- إيمان إبراهيم مساعد
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3902
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
من وجهة نظر الطفل
الخميس 23 أغسطس 2012, 16:21
في كل مجتمع هناك تشابه نسبي فيما يتعلق بالقضايا المهمة والحساسة كتربية
الأطفال. والمجتمع يتشابه بسبب الخوف من المغامرة، فتربية الطفل أو أي عمل
من الأعمال الكبرى التي تستغرق وقتا طويلا لا يمكن للمرء إزاءها أن يضيع
الوقت والجهد ويخاطر بتجارب جديدة غير معروفة لدى الناس. هنا يلجأ الواحد
لتقليد البقية واستشارتهم في مثل هذه الأمور، ولا بأس هنا، ولكن المشكل
يكمن في الوضع الذي يكون فيه التصور الاجتماعي ذاته يعاني من مشكلات. فحين
تكون رؤية المجتمع للطفل سلبية دون وعي من الناس الذين يقلدون بعضهم بعضا
فإننا سنواجه مشكلة عظيمة وهي ظهور جيل كامل يعاني من مشكلات تربوية
وتعليمية منذ الصغر.
إن للطفل عالما لا يقل في تعقده وأهميته وتشعبه عن عالم الكبار. كما أن له
وجهة نظر في كل شيء وليس مجرد لاهٍ أو لاعب ليس له فكر ولا مشاعر. أجل إن
له وجهة نظر حتى ولو تجاهلناها أو قللنا من شأنها. وأود أن أدعوكم الآن إلى
أن تعودوا بالذاكرة إلى مراحل طفولتكم قدر المستطاع، عودوا إليها
بالاستبطان الداخلي وليس من خلال ما سرد لكم لاحقا من قصص لا تذكرونها. هل
عالم الطفل ذاك الذي «كنته» ساذجا وبسيطا كما نتصور بعد النضج؟ هل المواقف
التي مررت بها في صغرك تافهة ولا قيمة لها، أم أن تأثيرها لايزال اليوم
قائما فيك؟ إني لا أتحدث فقط عن المواقف الحادة والتراجيدية بل العادية
أيضا. حينما نرى، نحن الكبار، أطفالا صغارا «يتضاربون» مثلا فإننا نراه
شيئا سهلا وسرعان ما ينسى، وقد نضحك ونحن ننهي هذا الصراع الطفولي «البريء»
من وجهة نظرنا، ولكنه كان صراعا رهيبا ومرعبا للطرفين المتصارعين أو على
الأقل للطرف المهزوم، بل يظل راسخا في الذاكرة. أليس كذلك ؟
إن وجود عالم معقد للطفل ينطوي على وجود وجهة نظر خاصة ورؤية مستقلة نوعا
ما لكي شيء يحدث له أو أمامه. وحسبنا أنها المرحلة التي تتشكل فيها شخصية
المرء تقريبا، ففيها تنشأ الأفكار والآراء والتصورات وتكبر مع صاحبها، فإن
كانت أفكارا سلبية فإنها ستؤدي إلى وجود خلل وأزمة في الشخصية نفسها.
فلننظر على عجالة لتصور ثقافتنا للطفل والتي على ضوئها تتم تربيته. وأحب
التأكيد أنني أتكلم عن الغالبية وليس الكل. أول ما يخطر ببالنا عند استحضار
صورة الطفل هو أنه جاهل لا يعرف، وضعيف لا يقوى على شيء، ومسيرا ليس حرا
قادرا على اتخاذ القرارات، وأنه يجب أن يكون معزولا نوعا ما عن عالم الكبار
الحساس وفي الوقت ذاته يراد منه أن يكون نسخة من أبيه أو أمه، وهذا تضارب
خطير. إن الأب أو الأم كأي إنسان لهما جوانب سلبية وأخرى إيجابية. هنا تنشأ
شخصية «الطفل المثالي» الذي يراد منه أخذ الجوانب الإيجابية فقط من
والديه، فما المشكلة هنا؟، وهل الحل أن يأخذ أيضا الجوانب السلبية؟، كلا.
الحل أن يكون جو الأسرة التربوي مفتوحا لا غموض ولا أسرار فيه، فهو ميدان
خبرة وساحة تجربة. الحل أن يترك الطفل وشأنه وأن يقتصر دور الأبوين على
إزالة العوائق الصعبة فحسب. إن طموح الأب أو الأم لكي يكون الطفل نسخة
مثالية منهما له انعكاس سلبي خطير في المستقبل؛ لأنه سيواجه حياة ومجتمعا
غير مثاليين، وهنا يحدث الانفصام النفسي. كما يحدث مثلا عندما يعرف الطفل
أن أباه «الكامل» يدخن أو نحوها. فالأب الذي يدخن بمعرفة ابنه الصغير أقل
تعرضا للخطر «النفسي» من الأب الذي يستر كل شيء ويجعل حياته الطبيعية لغزا
أمام طفله.
من المخاطر التربوية التي تظهر بكثرة في مجتمعنا هو محاولة الأبوين لكي
يكون الطفل بالغا؛ رجلا راشدا أو امرأة راشدة. وعدم مرور الطفل بمرحلة
الطفولة بشكل سلس وطبيعي يؤدي إلى تذبذب شخصيته وارتباكها. صحيح أن الطفل
يستمتع أحيانا بتقليد أمه أو أبيه، ولكن هذا لا يعني أنه يريد أن يصبح رجلا
أو امرأة بضربة واحدة.
بناء على تصورنا الثقافي للطفل والذي أشرت إليه سالفا، فإن تصحيح هذا
التصور ضروري ومهم لتنشئة جيل صحيح ومعافى. فلنضع دائما في الاعتبار أن
الطفل حر وواع وذو وجهة نظر في كل شيء؛ وجهة نظر خاصة به تحتاج من الأبوين
إلى مكاشفة ومصارحة لكي يتعرفا عليها، ومن ثم يصححا ما بها من أخطاء إذا
كانت خاطئة، وتصحيح الأخطاء ليس من خلال حشو دماغه بأفكار مثالية غير
واقعية بل بحلول علمية وواقعية. وإذا كانت هناك وجهات نظر محرجة فإن
تجاهلها أيضا خطير، فكما أتذكر فإنه في أوروبا قديما كان الجواب عن سؤال
الطفل «كيف جئت؟، وكيف جاء أخي؟»، أن هناك «ملاكا» أو «طائرا» أحضرك إلينا.
وهذا الجواب يتحاشى الحديث عن العملية الجنسية والولادة ونحوها مما يحرج
الأبوين. فاقترح «فرويد» في إحدى محاضراته حلا واقعيا أو علميا. وهو أن يرى
الطفل مشهدا لحيوان ما «بقرة» أو «ماعز» . فيرى العملية بكاملها والولادة
ليستنتج الجواب على سؤاله بدون إحراج. إن تصحيح وجهة نظر الطفل بالطرق
الواقعية أفضل بكثير من إغراقه في تخيلات وأجوبة مثالية.
كم أتمنى أن يأتي اليوم الذي نترك فيه فكرة «الطفل المثالي» الذي يتباهى به
أبواه بين الناس، فهذه المثالية كفيلة بلخبطة تصوراته وإرباك وجهات نظرة،
وبالتالي ستجعله ضعيفا جدا أمام حياة ليس فيها من المثالية شيء. إن الأبوين
حينما يغرقان ابنهما في النصائح الكثيرة ويدفعانه للقيام بأعمال فوق طاقته
كأن يحفظ مثلا جدول الضرب وهو لايزال في الرابعة من عمره أو أن يستظهر
ألفية ابن مالك وهو لايزال في الصف الثالث الابتدائي وغيرها من أعمال ...
أقول إن هذين الأبوين إذ يفعلان ذلك فإنما يهدران جزءا كبيرا من طفولة
الطفل التي يجب دائما وأبدا استنفادها؛ أي يجب للطفل أن يعيش طفولته كاملة
غير منقوصة. إنه حق من حقوقه لا ينبغي العبث به وإهماله. وبنظرة سريعة لكل
واحد منكم على محيطه الاجتماعي سيعرف أن أمثال هؤلاء الأطفال المساكين
الذين تلقوا تربية مثالية مبالغ فيها أصبحوا تقريبا فاشلين في حياتهم
لاحقا، فلم تنفعهم ألفية ابن مالك ولا جدول الضرب.
الأطفال. والمجتمع يتشابه بسبب الخوف من المغامرة، فتربية الطفل أو أي عمل
من الأعمال الكبرى التي تستغرق وقتا طويلا لا يمكن للمرء إزاءها أن يضيع
الوقت والجهد ويخاطر بتجارب جديدة غير معروفة لدى الناس. هنا يلجأ الواحد
لتقليد البقية واستشارتهم في مثل هذه الأمور، ولا بأس هنا، ولكن المشكل
يكمن في الوضع الذي يكون فيه التصور الاجتماعي ذاته يعاني من مشكلات. فحين
تكون رؤية المجتمع للطفل سلبية دون وعي من الناس الذين يقلدون بعضهم بعضا
فإننا سنواجه مشكلة عظيمة وهي ظهور جيل كامل يعاني من مشكلات تربوية
وتعليمية منذ الصغر.
إن للطفل عالما لا يقل في تعقده وأهميته وتشعبه عن عالم الكبار. كما أن له
وجهة نظر في كل شيء وليس مجرد لاهٍ أو لاعب ليس له فكر ولا مشاعر. أجل إن
له وجهة نظر حتى ولو تجاهلناها أو قللنا من شأنها. وأود أن أدعوكم الآن إلى
أن تعودوا بالذاكرة إلى مراحل طفولتكم قدر المستطاع، عودوا إليها
بالاستبطان الداخلي وليس من خلال ما سرد لكم لاحقا من قصص لا تذكرونها. هل
عالم الطفل ذاك الذي «كنته» ساذجا وبسيطا كما نتصور بعد النضج؟ هل المواقف
التي مررت بها في صغرك تافهة ولا قيمة لها، أم أن تأثيرها لايزال اليوم
قائما فيك؟ إني لا أتحدث فقط عن المواقف الحادة والتراجيدية بل العادية
أيضا. حينما نرى، نحن الكبار، أطفالا صغارا «يتضاربون» مثلا فإننا نراه
شيئا سهلا وسرعان ما ينسى، وقد نضحك ونحن ننهي هذا الصراع الطفولي «البريء»
من وجهة نظرنا، ولكنه كان صراعا رهيبا ومرعبا للطرفين المتصارعين أو على
الأقل للطرف المهزوم، بل يظل راسخا في الذاكرة. أليس كذلك ؟
إن وجود عالم معقد للطفل ينطوي على وجود وجهة نظر خاصة ورؤية مستقلة نوعا
ما لكي شيء يحدث له أو أمامه. وحسبنا أنها المرحلة التي تتشكل فيها شخصية
المرء تقريبا، ففيها تنشأ الأفكار والآراء والتصورات وتكبر مع صاحبها، فإن
كانت أفكارا سلبية فإنها ستؤدي إلى وجود خلل وأزمة في الشخصية نفسها.
فلننظر على عجالة لتصور ثقافتنا للطفل والتي على ضوئها تتم تربيته. وأحب
التأكيد أنني أتكلم عن الغالبية وليس الكل. أول ما يخطر ببالنا عند استحضار
صورة الطفل هو أنه جاهل لا يعرف، وضعيف لا يقوى على شيء، ومسيرا ليس حرا
قادرا على اتخاذ القرارات، وأنه يجب أن يكون معزولا نوعا ما عن عالم الكبار
الحساس وفي الوقت ذاته يراد منه أن يكون نسخة من أبيه أو أمه، وهذا تضارب
خطير. إن الأب أو الأم كأي إنسان لهما جوانب سلبية وأخرى إيجابية. هنا تنشأ
شخصية «الطفل المثالي» الذي يراد منه أخذ الجوانب الإيجابية فقط من
والديه، فما المشكلة هنا؟، وهل الحل أن يأخذ أيضا الجوانب السلبية؟، كلا.
الحل أن يكون جو الأسرة التربوي مفتوحا لا غموض ولا أسرار فيه، فهو ميدان
خبرة وساحة تجربة. الحل أن يترك الطفل وشأنه وأن يقتصر دور الأبوين على
إزالة العوائق الصعبة فحسب. إن طموح الأب أو الأم لكي يكون الطفل نسخة
مثالية منهما له انعكاس سلبي خطير في المستقبل؛ لأنه سيواجه حياة ومجتمعا
غير مثاليين، وهنا يحدث الانفصام النفسي. كما يحدث مثلا عندما يعرف الطفل
أن أباه «الكامل» يدخن أو نحوها. فالأب الذي يدخن بمعرفة ابنه الصغير أقل
تعرضا للخطر «النفسي» من الأب الذي يستر كل شيء ويجعل حياته الطبيعية لغزا
أمام طفله.
من المخاطر التربوية التي تظهر بكثرة في مجتمعنا هو محاولة الأبوين لكي
يكون الطفل بالغا؛ رجلا راشدا أو امرأة راشدة. وعدم مرور الطفل بمرحلة
الطفولة بشكل سلس وطبيعي يؤدي إلى تذبذب شخصيته وارتباكها. صحيح أن الطفل
يستمتع أحيانا بتقليد أمه أو أبيه، ولكن هذا لا يعني أنه يريد أن يصبح رجلا
أو امرأة بضربة واحدة.
بناء على تصورنا الثقافي للطفل والذي أشرت إليه سالفا، فإن تصحيح هذا
التصور ضروري ومهم لتنشئة جيل صحيح ومعافى. فلنضع دائما في الاعتبار أن
الطفل حر وواع وذو وجهة نظر في كل شيء؛ وجهة نظر خاصة به تحتاج من الأبوين
إلى مكاشفة ومصارحة لكي يتعرفا عليها، ومن ثم يصححا ما بها من أخطاء إذا
كانت خاطئة، وتصحيح الأخطاء ليس من خلال حشو دماغه بأفكار مثالية غير
واقعية بل بحلول علمية وواقعية. وإذا كانت هناك وجهات نظر محرجة فإن
تجاهلها أيضا خطير، فكما أتذكر فإنه في أوروبا قديما كان الجواب عن سؤال
الطفل «كيف جئت؟، وكيف جاء أخي؟»، أن هناك «ملاكا» أو «طائرا» أحضرك إلينا.
وهذا الجواب يتحاشى الحديث عن العملية الجنسية والولادة ونحوها مما يحرج
الأبوين. فاقترح «فرويد» في إحدى محاضراته حلا واقعيا أو علميا. وهو أن يرى
الطفل مشهدا لحيوان ما «بقرة» أو «ماعز» . فيرى العملية بكاملها والولادة
ليستنتج الجواب على سؤاله بدون إحراج. إن تصحيح وجهة نظر الطفل بالطرق
الواقعية أفضل بكثير من إغراقه في تخيلات وأجوبة مثالية.
كم أتمنى أن يأتي اليوم الذي نترك فيه فكرة «الطفل المثالي» الذي يتباهى به
أبواه بين الناس، فهذه المثالية كفيلة بلخبطة تصوراته وإرباك وجهات نظرة،
وبالتالي ستجعله ضعيفا جدا أمام حياة ليس فيها من المثالية شيء. إن الأبوين
حينما يغرقان ابنهما في النصائح الكثيرة ويدفعانه للقيام بأعمال فوق طاقته
كأن يحفظ مثلا جدول الضرب وهو لايزال في الرابعة من عمره أو أن يستظهر
ألفية ابن مالك وهو لايزال في الصف الثالث الابتدائي وغيرها من أعمال ...
أقول إن هذين الأبوين إذ يفعلان ذلك فإنما يهدران جزءا كبيرا من طفولة
الطفل التي يجب دائما وأبدا استنفادها؛ أي يجب للطفل أن يعيش طفولته كاملة
غير منقوصة. إنه حق من حقوقه لا ينبغي العبث به وإهماله. وبنظرة سريعة لكل
واحد منكم على محيطه الاجتماعي سيعرف أن أمثال هؤلاء الأطفال المساكين
الذين تلقوا تربية مثالية مبالغ فيها أصبحوا تقريبا فاشلين في حياتهم
لاحقا، فلم تنفعهم ألفية ابن مالك ولا جدول الضرب.
- عيادة الطفل - كيف يتكلم الطفل بسرعة ؟
- تعليم الطفل القراءة بسهوله كبيره صور الدرس الاول..تعليم القراءة للطقل..خطوات تعليم الطفل...طريقة ناجحة لتعليم الطفل..تعليم القراءة للأطفال الدرس الاول:
- تحضير الصف الأول أهم النقاط من وجهة نظر كوادر
- عيوب ومميزات الجامعات الخاصة من وجهة نظر الخبراء
- ما الطريقة السليمة للتعامل مع المراهق من وجهة نظر الطب النفسى؟
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى