- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28468
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
الولد والوالدين ..كما ذكر في التنزيل الحكيم
الأربعاء 18 يناير 2012, 19:21
[size=16]ربما تقفز الى أذهاننا ورود المصطلحات أم ,أب ,والد,والدة, والديٍن ,أبويٍن ,ولد , وبما أن مرجعنا
هو دائماً التنزيل الحكيم ...فلنقرأ ما ورد فيه من آيات حول هذه المصطلحات ..ونقرأ ما وضحه لنا مَن
بحث منهم وتقصى ..شاكرين سعيهم .
لا بد لفهم ذلك كله ,من التفريق بين الأب والوالد,والأم والوالدة ,والأبوين والوالدين , والولد والابن .
نبدأ أولا بالمعاجم اللغوية (مختصرين)
1.ولد : وهو دليل النجل والنسل .(إبن فارس )
2. أم : الأصل والمرجع والجماعة والدين , وأيضا هي المقامة والحين والقصد (الخليل).
3. أب : المرعى والقصد والتهيأ (الخليل وإبن دريد ).
ونلاحظ في هذا كله أمراً هاماً جداً , هو أن الأم من فعل أم , والأب من فعل أب ,ولا علاقة لهما البتة
بفعل ولد . وعليه نفهم أن الوالد والوالدة هما المعنيان بفعل الولادة , وان الأبوين شئ والوالدين شيئاً
آخر.
فإذا استعرضنا آيات التنزيل وجدنا أن التنزيل يتوسع في تعريفها وتحديد معانيها بدقة ..وستكون
قراءة التنزيل الحكيم قراءة معاصرة تتوافق مع التطور في المعارف جميعها.
الوالد :هو صاحب الحيوان المنوي الذي بدونه لا يتولد جنين .
الوالدة : هي صاحبة البويضة التي بدونها لا يتولد الجنين . إذ يقوم تولد الجنين على إجتماع حيوان
منوي وبويضة في الرحم , بدون أحدهما لا يتولد شئ . وفي هذا نقرأ قوله تعالى :
(* قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر...*) آل عمران 47 .
أنظر هنا الى دهشة مريم , بعد أن بشرها الله بكلمة منه اسمه المسيح ,فهي تعرف جيداً أن الوضع
ياتي بعد الحمل , وان الحمل يحتاج الى لقاح ,وان اللقاح يلزمه بشر يمسها . وهي تستغرب أن تحمل .
ونقرأ قوله تعالى :
(*قالت ياويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً ,إن هذا لشئ عجيب *).هود 72 .
وانظر هنا الى دهشة إمرأة إبراهيم, واستغرابها من الولادة وليس من الحمل ,فهيً متزوجة وعندها
مَن يمسها ,ولكن زوجها شيخ, وهي ذاتها عجوز عقيم (الذاريات 29) فلا هي أبقى لها العقم والعجز
بويضات ,ولا زوجها أبقت له الشيخوخة حيوانات منوية ,فمن أين تأتي الولادة والتوليد ؟.
هناك إذن لقاح وهناك إذن تولد للجنين من عنصرين مذكر ومؤنث ,تأتي بعدها مرحلة سماها
التنزيل ...مرحلة الحمل, وذلك في قوله تعالى :
- (*فحملته فانتبذت به مكانا قصيا *) مريم 22 .
- (*الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ...*) الرعد 8 .
- (*..وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ..*) فصلت 47 .
- (*...فلما تغشاها حملت حملاً خفيفاً...*) الأعراف 189 .
تأتي بعد ذلك عملية خروج الجنين من الرحم ,والتي أطلق التنزيل الحكيم عليها أسم الوضع
وذلك في قوله تعالى :
_ (*فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى ...*) آل عمران 36 .
_ (* ...وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن...*) الطلاق 4 .
_ (*... وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن...*) الطلاق 6 .
_ (*يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها ..*) الحج 2 .
فالمولود يخرج الى النور ...نتيجة لقاح وحمل ووضع , والوالدة هنا هي صاحبة البويضة وهيً
الأم التي حملته ووضعته , ولهذا قال التنزيل إن المسيح كان براً بوالدته, أي أن البويضة الأنثوية
كانت من مريم , وهيً أيضاً التي حملته في رحمها ووضعته (في آيات أخرى) .
أي الخلاصة أن ..للوالد مرحلة واحدة لا يتعداها هيً مرحلة الإلقاح , أما الوالدة فهيً صاحبة
البويضة يليها بعد اللقاح ..الحمل والوضع ...فتصبح أُماً ..بالأضافة الى كونها والدة ..أي أُماًووالدة
لقوله تعالى : (*...وإذ أنتم أجنةُ في بطون أمهاتكم ..*) النجم 32 .
(* والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً..*) النحل 78 .
...أي إذا تلازم البويضة والحمل والوضع في أنثى واحدة ..فهي تكون والدة وأم حاملة للجنين و واضعة
..وهذا واضح في قوله تعالى :
- (* ووصينا الإنسان بوالديه حسنا..*) العنكبوت 8 . .
- (* ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين ...*) لقمان 14 ..نلاحظ
دقة التعبير في هذه الآية ..حيث يوصي تعالى الإنسان بوالديه (والده ووالدته الفيزيولوجيين ) ثم يختص
الوالدة بكلمة الأم ..من حيث حملها به في رحمها وتغذيته من دمها ( إرجع الى معنى الأم أعلاه) . فلهذا
هيً أم و والدة حيث إجتمعت الصفتان بها وذلك بقوله تعالى :
_ (* ..يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق ...*) الزمر 6 .
أما الولادة بمعنى الوضع وخروج المولود الى النور من الرحم ,فقد جاءت في قوله تعالى :
_ (* وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا*) مريم 15 .
_ (* ووالد وما ولد *) البلد 3 .
_ (* ...واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا...*) لقمان 33 .
المولود بعد الولادة مباشرة يسميه التنزيل الحكيم وليداً , كما في قوله تعالى :
(* ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين *) الشعراء 18 .
إذن للوالد مهمة واحدة فقط وهي الإلقاح , فالوالد هو الملقح (بغض النظر عن طريقة الإلقاح ,سواء
بالنكاح أو بغيره) . أما الأب ....فله وضع آخر تماماً غير الوالد . فإذا رعى الذكر الوالد ,الأم في حملها
,وأنفق عليها وساعدها (قصدها و أبْ إليها ) فهو أب , أما إذا لم يفعل ...فهو والد فقط .
من هنا نفهم أن اليتيم ..ليس يتيم الوالدين , بل يتيم الأب أو الأم أو الأبوين معاً . فالأب من القصد
والعناية والتربية , والأم من التغذية والحنو (تؤم جنينها ) قبل الوضع وبعده .
نقرأ في التنزيل الحكيم قوله تعالى : (* إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفارا *)
نوح 27 . لنجد أن الولادة في الآية هذه جاءت بمعنى (التربية والتشكيل الأيديولوجي والعقائدي في
المجتمع ) ...وأن فعل " يلدوا " لا يعني مطلقاً الولادة !؟ من حمل ووضع وأمومة , لأن الإنسان لا يولد
كافراً فاجراً ..ولا يولد مؤمناً تقياً , كما يتوهم البعض , بل يخرج من بطن امه صفحة بيضاء نقية بدليل
قوله تعالى : (* والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ...*) النحل 78 . أي أن هناك أولاداً
بالولادة , وأولاداً بالتربية .
فالتربية هي التي تجعل منهم كفاراً فجاراً , أو تجعل منهم مؤمنين صالحين . والمربون في هذه الحالة
هم الآباء وليس الوالدين .
فإذا قام الوالدان , بالتربية المادية والمعنوية من الرعاية والإنفاق ,أصبحا أبوين أيضاً بالإضافة لكونهما
والدين .وإذا قام غير الوالدين بهذ التربية والرعاية ,كانا أبوين ..ولكن ليس والدين .
فـ الآبائية ..لها معنيين في التنزيل الحكيم : فالأبوان اللذان يقدمان الرعاية والإنفاق والتنشئة للوليد بعد
الولادة ,فإن كان وليدهما فهما والداه . وهنا يتضح معنى الأب الذي يقوم بالتربية والإنفاق والقصد
على تنشئة الوليد,فإن كان والده ,فهو أبوه أيضاً.أما إن كان ليس بوالده فهو أبوه فقط . وكذلك الأم التي
تقوم على التربية والرعاية ,فإن كانت والدته,فهي أمه ووالدته, أما إن كانت ليست بوالدته فهي أمه فقط .
من هنا يتبين إمكان أن يكون للأنسان أكثر من أم ....أم والدة ,وأم مربية,وقد تجتمع أمومة الولادة
وأمومة التربية في إمرأة واحدة. ولهذا نجد تحريم النكاح في التنزيل الحكيم ...لم يخص فقط الوالدة بل
شمل الأم أيضاً .وذلك في قوله تعالى (*حرمت عليكم أمهاتكم ...*)النساء 23 .وهذا طبيعي ينسجم
مع باقي آيات التنزيل التي تعتبر المرضعة أماً,وتعدها من المحارم مع أنها ليست والدة, وذلك في قوله
تعالى (*..وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم..*) النساء 23.
ونقرأ قوله تعالى *النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم...*) الأحزاب 6 .
ونفهم من الآية أمرين : الأول : أن زوجات الرسول أمهات المؤمنين وليس والدات المؤمنين .
الثاني : أن كونهن كذلك أدخلن في محارم النكاح في قوله تعالى (*حرمت عليكم
أمهاتكم...*).
من هنا يتضح الفرق جلياً واضحاً بين الوالد والأب ,والوالدة والأم , والوالدين والأبوين.فمن الناحية
البيولوجية لابد للوليد من والد و والدة , ومن ناحية التربية والحماية والرعاية والتنشئة لابد له من أب
وأم. وإذا كان التنزيل قد ميز وفرق بدقة بين الوالد والأب في المصطلح والمعنى , فحصر الأول
بالإلقاح ,والثاني بالإنفاق والتربية , فهو قد وحدً في مصطلح الأم ...بين جميع وجوه الأمومة
, البيولوجية في الرحم والمولود جنين والتربية العقائدية بعد الوضع. ونقرأ قوله تعالى :
- (*وإذ أوحينا إلى أمك ما يوحى *) طه 38 .
- (* إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك الى أمك كي تقر عينها ولا تحزن..*)
طه 40 . ونفهم أن أم موسى ,كانت والدةً وأماً بالولادة ,وبقيت أماً بالكفالة والرضاعة والتنشئة .
______________________
التمييز بين هذه المصطلحات , في التنزيل الحكيم ,يقودنا الى فهم أوسع وأعم لما ورد في التنزيل الحكيم
من دون إلتباس ...قد يقود بعض الأحيان الى الحيرة ؟! .
الموضوع هذا طويل ..
أختمه ...بحديث عن الأب المُرًبي في التنزيل ...حيث ورد مصطلح الأب بهذا المعنى في العديد من
الآيات لعل أبرزها قوله تعالى :
_ (* وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم ...*)
الحج 78 . هنا ورد أبيكم (إبراهيم ) بمعنى المربي العقائدي بشكل لا لبس فيه .إذ يوجد في العالم اليوم
أكثر من مليار مسلم ومسلم مؤمن ,منهم أسيوي أفريقي أوروبي ... وغيرهم , فلا يمكن أن يكون
إبراهيم والد هؤلاء جميعاً ! ومن هنا نفهم أن إبراهيم أبو المسلمين وليس والد المسلمين .
_ (* يا بني آدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ..*) الأعراف 27 . فآدم ليس والد
الآدميين , بل هو أبوهم الذي به بدأ الوجود العاقل , تماماً كما نقول بأن مندلييف أبو الكيمياء ولا
نقول والدها! ونقول أبو الشعب ولا نقول والد الشعب! , ونقول عن زوجات الرسول أمهات المؤمنين
ولا نقول والداتهم ! ...لأن مصطلح الوالد والوالدة مصطلح بيولوجي فيه نكاح , أو فيه لقاح أو فيه
الأثنان معاً .
_ (*وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا
ولا يهتدون *) البقرة 170 .
_ (* قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالو إنا بما أرسلتم به كافرون *) الزخرف 24 .
في هاتين الآيتين ورد مصطلح الأب والآبائية بشكل أعم وأوسع ...فمصطلح الآبائية في الآيتين تدل
على التكوين الفكري والعقائدي للفرد ..والذي إمتد لزمن ماضي طويل أجداد ..وكوًن فكر عقائدي
من الصعب تغييره ؟؟!! .
والآبائية ...لا تعني الذكور حصراً ,فلدينا الوالد والوالدة وهما الوالدان , فإذا تابعنا صعوداً فلدينا الجد و
الجدة والأجداد وهكذا.
[/size]هو دائماً التنزيل الحكيم ...فلنقرأ ما ورد فيه من آيات حول هذه المصطلحات ..ونقرأ ما وضحه لنا مَن
بحث منهم وتقصى ..شاكرين سعيهم .
لا بد لفهم ذلك كله ,من التفريق بين الأب والوالد,والأم والوالدة ,والأبوين والوالدين , والولد والابن .
نبدأ أولا بالمعاجم اللغوية (مختصرين)
1.ولد : وهو دليل النجل والنسل .(إبن فارس )
2. أم : الأصل والمرجع والجماعة والدين , وأيضا هي المقامة والحين والقصد (الخليل).
3. أب : المرعى والقصد والتهيأ (الخليل وإبن دريد ).
ونلاحظ في هذا كله أمراً هاماً جداً , هو أن الأم من فعل أم , والأب من فعل أب ,ولا علاقة لهما البتة
بفعل ولد . وعليه نفهم أن الوالد والوالدة هما المعنيان بفعل الولادة , وان الأبوين شئ والوالدين شيئاً
آخر.
فإذا استعرضنا آيات التنزيل وجدنا أن التنزيل يتوسع في تعريفها وتحديد معانيها بدقة ..وستكون
قراءة التنزيل الحكيم قراءة معاصرة تتوافق مع التطور في المعارف جميعها.
الوالد :هو صاحب الحيوان المنوي الذي بدونه لا يتولد جنين .
الوالدة : هي صاحبة البويضة التي بدونها لا يتولد الجنين . إذ يقوم تولد الجنين على إجتماع حيوان
منوي وبويضة في الرحم , بدون أحدهما لا يتولد شئ . وفي هذا نقرأ قوله تعالى :
(* قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر...*) آل عمران 47 .
أنظر هنا الى دهشة مريم , بعد أن بشرها الله بكلمة منه اسمه المسيح ,فهي تعرف جيداً أن الوضع
ياتي بعد الحمل , وان الحمل يحتاج الى لقاح ,وان اللقاح يلزمه بشر يمسها . وهي تستغرب أن تحمل .
ونقرأ قوله تعالى :
(*قالت ياويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً ,إن هذا لشئ عجيب *).هود 72 .
وانظر هنا الى دهشة إمرأة إبراهيم, واستغرابها من الولادة وليس من الحمل ,فهيً متزوجة وعندها
مَن يمسها ,ولكن زوجها شيخ, وهي ذاتها عجوز عقيم (الذاريات 29) فلا هي أبقى لها العقم والعجز
بويضات ,ولا زوجها أبقت له الشيخوخة حيوانات منوية ,فمن أين تأتي الولادة والتوليد ؟.
هناك إذن لقاح وهناك إذن تولد للجنين من عنصرين مذكر ومؤنث ,تأتي بعدها مرحلة سماها
التنزيل ...مرحلة الحمل, وذلك في قوله تعالى :
- (*فحملته فانتبذت به مكانا قصيا *) مريم 22 .
- (*الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ...*) الرعد 8 .
- (*..وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ..*) فصلت 47 .
- (*...فلما تغشاها حملت حملاً خفيفاً...*) الأعراف 189 .
تأتي بعد ذلك عملية خروج الجنين من الرحم ,والتي أطلق التنزيل الحكيم عليها أسم الوضع
وذلك في قوله تعالى :
_ (*فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى ...*) آل عمران 36 .
_ (* ...وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن...*) الطلاق 4 .
_ (*... وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن...*) الطلاق 6 .
_ (*يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها ..*) الحج 2 .
فالمولود يخرج الى النور ...نتيجة لقاح وحمل ووضع , والوالدة هنا هي صاحبة البويضة وهيً
الأم التي حملته ووضعته , ولهذا قال التنزيل إن المسيح كان براً بوالدته, أي أن البويضة الأنثوية
كانت من مريم , وهيً أيضاً التي حملته في رحمها ووضعته (في آيات أخرى) .
أي الخلاصة أن ..للوالد مرحلة واحدة لا يتعداها هيً مرحلة الإلقاح , أما الوالدة فهيً صاحبة
البويضة يليها بعد اللقاح ..الحمل والوضع ...فتصبح أُماً ..بالأضافة الى كونها والدة ..أي أُماًووالدة
لقوله تعالى : (*...وإذ أنتم أجنةُ في بطون أمهاتكم ..*) النجم 32 .
(* والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً..*) النحل 78 .
...أي إذا تلازم البويضة والحمل والوضع في أنثى واحدة ..فهي تكون والدة وأم حاملة للجنين و واضعة
..وهذا واضح في قوله تعالى :
- (* ووصينا الإنسان بوالديه حسنا..*) العنكبوت 8 . .
- (* ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين ...*) لقمان 14 ..نلاحظ
دقة التعبير في هذه الآية ..حيث يوصي تعالى الإنسان بوالديه (والده ووالدته الفيزيولوجيين ) ثم يختص
الوالدة بكلمة الأم ..من حيث حملها به في رحمها وتغذيته من دمها ( إرجع الى معنى الأم أعلاه) . فلهذا
هيً أم و والدة حيث إجتمعت الصفتان بها وذلك بقوله تعالى :
_ (* ..يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق ...*) الزمر 6 .
أما الولادة بمعنى الوضع وخروج المولود الى النور من الرحم ,فقد جاءت في قوله تعالى :
_ (* وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا*) مريم 15 .
_ (* ووالد وما ولد *) البلد 3 .
_ (* ...واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا...*) لقمان 33 .
المولود بعد الولادة مباشرة يسميه التنزيل الحكيم وليداً , كما في قوله تعالى :
(* ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين *) الشعراء 18 .
إذن للوالد مهمة واحدة فقط وهي الإلقاح , فالوالد هو الملقح (بغض النظر عن طريقة الإلقاح ,سواء
بالنكاح أو بغيره) . أما الأب ....فله وضع آخر تماماً غير الوالد . فإذا رعى الذكر الوالد ,الأم في حملها
,وأنفق عليها وساعدها (قصدها و أبْ إليها ) فهو أب , أما إذا لم يفعل ...فهو والد فقط .
من هنا نفهم أن اليتيم ..ليس يتيم الوالدين , بل يتيم الأب أو الأم أو الأبوين معاً . فالأب من القصد
والعناية والتربية , والأم من التغذية والحنو (تؤم جنينها ) قبل الوضع وبعده .
نقرأ في التنزيل الحكيم قوله تعالى : (* إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفارا *)
نوح 27 . لنجد أن الولادة في الآية هذه جاءت بمعنى (التربية والتشكيل الأيديولوجي والعقائدي في
المجتمع ) ...وأن فعل " يلدوا " لا يعني مطلقاً الولادة !؟ من حمل ووضع وأمومة , لأن الإنسان لا يولد
كافراً فاجراً ..ولا يولد مؤمناً تقياً , كما يتوهم البعض , بل يخرج من بطن امه صفحة بيضاء نقية بدليل
قوله تعالى : (* والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ...*) النحل 78 . أي أن هناك أولاداً
بالولادة , وأولاداً بالتربية .
فالتربية هي التي تجعل منهم كفاراً فجاراً , أو تجعل منهم مؤمنين صالحين . والمربون في هذه الحالة
هم الآباء وليس الوالدين .
فإذا قام الوالدان , بالتربية المادية والمعنوية من الرعاية والإنفاق ,أصبحا أبوين أيضاً بالإضافة لكونهما
والدين .وإذا قام غير الوالدين بهذ التربية والرعاية ,كانا أبوين ..ولكن ليس والدين .
فـ الآبائية ..لها معنيين في التنزيل الحكيم : فالأبوان اللذان يقدمان الرعاية والإنفاق والتنشئة للوليد بعد
الولادة ,فإن كان وليدهما فهما والداه . وهنا يتضح معنى الأب الذي يقوم بالتربية والإنفاق والقصد
على تنشئة الوليد,فإن كان والده ,فهو أبوه أيضاً.أما إن كان ليس بوالده فهو أبوه فقط . وكذلك الأم التي
تقوم على التربية والرعاية ,فإن كانت والدته,فهي أمه ووالدته, أما إن كانت ليست بوالدته فهي أمه فقط .
من هنا يتبين إمكان أن يكون للأنسان أكثر من أم ....أم والدة ,وأم مربية,وقد تجتمع أمومة الولادة
وأمومة التربية في إمرأة واحدة. ولهذا نجد تحريم النكاح في التنزيل الحكيم ...لم يخص فقط الوالدة بل
شمل الأم أيضاً .وذلك في قوله تعالى (*حرمت عليكم أمهاتكم ...*)النساء 23 .وهذا طبيعي ينسجم
مع باقي آيات التنزيل التي تعتبر المرضعة أماً,وتعدها من المحارم مع أنها ليست والدة, وذلك في قوله
تعالى (*..وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم..*) النساء 23.
ونقرأ قوله تعالى *النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم...*) الأحزاب 6 .
ونفهم من الآية أمرين : الأول : أن زوجات الرسول أمهات المؤمنين وليس والدات المؤمنين .
الثاني : أن كونهن كذلك أدخلن في محارم النكاح في قوله تعالى (*حرمت عليكم
أمهاتكم...*).
من هنا يتضح الفرق جلياً واضحاً بين الوالد والأب ,والوالدة والأم , والوالدين والأبوين.فمن الناحية
البيولوجية لابد للوليد من والد و والدة , ومن ناحية التربية والحماية والرعاية والتنشئة لابد له من أب
وأم. وإذا كان التنزيل قد ميز وفرق بدقة بين الوالد والأب في المصطلح والمعنى , فحصر الأول
بالإلقاح ,والثاني بالإنفاق والتربية , فهو قد وحدً في مصطلح الأم ...بين جميع وجوه الأمومة
, البيولوجية في الرحم والمولود جنين والتربية العقائدية بعد الوضع. ونقرأ قوله تعالى :
- (*وإذ أوحينا إلى أمك ما يوحى *) طه 38 .
- (* إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك الى أمك كي تقر عينها ولا تحزن..*)
طه 40 . ونفهم أن أم موسى ,كانت والدةً وأماً بالولادة ,وبقيت أماً بالكفالة والرضاعة والتنشئة .
______________________
التمييز بين هذه المصطلحات , في التنزيل الحكيم ,يقودنا الى فهم أوسع وأعم لما ورد في التنزيل الحكيم
من دون إلتباس ...قد يقود بعض الأحيان الى الحيرة ؟! .
الموضوع هذا طويل ..
أختمه ...بحديث عن الأب المُرًبي في التنزيل ...حيث ورد مصطلح الأب بهذا المعنى في العديد من
الآيات لعل أبرزها قوله تعالى :
_ (* وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم ...*)
الحج 78 . هنا ورد أبيكم (إبراهيم ) بمعنى المربي العقائدي بشكل لا لبس فيه .إذ يوجد في العالم اليوم
أكثر من مليار مسلم ومسلم مؤمن ,منهم أسيوي أفريقي أوروبي ... وغيرهم , فلا يمكن أن يكون
إبراهيم والد هؤلاء جميعاً ! ومن هنا نفهم أن إبراهيم أبو المسلمين وليس والد المسلمين .
_ (* يا بني آدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ..*) الأعراف 27 . فآدم ليس والد
الآدميين , بل هو أبوهم الذي به بدأ الوجود العاقل , تماماً كما نقول بأن مندلييف أبو الكيمياء ولا
نقول والدها! ونقول أبو الشعب ولا نقول والد الشعب! , ونقول عن زوجات الرسول أمهات المؤمنين
ولا نقول والداتهم ! ...لأن مصطلح الوالد والوالدة مصطلح بيولوجي فيه نكاح , أو فيه لقاح أو فيه
الأثنان معاً .
_ (*وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا
ولا يهتدون *) البقرة 170 .
_ (* قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالو إنا بما أرسلتم به كافرون *) الزخرف 24 .
في هاتين الآيتين ورد مصطلح الأب والآبائية بشكل أعم وأوسع ...فمصطلح الآبائية في الآيتين تدل
على التكوين الفكري والعقائدي للفرد ..والذي إمتد لزمن ماضي طويل أجداد ..وكوًن فكر عقائدي
من الصعب تغييره ؟؟!! .
والآبائية ...لا تعني الذكور حصراً ,فلدينا الوالد والوالدة وهما الوالدان , فإذا تابعنا صعوداً فلدينا الجد و
الجدة والأجداد وهكذا.
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى