تمتد رياح التغير واسعة ، في أنحاء الوطن العربي ، وتوقظ قوى الثورة والديمقراطية ، بعد إن استكانت سنوات طوال ، حيث انتعشت أو جرى إنعاش الحركات الاسلاموية ، كونها تدعو إلى ولي الأمر ، وتقاتل وتكفر وترهب قوى التغير الحرية ، وقد عربدت ما شاء لها ، وتمكنت من فرض الكثير من مفاهيمها السلفية الوهابية ، وتراجعت بعدان أرهبت فرص الإبداع والابتكار والفن ,والتطور، وسادت أجواء رجعية في مختلف البلدان العربية . وجاءت الثورة ، وهي بحكم طبيعتها ، ومكوناتها ، حركة المستقبل والتغير وتقدم حلا طائل انتظاره بعد إن لم يحقق ( الإسلام السياسي ) أي حل بقدر ما رآكم من أسباب القهر وتعسف السلطان وتقديم العربي بشكل عام إلى العالم كارهابي ومتخلف ، والحل الذي تفرزه الثورة ( بالضرورة ) هو خطوة تقدمية أساسها التغير في المجتمع ليكون قادراً على حمل الثورة الى النور والحرية وتحقيق طموحاته ، فلا يمكن إحداث أي تغير جدي في مجتمع ( مقموع ) ومتردد ، فالثورة ليست ثوران عاطفي أنها تغير موضوعي للمجتمع . وهذا ما أدركته الحركات الإسلامية تماماً ، فالشعب أن خرج عن دائرة نفوذها وهيلمانها ، ضاق رزقها وأنقطع ، وهي التي تم تحشديها لتكون مانع للثورة أو كاسر أمواج لحركة التطور وحركة التاريخ والتحرر، وهذا ما يفضحه موقف الحركة إلام ( إخوان مصر ) حين لم يلتحقوا بالثورة ، وتركوها لقمع السلطة ، ولكن حين اجتازت أسوار الرعب واتجهت نحو النجاح ، التحقوا بها ، واخذوا يحاولون ( فرملتها ) لتعود إلى ( القمقم ) ويستمروا هم في استخدام الدين مادة ( مدجنة ) للجماهير ، بل دورها ومهمتها كحركات رجعية في إن يكون الدين أداة في أيديهم يستخدم لوقف السير نحو المستقبل ، وحدا يمنع الشعوب من مواصلة طريقها الأفضل في الحياة.وهم أوصيا على الأرض ومن عليها والمقدس بأياديهم . غير واقعي من يعتقد ان تلك الحركات الرجعية ، لا تملك ارتباطاً خارج حدودها ، فهذه الحركات السلفية التي حشد قواها والمتأثرين بها لتنتصر لما سمته ( غزوة الصناديق ) في مصر ، وبدت ترفع صوتها ومناهجها المختلفة ، ما كانت تفعل ذلك دون تحفيز خارجي ، وبالتأكيد أدرك القذافي ذلك وفهم عبدالله صالح الدرس ، واخذوا يضربون على / وتر / الخوف من إن تصل الحركات الإسلامية والقاعدة إلى السلطة ، فالمنظر المنقول من مصر لا يحتمل المغامرة ، فان كانت قوى المعارضة وأوساط في الجيش المصري تستطيع المقاومة ، فالأمر ليس كذلك ، أمام منابع النفط ومضايق البحر الحمر والجوار الإيراني ، وبالتالي فان قوى الثورة المضادة بداءت مفاعيلها تظهر ، وليت هي بالضرورة أطراف أجنبية وبدء للقوى الخارجية أن نظرية التقسيم أو اعتادته للشرق الأوسط الجديد هي الحل الأفضل والأضمن ، وهكذا بدء التضامن مع الثورات العربية يضعف ، واحتمال تقسيم ليبيا محتمل وتقسيم اليمن اقرب إلى الواقع ، وهذا أيضا ما يفسر طبيعية ردود الفعل إزاء التحرك الشعبي في سوريا ، صحيح إن هناك من يرغب في اضعف النظام لفك تحالفه مع إيران وحزب الله ، ولكن في المقابل فان هذا النظام أضمن في وجه المد الاسلاموي الإرهابي على حدود إسرائيل ، والقريب من حزب الله . اأن مهام الثورة عادت تزداد صعوبة وتعقيداً ، بقدر ما تتقدم نحو أهدافها ، والثورة تحتاج دائماً إلى تطوير في الأسلوب والأداء والوسائل ، فالقصور في التوجه للجماهير يتركها ضمن هامش تحرك الجهات المعادية وفي مقدمتها الحركات الأصولية والسلفية ، إمام شعوب بطبيعتها متدينة ، والخطاب الديني أقرب اليها ، وتستطع حركة الصورة بل يجب ان تستوعب الجميع ضمن مهام يكلفون بها ، ويجب ان يكون لها نشرات مستمرة وجهاز خاص للتوعية والتعبئة ، وإنما الأركان إلى الروح الثورية وحدها لا يكفي حيث يمكن حرفها لصالح المزيد من التضيق على الجماهير بفعل المطالبة بتطبيق شرائع دينية كانت تصلح لزمن الجمال والبغال وليس لزمن ثورة العلم التي أتاحت لشباب الثورة بالتحرك ووفرة لهم الفرصة . أن إلغاء المطالب محلية على الأهمية إلا أنها تبقى نطاق النضال ضيق ، فالحركات الإسلامية تستخدم تعبير ( الأمة ) وهي لا تؤمن بالوطنية ، وعلينا ان نطرح ( القومية ) وإذا كان أفقهم أوسع فليكن كما هو حق أفق الثورة أوسع وبكثير، وإنها حركة تستكمل بناء الاستقلال الوطني للشعوب العربية الذي أوقفته التقسيمات الاستعمارية المتحالفة مع أنظمة مهمتها متوافقة معها ، فالثورة اليوم عربية ، وقد هزمت حتى ألان مشاريع التقسيم ، فلماذا لا يسمع صوت الوحدة والقومية والمستقبل العربي الى جانب المطالب الداخلية والخاصة بالوطن ، وذلك لدفع الأمور نحو أفق غير مقيدة ، وتقزيم الخطاب السلفي ، وإحراج من يتصور انه يستطيع إطفاء أضواء حركة التاريخ واستمرار نهج الأنظمة الساقطة لكن بإشكال ذات مؤثرات صوتية وزخرفيه أفضل . فالثورة او الربيع العربي يواجه ألان مخاطر كبيرة ، ولم تنتهي المهمة بل بدأت بما هو أصعب ، لكنه أعمق ، وأكثر أهمية مما سبق .