- حمدي عبد الجليلالمشرف العام
- عدد المساهمات : 3476
نقاط : 28471
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
تلبيس إبليس - الباب العاشر: تلبيسة على الصوفية في جملة الزهاد
الجمعة 30 سبتمبر 2011, 21:36
تلبيس إبليس
الباب العاشر: في ذكر تلبيسه على الصوفية من جملة الزهاد
ظهور الصوفية
...
الباب العاشر: في ذكر تلبيسه على الصوفية من جملة الزهاد
قال المصنف الصوفية: من جملة الزهاد وقد ذكرنا تلبيس إبليس على الزهاد إلا أن الصوفية أنفردوا عن الزهاد بصفات وأحوال وتوسموا بسمات فاحتجنا إلى إفرادهم بالذكر والتصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي ثم ترخص المنتسبون اليها بالسماع والرقص فمال اليهم طلاب الآخرة من العوام لما يظهرونه من التزهد ومال اليهم طلاب الدنيا لما يرون عندهم من الراحة واللعب فلا بد من كشف تلبيس إبليس عليهم في طريقة القوم ولا ينكشف ذلك إلا بكشف أصل هذه الطريقة وفروعها وشرح أمورها والله الموفق للصواب.
فصل: قال المصنف : كانت النسبة في زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإيمان والإسلام فيقال مسلم ومؤمن ثم حدث اسم زاهد وعابد ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد فتخلوا عن الدنيا وانقطعوا إلى العبادة واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها وأخلاقا تخلقوا بها ورأوا أن أول من انفرد به بخدمة الله سبحانه وتعالى عند بيته الحرام رجل يقال له صوفة واسمه الغوث بن مر فانتسبوا اليه لمشابهتهم اياه في الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى فسموا بالصوفية أنبأنا محمد بن ناصر عن أبي اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال قال قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ قال سألت وليد بن القاسم إلى أي شيء ينسب الصوفي فقال كان قوم في الجاهلية يقال لهم صوفة انقطعوا إلى الله عز وجل وقطنوا الكعبة فمن تشبه بهم فهم الصوفية قال عبد الغني فهؤلاء المعروفون بصوفة ولد الغوث بن مر بن أخي تميم بن مر وبالاسناد إلى الزبير بن بكار قال كانت الإجازة بالحج للناس من عرفة إلى الغوث بن مر بن أد بن طابخة ثم كانت في ولده وكان يقال لهم صوفة وكان اذا حانت الإجازة قالت العرب أجز صوفة قال الزبير قال أبو عبيدة وصوفة وصوفان يقال لكل من ولي من البيت شيئا من غير أهله أو قام بشيء من أمر المناسك يقال لهم صوفة وصوفان قال الزبير حدثني أبو الحسن الأثرم عن هشام بن محمد بن السائب
ظهور الصوفية
...
الباب العاشر: في ذكر تلبيسه على الصوفية من جملة الزهاد
قال المصنف الصوفية: من جملة الزهاد وقد ذكرنا تلبيس إبليس على الزهاد إلا أن الصوفية أنفردوا عن الزهاد بصفات وأحوال وتوسموا بسمات فاحتجنا إلى إفرادهم بالذكر والتصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي ثم ترخص المنتسبون اليها بالسماع والرقص فمال اليهم طلاب الآخرة من العوام لما يظهرونه من التزهد ومال اليهم طلاب الدنيا لما يرون عندهم من الراحة واللعب فلا بد من كشف تلبيس إبليس عليهم في طريقة القوم ولا ينكشف ذلك إلا بكشف أصل هذه الطريقة وفروعها وشرح أمورها والله الموفق للصواب.
فصل: قال المصنف : كانت النسبة في زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإيمان والإسلام فيقال مسلم ومؤمن ثم حدث اسم زاهد وعابد ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد فتخلوا عن الدنيا وانقطعوا إلى العبادة واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها وأخلاقا تخلقوا بها ورأوا أن أول من انفرد به بخدمة الله سبحانه وتعالى عند بيته الحرام رجل يقال له صوفة واسمه الغوث بن مر فانتسبوا اليه لمشابهتهم اياه في الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى فسموا بالصوفية أنبأنا محمد بن ناصر عن أبي اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال قال قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ قال سألت وليد بن القاسم إلى أي شيء ينسب الصوفي فقال كان قوم في الجاهلية يقال لهم صوفة انقطعوا إلى الله عز وجل وقطنوا الكعبة فمن تشبه بهم فهم الصوفية قال عبد الغني فهؤلاء المعروفون بصوفة ولد الغوث بن مر بن أخي تميم بن مر وبالاسناد إلى الزبير بن بكار قال كانت الإجازة بالحج للناس من عرفة إلى الغوث بن مر بن أد بن طابخة ثم كانت في ولده وكان يقال لهم صوفة وكان اذا حانت الإجازة قالت العرب أجز صوفة قال الزبير قال أبو عبيدة وصوفة وصوفان يقال لكل من ولي من البيت شيئا من غير أهله أو قام بشيء من أمر المناسك يقال لهم صوفة وصوفان قال الزبير حدثني أبو الحسن الأثرم عن هشام بن محمد بن السائب
(1/145)
الكلبي قال إنما سمي الغوث بن مرصوفة لأنه ما كان يعيش لأمه ولد فنذرت لئن عاش لتعلقن برأسه صوفة ولتجعلنه ربيط الكعبة ففعلت فقيل له صوفة ولولده من بعده قال الزبير وحدثني ابراهيم بن المنذري عن عبد العزيز بن عمران قال أخبرني عقال بن شبة قال قالت أم تميم بن مر وقد ولدت نسوة فقالت لله علي أن ولدت غلاما لأعبدنه للبيت فولدت الغوث بن مر فلما ربطته عند البيت أصابه الحر فمرت به وقد سقط واسترخى فقالت ما صار ابني إلا صوفة فسمي صوفة وكان الحج واجازة الناس من عرفة إلى منى ومن منى إلى مكة لصوفة.
فلم تزل الإجازة في عقب صوفة حتى اخذتها عدوان فلم تزل في عدوان حتى اخذتها قريش.
فصل: قال المصنف: وقد ذهب قوم إلى أن التصوف منسوب إلى أهل الصفة وإنما ذهبوا إلى هذا لأنهم رأوا أهل الصفة على ما ذكرنا من صفة صوفة في الإنقطاع إلى الله عز وجل وملازمة الفقر فإن أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما لهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقيل أهل الصفة والحديث باسناد عن الحسن قال بنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون يوصلون إليها ما استطاعوا من خير وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتيهم فيقول السلام عليكم يا أهل الصفة فيقولون وعليك السلام يا رسول الله فيقول كيف أصبحتم فيقولون بخير يا رسول الله وبإسناد عن نعيم بن المجمر عن أبيه عن أبي ذر قال كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيأمر كل رجل فينصرف برجل فيبقى من بقي من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤثرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعشائه فنتعش فإذا فرغنا قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ناموا في المسجد" .
قال المصنف: وهؤلاء القوم إنما قعدوا في المسجد ضرورة وإنما أكلوا من الصدقة ضرورة فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا ونسبة الصوفي إلى أهل الصفة غلط لأنه لو كان كذلك لقيل صفي وقد ذهب إلى أنه من الصوفانة وهي بقلة رعناء قصيرة فنسبوا اليها لاجتزائهم بنبات الصحراء وهذا أيضا غلط لأنه لو نسبوا اليها لقيل صوفاني وقال آخرون هو منسوب إلى صوفة القفا وهي الشعرات النابتة في مؤخره كأن الصوفي عطف به إلى الحق وصرفه عن الخلق وقال آخرون بل هو منسوب إلى الصوف وهذا يحتمل والصحيح الأول.
فلم تزل الإجازة في عقب صوفة حتى اخذتها عدوان فلم تزل في عدوان حتى اخذتها قريش.
فصل: قال المصنف: وقد ذهب قوم إلى أن التصوف منسوب إلى أهل الصفة وإنما ذهبوا إلى هذا لأنهم رأوا أهل الصفة على ما ذكرنا من صفة صوفة في الإنقطاع إلى الله عز وجل وملازمة الفقر فإن أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما لهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقيل أهل الصفة والحديث باسناد عن الحسن قال بنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون يوصلون إليها ما استطاعوا من خير وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتيهم فيقول السلام عليكم يا أهل الصفة فيقولون وعليك السلام يا رسول الله فيقول كيف أصبحتم فيقولون بخير يا رسول الله وبإسناد عن نعيم بن المجمر عن أبيه عن أبي ذر قال كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيأمر كل رجل فينصرف برجل فيبقى من بقي من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤثرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعشائه فنتعش فإذا فرغنا قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ناموا في المسجد" .
قال المصنف: وهؤلاء القوم إنما قعدوا في المسجد ضرورة وإنما أكلوا من الصدقة ضرورة فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا ونسبة الصوفي إلى أهل الصفة غلط لأنه لو كان كذلك لقيل صفي وقد ذهب إلى أنه من الصوفانة وهي بقلة رعناء قصيرة فنسبوا اليها لاجتزائهم بنبات الصحراء وهذا أيضا غلط لأنه لو نسبوا اليها لقيل صوفاني وقال آخرون هو منسوب إلى صوفة القفا وهي الشعرات النابتة في مؤخره كأن الصوفي عطف به إلى الحق وصرفه عن الخلق وقال آخرون بل هو منسوب إلى الصوف وهذا يحتمل والصحيح الأول.
(1/146)
وهذا الاسم ظهر للقوم قبل سنة مائتين ولما أظهره أوائلهم تكلموا فيه
وعبروا عن صفته بعبارات كثيرة وحاصلها أن التصوف عندهم رياضة النفس ومجاهدة الطبع برده عن الأخلاق الرذيلة وحمله على الأخلاق الجميلة من الزهد والحلم والصبر والإخلاص والصدق إلى غير ذلك من الخصال الحسنة التي تكسب المدائح في الدنيا والثواب في الأخرى والحديث بإسناد عن الطوسي يقول سمعت أبا بكر بن المثاقف يقول سألت الجنيد بن محمد عن التصوف فقال الخروج عن كل خلق ردىء والدخول في كل خلق سني وباسناد عن عبد الواحد بن بكر قال سمعت محمد بن خفيف يقول قال رويم كل الخلق قعدوا على الرسوم وقعدت هذه الطائفة على الحقائق وطالب الخلق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع وهم طالبوا أنفسهم بحقيقة الورع ومداومة الصدق.
قال المصنف: وعلى هذا كان أوائل القوم فلبس إبليس عليهم في أشياء ثم لبس على من بعدهم من تابعيهم فكلما مضى قرن زاد طعمه في القرن الثاني فزاد تلبيسه عليهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن.
وكان أصل تلبيسه عليهم أنه صدهم عن العلم وأراهم أن المقصود العمل فلما أطفأ مصباح العلم عندهم تخبطوا في الظلمات فمنهم من أراده أن المقصود من ذلك ترك الدنيا في الجملة فرفضوا ما يصلح أبدانهم وشبهوا المال بالعقارب ونسوا أنه خلق للمصالح وبالغوا في الحمل على النفوس حتى أنه كان فيهم من لا يضطجع وهؤلاء كانت مقاصدهم حسنة غير أنهم على غير الجادة وفيهم من كان لقلة علمه يعمل بما يقع اليه من الأحاديث الموضوعة وهو لا يدري.
ثم جاء أقوام فتكلموا لهم في الجوع والفقر والوساوس والخطرات وصنفوا في ذلك مثل الحارث المحاسبي وجاء آخرون فهذبوا مذهب التصوف وأفردوه بصفات ميزوه بها من الاختصاص بالمرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيق وتميزوا بزيادة النظافة والطهارة ثم ما زال الأمر ينمي والأشياخ يضعون لهم أوضاعا ويتكلمون بواقعاتهم ويتفق بعدهم عن العلماء لا بل رؤيتهم ما هم فيه أو في العلوم حتى سموه العلم الباطن وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر ومنهم من خرج به الجوع إلى الخيالات الفاسدة فادعى عشق الحق والهيمان فيه فكأنهم تخايلوا شخصا مستحسن الصورة فهاموا به وهؤلاء بين الكفر والبدعة ثم تشعبت بأقوام منهم
وعبروا عن صفته بعبارات كثيرة وحاصلها أن التصوف عندهم رياضة النفس ومجاهدة الطبع برده عن الأخلاق الرذيلة وحمله على الأخلاق الجميلة من الزهد والحلم والصبر والإخلاص والصدق إلى غير ذلك من الخصال الحسنة التي تكسب المدائح في الدنيا والثواب في الأخرى والحديث بإسناد عن الطوسي يقول سمعت أبا بكر بن المثاقف يقول سألت الجنيد بن محمد عن التصوف فقال الخروج عن كل خلق ردىء والدخول في كل خلق سني وباسناد عن عبد الواحد بن بكر قال سمعت محمد بن خفيف يقول قال رويم كل الخلق قعدوا على الرسوم وقعدت هذه الطائفة على الحقائق وطالب الخلق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع وهم طالبوا أنفسهم بحقيقة الورع ومداومة الصدق.
قال المصنف: وعلى هذا كان أوائل القوم فلبس إبليس عليهم في أشياء ثم لبس على من بعدهم من تابعيهم فكلما مضى قرن زاد طعمه في القرن الثاني فزاد تلبيسه عليهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن.
وكان أصل تلبيسه عليهم أنه صدهم عن العلم وأراهم أن المقصود العمل فلما أطفأ مصباح العلم عندهم تخبطوا في الظلمات فمنهم من أراده أن المقصود من ذلك ترك الدنيا في الجملة فرفضوا ما يصلح أبدانهم وشبهوا المال بالعقارب ونسوا أنه خلق للمصالح وبالغوا في الحمل على النفوس حتى أنه كان فيهم من لا يضطجع وهؤلاء كانت مقاصدهم حسنة غير أنهم على غير الجادة وفيهم من كان لقلة علمه يعمل بما يقع اليه من الأحاديث الموضوعة وهو لا يدري.
ثم جاء أقوام فتكلموا لهم في الجوع والفقر والوساوس والخطرات وصنفوا في ذلك مثل الحارث المحاسبي وجاء آخرون فهذبوا مذهب التصوف وأفردوه بصفات ميزوه بها من الاختصاص بالمرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيق وتميزوا بزيادة النظافة والطهارة ثم ما زال الأمر ينمي والأشياخ يضعون لهم أوضاعا ويتكلمون بواقعاتهم ويتفق بعدهم عن العلماء لا بل رؤيتهم ما هم فيه أو في العلوم حتى سموه العلم الباطن وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر ومنهم من خرج به الجوع إلى الخيالات الفاسدة فادعى عشق الحق والهيمان فيه فكأنهم تخايلوا شخصا مستحسن الصورة فهاموا به وهؤلاء بين الكفر والبدعة ثم تشعبت بأقوام منهم
(1/147)
الطرق ففسدت عقائدهم فمن هؤلاء من قال بالحلول ومنهم من قال بالاتحاد وما زال إبليس يخبطهم بفنون البدع حتى جعلوا لأنفسهم سننا وجاء أبو عبد الرحمن السلمي فصنف لهم كتاب السنن وجمع لهم حقائق التفسير فذكر عنهم فيه العجب في تفسيرهم القرآن بما يقع لهم من غير إسناد ذلك إلى أصل من أصول العلم وإنما حملوه على مذاهبهم والعجب من ورعهم في الطعام وانبساطهم في القرآن وقد أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن القزاز قال أخبرنا أبو بكر الخطيب قال قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري قال كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة ولم يكن سمع من الأصم إلا شيئا يسيرا فلما مات الحاكم أبو عبد الله بن البيع حدث عن الأصم بتاريخ يحيى بن معين وبأشياء كثيرة سواه وكان يضع للصوفية الأحاديث.
قال المصنف: وصنف لهن أبو نصر السراج كتابا سماه لمع الصوفية ذكر فيه من الاعتقاد القبيح والكلام المرذول ما سنذكر منه جملة إن شاء الله تعالى وصنف لهم أبو طالب المكي قوت القلوب فذكر فيه الأحاديث الباطلة وما لا يستند فيه إلى أصل من صلوات الأيام والليالي وغير ذلك من الموضوع وذكر فيه الاعتقاد الفاسد وردد فيه قول قال بعض المكاشفين وهذا كلام فارغ وذكر فيه عن بعض الصوفية إن الله عز وجل يتجلى في الدنيا لأوليائه أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال قال أبو طاهر محمد بن العلاف قال دخل أبو طالب المكي إلى البصرة بعد وفاة أبي الحسين1 بن سالم فانتمى إلى مقالته وقدم بغداد فاجتمع الناس عليه في مجلس الوعظ فخلط في كلامه فحفظ عنه أنه قال ليس على المخلوق أضر من الخالق فبدعه الناس وهجروه فامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك قال الخطيب وصنف أبو طالب المكي كتابا سماه قوت القلوب على لسان الصوفية وذكر فيه أشياء منكرة مستبشعة في الصفات.
قال المصنف: وجاء أبو نعيم الأصبهاني فصنف لهم كتاب الحلية وذكر في حدود التصوف أشياء منكرة قبيحة ولم يستح أن يذكر في الصوفية أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وسادات الصحابة رضي الله عنهم فذكر عنهم فيه العجب وذكر منهم شريحا القاضي والحسن البصري وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وكذلك ذكر السلمي في طبقات الصوفية الفضيل وابراهيم بن أدهم ومعروفا الكرخي وجعلهم من الصوفية بأن أشار إلى أنهم من الزهاد.
ـــــــ
1 في نسخة أبي الحسن.
قال المصنف: وصنف لهن أبو نصر السراج كتابا سماه لمع الصوفية ذكر فيه من الاعتقاد القبيح والكلام المرذول ما سنذكر منه جملة إن شاء الله تعالى وصنف لهم أبو طالب المكي قوت القلوب فذكر فيه الأحاديث الباطلة وما لا يستند فيه إلى أصل من صلوات الأيام والليالي وغير ذلك من الموضوع وذكر فيه الاعتقاد الفاسد وردد فيه قول قال بعض المكاشفين وهذا كلام فارغ وذكر فيه عن بعض الصوفية إن الله عز وجل يتجلى في الدنيا لأوليائه أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال قال أبو طاهر محمد بن العلاف قال دخل أبو طالب المكي إلى البصرة بعد وفاة أبي الحسين1 بن سالم فانتمى إلى مقالته وقدم بغداد فاجتمع الناس عليه في مجلس الوعظ فخلط في كلامه فحفظ عنه أنه قال ليس على المخلوق أضر من الخالق فبدعه الناس وهجروه فامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك قال الخطيب وصنف أبو طالب المكي كتابا سماه قوت القلوب على لسان الصوفية وذكر فيه أشياء منكرة مستبشعة في الصفات.
قال المصنف: وجاء أبو نعيم الأصبهاني فصنف لهم كتاب الحلية وذكر في حدود التصوف أشياء منكرة قبيحة ولم يستح أن يذكر في الصوفية أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وسادات الصحابة رضي الله عنهم فذكر عنهم فيه العجب وذكر منهم شريحا القاضي والحسن البصري وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وكذلك ذكر السلمي في طبقات الصوفية الفضيل وابراهيم بن أدهم ومعروفا الكرخي وجعلهم من الصوفية بأن أشار إلى أنهم من الزهاد.
ـــــــ
1 في نسخة أبي الحسن.
(1/148)
فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد ويدل على الفرق بينهما أن الزهد لم يذمه أحد وقد ذموا التصوف على ما سيأتي ذكره وصنف لهم عبد الكريم بن هوزان القشيري كتاب الرسالة فذكر فيها العجائب من الكلام في الفناء والبقاء والقبض والبسط والوقت والحال والوجد والوجود والجمع والتفرقة والصحو والسكر والذوق والشرب والمحو والإثبات والتجلي والمحاضرة والمكاشفة واللوائح والطوالع واللوامع والتكوين والتمكين والشريعة والحقيقة إلى غير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء وتفسيره أعجب منه وجاء محمد بن ظاهر المقدسي فصنف لهم صفوة التصوف فذكر فيه أشياء يستحي العاقل من ذكرها سنذكر منها ما يصلح ذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى.
وكان شيخنا أبو الفضل بن ناصر الحافظ يقول كان ابن طاهر يذهب مذهب الاباحة قال وصنف كتابا في جواز النظر إلى المراد أورد فيه حكاية عن يحيى بن معين قال رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها فقيل له تصلي عليها فقال صلى الله عليها وعلى كل مليح قال شيخنا ابن ناصر وليس ابن طاهر بمن يحتج به وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب الأحياء على طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطله وهو لا يعلم بطلانها وتكلم في علم المكاشفة وخرج عن قانون الفقه وقال أن المراد بالكوكب والشمس والقمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حجب الله عز وجل ولم يرد هذه المعروفات وهذا من جنس كلام الباطنية وقال في كتابه المفصح بالأحوال إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.
قال المصنف: وكان السبب في تصنيف هؤلاء مثل هذه الأشياء قلة علمهم بالسنني والاسلام والآثار واقبالهم على ما استحسنوه من طريقة القوم وإنما استحسنوها لأنه قد ثبت في النفوس مدح الزهد وما رأوا حالة أحسن من حالة هؤلاء القوم في الصورة ولا كلاما أرق من كلامهم وفي سير السلف نوع
خشونة ثم أن ميل الناس إلى هؤلاء القوم شديد لما ذكرنا من أنها طريقة ظاهرها النظافة والتعبد وفي ضمنها الراحة والسماع والطباع تميل إليها وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين والأمراء فصاروا أصدقاء.
فصل: وجمهور هذه التصانيف التي صنفت لهم لا تستند إلى أصل وإنما هي واقعات
وكان شيخنا أبو الفضل بن ناصر الحافظ يقول كان ابن طاهر يذهب مذهب الاباحة قال وصنف كتابا في جواز النظر إلى المراد أورد فيه حكاية عن يحيى بن معين قال رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها فقيل له تصلي عليها فقال صلى الله عليها وعلى كل مليح قال شيخنا ابن ناصر وليس ابن طاهر بمن يحتج به وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب الأحياء على طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطله وهو لا يعلم بطلانها وتكلم في علم المكاشفة وخرج عن قانون الفقه وقال أن المراد بالكوكب والشمس والقمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حجب الله عز وجل ولم يرد هذه المعروفات وهذا من جنس كلام الباطنية وقال في كتابه المفصح بالأحوال إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.
قال المصنف: وكان السبب في تصنيف هؤلاء مثل هذه الأشياء قلة علمهم بالسنني والاسلام والآثار واقبالهم على ما استحسنوه من طريقة القوم وإنما استحسنوها لأنه قد ثبت في النفوس مدح الزهد وما رأوا حالة أحسن من حالة هؤلاء القوم في الصورة ولا كلاما أرق من كلامهم وفي سير السلف نوع
خشونة ثم أن ميل الناس إلى هؤلاء القوم شديد لما ذكرنا من أنها طريقة ظاهرها النظافة والتعبد وفي ضمنها الراحة والسماع والطباع تميل إليها وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين والأمراء فصاروا أصدقاء.
فصل: وجمهور هذه التصانيف التي صنفت لهم لا تستند إلى أصل وإنما هي واقعات
(1/149)
تلقفها بعضهم عن بعض ودونوها وقد سموها بالعلم الباطن والحديث بإسناد إلى أبي يعقوب اسحق بن حية قال سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن الوساوس والخطرات فقال ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون.
قال المصنف وقد روينا في أول كتابنا هذا عن ذي النون نحو هذا وروينا عن احمد بن حنبل أنه سمع كلام الحارث المحاسبي فقال لصاحب له لا أرى لك أن تجالسهم وعن سعيد بن عمرو البردعي قال شهدت أبا زرعة وسئل عن الحارث المحاسبي وكتبه فقال للسائل اياك وهذه الكتب هذه الكتب كتب بدع وضلالات عليك بالاثر فانك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب قيل له في هذه الكتب عبرة قال من لم يكن له في كتاب الله عز وجل عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة بلغكم أن مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي والأئمة المتقدمة صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم يأتوننا مرة بالحارث المحاسبي ومرة بعبد الرحيم الدبيلي ومرة بحاتم الأصم ومرة بشقيق ثم قال ما أسرع الناس إلى البدع.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي نا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم وكان رئيس مصر وكان يذهب مذهب مالك وهجره لذلك علماء مصر لما شاع خبره أنه أحدث علما لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة قال السلمي وأخرج أبو سليمان الداراني من دمشق وقالوا أنه يزعم أنه يرى الملائكة وأنهم يكلمونه وشهد قوم على أحمد بن أبي الحواري أنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى أنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول لي معراج كما كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معراج فأخرجوه من بسطام وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام قال السلمي وحكى رجل عن سهل بن عبد الله التستري أنه يقول إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه وإنه يتكلم عليهم فأنكر ذلك عليه العوام حتى نسبوه إلى القبائح فخرج إلى البصرة فمات بها قال السلمي وتكلم الحارث المحاسبي في شيء من الكلام والصفات فهجروه أحمد بن حنبل فاختفى إلى أن مات.
قال المصنف وقد روينا في أول كتابنا هذا عن ذي النون نحو هذا وروينا عن احمد بن حنبل أنه سمع كلام الحارث المحاسبي فقال لصاحب له لا أرى لك أن تجالسهم وعن سعيد بن عمرو البردعي قال شهدت أبا زرعة وسئل عن الحارث المحاسبي وكتبه فقال للسائل اياك وهذه الكتب هذه الكتب كتب بدع وضلالات عليك بالاثر فانك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب قيل له في هذه الكتب عبرة قال من لم يكن له في كتاب الله عز وجل عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة بلغكم أن مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي والأئمة المتقدمة صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم يأتوننا مرة بالحارث المحاسبي ومرة بعبد الرحيم الدبيلي ومرة بحاتم الأصم ومرة بشقيق ثم قال ما أسرع الناس إلى البدع.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي نا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم وكان رئيس مصر وكان يذهب مذهب مالك وهجره لذلك علماء مصر لما شاع خبره أنه أحدث علما لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة قال السلمي وأخرج أبو سليمان الداراني من دمشق وقالوا أنه يزعم أنه يرى الملائكة وأنهم يكلمونه وشهد قوم على أحمد بن أبي الحواري أنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى أنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول لي معراج كما كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معراج فأخرجوه من بسطام وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام قال السلمي وحكى رجل عن سهل بن عبد الله التستري أنه يقول إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه وإنه يتكلم عليهم فأنكر ذلك عليه العوام حتى نسبوه إلى القبائح فخرج إلى البصرة فمات بها قال السلمي وتكلم الحارث المحاسبي في شيء من الكلام والصفات فهجروه أحمد بن حنبل فاختفى إلى أن مات.
(1/150)
قال المصنف وقد ذكر أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن أحمد بن حنبل أنه قال حذروا من الحارث أشد التحذير الحارث أصل البلية يعني في حوادث كلام جهم ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأى جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام حارث بمنزلة الأسد المرابط أنظر أي يوم يثب على الناس.
فصل قال المصنف : وقد كان أوائل الصوفية يقرون بأن التعويل على الكتاب والسنة قال المصنف وقد كان أوائل الصوفية يقرون بأن التعويل على الكتاب والسنة وإنما لبس الشيطان عليهم لقلة علمهم وبإسناد عن جعفر الخلدي يقول سمعت الجنيد يقول قال أبو سليمان الداراني قال ربما تقع في نفسي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة وبإسناد عن طيفور البسطامي يقول سمعت موسى بن عيسى يقول قال لي أبي قال أبو يزيد لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود.
وبإسناد عن أبي موسى يقول سمعت أبا يزيد البسطامي قال من ترك قراءة القرآن والتقشف ولزوم الجماعة وحضور الجنائز وعيادة المرضى وادعى بهذا الشأن فهو مبتدع وبإسناد عن عبد الحميد الحبلى يقول سمعت سريا يقول من ادعى باطن علم ينقض ظاهر حكم فهو غالط وعن الجنيد أنه قال مذهبنا هذا مقيد بالأصول الكتاب والسنة وقال أيضا علمنا منوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ الكتاب ويكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به وقال أيضا ما أخذنا التصوف عن القيل والقال لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات لأن التصوف من صفاء المعاملة مع الله سبحانه وتعالى وأصله التفرق عن الدنيا كما قال حارثة عرفت نفسي في الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وعن أبي بكر الشفاف من ضيع حدود الأمر والنهي في الظاهر حرم مشاهدة القلب في الباطن وقال الحسين النوري لبعض أصحابه من رأيته يدعي مع الله عز وجل حالة تخرجه عن حد علم الشرع فلا تقربنه ومن رأيته يدعي حالة لا يدل عليها دليل ولا يشهد لها حفظ ظاهر فاتهمه على دينه وعن الجريري قال أمرنا هذا كله مجموع على فضل واحد هو أن تلزم قلبك المراقبة ويكون العلم على ظاهرك قائما وعن أبي جعفر قال من لم يزن أقواله وأفعاله وأحواله بالكتاب والسنة ولم يتهم خاطره فلا تعده في ديوان الرجال.
فصل قال المصنف وإذ قد ثبت هذا من أقوال شيوخهم وقعت من بعض أشياخهم
فصل قال المصنف : وقد كان أوائل الصوفية يقرون بأن التعويل على الكتاب والسنة قال المصنف وقد كان أوائل الصوفية يقرون بأن التعويل على الكتاب والسنة وإنما لبس الشيطان عليهم لقلة علمهم وبإسناد عن جعفر الخلدي يقول سمعت الجنيد يقول قال أبو سليمان الداراني قال ربما تقع في نفسي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة وبإسناد عن طيفور البسطامي يقول سمعت موسى بن عيسى يقول قال لي أبي قال أبو يزيد لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود.
وبإسناد عن أبي موسى يقول سمعت أبا يزيد البسطامي قال من ترك قراءة القرآن والتقشف ولزوم الجماعة وحضور الجنائز وعيادة المرضى وادعى بهذا الشأن فهو مبتدع وبإسناد عن عبد الحميد الحبلى يقول سمعت سريا يقول من ادعى باطن علم ينقض ظاهر حكم فهو غالط وعن الجنيد أنه قال مذهبنا هذا مقيد بالأصول الكتاب والسنة وقال أيضا علمنا منوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ الكتاب ويكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به وقال أيضا ما أخذنا التصوف عن القيل والقال لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات لأن التصوف من صفاء المعاملة مع الله سبحانه وتعالى وأصله التفرق عن الدنيا كما قال حارثة عرفت نفسي في الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وعن أبي بكر الشفاف من ضيع حدود الأمر والنهي في الظاهر حرم مشاهدة القلب في الباطن وقال الحسين النوري لبعض أصحابه من رأيته يدعي مع الله عز وجل حالة تخرجه عن حد علم الشرع فلا تقربنه ومن رأيته يدعي حالة لا يدل عليها دليل ولا يشهد لها حفظ ظاهر فاتهمه على دينه وعن الجريري قال أمرنا هذا كله مجموع على فضل واحد هو أن تلزم قلبك المراقبة ويكون العلم على ظاهرك قائما وعن أبي جعفر قال من لم يزن أقواله وأفعاله وأحواله بالكتاب والسنة ولم يتهم خاطره فلا تعده في ديوان الرجال.
فصل قال المصنف وإذ قد ثبت هذا من أقوال شيوخهم وقعت من بعض أشياخهم
(1/151)
________________________________________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى