قابيل وهابيل
السبت 11 أغسطس 2012, 02:17
قابيل وهابيل
الكاتب
جمال البنا
انتهت الحكمة العملية بين الناس أن من اعتدى على أحد، فإن للمعتدى عليه أن يرد العداء بمثله،
لأن هذا لم يخالف إطار العدل، لكن القرآن الكريم تحدث عن نوع آخر من العدل يراد به استئصال العنف،
وقد يقال كان يكفى ألا يرد وينتهى الأمر عند ذلك.. والرد أن ذلك ليس مكفولاً مع وجود الطبائع الغليظة.
هذا هو ما أراده القرآن أن يقربه من الناس وما جعله يتخذه مثلاً فى قابيل وهابيل..
وهما أخوان من العصور القريبة لأبى البشر الأكبر آدم، وقد اختلفا
«وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَىْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ
قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى
مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِى إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّى أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ
فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ *
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ» (المائدة:27ـ30).
وآية (من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر) فى المسيحية
أكثر دلالة على الاستسلام للعنف مهما كان، وهذه الآية فى المسيحية مشهورة فى العالم
أكثر مما يماثلها فى الإسلام، لأن فكرة الناس عن الإسلام أنه دين عملى،
لكن هذا لا يمنع من إيجاد نص يوحى بذلك، لكنه فى الإسلام مغلف بجماليات النظم القرآنى.
المهم أن مبدأ عدم دفع العنف بالعنف أصبح مذهباً مقرراً كصورة من صور التعبير عن الاحتجاج،
وكان أول من آمن به الروائى الروسى العظيم تولستوى، وعنه أخذ الزعيم الهندى غاندى
فذهب لمقاومة ملكة بريطانيا مرتدياً أسمالاً ويقود عنزة توفر له اللبن،
كما أبدع الهنود أسلوب الصيام كتعبير عن الاحتجاج بين العداوات،
التى تقوم بين المسلمين والهندوس.
وأصبح قابيــل مثلاً للعنف والحرب والقـوة البدنية والعملية،.. وهابيــل مثلاً للحب والسلم والبعد عن العنف.
وفى صميم الحضارة الرومانية التى قامت على أساس السيف القصير العريض..
كان تعريض الخد الأيسر لمن يضرب الخد الأيمن.. فضيحة وخزياً.. لا يمكن تصورهما،
ومع هذا فإن النتيجة فى النهاية كانت الحب الذى ورث الإمبراطورية الرومانية،
وهو أمر قرره الإسلام من قبل، فقال تعالى
«لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الأَرْضِ وَلا فَسَاداً»،
- إيمان إبراهيم مساعد
- عدد المساهمات : 0
نقاط : 3912
تاريخ التسجيل : 13/01/2014
رد: قابيل وهابيل
السبت 11 أغسطس 2012, 02:21
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى