاشقٌ لامرأته. فقال له: يا أخي أنا أنزل لك عنها وتتزوّجها. فلمّا سمعه الفتى استحيا وخرج هارباً على وجهه، فلم يقفوا له على خبرٍ إلى اليوم فسمّي فقيد ثقيف.
من يفعل مثقال ذرّةٍ خيراً يره
وروى نافع مولى ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " بينا ثلاثة نفرٍ يمشون إذ أخذهم المطر فأووا إلى غارٍ في جبل. فانحطّ عليهم من الجبل صخرةٌ فانطبقت عليهم، وقال بعضهم: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحةً، فادعوا الله بها. فدعوا الله، تبارك وتعالى، فقال أحدهم: اللهمّ إنّك تعلم أنّه كان لي أبوان شيخان كبيران، وامرأةٌ وصبيان، فكنت أرعى عليهم فإذا رحت إليهم حلبت، وبدأت بوالديّ أسقيهما قبل بنيّ. وإنّي لم آت يوماً حتّى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، فجعلوا يتضاغون تحت قدمي، فلم يزل ذلك دأبهم حتّى طلع الفجر. فإن كنت تعلم إنّي فعلت ذلك إبتغاء وجهك، فأفرج عنّا فرجةً نرى منها السّماء. ففرّج الله له فرجةً.
وقال الآخر: اللهمّ إنّك تعلم إنّه كانت لي إبنة عمٍّ فأحببتها كأشدّ ما يحبّ الرّجال النّساء، فطلبت إليها نفسها فأبت حتّى آتيها بمائة دينارٍ، فسعيت حتّى جمعت مائة دينارٍ فجئتها بها، فلمّا قعدت بين رجليها، قالت: يا عبد الله، اتّق الله ولا تفضّنّ الخاتم إلا بحقه. فقمت عنها فإن كنت تعلم إنّي فعلت ذلك إبتغاء وجه ربّك، فأفرج عنّا فرجةً من السّماء. ففرّج الله جلّ ثناؤه فرجةً.
وقال الآخر: اللهمّ إنّك تعلم أنّي استأجرت أجيراً فلمّا قضى عمله، قال: أعطني حقّي. فأعرضت عنه وتركته، ثمّ اشتريت بحقّه بقراً وراعياً لها فجاءني بعد حين، فقال لي: اتّق الله ولا تظلمني، وأعطني حقّي. فقلت له: إذهب إلى تلك البقر وراعيها. فأخذها وذهب، فإن كنت تعلم أنّي فعلت ابتغاء وجهك، فأفرج لنا ما بقي. ففرّجها الله عنهم. "
هذا طالب ولد
قال الأصمعي: قلت لأعرابيّةٍ من بني عذرة: أنتم أكثر النّاس عشقاً فما تعدّون العشق فيكم؟ قالت: الغمزة والقبلة والضمّة. ثمّ قالت:
ما الحبّ إلا قبلةٌ، ... وغمز كف، وعضد.
ما الحبّ إلا هكذا، ... إن نكح الحبّ فسد.
ثمّ قالت: وأنتم يا حضر، كيف تعدّون العشق فيكم؟ قلت: يقعد بين رجليها ويجهد نفسه. فقالت: يا ابن أخي، ما هذا عاشقاً هذا طالب ولد.
السّبيل لدخول المرأة إلى الجنّة
وروي عن عبد الرّحمن بن عوف، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: " إذا صلّت المرأة خمسها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت الجّنّة.
راودته عن نفسها فأبى
فلمّا رأى الحارث أنّه قوي بعض القوّة صنع له طعاماً وهيّأ له شراباً ثمّ أحضر الفتى وأخاه فطعما وشربا، وأمر الحارث أخاه أن ينصرف وقام هو ووكّل هو بالفتى من يسقيه ويغنيه، وقال: احفظ حديثه، وكلّ ما يتكلّم به، وحدّثه كلّ حديثٍ تعرفه في العشق وأخبار العشّاق، وأشعارهم. فلمّا أخذ الشّراب في الفتى تغنّى:
أهل ودّّي، ألا سلموا ... وقفوا كي تكلّموا:
أخذ الحيّ حظّهم ... من فؤادي وأنعم
فهمومي كثيرةٌ، ... وفؤادي متيّم
وأخو الحبّ جسمه ... أبد الدّهر يسقم.
فلمّا أصبح الحارث، دعا الموكّل بالفتى فسأله، فعرّفه بكلّ شيءٍ، فحدّثه وأنشد الأبيات التي تغنّى بها. فدعا أخاه فعرّفه إنّه عاشقٌ لامرأته. فقال له: يا أخي أنا أنزل لك عنها وتتزوّجها. فلمّا سمعه الفتى استحيا وخرج هارباً على وجهه، فلم يقفوا له على خبرٍ إلى اليوم فسمّي فقيد ثقيف.
من يفعل مثقال ذرّةٍ خيراً يره
وروى نافع مولى ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " بينا ثلاثة نفرٍ يمشون إذ أخذهم المطر فأووا إلى غارٍ في جبل. فانحطّ عليهم من الجبل صخرةٌ فانطبقت عليهم، وقال بعضهم: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحةً، فادعوا الله بها. فدعوا الله، تبارك وتعالى، فقال أحدهم: اللهمّ إنّك تعلم أنّه كان لي أبوان شيخان كبيران، وامرأةٌ وصبيان، فكنت أرعى عليهم فإذا رحت إليهم حلبت، وبدأت بوالديّ أسقيهما قبل بنيّ. وإنّي لم آت يوماً حتّى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، فجعلوا يتضاغون تحت قدمي، فلم يزل ذلك دأبهم حتّى طلع الفجر. فإن كنت تعلم إنّي فعلت ذلك إبتغاء وجهك، فأفرج عنّا فرجةً نرى منها السّماء. ففرّج الله له فرجةً.
وقال الآخر: اللهمّ إنّك تعلم إنّه كانت لي إبنة عمٍّ فأحببتها كأشدّ ما يحبّ الرّجال النّساء، فطلبت إليها نفسها فأبت حتّى آتيها بمائة دينارٍ، فسعيت حتّى جمعت مائة دينارٍ فجئتها بها، فلمّا قعدت بين رجليها، قالت: يا عبد الله، اتّق الله ولا تفضّنّ الخاتم إلا بحقه. فقمت عنها فإن كنت تعلم إنّي فعلت ذلك إبتغاء وجه ربّك، فأفرج عنّا فرجةً من السّماء. ففرّج الله جلّ ثناؤه فرجةً.
وقال الآخر: اللهمّ إنّك تعلم أنّي استأجرت أجيراً فلمّا قضى عمله، قال: أعطني حقّي. فأعرضت عنه وتركته، ثمّ اشتريت بحقّه بقراً وراعياً لها فجاءني بعد حين، فقال لي: اتّق الله ولا تظلمني، وأعطني حقّي. فقلت له: إذهب إلى تلك البقر وراعيها. فأخذها وذهب، فإن كنت تعلم أنّي فعلت ابتغاء وجهك، فأفرج لنا ما بقي. ففرّجها الله عنهم. "
هذا طالب ولد
قال الأصمعي: قلت لأعرابيّةٍ من بني عذرة: أنتم أكثر النّاس عشقاً فما تعدّون العشق فيكم؟ قالت: الغمزة والقبلة والضمّة. ثمّ قالت:
ما الحبّ إلا قبلةٌ، ... وغمز كف، وعضد.
ما الحبّ إلا هكذا، ... إن نكح الحبّ فسد.
ثمّ قالت: وأنتم يا حضر، كيف تعدّون العشق فيكم؟ قلت: يقعد بين رجليها ويجهد نفسه. فقالت: يا ابن أخي، ما هذا عاشقاً هذا طالب ولد.
السّبيل لدخول المرأة إلى الجنّة
وروي عن عبد الرّحمن بن عوف، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: " إذا صلّت المرأة خمسها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت الجّنّة.
راودته عن نفسها فأبى
عرض الحجّاج سجنه يوماً، فأتي برجلٍ فقال له: ما كان جرمك؟ قال: أصلح الله الأمير، أخذني العسس وأنا مخبرك بخبري، فإن يكن الكذب ينجي فالصّدق أولى بالنّجاة. فقال: ما قصّتك؟ قال: كنت أخاً لرجلٍ فضرب الأمير عليه العبث إلى خراسان، فكانت إمرأته تجد بي وأنا لا أشعر، فبعثت إليّ يوماً رسولاً قد جاء كتاب صاحبك فهلمّ لتقرأه. فمضيت إليها، فجعلت تشغلني بالحديث حتّى صلّينا العشاء، ثمّ أظهرت لي ما في نفسها، ودعتني إلى السّوء، فأبيت ذلك. فقالت: والله لئن لم تفعل لأصيحنّ ولأقولنّ أنّك لص. فلمّا أبيت عليها صرخت فخرجت هارباً. وكان القتل أهون عليّ من خيانة أخي. فلقيني عسس الأمير فأخذوني. وأنا أقول متمثّلاً:
ربّ بيضاء ذات دلٍّ وحسن ... قد دعتني لوصلها فأبيت
لم يكن شأني العفاف ولكن ... كنت ندمان زوجها فاستحيت
فعرف صدق حديثه وأمر بإطلاقه.
يعاملها بما يرضي الرّب
قيل لبعض الأعراب، وقد طال عشقه لجاريةٍ: ما أنت صانعٌ لو ظفرت بها ولا يراكما غير الله؟ قال: إذا، والله لا أجعله أهون النّاظرين، لكنّي أفعل بها ما أفعل بحضرة أهلها، حديثٌ يطول، ولحظٌ كليل وترك ما يكره الرّبّ، وينقطع به الحبّ.
ردّ الجّارية ولك الجّنّة
قال محمّد بن عبيد الزّاهد: كانت عندي جاريةٌ فبعتها، فتبعتها نفسي، فسرت إلى مولاها مع جماعة إخوانه، فسألوه أن يقيلني ويربح عليّ ما شاء، فأبى، فانصرفت من عنده مهموماً مغموماً، فبتّ ساهراً لا أدري ما أصنع، فلمّا رأيت ما بي من الجّهد، كتبت اسمها في راحتي، واستقبلت القبلة. فكلّ ما طرقني طارق من ذكرها رفعت يدي إلى السّماء وقلت: يا سيّدي هذه قصّتي. حتّى إذا كان في السّحر من اليوم الثّاني، إذ أنا برجلٍ يدقّ الباب، فقلت: من هذا: أنا مولى الجّارية. ففتحت، وإذا بها. فقال: خذها بارك الله لك فيها! فقلت: خذ مالك والرّبح. فقال: ما كنت لآخذ ديناراً ولا درهماً. قلت فلم ذلك؟ قال: أتاني الليلة في منامي آتٍ فقال: ردّ الجّارية على ابن عبيد الله، ولك الجنّة.
جود عبد الله بن جعفر
وكان عبد الرّحمن بن أبي عمّار فقيه أهل الحجاز قد مرّ بنخّاسٍ معه فتيات، فنظر إليهنّ، فتعلّق بواحدةٍ منهنّ، فاشتد ّوجده بها، واشتهر بذكرها، حتّى أتى إليه عطاء ومجاهد يعذلونه. فلم يكن جوابه إلاّ أن قال:
يلومونني فيك أقوامٌ أجالسهم ... فما أبالي أطال اللوم أم قصرا
فانتهى خبره إلى عبد الله بن جعفر فخرج حاجّاً بسببه، وبعث إلى مولى الجّارية واشتراها منه بأربعين ألفاً، وأمر قيّمة جواريه فحلّتها وزيّنتها. وبلغ النّاس قدومه، فدخلوا إليه للسّلام عليه وفيهم عبد الرّحمن بن عمّار. فلمّا أراد الشّخوص استجلسه، فقال له: ما فعل حبّ فلانة؟ قال: مشوب اللحم و الدّم والمخّ والعظم والعصب. وأمر الجّارية فأخرجت إليه، وقال: هي هذه؟ قال: نعم، أصلحك الله. قال: إنّما اشتريتها لك، فوالله ما دنوت منها، فشأنك بها، فهي لك مباركة. وأمر له بمائة درهمٍ، وقال له: خذ هذا المال لئلّا تهتمّ بها وتهتمّ بك. قال، فبكى عبد الرّحمن فرحاً وقال: يا أهل البيت قد خصّكم الله بأشرف ما خصّ به أحداً من صلب آدم، فلتهنئكم هذه النّعمة، وبارك لكم فيها. فكان هذا الفعل بعض ما اشتهر به عبد الله بن جعفر من الجّود.
الزّنا أنواع
وقيل لأعرابيٍّ: أتعرف الزّنا، قال: وكيف لا. قيل: فما هو؟ قال: مصّ الرّيقة، ولثم العشيقة، والأخذ من الحديث بنصيب. قيل: ما هكذا نعدّه فينا! قال: فما تعدّونه؟ قيل: النّقّ الشديد أن تجمع بين الرّكبة والوريد، وصوتٌ يوقظ النّوام، وفعلٌ يوجب كثيراً من الآثام. قال: لله ما يفعل هذا العدوّ البعيد، فكيف الصّديق الودود.
أخبار أهل العفاف
وقيل لآخر: ما كنت صانعاً لو ظفرت بمن تهوى؟ قال: كنت أطيع الحبّ في لثامها، وأعصي الشّيطان في آثامها، ولا أفسد بضع عشرة سنين فيما يبقى ذميماً عاره، وينشر قبيح أخباره في ساعةٍ تفقد لذّتها. إنّي إذاً لئيمٌ، ولم يلدني كريمٌ.
الحبّ ما لا يغضب الرّب
وقيل لآخر: ما أنت صانعٌ إن ظفرت بمن تحب؟ قال: أحلل ما يشتمل عليه الخمار وأحرّم ما كتمه الإزار، وأزجر الحبّ عمّا يغضب الرّب.
ربّ بيضاء ذات دلٍّ وحسن ... قد دعتني لوصلها فأبيت
لم يكن شأني العفاف ولكن ... كنت ندمان زوجها فاستحيت
فعرف صدق حديثه وأمر بإطلاقه.
يعاملها بما يرضي الرّب
قيل لبعض الأعراب، وقد طال عشقه لجاريةٍ: ما أنت صانعٌ لو ظفرت بها ولا يراكما غير الله؟ قال: إذا، والله لا أجعله أهون النّاظرين، لكنّي أفعل بها ما أفعل بحضرة أهلها، حديثٌ يطول، ولحظٌ كليل وترك ما يكره الرّبّ، وينقطع به الحبّ.
ردّ الجّارية ولك الجّنّة
قال محمّد بن عبيد الزّاهد: كانت عندي جاريةٌ فبعتها، فتبعتها نفسي، فسرت إلى مولاها مع جماعة إخوانه، فسألوه أن يقيلني ويربح عليّ ما شاء، فأبى، فانصرفت من عنده مهموماً مغموماً، فبتّ ساهراً لا أدري ما أصنع، فلمّا رأيت ما بي من الجّهد، كتبت اسمها في راحتي، واستقبلت القبلة. فكلّ ما طرقني طارق من ذكرها رفعت يدي إلى السّماء وقلت: يا سيّدي هذه قصّتي. حتّى إذا كان في السّحر من اليوم الثّاني، إذ أنا برجلٍ يدقّ الباب، فقلت: من هذا: أنا مولى الجّارية. ففتحت، وإذا بها. فقال: خذها بارك الله لك فيها! فقلت: خذ مالك والرّبح. فقال: ما كنت لآخذ ديناراً ولا درهماً. قلت فلم ذلك؟ قال: أتاني الليلة في منامي آتٍ فقال: ردّ الجّارية على ابن عبيد الله، ولك الجنّة.
جود عبد الله بن جعفر
وكان عبد الرّحمن بن أبي عمّار فقيه أهل الحجاز قد مرّ بنخّاسٍ معه فتيات، فنظر إليهنّ، فتعلّق بواحدةٍ منهنّ، فاشتد ّوجده بها، واشتهر بذكرها، حتّى أتى إليه عطاء ومجاهد يعذلونه. فلم يكن جوابه إلاّ أن قال:
يلومونني فيك أقوامٌ أجالسهم ... فما أبالي أطال اللوم أم قصرا
فانتهى خبره إلى عبد الله بن جعفر فخرج حاجّاً بسببه، وبعث إلى مولى الجّارية واشتراها منه بأربعين ألفاً، وأمر قيّمة جواريه فحلّتها وزيّنتها. وبلغ النّاس قدومه، فدخلوا إليه للسّلام عليه وفيهم عبد الرّحمن بن عمّار. فلمّا أراد الشّخوص استجلسه، فقال له: ما فعل حبّ فلانة؟ قال: مشوب اللحم و الدّم والمخّ والعظم والعصب. وأمر الجّارية فأخرجت إليه، وقال: هي هذه؟ قال: نعم، أصلحك الله. قال: إنّما اشتريتها لك، فوالله ما دنوت منها، فشأنك بها، فهي لك مباركة. وأمر له بمائة درهمٍ، وقال له: خذ هذا المال لئلّا تهتمّ بها وتهتمّ بك. قال، فبكى عبد الرّحمن فرحاً وقال: يا أهل البيت قد خصّكم الله بأشرف ما خصّ به أحداً من صلب آدم، فلتهنئكم هذه النّعمة، وبارك لكم فيها. فكان هذا الفعل بعض ما اشتهر به عبد الله بن جعفر من الجّود.
الزّنا أنواع
وقيل لأعرابيٍّ: أتعرف الزّنا، قال: وكيف لا. قيل: فما هو؟ قال: مصّ الرّيقة، ولثم العشيقة، والأخذ من الحديث بنصيب. قيل: ما هكذا نعدّه فينا! قال: فما تعدّونه؟ قيل: النّقّ الشديد أن تجمع بين الرّكبة والوريد، وصوتٌ يوقظ النّوام، وفعلٌ يوجب كثيراً من الآثام. قال: لله ما يفعل هذا العدوّ البعيد، فكيف الصّديق الودود.
أخبار أهل العفاف
وقيل لآخر: ما كنت صانعاً لو ظفرت بمن تهوى؟ قال: كنت أطيع الحبّ في لثامها، وأعصي الشّيطان في آثامها، ولا أفسد بضع عشرة سنين فيما يبقى ذميماً عاره، وينشر قبيح أخباره في ساعةٍ تفقد لذّتها. إنّي إذاً لئيمٌ، ولم يلدني كريمٌ.
الحبّ ما لا يغضب الرّب
وقيل لآخر: ما أنت صانعٌ إن ظفرت بمن تحب؟ قال: أحلل ما يشتمل عليه الخمار وأحرّم ما كتمه الإزار، وأزجر الحبّ عمّا يغضب الرّب.
________________________________________________
- ناجح المتولى
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3753
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
رد: من صيرة العشق إلى الأخلاط والجنون
الجمعة 12 أغسطس 2011, 19:24
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى