- إيمان إبراهيم مساعد
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3909
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
الكيمياء - جابر بن حيان
الأحد 31 يوليو 2011, 01:25
إن ريادة جابر بن حيان في اعتماد المنهج العلمي في الكيمياء وإجراء الاختبارات المخبرية واستكشاف تقنيات التقطير، أكسبته لقب "أبو الكيمياء".
يعتبر الجامع الأموي في دمشق بزخارف سقفه المطعمة والمطلية بالذهب من ضمن التطورات في فن الزخرفة بالمعادن التي حصلت في الماضي والتي أدت إلى تقليل الاعتماد على الذهب الخالص في الزخرفة.
كان الرصاص يستخدم أيضاً لإضفاء لمعان على سطح قطع السيراميك، وقد ساعد استخدام مغاطس الصباغ المختلفة على تغيير وجه الحضارة.
بدأ اعتماد المعادن في الأعمال الفنية في الشرق الأوسط خلال حكم العباسيين لهذه المنطقة.
وفي دمشق مرَّ تراث الأعمال الفنية المعدنية عبر مرحلة تطور طويلة قبل أن تصل إلى مرحلة ازدهارها، كان النُحاس من بين المعادن القليلة الأولى التي تم استخدامها في التطعيم، إن ُمزج النحاس مع القصدير يعطي البرونز.
إلى جانب الزخرفة كانت دمشق تُشتهر بسيوفها، وقد ذكر " الكندي" السيوف الدمشقية في كتابه.
اليوم في الغرب يعتبر اسم الصلب الدمشقي رمزاً لأفضل أنواع السكاكين والسيوف وأجودها نوعية في العالم، كما أن اسم "البندقية الدمشقية" ما زال يطلق على بندقية قديمة مصنوعة يدوياً ولها ماسورتين.
د. أزمان جالار:
كان هذا المكان يحظى بأهمية كبيرة في التاريخ، فمن المعدن الدمشقي كانت تصنع السكاكين والسيوف وغيرها من الأدوات. وهي حادة ومتينة، قادرة على قطْع قطعة من الحرير بالإضافة إلى قدرتها على قطع قطع معدنية أخرى بكل سهولة، كلها كانت أدوات رائعة، وقد بقيت تقنية الفولاذ الدمشقي متداولة حتى القرن الرابع عشر، إلا أن هذه التقنية قد ضاعت ولم يعد باستطاعة العلماء المعاصرين اكتشاف طريقة صنعه.
المعلق:
كان أساس تطور الكيمياء في العالم الإسلامي هو الرغبة في تلبية الحاجات اليومية للشعب، وتعد أزقة خان الخليلي مثالاً لتقليد صناعة الأدوات المنزلية المصنوعة من المعدن التي كانت رخيصة وتدوم طويلا، وقد حلَّت مكان الأواني الفخارية المصنوعة في الحقبة السابقة.
ظهر المعدن ذي الجودة العالية بواسطة جهود مراهق اسمه أبو موسى جابر بن حيَّان
وهو من مواليد عام سبعمائة وواحد وعشرين للميلاد في مدينة "طوس" في إيران.
برزت براعة جابر ابن حيان خلال خدمته للخلفاء في بغداد. رفض النظرية اليونانية في الشمولية وأجرى من جهة أخرى اختباراته الخاصة، لتحديد مدى صلاحيتها، لم تذهب جهوده سدًى، إذ نجح أخيراً في وضع أول طريقة للتقطير في العالم.
هذا هو جهاز التقطير الذي اخترعه جابر بن حيان. يُطلق على هذه الطريقة اسم "التقطير" ويستخدم فيها جهاز زجاجي له قمع طويل لا يزال يعرف حتى اليوم في الغرب باسم "Alembic" من "الأمبيق" باللغة العربية . وقد تمكن جابر بن حيان من تحسين نوعية زجاج هذه الأداة بمزجه بثاني أكسيد المنجنيز.
إن ثاني أكسيد المنجنيز يساعد على جعل سطح الزجاج أكثر نقاوة، ويزيل البقع الخضراء التي تمنع شفافيته. ولا تزال هذه الطريقة تستعمل حتى أيامنا هذه.
كانت بعض أهم مراكز صناعة الزجاج الشهيرة إبان مجد الحضارة الإسلامية تتمركز في دمشق. وقد استمر العمل على تحسين نوعية المواد الكيميائية وأشكال الأدوات الزجاجية تطوره بشكل كبير بعد ذلك .
بدأ العالم الغربي يتعرف على فن الزجاج المزخرف خلال الحرب الصليبية، تابعت هذه التقنية تطوّرها خلال الخلافة العثمانية الإسلامية. وحتى مطلع القرن التاسع عشر كانت القطع المصنوعة بشكل فني فريد ما تزال تحظى باهتمام أوروبا.
باختراع جابر بن حيان لجهاز "الإمبيق" تأسس مفهوم التقطير في العالم، وهي عملية فصل مادتين سائلتين عن بعضهما البعض من خلال فرق ضغط البخار بينهما.
ساعدت هذه الطريقة جابر ابن حيان على إيجاد عدة أنواع من الأحماض، ومن بينها حمض الأسيتيك المستخرج من الخل، وحمض الطَّرطريك المستخرج من فضالة النبيذ، وحمض الستريك من المخلَّلات و عصير الحامض والفاكهة غير الناضجة، وحمض النيتريك وحمض الهيدروكلوريك من مزج أنواع مختلفة من الأملاح والكبريت والأمونيا.
لا تزال عملية التقطير التي ابتكرها جابر بن حيان تستخدم حتى أيامنا هذه . على سبيل المثال ً تُسخَّن الحبوب المتخمِّرة على درجة حرارة معينة لاستخراج روح الكحول. تتبخَّر الكحول المسخنة وترتفع إلى الأعلى بفعل الضغط، وتُحتجز داخل جهاز التكثيف.
يتحوَّل البخار بفعل العنصر المبرّد المكثِّف إلى فقاعات صغيرة قبل أن تتحوَّل من جديد إلى سائل. في الواقع أن كلمة "آكول" مشتقة من الكلمة العربية "الكحول".
درس جابر بن حيان نظرية الفيلسوف اليوناني أرسطو لفهم تركيبة العناصر الطبيعية وهي: النار والماء والهواء والتربة. وفي النهاية أعاد ترتيب هذه العناصر من خلال التفاعلات التي حدثت بينها.
إن تسخين مادة جافة يولِّد النار، وتسخين مادة رطبة يولِّد البخار.
البرودة والرطوبة معا تنتجان سائلا من صنف الماء، أما البرودة والجفاف فينتج عنهما الحالة الصلبة.
بحسب رأي ابن حيان ، فإن تعريض معدن إلى هذه العملية يمكن أن يحوِّله إلى نوع جديد من المعدن، كما كان يعتقد أن جميع المعادن تحتوي على كبريت وزئبق، هذا يمكن أن يؤدي إلى تغيير شكل ولون ومذاق ورائحة المادة عند تعرضها للتسخين.
بدأ جابر تجربته على معدن يحتوي على نسبة مرتفعة من الكبريت، فرأى أنه عند درجة حرارة معينة تتأكسد مادة الكبريت في المعدن الجاف وتولِّد نارا، هذه كانت أول خطوة نحو اختراع حمض الكبريتيك عبر عملية التقطير.
إن تسخين موادا صلبة كالكبريت على درجة حرارة مرتفعة، يُنتج مواد سائلة أو غازية، تتحول مواد مثل كبريتات الكبريت إلى ثاني أكسيد الكبريت الذي يمكن إذابته في الماء ليصبح حمض الكبريتيك.
تُعتبر هذه الطريقة أساس تطور هذه الصناعة في أيامنا الحاضرة، وهي تتضمن عملية تحويل المواد الأولية إلى مواد جديدة تبعاً لحاجة الإنسان، ينتج الفحم مواد سائلة وغازية بالإضافة إلى القطران. وينتج الخشب حمض الخل والكحول والخشب والفحم، كما ينتج عن النفط غاز الميثان.
توسعت اختبارات التقطير عند جابر بن حيان لتشمل أنواعاً مختلفة من الأملاح مع حمض الكبريتيك، فنتج عنها اكتشاف حمضان جديدان هما: حمض الهيدروكلوريك وحمض النيتريك، يُنتج حمض النيتريك من مزج حمض الكبريتيك ونترات الصوديَوم أو عبر أكسدة الأمونيا.
لقد كانت النتائج مذهلة، لا يمكن لحمض النيتريك وحده ولا لحمض الهيدروكلوريك وحده أن يذيب المعادن. لكنهما عندما يمزجان معا يتفاعلان فيذيبان حتى الذهب الذي يُعتبر ملك المعادن، يُطلق على هذا المزيج اسم : الماء الملكي.
إن نجاح جابر بن حيان في القرن الثامن الميلادي كان ملبيا لرغبة جميع الكيميائيين، كان هذا النجاح فتحا في هذا المجال إذ أوجد مفهوما جديداً للطلي بالذهب، فأعطى طرقاً لطلي معادن أخرى.
كان الحبر الذهبي واحداً من اختراعات جابر ابن حيان التي كان رائداً فيها من خلال التفاعل الكيميائي للذهب.
كان للمعدن المذاب قدرة على الالتصاق بقوة على الزجاج، وقد شكَّل ذلك أساسا أيضاً لاستخدام حبر الذهب لكتابة النصوص القديمة ، بالإضافة إلى استخدامه كملون للملابس والجلد.
يمكن مشاهدة أمثلة عن عمليات الطلي بماء الذهب والتي توارثتها الأجيال في منطقة الشرق الأوسط، هنا في خان الخليلي في القاهرة.
انتشرت الأسس التي وضعها جابر بن حيان في بغداد والكوفة إلى المنطقة الغربية من الإمبراطورية الإسلامية مثل سوريا ومصر بعد أن دمَّر الغزو المغولي مركز الإدارة الإسلامي هناك في القرن الثالث عشر.
في أيامنا هذه، لا يعتمد استخراج الذهب على نظرية التذويب باستخدام الوقود فقط، لم تكن عملية الطلي بالذهب مستخدمة قبل الحقبة الإسلامية. ففي ذلك الوقت كانت عملية الحصول على الذهب الخالص والفضة، تستدعي حرارة عالية
للتذويب بغية الحصول على تصاميم لا يمكن أن يمتلكها إلا الملوك والأثرياء، أصبحت عملية الطلي هي الحل لصناعة أدوات مقاومة للصدأ، خفيفة وذات جودة عالية، يمكن أن يستخدمها عامة الناس و على نطاق واسع لتحل مكان المعادن المكلفة كالذهب والفضة.
تعاني سلالة "محمد الشبلي" من إمكانات مادية محدودة ونقص في التقنيات الحديثة، ما يمنعها من مواكبة التطور الذي تشهده الدول المتقدمة وبشكل خاص الغرب.
ولكن العالم الغربي في الحقيقة لم يكن على دراية بهذه المعرفة بكل جوانبها إلا بعد أن تُرجمت كتب جابر بن حيان العديدة في منتصف القرن الثاني عشر، منها: كتاب "الكيمياء" و "الأسرار" و "الخمائر الصغيرة" وغيرها.
شكَّلت الترجمة نقطة البداية لتطور الكيمياء في العالم الغربي، ففي ذلك الوقت كان اسم جابر بن حيان يكتب "جبر" بينما كان مصطلح الكيمياء في كتابه يكتب "الخيمياء".
يعتبر كتاب "الكيمياء" هذا من أهم المراجع في المعاهد الأوروبية العالية المعاصرة، ولا يزال الغرب يستخدم الكثير من المصطلحات العلمية التي وضعها المسلمون بشكل محرف.
د. أزمان:
أوجد جابر بن حيان منهج اختبار لا يزال تستخدم حتى أيامنا هذه. ولكن هذا المنهج لم يكن قائما بحد ذاته، بل كان ثمة عدة أجهزة اخترعها ابن حيان لتسانده، لقد صمم جهاز التقطير وأنواع مختلفة من الأفران ولكل منها وظيفته الخاصة به، ففي عملية الإحراق، صمم نوعاً خاصاً من الأفران للتحكم بالحرارة، وكانت كلها من بين اكتشافاته المهمة.
استخدمت طريقة التقطير للحصول على أنواع مختلفة من حمض الكبريتيك، مما أدَّى إلى حدوث تطور تقني في مجالي الأحماض والقلويَّات.
المعلق:
يرى البروفسور "إبراهيم" إنه بالإمكان بعث روح مثابرة جابر بن حيان في قُلوب أجيال اليوم، لقد تعلَّم هو شخصياً من تاريخ ابن حيان، التصميم على المساهمة في حقل الكيمياء.
إن الأدوية وبعض المواد التي كان يعتقد ان لا فائدة منها مثل قشرة الأرُز وغبار الخشب، استفاد منها البروفسور إبراهيم في بحثه الذي يعتمد على تقنية المطَّاط الطبيعي المتلَّدن حراريا والخشب المصنع ، كبديل عن الألياف المستخدمة "الفيبرغلاس" نظرا لإمكانية تحول هذه المادة إلى صفائح متعددة السماكة مقاومة للماء وتصمد لوقت طويل، وتكون ملائمة أيضاً لصنع الأثاث المنزلي كالخزائن ولوحات أجهزة القياس في السيارات. وهي مادة ارخص من الفيبرغلاس.
فالمادة المستخرجة مثلاً من قشر الأرُز يمكننا أن نصنع منها ملابس مقاومة للحريق وأغطية وسادات وأحزمة، إلا أنه لم يكن يتطلع للحصول على تقدير كبير على المستوى العالمي لقاء جهوده لاختراع مادة جديدة.
د. إبراهيم:
للخشب المصنع الذي ابتكرناه قوى متعددة، إن مرونته ومتانته معا جعلته يصبح مفضَّلا اليوم ليحل مكان غيره من المواد المركبة في تلبيس الزوارق والسفن، يمكن إجراء تعديلات على هذه التركيبة لتتماشى مع المواصفات المتنوعة المطلوبة .
هذه عيّنة عن تركيبة مضغوطة مناسبة لاستخدامها كبلاط للأرض أو للأبواب أو للمقصورات.
المعلق:
في عام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين، حصل على جائزة لاختراعه المطاط الطبيعي المتلَّدن حراريا، وفي عام ألفين وثلاثة حصل على جائزة لاختراعه الخشب المصنع .
لم يجد البروفسور إبراهيم صعوبة في تحقيق هذه النجاحات، وهو الذي اعتبر جابر بن حيان مثالاً له يحتذى به، إن جابر بن حيان الذي توفي في عام ثمانمائة وخمسة عشر في الكوفة - العراق وهو في الخامسة والتسعين من عمره، لم يخفِ اكتشافاته بل بذل جهداً كبيراً لتطوير حياة الإنسان تلبية ً لنداء دينه.
لقد رفع منزلة الحضارة الإسلامية في زمن قمع فيه العالم الغربي تطور المعرفة لأنه وجدها غريبة على المعتقدات الدينية، فانحرف اهتمام الناس إلى ممارسة المعارف الخفية والخارقة للطبيعة.
لا يمكن أن ننسى جابر بن حيان هو الذي تمكن من نقل العقل الإنساني من ضفة الخيمياء وعبس السيمياء إلى سكة الكيمياء العلم النافع الذي ينتج منه ما يحتاجه الإنسان في حياته
يعتبر الجامع الأموي في دمشق بزخارف سقفه المطعمة والمطلية بالذهب من ضمن التطورات في فن الزخرفة بالمعادن التي حصلت في الماضي والتي أدت إلى تقليل الاعتماد على الذهب الخالص في الزخرفة.
كان الرصاص يستخدم أيضاً لإضفاء لمعان على سطح قطع السيراميك، وقد ساعد استخدام مغاطس الصباغ المختلفة على تغيير وجه الحضارة.
بدأ اعتماد المعادن في الأعمال الفنية في الشرق الأوسط خلال حكم العباسيين لهذه المنطقة.
وفي دمشق مرَّ تراث الأعمال الفنية المعدنية عبر مرحلة تطور طويلة قبل أن تصل إلى مرحلة ازدهارها، كان النُحاس من بين المعادن القليلة الأولى التي تم استخدامها في التطعيم، إن ُمزج النحاس مع القصدير يعطي البرونز.
إلى جانب الزخرفة كانت دمشق تُشتهر بسيوفها، وقد ذكر " الكندي" السيوف الدمشقية في كتابه.
اليوم في الغرب يعتبر اسم الصلب الدمشقي رمزاً لأفضل أنواع السكاكين والسيوف وأجودها نوعية في العالم، كما أن اسم "البندقية الدمشقية" ما زال يطلق على بندقية قديمة مصنوعة يدوياً ولها ماسورتين.
د. أزمان جالار:
كان هذا المكان يحظى بأهمية كبيرة في التاريخ، فمن المعدن الدمشقي كانت تصنع السكاكين والسيوف وغيرها من الأدوات. وهي حادة ومتينة، قادرة على قطْع قطعة من الحرير بالإضافة إلى قدرتها على قطع قطع معدنية أخرى بكل سهولة، كلها كانت أدوات رائعة، وقد بقيت تقنية الفولاذ الدمشقي متداولة حتى القرن الرابع عشر، إلا أن هذه التقنية قد ضاعت ولم يعد باستطاعة العلماء المعاصرين اكتشاف طريقة صنعه.
المعلق:
كان أساس تطور الكيمياء في العالم الإسلامي هو الرغبة في تلبية الحاجات اليومية للشعب، وتعد أزقة خان الخليلي مثالاً لتقليد صناعة الأدوات المنزلية المصنوعة من المعدن التي كانت رخيصة وتدوم طويلا، وقد حلَّت مكان الأواني الفخارية المصنوعة في الحقبة السابقة.
ظهر المعدن ذي الجودة العالية بواسطة جهود مراهق اسمه أبو موسى جابر بن حيَّان
وهو من مواليد عام سبعمائة وواحد وعشرين للميلاد في مدينة "طوس" في إيران.
برزت براعة جابر ابن حيان خلال خدمته للخلفاء في بغداد. رفض النظرية اليونانية في الشمولية وأجرى من جهة أخرى اختباراته الخاصة، لتحديد مدى صلاحيتها، لم تذهب جهوده سدًى، إذ نجح أخيراً في وضع أول طريقة للتقطير في العالم.
هذا هو جهاز التقطير الذي اخترعه جابر بن حيان. يُطلق على هذه الطريقة اسم "التقطير" ويستخدم فيها جهاز زجاجي له قمع طويل لا يزال يعرف حتى اليوم في الغرب باسم "Alembic" من "الأمبيق" باللغة العربية . وقد تمكن جابر بن حيان من تحسين نوعية زجاج هذه الأداة بمزجه بثاني أكسيد المنجنيز.
إن ثاني أكسيد المنجنيز يساعد على جعل سطح الزجاج أكثر نقاوة، ويزيل البقع الخضراء التي تمنع شفافيته. ولا تزال هذه الطريقة تستعمل حتى أيامنا هذه.
كانت بعض أهم مراكز صناعة الزجاج الشهيرة إبان مجد الحضارة الإسلامية تتمركز في دمشق. وقد استمر العمل على تحسين نوعية المواد الكيميائية وأشكال الأدوات الزجاجية تطوره بشكل كبير بعد ذلك .
بدأ العالم الغربي يتعرف على فن الزجاج المزخرف خلال الحرب الصليبية، تابعت هذه التقنية تطوّرها خلال الخلافة العثمانية الإسلامية. وحتى مطلع القرن التاسع عشر كانت القطع المصنوعة بشكل فني فريد ما تزال تحظى باهتمام أوروبا.
باختراع جابر بن حيان لجهاز "الإمبيق" تأسس مفهوم التقطير في العالم، وهي عملية فصل مادتين سائلتين عن بعضهما البعض من خلال فرق ضغط البخار بينهما.
ساعدت هذه الطريقة جابر ابن حيان على إيجاد عدة أنواع من الأحماض، ومن بينها حمض الأسيتيك المستخرج من الخل، وحمض الطَّرطريك المستخرج من فضالة النبيذ، وحمض الستريك من المخلَّلات و عصير الحامض والفاكهة غير الناضجة، وحمض النيتريك وحمض الهيدروكلوريك من مزج أنواع مختلفة من الأملاح والكبريت والأمونيا.
لا تزال عملية التقطير التي ابتكرها جابر بن حيان تستخدم حتى أيامنا هذه . على سبيل المثال ً تُسخَّن الحبوب المتخمِّرة على درجة حرارة معينة لاستخراج روح الكحول. تتبخَّر الكحول المسخنة وترتفع إلى الأعلى بفعل الضغط، وتُحتجز داخل جهاز التكثيف.
يتحوَّل البخار بفعل العنصر المبرّد المكثِّف إلى فقاعات صغيرة قبل أن تتحوَّل من جديد إلى سائل. في الواقع أن كلمة "آكول" مشتقة من الكلمة العربية "الكحول".
درس جابر بن حيان نظرية الفيلسوف اليوناني أرسطو لفهم تركيبة العناصر الطبيعية وهي: النار والماء والهواء والتربة. وفي النهاية أعاد ترتيب هذه العناصر من خلال التفاعلات التي حدثت بينها.
إن تسخين مادة جافة يولِّد النار، وتسخين مادة رطبة يولِّد البخار.
البرودة والرطوبة معا تنتجان سائلا من صنف الماء، أما البرودة والجفاف فينتج عنهما الحالة الصلبة.
بحسب رأي ابن حيان ، فإن تعريض معدن إلى هذه العملية يمكن أن يحوِّله إلى نوع جديد من المعدن، كما كان يعتقد أن جميع المعادن تحتوي على كبريت وزئبق، هذا يمكن أن يؤدي إلى تغيير شكل ولون ومذاق ورائحة المادة عند تعرضها للتسخين.
بدأ جابر تجربته على معدن يحتوي على نسبة مرتفعة من الكبريت، فرأى أنه عند درجة حرارة معينة تتأكسد مادة الكبريت في المعدن الجاف وتولِّد نارا، هذه كانت أول خطوة نحو اختراع حمض الكبريتيك عبر عملية التقطير.
إن تسخين موادا صلبة كالكبريت على درجة حرارة مرتفعة، يُنتج مواد سائلة أو غازية، تتحول مواد مثل كبريتات الكبريت إلى ثاني أكسيد الكبريت الذي يمكن إذابته في الماء ليصبح حمض الكبريتيك.
تُعتبر هذه الطريقة أساس تطور هذه الصناعة في أيامنا الحاضرة، وهي تتضمن عملية تحويل المواد الأولية إلى مواد جديدة تبعاً لحاجة الإنسان، ينتج الفحم مواد سائلة وغازية بالإضافة إلى القطران. وينتج الخشب حمض الخل والكحول والخشب والفحم، كما ينتج عن النفط غاز الميثان.
توسعت اختبارات التقطير عند جابر بن حيان لتشمل أنواعاً مختلفة من الأملاح مع حمض الكبريتيك، فنتج عنها اكتشاف حمضان جديدان هما: حمض الهيدروكلوريك وحمض النيتريك، يُنتج حمض النيتريك من مزج حمض الكبريتيك ونترات الصوديَوم أو عبر أكسدة الأمونيا.
لقد كانت النتائج مذهلة، لا يمكن لحمض النيتريك وحده ولا لحمض الهيدروكلوريك وحده أن يذيب المعادن. لكنهما عندما يمزجان معا يتفاعلان فيذيبان حتى الذهب الذي يُعتبر ملك المعادن، يُطلق على هذا المزيج اسم : الماء الملكي.
إن نجاح جابر بن حيان في القرن الثامن الميلادي كان ملبيا لرغبة جميع الكيميائيين، كان هذا النجاح فتحا في هذا المجال إذ أوجد مفهوما جديداً للطلي بالذهب، فأعطى طرقاً لطلي معادن أخرى.
كان الحبر الذهبي واحداً من اختراعات جابر ابن حيان التي كان رائداً فيها من خلال التفاعل الكيميائي للذهب.
كان للمعدن المذاب قدرة على الالتصاق بقوة على الزجاج، وقد شكَّل ذلك أساسا أيضاً لاستخدام حبر الذهب لكتابة النصوص القديمة ، بالإضافة إلى استخدامه كملون للملابس والجلد.
يمكن مشاهدة أمثلة عن عمليات الطلي بماء الذهب والتي توارثتها الأجيال في منطقة الشرق الأوسط، هنا في خان الخليلي في القاهرة.
انتشرت الأسس التي وضعها جابر بن حيان في بغداد والكوفة إلى المنطقة الغربية من الإمبراطورية الإسلامية مثل سوريا ومصر بعد أن دمَّر الغزو المغولي مركز الإدارة الإسلامي هناك في القرن الثالث عشر.
في أيامنا هذه، لا يعتمد استخراج الذهب على نظرية التذويب باستخدام الوقود فقط، لم تكن عملية الطلي بالذهب مستخدمة قبل الحقبة الإسلامية. ففي ذلك الوقت كانت عملية الحصول على الذهب الخالص والفضة، تستدعي حرارة عالية
للتذويب بغية الحصول على تصاميم لا يمكن أن يمتلكها إلا الملوك والأثرياء، أصبحت عملية الطلي هي الحل لصناعة أدوات مقاومة للصدأ، خفيفة وذات جودة عالية، يمكن أن يستخدمها عامة الناس و على نطاق واسع لتحل مكان المعادن المكلفة كالذهب والفضة.
تعاني سلالة "محمد الشبلي" من إمكانات مادية محدودة ونقص في التقنيات الحديثة، ما يمنعها من مواكبة التطور الذي تشهده الدول المتقدمة وبشكل خاص الغرب.
ولكن العالم الغربي في الحقيقة لم يكن على دراية بهذه المعرفة بكل جوانبها إلا بعد أن تُرجمت كتب جابر بن حيان العديدة في منتصف القرن الثاني عشر، منها: كتاب "الكيمياء" و "الأسرار" و "الخمائر الصغيرة" وغيرها.
شكَّلت الترجمة نقطة البداية لتطور الكيمياء في العالم الغربي، ففي ذلك الوقت كان اسم جابر بن حيان يكتب "جبر" بينما كان مصطلح الكيمياء في كتابه يكتب "الخيمياء".
يعتبر كتاب "الكيمياء" هذا من أهم المراجع في المعاهد الأوروبية العالية المعاصرة، ولا يزال الغرب يستخدم الكثير من المصطلحات العلمية التي وضعها المسلمون بشكل محرف.
د. أزمان:
أوجد جابر بن حيان منهج اختبار لا يزال تستخدم حتى أيامنا هذه. ولكن هذا المنهج لم يكن قائما بحد ذاته، بل كان ثمة عدة أجهزة اخترعها ابن حيان لتسانده، لقد صمم جهاز التقطير وأنواع مختلفة من الأفران ولكل منها وظيفته الخاصة به، ففي عملية الإحراق، صمم نوعاً خاصاً من الأفران للتحكم بالحرارة، وكانت كلها من بين اكتشافاته المهمة.
استخدمت طريقة التقطير للحصول على أنواع مختلفة من حمض الكبريتيك، مما أدَّى إلى حدوث تطور تقني في مجالي الأحماض والقلويَّات.
المعلق:
يرى البروفسور "إبراهيم" إنه بالإمكان بعث روح مثابرة جابر بن حيان في قُلوب أجيال اليوم، لقد تعلَّم هو شخصياً من تاريخ ابن حيان، التصميم على المساهمة في حقل الكيمياء.
إن الأدوية وبعض المواد التي كان يعتقد ان لا فائدة منها مثل قشرة الأرُز وغبار الخشب، استفاد منها البروفسور إبراهيم في بحثه الذي يعتمد على تقنية المطَّاط الطبيعي المتلَّدن حراريا والخشب المصنع ، كبديل عن الألياف المستخدمة "الفيبرغلاس" نظرا لإمكانية تحول هذه المادة إلى صفائح متعددة السماكة مقاومة للماء وتصمد لوقت طويل، وتكون ملائمة أيضاً لصنع الأثاث المنزلي كالخزائن ولوحات أجهزة القياس في السيارات. وهي مادة ارخص من الفيبرغلاس.
فالمادة المستخرجة مثلاً من قشر الأرُز يمكننا أن نصنع منها ملابس مقاومة للحريق وأغطية وسادات وأحزمة، إلا أنه لم يكن يتطلع للحصول على تقدير كبير على المستوى العالمي لقاء جهوده لاختراع مادة جديدة.
د. إبراهيم:
للخشب المصنع الذي ابتكرناه قوى متعددة، إن مرونته ومتانته معا جعلته يصبح مفضَّلا اليوم ليحل مكان غيره من المواد المركبة في تلبيس الزوارق والسفن، يمكن إجراء تعديلات على هذه التركيبة لتتماشى مع المواصفات المتنوعة المطلوبة .
هذه عيّنة عن تركيبة مضغوطة مناسبة لاستخدامها كبلاط للأرض أو للأبواب أو للمقصورات.
المعلق:
في عام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين، حصل على جائزة لاختراعه المطاط الطبيعي المتلَّدن حراريا، وفي عام ألفين وثلاثة حصل على جائزة لاختراعه الخشب المصنع .
لم يجد البروفسور إبراهيم صعوبة في تحقيق هذه النجاحات، وهو الذي اعتبر جابر بن حيان مثالاً له يحتذى به، إن جابر بن حيان الذي توفي في عام ثمانمائة وخمسة عشر في الكوفة - العراق وهو في الخامسة والتسعين من عمره، لم يخفِ اكتشافاته بل بذل جهداً كبيراً لتطوير حياة الإنسان تلبية ً لنداء دينه.
لقد رفع منزلة الحضارة الإسلامية في زمن قمع فيه العالم الغربي تطور المعرفة لأنه وجدها غريبة على المعتقدات الدينية، فانحرف اهتمام الناس إلى ممارسة المعارف الخفية والخارقة للطبيعة.
لا يمكن أن ننسى جابر بن حيان هو الذي تمكن من نقل العقل الإنساني من ضفة الخيمياء وعبس السيمياء إلى سكة الكيمياء العلم النافع الذي ينتج منه ما يحتاجه الإنسان في حياته
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى