منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
منتديات تعليمية
منتديات المعلم القدوة التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
أم زينب
أم زينب
المديرة العامة
المديرة العامة
انثى عدد المساهمات : 15740
نقاط : 135572
تاريخ التسجيل : 08/01/2011
ملكة المنتدى ومصممته

«ووصينا الإنسان بوالديه حسنا» Empty «ووصينا الإنسان بوالديه حسنا»

الجمعة 08 أبريل 2011, 21:12
«ووصينا الإنسان بوالديه حسنا»



حامد المهيري

"هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون" "غافر:67". إن الله تعالى خلق آدم وذريته من تراب، فالعلم كشف أن كل مخلوق من المني ناشئ من الدم، وأن الدم ناشئ من الغذاء، وأن الغذاء ناشئ من النبات، وأن النبات ناشئ من الماء والتراب.

وهذا ما يؤكد ويثبت أن كل إنسان خلق من التراب، ثم صير الله ذلك التراب نطفة "منيا" ثم علقة "قطعة دم متجمدة" ثم ولد الإنسان وأخرج طفلا، ونما حتى بلغ أشده أي مرحلة اكتمال القوة والعقل. ثم يبلغ الإنسان سن الشيخوخة. واختلف في بداية هذه المرحلة منهم من يجعلها تتجاوز سن الأربعين، ومنهم من يقول "إذا كان سن الأربعين معناه شباب الشيخوخة فإن سن الخمسين لا تعني غير شيخوخة الشباب.

وفي قوله تعالى "وقد خلقناكم أطوارا" "نوح:14" فهذه الأطوار هي طور الاجتنان، وطور الطفولة، وطور بلوغ الأشد، وطور الشيخوخة فالإنسان يبدأ جنينا فينمو إلى أن يصير طفلا، ثم شابا، ثم كهلا، ثم شيخا، حتى يدركه الهرم. هذا الإنسان عندما يبلغ سن الأربعين ينضج ويدرك العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة "حتى إذا بلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي" "الأحقاف:15". فالوالدان يمثلان الماضي، والذرية يمثلون المستقبل.

ومن هنا نستنتج أن "الطفل يولد وكله استعداد ليكون عضوا في جماعة إنسانية، فالتنشئة الاجتماعية هي عملية التطبيع الاجتماعي للإنسان، أو بناء الشخصية الإنسانية التي ينمو من خلالها الفرد، من كائن بيولوجي عند مولده إلى كائن اجتماعي يتعلم ممن سبقوه إلى الحياة، وينمي استعداداته، ويسهم في التأثير على ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه".

ويقينا أن الإنسان "خلق ضعيفا" "النساء:28" وعملية الخلق شخصتها هذه الآية الكريمة "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة" "الروم:54". فالضعف في بداية الخلق يتحول بمرور الزمن إلى قوة، أما الضعف في نهاية النمو واكتماله فلن يتغير كالسابق بل يزداد ضعفا على ضعف في نهاية العمر.

وبما أن الله تعالى أكد على تكريم الإنسان بقوله "ولقد كرمنا بني آدم" "الإسراء:70" وكلفه بأثقل مهمة وأعظم مسؤولية فجعله خليفته في الأرض "إنا جعلناك خليفة في الأرض" "ص:26" وبشره بالنعم التي أسبغها عليه "وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة" "لقمان:20"، "وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" "إبراهيم:34"، فإنه لم يغفل عن الأمر بالرعاية التامة للإنسان في حالة ضعفه، فقد قال سبحانه جل وعلا "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" "الإسراء:23- 24".

ولهذا قيل "لولا المربي ما عرف ربي"، فالنهي كان شديدا إذ أن لفظ "أف" اسم صوت يدل على التضجر والاستثقال، وكانت متبوعة بالنهي "لا تنهرهما" أي لا تزجرهما بغلظة؛ ثم يأتي الأمر "قولا كريما" أي جميلا لينا. والمقصود من "جناح الذل" أي التواضع وحسن الرعاية والعناية فهذا في خصوص الوالدين، وقياسا عليهما، أسلوب التعامل مع كافة المسنين، ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه" رواه أنس.

ولا ينسى الشاب أن التعامل بين الناس مرجعيته أخلاق الإنسان منذ نشأته فإن نشأ على البر يبر، وإن نشأ على الإثم يأثم، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم ومن عق والديه عقه أبناؤه".

وقد حذر الله رسوله عليه الصلاة والسلام من التعامل بالفظاظة والغلظة "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" "آل عمران:159" ومن هنا أوصى الله تعالى الإنسان "ووصينا الإنسان بوالديه حسنا" "الأحقاف:15". وليدرك الشاب أن الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثه المروي عن أنس يقول "دعاء الوالد لولده كدعاء النبي لأمته" وقد قال أحد الشعراء: "عود بنيك على الآداب في الصغر/ كيما تقر بهم عيناك في الكبر"، ومن الحكم العزيزة النافعة "من حسنت خصاله، طاب وصاله".

وبما أن المسن، قد ذاق طعم الضعف، وطعم القوة، وعاد إلى الضعف من جديد دون أمل في العودة إلى القوة الجسمية، فإن ما اكتسبه من خبرة وكفاءة هو جدير بالتقدير والاستفادة من تجربته الحياتية بمحاسنها ومساوئها، وفي المثل القديم "بالخبير ثق" لأن "الممارسة تعلم كل شيء"، وقيل "المعرفة قوة" وقال سقراط "الحكمة تمام العلم وكمال المعرفة" وأن "أصل الحكمة التبصر".

وقال ابن عباس "الحكمة: العلم، والنبوة، والقرآن الكريم" ومن الأمثال التي يضرب للرجل حنكته الأيام "رأي شيخ خير من مشهد غلام"، و"إذا أردت مشورة صالحة فاطلبها من شيخ وقور"..

بعد هذا هل اجتهد الذين "يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون" "الروم:7" أن يعرفوا أنفسهم بأنفسهم فلمَ يتحيلون، ويتعمدون الغفلة "إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا" "الأعراف:146" أسمعوا بهذه المقولة "عندما يكون الإنسان في العشرين تقوده إرادته، وعندما يكون في الثلاثين يقوده ذكاؤه، وعندما يكون في الأربعين تقوده بصيرته" فمتى يدرك الإنسان أن الله تعالى أمر كل الناس بالاعتصام بحبله "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" "آل عمران:103" وأمر بالتقوى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" "المائدة:2". والمقصد هو تثبيت التواصل بين الأجيال، ولن يثبت التواصل إلا بالحفاظ على القيم الإنسانية الطيبة، والتطهر من القيم الخبيثة بالتمسك بميثاق الرشد، ومقاومة الغي بنشر الفضيلة وزهق الرذيلة حتى يجيء الحق ويزهق الباطل.

ليعد المسلمون على شعار أمتهم الركن الأصيل "إنما المؤمنون إخوة" "الحجرات:10" ويحمدوا الله ويشكروه على نعمته العظمى و"كذلك جعلناكم أمة وسطا" "البقرة:143". غريب أمر المسلمين "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" "محمد:24" متى يتمسك المسلمون بمختلف أعمارهم بالعروة الوثقى ويعتصموا بحبل الله؟.


المصدر من اونلاين
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى