من طرافة المسلمين فى الاقتباس من القرآن الكريم
الأحد 02 سبتمبر 2012, 14:39
عمر طاهر
كلما مررت بلافتة فى قلب محل فى مصر بها اقتباس من القرآن الكريم (مثل لافتة
«وسقاهم ربهم شرابا طهورا» فى محلات العصير أو لافتة أحد محلات الحلاقة «وجوه يومئذ ناعمة»)
ربما ابتسمت لكن من المؤكد كنت أسأل نفسى فى كل مرة إن كانت فكرة الاقتباس نفسها سليمة أم «فيها كلام»؟،
إلى أن أفصح لى كتاب اليوم عن أن الاستعانة بآيات القرآن مثل أى شىء بها المكروه الذى ينمّ عن سوء أدب
فى التعامل مع القرآن، وبها المستحسَن الذى ينم عن حُسن الفهم ويصلح أحيانا
لأن يكون إجابات بليغة مخرسة، وبها جانب ينمّ عن ذكاء يتماسّ مع السخرية أحيانا قالوا عنه إنه مقبول.
فعندما قال بعض اليهود لعلِىّ بن أبى طالب: ما بالكم لم تلبثوا بعد وفاة نبيكم بخمسة وعشرين عاما
حتى تقاتلتم؟، فقال لهم سيدنا علِى: وأنتم لم تجفَّ أقدامكم من البحر وقدرة الخالق
فى معجزة شقِّه حتى قلتم «يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة».
وسئل الشعبى عن شىء فقال: لا أدرى، فعايره القوم قائلين :ألا تستحيى من قول لا أدرى وأنت فقيه العراق؟،
فقال: إذا كانت الملائكة لم تستحى وقالت «سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا».
وعندما سئل أحد السلف عن كيد المرأة قال إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان، لأن الله تعالى يقول
«إن كيد الشيطان كان ضعيفا»، بينما يقول «إن كيدكن عظيم»، ولما زُوِّجت بوران بنت الحسن بن سهل
إلى الخليفة المأمون حاضت من هيبة الخلافة، فلما خلا بها ومد يده إليها
قالت له: يا أمير المؤمنين «أتى أمر الله فلا تستعجلوه» ففهم حالها وأُعجب بها.
وفى سوق الجوارى اعترض رجل جاريتين، واحدة بِكر والأخرى ثيِّب، لكنها جميلة أيضا فاحتار بينهما،
قالت له الثيب لِمَ لا تشترينى فقال لها إن نفسى تميل إلى البكر، فقالت الثيب: ما بينى وبينها فرق فى العمر
إلا يوما واحدا، فانفعلت إثر كذبها البكر قائلة: «وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون»
فحسمت الأمر بسرعة بديهتها.
أما هشام بن عبد الملك فقد أتى برجل اتُّهم بما يستحق به القتل، فأقبل الرجل يحتج ويدافع عن نفسه بشراسة،
فقال له هشام: مذنب وتتكلم أيضا؟، فقال له الرجل : يا أمير المؤمنين قال الله تعالى
«يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها».. نجادل الله جدالا وتستكثر علينا أن نكلمك؟،
فقال له: تكلم بما شئت ثم عفا عنه.
وذهب أحدهم إلى المأمون يطلب «سُلفة» قائلا: إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تأمر لى بنفقة
فإنى أريد الحج وأعانى من ضيق ذات اليد، فرفض المأمون قائلا «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها»،
يقول السلف الصالح تعليقا على هذه القصة من الأمور التى لا تصح فيها المسألة أمران:
الزواج حسب قول الله تعالى «وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله»،
والحج لأنه يقول «ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا».
سئل أبو العيناء، أحدُ ظرفاء عصره، عن اثنين من منافسيه فى مجاله فقالوا له:
ماذا تقول فى ابن رستم وابن مكرم؟ فقال: «وإثمهما أكبر من نفعهما».
أما الحسن فقد قال: حسبك أن الله تعالى لم يحتمل الثقلاء حتى أنزل فيهم آية
«فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث»، وأعيا أحد الأمراء غباء ابنه
وقلة حظه فيه فتأمله وهو يهز رأسه قائلا: فعلا «ووالدٍ وما ولد».
وأخذ أعمى مع عمياء فلم يدرِِ صاحب الرفع ماذا يكتب فى الواقعة فأشار عليه أحد الظرفاء
أن اكتب «ظلمات بعضها فوق بعض»، وكان أحد الأمراء يجلس فدخل عليه الخادم بجارية ثم دخل
خادم آخر بجارية ثانية ثم دخل خادم ثالث بجارية ثالثة، فقال لهن: أيَّتُكن جاءت بآية من كتاب الله
توافق الحال الذى نحن فيه الآن فهى أولى بالقرب، فقالت الأولى «والسابقون السابقون أولئك المقربون»،
وقالت الثانية «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى»،
وقالت الثالثة «ولَلْآخرة خير لك من الأولى» فأبقى الثالثة.
يقول الحكماء إن الأمثال مصابيح الأقوال، وإنه لا مثال خير من القرآن الكريم،
أما لماذا الأمثال أفضل الكلام؟ فلأنها تشتمل على أربعة وجوه لا تجتمع فى غيرها:
إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية، فهى إذن نهاية البلاغة،
ولذلك يقول الله، عز وجل: «ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل»
ويقول «كذلك يضرب الله للناس أمثالهم»،
ويقول «وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون»،
فسمى الله من عَقَل أمثاله عالما، وكفى بذلك منزلة وفضلا.
اسم الكتاب «الاقتباس من القرآن الكريم» ومؤلفه «أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبى»
صادر فى أكثر من جزء عن الهيئة العامة لقصور الثقافة (سلسلة الذخائر) ،
ومن أحلى ما جاء فيه: عندما كرر على بن أبى طالب فى أحد المواقف «فاصفح الصفح الجميل»
سألوه عن شرح فقال: الرضا بغير عتاب، وعندما دخل رجل على الضَّحَّاك قال له «وجاءكم النذير»
فلم يفهم الرجل فمد الضحاك يده إلى شعر الرجل ممسكا بواحدة بيضاء وقال: النذير هو الشيب.
- أبو أحمد ولميسعضو مميز
- عدد المساهمات : 762
نقاط : 6431
تاريخ التسجيل : 20/10/2013
العمر : 47
رد: من طرافة المسلمين فى الاقتباس من القرآن الكريم
الإثنين 21 أكتوبر 2013, 04:08
- هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم في أيام عذرها؟وهل لها أن تقرأ القرآن الكريم إذا أوت إلى النوم وتقرأ آية الكرسي بدون أن تلمس المصحف ؟
- صفات القدوات من القرآن الكريم - المُهِمَّات في صفات القُدُوات من القرآن الكريم " 7 " (61-70)
- صفات القدوات من القرآن الكريم - صفات القُدُوات من القرآن الكريم " 6 " (51-60)
- ضبط متشابهات القرآن المواضع الوحيدة في القرآن الكريم في سورة البقرة
- حكمة رسولنا الكريم في التعامل مع غير المسلمين ؟؟
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى