- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
تغريدات حول شهر رجب
الثلاثاء 05 يونيو 2012, 14:00
تغريدات حول شهر رجب |
|
ا.د. علي الصياح @asayahh |
1/في صحيح مسلم أن عثمان بن حكيم قال: سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب ونحن يومئذ في رجب فقال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: كان رسول الله 2/صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم. فإجابة سعيد بن جبير دقيقة؛ وأن رجب ليس له ميزة على بقية الشهور بخصوصه 1/ (شهر رجب 1433) في الصحيحين قالت عائشة(رضي الله عنها): ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب. 2/ (شهر رجب 1433) في الصحيحين"لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ"والفرَعُ : أوَّلُ النِّتَاج ، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، والعتِيرَةُ في رجب. 3/ (شهر رجب 1433) حديث"نهى عن صيام رجب" أخرجه ابن ماجه وغيره.وهو شديد الضعف جداً. 4/ (شهر رجب 1433) حديث "إن في الجنة نهرا يقال له رجب أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل من صام من رجب يوما سقاه الله من ذلك النهر" ضعيف جداً 5/ (شهر رجب 1433) حديث"من صام يوما من رجب كان كصيام سنة ومن صام سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب جهنم..." طويل. لا يصح عن النبي صلى الله عليه 6/ (شهر رجب 1433) حديث"خيرة الله من الشهور شهر رجب وهو شهر الله عز و جل من عظم شهر رجب فقد عظم..." طويل. لا يصح عن النبي صلى الله عليه 7/ (شهر رجب 1433)حديث"في رجب يوم وليلة من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة كان كمن صام من الدهر مائة سنة وقام مائة..". لا يصح عن النبي صلى الله 8/ (شهر رجب 1433)قول ابن عمر"خمس ليال لا ترد فيهن الدعاء ليلة الجمعة وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين" لا يثبت عنه. 9/ (شهر رجب 1433) 1/قال ابن رجب"لم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به و الأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب 10/ (شهر رجب 1433)2/وباطل لا تصح و هذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء و من ذكر ذلك من أعيان العلماء المتأخرين من الحفاظ أبو إسماعيل الأنصاري 11/ (شهر رجب 1433)3/وأبو بكر بن السمعاني وأبو الفضل بن ناصر وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهم إنما لم يذكرها المتقدمون لأنها أحدثت بعدهم 12/ (شهر رجب 1433)4/ وأول ما ظهرت بعد الأربعمائة فلذلك لم يعرفها المتقدمون و لم يتكلموا فيها. 13/(شهر رجب 1433)5/أما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولكن روي عن أبي قلابة قال:في الجنة 14/(شهر رجب 1433)6/قصر لصوام رجب..وأما الزكاة فقد اعتاد أهل هذه البلاد إخراج الزكاة في شهر رجب ولا أصل لذلك في السنة ولا عرف عن أحد من السلف 15/(شهر رجب 1433)7/و أما الاعتمار في رجب فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتمر في رجب فأنكرت ذلك عائشة عليه و هو 16/(شهر رجب 1433)8/ يسمع فسكت. واستحب الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب وغيره.وكانت عائشة تفعله وابن عمر أيضا ونقل ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا 17/(شهر رجب 1433)9/ يفعلونه.. وقد روي:أنه في شهر رجب حوادث عظيمة و لم يصح شيء من ذلك.وكان أهل الجاهلية يتحرون الدعاء فيه على الظالم و كان 18/(شهر رجب 1433)10/يستجاب لهم ولهم في ذلك أخبار مشهورة قد ذكرها ابن أبي الدنيا في كتاب مجابي الدعوة و غيره.من كتاب"لطائف المعارف" لابن رجب. 19/(شهر رجب 1433)"كان ابن عباس ينهى عن صيام رجب كله؛ لأن لا يتخذ عيدا" أخرجه عبد الرزاق وهو ثابت عن ابن عباس. 20/(شهر رجب 1433) قال الزهري:"شهر الله الأصمّ رجبٌ.قال:وكان المسلمون يعظمون الأشهر الحرم؛لأن الظلم فيها أعظم" أخرجه عبد الرزاق وهو ثابت عنه. 21/(شهر رجب 1433)1/قال خرشة بن الحر: رأيت عمر يضرب أكف الناس في رجب، حتى يضعوها في الجفان ويقول: كلوا؛ فإنما هو شهر كان 22/(شهر رجب 1433)2/ يعظمه أهل الجاهلية.أخرجه ابن أبي شيبة وهو صحيح. وهو محمول على أنهم كانوا يخصون رجب دون غيره اعتقادا لتعظيمه دون غيره. 23/(شهر رجب 1433)أحبتي:شهر رجب كبقية الشهور لم يثبت في خصوصه فضل ولا في الصلاة فيه أو الصيام أوالعمرة وغيرها والأحاديث الواردة فيه غير صحيحة 24/(شهر رجب 1433) حديث(اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان) ضعيف ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم |
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: تغريدات حول شهر رجب
الثلاثاء 05 يونيو 2012, 14:02
رجب:
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (ص445): رجب: الراء والجيم والباء أصلٌ يدل
على دعم شيء بشيء وتقويته... ومن هذا الباب: رجبت الشيء أي عظّمته... فسمي
رجباً لأنهم كانوا يعظّمونه، وقد عظمته الشريعة أيضاً.
رجب شهر حرام، والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر. قال
الله تعالى في هذه الأشهر: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا
عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ
مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ
فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} [التوبة 36]، ثبت عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع وقال في خطبته: «إن الزمان قد استدار كهيئة
يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات؛
ذو القَعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» متفق عليه.
فإن قيل: لماذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم برجب مضر؟
فالجواب: فيها قولان:
الأول:
سمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره، بل
توقعه في وقته، بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب
حالة الحرب عندهم، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ
يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا
لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ
زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْكَافِرِينَ } [التوبة: 37].
ومعنى الآية: "إن الذي كانت تفعله العرب في الجاهلية من تحريم أربعة أشهر من
السنة عددا لا تحديدا بأسماء الأشهر التي حرمها الله، فيؤخرون بعضها أو يقدمونه
ويجعلون مكانه من أشهر الحل ما أرادوا حسب حاجتهم للقتال، إن ذلك زيادة في
الكفر، يضل الشيطان به الذين كفروا، يحلون الذي أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة
عاما، ويحرمونه عاما; ليوافقوا عدد الشهور الأربعة، فيحلوا ما حرم الله منها.
زين لهم الشيطان الأعمال السيئة. والله لا يوفق القوم الكافرين إلى الحق
والصواب"([1]).
القول الثاني:
وقيل: إنَّ سبب نسبته إلى مضر أنها كانت
تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك.
والمراد بقوله: {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ} أي: في الأشهر الحرم. وقد ذكر
العلماء أن الذنب فيها مضاعف، قال قتادة رحمه الله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}؛
فإن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئةً ووِزْرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان
الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظِّم من أمره ما شاء"([2]). وقيل المراد
لا تظلموا في الشهور كلها أنفسكم.
ومسألة عدم القتال في الشهر الحرام كانت ممنوعة في بداية الأمر ثم نسخ هذا،
وهذا قول الجمهور، والنسخ بقول الله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا
المشركين حيث وجدتموهم}، وبغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتالهم مطلقا.
والدليل أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة وهو من
الأشهر الحرم.
وقال آخرون: لا يجوز ابتداء القتال في
الأشهر الحرم وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها فإنه يجوز . وحملوا
قتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك لأن أول قتالهم في حنين في
شوال. وهذا إنما هو في جهاد الطلب، أما جهاد الدفع فمشروع في كل زمان، فإذا دهم
العدو بلدا للمسلمين وجب على أهلها القتال دفاعا، سواء كان في الشهر الحرام أو
في غيره.
شهر رجب كبقية الأشهر، لم يخصه النبي
صلى الله عليه وسلم بعبادة، ومعلوم أن فعل العبادة شيء، وتخصيصها بمكان أو زمان
شيء آخر يحتاج إلى دليل. فتخصيص رجب بصيام أمر لا دليل عليه. فمن اعتاد صياماً
فعله في رجب وفي غيره، وأما من خصه بالصيام فهذا يُنكر عليه هذا التخصيص، وقد
ورد في مسند الإمام أحمد عن خرشة بن الحر قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه
الجاهلية. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في
صيامه، ولا في صيام شيء منه معيّن، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح
يصلح للحجة. وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ وكذلك
رويناه عن غيره"([3]).
فما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الأيام منه بالصيام معتقدين فضلها على غيرها:
لا أصل له في الشرع .
أما حديث «صُمْ مِنْ الْحُرُمِ
وَاتْرُكْ» الذي رواه أبو داود فقد حكم بضعفه الألباني في ضعيف أبي داود. ولو
قيل بصحته فلا يدل على إفراد رجب، بل يدل على الصيام في الأشهر الحرم كلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها
ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى
في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات"([4]).
وقال السيد سابق رحمه الله: "صيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور, إلا
أنه من الأشهر الحرم, ولم يرد في السنة الصحيحة أن للصيام فضيلة بخصوصه, وأن ما
جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به"([5]).
العمرة في رجب:
دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يعتمر في رجب، قال مجاهد: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا
عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فسئل: كم اعتمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعاً إحداهن في رجب. فكرهنا أن نرد عليه، فقال
عروة: يا أماه، يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما
يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهنّ في
رجب. قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد -أي حاضر معه-
وما اعتمر في رجب قط. متفق عليه وجاء عند مسلم: وابن عمر يسمع فما قال لا ولا
نعم. قال النووي: "قال العلماء: هذا يدل على أنه – ابن عمر - اشتبه عليه، أو
نسي، أو شك. ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة"([6]).
كان أهل الجاهلية يذبحون ذبيحة في رجب لأصنامهم، وهي العتيرة، وقد أبطلها النبي
صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا فَرَع ولا عتيرة» متفق عليه، والفرع: أول
النِّتاج كانوا يجعلونه لأصنامهم. وأما العتيرة فقد اباح النبي صلى الله عليه
وسلم الذبح لله في أي شهر كان، وأبطل أن تكون للأصنام، وأن تخص برجب، فقد نادى
رجل فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نعتِر عتيرة في الجاهلية في
رجب فما تأمرنا؟ فقال: «اذبحوا في أي شهر كان» رواه أبو داود.
صلاة الرغائب: صلاة مخصوصة تصلى في أول
أو آخر جمعة من رجب، قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: "بدعة باتفاق أئمة الدين،
لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه، ولا استحبها أحد من
أئمة الدين؛ كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث
وغيرهم،والحديث المروي فيها كذب بإجماع أهل المعرفة بالحديث"([7]).
وقال النووي رحمه الله: "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب, وهي ثنتا عشرة ركعة
تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب, وصلاة ليلة نصف شعبان مائة
ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت
القلوب وإحياء علوم الدين, ولا بالحديث المذكور فيهما؛ فإن كل ذلك باطل، ولا
يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما فإنه غالط
في ذلك, وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابا
نفيسا في إبطالهما فأحسن فيه وأجاد رحمه الله"([8]).
وقال في شرحه على صحيح مسلم: "قاتل الله واضعها ومخترعها؛ فإنها بدعة منكرة من
البدع التي هي ضلالة وجهالة، وفيها منكرات ظاهرة، وقد صنف جماعة من الأئمة
مصنفات نفيسة في تقبيحها وتضليل مصليها ومبتدعها ودلائل قبحها وبطلانها وتضليل
فاعلها أكثر من أن تحصر"([9]).
لم يثبت أن الإسراء والمعراج كان في شهر رجب، بل اختلف العلماء في تاريخه على
أكثر من خمسة أقوال([10])، ولو سلمنا أنه كان في السابع والعشرين منه فلا يترتب
على ذلك تخصيص هذا اليوم أو الليلة بعبادة.
وختاماً: يجب على المسلم أن يحذر من
الوقوع في البدع فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في
أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد». والله المسؤول أن يرزقنا اتباع النبي صلى الله
عليه وسلم، ويجنبنا محدثات الأمور.
----------------------------------
[1] / التفسير الميسر، ص(271).
[2] / تفسير الطبري (14/ 239).
[3] / تبيين العجب بما ورد في فضل رجب، ص (11).
[4] / مجموع الفتاوى (25/290).
[5] / فقه السنة (1/383).
[6] /شرح مسلم (8/235).
[7] / الفتاوى (23/134).
[8] / المجموع (3/548).
[9] / شرح مسلم (8/20).
[10] / انظر تفسير القرطبي (10/210).
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (ص445): رجب: الراء والجيم والباء أصلٌ يدل
على دعم شيء بشيء وتقويته... ومن هذا الباب: رجبت الشيء أي عظّمته... فسمي
رجباً لأنهم كانوا يعظّمونه، وقد عظمته الشريعة أيضاً.
رجب شهر حرام، والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر. قال
الله تعالى في هذه الأشهر: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا
عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ
مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ
فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} [التوبة 36]، ثبت عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع وقال في خطبته: «إن الزمان قد استدار كهيئة
يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات؛
ذو القَعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» متفق عليه.
فإن قيل: لماذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم برجب مضر؟
فالجواب: فيها قولان:
الأول:
سمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره، بل
توقعه في وقته، بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب
حالة الحرب عندهم، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ
يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا
لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ
زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْكَافِرِينَ } [التوبة: 37].
ومعنى الآية: "إن الذي كانت تفعله العرب في الجاهلية من تحريم أربعة أشهر من
السنة عددا لا تحديدا بأسماء الأشهر التي حرمها الله، فيؤخرون بعضها أو يقدمونه
ويجعلون مكانه من أشهر الحل ما أرادوا حسب حاجتهم للقتال، إن ذلك زيادة في
الكفر، يضل الشيطان به الذين كفروا، يحلون الذي أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة
عاما، ويحرمونه عاما; ليوافقوا عدد الشهور الأربعة، فيحلوا ما حرم الله منها.
زين لهم الشيطان الأعمال السيئة. والله لا يوفق القوم الكافرين إلى الحق
والصواب"([1]).
القول الثاني:
وقيل: إنَّ سبب نسبته إلى مضر أنها كانت
تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك.
والمراد بقوله: {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ} أي: في الأشهر الحرم. وقد ذكر
العلماء أن الذنب فيها مضاعف، قال قتادة رحمه الله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}؛
فإن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئةً ووِزْرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان
الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظِّم من أمره ما شاء"([2]). وقيل المراد
لا تظلموا في الشهور كلها أنفسكم.
ومسألة عدم القتال في الشهر الحرام كانت ممنوعة في بداية الأمر ثم نسخ هذا،
وهذا قول الجمهور، والنسخ بقول الله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا
المشركين حيث وجدتموهم}، وبغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتالهم مطلقا.
والدليل أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة وهو من
الأشهر الحرم.
وقال آخرون: لا يجوز ابتداء القتال في
الأشهر الحرم وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها فإنه يجوز . وحملوا
قتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك لأن أول قتالهم في حنين في
شوال. وهذا إنما هو في جهاد الطلب، أما جهاد الدفع فمشروع في كل زمان، فإذا دهم
العدو بلدا للمسلمين وجب على أهلها القتال دفاعا، سواء كان في الشهر الحرام أو
في غيره.
شهر رجب كبقية الأشهر، لم يخصه النبي
صلى الله عليه وسلم بعبادة، ومعلوم أن فعل العبادة شيء، وتخصيصها بمكان أو زمان
شيء آخر يحتاج إلى دليل. فتخصيص رجب بصيام أمر لا دليل عليه. فمن اعتاد صياماً
فعله في رجب وفي غيره، وأما من خصه بالصيام فهذا يُنكر عليه هذا التخصيص، وقد
ورد في مسند الإمام أحمد عن خرشة بن الحر قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه
الجاهلية. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في
صيامه، ولا في صيام شيء منه معيّن، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح
يصلح للحجة. وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ وكذلك
رويناه عن غيره"([3]).
فما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الأيام منه بالصيام معتقدين فضلها على غيرها:
لا أصل له في الشرع .
أما حديث «صُمْ مِنْ الْحُرُمِ
وَاتْرُكْ» الذي رواه أبو داود فقد حكم بضعفه الألباني في ضعيف أبي داود. ولو
قيل بصحته فلا يدل على إفراد رجب، بل يدل على الصيام في الأشهر الحرم كلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها
ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى
في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات"([4]).
وقال السيد سابق رحمه الله: "صيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور, إلا
أنه من الأشهر الحرم, ولم يرد في السنة الصحيحة أن للصيام فضيلة بخصوصه, وأن ما
جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به"([5]).
العمرة في رجب:
دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يعتمر في رجب، قال مجاهد: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا
عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فسئل: كم اعتمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعاً إحداهن في رجب. فكرهنا أن نرد عليه، فقال
عروة: يا أماه، يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما
يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهنّ في
رجب. قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد -أي حاضر معه-
وما اعتمر في رجب قط. متفق عليه وجاء عند مسلم: وابن عمر يسمع فما قال لا ولا
نعم. قال النووي: "قال العلماء: هذا يدل على أنه – ابن عمر - اشتبه عليه، أو
نسي، أو شك. ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة"([6]).
كان أهل الجاهلية يذبحون ذبيحة في رجب لأصنامهم، وهي العتيرة، وقد أبطلها النبي
صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا فَرَع ولا عتيرة» متفق عليه، والفرع: أول
النِّتاج كانوا يجعلونه لأصنامهم. وأما العتيرة فقد اباح النبي صلى الله عليه
وسلم الذبح لله في أي شهر كان، وأبطل أن تكون للأصنام، وأن تخص برجب، فقد نادى
رجل فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نعتِر عتيرة في الجاهلية في
رجب فما تأمرنا؟ فقال: «اذبحوا في أي شهر كان» رواه أبو داود.
صلاة الرغائب: صلاة مخصوصة تصلى في أول
أو آخر جمعة من رجب، قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: "بدعة باتفاق أئمة الدين،
لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه، ولا استحبها أحد من
أئمة الدين؛ كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث
وغيرهم،والحديث المروي فيها كذب بإجماع أهل المعرفة بالحديث"([7]).
وقال النووي رحمه الله: "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب, وهي ثنتا عشرة ركعة
تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب, وصلاة ليلة نصف شعبان مائة
ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت
القلوب وإحياء علوم الدين, ولا بالحديث المذكور فيهما؛ فإن كل ذلك باطل، ولا
يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما فإنه غالط
في ذلك, وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابا
نفيسا في إبطالهما فأحسن فيه وأجاد رحمه الله"([8]).
وقال في شرحه على صحيح مسلم: "قاتل الله واضعها ومخترعها؛ فإنها بدعة منكرة من
البدع التي هي ضلالة وجهالة، وفيها منكرات ظاهرة، وقد صنف جماعة من الأئمة
مصنفات نفيسة في تقبيحها وتضليل مصليها ومبتدعها ودلائل قبحها وبطلانها وتضليل
فاعلها أكثر من أن تحصر"([9]).
لم يثبت أن الإسراء والمعراج كان في شهر رجب، بل اختلف العلماء في تاريخه على
أكثر من خمسة أقوال([10])، ولو سلمنا أنه كان في السابع والعشرين منه فلا يترتب
على ذلك تخصيص هذا اليوم أو الليلة بعبادة.
وختاماً: يجب على المسلم أن يحذر من
الوقوع في البدع فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في
أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد». والله المسؤول أن يرزقنا اتباع النبي صلى الله
عليه وسلم، ويجنبنا محدثات الأمور.
----------------------------------
[1] / التفسير الميسر، ص(271).
[2] / تفسير الطبري (14/ 239).
[3] / تبيين العجب بما ورد في فضل رجب، ص (11).
[4] / مجموع الفتاوى (25/290).
[5] / فقه السنة (1/383).
[6] /شرح مسلم (8/235).
[7] / الفتاوى (23/134).
[8] / المجموع (3/548).
[9] / شرح مسلم (8/20).
[10] / انظر تفسير القرطبي (10/210).
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى