عرف رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم ، منذنعومة أظفاره بالصدق والأمانة ، حتى اشتهر ذلك عنه عليه الصلاة والسلام ، فكانأعداؤه هم الذين شهدوا بصدقه وأمانته ، حتى أطلقوا عليه لقب : الأمين ، وذلك لوقارهوهديه وصدق لهجته ، وبعده عن الأدناس ، فقد أعترف أبو جهل عمرو بن هشام المخزوميلأحد أصحابه قائلا : كنا نسميه الأمين ، ومع شدة معاداة المشركين له ، صلى اللهعليه وآاه وسلم ، كانوا يضعون الأمانات والودائع عنده ، حتى اضطر عليه الصلاةوالسلام يوم الهجرة ، أن يترك أبن عمه عليا ، كرم الله وجهه ، نائبا له ليردالأمانات إلى أصحابها ولم يكن أحد من المشركين ، يجهل صدقه وأمانته ، صلى الله عليهوآله وسلم ، حتى سمعت به ، امرأة ذات حسب ونسب ، وذات شرف ومال ، وهي خديجة بنتخويلد الأسدية ، والتى كانت تستأجر الرجال في مالها ، وتجعل لهم شيئا منه ، وكانالقرشيون معروفون بحبهم للتجارة وبأسفارهم المتواصلة صيفا وشتاء، فكانت لهم رحلتان : رحلة في الصيف إلى بلاد الشام ورحلة في الشتاء إلى اليمين ، كما يخبرنا اللهتعالى في سورة قريش ي
لإيلاف قريش إيلافهم (1) رحلةالشتاء والصيف ، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع (2) وآمنهم منخوف
فلما وصل إلى خديجة رضي الله عنها ، نبأ رسولالله صلى الله عليه وآله وسلم ، وما هو عليه من صدق في الحديث وأمانة وكرم أخلاق ،بعثت إليه ، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا ، على أن تعطيه أفضل ماكانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له : ميسرة ، وقبل رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم ، ما عرضت عليه خديجة ، رضي الله عنها وخرج في مالها ، وخرج معهغلامها ميسرة حتى وصلا إلى بلاد الشام وفي بصرى توقف رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم تحت ظل شجرة ليأخذ قسطا من الراحة مع الغلام ميسرة ، فرآهما الراهب ، نسطور ،فتقدم منهما وقال : ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي {3} ثم سأل نسطور ميسة قائلا : أفي عينه حمرة ؟ قال ميسرة : نعم لا تفارقه فقال نسطور : هو نبي وهو أخر الأنبياءوكان ميسرة إذا اشتد الحر ، رأى ملكين {4} يظلان النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ،من الشمس وهو على بعيره ، ثم باع رسول الله عليه وآله وسلم التجارة ، وربحت ضعف ماكان يربحه التجار ، وعندما عادا إلى مكة ، حدث ميسرة خديجة رضي الله عنها ، عن قولالراهب ، وما رأى من إضلال الملكين إياه ، فازدادت به إعجابا وثقة ، وأعطته ضعف ماسمت له ، عندما رأت هذا الربح الهائل ، الذي عاد به رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم ، لما حل عليه من بركته