القراءة الجديدة للثانى الثانوى2015 نسخ مباشر
الثلاثاء 29 يوليو 2014, 16:23
القراءة الجديدة للثانى الثانوى2015 نسخ مباشر
1/ إعمال العقل
زكي نجيب محمود
لقد قامت حضارات المسلمين ، كما قام غيرها على واقع ، وعلى علم بذلك الواقع .
وهاهو أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب ، وقد همّ بالخروج للقتال ، فجاءه منجم يدّعي القدرة على حساب الغيب ، ونصحه بألا يسير إلى القتال في تلك الساعة ، وبأن يجعل سيره على ثلاث ساعات مضين من النهار قائلا له : " إنك إن سرت في هذه الساعة ، أصابك وأصحابك أذى وضرّ شديد ، وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ، ظفرت وظهرت ، وأصبت ما طلبت " فما كان من الإمام عليّ – كرّم الله وجهه – إلا أن أعرض عن المنجم ، بعد أن عنّفه تعنيفا شديدا ، ومضى فيما كان ماضيا فيه ، وانتصر ، فقال لأصحابه ساعة النصر : لو سرنا في الساعة التي حددها لنا المنجم ، وانتصرنا ، لقال الناس : أن النصر إنما تحقق بفضل ذلك المنجم ونبوءته ، " أما إنه ما كان لمحمد - r - منجم ، ولا لنا بعده ، حتى فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر " .
إنه لمن أعجب ما يلفت النظر في طبيعة الإنسان ، أن الناس إذا اختلف بعضهم مع بعض على شيء تولاه العقل بالتحليل والحساب ، لم يغضب أحد منهم من أحد ، بل إنهم ليراجعون تحليلهم وحسابهم مرة أخرى ، حتي يذعن المخطئ للمصيب ، أما إذا اختلفوا على شيء في غير ميدان العقل ، شيء تولته العواطف والأهواء ، فلا أمل عندئذ في إقناع او اقتناع ، وقد تمتد بينهم الخصومة إلى حد القتال ، فكأنما يسهل عليهم أن يتنازلوا عن الرأي الذي يرونه بعقولهم ، ولا يسهل عليهم أن يفرطوا في ميل مالت بهم إليه عواطفهم ، مع أن رؤية العقل هي مجال اليقين ، وأما ميل العاطفة فطريق معبأ بالضباب .
على أنه لا جدوى من أن نردد كلمة " العقل " بألسنتنا دون أن نعني بها كل ما تعنيه تلك الكلمة ، أو ما يجب أن تعنيه ، إذ العقل – آخر الأمر – هو التخطيط المدروس ، ولا يكون للتخطيط المدروس معنى إلا أن يكون هناك أهداف واضحة مقصودة ، وأن يكون هناك مسح إحصائي للواقع كما هو قائم ، ثمّ يجيء ذلك التخطيط المدروس الذي هو " عقل " فيطوع هذا الواقع الذي رسمته لنا البحوث الإحصائية تطويعا يحقق تلك الأهداف التي قصدنا إلى تحقيقها .
إنه إذا قيل لنا : أين نقطة البدء التي بدأ منها تقدمنا فيهذا العصر ؟ لكان الجواب الصحيح هو : كانت البداية حين دعا الدعاة إلى صحوة " العقل " في وجه الموجة العاتية التي غمرتنا بطوفانها ، فإنها من خرافات . وما الخرافة ؟ هي قبل كلّ شيء ، وبعد كلّ شيء ربط المسببات بغير أسبابها .
أقول : إن تقدمنا قد بدأ ، عندما دعا الداعون إلى يقظة العقل ، لترتبط النتائج بأسبابها الصحيحة ، وكان من أبرز هؤلاء الداعين إلى حكم العقل هو إمامنا الشيخ محمد عبده ، الذي إذا طرحت من حصيلته تلك الدعوة إلى تحكيم العقل ، لم يبق منه إلا واحد كسائر الآحاد ، فلقد أخذ - بكل جهده – يوضح المبادئ الأساسية في الإسلام ، توضيحا يبين استنادها إلى منطق العقل ، فجعل الأصل الأهم لهذا الدين هو " النظر العقلي " ، وعنده أن النظر العقلي هو وحده وسيلة الإيمان الصحيح .
2- احترام الوقت
إبراهيم الفقهي
تمر بنا سريعا ، وتكر الأيام تباعا ، فنذهل عن تعاقبها كالمحدّق بالكرة الدائرة يحسبها ساكنة ، والحق إنّا لفي غفلة وسبات عميق .
مما لاشك فيه لدى كل ذي عقل لبيب أن القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة قد عنيا بالوقت أشدّ العناية .
وفي مقدمة هذه العناية بيان أهميته ، وأنه من أعظم نعم اللّه التي منّ بها علينا ، ولبيان ذلك أقسم اللّه – جلّ وتعالى شأنه – في مطالع سور عديدة من القرآن بأجزاء معينة مثل " الليل " و " النهار " ، و " الفجر " ، و " الضحى " ، و " العصر " .
ومن المعروف لدى المفسرين بل في نظر المسلمين أجمعين ، أنّ اللّه إذا أقسم
بشيء من خلقه فما ذلك إلا ليلفت أنظارهم إليه ، وينبههم لجليل منفعته وعظيم أثاره .
وجاءت السنّة النبوية تؤكد قيمة الوقت ، وتقرر مسئولية الإنسان عنه أمام اللّه – جلّ وعلا – يوم القيامة ، فعن معاذ بن جبل – رضي اللّه عنه – أن النّبيّ قال : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسال عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما وضعه ، وعن علمه ماذا فعل به " سنن الدارمي .
وللوقت ميزات يتميز بها ، يجب علينا أن ندركها حقّ إدراكها ، فهو سريع الانقضاء . يمر مرّ السّحاب ، ويجري جري الريح . واعلم أن ما مضى من الوقت لا يعود ، وهذه ميزة أخرى من ميزات الوقت ، فكلّ وقت يمضي ، وكلّ ساعة تنقضي ، وكلّ لحظة تمرّ ، ليس بالإمكان استعادتها ، ولا يمكن تعويضها .
ولما كان الوقت سريع الانقضاء ، وكان ما مضى منه لا يعود ، ولا يعوّض بشيء كان أنفس ما يملك الإنسان ، وترجع نفاسته إلى أنه وعاء لكلّ عمل وكلّ إنتاج ، فهو في الواقع رأس المال الحقيقي للإنسان فردا ومجتمعا .
السؤال الصعب : ما الذّي ستفعله إذا اكتشفت أن أمامك ستة اشهر فقط ستحياها على سطح الأرض ؟
هل فكرت إذا كان المتبقي من عمرك من الأيام المعدودة مع من ستقضيها ؟ وكيف ستقضيها ؟ ما الأعمال التي ستسرع بفعلها ؟ وما الأمور التي ستهبّ بلا إبطاء لإنجازها ، أو إصلاحها ، أو تعديلها ؟
إجابتك عن هذا السؤال ستضيئ لك جانبا مظلما من تفكيرك . ستخبرك أن هناك عملا يجب إنجازه ، وصديقا بحاجة إلى مصالحته ، وأقارب مرّ زمن بغير أن تزورهم . سيجعلك تنظر إلى أشياء مهمّة تخشى ان تنهي حياتك بدون إتمامها والانتهاء منها .
للأسف الشديد كثير منّا قد اعتاد مواجهة حالة الطوارئ في الثانية الأخيرة ، أو خلال فترة الّماح ، وكم من اشياء تضيع وتهمل في ظلّ فوضى الحياة المؤلمة .
ذات يوم زارني صديق وأخبرني بعزمه على تأليف كتاب فسألته متى تبدأ ؟
فأخبرني أنه سوف يبدأ في إنجازه بعد سنتين !! فسألته : وهل هذا الكتاب مفيد ، وينفع النّاس ؟ فأجابني : طبعا بكل تأكيد. فقلت له : لماذا إذن تنتظر سنتين كاملتين قبل أن تبدأ به ما دام هذا الكتاب مهمّا ونافعا .
فقال الإجابة الشهيرة : لأنه ليس لديّ الوقت الكافي . وهذا نموذج آخر لمن يضيّعون فكرهم فيما أسمّيه ( سجن الوقت ) يؤجّل مشاريعه وفكره ومهماته لآنّ ليس لديه الوقت الكافي وإلى أن يأتيه الوقت ، هو في انتظار دائم ، وتأجيل مستمرّ.
3- العلم والتقنية
الدكتور أحمد فؤاد باشا
إنّ العلم والتقنية وجهان لعملة واحدة، ومرتبطان بمشكلات المجتمع – أي – مجتمع وقضاياه المصيرية . هذه حقيقة مؤكدة نستشعرها بوضوح في واقعنا المعيش ، بعد أن أصبح في حكم المسلّم به أنّ العلم والتقنية يؤديان دورا أساسيّا لا غنى عنه في تنمية المجتمعات المختلفة على جميع المستويات . ذلك أنّ التقدّم العلميّ والتقنيّ لا يسهم فقط في اكتشاف استخدامات جديدة للموارد الموجودة وزيادة إنتاجيتها ، بل يسهم أيضا في الكشف عن موارد جديدة، واستحداث طرق مبتكرة ، وفتح آفاق أوسع ومجالات أرحب ، تؤدي كلها في النهاية إلى تحقيق التنمية الشاملة بمختلف أبعادها ، بما في ذلك زيادة الإنتاج وتحسين نوعية المنتجات ذاتها .
لكن مدى الاستفادة من التقدم العلمي والتقني عموما مرهون بعوامل كثيرة تساعد على توفير البيئة المناسبة ، وتعين على التخلص من السلبيات المعوقة، بدءا من قصور التعليم وتخلفه في الدول النامية مرورا بالعشوائية وغياب التنسيق وانتهاءَ بضعف الكفاءات الإدارية ، وسوء إعداد الكوادر الفنية .
وهنا تجب الإشارة إلى أهمية اعتبار العلم والتقنية من النشاطات الإنسانية التي لا يمكن ازدهارها إلا إذا حظيت بالرعاية والسبق على ما عداها ؛ لتحقيق القفزة الحضارية لمواكبة حركة العصر .
ويتطلب الأمر – عندئذ – ضرورة تأكيد مفاهيم عدة مرتبطة بالإطار الفكري للإصلاح والتحديث ، منها أن كلّ إنجاز تقني يمر بعمليات تطوير متلاحقة يصبح بعدها صالحا للاستخدام على نطاق واسع ، ثمّ يأخذ هذا الإنجاز التقني بعد ذلك في التراجع بعد ذلك في التراجع والانحسار حتى يتقادم ويندثر بعد أن تكون هناك تقنيات جديدة أرقى وأفضل قد حلت محله ، ويمكن ملاحظة هذه المراحل من " أجيال " أو " موجات " تقنية في العديد من التقنيات السائدة حاليا مثل : المجاهر ( الميكروسكوبات ) ، والمقاريب ( التلسكوبات ) والحواسيب ( أجهزة الكمبيوتر ) وغيرها .
ولا شك أن هذه الظاهرة أصبحت تؤثر بصورة مباشرة في الدول النامية التي ترفع شعار " نقل أحدث تقنيات العصر " باعتباره إحدى وسائل اللحاق السريع بركب الحضارة المعاصرة . وهنا يأتي التدريب على أجيال التقنيات المتعاقبة في مقدمة المشكلات التي تعترض مسيرة التقدم العلمي والتقني في هذه الدول باعتبار البحث العلمي مهنة تستوجب الإعداد الجيد للباحثين والفنيين .
ولما كان العلم بوصفه منهجا ونشاطا اجتماعيا يعد بمنزلة المحرك الضروري للنمو الاقتصادي والاجتماعي بصورة عامة ، فإن حدوث اكتشافات علمية مهمة بين الحين والحين لا يؤثر فقط في طبيعة فهم الإنسان ورسم تصوراته بالنسبة للعالم من حوله ، بل يؤدي إلى كشف مناطق جديدة من المعلومات والاحتمالات التطبيقية التي سرعان ما تتحول إلى وسائل وأدوات تقنية جديدة للإنتاج والخدمات ، ومن هنا أصبحت التقنية تمثل المقدرة على تحويل الإبداع العلمي إلى أهداف اجتماعية مفيدة .
وفي ضوء هذه المعاني ينبغي فهم رسالة العلم في أحد جوانبها المهمة على أنها أداة اساسية لنقل التقنية إلى قوة فعالة في تطوير حركة المجتمع نحو الأفضل .
ولما كانت العلاقة بين العلم والتقنية عبر تاريخها الطويل علاقة تبادلية بالتغذية المرتدة أخذا وعطاء على فترات متباعدة في بادئ الأمر ، ثمّ متقاربة تدريجيا بعد ذلك ، فإنّ الناظر لطبيعة هذه العلاقة في عصرنا يجد أنها أصبحت أكثر التصاقا من ذي قبل .
ذلك أنّ التقنية أصبحت تستخدم بمعنى " علم التطبيقات العملية " أي دراستها المنظمة وفق أسس وقواعد ومناهج علمية ، بالإضافة إلى استخدامها للتعبير عن إنتاج التقنية . وهذا يعني أنّ التقنية التقليدية في " المهارات الحرفية " . وهكذا يكون الفهم الدقيق لثنائية العلم / التقنية ، والإلمام الواعي بالخصائص المميزة لكل من عنصريها من المطالب الأساسية عند وضع أي استراتيجية للإصلاح والتحديث والتطوير على أساس تنمية القدرات العلمية والتقنية .
ويقودنا فهم طبيعة العلاقة بين العلم والتقنية على النحو الذى أوضحناه إلى أهمية تفنيد مقولة ( نقل واستخدام أحدث تقنيات العصر واستخدامها باعتبار مقولة مضللة )، يظل الأخذ بها مجرد سوق استهلاكية لتصريف ما ينتجه الآخرون من تقنيات متعاقبة ، وينبغي عند البحث عن سبل التنمية أن يبدأ بالتخطيط لإنتاج التقنية باتباع أسلوب وسط يعمل على بناء القدرة التقنية الذاتية ودعمها وتطويرها ؛ ذلك من خلال انتقاء التقنية الملائمة المنقولة وتطويعها ، مع تطوير التقنية المحلية ، وتشجيع الإبداع التقني بإتاحة الفرصة كاملة أمام أبناء الأمة ومفكريها ليسهموا بتقديم آرائهم وأفكارهم لمواجهة تحديات الألفية الثالثة وتحقيق القفزة الحضارية لمواجهة الثورة العلمية والتقنية المعاصرة ، وتوفير القدرة على الإسهام في حضارة العصر بنصيب يتناسب مع تاريخنا المجيد .
ويبدو أنّ الإعداد لمواجهة هذه التحديات يتطلب توافر الإرادة الحرّة القوية للتغلب على المعوقات والحواجز واستثمار الهمم للتغيير نحو الأفضل لتحقيق التنمية المتواصلة المتسارعة .
1/ إعمال العقل
زكي نجيب محمود
لقد قامت حضارات المسلمين ، كما قام غيرها على واقع ، وعلى علم بذلك الواقع .
وهاهو أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب ، وقد همّ بالخروج للقتال ، فجاءه منجم يدّعي القدرة على حساب الغيب ، ونصحه بألا يسير إلى القتال في تلك الساعة ، وبأن يجعل سيره على ثلاث ساعات مضين من النهار قائلا له : " إنك إن سرت في هذه الساعة ، أصابك وأصحابك أذى وضرّ شديد ، وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ، ظفرت وظهرت ، وأصبت ما طلبت " فما كان من الإمام عليّ – كرّم الله وجهه – إلا أن أعرض عن المنجم ، بعد أن عنّفه تعنيفا شديدا ، ومضى فيما كان ماضيا فيه ، وانتصر ، فقال لأصحابه ساعة النصر : لو سرنا في الساعة التي حددها لنا المنجم ، وانتصرنا ، لقال الناس : أن النصر إنما تحقق بفضل ذلك المنجم ونبوءته ، " أما إنه ما كان لمحمد - r - منجم ، ولا لنا بعده ، حتى فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر " .
إنه لمن أعجب ما يلفت النظر في طبيعة الإنسان ، أن الناس إذا اختلف بعضهم مع بعض على شيء تولاه العقل بالتحليل والحساب ، لم يغضب أحد منهم من أحد ، بل إنهم ليراجعون تحليلهم وحسابهم مرة أخرى ، حتي يذعن المخطئ للمصيب ، أما إذا اختلفوا على شيء في غير ميدان العقل ، شيء تولته العواطف والأهواء ، فلا أمل عندئذ في إقناع او اقتناع ، وقد تمتد بينهم الخصومة إلى حد القتال ، فكأنما يسهل عليهم أن يتنازلوا عن الرأي الذي يرونه بعقولهم ، ولا يسهل عليهم أن يفرطوا في ميل مالت بهم إليه عواطفهم ، مع أن رؤية العقل هي مجال اليقين ، وأما ميل العاطفة فطريق معبأ بالضباب .
على أنه لا جدوى من أن نردد كلمة " العقل " بألسنتنا دون أن نعني بها كل ما تعنيه تلك الكلمة ، أو ما يجب أن تعنيه ، إذ العقل – آخر الأمر – هو التخطيط المدروس ، ولا يكون للتخطيط المدروس معنى إلا أن يكون هناك أهداف واضحة مقصودة ، وأن يكون هناك مسح إحصائي للواقع كما هو قائم ، ثمّ يجيء ذلك التخطيط المدروس الذي هو " عقل " فيطوع هذا الواقع الذي رسمته لنا البحوث الإحصائية تطويعا يحقق تلك الأهداف التي قصدنا إلى تحقيقها .
إنه إذا قيل لنا : أين نقطة البدء التي بدأ منها تقدمنا فيهذا العصر ؟ لكان الجواب الصحيح هو : كانت البداية حين دعا الدعاة إلى صحوة " العقل " في وجه الموجة العاتية التي غمرتنا بطوفانها ، فإنها من خرافات . وما الخرافة ؟ هي قبل كلّ شيء ، وبعد كلّ شيء ربط المسببات بغير أسبابها .
أقول : إن تقدمنا قد بدأ ، عندما دعا الداعون إلى يقظة العقل ، لترتبط النتائج بأسبابها الصحيحة ، وكان من أبرز هؤلاء الداعين إلى حكم العقل هو إمامنا الشيخ محمد عبده ، الذي إذا طرحت من حصيلته تلك الدعوة إلى تحكيم العقل ، لم يبق منه إلا واحد كسائر الآحاد ، فلقد أخذ - بكل جهده – يوضح المبادئ الأساسية في الإسلام ، توضيحا يبين استنادها إلى منطق العقل ، فجعل الأصل الأهم لهذا الدين هو " النظر العقلي " ، وعنده أن النظر العقلي هو وحده وسيلة الإيمان الصحيح .
2- احترام الوقت
إبراهيم الفقهي
تمر بنا سريعا ، وتكر الأيام تباعا ، فنذهل عن تعاقبها كالمحدّق بالكرة الدائرة يحسبها ساكنة ، والحق إنّا لفي غفلة وسبات عميق .
مما لاشك فيه لدى كل ذي عقل لبيب أن القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة قد عنيا بالوقت أشدّ العناية .
وفي مقدمة هذه العناية بيان أهميته ، وأنه من أعظم نعم اللّه التي منّ بها علينا ، ولبيان ذلك أقسم اللّه – جلّ وتعالى شأنه – في مطالع سور عديدة من القرآن بأجزاء معينة مثل " الليل " و " النهار " ، و " الفجر " ، و " الضحى " ، و " العصر " .
ومن المعروف لدى المفسرين بل في نظر المسلمين أجمعين ، أنّ اللّه إذا أقسم
بشيء من خلقه فما ذلك إلا ليلفت أنظارهم إليه ، وينبههم لجليل منفعته وعظيم أثاره .
وجاءت السنّة النبوية تؤكد قيمة الوقت ، وتقرر مسئولية الإنسان عنه أمام اللّه – جلّ وعلا – يوم القيامة ، فعن معاذ بن جبل – رضي اللّه عنه – أن النّبيّ قال : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسال عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما وضعه ، وعن علمه ماذا فعل به " سنن الدارمي .
وللوقت ميزات يتميز بها ، يجب علينا أن ندركها حقّ إدراكها ، فهو سريع الانقضاء . يمر مرّ السّحاب ، ويجري جري الريح . واعلم أن ما مضى من الوقت لا يعود ، وهذه ميزة أخرى من ميزات الوقت ، فكلّ وقت يمضي ، وكلّ ساعة تنقضي ، وكلّ لحظة تمرّ ، ليس بالإمكان استعادتها ، ولا يمكن تعويضها .
ولما كان الوقت سريع الانقضاء ، وكان ما مضى منه لا يعود ، ولا يعوّض بشيء كان أنفس ما يملك الإنسان ، وترجع نفاسته إلى أنه وعاء لكلّ عمل وكلّ إنتاج ، فهو في الواقع رأس المال الحقيقي للإنسان فردا ومجتمعا .
السؤال الصعب : ما الذّي ستفعله إذا اكتشفت أن أمامك ستة اشهر فقط ستحياها على سطح الأرض ؟
هل فكرت إذا كان المتبقي من عمرك من الأيام المعدودة مع من ستقضيها ؟ وكيف ستقضيها ؟ ما الأعمال التي ستسرع بفعلها ؟ وما الأمور التي ستهبّ بلا إبطاء لإنجازها ، أو إصلاحها ، أو تعديلها ؟
إجابتك عن هذا السؤال ستضيئ لك جانبا مظلما من تفكيرك . ستخبرك أن هناك عملا يجب إنجازه ، وصديقا بحاجة إلى مصالحته ، وأقارب مرّ زمن بغير أن تزورهم . سيجعلك تنظر إلى أشياء مهمّة تخشى ان تنهي حياتك بدون إتمامها والانتهاء منها .
للأسف الشديد كثير منّا قد اعتاد مواجهة حالة الطوارئ في الثانية الأخيرة ، أو خلال فترة الّماح ، وكم من اشياء تضيع وتهمل في ظلّ فوضى الحياة المؤلمة .
ذات يوم زارني صديق وأخبرني بعزمه على تأليف كتاب فسألته متى تبدأ ؟
فأخبرني أنه سوف يبدأ في إنجازه بعد سنتين !! فسألته : وهل هذا الكتاب مفيد ، وينفع النّاس ؟ فأجابني : طبعا بكل تأكيد. فقلت له : لماذا إذن تنتظر سنتين كاملتين قبل أن تبدأ به ما دام هذا الكتاب مهمّا ونافعا .
فقال الإجابة الشهيرة : لأنه ليس لديّ الوقت الكافي . وهذا نموذج آخر لمن يضيّعون فكرهم فيما أسمّيه ( سجن الوقت ) يؤجّل مشاريعه وفكره ومهماته لآنّ ليس لديه الوقت الكافي وإلى أن يأتيه الوقت ، هو في انتظار دائم ، وتأجيل مستمرّ.
3- العلم والتقنية
الدكتور أحمد فؤاد باشا
إنّ العلم والتقنية وجهان لعملة واحدة، ومرتبطان بمشكلات المجتمع – أي – مجتمع وقضاياه المصيرية . هذه حقيقة مؤكدة نستشعرها بوضوح في واقعنا المعيش ، بعد أن أصبح في حكم المسلّم به أنّ العلم والتقنية يؤديان دورا أساسيّا لا غنى عنه في تنمية المجتمعات المختلفة على جميع المستويات . ذلك أنّ التقدّم العلميّ والتقنيّ لا يسهم فقط في اكتشاف استخدامات جديدة للموارد الموجودة وزيادة إنتاجيتها ، بل يسهم أيضا في الكشف عن موارد جديدة، واستحداث طرق مبتكرة ، وفتح آفاق أوسع ومجالات أرحب ، تؤدي كلها في النهاية إلى تحقيق التنمية الشاملة بمختلف أبعادها ، بما في ذلك زيادة الإنتاج وتحسين نوعية المنتجات ذاتها .
لكن مدى الاستفادة من التقدم العلمي والتقني عموما مرهون بعوامل كثيرة تساعد على توفير البيئة المناسبة ، وتعين على التخلص من السلبيات المعوقة، بدءا من قصور التعليم وتخلفه في الدول النامية مرورا بالعشوائية وغياب التنسيق وانتهاءَ بضعف الكفاءات الإدارية ، وسوء إعداد الكوادر الفنية .
وهنا تجب الإشارة إلى أهمية اعتبار العلم والتقنية من النشاطات الإنسانية التي لا يمكن ازدهارها إلا إذا حظيت بالرعاية والسبق على ما عداها ؛ لتحقيق القفزة الحضارية لمواكبة حركة العصر .
ويتطلب الأمر – عندئذ – ضرورة تأكيد مفاهيم عدة مرتبطة بالإطار الفكري للإصلاح والتحديث ، منها أن كلّ إنجاز تقني يمر بعمليات تطوير متلاحقة يصبح بعدها صالحا للاستخدام على نطاق واسع ، ثمّ يأخذ هذا الإنجاز التقني بعد ذلك في التراجع بعد ذلك في التراجع والانحسار حتى يتقادم ويندثر بعد أن تكون هناك تقنيات جديدة أرقى وأفضل قد حلت محله ، ويمكن ملاحظة هذه المراحل من " أجيال " أو " موجات " تقنية في العديد من التقنيات السائدة حاليا مثل : المجاهر ( الميكروسكوبات ) ، والمقاريب ( التلسكوبات ) والحواسيب ( أجهزة الكمبيوتر ) وغيرها .
ولا شك أن هذه الظاهرة أصبحت تؤثر بصورة مباشرة في الدول النامية التي ترفع شعار " نقل أحدث تقنيات العصر " باعتباره إحدى وسائل اللحاق السريع بركب الحضارة المعاصرة . وهنا يأتي التدريب على أجيال التقنيات المتعاقبة في مقدمة المشكلات التي تعترض مسيرة التقدم العلمي والتقني في هذه الدول باعتبار البحث العلمي مهنة تستوجب الإعداد الجيد للباحثين والفنيين .
ولما كان العلم بوصفه منهجا ونشاطا اجتماعيا يعد بمنزلة المحرك الضروري للنمو الاقتصادي والاجتماعي بصورة عامة ، فإن حدوث اكتشافات علمية مهمة بين الحين والحين لا يؤثر فقط في طبيعة فهم الإنسان ورسم تصوراته بالنسبة للعالم من حوله ، بل يؤدي إلى كشف مناطق جديدة من المعلومات والاحتمالات التطبيقية التي سرعان ما تتحول إلى وسائل وأدوات تقنية جديدة للإنتاج والخدمات ، ومن هنا أصبحت التقنية تمثل المقدرة على تحويل الإبداع العلمي إلى أهداف اجتماعية مفيدة .
وفي ضوء هذه المعاني ينبغي فهم رسالة العلم في أحد جوانبها المهمة على أنها أداة اساسية لنقل التقنية إلى قوة فعالة في تطوير حركة المجتمع نحو الأفضل .
ولما كانت العلاقة بين العلم والتقنية عبر تاريخها الطويل علاقة تبادلية بالتغذية المرتدة أخذا وعطاء على فترات متباعدة في بادئ الأمر ، ثمّ متقاربة تدريجيا بعد ذلك ، فإنّ الناظر لطبيعة هذه العلاقة في عصرنا يجد أنها أصبحت أكثر التصاقا من ذي قبل .
ذلك أنّ التقنية أصبحت تستخدم بمعنى " علم التطبيقات العملية " أي دراستها المنظمة وفق أسس وقواعد ومناهج علمية ، بالإضافة إلى استخدامها للتعبير عن إنتاج التقنية . وهذا يعني أنّ التقنية التقليدية في " المهارات الحرفية " . وهكذا يكون الفهم الدقيق لثنائية العلم / التقنية ، والإلمام الواعي بالخصائص المميزة لكل من عنصريها من المطالب الأساسية عند وضع أي استراتيجية للإصلاح والتحديث والتطوير على أساس تنمية القدرات العلمية والتقنية .
ويقودنا فهم طبيعة العلاقة بين العلم والتقنية على النحو الذى أوضحناه إلى أهمية تفنيد مقولة ( نقل واستخدام أحدث تقنيات العصر واستخدامها باعتبار مقولة مضللة )، يظل الأخذ بها مجرد سوق استهلاكية لتصريف ما ينتجه الآخرون من تقنيات متعاقبة ، وينبغي عند البحث عن سبل التنمية أن يبدأ بالتخطيط لإنتاج التقنية باتباع أسلوب وسط يعمل على بناء القدرة التقنية الذاتية ودعمها وتطويرها ؛ ذلك من خلال انتقاء التقنية الملائمة المنقولة وتطويعها ، مع تطوير التقنية المحلية ، وتشجيع الإبداع التقني بإتاحة الفرصة كاملة أمام أبناء الأمة ومفكريها ليسهموا بتقديم آرائهم وأفكارهم لمواجهة تحديات الألفية الثالثة وتحقيق القفزة الحضارية لمواجهة الثورة العلمية والتقنية المعاصرة ، وتوفير القدرة على الإسهام في حضارة العصر بنصيب يتناسب مع تاريخنا المجيد .
ويبدو أنّ الإعداد لمواجهة هذه التحديات يتطلب توافر الإرادة الحرّة القوية للتغلب على المعوقات والحواجز واستثمار الهمم للتغيير نحو الأفضل لتحقيق التنمية المتواصلة المتسارعة .
________________________________________________
جاري تحميل مناهج 2025 كل الفرق
- أبو أحمد عليعضو فعال
- عدد المساهمات : 68
نقاط : 3856
تاريخ التسجيل : 03/08/2014
رد: القراءة الجديدة للثانى الثانوى2015 نسخ مباشر
الأحد 03 أغسطس 2014, 02:00
منتهى التميز
- القراءة للثانى الثانوى س و ج بفكر الأستاذ الليثى و إبداع2014
- ملزمة الصواف فى القراءة للثانى الثانوى ترم أول بفكر و إبداع2014
- تاريخ مذكرة مطورة للثانى الثانوى2015 ، عبدالرحمن عثمان160 صفحة
- جميع ملفات اللغة العربية المطورة للثانى الثانوى2015 ترم أول لكل الزملاء مجمعة فى مشاركة واحدة
- الفصيح فى القراءة للثانى الثانوى ترم أول 2014 مضافا لها هدية
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى