- إيمان إبراهيم مساعد
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3902
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
اين ذهب الاخلاق الان ؟
الأحد 31 يوليو 2011, 23:21
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت...فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
الدين و الأخلاق..لكل منهما كيانه المستقل بذاته والظروف التي تساهم في تكوينه وتشكيله في فراغه الخاص، فبقدر عمق ارتباطهما، ينتج بينهما التفاعل الذي يحدد ملامح الشخصية ويجسم أبعادها. وفي تربة الشخصية قد تتشابك جذور الدين والأخلاق، ولكن يبقى نمو كل منهما على حدة؛ مستقلا بذاته ومتفردا بصفاته.
ولتكوين شخصية سوية، لا غنى عن عنصري الدين والأخلاق كل ككيان منفرد؛ فالأخلاق في معظم الأديان هي جزء لايتجزأ من الدين، الذي هو بغض النظر عن عقيدة الشخص و معتقداته فطرة طبيعية، إنكارها أو إهمالها يكون له أثر كبير في تشويه الشخصية و انحرافها.
و قد يخطئ البعض اذ يعتقد أن نشأة الانسان دينيا (و المقصود هنا بـ"الدين" ليس ديانة بعينها، بل المفهوم العام للدين في ذات الانسان، أو الوعي الديني الذي سيأتي ذكره لاحقاً) نشأة سليمة و اهمال الجانب الأخلاقي أو العكس، سيغني عن هذا الجانب المهمل و ينميه تلقائيا. ذلك لأن كل من الدين و الأخلاق كالكوبين اللذان يختلف امتلاؤهما من شخص لاًخر، و كذلك يُملأ كل منهما على حدة، بمعنى أن المغالاة في ملأ كوب"الوعي الديني" مثلاً لن تؤدي إلا الى امتلائه عن اًخره وسكب ما يزيد عن طاقته ليس إلا، وسيبقى كوب الأخلاق فارغا ما لم تكن هناك محاولة لملئه هو الاًخر، والعكس في هذا المثال يطبق. وإذا واجه الانسان الحياة بأحد هذين الكوبين فارغ أو شبه فارغ، بغض النظر عن مدى امتلاء الكوب الاًخر، سيكون انساناً ذا شخصية غير سوية، تغالب نفسه ضميره و تغلب في أحيان كثيرة، فيدخل الانسان في دوامة الفساد الأخلاقي و العقائدي.
و في الإسلام، علاقة الأخلاق بالدين هي علاقة الجزء بالكل، فلا يستوي الدين ولا يتم بوجود ما ينتقص من الأخلاق أو يشوبها، وهذه العلاقة إذا تصورناها هي كدائرتين تحتوي واحدة منهما على الاُخرى، والزيادة في حجم الدائرة الداخلية يزيد من الحجم العام لهذا الشكل، و نقصها يقلل منه، و بالتالي فان الأخلاق هي جزء ثابت و أساسي من الدين، ولكن في نفس الوقت هي دائرة لها كيانها الخاص، وحجمها يخضع لظروفه الذاتية المستقلة، التي هي بالتبعية جزء من الاطار العام، وهو الدين.
ما دفعني لكتابة هذا المقال كان نتيجة ملاحظة ظاهرتين واضحتين جداً في الفترة الأخيرة هما :
1- زيادة الوعي الديني و الثقافة الدينية بدرجة كبيرة، لاحظ هنا لم أقل التدين فالتدين هو مقياس خفى وعلاقة بين الإنسان وربه، لا دخل لأحد بها، أما الوعي الديني فهو ما يراه الانسان من مظاهر التدين على إنسان اُخر وهو مقياس ظاهري.
2- الانحطاط الأخلاقي المستفحل الذي نراه رؤيا العين بكل أشكاله في شتى المجالات.
و اذا تأملنا معاً هاتين الظاهرتين وأمعنا النظر فيهما، فإن هذا الكم من التناقض الغريب الذي يثير التساؤل و التفكير ويبعث على الحيرة في أحيان كثيرة، المتمثل مثلا في الشخصية السينمائية لتاجر المخدرات الذي يقول لرجاله: "احنا حاننفذ العملية اناهردة ان شاء الله، و حنعمل اللي علينا ونسيب الباقي على ربنا" ما أكثره في واقع الحياة، ممن انعدم عندهم تماماً معنى الأخلاق، فهذه الفئة على قدر كبير من "الوعي الديني"، و تاجر المخدرات هذا من ناحية التدين منافق، ولكن فيما يخص الوعي الديني فهو يمتلك الكثير منه، وفيما يخص كوب الوعي الديني فهو على قدر كبير من الامتلاء .
و لكن ماذا عن كوب الأخلاق؟ هل هو ممتلئ بالقدر ذاته؟ أم هو ناقص بعض الشئ؟ أم هو ناقص لدرجة قد تقارب الفراغ أحياناً؟
إذن فلنتفق على أن المشكلة تتمثل في فراغ كوب الأخلاق، الذي يؤدي الى اضمحلال دائرة الأخلاق وتلاشيها، ومن ثم فقد جوهر الدين والعقيدة، و تحول الشخص من إنسان متدين لإنسان منافق. فالمنافق إذاً هو من كان على درجة كبيرة من التدين الظاهري و الوعي الديني، و لكنه يفتقر إلى الأخلاق. وبمدى تعدد و كثرة الصفات التي يتضمنها مفهوم الأخلاق، تتعدد وتكثر أشكال المنافقين وتختلف صفاتهم، فالحرامي و المختلس و النصاب و المرتشي و غيرهم ممن نراهم يومياً هم من المنافقين.
ان ما يواجهه المجتمع من تردٍ عام و فساد و تخلف مخجل لا يليق بمكانة أمتنا أو تاريخها، يرجع في الأصل لانتشار هؤلاء المنافقين ممن غاب عنهم الحياء و محاسبة النفس و المفهوم الأخلاقي الذي استبدلته "الفهلوة"، و صار الفن و التفنن في عمل كل ما هو لا أخلاقي مدعاة للفخر و مثار اعجاب هذه الفئة التي غاب عنها المعنى الحقيقي للأخلاق.
و من هذا المنطلق أود أن أوجه دعوة للرجوع الى الأخلاق الفاضلة و التحلي بمكارم الأخلاق ، و البعد عن فساد الخلق والأخلاق، و لتكن قدوتنا في ذلك الرسول (صلى الله عليه و سلم) الصادق الأمين الذي قال: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والذي استحق بأخلاقه المثالية ثناء الله تعالى عليه بقوله: (و انك لعلى خلق عظيم) .(القلم:4).
الدين و الأخلاق..لكل منهما كيانه المستقل بذاته والظروف التي تساهم في تكوينه وتشكيله في فراغه الخاص، فبقدر عمق ارتباطهما، ينتج بينهما التفاعل الذي يحدد ملامح الشخصية ويجسم أبعادها. وفي تربة الشخصية قد تتشابك جذور الدين والأخلاق، ولكن يبقى نمو كل منهما على حدة؛ مستقلا بذاته ومتفردا بصفاته.
ولتكوين شخصية سوية، لا غنى عن عنصري الدين والأخلاق كل ككيان منفرد؛ فالأخلاق في معظم الأديان هي جزء لايتجزأ من الدين، الذي هو بغض النظر عن عقيدة الشخص و معتقداته فطرة طبيعية، إنكارها أو إهمالها يكون له أثر كبير في تشويه الشخصية و انحرافها.
و قد يخطئ البعض اذ يعتقد أن نشأة الانسان دينيا (و المقصود هنا بـ"الدين" ليس ديانة بعينها، بل المفهوم العام للدين في ذات الانسان، أو الوعي الديني الذي سيأتي ذكره لاحقاً) نشأة سليمة و اهمال الجانب الأخلاقي أو العكس، سيغني عن هذا الجانب المهمل و ينميه تلقائيا. ذلك لأن كل من الدين و الأخلاق كالكوبين اللذان يختلف امتلاؤهما من شخص لاًخر، و كذلك يُملأ كل منهما على حدة، بمعنى أن المغالاة في ملأ كوب"الوعي الديني" مثلاً لن تؤدي إلا الى امتلائه عن اًخره وسكب ما يزيد عن طاقته ليس إلا، وسيبقى كوب الأخلاق فارغا ما لم تكن هناك محاولة لملئه هو الاًخر، والعكس في هذا المثال يطبق. وإذا واجه الانسان الحياة بأحد هذين الكوبين فارغ أو شبه فارغ، بغض النظر عن مدى امتلاء الكوب الاًخر، سيكون انساناً ذا شخصية غير سوية، تغالب نفسه ضميره و تغلب في أحيان كثيرة، فيدخل الانسان في دوامة الفساد الأخلاقي و العقائدي.
و في الإسلام، علاقة الأخلاق بالدين هي علاقة الجزء بالكل، فلا يستوي الدين ولا يتم بوجود ما ينتقص من الأخلاق أو يشوبها، وهذه العلاقة إذا تصورناها هي كدائرتين تحتوي واحدة منهما على الاُخرى، والزيادة في حجم الدائرة الداخلية يزيد من الحجم العام لهذا الشكل، و نقصها يقلل منه، و بالتالي فان الأخلاق هي جزء ثابت و أساسي من الدين، ولكن في نفس الوقت هي دائرة لها كيانها الخاص، وحجمها يخضع لظروفه الذاتية المستقلة، التي هي بالتبعية جزء من الاطار العام، وهو الدين.
ما دفعني لكتابة هذا المقال كان نتيجة ملاحظة ظاهرتين واضحتين جداً في الفترة الأخيرة هما :
1- زيادة الوعي الديني و الثقافة الدينية بدرجة كبيرة، لاحظ هنا لم أقل التدين فالتدين هو مقياس خفى وعلاقة بين الإنسان وربه، لا دخل لأحد بها، أما الوعي الديني فهو ما يراه الانسان من مظاهر التدين على إنسان اُخر وهو مقياس ظاهري.
2- الانحطاط الأخلاقي المستفحل الذي نراه رؤيا العين بكل أشكاله في شتى المجالات.
و اذا تأملنا معاً هاتين الظاهرتين وأمعنا النظر فيهما، فإن هذا الكم من التناقض الغريب الذي يثير التساؤل و التفكير ويبعث على الحيرة في أحيان كثيرة، المتمثل مثلا في الشخصية السينمائية لتاجر المخدرات الذي يقول لرجاله: "احنا حاننفذ العملية اناهردة ان شاء الله، و حنعمل اللي علينا ونسيب الباقي على ربنا" ما أكثره في واقع الحياة، ممن انعدم عندهم تماماً معنى الأخلاق، فهذه الفئة على قدر كبير من "الوعي الديني"، و تاجر المخدرات هذا من ناحية التدين منافق، ولكن فيما يخص الوعي الديني فهو يمتلك الكثير منه، وفيما يخص كوب الوعي الديني فهو على قدر كبير من الامتلاء .
و لكن ماذا عن كوب الأخلاق؟ هل هو ممتلئ بالقدر ذاته؟ أم هو ناقص بعض الشئ؟ أم هو ناقص لدرجة قد تقارب الفراغ أحياناً؟
إذن فلنتفق على أن المشكلة تتمثل في فراغ كوب الأخلاق، الذي يؤدي الى اضمحلال دائرة الأخلاق وتلاشيها، ومن ثم فقد جوهر الدين والعقيدة، و تحول الشخص من إنسان متدين لإنسان منافق. فالمنافق إذاً هو من كان على درجة كبيرة من التدين الظاهري و الوعي الديني، و لكنه يفتقر إلى الأخلاق. وبمدى تعدد و كثرة الصفات التي يتضمنها مفهوم الأخلاق، تتعدد وتكثر أشكال المنافقين وتختلف صفاتهم، فالحرامي و المختلس و النصاب و المرتشي و غيرهم ممن نراهم يومياً هم من المنافقين.
ان ما يواجهه المجتمع من تردٍ عام و فساد و تخلف مخجل لا يليق بمكانة أمتنا أو تاريخها، يرجع في الأصل لانتشار هؤلاء المنافقين ممن غاب عنهم الحياء و محاسبة النفس و المفهوم الأخلاقي الذي استبدلته "الفهلوة"، و صار الفن و التفنن في عمل كل ما هو لا أخلاقي مدعاة للفخر و مثار اعجاب هذه الفئة التي غاب عنها المعنى الحقيقي للأخلاق.
و من هذا المنطلق أود أن أوجه دعوة للرجوع الى الأخلاق الفاضلة و التحلي بمكارم الأخلاق ، و البعد عن فساد الخلق والأخلاق، و لتكن قدوتنا في ذلك الرسول (صلى الله عليه و سلم) الصادق الأمين الذي قال: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والذي استحق بأخلاقه المثالية ثناء الله تعالى عليه بقوله: (و انك لعلى خلق عظيم) .(القلم:4).
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى