قد يقول قائل: ما هذا العنوان، وما هذه الرسالة؟ وهل هناك من يشك في هذا، أو يجادل فيه؟! نعم ليس هناك من يشك في أنّ المسلمَ إنسانٌ، لكن التعامل معه أحيانًا لا يتم وفق ذلك. وأنا هنا لا أريد أن أتحدث عن نوعية معاملة الإسرائيليين للفلسطينيين، ولكن سأتحدث عن جهتين لا تهتمان بإنسانية الإنسان المسلم..
الجهة الأولى تتمثل في واضعي خطط التنمية في معظم الدول الإسلامية حيث إنك تجد اهتمام الخطط منصبًّا على نحو شبه كلّي على التنمية الاقتصادية، ويتم غض الطرف عن التنمية الإيمانية والروحية والخلقية والعقلية، وكأن حاجات الإنسان المسلم مقتصرة على الغذاء والدواء والمسكن والملبس، إنهم بذلك يجعلون حاجاته قريبة من حاجات الحيوان! ومن المؤسف أن بعض كتّابنا صاروا اليوم ينظرون نظرة إشفاق لمن يتحدث عن التنمية الروحية، فهذا يتنافى مع روح العلمانية ومبادئها!!
الجهة الثانية هي الجمعيات الخيرية والتجار والمتبرعون على نحو عام، وأنا هنا لا أُعَمِّم، لكن أتحدث عن ظاهرة واسعة الانتشار حيث إنك تجد أن معظم التبرعات تذهب لإطعام الجياع وبناء المساجد وحفر الآبار وإغاثة اللاجئين، ونجد القليل جدًّا من الإنفاق على بناء المدارس والجامعات وعلى التدريب والابتعاث لنيل شهادات عُليا وطباعة الكتب والتربية والتثقيف على نحو عام... وكأن المهم لدى هذه الجهات هو أن يبقى المُسلم حيًّا، ولا مشكلة في أن يظل يتلقى المساعدات طوال حياته، كما أنه لا مشكلة في أن يكون مستقيمًا أو منحرفًا فاعلاً أو كَلاًّ واعيًا أو مغفَّلاً.
يحدث هذا في زمان تتفاخر فيه الأمم بالكيف والنوعية لا بالكم والكثرة!! من مقولات حكماء الصين: إذا قدّمت لي سمكة، فقد وفّرت لي غداء يوم، وإذا علّمتني كيف أصيد، فقد قدمت لي غداء كل يوم، وإذا علمتني كيف أصنع السنّارة، فقد فتحت لي طريقًا إلى الثراء.
إنني أوجه نداء إلى القائمين على المؤسسات الخيرية وإلى أثرياء الأمة بأن ينفقوا بسخاء على التعليم والتربية والتثقيف ونشر المعرفة، فهذا أنفع للفقير، وأنفع للأمة، وأدوم لأثر الخير0.