- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
شهر شعبان وفضله
الإثنين 02 يوليو 2012, 14:44
b] فضل شهر شعبان
[b] شعبان هو
اسم للشهر ، وقد سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه ،
وقيل تشعبهم في الغارات ، وقيل لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان ،
ويجمع على شعبانات وشعابين .
الصيام في شعبان :
عن عائشة رضي الله
عنها قالت : " كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا
يصوم وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما
منه في شعبان " رواه البخاري برقم ( 1833 ) ومسلم برقم ( 1956 ) ، وفي
رواية لمسلم برقم ( 1957 ) : " كان يصوم شعبان كله ، كان يصوم شعبان إلا
قليلا " ، وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى
الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان ، وإنما كان يصوم أكثره ، ويشهد له
ما في صحيح مسلم برقم ( 1954 ) عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : " ما
علمته - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - صام شهرا كله إلا رمضان " وفي
رواية له أيضا برقم ( 1955 ) عنها قالت : " ما رأيته صام شهرا كاملا منذ
قدم المدينة إلا أن يكون رمضان " ، وفي الصحيحين عن ابن عباس قال : " ما
صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا غير رمضان " أخرجه البخاري
رقم 1971 ومسلم رقم 1157 ، وكان ابن عباس يكره أن يصوم شهرا كاملا غير
رمضان ، قال ابن حجر رحمه الله : كان صيامه في شعبان تطوعا أكثر من صيامه
فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان .
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من
شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال : " ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه ،
بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن
يرفع عملي وأنا صائم " رواه النسائي ، أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425 ،
وفي رواية لأبي داود برقم ( 2076 ) قالت : " كان أحب الشهور إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان " . صححه الألباني
أنظر صحيح سنن أبي داوُد 2/461
قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل
التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة
السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك
صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق
بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه .
وقوله " شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان "
يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل
الناس بهما عنه ، فصار مغفولا عنه ، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل
من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام ، وليس كذلك .
وفي الحديث السابق إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه .
وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة ، كما كان طائفة من
السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة ،
ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين
أهل الغفلة ، وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها :
أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل ، لا سيما الصيام فإنه
سرّ بين العبد وربه ، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء ، وكان بعض السلف يصوم
سنين عددا لا يعلم به أحد ، فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان
فيتصدق بهما ويصوم ، فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته
، وكان السلف يستحبون لمن صام أن يُظهر ما يخفي به صيامه ، فعن ابن مسعود
أنه قال : " إذا أصبحتم صياما فأصبِحوا مدَّهنين " ، وقال قتادة : "
يستحب للصائم أن يدَّهِن حتى تذهب عنه غبرة الصيام
وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس ، ومن أسباب أفضلية
الأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل ، وإذا
كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين ، وعند مسلم ( رقم 2984 ) من حديث معقل
بن يسار : " العبادة في الهرْج كالهجرة إلي " ( أي العبادة في زمن الفتنة
؛ لأن الناس يتبعون أهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق ) .
وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم - في شعبان على عدة أقوال :
1- أنه كان يشتغل عن
صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان وكان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها .
2- وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك ،
وهذا عكس ما ورد عن عائشة أنها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم .
3- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه : وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف
الذكر والذي فيه : " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان " رواه
النسائي ، أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425
وكان إذا دخل شعبان وعليه بقية من صيام تطوع لم يصمه قضاه في شعبان حتى
يستكمل نوافله بالصوم قبل دخول رمضان - كما كان إذا فاته سنن الصلاة أو
قيام الليل قضاه - فكانت عائشة حينئذ تغتنم قضاءه لنوافله فتقضي ما عليها
من فرض رمضان حينئذ لفطرها فيه بالحيض وكانت في غيره من الشهور مشتغلة
بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فيجب التنبه والتنبيه على أن من بقي عليه شيء
من رمضان الماضي فيجب عليه صيامه قبل أن يدخل رمضان القادم ولا يجوز
التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلا لضرورة ( مثل العذر المستمر بين
الرمضانين ) ، ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل فعليه مع القضاء
بعده التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم ، وهو قول مالك والشافعي وأحمد .
وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في
صوم رمضان على مشقة وكلفة ، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل
رمضان بقوة ونشاط .
ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من
الصيام وقراءة القرآن والصدقة ، وقال سلمة بن سهيل كان يقال : شهر شعبان
شهر القراء ، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء ،
وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن
.
الصيام في آخر شعبان
ثبت في الصحيحين عن
عمران بن حصين رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : "
هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا ؟ قال لا ، قال : فإذا أفطرت فصم يومين " وفي
رواية البخاري : أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم : " هل صمت من سرر
شعبان شيئا ؟ " أخرجه البخاري 4/200 ومسلم برقم ( 1161 )
وقد اختلف في تفسير السرار ، والمشهور أنه آخر الشهر ، يقال سِرار الشهر
بكسر السين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح ، وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار
القمر فيه ( أي لاختفائه ) ، فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي
هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقدموا
رمضان بيوم أو يومين ، إلا من كان يصوم صوما فليصمه " أخرجه البخاري رقم (
1983 ) ومسلم برقم ( 1082 ) ، فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنع
فالجواب : قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث : إن هذا الرجل الذي
سأله النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن له عادة بصيامه ، أو كان قد
نذره فلذلك أمره بقضائه . وقيل في المسألة أقوال أخرى ، وخلاصة القول أن
صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان ، فهذا محرم .
الثاني : أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك ، فجوّزه الجمهور.
الثالث :
أن يصام بنية التطوع المطلق ، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان
بالفطر؛ منهم الحسن - وإن وافق صوما كان يصومه - ورخص فيه مالك ومن وافقه ،
وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا ..
[size=21]
وبالجملة فحديث أبي هريرة - السالف الذكر - هو المعمول به عند كثير من
العلماء ، وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن
ليس له به عادة ، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره . فإن
قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة ( لغير من له عادة سابقة
بالصيام ) فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها :
أحدها : لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه ، كما نهي عن صيام يوم العيد
لهذا المعنى ، حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم ، فزادوا فيه
بآرائهم وأهوائهم .
ولهذا نهي عن صيام يوم الشك ،قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله
عليه وسلم ، ويوم الشك : هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا ؟
وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله ، وأما يوم الغيم : فمن
العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه ، وهو قول الأكثرين .
المعنى الثاني : الفصل بين صيام الفرض والنفل ، فإن جنس الفصل بين الفرائض
والنوافل مشروع ، ولهذا حرم صيام يوم العيد ، ونهى النبي صلى الله عليه
وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام ، وخصوصا
سنة الفجر قبلها ، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ، ولهذا يشرع
صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها .
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر ، فقال له : " آلصُّبح أربعا " رواه البخاري رقم ( 663
وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل ؛ لتأخذ
النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام ، وهذا خطأ وجهل ممن
ظنه . والله تعالى أعلم .
وبالجملة فحديث أبي هريرة - السالف الذكر - هو المعمول به عند كثير من
العلماء ، وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن
ليس له به عادة ، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره . فإن
قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة ( لغير من له عادة سابقة
بالصيام ) فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها :
أحدها : لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه ، كما نهي عن صيام يوم العيد
لهذا المعنى ، حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم ، فزادوا فيه
بآرائهم وأهوائهم .
ولهذا نهي عن صيام يوم الشك ،قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله
عليه وسلم ، ويوم الشك : هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا ؟
وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله ، وأما يوم الغيم : فمن
العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه ، وهو قول الأكثرين .
المعنى الثاني : الفصل بين صيام الفرض والنفل ، فإن جنس الفصل بين الفرائض
والنوافل مشروع ، ولهذا حرم صيام يوم العيد ، ونهى النبي صلى الله عليه
وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام ، وخصوصا
سنة الفجر قبلها ، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ، ولهذا يشرع
صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها .
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر ، فقال له : " آلصُّبح أربعا " رواه البخاري رقم ( 663
وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل ؛ لتأخذ
النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام ، وهذا خطأ وجهل ممن
ظنه . والله تعالى أعلم .
________________________________________________
رد: شهر شعبان وفضله
الإثنين 02 يوليو 2012, 14:52
________________________________________________
جاري تحميل مناهج 2025 كل الفرق
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: شهر شعبان وفضله
الإثنين 02 يوليو 2012, 14:57
شكرا لمرورك العطر
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى