- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28472
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
الحملات الصليبية الثماني
الأربعاء 18 يناير 2012, 14:22
[size=21]هي الحملة
التي أطلقها البابا أوربانوس الثاني سنة 1095 في كليرمونت جنوب فرنسا
لتخليص القدس وعموم الأرض المقدسة من يد المسلمين وأرجاعها للسيطرة
المسيحية.
تألفت الحملة من 4 جيوش أقطاعية بقيادة كل من جودفري دوق اللورين وريموند صنجيل دوق الناربون وبوهيموند كونت تورانتو وروبرت دوق النورماندي.
أفترق أمراء الحملة الأولى
في 4 طرق وأجتمتعوا في القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية أستمر زحفهم
حتى وصلوا إلى القدس واستولوا عليها في يوليو من عام 1099 بعد حصار أستمرا
شهرا كاملا ،أستطاع الصليبيون تأسيس مملكة بيت المقدس وغيرها من الممالك
الصليبية. ورغم أن هذه المكاسب دامت أقل من قرنين، فإن الحملة الصليبية الأولى
تعد نقطة تحول رئيسية في توسع القوى الغربية، وكذلك أول خطوة كبرى لإعادة
فتح التجارة الدولية في الغرب منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية
الغربية.وكانت الحملة الصليبية الوحيدة - بعكس الحملات اللاحقة- التي حققت هدفها المعلن
[/size]التي أطلقها البابا أوربانوس الثاني سنة 1095 في كليرمونت جنوب فرنسا
لتخليص القدس وعموم الأرض المقدسة من يد المسلمين وأرجاعها للسيطرة
المسيحية.
تألفت الحملة من 4 جيوش أقطاعية بقيادة كل من جودفري دوق اللورين وريموند صنجيل دوق الناربون وبوهيموند كونت تورانتو وروبرت دوق النورماندي.
أفترق أمراء الحملة الأولى
في 4 طرق وأجتمتعوا في القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية أستمر زحفهم
حتى وصلوا إلى القدس واستولوا عليها في يوليو من عام 1099 بعد حصار أستمرا
شهرا كاملا ،أستطاع الصليبيون تأسيس مملكة بيت المقدس وغيرها من الممالك
الصليبية. ورغم أن هذه المكاسب دامت أقل من قرنين، فإن الحملة الصليبية الأولى
تعد نقطة تحول رئيسية في توسع القوى الغربية، وكذلك أول خطوة كبرى لإعادة
فتح التجارة الدولية في الغرب منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية
الغربية.وكانت الحملة الصليبية الوحيدة - بعكس الحملات اللاحقة- التي حققت هدفها المعلن
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28472
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الحملات الصليبية الثماني
الأربعاء 18 يناير 2012, 14:23
[size=21]كانت
ثاني حملة صليبية رئيسية تنطلق من أوروبا، دُعي إليها عام 1145 كرد فعل
على سقوط مملكة الرها في العام الذي سبق. حيث كانت الرها (إديسا) أول مملكة
صليبية تقام خلال الحملة الصليبية الأولى (1096 - 1099) وكانت أول مملكة تسقط كذلك. دعا إلى الحملة الثانية
البابا إيجين الثالث، وكانت أول حملة يقودها ملوك أوروبا، وهم لويس السابع
ملك فرنسا، وكونراد الثالث ملك ألمانيا، وبمساعدة عدد من نبلاء أوروبا
البارزين. تحركت جيوش الملكين كل على حدة في أوروبا، وأخرهم بعض الشيء
الإمبراطور البيزنطي مانويل كومينوس؛ وبعد عبور الجيوش المناطق البيزنطية
من الأناضول، هُزم كلا الجيشين على يد السلاجقة، كل على حدة. ووصل كل من
لويس وكونراد وشراذم جيوشهما إلى القدس عام1148 م، وهناك اتبعوا نصيحة اتضح
أنها سيئة بالهجوم على دمشق، حيث فشل الصليبيون فشلاً ذريعاً.
كانت الحملة الصليبية الثانية إلى الشرق فشلاً كبيراً للصليبيين، ونصرا للدويلات الإسلامية. وأدت نتائجها إلى استرجاع المسلمين للقدس، وقيام الحملة الصليبية الثالثة في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي بعد سلسلة من الأحداث في الشام.
كان النصر الصليبي الوحيد في تلك الحملة
على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، حيث توقفت سفن الصليبيين
الإنجليز أثناء عبورهم للبحر قرب لشبونة مصادفة، فساعدوا جنود قشتالة في
السيطرة عليها عام 1147 م. وفي تلك الأثناء، في أوروبا الشرقية، كانت أولى
الحملات الصليبية الشمالية لتحويل القبائل الوثنية للمسيحية قد بدأت، واستمرت تلك الحملات بعد ذلك لقرون.
[/size]ثاني حملة صليبية رئيسية تنطلق من أوروبا، دُعي إليها عام 1145 كرد فعل
على سقوط مملكة الرها في العام الذي سبق. حيث كانت الرها (إديسا) أول مملكة
صليبية تقام خلال الحملة الصليبية الأولى (1096 - 1099) وكانت أول مملكة تسقط كذلك. دعا إلى الحملة الثانية
البابا إيجين الثالث، وكانت أول حملة يقودها ملوك أوروبا، وهم لويس السابع
ملك فرنسا، وكونراد الثالث ملك ألمانيا، وبمساعدة عدد من نبلاء أوروبا
البارزين. تحركت جيوش الملكين كل على حدة في أوروبا، وأخرهم بعض الشيء
الإمبراطور البيزنطي مانويل كومينوس؛ وبعد عبور الجيوش المناطق البيزنطية
من الأناضول، هُزم كلا الجيشين على يد السلاجقة، كل على حدة. ووصل كل من
لويس وكونراد وشراذم جيوشهما إلى القدس عام1148 م، وهناك اتبعوا نصيحة اتضح
أنها سيئة بالهجوم على دمشق، حيث فشل الصليبيون فشلاً ذريعاً.
كانت الحملة الصليبية الثانية إلى الشرق فشلاً كبيراً للصليبيين، ونصرا للدويلات الإسلامية. وأدت نتائجها إلى استرجاع المسلمين للقدس، وقيام الحملة الصليبية الثالثة في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي بعد سلسلة من الأحداث في الشام.
كان النصر الصليبي الوحيد في تلك الحملة
على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، حيث توقفت سفن الصليبيين
الإنجليز أثناء عبورهم للبحر قرب لشبونة مصادفة، فساعدوا جنود قشتالة في
السيطرة عليها عام 1147 م. وفي تلك الأثناء، في أوروبا الشرقية، كانت أولى
الحملات الصليبية الشمالية لتحويل القبائل الوثنية للمسيحية قد بدأت، واستمرت تلك الحملات بعد ذلك لقرون.
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28472
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الحملات الصليبية الثماني
الأربعاء 18 يناير 2012, 14:24
[size=21]الحملة الصليبية الثالثة
بين عامي 1189 م و1192 م كانت محاولة من القادة الأوروبيين لإعادة السيطرة
على الأرض المقدسة بعد أن عاد ليسيطر عليها المسلمون بقيادة صلاح الدين
الأيوبي.
خلفية تاريخية
بعد فشل الحملة الصليبية
الثانية، أصبح لنور الدين السيطرة على دمشق ووحد سوريا تحت رايته، وكان
وصول نبأ سقوط مملكة القدس إلى أوروبا بعد معركة حطين صاعقًا. فما أن علم
البابا أوربان الثامن بما حدث، حتى توفي من وقع الصدمة. ودعا خليفته،
البابا غريغوري الثامن، بمنشور باباوي بتاريخ 29 أكتوبر 1187 م وزعه من
فيرارا، الكاثوليك إلى حملة صليبية جديدة، وأمرهم بالصيام كل أسبوع في يوم
الجمعة على امتداد خمس سنوات، كما أمرهم بالامتناع كليًا في هذه الحقبة من
الزمن عن أكل اللحم مرتين في الأسبوع، والدعوة إلى الحرب الصليبية
وقد قام بها ببالغ الهمة الكاردينال إنريكو من ألبانو، وبعد شهرين حلّ
البابا كليمنت الثالث مكان غريغوريوس، واستكمل المهمة، وقام الكاردينالات
بالطواف مشيًا على الأقدام في عموم فرنسا وإنجلترا وألمانيا.
انطلاق الحملة
قامت الحملة الصليبية الثالثة
من سنة 1189 م إلى سنة 1192 م، واشترك فيها بوجه الخصوص الإقطاعيون الكبار
والفرسان من بلدان أوروبا الغربية، وكانت المصالح التجارية في الشرق للدول
الإقطاعية قد اكتسبت مكانا مهما في سياساتها.
قاد الجيوش الصليبية
كل من ملك فرنسا فيليب أوغست الثاني، ملك إنجلترا ريتشارد الذي لقب لاحقا
بقلب الأسد، وملك الجرمان (ألمانيا) فريدريك الأول بربروسا، وتحركت القوات
الألمانية قبل غيرها في 11 مايو 1189 والتي كان قوامها قرابة 30 ألفاً من
الفرسان والمشاة، وأدت حملته إلى خراب في مملكة بيزنطة، ولكن بربروسا غرق
في 10 يونيو 1190 في نهر اللامس، مما أحدث ربكة في صفوف الصليبيين، فعاد
بعضهم وجحد بعضهم الآخر بالمسيحية فاعتنق الوثنية وأكمل الباقون حتى وصلوا
إلى عكا. أما الفرنسيون والإنجليز، فلم ينتهوا من الاستعداد للحملة حتى صيف
1190، وفي 4 يوليو 1190، عبر ريتشارد وحاشيته مضيق المانش، واجتمعت
الفصائل الإنجليزية والفرنسية في مدينة فيزليه، ولكن القوات انفصلت وتوجه
الفرنسيون إلى جنوة والإنجليز إلى مرسيليا حيث كان أسطول ريتشارد المكون من
200 سفينة ينتظر بعد التفافه حول إسبانيا، ومن هناك انطلق الجيشان إلى
صقلية، حيث وصلوا في سبتمبر من 1190، وقرروا قضاء الشتاء هناك، وفي تلك
الفترة، كان ريتشارد يعمل لأجل توسيع نفوذه بالسيطرة على صقلية، مما أدى
إلى تردي العلاقات بين قائدي الجيشين.
نصب لصلاح الدين الأيوبي في دمشق
بعد حوالي ستة أشهر في صقلية، أبحر فيليب الثاني من مسينا في 30 مارس 1191
م، ولحق به حليفه الذي لم يعد رفيق طريقه بعد 10 أيام، فمضى الفرنسيون إلى
صور، أما ريتشارد فاحتل في طريقه جزيرة قبرص، الأمر الذي أصبح ذا أهمية
كبرى فيما بعد، فإن ممالك الصليبيين لم تكن لتصمد لمئة سنة أخرى إلا بفضل
الدعم العسكري من قبرص.
قام الصليبيوون بحصار عكا، فكان الفرنسيون وفصائل الأسياد المحليين
والألمان والدينماركيون والفلمنكيون الإيطاليون، واستمر حصار هذه القلعة
المنيعة أشهرا، ساهم في طول هذا الحصار الخلاف الداخلي في صفوف الصليبيين،
ووصل ريتشارد إلى عكا في 7 يونيو 1191، وفي 11 يوليو 1191 م، بدأ هجوم عام،
كان ريتشارد من اقترحه، وفي اليوم التالي استسلمت المدينة التي أنهكها
الحصار المديد، وجرت مذبحة بأمر ريتشارد وتحت قيادته في عكا، قتل فيها
رجاله أكثر من ألفي مسلم أخذوهم من صلاح الدين بعد فتح عكا كرهائن.
وتلى ذلك محاولات قادها ريتشارد لاحتلال مدن أخرى، باءت بالفشل وجسّدت
ريتشارد في صورة بنزعة إلى سفك الدماء، وفي 2 سبتمبر 1192 عقد الصلح مع
صلاح الدين بما عرف بصلح الرملة، واحتفظ الصليبيون بشريط ساحلي يمتد من صور
إلى يافا، ويحكم المسلمون بقية المناطق في بلاد الشام من ضمنها القدس،
وسمح صلاح الدين للحجاج والتجار بزيارة القدس.
جيش فريريك بربروسا
دخل صلاح الدين القدس عام 1187 م ، و بذلك عادت كل مدن فلسطين للمسلمين إلا
ميناء صور الذي كان تحصينه قوياً و يتولي الدفاع عنه القائد الصليبي الذكي
كونراد ديمونفرات.
و كان سقوط القدس في أيدي المسلمين كفيل بإهاجة عروش أوروبا كلها و الكنيسة المسيحية، و خرج ثلاثة من أكبر ملوك أوروبا في الحملة الصليبية الثالثة هم : فريدريك بارباروسا إمبراطور ألمانيا، و فيليب أغسطس ملك فرنسا، و ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا.
سمع صلاح الدين بخروج جيوش أوروبا متجهة إلي فلسطين، و كان أشد ما يقلقه من
هؤلاء جميعاً هو جيش فريدريك بارباروسا المكون من مائة ألف فارس من أشد و
أعنف جنود أوروبا.
كان فريدريك بارباروسا يبلغ من العمر سبعين عاماً، و كان مشهوراً في أوروبا
بنبله و شجاعته و إقدامه. و عندما وصلته أخبار سقوط القدس في يد المسلمين،
بادر باستنفار جيشه الصليبي من كافة أرجاء إمبراطوريته الألمانية التي
عُرف عن جنودها العنف و الشجاعة.
سار بارباروسا بجيشه إلي فلسطين سالكاً طريقاً برياً، فعبر المجر و رومانيا
حتي وصل إلي بيزنطة ( القسطنطينية) في أكتوبر 1189 م. و كان جيشه أول
الجيوش وصولاً إلي أراضي المشرق.
لم يستطع السلاجقة الأتراك في آسيا الصغري وقف زحف هذا الجيش الرهيب،
فهُزموا هزيمة نكراء. و تابع بارباروسا تقدمه، ثم توقف في أرمينيا. و كتب
إلي صلاح الدين رسالة يحذره فيها من اجتياح جيشه لبلاد المسلمين كلها، إذا
لم يسلم المدينة المقدسة للمسيحية.
و علي الرغم من علم صلاح الدين بخطورة هذا الجيش الجرار، إلا أنه رد عليه
بنفس الثقة و الإيمان في نصر الله مذكراً إياه أن البحر يفصل بينه و بين
أوروبا، في حين أنه لا يوجد فاصل بين جيش صلاح الدين و بلاد العرب التي
حوله، لذلك فإن أعداد العرب تفوق أعداد الصليبيين بكثير، و ختم رسالته
بتهديد صريح قائلاً " سنواجهكم و معنا بأس الله، و عندما يمن علينا الله
بإذنه بالنصر عليكم، لن يبقي سوي أن نستولي بحرية علي أراضيكم، بقدرته و
برضاه تعالي".
ظل صلاح الدين يتلقي التقارير التي تفيد بتحركات جيش بارباروسا، و في الوقت
نفسه أطلق نداءه لكل بلاد المسلمين بالخروج للجهاد و الانضمام إلي جيشه
ليتمكن من صد جيوش أوروبا القادمة، و أولها جيش بارباروسا. كما أصدر أوامره
بإخلاء القلاع و الحصون علي الحدود مع بيزنطة و حرق حقول القمح و المخازن
في طريق جيش بارباروسا.
بذل صلاح الدين كل ما في وسعه للتأهب لصد الجيش الألماني الذي سرعان ما
سيصبح علي أبواب بلاد العرب، و بينما هو كذلك وصلته في يونيو 1190 م رسالة
تحمل نبأ وفاة برباروسا.
و أعجب ما في الأمر هو الطريقة التي توفي بها. كان برباروسا يعبر نهراً
صغيراً يسمي نهر كاليكادوس بجيوشه، و ذلك عندما هاجت الخيول وهي تعبر
النهر، و اهتاج جواد برباروسا فألقي به في المياه. و علي الرغم أن النهر
كان ضحلاً، و لا تكاد المياه تصل إلي أعلي ساقيه، إلا أن الدروع الثقيلة
التي كان يرتديها شدته إلي أسفل، و تدفقت المياه إلي داخل الدرع فأختنق و
أصيب بنوبة قلبية و غرق.
بعد وفاة الإمبراطور الألماني، عمت الفوضي و الاضطراب الجيش الألماني
المنتظم، و انقسم علي نفسه، فمنهم من رأي الرجوع إلي أوروبا، و منهم من رأي
المضي قدماً لإنجاز الواجب المقدس الذي من أجله مات الإمبراطور الجليل.
فاستغل الأتراك السلاجقة هذا الاضطراب، و هاجموا الجيش الألماني من كل
اتجاه، فتفرق الجيش من دون قائد في الأرياف و النواحي المجاورة. و من لم
يهلك في الحرب هلك بالطاعون الذي انتشر في الجيش. و من المائة ألف جندي
الذين جاءوا مع بارباروسا، و صل خمسة آلاف فقط إلي عكا بعد عدة أسابيع.
و الحقيقة أن هذه الحفنة من الجنود الألمان التي وصلت عكا، كانت كفيلة
بترجيح كفة الصليبيين في حصار عكا و سقوط المدينة في أيديهم. فماذا كان
سيحدث لو قدر للمائة ألف أن يصلوا إلي فلسطين ؟
كان يمثل جيش باراباروسا خطراً محدقاً ليس فقط علي فلسطين و القدس، و إنما
علي كل بلاد العرب في الشام و فلسطين و مصر، و لكن الله شاء أن يفني هذا
الجيش الرهيب دون أن يطلق سهم واحد علي بلاد العرب.
و قال أحد المؤرخين العرب في ذلك " لو أن الله لم يشمل بلطفه و كرمه
المسلمين بتقدير الموت علي ملك الألمان في الوقت الذي كان يستعد فيه لقهر
الشام، لكان الناس يقولون اليوم : كانت بلاد الشام و مصر في ما مضي من بلاد
الإسلام ".
[/size]بين عامي 1189 م و1192 م كانت محاولة من القادة الأوروبيين لإعادة السيطرة
على الأرض المقدسة بعد أن عاد ليسيطر عليها المسلمون بقيادة صلاح الدين
الأيوبي.
خلفية تاريخية
بعد فشل الحملة الصليبية
الثانية، أصبح لنور الدين السيطرة على دمشق ووحد سوريا تحت رايته، وكان
وصول نبأ سقوط مملكة القدس إلى أوروبا بعد معركة حطين صاعقًا. فما أن علم
البابا أوربان الثامن بما حدث، حتى توفي من وقع الصدمة. ودعا خليفته،
البابا غريغوري الثامن، بمنشور باباوي بتاريخ 29 أكتوبر 1187 م وزعه من
فيرارا، الكاثوليك إلى حملة صليبية جديدة، وأمرهم بالصيام كل أسبوع في يوم
الجمعة على امتداد خمس سنوات، كما أمرهم بالامتناع كليًا في هذه الحقبة من
الزمن عن أكل اللحم مرتين في الأسبوع، والدعوة إلى الحرب الصليبية
وقد قام بها ببالغ الهمة الكاردينال إنريكو من ألبانو، وبعد شهرين حلّ
البابا كليمنت الثالث مكان غريغوريوس، واستكمل المهمة، وقام الكاردينالات
بالطواف مشيًا على الأقدام في عموم فرنسا وإنجلترا وألمانيا.
انطلاق الحملة
قامت الحملة الصليبية الثالثة
من سنة 1189 م إلى سنة 1192 م، واشترك فيها بوجه الخصوص الإقطاعيون الكبار
والفرسان من بلدان أوروبا الغربية، وكانت المصالح التجارية في الشرق للدول
الإقطاعية قد اكتسبت مكانا مهما في سياساتها.
قاد الجيوش الصليبية
كل من ملك فرنسا فيليب أوغست الثاني، ملك إنجلترا ريتشارد الذي لقب لاحقا
بقلب الأسد، وملك الجرمان (ألمانيا) فريدريك الأول بربروسا، وتحركت القوات
الألمانية قبل غيرها في 11 مايو 1189 والتي كان قوامها قرابة 30 ألفاً من
الفرسان والمشاة، وأدت حملته إلى خراب في مملكة بيزنطة، ولكن بربروسا غرق
في 10 يونيو 1190 في نهر اللامس، مما أحدث ربكة في صفوف الصليبيين، فعاد
بعضهم وجحد بعضهم الآخر بالمسيحية فاعتنق الوثنية وأكمل الباقون حتى وصلوا
إلى عكا. أما الفرنسيون والإنجليز، فلم ينتهوا من الاستعداد للحملة حتى صيف
1190، وفي 4 يوليو 1190، عبر ريتشارد وحاشيته مضيق المانش، واجتمعت
الفصائل الإنجليزية والفرنسية في مدينة فيزليه، ولكن القوات انفصلت وتوجه
الفرنسيون إلى جنوة والإنجليز إلى مرسيليا حيث كان أسطول ريتشارد المكون من
200 سفينة ينتظر بعد التفافه حول إسبانيا، ومن هناك انطلق الجيشان إلى
صقلية، حيث وصلوا في سبتمبر من 1190، وقرروا قضاء الشتاء هناك، وفي تلك
الفترة، كان ريتشارد يعمل لأجل توسيع نفوذه بالسيطرة على صقلية، مما أدى
إلى تردي العلاقات بين قائدي الجيشين.
نصب لصلاح الدين الأيوبي في دمشق
بعد حوالي ستة أشهر في صقلية، أبحر فيليب الثاني من مسينا في 30 مارس 1191
م، ولحق به حليفه الذي لم يعد رفيق طريقه بعد 10 أيام، فمضى الفرنسيون إلى
صور، أما ريتشارد فاحتل في طريقه جزيرة قبرص، الأمر الذي أصبح ذا أهمية
كبرى فيما بعد، فإن ممالك الصليبيين لم تكن لتصمد لمئة سنة أخرى إلا بفضل
الدعم العسكري من قبرص.
قام الصليبيوون بحصار عكا، فكان الفرنسيون وفصائل الأسياد المحليين
والألمان والدينماركيون والفلمنكيون الإيطاليون، واستمر حصار هذه القلعة
المنيعة أشهرا، ساهم في طول هذا الحصار الخلاف الداخلي في صفوف الصليبيين،
ووصل ريتشارد إلى عكا في 7 يونيو 1191، وفي 11 يوليو 1191 م، بدأ هجوم عام،
كان ريتشارد من اقترحه، وفي اليوم التالي استسلمت المدينة التي أنهكها
الحصار المديد، وجرت مذبحة بأمر ريتشارد وتحت قيادته في عكا، قتل فيها
رجاله أكثر من ألفي مسلم أخذوهم من صلاح الدين بعد فتح عكا كرهائن.
وتلى ذلك محاولات قادها ريتشارد لاحتلال مدن أخرى، باءت بالفشل وجسّدت
ريتشارد في صورة بنزعة إلى سفك الدماء، وفي 2 سبتمبر 1192 عقد الصلح مع
صلاح الدين بما عرف بصلح الرملة، واحتفظ الصليبيون بشريط ساحلي يمتد من صور
إلى يافا، ويحكم المسلمون بقية المناطق في بلاد الشام من ضمنها القدس،
وسمح صلاح الدين للحجاج والتجار بزيارة القدس.
جيش فريريك بربروسا
دخل صلاح الدين القدس عام 1187 م ، و بذلك عادت كل مدن فلسطين للمسلمين إلا
ميناء صور الذي كان تحصينه قوياً و يتولي الدفاع عنه القائد الصليبي الذكي
كونراد ديمونفرات.
و كان سقوط القدس في أيدي المسلمين كفيل بإهاجة عروش أوروبا كلها و الكنيسة المسيحية، و خرج ثلاثة من أكبر ملوك أوروبا في الحملة الصليبية الثالثة هم : فريدريك بارباروسا إمبراطور ألمانيا، و فيليب أغسطس ملك فرنسا، و ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا.
سمع صلاح الدين بخروج جيوش أوروبا متجهة إلي فلسطين، و كان أشد ما يقلقه من
هؤلاء جميعاً هو جيش فريدريك بارباروسا المكون من مائة ألف فارس من أشد و
أعنف جنود أوروبا.
كان فريدريك بارباروسا يبلغ من العمر سبعين عاماً، و كان مشهوراً في أوروبا
بنبله و شجاعته و إقدامه. و عندما وصلته أخبار سقوط القدس في يد المسلمين،
بادر باستنفار جيشه الصليبي من كافة أرجاء إمبراطوريته الألمانية التي
عُرف عن جنودها العنف و الشجاعة.
سار بارباروسا بجيشه إلي فلسطين سالكاً طريقاً برياً، فعبر المجر و رومانيا
حتي وصل إلي بيزنطة ( القسطنطينية) في أكتوبر 1189 م. و كان جيشه أول
الجيوش وصولاً إلي أراضي المشرق.
لم يستطع السلاجقة الأتراك في آسيا الصغري وقف زحف هذا الجيش الرهيب،
فهُزموا هزيمة نكراء. و تابع بارباروسا تقدمه، ثم توقف في أرمينيا. و كتب
إلي صلاح الدين رسالة يحذره فيها من اجتياح جيشه لبلاد المسلمين كلها، إذا
لم يسلم المدينة المقدسة للمسيحية.
و علي الرغم من علم صلاح الدين بخطورة هذا الجيش الجرار، إلا أنه رد عليه
بنفس الثقة و الإيمان في نصر الله مذكراً إياه أن البحر يفصل بينه و بين
أوروبا، في حين أنه لا يوجد فاصل بين جيش صلاح الدين و بلاد العرب التي
حوله، لذلك فإن أعداد العرب تفوق أعداد الصليبيين بكثير، و ختم رسالته
بتهديد صريح قائلاً " سنواجهكم و معنا بأس الله، و عندما يمن علينا الله
بإذنه بالنصر عليكم، لن يبقي سوي أن نستولي بحرية علي أراضيكم، بقدرته و
برضاه تعالي".
ظل صلاح الدين يتلقي التقارير التي تفيد بتحركات جيش بارباروسا، و في الوقت
نفسه أطلق نداءه لكل بلاد المسلمين بالخروج للجهاد و الانضمام إلي جيشه
ليتمكن من صد جيوش أوروبا القادمة، و أولها جيش بارباروسا. كما أصدر أوامره
بإخلاء القلاع و الحصون علي الحدود مع بيزنطة و حرق حقول القمح و المخازن
في طريق جيش بارباروسا.
بذل صلاح الدين كل ما في وسعه للتأهب لصد الجيش الألماني الذي سرعان ما
سيصبح علي أبواب بلاد العرب، و بينما هو كذلك وصلته في يونيو 1190 م رسالة
تحمل نبأ وفاة برباروسا.
و أعجب ما في الأمر هو الطريقة التي توفي بها. كان برباروسا يعبر نهراً
صغيراً يسمي نهر كاليكادوس بجيوشه، و ذلك عندما هاجت الخيول وهي تعبر
النهر، و اهتاج جواد برباروسا فألقي به في المياه. و علي الرغم أن النهر
كان ضحلاً، و لا تكاد المياه تصل إلي أعلي ساقيه، إلا أن الدروع الثقيلة
التي كان يرتديها شدته إلي أسفل، و تدفقت المياه إلي داخل الدرع فأختنق و
أصيب بنوبة قلبية و غرق.
بعد وفاة الإمبراطور الألماني، عمت الفوضي و الاضطراب الجيش الألماني
المنتظم، و انقسم علي نفسه، فمنهم من رأي الرجوع إلي أوروبا، و منهم من رأي
المضي قدماً لإنجاز الواجب المقدس الذي من أجله مات الإمبراطور الجليل.
فاستغل الأتراك السلاجقة هذا الاضطراب، و هاجموا الجيش الألماني من كل
اتجاه، فتفرق الجيش من دون قائد في الأرياف و النواحي المجاورة. و من لم
يهلك في الحرب هلك بالطاعون الذي انتشر في الجيش. و من المائة ألف جندي
الذين جاءوا مع بارباروسا، و صل خمسة آلاف فقط إلي عكا بعد عدة أسابيع.
و الحقيقة أن هذه الحفنة من الجنود الألمان التي وصلت عكا، كانت كفيلة
بترجيح كفة الصليبيين في حصار عكا و سقوط المدينة في أيديهم. فماذا كان
سيحدث لو قدر للمائة ألف أن يصلوا إلي فلسطين ؟
كان يمثل جيش باراباروسا خطراً محدقاً ليس فقط علي فلسطين و القدس، و إنما
علي كل بلاد العرب في الشام و فلسطين و مصر، و لكن الله شاء أن يفني هذا
الجيش الرهيب دون أن يطلق سهم واحد علي بلاد العرب.
و قال أحد المؤرخين العرب في ذلك " لو أن الله لم يشمل بلطفه و كرمه
المسلمين بتقدير الموت علي ملك الألمان في الوقت الذي كان يستعد فيه لقهر
الشام، لكان الناس يقولون اليوم : كانت بلاد الشام و مصر في ما مضي من بلاد
الإسلام ".
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28472
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الحملات الصليبية الثماني
الأربعاء 18 يناير 2012, 14:25
[size=21]الحملة الصليبية الرابعة
(1201-1204) كان هدفها الأول احتلال القدس عن طريق غزو مصر ولكن بدلا عن
هذا في أبريل 1204 احتل صليبيو الغرب مدينة القسطنطينية اليونانية
الأرثوذكسية عندئذ وعاصمة الإمبراطورية البيزنطية. وهذا ما وصف مرارا بأنه
أحد أكثر احتلالات المدن ربحا وإهانة في التاريخ
خلفية
بعد الحملة الصليبية
الثالثة, لم يتحمس الأوروبيون لحملة رابعة خاصة انهم خسروا القدس للدولة
الأيوبية التي فرضت نفوذها على مصر وسوريا ولم يتبقى للصليبين سوى بضع مدن
متفرقة تابعة لمملكة القدس ومركزها عكا. دعا إليها البابا اينوقنتيوس
الثالث في 1202 بالرغم أن التحضيرات كانت قد بدأت عام 1199 ولاقت تجاهلا من
قبل الملوك الأوروبيين فالملوك الألمانيون كانوا في صراع دائم مع السيطرة
البابوية, اما الإنجليز والفرنسيون فقد كانوا في حالة حرب مستمرة، لكن مع
هذا تم تنظيم وحشد جيش عام 1199 بقيادة الكونت ثيباوت لكنه توفي عام 1201
وخلفه الكونت الإيطالي بونيفيس وكانت خطة الصليبيين الأولية تتلخص في دفع
القوات الصليبية
إلى مصر ودحر القوة الإسلامية في المنطقة ثم شن الحرب من هناك للسيطرة على
القدس، وكان للبندقية، المدينة الايطالية الساحلية، تأثيرا كبيرا على
أحداث هذه الحملة، فالبندقية كانت المنطلق البحري لتلك الحملة، ولكن الحرب
ضد مصر لم تطب للبندقية، فقد كانت لها علاقات تجارية منظمة جيدا مع مصر.
أرسل بونيفيس مبعوثين إلى جنوى والبندقية للتفاوض حول نقل الجنود إلى مصر
لكن مدينة جنوى لم تكن مهتمة بالأمر فبدأت المفاوضات مع البندقية وحدها
التي وافقت على نقل 33,500 جندي صليبي مقابل 85 الف مارك ذهبي، وكان الدفع
على اربعة اقساط على ان يدفع القسط الأخير في موعد لا يعدو ابريل 1202. هذا
استدعى سنة كاملة من التحضير لبناء السفن وتدريب البحارة الذين سيقودون
السفن كما عنى أيضا وقف جميع الأنشطة التجارية الأخرى لسكان البندقية.وتقدم
البابا عندما صادق على المعاهدة بشرط مسبق مثير للجدل، كثير الدلالة،
مفاده ان الصليبيين الذاهبين على متن سفن البندقية لمحاربة "الكفار"، "لن
يرفعوا السلاح ضد المسيحيين".
الهجوم على زارا
يؤكد بعض المؤرخين ان الدوق انريكو دندولو، دوق البندقية العجوز، كان قد
رسم المعاهدة بين الصليبين وتجار البندقية بشكل يتحكم بالقوات الصليبيية،
فقد كان يقدّر ان الصليبيين لن يستطيعوا جمع العدد الكافي من المقاتلين
وبالتالي سيقعون في ازمة مالية يكونون فيها مثقلين بالديون للبندقية، وهذا
ما حصل، وتحولت الحملة الموجهة إلى مصر إلى حملة معادية للامبراطورية البيزنطية المسيحية الشرقية. وأصبحت الحملة
عبارة عن تدمير لمنافسي البندقية في التجارة في المتوسط، فنحو صيف 1202
اخذت تتجمع شيئا فشيئا في البندقية فصائل الصليبيين الفرنسيين الذين شكلوا
أغلبية الجيش والالمان والايطاليين، ولكن عددهم لم يكف لتسديد الديون
المترتبة، مما جعلهم تحت رحمة البندقيين الذين كانو يمدوهم بالطعام والسفن،
ولكن في اغسطس 1202، وصل إلى البندقية القائد الأعلى للصليبيين بونيفاس دي
مونفيرات، وتواطأ بونيفاس مع دوق البندقية على تحويل الهجوم، ففي 8 أكتوبر
1202 ابحر اسطول الصليبيين من البندقية واحتل زادار المجرية التي دافعت
دفاعا مستميتا، وأصبحت زادار تحت حكم البندقية.
اعرب الكرسي الرسولي عن غضب يليق بالحادثة، ولكنه لم يتخذ اجراءات فعلية،
فهدد بحرم الفرسان من الكنيسة، ولكن الهجوم كان إلى حد ما في مصلحته، فكان
وسيلة لتوحيد الكنيسة تحت رايته، فكان تأكيده لتحريم الاستيلاء على املاك
الروم (بيزنطة) مشوبا بفجوات مثل "الا إذا شرعوا يقيمون دون تبصر العوائق
امام حملتكم"، وفي 24 مايو 1203، غادر الاسطول كورفو التي كانت محطة له إلى
القسطنطينية.
في القسطنطينية واجه الصليبيون خصم ضعيف، فبيزنطة ارهقتها الحملات السابقة،
والاتاوى والضرائب المتزايدة وتناقص واردات الدولة، فوصلوا إلى شواطئها في
23 يونيو، وبدأت العمليات العسكرية في 5 يوليو 1203، ففر امبراطور بيزنطة
الكسيوس الثالث، وعمليا استسلمت القسطنطينية البالغ تعداد سكانها زهاء 100
الف في 17 يوليو 1203. وجرى تقسيم بيزنطة بين الصليبيين والبندقية ودمرت
اثار ثقافة عريقة، وأصبحت أحداث 1202-1204 تظهر الصليبيين على انهم ليسوا
حماة اتقياء للدين ولكن مغامرون جشعون، وأصبحت الحملات بحاجة إلى تبريرات
بعد أن كانت امرا الهيا باسم الكنيسة.
وبعد هذه الحملة
اهملت قضية القدس بضع سنوات، واستغرق البابا اينوقنتيوس الثالث كليا في
الشؤون الأوروبية المعقدة والمشوشة، فكان ان شغله النزاع الإنجليزي
الفرنسي، والصراع بين الاحزاب الاقطاعية في ألمانيا وتنظيم عدوان الفرسان
الالمان على شعوب منطقة البلطيق، ولا سيما خنق الهرطقة (الادعاءات
الضلالية) الالبيجية (Albigensian(في جنوب فرنسا بين عامي 1209 و1212، التي
اعتبرت من قبل بعض المؤرخين واحدة من الحملات الصليبية!
[/size](1201-1204) كان هدفها الأول احتلال القدس عن طريق غزو مصر ولكن بدلا عن
هذا في أبريل 1204 احتل صليبيو الغرب مدينة القسطنطينية اليونانية
الأرثوذكسية عندئذ وعاصمة الإمبراطورية البيزنطية. وهذا ما وصف مرارا بأنه
أحد أكثر احتلالات المدن ربحا وإهانة في التاريخ
خلفية
بعد الحملة الصليبية
الثالثة, لم يتحمس الأوروبيون لحملة رابعة خاصة انهم خسروا القدس للدولة
الأيوبية التي فرضت نفوذها على مصر وسوريا ولم يتبقى للصليبين سوى بضع مدن
متفرقة تابعة لمملكة القدس ومركزها عكا. دعا إليها البابا اينوقنتيوس
الثالث في 1202 بالرغم أن التحضيرات كانت قد بدأت عام 1199 ولاقت تجاهلا من
قبل الملوك الأوروبيين فالملوك الألمانيون كانوا في صراع دائم مع السيطرة
البابوية, اما الإنجليز والفرنسيون فقد كانوا في حالة حرب مستمرة، لكن مع
هذا تم تنظيم وحشد جيش عام 1199 بقيادة الكونت ثيباوت لكنه توفي عام 1201
وخلفه الكونت الإيطالي بونيفيس وكانت خطة الصليبيين الأولية تتلخص في دفع
القوات الصليبية
إلى مصر ودحر القوة الإسلامية في المنطقة ثم شن الحرب من هناك للسيطرة على
القدس، وكان للبندقية، المدينة الايطالية الساحلية، تأثيرا كبيرا على
أحداث هذه الحملة، فالبندقية كانت المنطلق البحري لتلك الحملة، ولكن الحرب
ضد مصر لم تطب للبندقية، فقد كانت لها علاقات تجارية منظمة جيدا مع مصر.
أرسل بونيفيس مبعوثين إلى جنوى والبندقية للتفاوض حول نقل الجنود إلى مصر
لكن مدينة جنوى لم تكن مهتمة بالأمر فبدأت المفاوضات مع البندقية وحدها
التي وافقت على نقل 33,500 جندي صليبي مقابل 85 الف مارك ذهبي، وكان الدفع
على اربعة اقساط على ان يدفع القسط الأخير في موعد لا يعدو ابريل 1202. هذا
استدعى سنة كاملة من التحضير لبناء السفن وتدريب البحارة الذين سيقودون
السفن كما عنى أيضا وقف جميع الأنشطة التجارية الأخرى لسكان البندقية.وتقدم
البابا عندما صادق على المعاهدة بشرط مسبق مثير للجدل، كثير الدلالة،
مفاده ان الصليبيين الذاهبين على متن سفن البندقية لمحاربة "الكفار"، "لن
يرفعوا السلاح ضد المسيحيين".
الهجوم على زارا
يؤكد بعض المؤرخين ان الدوق انريكو دندولو، دوق البندقية العجوز، كان قد
رسم المعاهدة بين الصليبين وتجار البندقية بشكل يتحكم بالقوات الصليبيية،
فقد كان يقدّر ان الصليبيين لن يستطيعوا جمع العدد الكافي من المقاتلين
وبالتالي سيقعون في ازمة مالية يكونون فيها مثقلين بالديون للبندقية، وهذا
ما حصل، وتحولت الحملة الموجهة إلى مصر إلى حملة معادية للامبراطورية البيزنطية المسيحية الشرقية. وأصبحت الحملة
عبارة عن تدمير لمنافسي البندقية في التجارة في المتوسط، فنحو صيف 1202
اخذت تتجمع شيئا فشيئا في البندقية فصائل الصليبيين الفرنسيين الذين شكلوا
أغلبية الجيش والالمان والايطاليين، ولكن عددهم لم يكف لتسديد الديون
المترتبة، مما جعلهم تحت رحمة البندقيين الذين كانو يمدوهم بالطعام والسفن،
ولكن في اغسطس 1202، وصل إلى البندقية القائد الأعلى للصليبيين بونيفاس دي
مونفيرات، وتواطأ بونيفاس مع دوق البندقية على تحويل الهجوم، ففي 8 أكتوبر
1202 ابحر اسطول الصليبيين من البندقية واحتل زادار المجرية التي دافعت
دفاعا مستميتا، وأصبحت زادار تحت حكم البندقية.
اعرب الكرسي الرسولي عن غضب يليق بالحادثة، ولكنه لم يتخذ اجراءات فعلية،
فهدد بحرم الفرسان من الكنيسة، ولكن الهجوم كان إلى حد ما في مصلحته، فكان
وسيلة لتوحيد الكنيسة تحت رايته، فكان تأكيده لتحريم الاستيلاء على املاك
الروم (بيزنطة) مشوبا بفجوات مثل "الا إذا شرعوا يقيمون دون تبصر العوائق
امام حملتكم"، وفي 24 مايو 1203، غادر الاسطول كورفو التي كانت محطة له إلى
القسطنطينية.
في القسطنطينية واجه الصليبيون خصم ضعيف، فبيزنطة ارهقتها الحملات السابقة،
والاتاوى والضرائب المتزايدة وتناقص واردات الدولة، فوصلوا إلى شواطئها في
23 يونيو، وبدأت العمليات العسكرية في 5 يوليو 1203، ففر امبراطور بيزنطة
الكسيوس الثالث، وعمليا استسلمت القسطنطينية البالغ تعداد سكانها زهاء 100
الف في 17 يوليو 1203. وجرى تقسيم بيزنطة بين الصليبيين والبندقية ودمرت
اثار ثقافة عريقة، وأصبحت أحداث 1202-1204 تظهر الصليبيين على انهم ليسوا
حماة اتقياء للدين ولكن مغامرون جشعون، وأصبحت الحملات بحاجة إلى تبريرات
بعد أن كانت امرا الهيا باسم الكنيسة.
وبعد هذه الحملة
اهملت قضية القدس بضع سنوات، واستغرق البابا اينوقنتيوس الثالث كليا في
الشؤون الأوروبية المعقدة والمشوشة، فكان ان شغله النزاع الإنجليزي
الفرنسي، والصراع بين الاحزاب الاقطاعية في ألمانيا وتنظيم عدوان الفرسان
الالمان على شعوب منطقة البلطيق، ولا سيما خنق الهرطقة (الادعاءات
الضلالية) الالبيجية (Albigensian(في جنوب فرنسا بين عامي 1209 و1212، التي
اعتبرت من قبل بعض المؤرخين واحدة من الحملات الصليبية!
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28472
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الحملات الصليبية الثماني
الأربعاء 18 يناير 2012, 14:26
[size=21]في
سنة 1213 استأنف البابا اينوسنت الثالث الدعوة إلى حملة صليبية إلى الشرق،
وارسل وعاظ الحرب المقدسة إلى أنحاء أوروبا الكاثوليكية، ودامت حملة الوعظ
زهاء سنتين، وفي روما في نوفمبر 1215، انعقد المجمع اللاتيني الرابع،
واتخذ سلسلة من القرارات المبدئية التي تتعلق بتنظيم الحملات الصليبية
بشكل عام، وكان ذلك بداية تشكيل شكل من مؤسسة دائمة للحملات الصليبية،
ووضع هذه المشاريع على أساس امتن، وامر الاسياد والمدن، وفقا لوضعهم
الاقتصادي والمالي، بان يقدموا للحملة مجموعة حربية ذللت عدد معين من
العناصر ،ويؤمّنوا لها الاموال لمدة ثلاث سنوات. وقرر المجمع اللاتيني
ضريبة استثنائية الزامية لتأمين حاجات الحملات وذلك على شكل جزء من عشرين
من الدخل السنوي وكان على الباباوات والكرادلة ان يدفعوا ضريبة مزدوجة، اما
الخارجين عن الطاعة فكانت الكنيسة تتخذ عقوبات كنسية قاسية ضدهم، وتم
تنظيم حملات الوعظ ووضع الكتب التعليمية لاجل وعاظ الحملات الصليبية، وبذلك
نظمت الحملات الصليبية تنظيما مؤسسيا.
تحددت سنة 1217 موعداً لبداية الحملة
الخامسة، وخطط لها ان تنظلق من ميناء برنديسي الإيطالي، وكان من الملوك
الذين اخذوا النذر الصليبي فريدريك الثاني الألماني واندراش (اندره) الثاني
المجري ويوحنا بلا أرض الإنجليزي، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن،
ومات البابا اينوسنت الثالث والملك الإنجليزي يوحنا بلا أرض، على التوالي،
الأول في 16 يوليو والثاني في 16 أكتوبر من عام 1216. فانتقلت البابوية
وقيادة تنظيم الحملة
إلى البابا اونوريوس الثالث، الذي عين القاصد الرسولي في قوات الصليبيين
الكاردينال بيلاجيوس من البانو. وكان الملك المجري اندرياش الثاني واسياد
التحقوا به (معظمهم من جنوب ألمانيا) وصلوا ما بين يوليو واغسطس من عام
1217 إلى سبليت، ولكنهم اضطروا للانتظار بسبب عدم كفاية السفن لنقل
الفيالق.
في سبتمبر 1217 اجتمعت في عكا فصائل اندرياش الثاني المجري، ليوبولد
النمساوي، الدوق اوتو من ميرانو، وفصائل ملك قبرص غي دي لوزينيان، وفصائل
الاسياد في سوريا ولبنان وفلسطين، ملك القدس يوحنا دي بريان، وامير انطاكية
بوهيموند الرابع والاسبيتاليين والهيكليين والفرسان التوتونيين، وقدر بعض
المعاصريين للأحداث (دون غياب المبالغة التي يراها البعض شديدة) اعداد
المرابطين في عكا وجوارها بـ 20 الف فارس و200 الف من المشاة ! ولكن لفترة
لم يحقق الصليبييون اي جديد، فالجفاف في السنوات السابقة والمجاعة لعبت
دورها كما لعبت الخلافات الداخلية بين القادمين من وراء البحر الاسياد
المحليين التي كان منشأها عدم رغبة الآخرين بالاخلال بالسلام مع مصر !
وتأخرت انجازات الحملة
حتى وصول الفرسان من فريزيا (هولندا) والفرسان الالمان الذين تأخروا في
الطريق لاشتباكهم في لشبونة في حرب ضد المسلمين ولم يصلو إلى عكا الا في 26
ابريل 1218، حيث كان اندرياش الثاني قد انسحب بقواته منذ يناير من ذات
العام اقتناعا منه بعقم المشروع.
قرر الصليبييون الاستيلاء على دمياط، التي كانت بمثابة مفتاح مصر، ووصلت
أولى فصائل الصليبيين إليها في 27 مايو 1218 واستمر حصارها زهاء سنه ونصف،
في ربيع وصيف 1219 (منهم ليوبولد النمساوي) بسبب الاوبئة وفيضان النيل،
ولكن البقية ظلت تحاصر دمياط بعناد، فعانت المدينة الجوع، مما دعى سلطان
دمشق للتدخل وعرض السلطان الكامل الذي خلف والده المتوفي حديثا السلطان
العادل في دمشق، عرض على الصليبيين رفع الحصار عن دمياط مقابل مملكة القدس
في حدود سنة 1187 دون التخلي عن بعض القلاع وعقد صلحا لمدة 30 سنة لرفع
المعاناه وانقاذ اهل دمياط في مصر، ومال أغلبية البارونات قبول هذه الشروط،
ولكن تدخل نائب البابا، القاصد الرسولي الذي اضطلع بدور القائد الأعلى
للقوات المسلحة، الذي لا يناسب رجل دين البتّة، ورفض هذا الأخير العرض.
وقضت سياسته بأنه لا صلح مع "الكفار" وان عليهم فتح دمياط وباقي مصر، وفي
ليلة الرابع إلى الخامس من نوفمبر عام 1219 احتل الصليبيون دمياط ونهبوها،
وانقرض سكان دمياط عمليا، ولكن فرح النصر كان قصير الامد، فقد قرر
الصليبيون (وان لم يكونو مجمعين) على استكمال الهجوم على المنصورة، فعرض
السلطان الكامل سلطان دمشق على الصليبيين نفس العرض الأول ولكنهم رفضوا
ثانية، وفي اواسط يوليو 1221 بدؤوا بالهجوم على المنصورة وفي ذلك الوقت
بالذات بدأ فيضان النيل فعمل السلطان الكامل بعد هذا الرفض إلى مواجهة
الصليبيين فأرسل جيش المسلمين من دمشق وقام بقطع طريق التراجع على
الصليبيين وحاصرت قوات المسلمين الصليبيين باعداد كبيرة فعرفوا بأنهم في
مأزق، فأرسل الصليبييون إلى السلطان الكامل في دمشق طالبين الصلح معه، وقبل
الكامل الصلح ادراكا منه بخطر المغول وانقاذا لمدن مصر من بطش الصليبيين،
ووقع الصلح في 30 اغسطس 1221 لمدة 8 سنوات، وكان على الصليبيين مغادرة
دمياط، ونفذ الصليبييون ذلك في أوائل سبتمبر من نفس العام ومنيت الحملة الصليبية بالفشل.
[/size]سنة 1213 استأنف البابا اينوسنت الثالث الدعوة إلى حملة صليبية إلى الشرق،
وارسل وعاظ الحرب المقدسة إلى أنحاء أوروبا الكاثوليكية، ودامت حملة الوعظ
زهاء سنتين، وفي روما في نوفمبر 1215، انعقد المجمع اللاتيني الرابع،
واتخذ سلسلة من القرارات المبدئية التي تتعلق بتنظيم الحملات الصليبية
بشكل عام، وكان ذلك بداية تشكيل شكل من مؤسسة دائمة للحملات الصليبية،
ووضع هذه المشاريع على أساس امتن، وامر الاسياد والمدن، وفقا لوضعهم
الاقتصادي والمالي، بان يقدموا للحملة مجموعة حربية ذللت عدد معين من
العناصر ،ويؤمّنوا لها الاموال لمدة ثلاث سنوات. وقرر المجمع اللاتيني
ضريبة استثنائية الزامية لتأمين حاجات الحملات وذلك على شكل جزء من عشرين
من الدخل السنوي وكان على الباباوات والكرادلة ان يدفعوا ضريبة مزدوجة، اما
الخارجين عن الطاعة فكانت الكنيسة تتخذ عقوبات كنسية قاسية ضدهم، وتم
تنظيم حملات الوعظ ووضع الكتب التعليمية لاجل وعاظ الحملات الصليبية، وبذلك
نظمت الحملات الصليبية تنظيما مؤسسيا.
تحددت سنة 1217 موعداً لبداية الحملة
الخامسة، وخطط لها ان تنظلق من ميناء برنديسي الإيطالي، وكان من الملوك
الذين اخذوا النذر الصليبي فريدريك الثاني الألماني واندراش (اندره) الثاني
المجري ويوحنا بلا أرض الإنجليزي، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن،
ومات البابا اينوسنت الثالث والملك الإنجليزي يوحنا بلا أرض، على التوالي،
الأول في 16 يوليو والثاني في 16 أكتوبر من عام 1216. فانتقلت البابوية
وقيادة تنظيم الحملة
إلى البابا اونوريوس الثالث، الذي عين القاصد الرسولي في قوات الصليبيين
الكاردينال بيلاجيوس من البانو. وكان الملك المجري اندرياش الثاني واسياد
التحقوا به (معظمهم من جنوب ألمانيا) وصلوا ما بين يوليو واغسطس من عام
1217 إلى سبليت، ولكنهم اضطروا للانتظار بسبب عدم كفاية السفن لنقل
الفيالق.
في سبتمبر 1217 اجتمعت في عكا فصائل اندرياش الثاني المجري، ليوبولد
النمساوي، الدوق اوتو من ميرانو، وفصائل ملك قبرص غي دي لوزينيان، وفصائل
الاسياد في سوريا ولبنان وفلسطين، ملك القدس يوحنا دي بريان، وامير انطاكية
بوهيموند الرابع والاسبيتاليين والهيكليين والفرسان التوتونيين، وقدر بعض
المعاصريين للأحداث (دون غياب المبالغة التي يراها البعض شديدة) اعداد
المرابطين في عكا وجوارها بـ 20 الف فارس و200 الف من المشاة ! ولكن لفترة
لم يحقق الصليبييون اي جديد، فالجفاف في السنوات السابقة والمجاعة لعبت
دورها كما لعبت الخلافات الداخلية بين القادمين من وراء البحر الاسياد
المحليين التي كان منشأها عدم رغبة الآخرين بالاخلال بالسلام مع مصر !
وتأخرت انجازات الحملة
حتى وصول الفرسان من فريزيا (هولندا) والفرسان الالمان الذين تأخروا في
الطريق لاشتباكهم في لشبونة في حرب ضد المسلمين ولم يصلو إلى عكا الا في 26
ابريل 1218، حيث كان اندرياش الثاني قد انسحب بقواته منذ يناير من ذات
العام اقتناعا منه بعقم المشروع.
قرر الصليبييون الاستيلاء على دمياط، التي كانت بمثابة مفتاح مصر، ووصلت
أولى فصائل الصليبيين إليها في 27 مايو 1218 واستمر حصارها زهاء سنه ونصف،
في ربيع وصيف 1219 (منهم ليوبولد النمساوي) بسبب الاوبئة وفيضان النيل،
ولكن البقية ظلت تحاصر دمياط بعناد، فعانت المدينة الجوع، مما دعى سلطان
دمشق للتدخل وعرض السلطان الكامل الذي خلف والده المتوفي حديثا السلطان
العادل في دمشق، عرض على الصليبيين رفع الحصار عن دمياط مقابل مملكة القدس
في حدود سنة 1187 دون التخلي عن بعض القلاع وعقد صلحا لمدة 30 سنة لرفع
المعاناه وانقاذ اهل دمياط في مصر، ومال أغلبية البارونات قبول هذه الشروط،
ولكن تدخل نائب البابا، القاصد الرسولي الذي اضطلع بدور القائد الأعلى
للقوات المسلحة، الذي لا يناسب رجل دين البتّة، ورفض هذا الأخير العرض.
وقضت سياسته بأنه لا صلح مع "الكفار" وان عليهم فتح دمياط وباقي مصر، وفي
ليلة الرابع إلى الخامس من نوفمبر عام 1219 احتل الصليبيون دمياط ونهبوها،
وانقرض سكان دمياط عمليا، ولكن فرح النصر كان قصير الامد، فقد قرر
الصليبيون (وان لم يكونو مجمعين) على استكمال الهجوم على المنصورة، فعرض
السلطان الكامل سلطان دمشق على الصليبيين نفس العرض الأول ولكنهم رفضوا
ثانية، وفي اواسط يوليو 1221 بدؤوا بالهجوم على المنصورة وفي ذلك الوقت
بالذات بدأ فيضان النيل فعمل السلطان الكامل بعد هذا الرفض إلى مواجهة
الصليبيين فأرسل جيش المسلمين من دمشق وقام بقطع طريق التراجع على
الصليبيين وحاصرت قوات المسلمين الصليبيين باعداد كبيرة فعرفوا بأنهم في
مأزق، فأرسل الصليبييون إلى السلطان الكامل في دمشق طالبين الصلح معه، وقبل
الكامل الصلح ادراكا منه بخطر المغول وانقاذا لمدن مصر من بطش الصليبيين،
ووقع الصلح في 30 اغسطس 1221 لمدة 8 سنوات، وكان على الصليبيين مغادرة
دمياط، ونفذ الصليبييون ذلك في أوائل سبتمبر من نفس العام ومنيت الحملة الصليبية بالفشل.
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28472
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الحملات الصليبية الثماني
الأربعاء 18 يناير 2012, 14:27
[size=21]بدأت الحملة الصليبية السادسة عام 1228 كمحاولة لإعادة السيطرة على القدس. بدأت بعد سبع سنوات فقط من فشل الحملة الصليبية الخامسة بعد أن استطاع ملك مصر - الكامل إيقاف الصليبيين وإفشال حملتهم في الشرق.
بعد مرور أقل من 10 سنوات من نهاية الحملة الصليبية الخامسة بدأت الحملة الصليبية السادسة
التي ترأسها الإمبراطور فريدريك الثاني هوهنشتاوفن الألماني الذي نذر
النذر الصليبي للحملة السابقة ولم يفي به حينها، وأراد الإمبراطور ان يحقق
مقاصده دون أن يسحب سيفه من غمده، فتزوج في صيف 1225 من ابنة ملك القدس
يوحنا دي بريان (يولاندي والمعروفة أيضا باسم إيزابيلا) وتزوج كذلك من
ماريا من مونتفيرات، واخذ يطالب بعرش مملكة زالت من الوجود، ودخل في
مفاوضات مع السلطان الكامل ب دمشق، الأمر الذي أثار غضب روما، وقيّم البابا
مسلك فريدريك الثاني بكل قساوة واتهمه باهمال "قضية الرب" بل انه هدده
بالحرم من الكنيسة وفرض غرامة مقدارها 100 الف اوقية من الذهب إذا لم تقم الحملة الصليبية
في آخر المطاف، وقد ارجئ البدء بها إلى اغسطس 1227 ـ وبدأ فريدريك الثاني
ببناء السفن واستأنفت روما في الدعوة إلى الحرب المقدسة ولكن الدعوات
قوبلت باللامبالاة ولو أراد فريدريك لما استطاع أن يجمع في الوقت المعين ما
يكفي من الناس لاجل بعثة ما وراء البحار، وفي هذه الأثناء، وقبل خمسة أشهر
من الموعد المعين توفي البابا اونوريوس الثالث.
في صيف 1227 تجمع بضع عشرات من الآلاف من المجندين، معظمهم من ألمانيا
والبقية من فرنسا وإنجلترا وإيطاليا في معسكر قرب برنديزي والبعض الآخر في
ابحر إلى صقلية، ولكن الأمراض وقلة المؤون ومرض فريدريك الثاني أدى إلى
ارجاء الحملة، ولكن البابا الجديد غريغوريوس التاسع حرم فريدريك الثاني من
الكنيسة، وتشفياً بالبابا ابحر الإمبراطور إلى سوريا في صيف 1228، فكان من
البابا ان منع الحملة الصليبية
ووصف فريدريك بانه قرصان وبانه يريد سرقة مملكة القدس، فكانت أول حملة
صليبية لا يباركها البابا، ولكن فريدريك الثاني لم يأبه فاستولى على قبرص
ووصل إلى عكا، حيث بدء المفاوضات مع السلطان الكامل اسفرت في فبراير 1229
عن صلح لمدة 10 سنوات تنازل بمقابله السلطان عن القدس باستثناء منطقة
الحرم، وبيت لحم والناصرة وجميع القرى المؤدية إلى القدس، وقسم من دائرة
صيدا وطورون (تبنين حاليا)، وعزز الإمبراطور الألماني بعض الحصون والقلاع
واعاد تنظيمها، ووقع مع مصر عدّة اتفاقيات تجارية، وتعهد فريدريك الثاني
بمساعدة السلطان ضد أعدائه ايا كانوا، مسلمين ام مسيحيين وضمن عدم تلقي
القلاع الباقية خارج سيطرته اية مساعدة من أي مكان.
في 18 مارس 1228 توّج فريدريك الثاني نفسه بنفسه في كنيسة القيامة، فقد رفض
رجال الدين تتويج الإمبراطور المحروم من الكنيسة، وفرضت البابوية منعا
لممارسة الطقوس الدينية في القدس، ودفع البابا مواليه إلى ممتلكات فريدريك
في إيطاليا، فاسرع فريدريك إلى المغادرة ونشب صراع مسلح ضد الحبر الاعظم،
والحق الهزيمة بالبابا ؛ وفي سنة 1230 الغى البابا الحظر عن فريدريك وصادق
في السنة التالية على معاهداته مع السلطان الكامل في دمشق ومع المسلمين.
[/size]بعد مرور أقل من 10 سنوات من نهاية الحملة الصليبية الخامسة بدأت الحملة الصليبية السادسة
التي ترأسها الإمبراطور فريدريك الثاني هوهنشتاوفن الألماني الذي نذر
النذر الصليبي للحملة السابقة ولم يفي به حينها، وأراد الإمبراطور ان يحقق
مقاصده دون أن يسحب سيفه من غمده، فتزوج في صيف 1225 من ابنة ملك القدس
يوحنا دي بريان (يولاندي والمعروفة أيضا باسم إيزابيلا) وتزوج كذلك من
ماريا من مونتفيرات، واخذ يطالب بعرش مملكة زالت من الوجود، ودخل في
مفاوضات مع السلطان الكامل ب دمشق، الأمر الذي أثار غضب روما، وقيّم البابا
مسلك فريدريك الثاني بكل قساوة واتهمه باهمال "قضية الرب" بل انه هدده
بالحرم من الكنيسة وفرض غرامة مقدارها 100 الف اوقية من الذهب إذا لم تقم الحملة الصليبية
في آخر المطاف، وقد ارجئ البدء بها إلى اغسطس 1227 ـ وبدأ فريدريك الثاني
ببناء السفن واستأنفت روما في الدعوة إلى الحرب المقدسة ولكن الدعوات
قوبلت باللامبالاة ولو أراد فريدريك لما استطاع أن يجمع في الوقت المعين ما
يكفي من الناس لاجل بعثة ما وراء البحار، وفي هذه الأثناء، وقبل خمسة أشهر
من الموعد المعين توفي البابا اونوريوس الثالث.
في صيف 1227 تجمع بضع عشرات من الآلاف من المجندين، معظمهم من ألمانيا
والبقية من فرنسا وإنجلترا وإيطاليا في معسكر قرب برنديزي والبعض الآخر في
ابحر إلى صقلية، ولكن الأمراض وقلة المؤون ومرض فريدريك الثاني أدى إلى
ارجاء الحملة، ولكن البابا الجديد غريغوريوس التاسع حرم فريدريك الثاني من
الكنيسة، وتشفياً بالبابا ابحر الإمبراطور إلى سوريا في صيف 1228، فكان من
البابا ان منع الحملة الصليبية
ووصف فريدريك بانه قرصان وبانه يريد سرقة مملكة القدس، فكانت أول حملة
صليبية لا يباركها البابا، ولكن فريدريك الثاني لم يأبه فاستولى على قبرص
ووصل إلى عكا، حيث بدء المفاوضات مع السلطان الكامل اسفرت في فبراير 1229
عن صلح لمدة 10 سنوات تنازل بمقابله السلطان عن القدس باستثناء منطقة
الحرم، وبيت لحم والناصرة وجميع القرى المؤدية إلى القدس، وقسم من دائرة
صيدا وطورون (تبنين حاليا)، وعزز الإمبراطور الألماني بعض الحصون والقلاع
واعاد تنظيمها، ووقع مع مصر عدّة اتفاقيات تجارية، وتعهد فريدريك الثاني
بمساعدة السلطان ضد أعدائه ايا كانوا، مسلمين ام مسيحيين وضمن عدم تلقي
القلاع الباقية خارج سيطرته اية مساعدة من أي مكان.
في 18 مارس 1228 توّج فريدريك الثاني نفسه بنفسه في كنيسة القيامة، فقد رفض
رجال الدين تتويج الإمبراطور المحروم من الكنيسة، وفرضت البابوية منعا
لممارسة الطقوس الدينية في القدس، ودفع البابا مواليه إلى ممتلكات فريدريك
في إيطاليا، فاسرع فريدريك إلى المغادرة ونشب صراع مسلح ضد الحبر الاعظم،
والحق الهزيمة بالبابا ؛ وفي سنة 1230 الغى البابا الحظر عن فريدريك وصادق
في السنة التالية على معاهداته مع السلطان الكامل في دمشق ومع المسلمين.
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28472
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الحملات الصليبية الثماني
الأربعاء 18 يناير 2012, 14:28
[size=21]الحملة الصليبية السابعة
هي حملة صليبية قام بها الفرنج في عام 1249 ضد مصر بقيادة لويس التاسع ملك
فرنسا في عهد السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب والذي توفى أثناء
احتلال الفرنج لثغر دمياط في شمال مصر.
أسباب الحملة والتجهيز لها
كان لهزيمة الصليبيين عند غزة في معركة الحربية أو " معركة لافوربي " (La
Forbie) وسقوط بيت المقدس في أيدي المسلمين سنة 1244 صدى كبير في أوروبا
التي أحس ملوكها أن ممالكهم في الشام قد أوشكت على السقوط بالكامل في أيدي
المسلمين. فراح الأوروبيون يجهزون لحملة كبيرة للاستيلاء على مصر لإخراجها
من الصراع، حيث أنهم أدركوا، بعد هزيمة حملتهم الخامسة على مصر، ثم هزيمتهم
في معركة الحربية عند غزة، وضياع بيت المقدس منهم، أن مصر بإمكانياتها
البشرية والاقتصادية هي ترسانة العالم الإسلامي وقلعة التصدي لطموحاتهم في
الاستيلاء على بيت المقدس والشرق.
كان لويس التاسع، الذي عرف فيما بعد بالقديس لويس، من أشد المتحمسين لقيام
تلك الحملة، فراح يروج لها في أنحاء أوروبا، ولدى بابا الكاثوليك اينوسينت
الرابع (Pope Innocent IV). وأثناء انعقاد مجمع ليون الكنسي الأول عام 1245
أعلن اينوسينت الرابع تأييده ومباركته للحملة التي كان يجهز لها لويس
التاسع، وأرسل "اودو" كاردينال فراسكاتي للترويج للحملة في أنحاء فرنسا،
وفرضت ضرائب على الناس لتمويل الحملة، ووافقت جنوة ومرسيليا على تجهيز
السفن اللازمة، أما فينيسيا فقد رفضت المشاركة خوفاً على مصالحها التجارية
الواسعة مع مصر.
جهز الصليبيون حملتهم خلال ثلاث سنوات، وحاولوا إقناع المغول بالتحالف معهم
لتطويق وإرباك العالم الإسلامي، إلا أنهم فشلوا في إقامة هذا الحلف لأن
المغول كانت لهم طموحاتهم وخططهم الخاصة.
إبحار الحملة
في 24 جمادى الأولى 646 هـ/25 أغسطس 1248م أبحر لويس التاسع من مرفأ
إيجو-مورت (Aigues-Mortes) وفي صحبته زوجته "مرجريت دو بروفنس" (Marguerite
de Provence)، وأخويه شارل أنجو و"روبرت دي أرتوا" (Robert d'Artois)،
ونبلاء من أقاربه ممن شاركوا في حملات صليبية سابقة، وتبعته سفن أخرى من
نفس المرفأ ومن مرسيليا. كان الأسطول الصليبي ضخماُ ويتكون من نحو 1800
سفينة محملة بنحو 80 ألف مقاتل بعتادهم وسلاحهم وخيولهم
قامت الحملة
بوقفة تعبوية في جزيرة قبرص لتجميع كل السفن والمقاتلين قبل التوجه إلى
مصر بناء على نصيحة مستشاري لويس ، حيث انضم اليه عدد كبير من بارونات
سوريا وقوات من فرسان المعبد (الداوية) والاسبتارية قدمت من عكا تحت قيادة
مقدميها . في قبرص إستقبل لويس وفداً من المغول يحمل رسالة ودية من خانهم
يعرض فيها مساعدته على لويس.
توقف الحملة الصليبية
في قبرص أدى إلى تسرب أنبائها إلى مصر قبل وصول سفنها إلى المياه
المصرية. ويقال أن فريدرك الثاني، الذي كان في صراع مع بابا الكاثوليك، بعث
إلى السلطان أيوب يخبره بإبحار لويس التاسع لغزو مصر ، مما منح السلطان
أيوب فرصة للاستعداد وإقامة التحصينات .فأنهى السلطان الصالح أيوب حصاره
لحمص . وعاد من الشام إلى مصر على محفة بسبب مرضه الشديد، ونزل في المحرم
647هـ/أبريل 1249م عند قرية أشموم طناح، على البر الشرقي من الفرع الرئيسي
للنيل. وأصدر أوامره بالاستعداد وشحن دمياط بالأسلحة والأقوات والأجناد،
وأمر نائبه بالقاهرة الأمير حسام الدين بن أبي علي بتجهيز الأسطول، وأرسل
الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ، وكان أميراً في نحو الثمانين، على
رأس جيش كبير ليعسكر في البر الغربي لدمياط حتى يواجه الفرنج إذا قدموا .
في مايو عام 1249 ابحر لويس نحو مصر على متن سفينته الملكية "لو مونتجوي" ، وتبعته سفن الحملة
من ميناء ليماسول القبرصي. وبسبب شدة الرياح جنحت إلى عكا وسواحل الشام
نحو 700 سفينة تحمل حوالي 2100 فارس صليبي، فتوقف لويس في جزيرة المورة
اليونانية حيث انضم إليه قريبه "هيو دو بورجوندي" (Hugh de Burgundy)الذي
شارك من قبل في حملات صليية آخرى. ثم أبحرت السفن إلى مصر .
استيلاء الصليبيون على دمياط
وصلت سفن الصليبيين إلى ثغر دمياط وأرسل لويس رسالة إلى السلطان الصالح
أيوب يطالبه فيها بالاستسلام فرد عليه الصالح برسالة يحذره فيها من مغبة
مهاجمته لمصر وينبئه بأن بغيه سيصرعه. وفي فجر السبت 22 صفر 647 هـ/5 يونيو
1249 نزل جنود وفرسان الحملة على بر دمياط . كانت القوات الصليبية
تضم نحو 50,000 مقاتل وفارس ، وضربت للويس خيمة حمراء كبيرة على الشط ،
فنشب قتال شديد بين المسلمين والصليبيين انتهى بتراجع المسلمين . وفي
المساء بعد أن ظن أتابك الجيش فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ أن الصالح أيوب
قد توفى إنسحب من دمياط وخلفه سكانها والعربان الذين كان الصالح أيوب قد
وكلهم بالدفاع عن المدينة ، فدخلها الصليبيون بسهولة بدون مقاومة وأستولوا
عليها بكل ما كان فيها من سلاح ومؤونة، وحصنوا أسوارها . حول الصليبيون
جامع المدينة إلى كاتدرائية ونصبوا عليها أسقفاً، وصارت دمياط مدينة صليبية
وعاصمة لمملكة ماوراء البحار (أوتريميه) .
سقوط دمياط في أيدي الصليبيين كان له وقع الصاعقة على الناس وعلى السلطان
الصالح أيوب الذي غضب من الأمير فخر الدين وقال له: "أما قدرتم تقفون ساعة
بين يدي الفرنج؟". وأمر بإعدام نحو خمسين من أمراء العربان الذين تهاونوا
وغادروا دمياط بغير إذن. وحمل السلطان المريض في حراقة إلى قصر المنصورة .
أعلن النفير العام في مصر وهرولت عامة الناس إلى المنصورة لأجل الجهاد ضد
الغزاة، وأرسلت الشواني بالمحاربين والسلاح إلى جبهة القتال . وقامت حرب
عصابات ضد الجيش الصليبي المتحصن خلف الأسوار والخنادق، وراح المجاهدون
يشنون هجمات على معسكراته ويأسرون مقاتليه وينقلونهم إلى القاهرة . ويروي
المؤرخ الصليبي "جوانفيل" (Joinville) الذي رافق الحملة، أن المسلمون كانوا
يتسللون أثناء الليل إلي المعسكر الصليبي ويقتلون الجنود وهم نيام ويهربون
برؤوسهم . ويذكر المؤرخ ابن أيبك الدواداري أن خوف الصليبيون من المتطوعين
العوام كان أشد من خوفهم من الجنود .
في 24 أكتوبر، وصل إلى دمياط من فرنسا "ألفونس دى بواتي" (Alphonse de
Poitiers) الشقيق الثالث للملك لويس ومعه إمدادات وقوات إضافية، فتشجع
الصليبيون وقرروا التحرك إلى الأسكندرية أو القاهرة. واختار لويس القاهرة
بنصيحة من أخيه "روبرت دو ارتوا" الذي قال له : "إذا أردت قتل الأفعى
فاضربها على رأسها"
توجه الحملة نحو القاهرة وهزيمتها في المنصورة
في 20 نوفمبر 1249م، بعد نحو ستة أشهر من احتلال دمياط ، خرج الصليبيون من
دمياط ومعهم سفنهم توازيهم في النيل، وبعد بضعة معارك مع المسلمين وصلوا في
21 ديسمبر إلى ضفة بحر أشموم (يعرف اليوم بالبحر الصغير)، فأصبحت مياه
بحر أشموم تفصل بينهم وبين المسلمين . فأقاموا معسكرهم وأحاطوه بالأسوار
والخنادق ونصبوا المجانيق، ووقفت شوانيهم بإزائهم في بحر النيل، ووقفت
شواني المسلمين بإزاء المنصورة. حاول الصليبيون بناء جسر ليعبروا عليه إلى
ضفة المسلمين، ولكن المسلمون أمطروهم بالقذائف النارية وافسدوا خطتهم بكافة
الوسائل .
في تلك الأثناء توفى السلطان الصالح أيوب في 15 شعبان 647 هـ/23 نوفمبر
1249م فأصبحت مصر بلا سلطان، فأخفت أرملته شجر الدر خبر وفاته وأرسلت مقدم
المماليك البحرية فارس الدين أقطاي الجمدار إلى حصن كيفا لاستدعاء ابنه
توران شاه لقيادة البلاد .
بطريقة أو بآخرى علم الصليبيون أن السلطان الصالح أيوب قد توفى فتشجعوا.
وفي 8 فبراير 1250م دل أحدهم الصليبيين على مخائض في بحر أشموم ، فتمكنت
فرقة يقودها أخو الملك "روبرت دى أرتوا " سوياٌ مع فرسان المعبد (الداوية)،
وفرقة إنجليزية يقودها "وليم أوف ساليزبري" (William of Salisbury) من
العبور بخيولهم وأسلحتهم إلى ضفة المسلمين ليفاجأ المسلمون بهجوم صليبي
كاسح على معسكرهم في "جديلة" على نحو ثلاثة كيلومترات من مدينة المنصورة.
في هذا الهجوم المباغت قتل فخر الدين يوسف أتابك الجيش المصري وتشتت أجناد
المسلمين وتقهقروا مذعورين إلى المنصورة.
وبعد أن احتل الصليبيون معسكر جديلة تقدموا خلف "روبرت دو أرتوا" نحو المنصورة على أمل القضاء على الجيش المصري برمته .
أمسك المماليك بزمام الأمور بقيادة فارس الدين أقطاي الجمدار، الذي أصبح
القائد العام للجيش المصري وتمكن المماليك من تنظيم القوات المنسحبة،
ووافقت شجرة الدر -الحاكم الفعلي للبلاد- على خطة الأمير بيبرس البندقداري
باستدراج القوات الصليبية
ومحاصرتها في كمين محكم داخل مدينة المنصورة. وأمر بيبرس بتأهب الجنود
والعوام داخل المدينة مع الالتزام بالسكون التام. وأقتحمت القوات الصليبية
المنصورة بعد أن ظن فرسانها أنها خاوية من الجنود والسكان، واندفعوا نحو
قصر السلطان للاستيلاء عليه، فخرج عليهم بغتة المماليك البحرية والجمدارية
وهم يصيحون كالرعد القاصف وأخذوهم بالسيوف من كل جانب ومعهم العربان
والعوام والفلاحين يرمونهم بالرماح والمقاليع والحجارة، وقد وضع العوام على
رؤوسهم طاسات نحاس بيض عوضاً عن خوذ الأجناد [44] وسد المسلمون طرق العودة
بالخشب والمتاريس فصعب على الصليبيين الفرار، وراح بعضهم يلقون بأنفسهم في
النيل للنجاة فابتلعتهم المياه.
قتل عدد كبير من القوات الصليبيية المهاجمة . من فرسان المعبد وفرسان
الإسباتريه لم ينج سوى ثلاثة مقاتلين، وفنيت الفرقة الإنجليزية تقريباً عن
أخرها . واضطر أخو الملك لويس "روبرت دي أرتوا" إلى الاختباء في أحد الدور ،
ثم قتل هو و"وليم أوف ساليزبري" قائد الفرقة الإنجليزية
أثناء المعركة حاول الفرنج على الضفة المقابلة لبحر أشموم بناء يمكنهم من
العبور لمساعدة فرسانهم، ولكن لما وردتهم أنباء سحق الفرسان، عن طريق "
بيتر أوف بريتني " الذي فر إليهم بوجه مشجوج من ضربة سيف، وشاهدوا بقايا
فرسانهم مدبرين والمسلمين في أعقابهم، أخذوا يلقون بأنفسهم في مياه النيل
بغية العودة إلى معسكراتهم وكاد لويس ذاته أن يسقط في الماء
استمر هجوم المسلمين على الصليبيين طوال اليوم، وظن فارس الدين أقطاي أن
لويس قد قتل في المعركة فأمر بشن هجوم كبير على معسكر الصليبيين في فجر
اليوم التالي ألحق بهم خسائر فادحة. وأرسل الحمام ببشائر النصر إلى القاهرة
ففرح الناس فرحة عارمة وأقيمت الزينات
وصول توران شاه وهزيمة الصليبيين هزيمة كاسحة في فارسكور
تحصن الصليبيون داخل معسكرهم ثمانية أسابيع آملين في انهيار القيادة. لكن
بدلاً من ذلك وصل السلطان الجديد توران شاه إلى المنصورة في 28 فبراير 1250
لقيادة الجيش. وتنفست شجر الدر الصعداء بعد أن تحملت عبء الدفاع عن
البلاد، وأعلنت رسمياً نبأ وفاة زوجها الصالح أيوب
نقل المسلمون الشواني مفككة على ظهور الجمال وبعد أن ركبوها وضعوها في مياه النيل خلف القوات الصليبية (كما فعل الملك الكامل حجد توران شاه أثناء الحملة الصليبية
الخامسة) وبذلك حوصر الصليبيين في مصيدة وهم جوعى ومرضى ويعانون شدة
الخوف. وعرض لويس على المسلمين تسليم مدينة دمياط في في مقابل تسليمه بيت
المقدس وأجزاء من ساحل الشام كما كان الصالح أيوب قد عرض عليه قبل وفاته،
ولكن المسلمون رفضوا العرض و لم يعد أمام لويس التاسع إلا أن يحاول الفرار
إلى دمياط لإنقاذ نفسه وجنوده .
في 5 أبريل 1250، في ظلام الليل، بدأت القوات الصليبية
رحلة الهروب إلى دمياط . لكن المسلمون عبروا فوق جسر من الصنوبر كان
الصليبيون قد أقاموه فوق قناة أشموم ولكنهم من عجلتهم وارتباكهم نسوا أن
يدمروه وهم ينسحبون، وطاردوهم وهم يبذلون فيهم السيوف والرماح من كل جانب
حتى وصلوا إلى فارسكور، وهناك تم سحقهم بالكامل، ووقع الملك لويس وأمراؤه
ونبلاؤه في الأسر في 6 أبريل 1250
وهكذا تحققت نبؤة الصالح أيوب بأن بغي لويس التاسع سيصرعه وإلى البلاء
سيقلبه. استناداً إلى المصادر الإسلامية قتل في حملة لويس التاسع ما بين 10
آلاف و30 آلف من الجنود الصليبيين . أسر لويس التاسع في "منية عبد الله"
(ميت الخولي عبد الله الآن) بعد أن استسلم مع نبلائه للطواشي " جمال الدين
محسن الصالحي " وأودع مغللاً في بيت القاضي إبراهيم بن لقمان، كاتب
الإنشاء، تحت حراسة طواشي يدعى صبيح المعظمي كما أسر أخواه "شارل دانجو"
و"ألفونس دو بويتي" وعدد كبير من أمرائه ونبلائه وقد سجن معظمهم معه في دار
ابن لقمان. أما الجنود العاديون الذين أسروا فقد أقيم لهم معتقل خاص خارج
المدينة.
سُمح للويس التاسع بمغادرة مصر مقابل تسليم دمياط للمصريين، والتعهد بعدم
العودة إلى مصر مرة أخرى، بالإضافة إلى دفعه دية قدرها 400 ألف دينار
تعويضاً عن الأضرار التي ألحقها بمصر.(دفع نصف المبلغ بعد أن جمعته زوجته
في دمياط، ووعد بدفع الباقي بعد وصوله إلى عكا، وهو مالم يفعله بعد أن تهرب
من الدفع فيما بعد)
مغادرة بقايا الحملة لمصر
في 3 صفر 648هـ/8 مايو عام 1250، بعد احتلال دام أحد عشر شهراً وتسعة أيام
[64]، سلم لويس التاسع دمياط وغادرها إلى عكا مع أخويه و12.000 أسير كان من
ضمنهم أسرى من معارك سابقة . ولم يرجع لويس إلى وطنه فرنسا بل آثر البقاء
في مدينة عكا بعد أن سمح لأخوته ومعظم نبلائه بالسفر إلى فرنسا، وحملهم
رسائل إلى ملوك أوروبا يطلب فيها النجدة والمدد عله يتمكن من إحراز نصر في
الشام يمسح به وصمة الفشل والهزيمة التي لحقت به في مصر. لكنه اضطر للعودة
إلى فرنسا بعد أربع سنوات بعد أن توفيت والدته "الملكة بلانش" التي كانت
تدير شئون الحكم في فرنسا وقت غيابه .
ويعبر وصف المؤرخ الصليبي "ماثيو باريس" (Matthew Paris) (توفي 1258)، عن
مدى الألم الذي شعر به الصليبيون بعد هزيمتهم في مصر بقوله : "كل الجيش
المسيحي تمزق إرباً في مصر، وا أسفاه، كان يتكون من نبلاء فرنسا، وفرسان
الداوية والاسبتارية وتيوتون القديسة ماري وفرسان القديس لازاروس" .
كانت الحملة الصليبية السابعة هي أخر الحملات الصليبية
الكبيرة على مصر، ولم يتمكن الصليبيون أبداً من إعادة الاستيلاء على بيت
المقدس. وكان من نتائجها انتهاء العصر الأيوبي وبزوغ نجم المماليك كقوة
ضاربة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى أيدهم هزم المغول وتحررت عكا وجيوب
الصليبيين على ساحل الشام.
كانت نتائج تلك الحملة كثيرة ومن أهمها انتهاء حكم الأيوبيون في مصر وبداية دولة المماليك. أما النتائج الأخرى فمن فكانت:
قدرت كلفة الحملة الصليبية السابعة بما يزيد على 1300,000 ليرة تورية "وهي عملة فرنسية مسكوكة في مدينة تور" ووزعت كما يلي:
* 200,000 ليرة مصروفات ملكية.
* 210,000 ليرة دفعها الملك فدية.
* 750,000 ليرة مصروفات عسكرية.
* 40,000 ليرة مصروفات لبناء السفن.
* 120,000 ليرة مصروفات بناء تحصينات في الأراضي المقدسة.
* 1300 ليرة تضاف لنفقات بعض الأسرى.
وهذا المبلغ يعادل 30 مليون مارك ألماني ذهبي أو مايعادل 100 مليون مارك
ألماني حالي -سنة 2008-. وهذا المبلغ يعادل دخل الخزينة الفرنسية بحسب
تقديرات سنوات 1257-1259 م مامقداره ميزانية إحدى عشرة إلى اثنتي عشرة سنة،
لاشك أن هذا الحجم الهائل من الأموال الذي انفق دون طائل وبدون تحقيق
الهدف الذي انطلقتمن أجله الحملة الصليبية
قد أضر بقطاعات واسعة من الأوروبيين نتيجة لسياسات الكنيسة، مما جعلهم
يتراجعون بعد ذلك عن تأييدها، بل ووجهوا اللوم لها والنقد في إدارتها
للحروب الصليبية
قاست دمياط الأمرين من حملات الفرنج المتتابعة عليها في عهد الدولة
الأيوبية، فاتفق الملك عز الدين أيبك مع المماليك على تخريبها في شعبان 648
هـ / نوفمبر 1261 م، أي بعد ستة أشهر من مغادرة الفرنجة أرض مصر، وابتنوا
دمياط جديدة إلى الداخل بعيدا عن شاطئ البحر، حتى تتخلص من شر أي اعتداء
صليبي عليها ولم يكتفي المسلمون بهذا، فعندما اعتلى الظاهر بيبرس عرش مصر،
لجأ إلى طريقة فعالة لحماية مدخل النيل عند دمياط من أي اعتداء أو غزو. ففي
السنة الثانية من حكمه 659 هـ / 1261 م، اخرج من مصر عدة من الحجارين لردم
فم بحر دمياط، فمضوا وقطعوا كثيرا من القرابيص -الحجارة- وألقوها في النيل
لذي ينصب من شمال دمياط في البحر المالح حتى ضاق وتعذر دخول المراكب فيه
[/size]هي حملة صليبية قام بها الفرنج في عام 1249 ضد مصر بقيادة لويس التاسع ملك
فرنسا في عهد السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب والذي توفى أثناء
احتلال الفرنج لثغر دمياط في شمال مصر.
أسباب الحملة والتجهيز لها
كان لهزيمة الصليبيين عند غزة في معركة الحربية أو " معركة لافوربي " (La
Forbie) وسقوط بيت المقدس في أيدي المسلمين سنة 1244 صدى كبير في أوروبا
التي أحس ملوكها أن ممالكهم في الشام قد أوشكت على السقوط بالكامل في أيدي
المسلمين. فراح الأوروبيون يجهزون لحملة كبيرة للاستيلاء على مصر لإخراجها
من الصراع، حيث أنهم أدركوا، بعد هزيمة حملتهم الخامسة على مصر، ثم هزيمتهم
في معركة الحربية عند غزة، وضياع بيت المقدس منهم، أن مصر بإمكانياتها
البشرية والاقتصادية هي ترسانة العالم الإسلامي وقلعة التصدي لطموحاتهم في
الاستيلاء على بيت المقدس والشرق.
كان لويس التاسع، الذي عرف فيما بعد بالقديس لويس، من أشد المتحمسين لقيام
تلك الحملة، فراح يروج لها في أنحاء أوروبا، ولدى بابا الكاثوليك اينوسينت
الرابع (Pope Innocent IV). وأثناء انعقاد مجمع ليون الكنسي الأول عام 1245
أعلن اينوسينت الرابع تأييده ومباركته للحملة التي كان يجهز لها لويس
التاسع، وأرسل "اودو" كاردينال فراسكاتي للترويج للحملة في أنحاء فرنسا،
وفرضت ضرائب على الناس لتمويل الحملة، ووافقت جنوة ومرسيليا على تجهيز
السفن اللازمة، أما فينيسيا فقد رفضت المشاركة خوفاً على مصالحها التجارية
الواسعة مع مصر.
جهز الصليبيون حملتهم خلال ثلاث سنوات، وحاولوا إقناع المغول بالتحالف معهم
لتطويق وإرباك العالم الإسلامي، إلا أنهم فشلوا في إقامة هذا الحلف لأن
المغول كانت لهم طموحاتهم وخططهم الخاصة.
إبحار الحملة
في 24 جمادى الأولى 646 هـ/25 أغسطس 1248م أبحر لويس التاسع من مرفأ
إيجو-مورت (Aigues-Mortes) وفي صحبته زوجته "مرجريت دو بروفنس" (Marguerite
de Provence)، وأخويه شارل أنجو و"روبرت دي أرتوا" (Robert d'Artois)،
ونبلاء من أقاربه ممن شاركوا في حملات صليبية سابقة، وتبعته سفن أخرى من
نفس المرفأ ومن مرسيليا. كان الأسطول الصليبي ضخماُ ويتكون من نحو 1800
سفينة محملة بنحو 80 ألف مقاتل بعتادهم وسلاحهم وخيولهم
قامت الحملة
بوقفة تعبوية في جزيرة قبرص لتجميع كل السفن والمقاتلين قبل التوجه إلى
مصر بناء على نصيحة مستشاري لويس ، حيث انضم اليه عدد كبير من بارونات
سوريا وقوات من فرسان المعبد (الداوية) والاسبتارية قدمت من عكا تحت قيادة
مقدميها . في قبرص إستقبل لويس وفداً من المغول يحمل رسالة ودية من خانهم
يعرض فيها مساعدته على لويس.
توقف الحملة الصليبية
في قبرص أدى إلى تسرب أنبائها إلى مصر قبل وصول سفنها إلى المياه
المصرية. ويقال أن فريدرك الثاني، الذي كان في صراع مع بابا الكاثوليك، بعث
إلى السلطان أيوب يخبره بإبحار لويس التاسع لغزو مصر ، مما منح السلطان
أيوب فرصة للاستعداد وإقامة التحصينات .فأنهى السلطان الصالح أيوب حصاره
لحمص . وعاد من الشام إلى مصر على محفة بسبب مرضه الشديد، ونزل في المحرم
647هـ/أبريل 1249م عند قرية أشموم طناح، على البر الشرقي من الفرع الرئيسي
للنيل. وأصدر أوامره بالاستعداد وشحن دمياط بالأسلحة والأقوات والأجناد،
وأمر نائبه بالقاهرة الأمير حسام الدين بن أبي علي بتجهيز الأسطول، وأرسل
الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ، وكان أميراً في نحو الثمانين، على
رأس جيش كبير ليعسكر في البر الغربي لدمياط حتى يواجه الفرنج إذا قدموا .
في مايو عام 1249 ابحر لويس نحو مصر على متن سفينته الملكية "لو مونتجوي" ، وتبعته سفن الحملة
من ميناء ليماسول القبرصي. وبسبب شدة الرياح جنحت إلى عكا وسواحل الشام
نحو 700 سفينة تحمل حوالي 2100 فارس صليبي، فتوقف لويس في جزيرة المورة
اليونانية حيث انضم إليه قريبه "هيو دو بورجوندي" (Hugh de Burgundy)الذي
شارك من قبل في حملات صليية آخرى. ثم أبحرت السفن إلى مصر .
استيلاء الصليبيون على دمياط
وصلت سفن الصليبيين إلى ثغر دمياط وأرسل لويس رسالة إلى السلطان الصالح
أيوب يطالبه فيها بالاستسلام فرد عليه الصالح برسالة يحذره فيها من مغبة
مهاجمته لمصر وينبئه بأن بغيه سيصرعه. وفي فجر السبت 22 صفر 647 هـ/5 يونيو
1249 نزل جنود وفرسان الحملة على بر دمياط . كانت القوات الصليبية
تضم نحو 50,000 مقاتل وفارس ، وضربت للويس خيمة حمراء كبيرة على الشط ،
فنشب قتال شديد بين المسلمين والصليبيين انتهى بتراجع المسلمين . وفي
المساء بعد أن ظن أتابك الجيش فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ أن الصالح أيوب
قد توفى إنسحب من دمياط وخلفه سكانها والعربان الذين كان الصالح أيوب قد
وكلهم بالدفاع عن المدينة ، فدخلها الصليبيون بسهولة بدون مقاومة وأستولوا
عليها بكل ما كان فيها من سلاح ومؤونة، وحصنوا أسوارها . حول الصليبيون
جامع المدينة إلى كاتدرائية ونصبوا عليها أسقفاً، وصارت دمياط مدينة صليبية
وعاصمة لمملكة ماوراء البحار (أوتريميه) .
سقوط دمياط في أيدي الصليبيين كان له وقع الصاعقة على الناس وعلى السلطان
الصالح أيوب الذي غضب من الأمير فخر الدين وقال له: "أما قدرتم تقفون ساعة
بين يدي الفرنج؟". وأمر بإعدام نحو خمسين من أمراء العربان الذين تهاونوا
وغادروا دمياط بغير إذن. وحمل السلطان المريض في حراقة إلى قصر المنصورة .
أعلن النفير العام في مصر وهرولت عامة الناس إلى المنصورة لأجل الجهاد ضد
الغزاة، وأرسلت الشواني بالمحاربين والسلاح إلى جبهة القتال . وقامت حرب
عصابات ضد الجيش الصليبي المتحصن خلف الأسوار والخنادق، وراح المجاهدون
يشنون هجمات على معسكراته ويأسرون مقاتليه وينقلونهم إلى القاهرة . ويروي
المؤرخ الصليبي "جوانفيل" (Joinville) الذي رافق الحملة، أن المسلمون كانوا
يتسللون أثناء الليل إلي المعسكر الصليبي ويقتلون الجنود وهم نيام ويهربون
برؤوسهم . ويذكر المؤرخ ابن أيبك الدواداري أن خوف الصليبيون من المتطوعين
العوام كان أشد من خوفهم من الجنود .
في 24 أكتوبر، وصل إلى دمياط من فرنسا "ألفونس دى بواتي" (Alphonse de
Poitiers) الشقيق الثالث للملك لويس ومعه إمدادات وقوات إضافية، فتشجع
الصليبيون وقرروا التحرك إلى الأسكندرية أو القاهرة. واختار لويس القاهرة
بنصيحة من أخيه "روبرت دو ارتوا" الذي قال له : "إذا أردت قتل الأفعى
فاضربها على رأسها"
توجه الحملة نحو القاهرة وهزيمتها في المنصورة
في 20 نوفمبر 1249م، بعد نحو ستة أشهر من احتلال دمياط ، خرج الصليبيون من
دمياط ومعهم سفنهم توازيهم في النيل، وبعد بضعة معارك مع المسلمين وصلوا في
21 ديسمبر إلى ضفة بحر أشموم (يعرف اليوم بالبحر الصغير)، فأصبحت مياه
بحر أشموم تفصل بينهم وبين المسلمين . فأقاموا معسكرهم وأحاطوه بالأسوار
والخنادق ونصبوا المجانيق، ووقفت شوانيهم بإزائهم في بحر النيل، ووقفت
شواني المسلمين بإزاء المنصورة. حاول الصليبيون بناء جسر ليعبروا عليه إلى
ضفة المسلمين، ولكن المسلمون أمطروهم بالقذائف النارية وافسدوا خطتهم بكافة
الوسائل .
في تلك الأثناء توفى السلطان الصالح أيوب في 15 شعبان 647 هـ/23 نوفمبر
1249م فأصبحت مصر بلا سلطان، فأخفت أرملته شجر الدر خبر وفاته وأرسلت مقدم
المماليك البحرية فارس الدين أقطاي الجمدار إلى حصن كيفا لاستدعاء ابنه
توران شاه لقيادة البلاد .
بطريقة أو بآخرى علم الصليبيون أن السلطان الصالح أيوب قد توفى فتشجعوا.
وفي 8 فبراير 1250م دل أحدهم الصليبيين على مخائض في بحر أشموم ، فتمكنت
فرقة يقودها أخو الملك "روبرت دى أرتوا " سوياٌ مع فرسان المعبد (الداوية)،
وفرقة إنجليزية يقودها "وليم أوف ساليزبري" (William of Salisbury) من
العبور بخيولهم وأسلحتهم إلى ضفة المسلمين ليفاجأ المسلمون بهجوم صليبي
كاسح على معسكرهم في "جديلة" على نحو ثلاثة كيلومترات من مدينة المنصورة.
في هذا الهجوم المباغت قتل فخر الدين يوسف أتابك الجيش المصري وتشتت أجناد
المسلمين وتقهقروا مذعورين إلى المنصورة.
وبعد أن احتل الصليبيون معسكر جديلة تقدموا خلف "روبرت دو أرتوا" نحو المنصورة على أمل القضاء على الجيش المصري برمته .
أمسك المماليك بزمام الأمور بقيادة فارس الدين أقطاي الجمدار، الذي أصبح
القائد العام للجيش المصري وتمكن المماليك من تنظيم القوات المنسحبة،
ووافقت شجرة الدر -الحاكم الفعلي للبلاد- على خطة الأمير بيبرس البندقداري
باستدراج القوات الصليبية
ومحاصرتها في كمين محكم داخل مدينة المنصورة. وأمر بيبرس بتأهب الجنود
والعوام داخل المدينة مع الالتزام بالسكون التام. وأقتحمت القوات الصليبية
المنصورة بعد أن ظن فرسانها أنها خاوية من الجنود والسكان، واندفعوا نحو
قصر السلطان للاستيلاء عليه، فخرج عليهم بغتة المماليك البحرية والجمدارية
وهم يصيحون كالرعد القاصف وأخذوهم بالسيوف من كل جانب ومعهم العربان
والعوام والفلاحين يرمونهم بالرماح والمقاليع والحجارة، وقد وضع العوام على
رؤوسهم طاسات نحاس بيض عوضاً عن خوذ الأجناد [44] وسد المسلمون طرق العودة
بالخشب والمتاريس فصعب على الصليبيين الفرار، وراح بعضهم يلقون بأنفسهم في
النيل للنجاة فابتلعتهم المياه.
قتل عدد كبير من القوات الصليبيية المهاجمة . من فرسان المعبد وفرسان
الإسباتريه لم ينج سوى ثلاثة مقاتلين، وفنيت الفرقة الإنجليزية تقريباً عن
أخرها . واضطر أخو الملك لويس "روبرت دي أرتوا" إلى الاختباء في أحد الدور ،
ثم قتل هو و"وليم أوف ساليزبري" قائد الفرقة الإنجليزية
أثناء المعركة حاول الفرنج على الضفة المقابلة لبحر أشموم بناء يمكنهم من
العبور لمساعدة فرسانهم، ولكن لما وردتهم أنباء سحق الفرسان، عن طريق "
بيتر أوف بريتني " الذي فر إليهم بوجه مشجوج من ضربة سيف، وشاهدوا بقايا
فرسانهم مدبرين والمسلمين في أعقابهم، أخذوا يلقون بأنفسهم في مياه النيل
بغية العودة إلى معسكراتهم وكاد لويس ذاته أن يسقط في الماء
استمر هجوم المسلمين على الصليبيين طوال اليوم، وظن فارس الدين أقطاي أن
لويس قد قتل في المعركة فأمر بشن هجوم كبير على معسكر الصليبيين في فجر
اليوم التالي ألحق بهم خسائر فادحة. وأرسل الحمام ببشائر النصر إلى القاهرة
ففرح الناس فرحة عارمة وأقيمت الزينات
وصول توران شاه وهزيمة الصليبيين هزيمة كاسحة في فارسكور
تحصن الصليبيون داخل معسكرهم ثمانية أسابيع آملين في انهيار القيادة. لكن
بدلاً من ذلك وصل السلطان الجديد توران شاه إلى المنصورة في 28 فبراير 1250
لقيادة الجيش. وتنفست شجر الدر الصعداء بعد أن تحملت عبء الدفاع عن
البلاد، وأعلنت رسمياً نبأ وفاة زوجها الصالح أيوب
نقل المسلمون الشواني مفككة على ظهور الجمال وبعد أن ركبوها وضعوها في مياه النيل خلف القوات الصليبية (كما فعل الملك الكامل حجد توران شاه أثناء الحملة الصليبية
الخامسة) وبذلك حوصر الصليبيين في مصيدة وهم جوعى ومرضى ويعانون شدة
الخوف. وعرض لويس على المسلمين تسليم مدينة دمياط في في مقابل تسليمه بيت
المقدس وأجزاء من ساحل الشام كما كان الصالح أيوب قد عرض عليه قبل وفاته،
ولكن المسلمون رفضوا العرض و لم يعد أمام لويس التاسع إلا أن يحاول الفرار
إلى دمياط لإنقاذ نفسه وجنوده .
في 5 أبريل 1250، في ظلام الليل، بدأت القوات الصليبية
رحلة الهروب إلى دمياط . لكن المسلمون عبروا فوق جسر من الصنوبر كان
الصليبيون قد أقاموه فوق قناة أشموم ولكنهم من عجلتهم وارتباكهم نسوا أن
يدمروه وهم ينسحبون، وطاردوهم وهم يبذلون فيهم السيوف والرماح من كل جانب
حتى وصلوا إلى فارسكور، وهناك تم سحقهم بالكامل، ووقع الملك لويس وأمراؤه
ونبلاؤه في الأسر في 6 أبريل 1250
وهكذا تحققت نبؤة الصالح أيوب بأن بغي لويس التاسع سيصرعه وإلى البلاء
سيقلبه. استناداً إلى المصادر الإسلامية قتل في حملة لويس التاسع ما بين 10
آلاف و30 آلف من الجنود الصليبيين . أسر لويس التاسع في "منية عبد الله"
(ميت الخولي عبد الله الآن) بعد أن استسلم مع نبلائه للطواشي " جمال الدين
محسن الصالحي " وأودع مغللاً في بيت القاضي إبراهيم بن لقمان، كاتب
الإنشاء، تحت حراسة طواشي يدعى صبيح المعظمي كما أسر أخواه "شارل دانجو"
و"ألفونس دو بويتي" وعدد كبير من أمرائه ونبلائه وقد سجن معظمهم معه في دار
ابن لقمان. أما الجنود العاديون الذين أسروا فقد أقيم لهم معتقل خاص خارج
المدينة.
سُمح للويس التاسع بمغادرة مصر مقابل تسليم دمياط للمصريين، والتعهد بعدم
العودة إلى مصر مرة أخرى، بالإضافة إلى دفعه دية قدرها 400 ألف دينار
تعويضاً عن الأضرار التي ألحقها بمصر.(دفع نصف المبلغ بعد أن جمعته زوجته
في دمياط، ووعد بدفع الباقي بعد وصوله إلى عكا، وهو مالم يفعله بعد أن تهرب
من الدفع فيما بعد)
مغادرة بقايا الحملة لمصر
في 3 صفر 648هـ/8 مايو عام 1250، بعد احتلال دام أحد عشر شهراً وتسعة أيام
[64]، سلم لويس التاسع دمياط وغادرها إلى عكا مع أخويه و12.000 أسير كان من
ضمنهم أسرى من معارك سابقة . ولم يرجع لويس إلى وطنه فرنسا بل آثر البقاء
في مدينة عكا بعد أن سمح لأخوته ومعظم نبلائه بالسفر إلى فرنسا، وحملهم
رسائل إلى ملوك أوروبا يطلب فيها النجدة والمدد عله يتمكن من إحراز نصر في
الشام يمسح به وصمة الفشل والهزيمة التي لحقت به في مصر. لكنه اضطر للعودة
إلى فرنسا بعد أربع سنوات بعد أن توفيت والدته "الملكة بلانش" التي كانت
تدير شئون الحكم في فرنسا وقت غيابه .
ويعبر وصف المؤرخ الصليبي "ماثيو باريس" (Matthew Paris) (توفي 1258)، عن
مدى الألم الذي شعر به الصليبيون بعد هزيمتهم في مصر بقوله : "كل الجيش
المسيحي تمزق إرباً في مصر، وا أسفاه، كان يتكون من نبلاء فرنسا، وفرسان
الداوية والاسبتارية وتيوتون القديسة ماري وفرسان القديس لازاروس" .
كانت الحملة الصليبية السابعة هي أخر الحملات الصليبية
الكبيرة على مصر، ولم يتمكن الصليبيون أبداً من إعادة الاستيلاء على بيت
المقدس. وكان من نتائجها انتهاء العصر الأيوبي وبزوغ نجم المماليك كقوة
ضاربة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى أيدهم هزم المغول وتحررت عكا وجيوب
الصليبيين على ساحل الشام.
كانت نتائج تلك الحملة كثيرة ومن أهمها انتهاء حكم الأيوبيون في مصر وبداية دولة المماليك. أما النتائج الأخرى فمن فكانت:
قدرت كلفة الحملة الصليبية السابعة بما يزيد على 1300,000 ليرة تورية "وهي عملة فرنسية مسكوكة في مدينة تور" ووزعت كما يلي:
* 200,000 ليرة مصروفات ملكية.
* 210,000 ليرة دفعها الملك فدية.
* 750,000 ليرة مصروفات عسكرية.
* 40,000 ليرة مصروفات لبناء السفن.
* 120,000 ليرة مصروفات بناء تحصينات في الأراضي المقدسة.
* 1300 ليرة تضاف لنفقات بعض الأسرى.
وهذا المبلغ يعادل 30 مليون مارك ألماني ذهبي أو مايعادل 100 مليون مارك
ألماني حالي -سنة 2008-. وهذا المبلغ يعادل دخل الخزينة الفرنسية بحسب
تقديرات سنوات 1257-1259 م مامقداره ميزانية إحدى عشرة إلى اثنتي عشرة سنة،
لاشك أن هذا الحجم الهائل من الأموال الذي انفق دون طائل وبدون تحقيق
الهدف الذي انطلقتمن أجله الحملة الصليبية
قد أضر بقطاعات واسعة من الأوروبيين نتيجة لسياسات الكنيسة، مما جعلهم
يتراجعون بعد ذلك عن تأييدها، بل ووجهوا اللوم لها والنقد في إدارتها
للحروب الصليبية
قاست دمياط الأمرين من حملات الفرنج المتتابعة عليها في عهد الدولة
الأيوبية، فاتفق الملك عز الدين أيبك مع المماليك على تخريبها في شعبان 648
هـ / نوفمبر 1261 م، أي بعد ستة أشهر من مغادرة الفرنجة أرض مصر، وابتنوا
دمياط جديدة إلى الداخل بعيدا عن شاطئ البحر، حتى تتخلص من شر أي اعتداء
صليبي عليها ولم يكتفي المسلمون بهذا، فعندما اعتلى الظاهر بيبرس عرش مصر،
لجأ إلى طريقة فعالة لحماية مدخل النيل عند دمياط من أي اعتداء أو غزو. ففي
السنة الثانية من حكمه 659 هـ / 1261 م، اخرج من مصر عدة من الحجارين لردم
فم بحر دمياط، فمضوا وقطعوا كثيرا من القرابيص -الحجارة- وألقوها في النيل
لذي ينصب من شمال دمياط في البحر المالح حتى ضاق وتعذر دخول المراكب فيه
________________________________________________
- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28472
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
رد: الحملات الصليبية الثماني
الأربعاء 18 يناير 2012, 14:30
[size=21]كانت الحملة الثامنة حملة صليبية أطلقها لويس التاسع ملك فرنسا، وكان وقت ذاك في سنة 1270. تحتسب الحملة الصليبية الثامنة أحيانا بأنها السابعة، في حال عدت الحملتين الخامسة والسادسة التان قادهما فريدريك الثاني أنهما حملة واحدة. كما تعتبر الحملة التاسعة أحيانا بأنها جزء من الحملة الثامنة.
حصار مدينة تونس أثناء الحملة الصليبية الثامنة
انزعج لويس من الأحداث التي جرت في سوريا، حيث كان السلطان المملوكي بيبرس
يهاجم بقايا الممالك الصليبية. وإستغل بيبرس فرصة أن التحريض على الحرب بين
مدن فينيسيا وجنوه ضد بعضها البعض بين الأعوام 1256 و 1260 أرهقت الموانئ
السورية التي كانت المدينتان تسيطران عليها. وبحلول 1265 كان بيبرس قد سيطر
على الناصرة وحيفا وطورون وأرسوف. نزل هيو الثالث القبرصي، الملك الاسمي
لمملكة القدس اللاتينية في عكا لحمايتها، بينما تحرك بيبرس شمالا حتى وصل
أرمن كيليكيا (مملكة أرمينيا الصغرى)، والتي كانت في ذلك الوقت تحت الحكم
المغولي.
قادت هذه الأحداث لويس للدعوة لحملة جديدة عام 1267، بالرغم من قلة الدعم
في ذلك الوقت؛ إلا أن جين جونفيلييه، المؤرخ الذي رافق لويس في الحملة
السابعة رفض مرافقته. واستطاع أخ لويس تشارلز من آنيو إقناع لويس بأن
يهاجم تونس اولا، بحيث أن ذلك سيعطيه قاعدة قوية ليبدأ الهجوم على مصر، كان
التركيز على حملة لويس السابقة وكذا الحملة الصليبية
الخامسة التي سبقته، واللتان بائتا بالفشل هناك. كما كان لدى كارل الأول
ملك نابولي اهتماماته الخاصة في البحر المتوسط. كما كان لسلطان تونس علاقات
إسبانيا المسيحية واعتبر مرشحا قويلا للارتداد. فأبحر لويس عام 1270 من
كاغلياري في صقلية ووصل السواحل الأفريقية في يوليو، وهو موسم سيء للرسو.
ومرض العديد من الجنود بسبب مياه الشرب الملوثة، وفي 25 اغسطس مات لويس
بالكوليرا أو الطاعون على ما يبدو، وذلك بعد وصول تشارلز بيوم واحد. ويروى
أن آخر ما تلفظ به لويس كان "القدس"، فأعلن تشارلز فيليب الثالث ابن لويس
الملك الجديد، ولكن وبسبب صغر سن فيليب، كان تشارلز الملك القائد الفعلي
للحملة الصليبية.
بسبب تفشي الأمراض، تم التخلي عن حصار تونس في 30 أكتوبر وذلك باتفاق مع
السلطان. حيث حصل الصليبييون على اتفاق تجارة حرة مع تونس، وتم الموافقة
على وجود القساوسة والرهبان في المدينة، وبذلك يمكن ان تعتبر هذه الحملة
نصر جزئي. تحالف تشارلز مع الملك إدوارد الإنجليزي، والذي وصل متأخرا
قليلا. وعندما ألغى تشارلز الهجوم على تونس، توجه إدوارد إلى عكا، بما يعرف
أحيانا بالحملة الصليبية التاسعة، والتي شكلت آخر توجه صليبي إلى سوريا.
[/size]حصار مدينة تونس أثناء الحملة الصليبية الثامنة
انزعج لويس من الأحداث التي جرت في سوريا، حيث كان السلطان المملوكي بيبرس
يهاجم بقايا الممالك الصليبية. وإستغل بيبرس فرصة أن التحريض على الحرب بين
مدن فينيسيا وجنوه ضد بعضها البعض بين الأعوام 1256 و 1260 أرهقت الموانئ
السورية التي كانت المدينتان تسيطران عليها. وبحلول 1265 كان بيبرس قد سيطر
على الناصرة وحيفا وطورون وأرسوف. نزل هيو الثالث القبرصي، الملك الاسمي
لمملكة القدس اللاتينية في عكا لحمايتها، بينما تحرك بيبرس شمالا حتى وصل
أرمن كيليكيا (مملكة أرمينيا الصغرى)، والتي كانت في ذلك الوقت تحت الحكم
المغولي.
قادت هذه الأحداث لويس للدعوة لحملة جديدة عام 1267، بالرغم من قلة الدعم
في ذلك الوقت؛ إلا أن جين جونفيلييه، المؤرخ الذي رافق لويس في الحملة
السابعة رفض مرافقته. واستطاع أخ لويس تشارلز من آنيو إقناع لويس بأن
يهاجم تونس اولا، بحيث أن ذلك سيعطيه قاعدة قوية ليبدأ الهجوم على مصر، كان
التركيز على حملة لويس السابقة وكذا الحملة الصليبية
الخامسة التي سبقته، واللتان بائتا بالفشل هناك. كما كان لدى كارل الأول
ملك نابولي اهتماماته الخاصة في البحر المتوسط. كما كان لسلطان تونس علاقات
إسبانيا المسيحية واعتبر مرشحا قويلا للارتداد. فأبحر لويس عام 1270 من
كاغلياري في صقلية ووصل السواحل الأفريقية في يوليو، وهو موسم سيء للرسو.
ومرض العديد من الجنود بسبب مياه الشرب الملوثة، وفي 25 اغسطس مات لويس
بالكوليرا أو الطاعون على ما يبدو، وذلك بعد وصول تشارلز بيوم واحد. ويروى
أن آخر ما تلفظ به لويس كان "القدس"، فأعلن تشارلز فيليب الثالث ابن لويس
الملك الجديد، ولكن وبسبب صغر سن فيليب، كان تشارلز الملك القائد الفعلي
للحملة الصليبية.
بسبب تفشي الأمراض، تم التخلي عن حصار تونس في 30 أكتوبر وذلك باتفاق مع
السلطان. حيث حصل الصليبييون على اتفاق تجارة حرة مع تونس، وتم الموافقة
على وجود القساوسة والرهبان في المدينة، وبذلك يمكن ان تعتبر هذه الحملة
نصر جزئي. تحالف تشارلز مع الملك إدوارد الإنجليزي، والذي وصل متأخرا
قليلا. وعندما ألغى تشارلز الهجوم على تونس، توجه إدوارد إلى عكا، بما يعرف
أحيانا بالحملة الصليبية التاسعة، والتي شكلت آخر توجه صليبي إلى سوريا.
________________________________________________
- خرائط الحملات الصليبيةعرض مدهش باوربينت للثانى الثانوى2014
- التاريخ الباب السادس شرح بالفيديو الحروب الصليبية 3ث
- التاريخ الباب السادس شرح بالفيديو الحملة الصليبية الثانية 3ث
- التاريخ الباب السادس شرح بالفيديو الحملة الصليبية الثالثة و الرابعة 3ث
- التاريخ الباب السادس الحملة الصليبية الخامسة والسادسة 3ث حصريا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى