- ماما هنامشرفة عامة القسم الدينى و الأسرة
- عدد المساهمات : 9179
نقاط : 49029
تاريخ التسجيل : 21/04/2011
المنهج العملى فى تدبر القرآن
الأحد 12 أغسطس 2012, 05:53
المنهج العملى فى تدبر القرآن
أخرج البيهقى فى شعب الإيمان عن أبى عثمانَ النهدىّ رحمه الله
أنه كان يقول: «ما فى القرآنِ آيةٌ أَرْجَى عندى لهذه الآية من قوله
﴿وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً
وَآَخَرَ سَيِّئاً﴾» الآية.
فالعبدُ يأمُلُ فى استحقاقِ التوبةِ وتحصيلِ المغفرةِ والرحمةِ من
اللهِ بقَدْرِ خُلُوصِ نِيَّتِه وصِدْقِ رغبتِه فى التخَلِّى عن
المنْهِيَّاتِ، وبقَدْرِ عزمِه وتصميمِه على متابعةِ المأمورات.
وجاء فى تفسير القرطبى عن أبى يزيد البسطامى قال: «غلطت فى أربعة
أشياء فى الابتداء مع الله تعالى: ظننت أنى أحبه فإذا هو أحبنى، قال الله
تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ (المائدة: 54). وظننت أنى أرضى عنه
فإذا هو قد رضى عنى، قال الله تعالى: ﴿رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ﴾ (البينة: . وظننت أنى أذكره فإذا هو يذكرنى، قال الله تعالى:
﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ (العنكبوت: 45). وظننت أنى أتوب فإذا هو قد
تاب علىَّ، قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾ (التوبة:
118)».
هكذا كان حالُ هؤلاءِ القومِ مع القرآنِ، وهو الذى أدعو نفسى
وإخوانى إليه. حين نقرأُ القرآنَ وحين نسمعه نعرض نفوسَنا عليه، فالقرآنُ
لم ينزلْ لِمجردِ الترتيلِ والتَّغَنِّى به من غير أن يكون له صدًى فى
واقعنا.
إن هؤلاء الربانيين من سلفنا الصالح يُعَبِّرون عن كثيرٍ من
أحوالِنا جميعاً، فنحن، والحمدُ لله، وُفِّقْنَا للصلاةِ والصيامِ
والقيامِ، وإنْ لم نكنْ على الحالِ الأكملِ من الاجتهادِ، كما أننا لم
نعملْ أعمالَ السَّوْءِ التى استحقَّ أهلُها النار، لكنَّنا مع ذلك
اكتسبْنا من الخير جانباً، ووقعنا من الشر فى جانبٍ، فما أَحْرانا بتعظيمِ
الرجاءِ فى الله والاجتهادِ فى تحسينِ الأعمالِ والأحوال.
ولذلك أقولُ لنفسى ولإخوانى: دَعُونا كُلَّما قرأْنَا آيةً فيها
أمرٌ من الله نعرضْ هذا الأمرَ على أنفسِنا، هل ننفذه؟ وكلَّما قرأْنَا
نَهْياً فى كتابِ الله، هل نتركُه؟ وكلَّما قرأْنَا فى القرآنِ صفاتِ أهل
الجنة: هل عَمِلْنا عَمَلَهم؟ وإذا مَرْرَنا بالآيةِ من القرآنِ تتكلمُ عن
عملِ أهلِ النار وسببِ عذابِهم، هل نفعلُ ما يفعلونه؟ وإذا مَرَّتْ بنا
نصيحةٌ إلهيةٌ أو أدبٌ ربانىٌّ فى القرآنِ، هل انتصحْنا وتأدَّبْنا بتوجيه
العزيز الحميد؟ وإذا مرَّتْ بنا أوصافُ المؤمنين هل نتحقَّقُ بها؟ وأوصافُ
المنافقين والكافرين، هل تخلَّصْنا منها؟
ذلكم هو المنهجُ العملىُّ لقراءةِ القرآنِ؛ أن نعرض أنفسنا على ما
نتلو ونسمع من القرآن، فينتج ذلك فَهْماً صحيحاً، وعملاً صالحاً، وأخلاقاً
مستقيمةً.
عبد الرحمن البر
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى