- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28462
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
ما اسمك بالليل ؟
الخميس 26 يناير 2012, 20:57
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
بسم الله الرحمن الرحيم ،،،
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ما اسمك بالليل ؟
عن عبد الله بن عمرو العاص (رضى الله عنه) قال :
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): من قام بعشر ايات لم يكتب من
الغافلين ومن قام بمائه ايه كتب من القانتين ومن قام بالف ايه كتب من
المقنطرين .شرح الحديث :
فى الحديث أهميه قيام الليل فانه شرف المؤمن ودأب الصالحين ثم انك اذا قمت
تصلى باليل فقرأت عشر ايات لم تكتب من الغافلين الذين لايقومون الليل ولا
يذكرون الله."واذا قرأت مائه ايه كتبت من القانتين اى : الخاشعين
واذا قمت بألف ايه كتبت من المقنطرين أى : يكتب الله لك أجرا كثيرا جدا لايعلم مقداره الا الله سبحانه وتعالى.
واذا علم المسلم اطلاع الله على حاله وقربه منه وذكر الله للعبد علم أن له
اسما يعرف به عند الله سبحانه وتعالى فأختر عملا يكتب لك به اسم عند الله
سبحانه وتعالى.
( وتوكل على العزيز الرحيم* الذى يراك حين تقوم *
وتقلبك فى الساجدين * انه هو السميع العليم )فــوائد للعمل:
اختـر لك اسما كل ليله :
اذا نمت ولم تقم فأسمــك :غــافل
اذا قمت بعشر ايأت محوت هذا الاسم .
اذا قمت بمـائه ايه فأسمك : قانت .
اذا قمت بألف ايه فاسمك : مقنطـر
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
الا التي كانت قبل الموت يبنيها
فلا تركن الى الدنيا وزخرفها
فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها
فمن يشتري الدار في الفردوس يعمرها
بركعة في ظلام الليل يحييها
فقومي ياأختي ـ وقم ياأخي - ليلك بنية ذكر الله
ونية الاستغفار .. ونية الشكر .. تبسط لك النعم ..
ويبارك لك في مالك وعافيتك وأهلك وولدك
وبيتك وشأنك كله
فقيام الليل شرف المؤمن !!
فاوصيكم ونفسى بقيام الليل ولو ركعتين احب الاعمال الى الله ادومها وان قل
بسم الله الرحمن الرحيم ،،،
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ما اسمك بالليل ؟
عن عبد الله بن عمرو العاص (رضى الله عنه) قال :
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): من قام بعشر ايات لم يكتب من
الغافلين ومن قام بمائه ايه كتب من القانتين ومن قام بالف ايه كتب من
المقنطرين .شرح الحديث :
فى الحديث أهميه قيام الليل فانه شرف المؤمن ودأب الصالحين ثم انك اذا قمت
تصلى باليل فقرأت عشر ايات لم تكتب من الغافلين الذين لايقومون الليل ولا
يذكرون الله."واذا قرأت مائه ايه كتبت من القانتين اى : الخاشعين
واذا قمت بألف ايه كتبت من المقنطرين أى : يكتب الله لك أجرا كثيرا جدا لايعلم مقداره الا الله سبحانه وتعالى.
واذا علم المسلم اطلاع الله على حاله وقربه منه وذكر الله للعبد علم أن له
اسما يعرف به عند الله سبحانه وتعالى فأختر عملا يكتب لك به اسم عند الله
سبحانه وتعالى.
( وتوكل على العزيز الرحيم* الذى يراك حين تقوم *
وتقلبك فى الساجدين * انه هو السميع العليم )فــوائد للعمل:
اختـر لك اسما كل ليله :
اذا نمت ولم تقم فأسمــك :غــافل
اذا قمت بعشر ايأت محوت هذا الاسم .
اذا قمت بمـائه ايه فأسمك : قانت .
اذا قمت بألف ايه فاسمك : مقنطـر
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
الا التي كانت قبل الموت يبنيها
فلا تركن الى الدنيا وزخرفها
فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها
فمن يشتري الدار في الفردوس يعمرها
بركعة في ظلام الليل يحييها
فقومي ياأختي ـ وقم ياأخي - ليلك بنية ذكر الله
ونية الاستغفار .. ونية الشكر .. تبسط لك النعم ..
ويبارك لك في مالك وعافيتك وأهلك وولدك
وبيتك وشأنك كله
فقيام الليل شرف المؤمن !!
فاوصيكم ونفسى بقيام الليل ولو ركعتين احب الاعمال الى الله ادومها وان قل
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28462
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: ما اسمك بالليل ؟
الخميس 26 يناير 2012, 21:02
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الصلاة راحة
للمؤمنين، ومفزعاً للخائفين، ونوراً للمستوحشين، والصلاة والسلام على إمام
المصلين المتهجدين، وسيد الراكعين والساجدين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين... أما بعد:
فإن قيام الليل هو دأب الصالحين،
وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم، ويتوجهون
إلى خالقهم وبارئهم، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله، فنفوسهم قائمة
بين يدي خالقها، عاكفة على مناجاة بارئها، تتنسم من تلك النفحات، وتقتبس
من أنوار تلك القربات، وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات.
قيام الليل في القرآن
قال تعالى: ** تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16]. قال مجاهد والحسن: يعني قيام الليل.
وقال ابن كثير في تفسيره: ( يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة ).
وقال عبد الحق الأشبيلي: ( أي تنبو جنوبهم عن الفرش، فلا تستقر عليها، ولا تثبت فيها لخوف الوعيد، ورجاء الموعود ).
وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال عنهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات:18،17] قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار.
وقال تعالى: **أَمَّنْ
هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ
وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر:9]. أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده؟!
إخواني: أين رجال الليل؟ أين ابن أدهم والفضيل ذهب الأبطال وبقي كل بطال !!
يا رجال الليل جدوا *** ربّ داع لا يُردُ
قيام الليل في السنة
أخي المسلم، حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: ** نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل } [متفق عليه]. قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال النبي : ** في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها } فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: ** لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام } [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني].
وقال : **
أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك
مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل،
وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني].
وقال : ** من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين } [رواه أبو داود وصححه الألباني]. والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر.
وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: ** ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].
وقال : ** أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم].
قيام النبي صلى الله عليه وسلم
أمر الله تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى: **
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2)
نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ
الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [المزمل: 1-4].
وقال سبحانه: ** وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: **
كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول
الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً
شكوراً؟ } [متفق عليه].
وهذا يدل على
أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح، فقد
قام النبي بحق العبودية لله على وجهها الأكمل وصورتها الأتم، مع ما كان
عليه من نشر العقيدة الإسلامية، وتعليم المسلمين، والجهاد في سبيل الله،
والقيام بحقوق الأهل والذرية، فكان كما قال ابن رواحة:
وفينا رسول الله يتلو كتابه *** إذا انشق معروفٌ من الصبح ساطعُ
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقناتٌ أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وعن حذيفة قال: **
صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء
فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها
تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث } [رواه مسلم].
وعن ابن مسعود قال: ** صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } [متفق عليه].
قال ابن حجر: ( وفي الحديث دليل على
اختيار النبي تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود قوياً محافظاً على
الاقتداء بالنبي ، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده ).
قيام الليل في حياة السلف
قال الحسن البصري: ( لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل ).
وقال أبو عثمان النهدي: ( تضيّفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا ).
وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه.
وكان طاوس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين !!
وكان زمعة العابد يقوم فيصلي ليلاً
طويلاً، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته: يا أيها الركب المعرِّسون، أكُل
هذا الليل ترقدون؟ ألا تقومون فترحلون !! فيسمع من هاهنا باكٍ، ومن هاهنا
داع، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى: عند الصباح يحمد القوم السرى
!!
طبقات السلف في قيام الليل
قال ابن الجوزي: واعلم أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات:
الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل.
الطبقة الثالثة:
كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي : ** أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة
داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سُدسه } [متفق عليه].
الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة:
قوم يُحيون ما بين العشاءين، ويُعسِّـلون في السحر، فيجمعون بين الطرفين.
وفي صحيح مسلم أن النبي قال: ** إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم
يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه، وذلك كل ليلة }.
الأسباب الميسِّرة لقيام الليل
ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل:
فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث:ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع:ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
قيام رمضان
قيام رمضان هو صلاة التراويح التي
يؤديها المسلمون في رمضان، وهو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى
ربه في هذا الشهر.قال الحافظ ابن رجب: ( واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر
رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام،
فمن جمع بين هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب ).
وقال الشيخ ابن عثيمين: ( وصلاة الليل
في رمضان لها فضيلة ومزية على غيرها، لقول النبي : ** من قام رمضان
إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } [متفق عليه] وقيام رمضان شامل
للصلاة في أول الليل وآخره، وعلى هذا فالتراويح من قيام رمضان، فينبغي
الحرص عليها والاعتناء بها، واحتساب الأجر والثواب من الله عليها، وما هي
إلا ليالٍ معدودة ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها ).
وتشرع صلاة التراويح جماعة في
المساجد، وكان النبي أول من سنّ الجماعة في صلاة التراويح في المسجد، ثم
تركها خشية أن تُفرض على أمته، فلما لحق رسول الله بجوار ربه، واستقرت
الشريعة؛ زالت الخشية، وبقيت مشروعية صلاتها جماعة قائمة.
وعلى المسلمين الاهتمام بهذه الصلاة وأداؤها كاملة، والصبر على ذلك لله عز وجل.
قال الشيخ ابن عثيمين: ( ولا ينبغي
للرجل أن يتخلف عن صلاة التراويح لينال ثوابها وأجرها، ولا ينصرف حتى ينتهي
الإمام منها ومن الوتر ليحصل له أجر قيام الليل كله ).
ويجوز للنساء حضور التراويح في
المساجد إذا أمنت الفتنة منهن وبهن. ولكن يجب أن تأتي متسترة متحجبة، غير
متبرجة ولا متطيبة، ولا رافعة صوتاً ولا مبدية زينة.
والسنة للنساء أن يتأخرن عن الرجال
ويبعدن عنهم، ويبدأن بالصف المؤخر فالمؤخر عكس الرجال، وينصرفن من المسجد
فور تسليم الإمام ولا يتأخرن إلا لعذر، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت:
** كان النبي إذا سلّم قام النساء حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مقامه
يسيراً قبل أن يقوم. قالت: نرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء
قبل أن يدركهن الرجال } [رواه البخاري].
فضل قيام الليل
قيام الليل سُنة مؤكدة , وقربة معظمة في سائر العام , فقد
تواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه , والتوجيه إليه , والترغيب فيه
, ببيان عظم شأنه وجزالة الثواب عليه , وأنه شأن أولياء الله , وخاصة من
عباده الذين قال الله في مدحهم والثناء عليهم : أَلَا
إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [يونس، الآية: 64]
فقد مدح الله أهل الإيمان والتقوى , بجميل الخصال وجليل الأعمال , ومن أخص ذلك قيام الليل , قال تعالى : إِنَّمَا
يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى
جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ
لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة، الآيات: 15-17] ووصفهم في موضع آخر , بقوله : وَالَّذِينَ
يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ
رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ
غَرَامًا إلى أن قال : أُولَئِكَ
يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً
وَسَلَامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا [الفرقان، الآيات: 64-75]
وفي ذلك من التنبيه على فضل قيام الليل , وكريم عائدته ما
لا يخفى وأنه من أسباب صرف عذاب جهنم , والفوز بالجنة , وما فيها من النعيم
المقيم , وجوار الرب الكريم , جعلنا الله ممن فاز بذلك . قال تعالى : إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر، الآيتان: 54، 55]
وقد وصف المتقين في سورة الذاريات , بجملة صفات - منها قيام الليل - , فازوا بها بفسيح الجنات , فقال سبحانه : إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات، الآيات: 15-17]
فصلاة الليل لها شأن عظيم في تثبيت الإيمان , والإعانة على جليل الأعمال , وما فيه صلاح الأحوال والمآل قال تعالى : يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا إلى قوله : إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا [المزمل، الآيات: 1-6]
وثبت في صحيح مسلم عن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال : أفضل الصلاة بعد المكتوبة - يعني الفريضة - صلاة الليل وفي حديث عمرو بن عبسة قال صلى الله عليه وسلم : أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر , فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن ولأبي داود عنه - رضي الله عنه - قال : أي الليل أسمع - يعني أحرى بإجابة الدعاء - قال , صلى الله عليه وسلم : جوف الليل الآخر فصل ما شئت , فإن الصلاة فيه مشهودة مكتوبة وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , قال : ينزل
ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثلث الليل الآخر .
فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ ! من يسألني فأعطيه ؟ ! من يستغفرني فأغفر
له ؟ !
وفي صحيح مسلم , عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , قال : من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه , وهي كل ليلة وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال : من
تعار من الليل - يعني استيقظ يلهج بذكر الله - فقال : لا إله إلا الله ,
وحده لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير . الحمد لله
, وسبحان الله , ولا إله إلا الله , والله أكبر , ولا حول ولا قوة إلا
بالله ثم قال : اللهم ! اغفر لي , أو دعا , استجيب له . فإن توضأ وصلى قبلت
صلاته
وأخرج الإمام أحمد وغيره عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : إن
في الجنة غرفا , يرى ظاهرها من باطنها , وباطنها من ظاهرها , أعدها الله
لمن ألان الكلام , وأطعم الطعام , وتابع الصيام , وصلى بالليل والناس نيام
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : أعددت لعبادي الصالحين , ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر قال أبو هريرة اقرءوا إن شئتم : فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة، الآية: 17]
وجاء في السنة الصحيحة , ما يفيد أن قيام الليل من أسباب
النجاة من الفتن , والسلامة من دخول النار. ففي البخاري وغيره عن أم سلمة -
رضي الله عنها - أن النبي , صلى الله عليه وسلم , استيقظ ليلة فقال : سبحان الله , ماذا أُنزل الليلة من الفتنة ؟ ! ماذا أنزل الليلة من الخزائن ؟ ! من يوقظ صواحب الحجرات ؟ ! وفي ذلك تنبيه على أثر الصلاة بالليل في الوقاية من الفتن .
وفي قصة رؤيا ابن عمر قال : "فرأيت
كأن ملكين أخذاني , فذهبا بي إلى النار , فإذا هي مطوية كطي البئر , وإذا
لها قرنان - يعني كقرني البئر - وإذا فيها أناس قد عرفتهم , فجعلت أقول
أعوذ بالله من النار , قال : فلقينا ملك آخر . فقال : لم ترع " فقصصتها على
حفصة , فقصتها حفصة على النبي , صلى الله عليه وسلم , فقال : نعم الرجل
عبد الله لو كان يصلي من الليل , فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا
وأخرج الحاكم وصححه , ووافقه الذهبي عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - عن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , قال : عليكم بقيام الليل , فإنه دأب الصالحين قبلكم , وقربة لكم إلى ربكم , ومكفرة للسيئات , ومنهاة عن الإثم
فتلخص مما سبق أن قيام الليل:
أ - من أسباب ولاية الله ومحبته .
ب - ومن أسباب ذهاب الخوف والحزن , وتوالي البشارات بألوان التكريم والأجر العظيم .
جـ - وأنه من سمات الصالحين , في كل زمان ومكان .
د - وهو من أعظم الأمور المعينة على مصالح الدنيا والآخرة ومن أسباب تحصيلها والفوز بأعلى مطالبها .
هـ - وأن صلاة الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة وقربة إلى الرب ومكفرة للسيئات .
و - وأنه من أسباب إجابة الدعاء , والفوز بالمطلوب المحبوب والسلامة من المكروه المرهوب ومغفرة سائر الذنوب .
ز- وأنه نجاة من الفتن , وعصمة من الهلكة , ومنهاة عن الإثم .
حـ - وأنه من موجبات النجاة من النار , والفوز بأعالي الجنان.
فضل قيام الليل
[size=21]قال تعالى: ] ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً [ الإسراء،
وقال تعالى مادحاً المؤمنين: ] والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً [ الفرقان،
وقال سبحانه يصف قيام الليل: ] إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً [ المزمل.
قال الطبري: " أشد وطأً أي أشد مواطأة بين القلب واللسان وأجمع على التلاوة ".
هذا وإن للتهجد في نظر الشرع أهمية كبيرة في حياة المسلم
لذا فقد حذَر رسول الله r من ترك قيام الليل لمن اعتاده . فعن عمرو بن
العاص t قال: قال لي رسول الله r: " يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم
من الليل فترك قيام الليل " رواه البخاري.
وأما وقت التهجد فهو الثلث الأخير من الليل، فقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي
بالليل؟ قالت: " كان ينام أوله ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه فإذا
أذن المؤذن وثب فإن كان به حاجة اغتسل، وإلا توضأ وخرج " رواه البخاري.
وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أن النبي
قال: " إنّ الله تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الأخير ينزل إلى السماء
الدنيا فيقول: هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل
فأعطيه؟ حتى يطلع الفجر " رواه البخاري ومسلم .
ولكن … ألا تتعارض أهمية النوم للإنسان وضرورته له مع ما يرغب به رب العزة سبحانه وتعالى أولياءه والصالحين من عباده على قيام الليل؟
يجيب الدكتور سمير الحلو
على هذا التساؤل بأن الإنسان ليس جسداً فقط يعمل نهاره ثم يطلب الراحة في
الليل مع ما يتخلل ذلك من طعام ولهو، بل إن له ملكات أخرى لها أثرها الكبير
في نشاطه وحيويته، إنها القوة الروحية الهائلة التي تجعل منه طاقة عظيمة
تخشاها طواغيت الأرض ومردة الجن وتجعل منه ولياً من أولياء الله، ثم إن
دراسة علمية قامت بها الدكتورة سلوى محمد رشدي أثبتت أن المعتادين على قيام
الليل يتمتعون بمستوى أداء أعلى بالنسبة لفقرات ظهورهم مقارنة مع الذين لا
يقومون الليل.
كما أثبتت الدراسات الطبية
أن الذي ينام على وتيرة واحدة ساعات طويلة يتعرض للإصابة بأمراض القلب
بنسبة عالية، ذلك أن هذا السكون الطويل يؤدي إلى تصلب الشرايين وتضيق في
لمعتها لترسب الشحوم في بطانتها، وتنصح الدراسة أن يقوم النائم بعد أربع
ساعات من نومه لإجراء بعض الحركات الرياضية أو المشي لربع ساعة من الزمن
للحفاظ على مرونة شرايينه ووقايتها من الترسبات الدهنية وما يليها من
إصابات وعائية - قلبية، وفي دعوة الإسلام أتباعه إلى قيام الليل سبق طبي
رائع لوقايتهم من الإصابات المذكورة.
كل هذا يعتبر من دون شك جانباً من المنافع الصحية التي أشار إليها النبي
حين قال: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، قربة إلى الله
تعالى ومنهاة عن الإثم وتكفير عن السيئات ومطردة للداء عن الجسم".
وإن نظرة منصفة إلى قول النبي
ومطردة للداء عن الجسد " ومقارنتها لما أورده الأطباء اليوم من فوائد
لقيام الليل للجسد تؤكد الإعجاز الطبي في هذا الحديث النبوي الشريف البليغ.
[size=21]وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.[/size]
[/size][size=12]منقول [/size]الحمد لله الذي جعل الصلاة راحة
للمؤمنين، ومفزعاً للخائفين، ونوراً للمستوحشين، والصلاة والسلام على إمام
المصلين المتهجدين، وسيد الراكعين والساجدين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين... أما بعد:
فإن قيام الليل هو دأب الصالحين،
وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم، ويتوجهون
إلى خالقهم وبارئهم، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله، فنفوسهم قائمة
بين يدي خالقها، عاكفة على مناجاة بارئها، تتنسم من تلك النفحات، وتقتبس
من أنوار تلك القربات، وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات.
قيام الليل في القرآن
قال تعالى: ** تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16]. قال مجاهد والحسن: يعني قيام الليل.
وقال ابن كثير في تفسيره: ( يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة ).
وقال عبد الحق الأشبيلي: ( أي تنبو جنوبهم عن الفرش، فلا تستقر عليها، ولا تثبت فيها لخوف الوعيد، ورجاء الموعود ).
وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال عنهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات:18،17] قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار.
وقال تعالى: **أَمَّنْ
هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ
وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر:9]. أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده؟!
إخواني: أين رجال الليل؟ أين ابن أدهم والفضيل ذهب الأبطال وبقي كل بطال !!
يا رجال الليل جدوا *** ربّ داع لا يُردُ
قيام الليل في السنة
أخي المسلم، حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: ** نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل } [متفق عليه]. قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال النبي : ** في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها } فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: ** لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام } [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني].
وقال : **
أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك
مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل،
وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني].
وقال : ** من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين } [رواه أبو داود وصححه الألباني]. والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر.
وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: ** ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].
وقال : ** أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم].
قيام النبي صلى الله عليه وسلم
أمر الله تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى: **
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2)
نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ
الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [المزمل: 1-4].
وقال سبحانه: ** وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: **
كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول
الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً
شكوراً؟ } [متفق عليه].
وهذا يدل على
أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح، فقد
قام النبي بحق العبودية لله على وجهها الأكمل وصورتها الأتم، مع ما كان
عليه من نشر العقيدة الإسلامية، وتعليم المسلمين، والجهاد في سبيل الله،
والقيام بحقوق الأهل والذرية، فكان كما قال ابن رواحة:
وفينا رسول الله يتلو كتابه *** إذا انشق معروفٌ من الصبح ساطعُ
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقناتٌ أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وعن حذيفة قال: **
صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء
فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها
تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث } [رواه مسلم].
وعن ابن مسعود قال: ** صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } [متفق عليه].
قال ابن حجر: ( وفي الحديث دليل على
اختيار النبي تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود قوياً محافظاً على
الاقتداء بالنبي ، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده ).
قيام الليل في حياة السلف
قال الحسن البصري: ( لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل ).
وقال أبو عثمان النهدي: ( تضيّفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا ).
وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه.
وكان طاوس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين !!
وكان زمعة العابد يقوم فيصلي ليلاً
طويلاً، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته: يا أيها الركب المعرِّسون، أكُل
هذا الليل ترقدون؟ ألا تقومون فترحلون !! فيسمع من هاهنا باكٍ، ومن هاهنا
داع، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى: عند الصباح يحمد القوم السرى
!!
طبقات السلف في قيام الليل
قال ابن الجوزي: واعلم أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات:
الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل.
الطبقة الثالثة:
كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي : ** أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة
داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سُدسه } [متفق عليه].
الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة:
قوم يُحيون ما بين العشاءين، ويُعسِّـلون في السحر، فيجمعون بين الطرفين.
وفي صحيح مسلم أن النبي قال: ** إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم
يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه، وذلك كل ليلة }.
الأسباب الميسِّرة لقيام الليل
ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل:
فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث:ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع:ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
قيام رمضان
قيام رمضان هو صلاة التراويح التي
يؤديها المسلمون في رمضان، وهو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى
ربه في هذا الشهر.قال الحافظ ابن رجب: ( واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر
رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام،
فمن جمع بين هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب ).
وقال الشيخ ابن عثيمين: ( وصلاة الليل
في رمضان لها فضيلة ومزية على غيرها، لقول النبي : ** من قام رمضان
إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } [متفق عليه] وقيام رمضان شامل
للصلاة في أول الليل وآخره، وعلى هذا فالتراويح من قيام رمضان، فينبغي
الحرص عليها والاعتناء بها، واحتساب الأجر والثواب من الله عليها، وما هي
إلا ليالٍ معدودة ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها ).
وتشرع صلاة التراويح جماعة في
المساجد، وكان النبي أول من سنّ الجماعة في صلاة التراويح في المسجد، ثم
تركها خشية أن تُفرض على أمته، فلما لحق رسول الله بجوار ربه، واستقرت
الشريعة؛ زالت الخشية، وبقيت مشروعية صلاتها جماعة قائمة.
وعلى المسلمين الاهتمام بهذه الصلاة وأداؤها كاملة، والصبر على ذلك لله عز وجل.
قال الشيخ ابن عثيمين: ( ولا ينبغي
للرجل أن يتخلف عن صلاة التراويح لينال ثوابها وأجرها، ولا ينصرف حتى ينتهي
الإمام منها ومن الوتر ليحصل له أجر قيام الليل كله ).
ويجوز للنساء حضور التراويح في
المساجد إذا أمنت الفتنة منهن وبهن. ولكن يجب أن تأتي متسترة متحجبة، غير
متبرجة ولا متطيبة، ولا رافعة صوتاً ولا مبدية زينة.
والسنة للنساء أن يتأخرن عن الرجال
ويبعدن عنهم، ويبدأن بالصف المؤخر فالمؤخر عكس الرجال، وينصرفن من المسجد
فور تسليم الإمام ولا يتأخرن إلا لعذر، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت:
** كان النبي إذا سلّم قام النساء حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مقامه
يسيراً قبل أن يقوم. قالت: نرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء
قبل أن يدركهن الرجال } [رواه البخاري].
فضل قيام الليل
قيام الليل سُنة مؤكدة , وقربة معظمة في سائر العام , فقد
تواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه , والتوجيه إليه , والترغيب فيه
, ببيان عظم شأنه وجزالة الثواب عليه , وأنه شأن أولياء الله , وخاصة من
عباده الذين قال الله في مدحهم والثناء عليهم : أَلَا
إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [يونس، الآية: 64]
فقد مدح الله أهل الإيمان والتقوى , بجميل الخصال وجليل الأعمال , ومن أخص ذلك قيام الليل , قال تعالى : إِنَّمَا
يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى
جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ
لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة، الآيات: 15-17] ووصفهم في موضع آخر , بقوله : وَالَّذِينَ
يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ
رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ
غَرَامًا إلى أن قال : أُولَئِكَ
يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً
وَسَلَامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا [الفرقان، الآيات: 64-75]
وفي ذلك من التنبيه على فضل قيام الليل , وكريم عائدته ما
لا يخفى وأنه من أسباب صرف عذاب جهنم , والفوز بالجنة , وما فيها من النعيم
المقيم , وجوار الرب الكريم , جعلنا الله ممن فاز بذلك . قال تعالى : إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر، الآيتان: 54، 55]
وقد وصف المتقين في سورة الذاريات , بجملة صفات - منها قيام الليل - , فازوا بها بفسيح الجنات , فقال سبحانه : إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات، الآيات: 15-17]
فصلاة الليل لها شأن عظيم في تثبيت الإيمان , والإعانة على جليل الأعمال , وما فيه صلاح الأحوال والمآل قال تعالى : يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا إلى قوله : إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا [المزمل، الآيات: 1-6]
وثبت في صحيح مسلم عن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال : أفضل الصلاة بعد المكتوبة - يعني الفريضة - صلاة الليل وفي حديث عمرو بن عبسة قال صلى الله عليه وسلم : أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر , فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن ولأبي داود عنه - رضي الله عنه - قال : أي الليل أسمع - يعني أحرى بإجابة الدعاء - قال , صلى الله عليه وسلم : جوف الليل الآخر فصل ما شئت , فإن الصلاة فيه مشهودة مكتوبة وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , قال : ينزل
ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثلث الليل الآخر .
فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ ! من يسألني فأعطيه ؟ ! من يستغفرني فأغفر
له ؟ !
وفي صحيح مسلم , عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , قال : من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه , وهي كل ليلة وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال : من
تعار من الليل - يعني استيقظ يلهج بذكر الله - فقال : لا إله إلا الله ,
وحده لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير . الحمد لله
, وسبحان الله , ولا إله إلا الله , والله أكبر , ولا حول ولا قوة إلا
بالله ثم قال : اللهم ! اغفر لي , أو دعا , استجيب له . فإن توضأ وصلى قبلت
صلاته
وأخرج الإمام أحمد وغيره عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : إن
في الجنة غرفا , يرى ظاهرها من باطنها , وباطنها من ظاهرها , أعدها الله
لمن ألان الكلام , وأطعم الطعام , وتابع الصيام , وصلى بالليل والناس نيام
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : أعددت لعبادي الصالحين , ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر قال أبو هريرة اقرءوا إن شئتم : فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة، الآية: 17]
وجاء في السنة الصحيحة , ما يفيد أن قيام الليل من أسباب
النجاة من الفتن , والسلامة من دخول النار. ففي البخاري وغيره عن أم سلمة -
رضي الله عنها - أن النبي , صلى الله عليه وسلم , استيقظ ليلة فقال : سبحان الله , ماذا أُنزل الليلة من الفتنة ؟ ! ماذا أنزل الليلة من الخزائن ؟ ! من يوقظ صواحب الحجرات ؟ ! وفي ذلك تنبيه على أثر الصلاة بالليل في الوقاية من الفتن .
وفي قصة رؤيا ابن عمر قال : "فرأيت
كأن ملكين أخذاني , فذهبا بي إلى النار , فإذا هي مطوية كطي البئر , وإذا
لها قرنان - يعني كقرني البئر - وإذا فيها أناس قد عرفتهم , فجعلت أقول
أعوذ بالله من النار , قال : فلقينا ملك آخر . فقال : لم ترع " فقصصتها على
حفصة , فقصتها حفصة على النبي , صلى الله عليه وسلم , فقال : نعم الرجل
عبد الله لو كان يصلي من الليل , فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا
وأخرج الحاكم وصححه , ووافقه الذهبي عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - عن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , قال : عليكم بقيام الليل , فإنه دأب الصالحين قبلكم , وقربة لكم إلى ربكم , ومكفرة للسيئات , ومنهاة عن الإثم
فتلخص مما سبق أن قيام الليل:
أ - من أسباب ولاية الله ومحبته .
ب - ومن أسباب ذهاب الخوف والحزن , وتوالي البشارات بألوان التكريم والأجر العظيم .
جـ - وأنه من سمات الصالحين , في كل زمان ومكان .
د - وهو من أعظم الأمور المعينة على مصالح الدنيا والآخرة ومن أسباب تحصيلها والفوز بأعلى مطالبها .
هـ - وأن صلاة الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة وقربة إلى الرب ومكفرة للسيئات .
و - وأنه من أسباب إجابة الدعاء , والفوز بالمطلوب المحبوب والسلامة من المكروه المرهوب ومغفرة سائر الذنوب .
ز- وأنه نجاة من الفتن , وعصمة من الهلكة , ومنهاة عن الإثم .
حـ - وأنه من موجبات النجاة من النار , والفوز بأعالي الجنان.
فضل قيام الليل
[size=21]قال تعالى: ] ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً [ الإسراء،
وقال تعالى مادحاً المؤمنين: ] والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً [ الفرقان،
وقال سبحانه يصف قيام الليل: ] إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً [ المزمل.
قال الطبري: " أشد وطأً أي أشد مواطأة بين القلب واللسان وأجمع على التلاوة ".
هذا وإن للتهجد في نظر الشرع أهمية كبيرة في حياة المسلم
لذا فقد حذَر رسول الله r من ترك قيام الليل لمن اعتاده . فعن عمرو بن
العاص t قال: قال لي رسول الله r: " يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم
من الليل فترك قيام الليل " رواه البخاري.
وأما وقت التهجد فهو الثلث الأخير من الليل، فقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي
بالليل؟ قالت: " كان ينام أوله ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه فإذا
أذن المؤذن وثب فإن كان به حاجة اغتسل، وإلا توضأ وخرج " رواه البخاري.
وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أن النبي
قال: " إنّ الله تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الأخير ينزل إلى السماء
الدنيا فيقول: هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل
فأعطيه؟ حتى يطلع الفجر " رواه البخاري ومسلم .
ولكن … ألا تتعارض أهمية النوم للإنسان وضرورته له مع ما يرغب به رب العزة سبحانه وتعالى أولياءه والصالحين من عباده على قيام الليل؟
يجيب الدكتور سمير الحلو
على هذا التساؤل بأن الإنسان ليس جسداً فقط يعمل نهاره ثم يطلب الراحة في
الليل مع ما يتخلل ذلك من طعام ولهو، بل إن له ملكات أخرى لها أثرها الكبير
في نشاطه وحيويته، إنها القوة الروحية الهائلة التي تجعل منه طاقة عظيمة
تخشاها طواغيت الأرض ومردة الجن وتجعل منه ولياً من أولياء الله، ثم إن
دراسة علمية قامت بها الدكتورة سلوى محمد رشدي أثبتت أن المعتادين على قيام
الليل يتمتعون بمستوى أداء أعلى بالنسبة لفقرات ظهورهم مقارنة مع الذين لا
يقومون الليل.
كما أثبتت الدراسات الطبية
أن الذي ينام على وتيرة واحدة ساعات طويلة يتعرض للإصابة بأمراض القلب
بنسبة عالية، ذلك أن هذا السكون الطويل يؤدي إلى تصلب الشرايين وتضيق في
لمعتها لترسب الشحوم في بطانتها، وتنصح الدراسة أن يقوم النائم بعد أربع
ساعات من نومه لإجراء بعض الحركات الرياضية أو المشي لربع ساعة من الزمن
للحفاظ على مرونة شرايينه ووقايتها من الترسبات الدهنية وما يليها من
إصابات وعائية - قلبية، وفي دعوة الإسلام أتباعه إلى قيام الليل سبق طبي
رائع لوقايتهم من الإصابات المذكورة.
كل هذا يعتبر من دون شك جانباً من المنافع الصحية التي أشار إليها النبي
حين قال: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، قربة إلى الله
تعالى ومنهاة عن الإثم وتكفير عن السيئات ومطردة للداء عن الجسم".
وإن نظرة منصفة إلى قول النبي
ومطردة للداء عن الجسد " ومقارنتها لما أورده الأطباء اليوم من فوائد
لقيام الليل للجسد تؤكد الإعجاز الطبي في هذا الحديث النبوي الشريف البليغ.
[size=21]وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.[/size]
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى