- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28461
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
الرد على الطعن في القرآن الكريم
الجمعة 27 أبريل 2012, 17:58
الرد على الطن في القرآن الكريم
لقد كان من أدلة صدق النبي ( جوابه الحاضر على الأسئلة المفاجئة التي كان يواجهه بها المشككون في صدقه ، ولا يتأتى ذلك لشخص كاذب مهما أوتي من فطنة ، بل لا يصدر إلا عن نبي مؤيد بوحي من السماء ، فمن أمثلة ذلك .
عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ ( ، وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ، فَأَتَى النَّبِيَّ ( ، فَقَالَ :إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ؛ فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ ؟ ...الحديث السابق )(301).
وعن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ( قَالَ :كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ( فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ :السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ . فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا فَقَالَ : لِمَ تَدْفَعُنِي؟ فَقُلْتُ: أَلَا تَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ .فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي ». فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : جِئْتُ أَسْأَلُكَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ( : « أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ ؟ » قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ . فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ( بِعُودٍ مَعَهُ ،فَقَالَ :« سَلْ ». فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ ». قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً ؟ قَالَ : « فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ ». قَالَ الْيَهُودِيُّ : فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : « زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ ». قَالَ : فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟ قَالَ :« يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا ». قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ ؟ قَالَ :« مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ». قَالَ :صَدَقْتَ .قَالَ : وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ . قَالَ: « يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ ؟». قَالَ : أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ. قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ الْوَلَدِ؟ ،قَالَ :« مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ ».قَالَ الْيَهُودِيُّ :لَقَدْ صَدَقْتَ وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ . ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( :« لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنِ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ ، وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى أَتَانِيَ اللَّهُ بِهِ)(302).
عن ابْنِ عَبَّاسٍ ( قال:حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ ( يَوْمًا، فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنْ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ، لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ قَالَ : « سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ، وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلَام - عَلَى بَنِيهِ ، لَئِنْ حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُتَابِعُنِّي عَلَى الْإِسْلَامِ ». قَالُوا :فَذَلِكَ لَكَ. قَالَ :« فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ». قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ؛أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ ،وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ؟ قَالَ :« فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لَئِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ لَتُتَابِعُنِّي». قَالَ :فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ. قَالَ: « فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَام - مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا ، وَطَالَ سَقَمُهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانَ الْإِبِلِ وَأَحَبُّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا ؟ قَالُوا :اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ :« اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ ،فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، وَأَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ؛ إِنْ عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ عَلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِنْ عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ ؟ ».قَالُوا :اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ: « اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ ،فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ ». قَالُوا :اللَّهُمَّ نَعَمْ .قَالَ :« اللَّهُمَّ اشْهَدْ ». قَالُوا :وَأَنْتَ الْآنَ فَحَدِّثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ ؟ قَالَ :« فَإِنَّ وَلِيِّيَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَام - وَلَمْ يَبْعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ وَلِيُّهُ ». قَالُوا : فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ ؟ لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ سِوَاهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَتَابَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ . قَالَ :« فَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ أَنْ تُصَدِّقُوهُ ». قَالُوا: إِنَّهُ عَدُوُّنَا . قَالَ :فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ( إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( فَعِنْدَ ذَلِكَ بَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ )(303).
وفي وراية عن عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ :أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ ، فَإِنْ أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَاتَّبَعْنَاكَ ، فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ إِذْ قَالُوا :اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ . قَالَ :« هَاتُوا ».قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ عَلَامَةِ النَّبِيِّ ؟ قَالَ :« تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ ». قَالُوا :أَخْبِرْنَا كَيْفَ تُؤَنِّثُ الْمَرْأَةُ وَكَيْفَ تُذْكِرُ؟ قَالَ: « يَلْتَقِي الْمَاءَانِ ؛ فَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَتْ ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ آنَثَتْ». قَالُوا :أَخْبِرْنَا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ :« كَانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسَا ، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلَائِمُهُ إِلَّا أَلْبَانَ الْإِبِلَِ فَحَرَّمَ لُحُومَهَا ». قَالُوا :صَدَقْتَ ، قَالُوا :أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْدُ؟ قَالَ: «مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، بِيَدِهِ أَوْ فِي يَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ، يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ ». قَالُوا :فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ ؟ قَالَ :« صَوْتُهُ». قَالُوا :صَدَقْتَ ،إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الَّتِي نُبَايِعُكَ إِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ، فَأَخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبكَ؟ قَالَ :« جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام ». قَالُوا :جِبْرِيلُ ذَاكَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ وَالْعَذَابِ عَدُوُّنَا، لَوْ قُلْتَ مِيكَائِيلَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالنَّبَاتِ وَالْقَطْرِ لَكَانَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( مَن كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ...إِلَى آخِرِ الْآيَةَ ( (304).
فلو كان النبي ( رجلا كاذبا- وحاشاه - ، هل يغامر هذه المغامرة ، ويرضى بهذا الاختبار العلني من علماء وأحبار، وهو لا يعرف ما هي الأسئلة أو إجابتها، ويقول (سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ)؟! لو كان يأخذ من أساطير الأولين، أليس المفترض أنه يقول: انتظروني حتى أراجع مراجعي أو مشايخي، أم أنه كان مطمئنا إلى صدق نفسه، واثقا بمن أرسله وأنه لا يخذله أبدا ، ومع أنهم يسألونه في علوم لم يدرسها، ولا يعرفها قومه، إلا أنه كان يجيب عليها بكل دقة ،والعجب أن هذا الأسئلة ليست في علم واحد، بل هي في عدة علوم، فبعضها طبية ، وبعضها غيبية لا يمكن لأحد أن يطلع عليها إلا بوحي ، أليس في هذا أوضح دليل على صدق رسالته؟ .
عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ ( ، وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ، فَأَتَى النَّبِيَّ ( ، فَقَالَ :إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ؛ فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ ؟ ...الحديث السابق )(301).
وعن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ( قَالَ :كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ( فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ :السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ . فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا فَقَالَ : لِمَ تَدْفَعُنِي؟ فَقُلْتُ: أَلَا تَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ .فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي ». فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : جِئْتُ أَسْأَلُكَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ( : « أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ ؟ » قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ . فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ( بِعُودٍ مَعَهُ ،فَقَالَ :« سَلْ ». فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ ». قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً ؟ قَالَ : « فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ ». قَالَ الْيَهُودِيُّ : فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : « زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ ». قَالَ : فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟ قَالَ :« يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا ». قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ ؟ قَالَ :« مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ». قَالَ :صَدَقْتَ .قَالَ : وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ . قَالَ: « يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ ؟». قَالَ : أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ. قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ الْوَلَدِ؟ ،قَالَ :« مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ ».قَالَ الْيَهُودِيُّ :لَقَدْ صَدَقْتَ وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ . ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( :« لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنِ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ ، وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى أَتَانِيَ اللَّهُ بِهِ)(302).
عن ابْنِ عَبَّاسٍ ( قال:حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ ( يَوْمًا، فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنْ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ، لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ قَالَ : « سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ، وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلَام - عَلَى بَنِيهِ ، لَئِنْ حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُتَابِعُنِّي عَلَى الْإِسْلَامِ ». قَالُوا :فَذَلِكَ لَكَ. قَالَ :« فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ». قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ؛أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ ،وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ؟ قَالَ :« فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لَئِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ لَتُتَابِعُنِّي». قَالَ :فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ. قَالَ: « فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَام - مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا ، وَطَالَ سَقَمُهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانَ الْإِبِلِ وَأَحَبُّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا ؟ قَالُوا :اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ :« اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ ،فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، وَأَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ؛ إِنْ عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ عَلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِنْ عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ ؟ ».قَالُوا :اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ: « اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ ،فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ ». قَالُوا :اللَّهُمَّ نَعَمْ .قَالَ :« اللَّهُمَّ اشْهَدْ ». قَالُوا :وَأَنْتَ الْآنَ فَحَدِّثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ ؟ قَالَ :« فَإِنَّ وَلِيِّيَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَام - وَلَمْ يَبْعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ وَلِيُّهُ ». قَالُوا : فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ ؟ لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ سِوَاهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَتَابَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ . قَالَ :« فَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ أَنْ تُصَدِّقُوهُ ». قَالُوا: إِنَّهُ عَدُوُّنَا . قَالَ :فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ( إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( فَعِنْدَ ذَلِكَ بَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ )(303).
وفي وراية عن عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ :أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ ، فَإِنْ أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَاتَّبَعْنَاكَ ، فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ إِذْ قَالُوا :اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ . قَالَ :« هَاتُوا ».قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ عَلَامَةِ النَّبِيِّ ؟ قَالَ :« تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ ». قَالُوا :أَخْبِرْنَا كَيْفَ تُؤَنِّثُ الْمَرْأَةُ وَكَيْفَ تُذْكِرُ؟ قَالَ: « يَلْتَقِي الْمَاءَانِ ؛ فَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَتْ ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ آنَثَتْ». قَالُوا :أَخْبِرْنَا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ :« كَانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسَا ، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلَائِمُهُ إِلَّا أَلْبَانَ الْإِبِلَِ فَحَرَّمَ لُحُومَهَا ». قَالُوا :صَدَقْتَ ، قَالُوا :أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْدُ؟ قَالَ: «مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، بِيَدِهِ أَوْ فِي يَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ، يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ ». قَالُوا :فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ ؟ قَالَ :« صَوْتُهُ». قَالُوا :صَدَقْتَ ،إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الَّتِي نُبَايِعُكَ إِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ، فَأَخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبكَ؟ قَالَ :« جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام ». قَالُوا :جِبْرِيلُ ذَاكَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ وَالْعَذَابِ عَدُوُّنَا، لَوْ قُلْتَ مِيكَائِيلَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالنَّبَاتِ وَالْقَطْرِ لَكَانَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( مَن كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ...إِلَى آخِرِ الْآيَةَ ( (304).
فلو كان النبي ( رجلا كاذبا- وحاشاه - ، هل يغامر هذه المغامرة ، ويرضى بهذا الاختبار العلني من علماء وأحبار، وهو لا يعرف ما هي الأسئلة أو إجابتها، ويقول (سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ)؟! لو كان يأخذ من أساطير الأولين، أليس المفترض أنه يقول: انتظروني حتى أراجع مراجعي أو مشايخي، أم أنه كان مطمئنا إلى صدق نفسه، واثقا بمن أرسله وأنه لا يخذله أبدا ، ومع أنهم يسألونه في علوم لم يدرسها، ولا يعرفها قومه، إلا أنه كان يجيب عليها بكل دقة ،والعجب أن هذا الأسئلة ليست في علم واحد، بل هي في عدة علوم، فبعضها طبية ، وبعضها غيبية لا يمكن لأحد أن يطلع عليها إلا بوحي ، أليس في هذا أوضح دليل على صدق رسالته؟ .
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28461
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الرد على الطعن في القرآن الكريم
الجمعة 27 أبريل 2012, 18:02
: عدم استغلاله فرص التعالي :-
في بعض المواقف تحصل للنبي ( فرصة عظيمة للتعالي والتكبر والفخر، ولكنه يأبى أن يفعل ذلك ، ولو كان كاذبا لاستغلها أعظم استغلال :
يقول إميل درمنغم(305): (ولد لمحمد ابنه إبراهيم فمات طفلا، فحزن عليه كثيرا ولحده بيده ، ووافق موتُه كسوف الشمس، فقال المسلمون :إنها انكسفت لموت إبراهيم . ولكن محمدا كان من سمو النفس ما رأى به رد ذلك، فقال: « إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته.. » (306) ؛ فقول مثل هذا لا يصدر عن كاذب دجال ..)(307). وهذا كلام حق ، فلو كان غير النبي ( من مدعي النبوة، لاهتبل هذه الفرصة وقال : انظروا إلى الشمس حزنت لحزني و انكسفت .
ومن هذا الباب حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ(308) عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ، وَإِنَّ الْأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (، فَقَالُوا : إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نُسْنِي، عَلَيْهِ وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ عَلَيْنَا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( لِأَصْحَابِهِ :« قُومُوا ». فَقَامُوا فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَةٍ، فَمَشَى النَّبِيُّ ( نَحْوَهُ ،فَقَالَتَ الْأَنْصَارُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ(309) وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ .فَقَالَ : « لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ(310)». فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ( بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ ،فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ بَهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ! وَنَحْنُ نَعْقِلُ ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ. فَقَالَ : « لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ » (311).
فلم يستغل النبي ( سجود الجمل له ليعظم نفسه أو يرفعها ، بل قال :لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر .
يقول إميل درمنغم(305): (ولد لمحمد ابنه إبراهيم فمات طفلا، فحزن عليه كثيرا ولحده بيده ، ووافق موتُه كسوف الشمس، فقال المسلمون :إنها انكسفت لموت إبراهيم . ولكن محمدا كان من سمو النفس ما رأى به رد ذلك، فقال: « إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته.. » (306) ؛ فقول مثل هذا لا يصدر عن كاذب دجال ..)(307). وهذا كلام حق ، فلو كان غير النبي ( من مدعي النبوة، لاهتبل هذه الفرصة وقال : انظروا إلى الشمس حزنت لحزني و انكسفت .
ومن هذا الباب حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ(308) عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ، وَإِنَّ الْأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (، فَقَالُوا : إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نُسْنِي، عَلَيْهِ وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ عَلَيْنَا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( لِأَصْحَابِهِ :« قُومُوا ». فَقَامُوا فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَةٍ، فَمَشَى النَّبِيُّ ( نَحْوَهُ ،فَقَالَتَ الْأَنْصَارُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ(309) وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ .فَقَالَ : « لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ(310)». فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ( بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ ،فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ بَهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ! وَنَحْنُ نَعْقِلُ ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ. فَقَالَ : « لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ » (311).
فلم يستغل النبي ( سجود الجمل له ليعظم نفسه أو يرفعها ، بل قال :لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر .
(305) مستشرق فرنسي ، عمل مديرا لمكتبة الجزائر ، من آثاره: (حياة محمد) في باريس عام (1929)، وهو من أدق ما صنفه مستشرق عن النبي( ،و(محمد والسنة الإسلامية) ألفه في باريس(1955).انظر: قالوا عن الإسلام:ص:60.
(306) متفق عليه (البخاري: كتاب الجمعة ، باب الدعاء في الخسوف ،رقم :1012، ومسلم : كتاب الكسوف ، باب صلاة الكسوف، رقم :901).
(307) حياة محمد له (ص:318) ، نقله عنه كتاب" قالوا عن الإسلام " ص:60.
(308) يسنون عليه : أي يستقون عليه لسان العرب ( س ن ي ) ، وسني الدابة : استقي عليها الماء . المعجم الوسيط
(س ن ي)
(309) أي المسعور. يقال كَلِبَ الكَلِبَ يَكْلَبُ كَلَباً : أصابة داءُ الكَلِبَ . انظر :الوسيط ( ك ل ب )،ولسان العرب (1/722).
(310) فالذي عصمه من كل أذى الناس ألا يقدر أن يعصمه من الحيوان؟ .
(311) أخرجه الإمام أحمد (12203)وإسناده حسن .( صححه الألباني في صحيح الترغيب ، رقم : 1
(306) متفق عليه (البخاري: كتاب الجمعة ، باب الدعاء في الخسوف ،رقم :1012، ومسلم : كتاب الكسوف ، باب صلاة الكسوف، رقم :901).
(307) حياة محمد له (ص:318) ، نقله عنه كتاب" قالوا عن الإسلام " ص:60.
(308) يسنون عليه : أي يستقون عليه لسان العرب ( س ن ي ) ، وسني الدابة : استقي عليها الماء . المعجم الوسيط
(س ن ي)
(309) أي المسعور. يقال كَلِبَ الكَلِبَ يَكْلَبُ كَلَباً : أصابة داءُ الكَلِبَ . انظر :الوسيط ( ك ل ب )،ولسان العرب (1/722).
(310) فالذي عصمه من كل أذى الناس ألا يقدر أن يعصمه من الحيوان؟ .
(311) أخرجه الإمام أحمد (12203)وإسناده حسن .( صححه الألباني في صحيح الترغيب ، رقم : 1
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28461
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الرد على الطعن في القرآن الكريم
الجمعة 27 أبريل 2012, 18:06
استعداده للملاعنة والمباهلة على من خالفه، غير وجل ولا خائف أن يحيق به شيء(312):
المباهلة هي الملاعنة(313) ،
قال في لسان العرب(314) : (و باهَلَ القومُ بعضُهم بعضاً و تَبَاهلوا و ابتهلوا: تَلاَعنوا ، و الـمُباهلة: الـمُلاَعَنَة ؛ ويقال: باهَلْت فلاناً أَي لاعنته، ومعنى الـمباهلة : أَن يجتمع القوم إِذا اختلفوا فـي شيء فـيقولوا : لَعْنَةُ الله علـى الظالـم منا، وفـي حديث ابن عباس: من شاء باهَلْته أَن الـحَقَّ معي ).
قال ابن حجر –رحمه الله- في سرده لفوائد حديث حذيفة القادم : (وَفِيهَا مَشْرُوعِيَّة مُبَاهَلَة الْمُخَالِف إِذَا أَصَرَّ بَعْد ظُهُور الْحُجَّة ،وَقَدْ دَعَا اِبْن عَبَّاس إِلَى ذَلِكَ ثُمَّ الْأَوْزَاعِيُّ ، وَوَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاء ،وَمِمَّا عُرِفَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ مَنْ بَاهَلَ وَكَانَ مُبْطِلًا لَا تَمْضِي عَلَيْهِ سَنَة مِنْ يَوْم الْمُبَاهَلَة ،وَوَقَعَ لِي ذَلِكَ مَعَ شَخْص كَانَ يَتَعَصَّب لِبَعْضِ الْمَلَاحِدَة فَلَمْ يَقُمْ بَعْدهَا غَيْر شَهْرَيْنِ )(315).
ودلالة هذا المطلب على النبوة من وجهين :
1- ثقة النبي ( الكاملة في دينه ومن أرسله جل وعلا، إذ من كان في قلبه أدنى شك في معتقده لا يمكن أن يقدم على مثل هذا المهلكة إلا أن يعتقد اتقادا جازما في صدق ما يقول.
2- نكوص النصارى عن المباهلة ، مما يدل على تصديقه في قلوبهم ولكنهم يعاندون.
قال تعالى له : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ
أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى
الْكَاذِبِينَ ( [آل عمران :61].
قال ابن كثير -رحمه الله- : (وكان سبب نزول هذه المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران: أن النصارى لما قدموا فجعلوا يحاجون في عيسى، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية، فأنزل الله صدر في هذه السورة ردا عليهم، كما ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن يسار وغيره ، وقدم على رسول الله ( وفد نصارى نجران ستون راكبا، وأمر هؤلاء يؤول إلى ثلاثة منهم؛ وهم العاقب وكان أمير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه، والسيد وكان عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم، وأبو حارثه ابن علقمة وكان أسقفهم صاحب مدارستهم، وكان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل، ولكنه تنصر فعظمته الروم وملوكها، وشرفوه وبنوا له الكنائس، وأخدموه لما يعلمونه من صلابته في دينهم، وقد كان يعرف أمر رسول الله ( ، وصفته وشأنه مما علمه من الكتب المتقدمة، ولكن حمله ذلك على الاستمرار في النصرانية ؛ لما يرى من تعظيمه فيها وجاهه عند أهلها. قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: قدموا على رسول الله ( المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر ،فكلم رسول الله ( منهم أبو حارثة بن علقمة، والعاقب عبدالمسيح، والسيد الأيهم وهم من النصرانية على دين الملك ،فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله ( : « أسلما ». قالا : قد أسلمنا . قال : « إنكما لم تسلما، فأسلما ». قالا: بلى قد أسلمنا قبلك . قال : « كذبتما يمنعكما من الإسلام ادعاؤكما لله ولدا، وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير ». قالا: فمن أبوه يا محمد؟ فصمت رسول الله ( عنهما فلم يجبهما، فأنزل الله في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها ،فلما أتى رسول الله ( الخبر من الله والفصل من القضاء بينه وبينهم، وأمر بما أمر به من ملاعنتهم، أن ردوا ذلك عليه دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه، ثم انصرفوا عنه ثم خلوا بالعاقب، وكان ذا رأيهم فقالوا: يا عبدالمسيح ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدًا لنبيُّ مرسلُُ، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم أبيتم إلا إلفَ دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتوا النبي ( فقالوا: يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك، ونتركك على دينك ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا، يحكـم بيننا في أشياء اختلفنا فيها في أموالنا، فإنكم عندنا رضا فدعى أبا عبيدة فقال : « اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه »)(316) .
وفي الصحيحين عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ(317) قَالَ : فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّنا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا . قَالَا : إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلاَّ أَمِينًا. فَقَالَ : « لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ ». فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ( فَقَالَ : « قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ ». فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ »(318) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو جَهْلٍ : لَئِنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، لَآتِيَنَّهُ حَتَّى أَطَأَ عَلَى عُنُقِهِ. قَالَ : فَقَال(َ: « لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَانًا ، وَلَوْ أَنَّ الْيَهُودَ تَمَنَّوْا الْمَوْتَ لَمَاتُوا وَرَأَوْا مَقَاعِدَهُمْ فِي النَّارِ،وَلَوْ خَرَجَ الَّذِينَ يُبَاهِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ( لَرَجَعُوا لَا يَجِدُونَ مَالًا وَلَا أَهْلًا » (319).
فكيف لرجل كاذب أن يقحم نفسه في هذه المزلة، ويرضى أن يكون ملعونا بلعنة الله، مطرودا من رحمتة مستوجبا الهلاك ومستعجلا انتقام الله منه ، إلا إن كان صادقا، عالما من صدق نفسه، واثقا بمن أرسله .
قال في لسان العرب(314) : (و باهَلَ القومُ بعضُهم بعضاً و تَبَاهلوا و ابتهلوا: تَلاَعنوا ، و الـمُباهلة: الـمُلاَعَنَة ؛ ويقال: باهَلْت فلاناً أَي لاعنته، ومعنى الـمباهلة : أَن يجتمع القوم إِذا اختلفوا فـي شيء فـيقولوا : لَعْنَةُ الله علـى الظالـم منا، وفـي حديث ابن عباس: من شاء باهَلْته أَن الـحَقَّ معي ).
قال ابن حجر –رحمه الله- في سرده لفوائد حديث حذيفة القادم : (وَفِيهَا مَشْرُوعِيَّة مُبَاهَلَة الْمُخَالِف إِذَا أَصَرَّ بَعْد ظُهُور الْحُجَّة ،وَقَدْ دَعَا اِبْن عَبَّاس إِلَى ذَلِكَ ثُمَّ الْأَوْزَاعِيُّ ، وَوَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاء ،وَمِمَّا عُرِفَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ مَنْ بَاهَلَ وَكَانَ مُبْطِلًا لَا تَمْضِي عَلَيْهِ سَنَة مِنْ يَوْم الْمُبَاهَلَة ،وَوَقَعَ لِي ذَلِكَ مَعَ شَخْص كَانَ يَتَعَصَّب لِبَعْضِ الْمَلَاحِدَة فَلَمْ يَقُمْ بَعْدهَا غَيْر شَهْرَيْنِ )(315).
ودلالة هذا المطلب على النبوة من وجهين :
1- ثقة النبي ( الكاملة في دينه ومن أرسله جل وعلا، إذ من كان في قلبه أدنى شك في معتقده لا يمكن أن يقدم على مثل هذا المهلكة إلا أن يعتقد اتقادا جازما في صدق ما يقول.
2- نكوص النصارى عن المباهلة ، مما يدل على تصديقه في قلوبهم ولكنهم يعاندون.
قال تعالى له : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ
أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى
الْكَاذِبِينَ ( [آل عمران :61].
قال ابن كثير -رحمه الله- : (وكان سبب نزول هذه المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران: أن النصارى لما قدموا فجعلوا يحاجون في عيسى، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية، فأنزل الله صدر في هذه السورة ردا عليهم، كما ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن يسار وغيره ، وقدم على رسول الله ( وفد نصارى نجران ستون راكبا، وأمر هؤلاء يؤول إلى ثلاثة منهم؛ وهم العاقب وكان أمير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه، والسيد وكان عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم، وأبو حارثه ابن علقمة وكان أسقفهم صاحب مدارستهم، وكان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل، ولكنه تنصر فعظمته الروم وملوكها، وشرفوه وبنوا له الكنائس، وأخدموه لما يعلمونه من صلابته في دينهم، وقد كان يعرف أمر رسول الله ( ، وصفته وشأنه مما علمه من الكتب المتقدمة، ولكن حمله ذلك على الاستمرار في النصرانية ؛ لما يرى من تعظيمه فيها وجاهه عند أهلها. قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: قدموا على رسول الله ( المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر ،فكلم رسول الله ( منهم أبو حارثة بن علقمة، والعاقب عبدالمسيح، والسيد الأيهم وهم من النصرانية على دين الملك ،فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله ( : « أسلما ». قالا : قد أسلمنا . قال : « إنكما لم تسلما، فأسلما ». قالا: بلى قد أسلمنا قبلك . قال : « كذبتما يمنعكما من الإسلام ادعاؤكما لله ولدا، وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير ». قالا: فمن أبوه يا محمد؟ فصمت رسول الله ( عنهما فلم يجبهما، فأنزل الله في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها ،فلما أتى رسول الله ( الخبر من الله والفصل من القضاء بينه وبينهم، وأمر بما أمر به من ملاعنتهم، أن ردوا ذلك عليه دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه، ثم انصرفوا عنه ثم خلوا بالعاقب، وكان ذا رأيهم فقالوا: يا عبدالمسيح ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدًا لنبيُّ مرسلُُ، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم أبيتم إلا إلفَ دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتوا النبي ( فقالوا: يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك، ونتركك على دينك ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا، يحكـم بيننا في أشياء اختلفنا فيها في أموالنا، فإنكم عندنا رضا فدعى أبا عبيدة فقال : « اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه »)(316) .
وفي الصحيحين عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ(317) قَالَ : فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّنا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا . قَالَا : إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلاَّ أَمِينًا. فَقَالَ : « لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ ». فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ( فَقَالَ : « قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ ». فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ »(318) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو جَهْلٍ : لَئِنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، لَآتِيَنَّهُ حَتَّى أَطَأَ عَلَى عُنُقِهِ. قَالَ : فَقَال(َ: « لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَانًا ، وَلَوْ أَنَّ الْيَهُودَ تَمَنَّوْا الْمَوْتَ لَمَاتُوا وَرَأَوْا مَقَاعِدَهُمْ فِي النَّارِ،وَلَوْ خَرَجَ الَّذِينَ يُبَاهِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ( لَرَجَعُوا لَا يَجِدُونَ مَالًا وَلَا أَهْلًا » (319).
فكيف لرجل كاذب أن يقحم نفسه في هذه المزلة، ويرضى أن يكون ملعونا بلعنة الله، مطرودا من رحمتة مستوجبا الهلاك ومستعجلا انتقام الله منه ، إلا إن كان صادقا، عالما من صدق نفسه، واثقا بمن أرسله .
(312) كتاب الداعي إلى الإسلام لكمال الدين الأنباري (ص:437) ، دار البشائر الإسلامية ، بيروت،الطبعة الأولي،1988، وتثبيت دلائل النبوة للقاضي عبدالجبار (2/426).
(313) انظر: مختار الصحاح (1/27).
(314) (11/72).
(315) فتح الباري (7/697).
(316) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/368)
(317) يعني بعد أن دعاهما النبي ( لذلك ، كما تبين من سبب النـزول والأحاديث الأخرى. وانظر فتح الباري (7/696).
(318) متفق عليه ( البخاري: كتاب المغازي ، باب قصة أهل نجران ، رقم :4119، ومسلم : كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل أبي عبيدة، رقم :2420).
(319) أخرجه الإمام أحمد (2226) بإسناد على شرط البخاري، وأخرج البخاري الجزء الأول من الحديث إلى قوله (لأخذته الملائكة عيانا)(كتاب التفسير ، باب قوله (كلا لئن لم ينته لنسفعا ..)،رقم:4958).
(313) انظر: مختار الصحاح (1/27).
(314) (11/72).
(315) فتح الباري (7/697).
(316) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/368)
(317) يعني بعد أن دعاهما النبي ( لذلك ، كما تبين من سبب النـزول والأحاديث الأخرى. وانظر فتح الباري (7/696).
(318) متفق عليه ( البخاري: كتاب المغازي ، باب قصة أهل نجران ، رقم :4119، ومسلم : كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل أبي عبيدة، رقم :2420).
(319) أخرجه الإمام أحمد (2226) بإسناد على شرط البخاري، وأخرج البخاري الجزء الأول من الحديث إلى قوله (لأخذته الملائكة عيانا)(كتاب التفسير ، باب قوله (كلا لئن لم ينته لنسفعا ..)،رقم:4958).
________________________________________________
- هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم في أيام عذرها؟وهل لها أن تقرأ القرآن الكريم إذا أوت إلى النوم وتقرأ آية الكرسي بدون أن تلمس المصحف ؟
- صفات القدوات من القرآن الكريم - المُهِمَّات في صفات القُدُوات من القرآن الكريم " 7 " (61-70)
- صفات القدوات من القرآن الكريم - صفات القُدُوات من القرآن الكريم " 6 " (51-60)
- ضبط متشابهات القرآن المواضع الوحيدة في القرآن الكريم في سورة البقرة
- صفات القدوات من القرآن الكريم - المهمات في صفات القدوات من القرآن الكريم " 1 " (1-10)
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى